فضائل وبركات خير الشهور

عبدالمحسن بن محمد القاسم

2024-03-22 - 1445/09/12 2024-03-23 - 1445/09/13
عناصر الخطبة
1/خصوصية شهر رمضان المبارك 2/من فضائل وبركات شهر الصيام 3/العاقل من اغتنم خير المواسم 4/العلاقة بين الصيام والتقوى 5/الوصية بحفظ الصيام مما يفسده

اقتباس

أيَّامُ رمضانَ آخِذَةٌ في الانصرامِ، والعاقلُ مَنِ اغتنَمَها، وما الحياةُ إلَّا أنفاسٌ معدودةٌ، وآجالٌ محدودةٌ، والأيَّامُ مطايا إلى هذه الآجالِ، فاعْمَلُوا وأَمِّلوا وأَبْشِرُوا؛ والمَغبونُ مَنِ انصرفَ عن طاعة الله أو تَشَاغلَ عنها، والمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الخيرَ في رمضانَ، والعِبرةُ بكمالِ النِّهاياتِ لا بنَقصِ البداياتِ...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه ونستغفرُه، ونعوذُ باللهِ مِنْ شرورِ أنفسِنا ومِنْ سيئاتِ أعمالِنا، مَنْ يهدِه اللهُ فلا مضلَّ له، ومَنْ يُضلِلْ فلا هاديَ له، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعدُ: فاتقوا الله -عباد الله- حق التقوى، وراقِبوه في السر والنجوى.

 

أيُّها المسلمون: فضَّلَ اللَّهُ اللَّياليَ والأيَّامَ بعضَها على بعضٍ، واصطفى من الشُّهور شهرًا جعلَه غُرَّةَ شهورِ العامِ، وخصَّه بمزيدٍ مِنَ الفضلِ والإكرامِ؛ فأُنزلَ فيه القرآنُ، وفيه تُفتَحُ فيه أبوابُ الجِنانِ، وتُغلَقُ أبوابُ النِّيرانِ، وتُصفَّدُ الشَّياطينُ، وتُكفَّرُ فيه الخطايا إذا اجتُنبتِ الكبائرُ، قال النَّبيُّ -عليه الصلاة والسلام-: "الصَّلَوَاتُ الخَمْسُ، وَالجُمُعَةُ إِلَى الجُمُعَةِ، وَرَمَضَانُ إِلَى رَمَضَانَ؛ مُكَفِّرَاتٌ مَا بَيْنَهُنَّ إِذَا اجْتُنِبَتِ الكَبَائِرُ"(رواه مسلم)؛ قال النَّوويُّ -رحمه الله-: "كلُّ واحد من هذه المذكورات صالحٌ للتَّكفير؛ فإن وَجَد ما يُكفِّره من الصَّغائر كفَّره، وإن لم يُصادِفْ صغيرةً ولا كبيرةً؛ كُتِبتْ به حسناتٌ ورُفِعتْ به درجاتٌ، وإن صادَفَت كبيرةً أو كبائرَ ولم يصادف صغيرةً؛ رجَوْنَا أَنْ يخفِّفَ مِنَ الكبائرِ".

 

"من صام نهاره إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه، ومَنْ قام ليلَه إيمانًا واحتسابًا غُفِرَ له ما تقدَّم من ذنبه"(مُتفَق عليه)، قال شيخ الإسلام -رحمه الله-: "إيمانه بأن الله شرع ذلك وأوجبه ورضيه وأمر به، واحتسابه ثوابه عند الله؛ أي: يفعله خالصًا يرجو ثوابه".

 

وفيه ليلة خير من ألف شهر، الصيام يقي من الآثام والنار، قال عليه الصلاة والسلام: "الصِّيَامُ جُنَّةٌ"(مُتفَق عليه).

 

وأمَّا ثوابُه: فالذي يتولَّاه هو الرَّبُّ الكريمُ، قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله -عز وجل-: كُلُّ عَمَلِ ابْنِ آدَمَ لَهُ إِلَّا الصَّوْمَ؛ فَإِنَّهُ لِي وَأَنَا أَجْزِي بِهِ"(مُتفَق عليه)، قال القرطبيُّ -رحمه الله-: "معناه: أنَّ الأعمال قد كُشفت مقاديرُ ثوابِها للنَّاس، وأنَّها تُضاعف من عشرةٍ، إلى سبع مئةٍ، إلى ما شاء الله؛ إلَّا الصيامَ؛ فإنَّ الله يُثِيبُ عليه بغيرِ تقديرٍ".

 

والعملُ الصَّالحُ يَشرُفُ في الزَّمانِ الفاضلِ؛ وأفضلُ القُرُباتِ: توحيدُ اللهِ وإخلاصُ العملِ له، وبهذا أُمِرَ جميعُ الخلقِ، قال جلَّ شأنُه: (وَمَا أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ)[الْبَيِّنَةِ: 5]، والأعمال الصالحة لا تُقبَل إلا بمتابَعة سُنَّةِ النَّبيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وطاعتُه مُوجِبةٌ للجنَّة، قال عليه الصلاة والسلام: "مَنْ أَطَاعَنِي دَخَلَ الجَنَّةَ"(رواه البخاري).

 

والصَّلاةُ عَمُودُ الدِّينِ، وعهدٌ على اللهِ مَنْ حافَظ عليها دخَل الجنَّةَ، قال الرسول -صلى الله عليه وسلم-: "‌خَمْسُ ‌صَلَوَاتٍ ‌كَتَبَهُنَّ ‌اللهُ ‌عَلَى ‌الْعِبَادِ، ‌مَنْ ‌أَتَى بِهِنَّ لَمْ يُضَيِّعْ مِنْهُنَّ شَيْئًا اسْتِخْفَافًا بِحَقِّهِنَّ، كَانَ لَهُ عِنْدَ اللَّهِ عَهْدٌ أَنْ يُدْخِلَهُ الْجَنَّةَ"(رواه أحمد)، ومَنْ نامَ عن فرضِها لَمْ يَعرفْ قدرَ رمضانَ، ومَنْ تكاسَلَ عن سُنَنِها ورواتِبِها فقد غَفَلَ عن فضلِ رمضانَ؛ والقرآنُ الكريمُ ممَّا امتنَّ اللهُ به على هذه الأمَّةِ، قال عز وجل: (لَقَدْ مَنَّ اللَّهُ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْ أَنْفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ)[آلِ عِمْرَانَ: 164]، كثُرت أسماؤُه، وتعدَّدت أوصافُه، وقدَّمَه في الذِّكر على كثيرٍ من نِعَمه؛ (الرَّحْمَنُ* عَلَّمَ الْقُرْآنَ* خَلَقَ الْإِنْسَانَ)[الرَّحْمَنِ: 1-3]، تلاوتُه تَزِيدُ في الإيمانِ، وآياتُه أَبْكَتِ العظماءَ، امتدَح اللهُ مَنْ تلاهُ وعَمِلَ به، ووعَدَه بالزِّيادةِ والوفاءِ، قال سبحانه: (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ * لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ)[فَاطِرٍ: 29-30].

 

وأفضلُ ما يُتلى القرآنُ في الشَّهر الذي أُنزِلَ فيه، قال ابن عبَّاس -رضي الله عنهما-: "كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم أَجْوَدَ النَّاسِ، وَكَانَ أَجْوَدَ مَا يَكُونُ في رَمَضَانَ حِينَ يَلْقَاهُ جِبْرِيلُ، وَكَانَ يَلْقَاهُ في كُلِّ لَيْلَةٍ مِنْ رَمَضَانَ فَيُدَارِسُهُ الْقُرْآنَ"(مُتفَق عليه)، قال ابن حجر -رحمه الله-: "بمجموع ما ذُكر: مِنَ الوقتِ، والمنزولِ به، والنَّازلِ، والمذاكَرةِ؛ حصَل المزيدُ في الجُودِ"، وأسعدُ النَّاس أقربُهم من كتاب الله، ومن حُجِبَ قلبُه عن الانتفاعِ بالقرآنِ فلَنْ يهتديَ بغيره، قال سبحانه: (فَبِأَيِّ حَدِيثٍ بَعْدَ اللَّهِ وَآيَاتِهِ يُؤْمِنُونَ)[الْجَاثِيَةِ: 6].

 

وقيامُ اللَّيلِ مِنْ صفاتِ أهلِ الجنَّةِ، قال جل وعلا: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ)[الذَّارِيَاتِ: 17]، و"أفضلُ صلاةِ المرءِ بعدَ المكتوبةِ: صلاةُ اللَّيلِ"(رواه مسلم)، فحَافِظْ على صلاةِ القيام في رمضان مع الإمامِ حتَّى يَنصرفَ؛ لِتتعرَّضَ لنفحاتِ اللَّهِ، قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَامَ مَعَ الإِمَامِ حَتَّى يَنْصَرِفَ كُتِبَ لَهُ قِيَامُ لَيْلَةٍ"(رواه الترمذي).

 

والدُّعاءُ يخترِقُ السَّمواتِ حتَّى يصلَ إلى اللهِ ولا يردُّه أحدٌ، قال سبحانه: (ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ)[غَافِرٍ: 60]، ويَدَا اللهِ مبسوطتانِ، وخزائنه ملأى، ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "‌يَدُ ‌اللَّهِ ‌مَلْأَى ‌لَا ‌تَغِيضُهَا -أي: لا تنقصها- نَفَقَةٌ، سَحَّاءُ -أي: دائمة الصب بالعطاء- اللَّيْلَ وَالنَّهَارَ"(مُتفَق عليه)، فسَلِ الكريمَ ما شئتَ من خيرَي الدُّنيا والآخرةِ، مِنَ الهدايةِ وصلاحِ الذُّرِّيَّةِ، والسَّعادةِ والفَلَاحِ، والرِّزقِ الحلالِ، ودخولِ الجنةِ، وادْعُ ربَّكَ بكلّ ما تتمنَّاه؛ يتحقَّقْ لكَ ذلك -بإذن الله-، قال تعالى: (أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ)[الْبَقَرَةِ: 186].

 

والصَّدقةُ بُرهانٌ على الإيمانِ، وأفضلُها: ما كان في رمضانَ، وإنفاقُ المالِ خيرٌ للنَّفسِ، قال جلَّ شأنُه: (وَأَنْفِقُوا خَيْرًا لِأَنْفُسِكُمْ)[التَّغَابُنِ: 16]، والملائكة تدعو للمنفِق كلَّ يومٍ بالخُلْفِ عمَّا أنفَق، قال عليه الصلاة والسلام: "ما من يوم يصبح العباد فيه إلا ملكان ينزلان، فيقول أحدهما: اللهُمَّ أعط منفقا خلفًا، ويقول الآخر: اللهُمَّ أعط ممسِكًا تلفا"(مُتفَق عليه).

 

وكل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة، وممن يظلهم الله في ظله: "رجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمنيه"(مُتفَق عليه)، وممَّا يُندَم عليه عند الممات ترك الصدقة، قال تعالى: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ)[الْمُنَافِقُونَ: 10].

 

والعُمْرَة في رمضان ثوابُها عظيمٌ، قال النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن عمرة في رمضان حجة"(رواه البخاري).

 

وأفضلُ أهلِ عملٍ أكثرُهم فيه ذِكْرًا لله، فأفضلُ الصُّوَّامِ أكثرُهم ذِكْرًا للهِ في صومهم، وأفضلُ المتصدقينَ أكثرُهم ذِكْرًا لله، وهكذا سائر الأحوال.

 

والتَّوبةُ الصَّادقةُ من أفضلِ العباداتِ، قال ابن القيِّم -رحمه الله-: "أكثرُ النَّاسِ لا يَعرفون قدرَ التَّوبةِ ولا حقيقتَها"، ولا يَكْمُل عبدٌ، ولا يَحْصُلُ له كمالُ قربٍ مِنَ اللهِ إلَّا بها، وقد أمَر اللهُ جميعَ المؤمنينَ بالتَّوبة لينالوا الفلَاحَ؛ فقال: (وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَا الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[النُّورِ: 31]، والله سمى نفسه توَّابًا ليقبل العباد إليه، ومن أقبل إليه بالتوبة فرح به وآواه وبدل سيئاته حسنات، وخير يوم في عمر العبد يوم يتوب فيه إلى الله، قال النبي -صلى الله عليه وسلم- لكعب بن مالك -رضي الله عنه- لما تاب الله عليه: "أبشر بخير يوم مر عليك منذ ولدتك أمك"(مُتفَق عليه).

 

والاستغفار يمحو الذنوب ويدفع العذاب، قال سبحانه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الْأَنْفَالِ: 33]، ويجلب الغيث المدرار، ويكثر الأموال والبنين، وينبت الثمار، ويجري الأنهار، وبه تتنزل الرحمات؛ (لَوْلَا تَسْتَغْفِرُونَ اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ)[النَّمْلِ: 46]، وهو سنة المرسلين، قال عليه الصلاة والسلام: "إني لأستغفر الله في اليوم مئة مرة"(رواه مسلم).

 

والمرأةُ مأمورةٌ بما يُؤمَر به الرِّجالُ من العباداتِ -مِنْ تلاوةِ القرآنِ، والدُّعاءِ، والصَّدقةِ، والذكر والتوبة والاستغفارِ، وقيام اللَّيل، إلَّا أنَّ صلاتَها في دارِها خيرٌ لها من صلاتِها في المسجدِ، قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "وَبُيُوتُهُنَّ خَيْرٌ لَهُنَّ"(رواه أحمد).

 

وبعد أيها المسلمون: فالصوم عبادة عظيمة في الإسلام، قال أبو أمامة -رضي الله عنه-: "أَتَيْتُ النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- فقلتُ: مُرْنِي بأمرٍ آخُذُه عنكَ، قال: عليكَ بالصومِ؛ فإنَّه لا مِثْلَ له"(رواه النسائي)، ورائحة أثر تلك العبادة أطيب عند الله من المسك، قال عليه الصلاة والسلام: "ولخلوف فم الصائم أطيب عند الله من ريح المسك"(مُتفَق عليه).

 

وأيَّامُ رمضانَ آخِذَةٌ في الانصرامِ، والعاقلُ مَنِ اغتنَمَها، وما الحياةُ إلَّا أنفاسٌ معدودةٌ، وآجالٌ محدودةٌ، والأيَّامُ مطايا إلى هذه الآجالِ، فاعْمَلُوا وأَمِّلوا وأَبْشِرُوا؛ والمَغبونُ مَنِ انصرفَ عن طاعة الله أو تَشَاغلَ عنها، والمَحْرُومُ مَنْ حُرِمَ الخيرَ في رمضانَ، والعِبرةُ بكمالِ النِّهاياتِ لا بنَقصِ البداياتِ، والأعمالُ بالخواتِيمِ.

 

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا ارْكَعُوا وَاسْجُدُوا وَاعْبُدُوا رَبَّكُمْ وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْحَجِّ: 77].

 

بارَك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفعني اللهُ وإيَّاكم بما فيه من الآيات والذِّكر الحكيم، أقول قَوْلِي هذا وأستغفِر اللهَ لي ولكم ولجميع المسلمين من كلِّ ذنبٍ فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له تعظيمًا لشأنِه، وأشهدُ أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلَّى اللهُ عليه وعلى آلِه وأصحابِه وسلَّم تسليمًا مزيدًا.

 

أيها المسلمون: شرَع اللَّهُ صومَ رمضانَ، وجعلَه الرُّكنَ الرَّابعَ من أركان الإسلام لِتحقيق التَّقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ كَمَا كُتِبَ عَلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ)[الْبَقَرَةِ: 183]، فعلى المسلمِ أَنْ يتَّقيَ اللهَ، ويحذَرَ مِنْ خَوارِمِ الصومِ ومُفسداتِه، ولْيَحْفَظْ لسانَه وسمعَه وبصرَه عمَّا حرَّم اللَّه، قال النَّبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ لَمْ يَدَعْ قَوْلَ الزُّورِ وَالعَمَلَ بِهِ، والجهل -أَيْ: فِعل الْجُهَّال، أَو السفاهة على النَّاس- فَلَيْسَ لِلَّهِ حَاجَةٌ في أَنْ يَدَعَ طَعَامَهُ وَشَرَابَهُ"(رواه البخاري).

 

ولمكانةِ الصومِ نهَى النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- عن الكلام الفاحش والخصام والجلبة حالَ الصيام، قال عليه الصلاة والسلام: "إذا كان يوم صوم أحدكم فلا يرفث ولا يصخب"(مُتفَق عليه)، ومن بُلِيَ بجاهلٍ فلا يُقابِلْه بِمْثل سُوئِهِ، قال النبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "فإِنْ سابَّه أحدٌ أو قاتَلَه فليَقُلْ: إنِّي امرؤٌ صائمٌ"(مُتفَق عليه)، قال الإمام أحمد -رحمه الله-: "ينبغي للصائم أن يتعاهد صومه من لسانه، ولا يماري في كلامه، كانوا إذا صاموا قعدوا في المساجد، وقالوا: نحفظ صيامنا ولا نغتاب أحدًا".

 

ثم اعلموا أن الله أمرَكم بالصلاة والسلام على نبيِّه، فقال في محكم التنزيل: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 56]، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارِكْ على نبيِّنا محمدٍ، وارضَ اللهمَّ عن خلفائه الراشدينَ، الذين قَضَوْا بالحقِّ وبه كانوا يعدلون؛ أبي بكر وعمر وعثمان وعلي، وعن سائر الصحابة أجمعين، وعنا معهم بجودك وكرمك يا أكرم الأكرمين.

 

اللهمَّ أعزَّ الإسلامَ والمسلمينَ، وأذلَّ الشركَ والمشركينَ، ودمِّر أعداءَ الدينِ، وأصلح أحوال المسلمين في كل مكان يا ربَّ العالمينَ، ربنا تقبل منا صلاتنا وصومنا وجميع عباداتنا، يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهمَّ وفِّق إمامَنا وولي عهده لما تحب وترضى، وخذ بناصيتهما للبر والتقوى، ، واجعل عملهما في رضاك، يا ربَّ العالمينَ، وانفع بهما الإسلام والمسلمين يا ربَّ العالمينَ، ووفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين للعمل بكتابك وتحكيم شرعك يا ربَّ العالمينَ.

 

(رَبَّنَا آتِنَا في الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، (رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ)[الْأَعْرَافِ: 23].

 

عبادَ اللهِ: (إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسَانِ وَإِيتَاءِ ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[النَّحْلِ: 90]، فاذكروا اللهَ العظيمَ الجليلَ يذكركم، واشكروه على آلائه ونِعَمِه يَزِدْكُم؛ (وَلَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ وَاللَّهُ يَعْلَمُ مَا تَصْنَعُونَ)[الْعَنْكَبُوتِ: 45].

 

 

المرفقات

فضائل وبركات خير الشهور.doc

فضائل وبركات خير الشهور.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات