ففروا إلى الله

عبدالله محمد الطوالة

2023-10-27 - 1445/04/12 2023-11-01 - 1445/04/17
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/حاجتنا إلى الفرار إلى الله 2/معنى الفرار إلى الله 3/لم لا نفر إِلَى اللّه 4/دعوة للفرار إلى الله

اقتباس

فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ وحركوا الهِمم، وشدُّوا العزائم، فمن اجتهدَ ورفعَ نفسهُ، علتْ وارتفعتْ، ومن قصَّرَ بها ووضَعَها، سَفُلَتْ وانحدرتْ.. (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ...

الخُطْبَةُ الأُوْلَى:

 

الْحَمْدُ لله، الْحَمْدُ للهِ حَمْداً لاَ مُنْتَهَى لِحَدِّهِ، وَلا حِسَابَ لِعَدَدِهِ، وَلا انْقِطَاعَ لأمَدِهِ، وَلاَ مُنتهى لِأبده، (تُسَبِّحُ لَهُ السَّمَاوَاتُ السَّبْعُ وَالْأَرْضُ وَمَنْ فِيهِنَّ وَإِنْ مِنْ شَيْءٍ إِلَّا يُسَبِّحُ بِحَمْدِهِ وَلَكِنْ لَا تَفْقَهُونَ تَسْبِيحَهُمْ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا) [الإسراء: 44]..

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، الأرض أرضه، والخلق خلقه، والأمر أمره، ونحن ملكه وعبيده، وما بنا من نعمة فمن فضله وجودِه، (وَلَوْلَا فَضْلُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ وَرَحْمَتُهُ لَاتَّبَعْتُمُ الشَّيْطَانَ إِلَّا قَلِيلًا) [النساء: 83]..

 

وأشهد أن محمد عبد الله ورسوله، ومصطفاه وخليله، البدرُ جبينُهُ، واليمُّ يمينُهُ، والإيمانُ سفينُهُ، والحنيفيُةُ دينُهُ، والحقُ جلَّ وعلا ناصرُهُ ومُعينُهُ.. صلَّى اللهُ وسلَّمَ وباركَ وأنعمَ عليهِ، وعلى آله الطيبين، وصحابته المكرمين، والتابعين وتابعيهم بإحسان إلى يوم ا لدين..

 

أما بعد: فأوصيكم -أيها الناس- ونفسي بتقوى الله؛ فاتقوا الله تعالى حق تقواه، واستمسكوا من الدين بأوثق عراه، واحذروا أسباب سخط الجبار؛ فقد أعدَّ النار لمن عصاه، واعلموا أن العزَّ كله في طاعة الله، وأنَّ الشقيَ المخذول من استسلم لهواه، وانقادَ للشيطان ولشهوات نفسه فأردياه، (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنِ اتَّبَعَ هَوَاهُ بِغَيْرِ هُدًى مِنَ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ) [القصص: 50].

 

معاشر المؤمنين الكرام: اللهُ جلَّ جلالهُ بحكمته البالغة، ومشيئته النافِذة، خلقَ الإنسان ضعيفاً، محدود القدرة، متواضع الإمكانيات، وجعلهُ محتاجاً من كل ناحية، وجعلَ هذه الاحتياجات ضروريةٍ متكررة، فهو في كلِّ لحظةٍ من لحظات حياتهِ لا ينفكُ أن يكونَ محتاجاً حاجةٍ ماسة إلى خالقه ومولاه، فإن لم يرجِع إليه اختياراً، رجعَ إليه اضطراراً، وإن لم يتذكرهُ إيماناً، سيتذكرهُ قهراً، وإن لم يناجهِ في الرخاء، ناداهُ في الشدَّة.. بينما الله تبارك وتعالى يناديه: (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ وَأَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذَابُ ثُمَّ لَا تُنْصَرُونَ) [الزمر: 54].. (وَأَنِيبُوا إِلَى رَبِّكُمْ)، فهو سبحانه الملاذ والملجأ، ولا ملجأ منه تعالى إلاَّ إليه، وهو سبحانه المغيث لعباده، ولا مغيث سواه، (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء: 67].. (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ وَيَجْعَلُكُمْ خُلَفَاءَ الْأَرْضِ أَإِلَهٌ مَعَ اللَّهِ قَلِيلًا مَا تَذَكَّرُونَ) [النمل: 62].

 

تصوروا -يا عباد الله- لو ظهر للإنسان حيوان مفترس أو عدوٌ متسلط، وتيقن الخطر الشديد، فلا شك أنه سينطلق فاراً بأقصى سرعته، ولن يتوقف حتى يأمن على حياته.. فتأملوا جيداً قول ربكم: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الذاريات: 50]..

 

وما هو الفرار -يا عباد الله؟-.. إنه الهروب من الخطر، وبكل ما أوتي الإنسان من قوة، طلباً للنجاة،  فكل خطرٍ لا تستطيعُ دفعهُ عن نفسك، فليس لك إلا الفرار.. يقول ابن جرير رحمه الله في تفسيره لهذه الآية، (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)، “اهربوا أيها الناس من عقاب الله، إلى رحمته، وذلك بالإيمان به، واتِّباعِ أمره، والعملِ بطاعته”..

 

وإلى أين يفرُّ المرءُ من الله: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعًا فَيُنَبِّئُكُمْ بِمَا كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ) [المائدة: 48]..

 

ولم لا نفرِّ إِلَى اللَّهِ.. والخطر عظيم، والخطب جلل: (إِنَّ زَلْزَلَةَ السَّاعَةِ شَيْءٌ عَظِيمٌ * يَوْمَ تَرَوْنَهَا تَذْهَلُ كُلُّ مُرْضِعَةٍ عَمَّا أَرْضَعَتْ وَتَضَعُ كُلُّ ذَاتِ حَمْلٍ حَمْلَهَا وَتَرَى النَّاسَ سُكَارَى وَمَا هُمْ بِسُكَارَى وَلَكِنَّ عَذَابَ اللَّهِ شَدِيدٌ) [الحج: 1].. (يَوْمَ تَأْتِي كُلُّ نَفْسٍ تُجَادِلُ عَنْ نَفْسِهَا وَتُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [النحل: 111].. (يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 34 - 37].. (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ * إِلَّا مَنْ أَتَى اللَّهَ بِقَلْبٍ سَلِيمٍ) [الشعراء: 88].. (يَوْمَ لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئًا وَالْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ) [الانفطار: 19]..

 

ولم لا نفر إِلَى اللَّهِ.. والفتن شديدة، والصوارف كثيرة، والدنيا فتَّانة غرَّارة، والشيطان عدو مضلٌ مبين، والنفس أمارةٌ بالسوء.. و(إِنَّ السَّاعَةَ لَآتِيَةٌ لَا رَيْبَ فِيهَا وَلَكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لَا يُؤْمِنُونَ) [غافر: 59]..

 

ولم لا نفر إِلَى اللَّهِ.. فمن خاف أدلج، أي خرج ليلاً حتى يبتعد عن منطقة الخطر.. ومن أدلج بلغ المنزل، يعني وصل إلى بر الأمان، ألا إن سلعة الله غالية، ألا إن سلعة الله الجنة.. يعني أن الأمر يستحقُ الفرار إلى الله..

 

ولم لا نفر إِلَى اللَّهِ.. فالدنيا دار غرور ووبال، كثيرة التقلّب والانتقال، سريعة الانقضاء والزوال، أفنت السابقين، وستعود على الباقين، من ركن إليها صرعته، ومن وثق بها خدعته، ومن تبعها أضاعته، ومن رفعها وضعته، ومن وصلها قطعته، ومن اشتراها باعته، فالسعيد العاقل من تركها قبل أن تتركه، (يَا قَوْمِ إِنَّمَا هَذِهِ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا مَتَاعٌ وَإِنَّ الْآخِرَةَ هِيَ دَارُ الْقَرَارِ * مَنْ عَمِلَ سَيِّئَةً فَلَا يُجْزَى إِلَّا مِثْلَهَا وَمَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِنْ ذَكَرٍ أَوْ أُنْثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ يَدْخُلُونَ الْجَنَّةَ يُرْزَقُونَ فِيهَا بِغَيْرِ حِسَابٍ) [غافر: 39]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. وَحَاسِبُوا أَنْفُسَكُمْ قَبْلَ أَن تُحَاسَبُوا، وَزِنُوا أَقْوَالَكُمْ وَأَعْمَالَكُمْ قَبْلَ أَنْ تُوزَنُوا، (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور: 31].. (وَاتَّقُوا يَوْمًا تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ مَا كَسَبَتْ وَهُمْ لَا يُظْلَمُونَ) [البقرة: 281]..  

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. فمهما طال الإمهال، فلا بد من نهاية الآجال، ومهما امتدت الأعمار فستأتي ساعة الاحتضار، فاليوم عملٌ ولا حساب، وغدًا حسابٌ ولا عمل، والكيِّسُ الفطن، من دانَ نفسَه، وعمِلَ لما بعد الموت، والعاجِزُ المتواني، من أتبعَ نفسَه هواها، وتمنَّى على الله الأماني، (أَفَرَأَيْتَ إِنْ مَتَّعْنَاهُمْ سِنِينَ * ثُمَّ جَاءَهُمْ مَا كَانُوا يُوعَدُونَ * مَا أَغْنَى عَنْهُمْ مَا كَانُوا يُمَتَّعُونَ) [الشعراء: 205]، (إِنَّ إِلَيْنَا إِيَابَهُمْ * ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنَا حِسَابَهُمْ) [الغاشية: 25]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)..  فما منكم من أحد إلا سيكلمه ربه، ليس بينه وبينه حجابٌ ولا ترجمان، فينظر عن يمينه وعن شماله فلا يرى إلا ما قدم من عمله، وينظر أمامه فلا يرى إلا النار تلقاء وجهه، فاتقوا النار ولو بشق تمرة..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ)..  فـ”إن الله ليملي للظالم حتى إذا أخذه لم يفتلته”.. (قُلْ سِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَانْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُجْرِمِينَ) [النمل: 69].. (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ دَمَّرَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَلِلْكَافِرِينَ أَمْثَالُهَا) [محمد: 10].. ولقد أملى لله لفرعون أربعين سنه: (حَتَّى إِذَا أَدْرَكَهُ الْغَرَقُ قَالَ آمَنْتُ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا الَّذِي آمَنَتْ بِهِ بَنُو إِسْرَائِيلَ وَأَنَا مِنَ الْمُسْلِمِينَ * آلْآنَ وَقَدْ عَصَيْتَ قَبْلُ وَكُنْتَ مِنَ الْمُفْسِدِينَ * فَالْيَوْمَ نُنَجِّيكَ بِبَدَنِكَ لِتَكُونَ لِمَنْ خَلْفَكَ آيَةً وَإِنَّ كَثِيرًا مِنَ النَّاسِ عَنْ آيَاتِنَا لَغَافِلُونَ) [يونس: 90]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. (أَن تَقُولَ نَفْسٌ يَا حَسْرَتَى علَى مَا فَرَّطتُ فِي جَنبِ اللَّهِ وَإِن كُنتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ * أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدَانِي لَكُنتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ * أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذَابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ * بَلَى قَدْ جَاءتْكَ آيَاتِي فَكَذَّبْتَ بِهَا وَاسْتَكْبَرْتَ وَكُنتَ مِنَ الْكَافِرِينَ) [الزمر: 56]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. فلو رأي الإنسان ما بقي له من أجله، لزهِدَ في طولِ أملهِ، ولأقلعَ عن خطأهِ وجهله، ولرغِبَ في إصلاح نفسه وتزكية خلقه وعملهِ.. (يَوْمَ تَجِدُ كُلُّ نَفْسٍ مَا عَمِلَتْ مِنْ خَيْرٍ مُحْضَرًا وَمَا عَمِلَتْ مِنْ سُوءٍ تَوَدُّ لَوْ أَنَّ بَيْنَهَا وَبَيْنَهُ أَمَدًا بَعِيدًا وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ) [آل عمران: 30]..

 

بارك الله..

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله وكفى، وصلاة وسلاماً على عباده الذين اصطفى..

 

أما بعد: فاتقوا عباد الله وكونوا مع الصادقين، وكونوا من (الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ الْقَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 18]..

 

معاشر المؤمنين الكرام: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ) دعوة من الله لعباده، ليرجعوا إليه، وينبوا إلى سعة رحمته ومغفرته.. ومن لك أيها الإنسان إلا الله.. من يُنجِّيك مما تخافُ إلا الله.. من يحققُّ لك آمالُك إلا الله.. (أَمْ لَهُمْ إِلَهٌ غَيْرُ اللَّهِ سُبْحَانَ اللَّهِ عَمَّا يُشْرِكُونَ) [الطور: 43].. 

 

فلا والله.. لا أكرمَ ولا أحلمَ من الله، ولا أرأفَ ولا أرحمَ من الله، ولا ملجأ ولا منجى من الله إلا إليه، يَبْسُطُ يَدَهُ بِاللَّيْلِ لِيَتُوبَ مُسِيءُ النَّهَارِ، وَيَبْسُطُ يَدَهُ بِالنَّهَارِ، لِيَتُوبَ مُسِيءُ اللَّيْلِ.. وفي الحديث القدسي الصحيح: يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: “يا ابنَ آدمَ، إِنَّكَ ما دَعَوْتَنِي ورَجَوْتَنِي غَفَرْتُ لكَ على ما كان فيكَ ولا أُبالِي، يا ابنَ آدمَ، لَوْ بَلَغَتْ ذُنُوبُكَ عَنانَ السَّماءِ، ثُمَّ اسْتَغْفَرْتَنِي غَفَرْتُ لكَ ولا أُبالِي.. يا ابنَ آدمَ، لَوْ أَتَيْتَنِي بِقُرَابِ الأرضِ خطَايا، ثُمَّ لَقِيْتَني لاتُشْرِكْ بِيْ شَيْئَا، لأتيْتُكَ بِقِرَابِها مَغْفِرَةً”..

 

(ففروا إلى الله).. فمالكم من إله سواه.. (وَإِذَا مَسَّكُمُ الضُّرُّ فِي الْبَحْرِ ضَلَّ مَنْ تَدْعُونَ إِلَّا إِيَّاهُ) [الإسراء: 67]، (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلَا كَاشِفَ لَهُ إِلَّا هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ) [الأنعام: 17]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. فكل من تخافُه تهربُ منه بعيداً.. إلا الله لا تهرب منه إلا إليه.. (اسْتَجِيبُوا لِرَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا مَرَدَّ لَهُ مِنَ اللَّهِ مَا لَكُمْ مِنْ مَلْجَإٍ يَوْمَئِذٍ وَمَا لَكُمْ مِنْ نَكِيرٍ) [الشورى: 47]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. فها هو يناديكم: (قُلْ يَا عِبَادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لَا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعًا إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].. وفي الحديث القدسي الصحيح: “يَقُولُ اللَّهُ تَعَالَى: أَنَا عِنْدَ ظَنِّ عَبْدِي بِي، وَأَنَا مَعَهُ إِذَا ذَكَرَنِي، فَإِنْ ذَكَرَنِي فِي نَفْسِهِ ذَكَرْتُهُ فِي نَفْسِي، وَإِنْ ذَكَرَنِي فِي مَلَإٍ ذَكَرْتُهُ فِي مَلَإٍ خَيْرٍ مِنْهُمْ، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ بِشِبْرٍ تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ ذِرَاعًا، وَإِنْ تَقَرَّبَ إِلَيَّ ذِرَاعًا تَقَرَّبْتُ إِلَيْهِ بَاعًا، وَإِنْ أَتَانِي يَمْشِي أَتَيْتُهُ هَرْوَلَةً”..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. وحركوا الهِمم، وشدُّوا العزائم، فمن اجتهدَ ورفعَ نفسهُ، علتْ وارتفعتْ، ومن قصَّرَ بها ووضَعَها، سَفُلَتْ وانحدرتْ.. (مَنْ كَانَ يُرِيدُ الْعَاجِلَةَ عَجَّلْنَا لَهُ فِيهَا مَا نَشَاءُ لِمَنْ نُرِيدُ ثُمَّ جَعَلْنَا لَهُ جَهَنَّمَ يَصْلَاهَا مَذْمُومًا مَدْحُورًا * وَمَنْ أَرَادَ الْآخِرَةَ وَسَعَى لَهَا سَعْيَهَا وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَأُولَئِكَ كَانَ سَعْيُهُمْ مَشْكُورًا) [الإسراء: 18].. (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا وَإِنَّ اللَّهَ لَمَعَ الْمُحْسِنِينَ) [العنكبوت: 69]..

 

(فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ).. (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].. (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ) [آل عمران: 133]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اصْبِرُوا وَصَابِرُوا وَرَابِطُوا وَاتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [آل عمران: 200]..

 

ويا ابن آدم عش ما شئت فإنك ميت، وأحبب من شئت فإنك مفارقه، واعمل ما شئت فإنك مجزي به، البر لا يبلى والذنب لا ينسى، والديان لا يموت، وكما تدين تدان..

 

اللهم صل على محمد..

المرفقات

ففروا إلى الله.doc

ففروا إلى الله.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات