فضائل المدينة النبوية

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ سكنى البلاد الطيبة 2/ أطيب البلاد عند الله 3/ فضائل المدينة النبوية 4/ آداب زائر المدينة

اقتباس

إن من أطيب البلاد عند الله مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي طيبة الطيبة، مهبط الوحي، ومتنـزل جبريل الأمين على الرسول الكريم الله صلى الله عليه وسلم، وهي مأرز الإيمان، وملتقى المهاجرين والأنصار وموطن الذين تبوءوا الدار والإيمان وهي العاصمة الأولى للمسلمين فيها عقدت ألوية الجهاد في سبيل الله فانطلقت كتائب الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومنها شع النور فأشرقت الأرض بنور الهداية.

 

 

 

 

 

إن الحمد لله....................

أما بعد فيا أيها المؤمنون: إن البلاد التي تكثر فيها الطاعة، وينتشر فيها العلم تكون بلادًا طيبة، فتهوي إليها الأفئدة، وتطمئن فيها النفوس، وتحلو فيها الطاعة، والعكس بالعكس، فالبلاد التي تكثر فيها المعصية، ويقل فيها العلم، تهرب منها الأفئدة، وتخاف فيها النفوس، وتعسر فيها الطاعة.

ولهذا حثَّ النبي صلى الله عليه وسلم على سُكنَى البلاد الطيبة، وحذَّر من البلاد الخبيثة، وبيّن أن البلاد الخبيثة مأوى الشياطين، كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: «أَحَبُّ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ مَسَاجِدُهَا وَأَبْغَضُ الْبِلَادِ إِلَى اللَّهِ أَسْوَاقُهَا».

معاشر المسلمين: إن من أطيب البلاد عند الله مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فهي طيبة الطيبة، مهبط الوحي، ومتنـزل جبريل الأمين على الرسول الكريم الله صلى الله عليه وسلم، وهي مأرز الإيمان، وملتقى المهاجرين والأنصار وموطن الذين تبوءوا الدار والإيمان وهي العاصمة الأولى للمسلمين فيها عقدت ألوية الجهاد في سبيل الله فانطلقت كتائب الحق لإخراج الناس من الظلمات إلى النور، ومنها شع النور فأشرقت الأرض بنور الهداية، وهي دار هجرة المصطفى الله صلى الله عليه وسلم إليها هاجر وفيها عاش آخر حياته، وبها مات الله صلى الله عليه وسلم وفيها قبر ومنه يبعث، ولا يقطع بمكان قبر من الأنبياء سوى مكان قبره الله صلى الله عليه وسلم، وهذه المدينة المباركة شرّفها الله وفضّلها وجعلها خير البقاع بعد مكة، ويدل لتفضيل مكة على المدينة ما أخرج الترمذي في جامعه من حديث عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَدِيِّ ابْنِ حَمْرَاءَ الزُّهْرِيِّ قَالَ: رَأَيْتُ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاقِفًا عَلَى الْحَزْوَرَةِ فَقَالَ: «وَاللَّهِ إِنَّكِ لَخَيْرُ أَرْضِ اللَّهِ وَأَحَبُّ أَرْضِ اللَّهِ إِلَى اللَّهِ وَلَوْلَا أَنِّي أُخْرِجْتُ مِنْكِ مَا خَرَجْتُ».

عباد الله: لمدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم فضائل عظيمة نستعرض بعضًا منها، فمن ذلك أن النبي صلى الله عليه وسلم سماها طيبة، كما أخرج مسلم في صحيحه من حديث جابر بن سمرة قال صلى الله عليه وسلم: «إن الله سمى المدينة طابة».

وطيبة وطابة لفظان مشتقان من الطيب، ويدلان على الطيب فهما لفظان طيبان أطلقا على بقعة طيبة، ومن فضائلها أن الإيمان يأرز إليها كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «إن الإيمان ليأرز إلى المدينة كما تأرز الحية إلى جحرها»، ومعنى ذلك أن الإيمان يتجه إليها ويكون فيها، والمسلمون يأمونها ويقصدونها يدفعهم إلى ذلك الإيمان ومحبة هذه البقعة المباركة التي حرّمها الله عز وجل، ومن فضائلها أنها تقضي على كل القرى أخرج البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «أُمرت بقرية تأكل القرى يقولون لها يثرب، وهي المدينة»، والمعنى أنه صلى الله عليه وسلم أمر بالهجرة لهذه القرية التي تأكل القرى، ومقصوده بأنها تأكل القرى أي تنتصر على القرى، وتكون الغلبة لها.

ومن فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم حثَّ على الصبر على لأوائها وجهدها، وقال: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون»، قاله في حق الذين فكروا في الانتقال من المدينة إلى الأماكن التي فيها الرخاء وسعة الرزق وكثرة المال، فقد أخرج مسلم في صحيحه من حديث سعد بن أبي وقاص أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «المدينة خير لهم لو كانوا يعلمون، لا يدعها أحد رغبة عنها إلا أبدل الله فيها من هو خير منه، ولا يثبت أحد على لأوائها وجهدها إلا كنت له شفيعًا أو شهيدًا يوم القيامة»، وهذا يدل على فضل المدينة وفضل السكنى فيها، والصبر على الشدة واللأواء والجهد والضنك إذا حصل لأحد فلا يكون ذلك دافعًا له إلى أن ينتقل منها إلى غيرها يبحث عن الرخاء وعن السعة في الرزق، بل عليه أن يصبر على ما أصابه، فقد وعد بالأجر العظيم والثواب الجزيل من الله، ومن فضائلها أن النبي صلى الله عليه وسلم بيّن عظيم شأنها وخطورة الإحداث فيها عندما بيّن حرمتها، كما أخرج البخاري مسلم من حديث علي بن أبي طالب قال النبي صلى الله عليه وسلم: «المدينة حرم ما بين عير إلى ثور، فمن أحدث فيها حدثًا أو آوى محدثًا فعليه لعنة الله والملائكة والناس أجمعين لا يقبل الله منه يوم القيامة صرفًا ولا عدلاً».

ومن فضائلها دعاء الرسول صلى الله عليه وسلم بالبركة لسكانها، كما أخرجه مسلم من حديث أبي هريرة قال: كان الناس إذا رأوا أول الثمر جاءوا به إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا أخذه رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: «اللهم بارك لنا في ثمرنا، وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في صاعنا ومُدنا، اللهم إن إبراهيم عبدك وخليلك ونبيك وإني عبدك ونبيك، وإنه دعاك لمكة، وإني أدعوك للمدينة بمثل ما دعاك به لمكة ومثله معه»، ومن فضائلها أنها لا يدخلها الطاعون ولا الدجال، كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «على أنقاب المدينة ملائكة لا يدخلها الطاعون ولا الدجال»، والأحاديث في فضل المدينة كثيرة جدًّا نكتفي بهذا، وقد ألّف في فضائلها مؤلفات فلتراجع.

اللهم وفقنا لهداك.............أقول..........

 

 

الخطبة الثانية

الحمد لله رب العالمين......................

أما بعد فيا أيها المؤمنون: بعد ذكر شيء من فضائل مدينة رسول الله صلى الله عليه وسلم نبين ما يفعله زائر المدينة، فمن المهم أن يعلم المسلم أنه يشد الرحل لزيارة المسجد النبوي، ولا يجوز له أن يشد الرحل لأجل زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، كما أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة مرفوعًا: «لا تشد الرحال إلا إلى ثلاثة مساجد: المسجد الحرام، ومسجدي هذا والمسجد الأقصى»، والمقصود لا تشد الرحال لأي مكان مسجد أو غيره للتقرب إلى الله فيه.

ومن دخل المدينة فله زيارة مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم ثم السلام على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، وكذلك زيارة مسجد قباء، فإن الصلاة في هذين المسجدين لها مزية على غيرهما من المساجد، فالصلاة في مسجد الرسول صلى الله عليه وسلم بألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام، فقد أخرج البخاري وسلم في صحيحيهما من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «صلاة في مسجدي هذا أفضل من ألف صلاة فيما سواه إلا المسجد الحرام».

فضل الصلاة في مسجد قباء أنه النبي صلى الله عليه وسلم كان يأتيه كل سبت ماشيًا وراكبًا، أخرج البخاري ومسلم في صحيحيهما من حديث عبد الله بن عمر قال: «كان النبي صلى الله عليه وسلم يأتي مسجد قباء كل سبت ماشيًا وراكبًا فيصلي فغيه ركعتين»، وأما فضل الصلاة فيه فإن الركعتان فيه تعدل أجر عمرة، كما أخرج ابن ماجه في سننه من حديث سهل بن حنيف قال صلى الله عليه وسلم: «من تطهر في بيته ثم أتى مسجد قباء فصلى فيه صلاة كان له أجر عمرة»، وقوله: «صلى فيه صلاة» يشمل الفرض والنفل. ولنعلم أنه لم يرد في السنة ما يدل على فضل مساجد أخرى في المدينة غير هذين المسجدين. فمن البدع زيارة مسجد عائشة، والمساجد الثلاثة، ومسجد التوبة، ومسجد البيعة وغيرها مما أحدثه الناس.

كما يستحب لمن زار المدينة أن يزور ثلاث مقابر، قبر النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه أبي بكر وعمر، ومقبرة البقيع التي دُفن فيها أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، ومقبرة شهداء أحد، ونعلم جميعًا أن زيارة هذه المقابر إنما هي للاتعاظ والسلام والدعاء له ولا يطلب منهم شيء، ولا تقرأ عندهم الفاتحة كما يفعله بعض الجهلة، ولا يتمسح بها، ولا نعتقد فيها أن الدعاء عندها مجاب، فهذه كلها من الشرك ووسائله.

فلهذا لم يستحب أهل العلم الإكثار من زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم لمن زار المدينة أو كان ساكنًا فيها؛ لما يفضي ذلك إلى الغلو، بل يشرع للقادم من خارج المدينة أن يأتي ويصلى في المسجد ركعتين، ثم يسلم على النبي صلى الله عليه وسلم وصاحبيه، ولا يشرع للرجل كلما دخل المسجد أن يأتي بذلك، بل الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم عند قبر كالصلاة عليه في الصين، كما أخرج أبو داود في سننه من حديث أبي هريرة قال صلى الله عليه وسلم: «لا تجعلوا قبري عيدًا، وصلوا عليَّ، فإن صلاتكم تبلغني حيثما كنتم».

عباد الله: يا لها من منة أن تزور مدينةً كان يسكنها النبي صلى الله عليه وسلم مع أصحابه مشى على أرضها، وحدث بها، ودعا لها بالبركة، فتتذكر تنقلاته والحوادث التي وقعت في زمنه، وما حصل فيها من أحداث عظيمة، فوالله إن هذا لمن دواعي زيادة الإيمان والاتباع.

اللهم صل على نبينا محمد صلاة دائمة إلى يوم الدين، وارض عن صحابته الكرام الميامين، وعلى آله الطيبين الطاهرين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين.

اللهم وفقنا لاتباع السنة والثبات عليها، واحشرنا تحت لوائها يوم القيامة.

اللهم أعز الإسلام..........اللهم إنا نعوذ بك من الغلاء والوباء والزنا والربا والزلازل والمحن ما ظهر منها....اللهم أنج........سبحان ربك.....

 

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

المدينة النبوية

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات