عناصر الخطبة
1/ وجوب الدفاع عن الشريعة ونقائها 2/ تفجير عسير واستباحة المساجد 3/ خطورة فكر التكفير والتطرف 4/ من أصول الشريعة حفظ الدماء والأموال 5/ سبل حفظ الأمن والحفاظ على وحدة الوطن وسلامته.اقتباس
إنَّ سلامةَ البُلدانِ، والأمنَ في الأوطانِ، مسؤوليةُ الجميعِ، فالأمنُ كَنْزٌ ثَمينٌ، فَهوَ قِوامُ الحَياةِ، فِي ظِلِّ الأمْنِ تُحْفَظُ الأَنْفُسُ وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ وتَأْمَنُ السُّبُلُ وتُقَامُ الحُدُودُ، في ظِلِّ الأمْنِ تَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى الله وتُعمَرُ المسَاجِدُ، ويَسُودُ الشَّرْعُ ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ ويحْصُلُ الاستِقْرارُ. والأمْنُ والدِّينُ مُتَلازِمانِ، فلا يَسْتَقيمُ أحَدُهُما إلاَّ بِوُجُودِ الآخَرِ: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) ...
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله منَّ علينا بالإسلامِ، ونوَّرَ قلوبَنا بالإيمانِ، اللهمَّ جنِّبنا الكُفرَ والفُسُوقَ والعصيانَ، واجعلنا من الراشدينَ، واهدِنا صراطكَ المستقيمَ. نَشهَدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ لهُ، بيدِه الخيرُ وهو على كلِّ شيء قديرٌ، ونشهد أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمداً عبدُ اللهِ ورسولُه، وصَفِيُّهُ وخَلِيلُهُ، عليهِ وعلى آلِهِ وأصحابِهِ أفضلُ الصلاةِ وأتمُّ التسليمِ. ومن سار على نهجهم، واقتفى أثرهم إلى يوم الدينِ.
عباد اللهِ: أوصيكم ونفسي بتقوى اللهِ وطاعتِهِ، وأُحذِّرُكم وإيايَّ من عصيانِهِ ومخالفةِ أَمرِهِ: (مَنْ عَمِلَ صَالِحًا فَلِنَفْسِهِ وَمَنْ أَسَاءَ فَعَلَيْهَا وَمَا رَبُّكَ بِظَلَّامٍ لِلْعَبِيدِ) [فصلت: 46].
عباد الله: إنِّنا مُطالبونَ بالتَّمسُّكِ بشريعتِنا الغَرَّاءِ والعَضِّ عليها بالنَّواجذِ، وحمايةِ جنابِها من أنْ تُثلَم على أَيدِي الرَّوافِضِ الخَائِبينَ، أو الغُلاةِ الخَارِجينَ، أو المُتَطَرِّفينَ الهَالِكينَ، أولئك الذين يقلِّبون نصوصَ الدِّينِ، ويتلاعبونَ بأحكامِهِ، ومَن عَدِم العِلمَ والنُّورَ تخبَّط في الظُّلَم!
أيُّها المؤمنونَ: اسأَلُوا اللهَ العافيةَ مَن عَمَلٍ غَيرِ صَالِحٍ، أو فِكْرٍ شَاذٍّ غَير ِسَوِيٍّ فقد قالَ -صلى الله عليه وسلم-: "وما سُئلَ اللهُ شيئاً يُعطى أحبَّ إليه مِنْ أَنْ يُسألَ العَافِيَةَ"؛ فاللهمَّ إنَّا نَسأَلُكَ العَفْوَ والعَافِيَةَ في الدِّين والعقلِ، والدُّنيا والآخرةِ.
يَا مُسلِمُونَ: إنَّ الدِّفاعَ عن شَرِيعَتِنَا الغرَّاءِ، وتَعْرِيَةُ طُرُقِ الْمُفسدِينَ، والأخذُ على أيدِيهم، فَرْضٌ على العلماءِ والخُطَبَاءِ، ليُحْفظَ الدِّينُ، ويُحمى من التَّدليسِ والتَّزوير والتَّجهيلِ، وفي هذا يَقولُ رَسُولُ الهُدى -صلى الله عليه وسلم-: "يَحمِلُ هذا العِلْمَ من كلِّ خَلَفٍ عُدُولَهُ، يَنفُونَ عنهُ تَحريفَ الغَالينَ، وانْتِحَالَ المُبطِلِينَ، وتأويلَ الجاهلينَ"؛ لأنَّ اللهَ أخذَ عليهمُ العهدَ والميثاقَ فَقَالَ: (وَإِذْ أَخَذَ اللَّهُ مِيثَاقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتَابَ لَتُبَيِّنُنَّهُ لِلنَّاسِ وَلَا تَكْتُمُونَهُ) [آل عمران: 187].
أيُّها المُسلِمُونَ: بَينمَا النَّاسُ يَنعَمُونَ بالأمنِ والأمانِ في مَنطِقَةِ عَسيرٍ، وحينَ صَفُّوا أقدَامَهُم وَتَوجَّهوا بِقُلُوبِهم لِرَبِّ العالَمينَ، في بَيتٍ مِن بُيُوتِهِ يُؤَدُّونَ فَريضَةَ اللهِ على عبادِهِ. إذْ يَقَعُ تَفجِيرٌ آثِمٌ بينَ صفُوفِ المُصَلِّينَ! مُصَلُّونَ اختَارَهُمُ اللهُ لِلقَائِهِ وهُم يَختِمُونَ حَيَاتَهُم بالصَّلاةِ للهِ رَبِّ العالَمينَ! فَلا تَحزَنُوا عليهم فلا نَظُنُّهم بإذنِ اللهَ إلا فَرِحينَ مُستَبشِرينَ غَفَرَ اللهُ لهم وتَقبَّلهم في الشُّهداء والصَّالِحينَ: (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ * فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ وَيَسْتَبْشِرُونَ بِالَّذِينَ لَمْ يَلْحَقُوا بِهِمْ مِنْ خَلْفِهِمْ أَلَّا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ * يَسْتَبْشِرُونَ بِنِعْمَةٍ مِنَ اللَّهِ وَفَضْلٍ وَأَنَّ اللَّهَ لَا يُضِيعُ أَجْرَ الْمُؤْمِنِينَ) [آل عمران: 169- 171].
إنَّما العَجَبُ على مَنْ أقَدَموا على قَتْلِ أنفُسهم وَتفجِيرِها! فكيفَ يَفعَلونَ مَعَ قولِ اللهِ تعالى: (إِنَّ اللَّهَ لا يُحِبُّ مَنْ كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) [النساء: 107]، فإنَّ كلَّ خَائِنٍ لا بُدَّ أنْ تَعودَ خِيانَتُهُ وَمَكرُه على نَفسِهِ، ولا بُدَّ أنْ يَتَبَيَّنَ أَمرُهُ، فَالنَّبِيُّ –صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "لِكُلِّ غَادِرٍ لِوَاءٌ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يُقَالُ: هَذِهِ غَدْرَةُ فُلَانٍ".
وَلَقَدْ جاءت شَريعَتُنا لِتَحفَظ الأنفُسَ الْمَعصُومَةَ مِن التَّعدِّيَ عَليها بغَيرِ حقٍّ، بل جَعَلَتِ الوعيدَ الشَّديدَ لِمن قَتَلَ نَفسَهُ: فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ، -رضي الله عنه- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".
فما بالُكم بعقوبَةِ مَن قَتَلَ غيرَهُ بِغيرِ حقٍّ قالَ اللهُ تعالى: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93]، أرَأيتُمُ يا مُسلِمونَ الدُّنْيَا ومَا فيهَا؟، فإنَّ زَوَالَها واللهِ أهْوَنُ عِندَ اللهِ مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ، يَقُولُ –صلى الله عليه وسلم-: "لَزَوالُ الدُّنْيَا أهونُ عِندَ الله مِنْ قَتْلِ رَجُلٍ مُسْلِمٍ". وقالَ –صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ قَتَلَ مُؤمنًا فاغْتَبَطَ بِقَتْلهِ يعني فَرِحَ بِقَتْلهِ لم يَقْبلِ الله مِنهُ صَرْفًا ولا عَدْلاً"، وقالَ ابنُ عُمرَ -رضي اللهُ عنهما-: "إنَّ مِنْ وَرَطاتِ الأمُورِ التي لا مَخْرجَ لِمَنْ أوقَعَ نَفْسَهُ فيهَا، سَفْكَ الدَّمِ الحَرَامِ بغَيرِ حِلِّهِ".
فهؤلاءِ لم يُرعوا حُرمَةً لِمُسلمٍ، ولم يُعظِّموا بُيُوتَ اللهِ! وإنَّ عمَلَهُم لَمُنكرٌ شَرْعاً وَعَقْلاَ. فَكَيفَ سَيُقَابِلُونَ اللهَ تَعالى وَخُصُومُهم مِنْ أهلِ لا إلهَ إلا اللهُ !
فيا شبابَ الإسلامِ: الزموا غرزَ عُلمَائِكم النَّاصِحينَ، وتَشبَّثوا بِجماعَةِ المُسلمينَ، وطاعَةِ وُلاةِ أُمورِكم المُخلِصينَ: (وَلَا تَتَّبِعُوا السُّبُلَ فَتَفَرَّقَ بِكُمْ عَنْ سَبِيلِهِ ذَلِكُمْ وَصَّاكُمْ بِهِ لَعَلَّكُمْ تَتَّقُونَ) [الأنعام: 153]، باركَ في جُهُودِكُم. باركَ اللهُ لنا في القُرآنِ العَظِيمِ، وَنَفَعَنا بما فيه من الآيات والذِّكر الحَكِيم، أقولُ ما تَسمَعُونَ، وأستغفرُ اللهَ لي وَلَكم ولِسائِرِ المُسلمينَ من كلِّ ذنبٍّ فاستغفروه، إنَّه هو الغفورُ الرَّحيمُ.
الخطبةُ الثانيةُ:
الحمد لله، لا مانعَ لِما أعطاهُ، ولا رادَّ لِما قَضَاهُ، نَشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدهُ لا شريكَ لهُ ولا مَعبودَ بِحقٍّ سِواهُ، ونَشهدُ أنَّ محمَّدَاً عبدُ اللهِ ورسولُهُ ومُصطَفَاهُ، صلَّى الله وسلَّم وباركَ عليه، وعلى آلِه وأصحابِه وَمَنْ والاهُ.
أمَّا بعدُ: فأوصِيكُمْ ونَفْسي بِتَقْوى اللهِ: (فَاتَّقُوا اللَّهَ يَا أُولِي الأَلْبَابِ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [المائدة: 100].
أيُّها المسلمون: ما خرَجَ أحَدٌ عن جادَّةِ الحقِّ والوسَطِ، إلاَّ سلَكَ أَحَدَ طَرِيقَينِ، إمَّا الْجَفَاءَ والإعرَاضَ، وإمَّا الغُلوَّ والإفرَاطَ، فيا مؤمنونَ: (لا تَغْلُوا فِي دِينِكُمْ غَيْرَ الْحَقِّ وَلا تَتَّبِعُوا أَهْوَاءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَأَضَلُّوا كَثِيرًا وَضَلُّوا عَنْ سَوَاءِ السَّبِيلِ) [المائدة: 77].
وإنَّ مَا حَصَلَ مِن تَفْجيرٍ بالأمسِ في مَنطِقَةِ عَسِيرٍ، لهو غَدْرٌ وخيانةٌ! كيفَ وقد قالَ تعالى: (وَأَنَّ اللَّهَ لَا يَهْدِي كَيْدَ الْخَائِنِينَ) [يوسف: 52].
أيُّها المسلمونَ: إنَّ سلامةَ البُلدانِ، والأمنَ في الأوطانِ، مسؤوليةُ الجميعِ، فالأمنُ كَنْزٌ ثَمينٌ، فَهوَ قِوامُ الحَياةِ، فِي ظِلِّ الأمْنِ تُحْفَظُ الأَنْفُسُ وتُصَانُ الأعْرَاضُ والأمْوَالُ وتَأْمَنُ السُّبُلُ وتُقَامُ الحُدُودُ، في ظِلِّ الأمْنِ تَقُومُ الدَّعْوَةُ إلى الله وتُعمَرُ المسَاجِدُ، ويَسُودُ الشَّرْعُ ويَفْشُو المَعْروفُ ويَقِلُّ المُنْكَرُ ويحْصُلُ الاستِقْرارُ. والأمْنُ والدِّينُ مُتَلازِمانِ، فلا يَسْتَقيمُ أحَدُهُما إلاَّ بِوُجُودِ الآخَرِ: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3- 4].
والأمْنُ يَحْتَاجُ إلى جُهْدٍ ومُصَابَرَةٍ، فلا يَقُومُ إلاَّ بِرِجَالٍ مُخلِصينَ، يَحرُسُونَ البِلادَ، ويحمُونَ الثُّغورَ، فَكانَ مِن حقِّهم الإجلالُ والاحترامُ، والأمنُ والأمانُ، وألا يَمَسَّهم أحدٌ بسوءٍ!
عبادَ اللهِ: وَلِوُجُودِ الأمنِ أَسبَابٌ، ولاخْتِلالِهِ عِلَلٌ كذلكَ! والمزايداتُ في الولاءِ، وعلى مُسَلَّماتِ الشَّريعةِ لا تَجوزُ شرعاً ولا تُقبلُ عقلاً، إنَّما لِلأَمْنِ قِيَمٌ وخِصَالٌ متى تحقَّقت كانَ الأمنُ والأمانُ! (وَعَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ) [المائدة: 23].
فَأَوَّلُ الوَاجِبَاتِ لِتَحقِيقِ الأمنِ التَّامِّ: البُعدُ عن الشِّركِ باللهِ في جَميعِ صُوَرِهِ وأشكالِهِ في رُبُوبِيَّتِهِ، وأُلوهِيَّتِهِ، وحُكمِهِ، قَالَ اللهُ تَعالى: (الَّذِينَ آَمَنُوا وَلَمْ يَلْبِسُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ أُولَئِكَ لَهُمُ الْأَمْنُ وَهُمْ مُهْتَدُونَ) [الأنعام: 82].
قال الشَّيخُ السَّعدِيُّ -رحمهُ اللهُ-: "الَّذِينَ لَمْ يَخلِطُوا إِيمَانَهُمْ بِظُلْمٍ مُطلَقَاً، لا بِشِركٍ، ولا بِمَعَاصٍ، يحَصُلُ لَهمُ الأَمنُ التَّامُ، والْهِدايَةُ التَّامَّةُ، بالأَمنِ من المخاوفِ والعذابِ والشَّقَاءِ، والهدايةُ إلى الصِّراطِ الْمستَقِيمِ".
أيُّها المؤمنونَ: وحتى نُحقِّقَ الأَمنَ فَلْنَسْعَ لِلعنايةِ بالعلمِ الشَّرعي، المبنيِّ على الكتابِ والسُّنَّةِ دونَ إفراطٍ أو تَفْرِيطٍ، فالعلمُ عِصمةٌ من الفتنِ والتَّطَرُّفِ، قالَ ابنُ القيِّمِ -رحمه الله-: "وإذا ظَهَرَ العلمُ في بلدٍ أو مَحَلَّةٍ قَلَّ الشَّرُ في أهلِها، وإذا خَفِيَ العلمُ ظَهَرَ الشرُّ والفَسَادُ".
عبادَ اللهِ: وحتى نَصلَ إلى الأمنِ التَّامِّ، فعلينا القيامُ بالأمرِ بالمعروفِ والنَّهيِ عن المنكرِ، والنُّصحِ للهِ ولِرَسولِهِ ولِكتَابِهِ ولأَئِمَّةِ المسلمينَ وعامَّتِهم بصدقٍ وإخلاصٍ. فقد قالَ اللهُ –تَعالى-: (وَلَيَنصُرَنَّ اللَّهُ مَن يَنصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ الَّذِينَ إِن مَّكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلَاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 39- 40].
أيُّها الكرامُ: والمعاصي والأمنُ لا يجتمِعانِ، فالذُّنُوبُ مُزيلةٌ للنِّعمِ، وتُحِلُّ الفَوضى والنِّقَم، والطَّاعةُ حِصنُ اللهِ الأَعظَمُ وَمَن دَخَلَ طَرِيقَها كانَ مِن الآمِنِينَ. ونعمةُ الأَمنِ تُقابَلُ بالذِّكرِ والشُّكرِ: (فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هَذَا الْبَيْتِ الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَآمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ) [قريش: 3- 4].
فيا مؤمنونَ: مَن يُحِبُّ بَلَدَهُ بِصدْقٍ وَيُرِيدُ لَهُ الخَيرَ وَالنَّمَاءَ والأمانَ فَلا تَرَاهُ إِلاَّ مُطِيعًا لِوُلاةِ أَمرِهِ نَاصِحًا لِقَادَتِهِ، لا يُحدِثُ بَلبَلَةً وَلا يَبعَثُ فَوضَى، وَلا يُفسِدُ صَالِحًا وَلا يُخَرِّبُ عَامِرًا. ألا وإنَّ المحافظةَ على الجماعةِ من أعظمِ أصولِ الإسلام، ومِمَّا عَظُمت به وصيةُ الله تعالى: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103]، وهي وصيةُ نَبِيِّا –صلى الله عليه وسلم-حين قَالَ: "يَدُ اللهِ مَعَ الجَمَاعَةِ" فَاتَّقُوا اللهَ عِبادَ اللهِ، وعَظِّمُوا أمْرَهُ، واجْتَنِبُوا نَهْيَهُ؛ تَفُوزُوا وتُفْلِحُوا في الدُّنيا والآخرةِ.
نسألُ اللهَ أنْ يَحفظَ على بِلادِنا أَمنَها واستقرَارَها، وأنْ يَزِيدَها هُدىً وعَدلاً وتَوفيقاً. اللهمَّ إنا نعوذُ بك من الفتنِ ما ظَهَر منها وَمَا بَطَنَ يا ربَّ العالمين.
اللهمَّ تَقَبَّل مَنْ ماتُوا مِن إخوانِنا وهم يُصَلُّونَ أو يُقاتِلُونَ في سبيلِكَ في الشُّهَدَاءِ والصَّالِحينَ. اللهم تَقبَّل رجالَ أمننا وحُرَّاسَ حُدودِنا في الشُّهداء. اللهمَّ أرنا الحقَّ حقاً وارزقنا إتباعه والباطل باطلاً وارزقنا اجتنابه.
اللهم أبرم لهذه الأمةِ أمرَ رُشدٍ يُعزُّ فيه أهلُ الطَّاعةِ ويُذلُّ فيه أهلُ المعصيةِ ويؤمرُ فيه بالمعروف ويُنهى فيه عن المنكر يا ربَّ العالمين.
اللهم وفِّق ولاةَ أمورِنَا لِمَا تُحِبُّ وترضى وأعنهم على البرِّ والتقوى، وارزقهم البطانة الصالحة الناصحة يا ربَّ العالمين. (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ).
عبادَ الله: اذكروا الله العظيمَ يذكُركم، واشكروه على عمومِ نعمه يَزِدْكم، ولذكر الله أكبر والله يعلم ما تصنعونَ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم