عشر ذي الحجة وثمارها اليانعة

حسان أحمد العماري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: عشر ذي الحجة
عناصر الخطبة
1/ مواسم الطاعات رحمة من الله بعباده 2/ فضائل عشر ذي الحجة 3/ عِظَم ثواب العمل الصالح وبركته وفضله وآثاره في الدنيا والآخرة 4/ من وسائل دفع الهموم والبلايا 5/ أثر العمل الصالح في هدوء النفس وطمأنينة القلب 6/ وجوب الحذر من دعوة المظلوم 7/ أهمية التعايش بسلام والحرص على الأوطان

اقتباس

إن للعمل الصالح أثرًا ودورًا كبيرًا في تفريج الكربات، ودفع البلاء والفتن، ودفع الهموم، وشرح الصدور، وما أكثر همومنا وكرباتنا نحن المسلمين؟! فما من بلد إلا وتجد فيه حروبًا وصراعات ونزاعات وفقرًا وأمراضًا ومشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية، وكلها بسبب سوء أعمالنا، وجرأتنا على حدود الله وحرماته.. فلا بد من العمل الصالح بكل صُوَره؛ من صلاة وصيام، وقراءة للقرآن، وذِكْر ودعاء وصدقة وبذل المعروف..، واستغلال مواسم الطاعات التي تتضاعف فيها الحسنات، لعل الله أن يفرّج كُرباتنا، ويدفع عنا البلاء.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله العزيز الغفور، الحليم الشّكور، يعلم خائنَة الأعين وما تخفي الصّدور، أحمده وأشكره، وأتوب إليه وأستغفره.. لا قاطع لمن يصله، ولا نافع لمن يخذله، يثيب على العمل القليل ويقبله، ويحلم على العاصي فلا يعاجله.. الملائكة من خشيتِه مشفِقون، والعباد من عظمته وجلون وكلّ من في السموات والأرض له قانتون..

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، يبعث مَن في القبور للوقوف بين يديه يوم النشور، وأشهد أن نبينا وسيّدنا محمّدًا عبدُه ورسوله، بعثه الله بشيرًا ونذيرًا وداعيًا إلى الله بإذنه وسراجًا منيرًا، اللهمَّ صلِّ وسلِّم وبارك على عبدك ورسولك محمد، وعلى آله وصحبه وسلم تسليماً كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله: إن الإنسان في رحلة الحياة، بما فيها من مصاعب وعقبات، ومحن وابتلاءات، وبما فيها من تقصير في حق الله -سبحانه وتعالى- من ذنوب ومعاصٍ وهفوات، فنتج عن ذلك هموم وقلق، واضطرابات ومشاكل سلوكية واجتماعية، وخواء روحي، وفراغ نفسي؛ فإنه لا بد للإنسان ليعالج هذه الاختلالات في حياته، والقصور الذي نتج عن سلوكه، والآثار التي ظهرت في حياته من محطات تربوية، وواحات إيمانية، وأدوية روحية.

 

 فالجسد يحتاج إلى الطعام والشراب والدواء، والروح تحتاج إلى الإيمان والتقوى والعمل الصالح، وإن من فضل الله علينا ورحمته بنا أن جعل لنا مواسم للطاعات، ودعانا إلى الاستفادة منها، واستثمارها في تزكية النفس وتربيتها، وإن من الأيام العظيمة والمباركة والتي يتضاعف فيها الأجر والثواب أيام عشر ذي الحجة التي تحل بنا هذه الأيام، والتي لها ثمار يانعة على الفرد والمجتمع والأمة، وقد ورد فضلها في الكتاب والسنة، فقال تعالى: (وَالْفَجْرِ * وَلَيَالٍ عَشْرٍ) [الفجر: 1-2].

 قال ابن كثير -رحمه الله-: "المراد بها عشر ذي الحجة"، وقال تعالى: (وَيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ فِي أَيَّامٍ مَّعْلُومَاتٍ) [الحج: 28]، قال ابن عباس: "أيام العشر".

 

وفيها العمل الصالح مهما كان يتضاعف إلى أضعاف كثيرة، فعن ابن عباس -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "ما العمل في أيام أفضل من هذه العشر"، قالوا: ولا الجهاد؟ قال: "ولا الجهاد إلا رجلٌ خرج يخاطر بنفسه وماله فلم يرجع بشيء" (رواه البخاري)..

 

ومن أراد أن يستشعر فضل هذه الأيام، ويتصور ذلك؛ فليتدبر ما أخبرنا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عن الجهاد وفضله، فعن أبي هُرَيْرَةَ قَالَ: "جَاءَ رَجُلٌ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ فَقَالَ: دُلَّنِي عَلَى عَمَلٍ يَعْدِلُ الْجِهَادَ؟" قَالَ: لا أَجِدُهُ. قَالَ: "هَلْ تَسْتَطِيعُ إِذَا خَرَجَ الْمُجَاهِدُ أَنْ تَدْخُلَ مَسْجِدَكَ فَتَقُومَ وَلا تَفْتُرَ وَتَصُومَ وَلا تُفْطِرَ؟"، قَالَ: وَمَنْ يَسْتَطِيعُ ذَلِكَ؟! (رواه البخاري ومسلم)،  ومع ما للجهاد من هذه المكانة يبين النبي -صلى الله عليه وسلم- أن الطاعة في العشر أفضل منه.

 

فعلى المسلم أن يغتنم هذه الأيام المباركة.. بالتقرب إلى الله بعد الفرائض بالنوافل كالصلاة والصيام، وقراءة القرآن، والصدقة؛ لما فيها من التقرب إلى الله –تعالى- وابتغاء الأجر والثواب منه -سبحانه- عن طريق البذل والعطاء والإحسان للآخرين، قال تعالى: (مَنْ ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً فَيُضَاعِفَهُ لَهُ وَلَهُ أَجْرٌ كَرِيمٌ) [الحديد: 11]، ومن ذلك بر الوالدين وصلة الأرحام.. وإصلاح ذات البين، والعفو والتسامح، وتقديم النفع، والأمر بالمعروف، والنهي عن المنكر، وغيرها من الأعمال الصالحات.

 

بالإضافة إلى قيام المسلم بالاستكثار من الدعاء، وذكر الله وتحميده وتهليله وتمجيده خلال هذه الأيام في بيته وشارعه، فعن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- "مَا مِنْ أَيَّامٍ أَعْظَمُ عِنْدَ اللَّهِ وَلا أَحَبُّ إِلَيْهِ مِنْ الْعَمَلِ فِيهِنَّ مِنْ هَذِهِ الأَيَّامِ الْعَشْرِ، فَأَكْثِرُوا فِيهِنَّ مِنْ التَّهْلِيلِ وَالتَّكْبِيرِ وَالتَّحْمِيدِ" (رواه أحمد: 7/224).

 

 قال البخاري رحمه الله: "كان ابن عمر وأبو هريرة يخرجان إلى السوق في أيام العشر يكبران، ويكبر الناسُ بتكبيرهما" (صحيح البخاري: 1/329، وصححه الألباني في الإرواء 651).

 

 وعن أبى هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم- : "إن لله ملائكة يطوفون في الطريق يلتمسون أهل الذكر، فإذا وجدوا قومًا يذكرون الله تنادوا: هلموا إلى حاجتكم. قال: فيحفونهم بأجنحتهم إلى السماء الدنيا. قال: فيسألهم ربهم وهو أعلم منهم ما يقول عبادي؟ قالوا: يقولون: يسبّحونك ويكبّرونك ويحمدونك ويمجدونك، قال: فيقول: هل رأوني؟ قال: فيقولون: لا والله ما رأوك، قال: فيقول: وكيف لو رأوني؟ قال: يقولون: لو رأوك كانوا أشد لك عبادة، وأشد لك تمجيدًا، وأكثر لك تسبيحًا.

 

قال: يقول: فما يسألوني؟ قال: يسألونك الجنة. قال: يقول: وهل رأوها؟ قال: يقولون: لا والله يا رب ما رأوها، قال: يقول: فكيف لو أنهم رأوها؟ قال: يقولون: لو أنهم رأوها كانوا أشد عليها حرصًا، وأشد لها طلبًا، وأعظم فيها رغبة.

 

قال: فمم يتعوذون؟ قال: يقولون: من النار. قال: يقول: وهل رأوها ؟ قال: يقولون: لا والله ما رأوها. قال: يقول: فكيف لو رأوها؟ قال: يقولون: لو رأوها كانوا أشد منها فرارًا، وأشد لها مخافة. قال: فيقول: فأشهدكم أني قد غفرت لهم. قال: يقول ملَك من الملائكة: فيهم فلان ليس منهم إنما جاء لحاجة. قال: هم القوم لا يشقى بهم جليسهم" (رواه البخاري 6408).

 

أيها المؤمنون، عباد الله: لقد فسدت الكثير من أخلاقنا، وساءت الكثير من تصرفاتنا، وضعفت أُخوتنا، وتعددت مشاكلنا، وتجرأنا على بعضنا البعض كمسلمين عندما قست قلوبنا، وضعف إيماننا بالله واليوم الآخر ولم نجد لذة الطاعات والعبادات؛ بسبب ذنوبنا ومعاصينا، فكان لا بد من وقفة مع النفس وتزكيتها بالتوبة والعمل الصالح، وخاصة هذه الأيام العشر من ذي الحجة، والتي يعتبر قيام المسلم فيها بالعمل الصالح من أعظم الثمرات.

 

 ذلك أن ثواب العمل الصالح وبركته وفضله وآثاره ينالها الإنسان في الدنيا وفي الآخرة، وهي سبب لسعادة وراحته، ففي الدنيا العمل الصالح سبب مباشر في الحياة الطيبة يقول سبحانه: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا مِّن ذَكَرٍ أَوْ أُنثَى وَهُوَ مُؤْمِنٌ فَلَنُحْيِيَنَّهُ حَيَاةً طَيِّبَةً وَلَنَجْزِيَنَّهم أَجْرَهُم بِأَحْسَنِ مَا كَانُواْ يَعْمَلُونَ) [النحل:97].

 

وهو سبب في الأمن والتمكين في الأرض، يقول سبحانه: (وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنكُمْ وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُم فِي الأَرْضِ كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَلَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ الَّذِي ارْتَضَى لَهُم وَلَيُبَدِّلَنَّهُم مِّن بَعْدِ خَوْفِهِمْ أَمْنًا) [النور:55] ..

 

وبالعمل الصالح تتنزل البركات ويحل الأمن وتتآلف القلوب، وتُغفر الزلات وتُرفع الدرجات ويطيب العيش، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَأَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَلا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلا هُمْ يَحْزَنُونَ) [البقرة: 277]..

 

وكذلك فإن للعمل الصالح أثرًا ودورًا كبيرًا في تفريج الكربات، ودفع البلاء والفتن، ودفع الهموم، وشرح الصدور، وما أكثر همومنا وكرباتنا نحن المسلمين؟! فما من بلد إلا وتجد فيه حروبًا وصراعات ونزاعات وفقرًا وأمراضًا ومشاكل اجتماعية وسياسية واقتصادية، وكلها بسبب سوء أعمالنا، وجرأتنا على حدود الله وحرماته، قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُمْ مِنْ مُصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَنْ كَثِيرٍ) [الشورى: 30]..  وقال سبحانه (ظَهَرَ الْفَسَادُ فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ بِمَا كَسَبَتْ أَيْدِي النَّاسِ لِيُذِيقَهُمْ بَعْضَ الَّذِي عَمِلُوا لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ) [الروم: 41]..

 

فكان لا بد من العمل الصالح بكل صُوَره؛ من صلاة وصيام، وقراءة للقرآن، وذِكْر ودعاء وصدقة وبذل المعروف، وتقديم النفع والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، ونشر ثقافة الحب والتراحم، واستغلال مواسم الطاعات التي تتضاعف فيها الحسنات، لعل الله أن يفرّج كُرباتنا، ويدفع عنا البلاء.

 

فمن ذلك أن علمنا الرسول الأمين -عليه الصلاة والسلام- دعاء في لحظات الهمّ والحزن، فقال: «ما قال عبدٌ قط إذا أصابه هم وحزن: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك، سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك أو استأثرت به في علم الغيب عندك، أن تجعل القرآن ربيع قلبي، ونور صدري، وجِلاء حزني، وذهاب همي، إلا أذهب الله -عز وجل- همّه وأبدله مكان حزنه فرحًا» (مسند أحمد (4318)..

 

وقال سبحانه مبيناً أثر العمل الصالح في هدوء النفس وطمأنينة القلب: (أَلَا بِذِكْرِ اللَّهِ تَطْمَئِنُّ الْقُلُوبُ) [الرعد: 28].

 

عباد الله : إن القلب الخاشع، واللسان الذاكر، والجوارح القائمة في طاعة الله كفيلة بإخراج صاحبها من الكربات التي تصيبه في الحياة الدنيا، قال جل ذكره: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء: 87، 88].. ثم يقول جل وعلا في آية أخرى: (فَلَوْلَا أَنَّهُ كَانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ * لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلَى يَوْمِ يُبْعَثُونَ) (الصافات: 143).

 

ويقول عليه الصلاة والسلام: «دعوة ذي النون؛ إذ دعا وهو في بطن الحوت: لا إله إلا أنت سبحانك إني كنت من الظالمين، فإنه لم يدعُ بها رجل مسلم في شيء قط إلا استجاب الله له» (جامع الترمذي: 3505).. ويقول سبحانه: (وَمَا كَانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنْتَ فِيهِمْ وَمَا كَانَ اللَّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ) [الأنفال: 33].

 

والمظلوم بعمله الصالح وبإخلاصه لربه وتضرعه ودعائه يفرّج الله كربته، ويرفع عنه الظلم، ويقتص من ظالمه، فعن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: «ثلاث دعوات مستجابات لا شك فيهن: دعوة المظلوم، ودعوة المسافر، ودعوة الوالد على ولده» (سنن الترمذي: 1905).. وقال -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ بن جبل عندما بعثه إلى اليمن: «اتق دعوة المظلوم؛ فإنها ليس بينها وبين الله حجاب» (البخاري: 2448).

 

وجد أحد السلف رجل في الكوفة يصيح بأعلى صوته في سوق المدينة: "ألا من رآني فلا يظلمن أحدًا"، وكانت يداه في حالة شلل تام. فقلت له: ما بك يا رجل؟ قال: دعوة مظلوم سرت في جوف الليل. قلت: كيف ذلك؟ قال: ظلمت رجلاً وأخذت ماله عنوة، وما هي إلا ثلاثة أيام وإذا بالمرض يصيب أعضائي، فشعرت بأن ذلك بسبب الذنب الذي اقترفته في حق ذلك المسكين، فخرجت أبحث عنه وأرد ماله ويسامحني، ومكثت سنة كاملة حتى أُصبت بالشلل، فلما وجدته ارتميت تحت قدميه، وقلت له: أسألك بالله بماذا دعوت عليَّ؟ قال: قلت: اللهم يا من لا يحول ولا يزول، يا جبار السماوات والأرض، ظلمني هذا الرجل، وأخذ حقي، وأراني قوته، فأرني قوتك فيه يا قديم الإحسان..

 

فقال الظالم: والله لقد استجاب الله لدعائك، وها هي آثار قوته في جسدي، فسامحني، وخذ مالك فسامحه..

 

  لا تظلمن إذا ما كنت مقتدراً *** فالظلم ترجع عقباه إلى الندم

 تنام عيناك والمظلوم منتبه *** يدعو عليك وعين الله لم تنم

 

 وكان -صلى الله عليه وسلم- إذا أهمه أمر قام إلى الصلاة، وقال: "أرحنا بها با بلال"، وهي من أعظم الأعمال الصالحة .. وصنائع المعروف وصدقة السر تدفع عن الإنسان كل شر وهلاك بإذن الله تعالى، قال عليه الصلاة والسلام: "صنائع المعروف تقي مصارع السوء، وصدقة السر تطفئ غضب الرب، وصلة الرحم تزيد في العمر"(صححه الألباني في صحيح الجامع)..

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الصدقة لتطفئ غضب الرب، وتدفع ميتة السوء" (رواه الترمذي وغيره).

 

ومن يسر على معسر يسَّر الله عليه في الدنيا والآخرة.. بل إن همّ الأولاد ومستقبلهم وحفظهم مرتبط بأعمال الوالدين الصالحة، قال الله -تعالى-: (وَأَمَّا الْجِدَارُ فَكَانَ لِغُلَامَيْنِ يَتِيمَيْنِ فِي الْمَدِينَةِ وَكَانَ تَحْتَهُ كَنْزٌ لَهُمَا وَكَانَ أَبُوهُمَا صَالِحًا فَأَرَادَ رَبُّكَ أَنْ يَبْلُغَا أَشُدَّهُمَا وَيَسْتَخْرِجَا كَنْزَهُمَا رَحْمَةً مِنْ رَبِّكَ) [الكهف: 82]، فحفظ الله للغلامين كنزهما الذي هو من متاع الدنيا الزائل لصلاح أبيهما.. وهكذا يثمر العمل الصالح وتظهر بركته وثمرته..

 

اللهم وفقنا إلى العمل الصالح، وثبّتنا عليه حتى نلقاك.. قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..

 

 

الخطبة الثانية:

 

عباد الله: لنستغل هذه الأيام من العشر ذي الحجة بطاعة الله بما شرع من الأعمال الصالحة ولنستفيد بصدق من فضلها وبركتها، لعل الله أن يغفر ذنوبنا ويستر عيوبنا ويرفع درجتنا ويدفع عنا الفتن ما ظهر منها وما بطن..

 

وعلينا أن نستشعر واجباتنا ومسئولياتنا تجاه ديننا وأمتنا ومجتمعاتنا، وعلينا أن نقوّي أُخوتنا، وأن لا نترك للعداوات والحروب والمشاكل والعصبيات والنعرات الجاهلية أن تفرّق صفنا، وتهدم مجتمعنا، وتؤجج الصراعات والنزاعات فيما بينا، ولنحفظ أيدينا عن الدماء المعصومة والأعراض المصونة، والوطن يتسع للجميع، وعلى الناس جميعًا أن يكونوا شركاء فيه بجميع طوائفهم ومذاهبهم وأحزابهم.

 

والمشاكل لا تُحَل بالعنف، فبالعنف دُمرّت مدن ودول وشعوب، وما تزال الشعوب العربية والإسلامية تؤمل في حلّ جميع مشاكلهم بالحكمة والحوار، وأن يدوم بينهم الحب والتآلف والتراحم والتسامح، ولا سبيل للعيش في هذا الوطن إلا بهذه القيم العظيمة ..

 

اللهم ألّف بين قلوبنا، وأصلح أحوالنا، واحقن دمائنا، واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين، وردّنا إلى دينك رداً جميلاً، هذا وصلّ اللهم وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

المرفقات

ذي الحجة وثمارها اليانعة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات