عبادة الخوف (1)

عبد العزيز بن عبد الله السويدان

2022-10-04 - 1444/03/08
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/القلب محل نظر الرب 2/حكم الخوف من الله 3/مظاهر عدم الخوف من الله 4/خطر عقيدة الإرجاء 5/فضل الخوف من الله وأهميته 6/الخوف من الله يشمل الترك والفعل 7/ثمرات الخوف من الله 8/بعض علامات الخائفين من الله

اقتباس

أيها المسلمون: إن من العبادات العظيمة التي يجب وجوبا على القلب أن يقوم بها تجاه ربه -جل وعلا-: عبادة الخوف، الخوف من الله -عز وجل-، فهل في حياة المسلمين اليوم من يحقق ويطبق هذه العبادة تماما؟ دعوني أستعرض لكم بعض المظاهر في المجتمع المسلم اليوم: التهاون بأداء ال...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ به من شرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وسلم.

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيرًا وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب: 70-71].

 

أما بعد:

 

فإن أصدق الحديث كتاب الله، وخير الهدي هدي محمد -صلى الله عليه وسلم-، وشر الأمور محدثاتها، وكل محدثة بدعة، وكل بدعة ضلالة، وكل ضلالة في النار.

 

صح عند مسلم من حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله لا ينظر إلى صوركم وأموالكم، ولكن ينظر إلى قلوبكم وأعمالكم".

 

إن نظر الله -جل وعلا- إلى القلوب، وتقديم ذلك النظر في الترتيب على النظر إلى الأعمال؛ يدل على الأهمية العظمى التي يوليها أعمال القلب وعباداته.

 

يقول تبارك وتعالى: (وَلاَ تَقْفُ مَا لَيْسَ لَكَ بِهِ عِلْمٌ إِنَّ السَّمْعَ وَالْبَصَرَ وَالْفُؤَادَ كُلُّ أُولئِكَ كَانَ عَنْهُ مَسْؤُولاً) [الإسراء: 36].

 

فجمع في السؤال بين السمع والبصر والفؤاد، يقول القرطبي في تفسيره: "أي يسأل كل واحد منهم عما اكتسب، فالفؤاد يسأل عما افتكر فيه واعتقده، والسمع والبصر عما رأى من ذلك، وسمع".

 

فالقلب إذاً يسأل عن عبادته يوم القيامة؛ كغيره من أعضاء الجسد؛ لأن القلب هو عضو من أعضاء الجسد، بل هو ملك الأعضاء، بلا منازع.

 

أيها المسلمون: إن من العبادات العظيمة التي يجب وجوبا على القلب أن يقوم بها تجاه ربه -جل وعلا-: عبادة الخوف، الخوف من الله -عز وجل-، فهل في حياة المسلمين اليوم من يحقق ويطبق هذه العبادة تماما؟

 

دعوني أستعرض لكم بعض المظاهر في المجتمع المسلم اليوم.

 

التهاون بأداء الصلاة مع الجماعة؛ كصلاة الفجر، والبعض يؤديها بعد شروق الشمس، وبشكل مستمر، وبعضهم يصلي أحيانا، ويترك أحيانا -نسأل الله العافية-.

 

ومظهر آخر: عقوق الوالدين، إهمال حقوقهما؛ وكذا حقوق كل من تجب صلته، موالاة الكفار، وعدم التفريق بين المسلم وغير المسلم في الولاء، ومحبة أهل البدع وتأييدهم.

 

التهاون بالذنوب عامة، والإصرار عليها إصرارا مسرفا؛ كأكل الربا، والمال الحرام بشكل عام، واستغلال المناصب، ومواقع العمل والنفوذ المتاحة من أجل المال، والسحت الحرام، وقبول الرشوة، واللامبالاة بالمعاملات المشبوهة المعاصرة، والتي يدخل القمار في كثير منها.

 

وبيع ما لا يحل بيعه؛ مما فيه ضرر على المسلمين؛ كالمجلات التي تعرض صور النساء، وكالأشرطة الغنائية، والسجائر، وما يسمى بالمعسل وبيعه، وما شابه هذه الأمور، مما حرمته الشريعة تحريما قطعيا.

 

الخلوة بالأجنبية، والاستهانة بالحجاب والسفور، والاستهانة بإطلاق النظر، فيما لا يحل النظر إليه، من النساء الأجنبيات، في التليفزيون، وغيره.

 

الاستهانة بالاستماع إلى ما يحرم الاستماع إليه؛ من الموسيقى والغناء بأنواعه.

 

ظاهرة إخلاف الوعد، الغيبة، النميمة، وغير ذلك مما حرمه الله.

 

أقول: هذه المظاهر، وما شابهها؛ تدل على ماذا؟ هل تدل على كمال عبادة الخوف من الله أم العكس؟

 

لا شك أن هذه المظاهر تؤكد على الحاجة الماسة لمراجعة هذه العبادة العظيمة، ومعالجة نقصها، في القلب.

 

وللعلم فإن من أكبر أسباب تفشي العلمانية في العالم الإسلامي، وفصل الدين عن مجريات الحياة، واندثار عقيدة الولاء والبراء، وبدعة تصنيف المسلمين إلى أصوليين وغير أصوليين، هو من هوى الإنسان.

 

فالإرجاء يكاد يلغي عقيدة الخوف من الله تماما، ويزيله من قلب المسلم يمسحه، وفي هذا خطر كبير على حياة المسلمين، وعقيدتهم.

 

حتى قام الإمام الأزهري: "ما ابتدعت في الإسلام بدعة أضر على أهله من الإرجاء".

 

فاقتراف المعاصي السالفة الذكر وغيرها، بكل سهوله وبرودة قلب، ثم تبرير ذلك من خلال عبارات: أنا أحسن الظن بالله، أو إني أشهد أن لا إله إلا الله" إلى آخر القائمة من عبارات هذا التبرير، لا ينفع، ولا يغني من الحق شيئا.

 

يقول الإمام ابن سليمان -رحمه الله-: "من حسن ظنه بالله -عز وجل- ثم لا يخاف الله، فهو مخدوع، فحسن الظن بالله لا بد أن يقترن بالخوف منه، حتى لا يؤدي إلى الغرور، وترك الواجب، أو فعل المحرم".

 

مشكلة هذا الزمان الذين يرون أن الإيمان إنما هو التصديق بالله فقط، وينسون العبادات القلبية؛ كالرهبة والخوف والخشية، فيمكن القول: أن يكون الرجل عندهم آمنا من العقوبة، ولو ارتكب الآثم، أو ترك الصلاة، أو استخف برسول الله، أو بدينه، ما دام مصدقا بالله.

 

أعود وأقول: إن مراجعة عاجلة لضعف الخوف من الله أمر في غاية الأهمية، فإن القلب لا يمكن أن يستقيم على الهدى، ولا أن ينجو من النار، من خلال التقرب من الله بعبادة الخوف منه، وعبادات أخرى كثيرة، القلب يقوم بها؛ كالمحبة، والتوكل، الإيمان، لأن الخوف قد يغيب.

 

قد يأتي في القرآن: أن أهل الجنة صرحوا بأن الخوف والإشفاق من الله وعذابه: وقاهم عذاب السموم، أي عذاب النار، قالوا: (قَالُوا إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ).

 

الاشفاق، الخوف، كنا خائفين من الله وعقابه، مجتنبين معصيته، مقبلين على طاعته: (إِنَّا كُنَّا قَبْلُ فِي أَهْلِنَا مُشْفِقِينَ * فَمَنَّ اللَّهُ عَلَيْنَا وَوَقَانَا عَذَابَ السَّمُومِ) [الطور: 26-27].

 

يقول ابن سليمان: "ما فارق الخوف قلبا إلا خرب".

 

وقد ورد في كتاب الله -تعالى- معان متعددة للخوف.

 

يقول ابن القيم: "الوجل، والخوف، والخشية، والرهبة؛ ألفاظ متقاربة".

 

ودليل صلاحية الخوف من الله -تعالى- قوله تعالى: (فَلاَ تَخَافُوهُمْ وَخَافُونِ إِن كُنتُم مُّؤْمِنِينَ) [آل عمران: 175].

 

وقوله تعالى: (فَإيَّايَ فَارْهَبُونِ) [النحل: 51].

 

وقوله تعالى: (فَلَا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ)[المائدة:44].

 

والخوف من الله -تعالى- اقتصر في مفهوم كثير من الناس على الترك، على ترك المحرم، والصحيح: أن فعل المأمور دليل على الخوف من الله -تعالى- أيضا، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ هُم مِّنْ خَشْيَةِ رَبِّهِم مُّشْفِقُونَ) [المؤمنون: 57].

 

الصفة الأولى: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِآَيَاتِ رَبِّهِمْ يُؤْمِنُونَ * وَالَّذِينَ هُمْ بِرَبِّهِمْ لَا يُشْرِكُونَ * وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ * أُوْلَئِكَ يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ) [المؤمنون: 57- 61].

 

فهم من فرط خشيتهم بالله لم يتركوا المحرمات فقط، بل سارعوا إلى الخيرات، لذلك أيضا كانوا هم السابقين إليها قبل غيرهم، كما هو واضح في قوله تعالى: (وَهُمْ لَهَا سَابِقُونَ).

 

كل هذه المنة نتيجة الخشية التي عمرت قلوبهم: (إِنَّ الَّذِينَ هُمْ مِنْ خَشْيَةِ رَبِّهِمْ مُشْفِقُونَ) -نسأل الله من فضله-.

 

فالخوف من الله -تعالى- ترك وفعل؛ يقول تعالى في الملائكة: (يَخَافُونَ رَبَّهُم مِّن فَوْقِهِمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [النحل: 50].

 

ففعل الأمر دليل الخوف الصادق، وتركه دليل الأمن الخادع.

 

في الترمذي عن أم المؤمنين عائشة -رضي الله عنها-: "قالت قلت يا رسول الله: قول الله -تعالى-: (وَالَّذِينَ يُؤْتُونَ مَا آَتَوْا وَقُلُوبُهُمْ وَجِلَةٌ أَنَّهُمْ إِلَى رَبِّهِمْ رَاجِعُونَ) -قلوبهم خائفة- أهو الذي يزني ويشرب الخمر ويسرق؟ قال: لا يا ابنة الصديق، بل هو الذي يصوم ويصلي ويتصدق ويخاف أن لا يتقبل منه".

 

قال الحسن البصري: "عملوا والله بالطاعات، واجتهدوا فيها، وخافوا أن ترد عليهم: إن المؤمن جمع إحسانا وخشية، والمنافق جمع إساءة وأمنا".

 

سبحان الله! كيف تزيد الخشية من عبادة العبد لربه وتبتله إليه؟

 

قالت ابنة العامر بن عبد القيس لأبيها: "مالي أرى الناس ينامون ولا أراك تنام؟ يعني تقوم الليل باستمرار- فقال: يا بنيتي إن جهنم لا تدع أباك ينام".

 

وكما قال تعالى في العلماء الذين ما اكتسبوا صفة العلم إلا لخشيتهم لربهم: (أَمَّنْ هُوَ قَانِتٌ آنَاء اللَّيْلِ سَاجِدًا وَقَائِمًا يَحْذَرُ الْآخِرَةَ) يخاف عاقبة الأمر، يخاف الله: (وَيَرْجُو رَحْمَةَ رَبِّهِ قُلْ هَلْ يَسْتَوِي الَّذِينَ يَعْلَمُونَ وَالَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ إِنَّمَا يَتَذَكَّرُ أُولُو الْأَلْبَابِ) [الزمر: 9].

 

المؤمن جمع إحسانا وخشية؛ كقول من قال بأهل الخشية:

 

إذا ما الليـل أقبـل كابدوه *** فيسفر عنهـم وهم ركوع

أطار الخوف نومهـم فقاموا *** وأهل الأمن في الدنيا هجوع

لهم تحت الظلام وهم ركوع *** أنين منـه تنفرج الضلـوع

 

(تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ) [السجدة: 16].

 

نعم، إذا استأنس الناس من مضاجعهم يدعون ربهم خوفا وطمعا، خوفا من عقوبته، وطمعا في رحمته وثوابه.

 

هؤلاء هم العملة النادرة من المسلمين التي يحتاجها الكون كله، إذ بالخوف من الله يتحقق العدل، وتنعم البشرية، وبالخوف من الله ينحسر الفساد، وتزدهر الأرض، وتتنزل البركات: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى) التقوى هي الخشية: (وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ) [الأعراف: 96].

 

أيها المسلمون: إن الله -تعالى- وجهنا إلى تدبر القرآن كي نعظمه ونخشاه؛ فالقرآن من وسائل إحداث الخوف في القلب، قال سبحانه: (لَوْ أَنزَلْنَا هَذَا الْقُرْآنَ عَلَى جَبَلٍ لَّرَأَيْتَهُ خَاشِعًا مُّتَصَدِّعًا مِّنْ خَشْيَةِ اللَّهِ وَتِلْكَ الْأَمْثَالُ نَضْرِبُهَا لِلنَّاسِ لَعَلَّهُمْ يَتَفَكَّرُونَ) [الحشر: 21].

 

فإذا كان الجبل الشديد القسوة العظيم لو أنزل عليه القرآن تصدع وانهار من خشية المولى -جل وعلا-، فلماذا قسوة قلوبنا ونحن نقرأ القرآن ليل نهار! ثم نصر على معاصي معينة، ونعصي أمره جل وعلا؟! أين أثر القرآن على النفس في هذا الجانب؟

 

تأمل في وصف الله -تعالى- لحال أهل الخشية مع القرآن: (اللَّهُ نَزَّلَ أَحْسَنَ الْحَدِيثِ كِتَابًا مُّتَشَابِهًا مَّثَانِيَ تَقْشَعِرُّ مِنْهُ جُلُودُ الَّذِينَ يَخْشَوْنَ رَبَّهُمْ ثُمَّ تَلِينُ جُلُودُهُمْ وَقُلُوبُهُمْ إِلَى ذِكْرِ اللَّهِ ذَلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشَاء وَمَن يُضْلِلْ اللَّهُ فَمَا لَهُ مِنْ هَادٍ) [الزمر: 23].

 

أسأل الله أن يرزقنا الخشية.

 

وأقول هذا، واستغفره فاستغفروه؛ إنه غفور رحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، والصلاة والسلام على رسول الله وعلى آله وصحبه ومن والاه.

 

وبعد:

 

فيقول الله -تعالى-: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ) [الأنفال: 2].

 

علامة مهمة من علامات الإيمان: الخوف من الله، ووجل القلب من ذكره: (إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ) حصر (الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ) ثم قال تأكيدا: (أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا) [الأنفال: 4].

 

حتى الناس بفطرتهم إذا أرادوا أن يثنوا على أحد، ويمدحوه، قالوا: فلاناً يخاف الله.

 

ومن تعاسة المجتمع: أن تجد فيه صنفا من البشر، إذا ذكروا بالله لم يخافوا؛ كما قال تعالى وهو ينفي هذه الصفة القبيحة عن عباده: (وَالَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِآيَاتِ رَبِّهِمْ لَمْ يَخِرُّوا عَلَيْهَا صُمًّا وَعُمْيَانًا) [الفرقان: 73] يخافون.

 

ويقول سبحانه في هذا الصنف من الناس: (وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيِهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللّهُ لاَ يُحِبُّ الفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ)[البقرة: 205 – 206].

 

إذا خوف بالله لم يخاف -عفانا الله وإياكم-.

 

يقول عبد الله: "كفى بالمرء إثما أن يقول له أخوه: اتق الله، فيقول: عليك بنفسك".

 

يذكر القرطبي: أن يهوديا كنت له حاجة عند هارون الرشيد، فاختلف إلى بابه سنة؛ لئن يقضي حاجته، فوقف يوما على الباب، فلما خرج هارون سعى حتى وقف بين يديه، وقال: اتق الله يا أمير المؤمنين، فماذا فعل هارون؟ ضربت هذه الكلمة قلب هذا الأمير، هذا الرجل الذي كان أمير أعظم وأقوى دولة في ذلك الزمان، ماذا فعل؟ الذي ترتعد لغضبه بلاد الروم كلها! تلك القبة! تلك العظمة! ما كان منه إلا أن نزل عن دابته، وخر ساجدا، ولما رفع رأسه أمر بحاجة ذلك الرجل فقضيت، فلما رجع، قيل له: يا أمير المؤمنين نزلت عن دابتك لقول يهودي؟ قال: لا، ولكن تذكرت قول الله: (وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالإِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة: 206].

 

وللحديث تكملة -إن شاء الله-.

 

اللهم ارزقنا الخوف منك...

 

 

 

 

 

المرفقات

الخوف (1)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات