صلوا عليه

تركي بن عبدالله الميمان

2021-10-01 - 1443/02/24 2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/شرف الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 2/معنى الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 3/آثار الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم 4/عقوبة من ذكر عنده النبي ولم يصل عليه 5/سبب الأمر بالصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

اقتباس

الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ: فِي مُقَابلَةِ إِحْسَانِهِ إِلَى الْأُمَّة، وَمَا حَصَلَ بِبَرَكَتِهِ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ بَلْ لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ بِعَدَدِ أَنْفَاسِهِ؛ لَمْ يَكُنْ مُوْفِيًا لِحَقِّهِ! فَجُعِلَ ضَابِطُ شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَة...

عِبَادَ الله: إِنَّهُ الثَّنَاءُ العَاطِر، والشِّعَارُ الفَاخِر، والدُّعاءُ الذي أجْمَعَ عَلَيهِ أَهْلُ السَّماءِ والأرض؛ إِنَّهُ الصَّلَاةُ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-!

 

وَلِشَرَفِ هَذِهِ الصَّلاة بَدَأَ اللهُ فِيهَا بِنَفْسِهِ، وَثَنَّى بِمَلَائِكَتِه (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

قال ابنُ كَثِير: "أَخْبَرَ عِبَادَهُ بِمَنْزِلَةِ نَبِيِّهِ فِي الْمَلَأِ الْأَعْلَى بِأَنَّهُ يُثْنِي عَلَيْهِ عِنْدَ الْمَلَائِكَةِ الْمُقَرَّبِينَ، وَأَنَّ الْمَلَائِكَةَ تُصَلِّي عَلَيْهِ، ثُمَّ أَمَرَ أَهْلَ الْعَالَمِ السُّفْلِيِّ بِالصَّلَاةِ وَالتَّسْلِيمِ عَلَيْهِ؛ لِيَجْتَمِعَ الثَّنَاءَ عَلَيْهِ مِنْ أَهْلِ الْعَالَمِينَ الْعُلْوِيِّ وَالسُّفْلِيِّ جَمِيعًا!".

 

والصَّلاةُ مِنَ اللهِ على النَّبِي -صلى الله عليه وسلم- هِيَ ثَنَاؤُهُ عَلَيْهِ في المَلأ الأَعْلَى، وَأَمَّا صَلَاةُ المَلَائِكَةِ والمُؤْمِنِيْن؛ فَهِيَ دُعَاءُ الِله، بِأَنْ يُثْنِيَ عَلَى النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- في المَلَأِ الأَعْلَى.

 

ومَعْنَى السَّلامُ عَلَيْهِ -صلى الله عليه وسلم- فَهُوَ الدُّعَاءُ لَهُ بِالسَّلامَةِ مِنْ كُلِّ آفَة! وهذا شَامِلٌ لِسَلَامَةِ بَدَنِهِ في حَيَاتِهِ وبَعْدَ مَمَاتِه، وَسَلَامَةِ دِيْنِهِ وَشَرْعِه، وسَلامَتِهِ مِنْ أَهْوَالِ القِيَامَة.

 

والصَّلاةُ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ كالجَنَاحِ لِلدُّعَاء، يَصْعَدُ بِهِ إلى عَنَانِ السَّمَاء! فَيُصَلِّي عَلَيْهِ فِي أَوَّلِ الدُّعَاءِ وَآخِرِه، وَيجْعَلَ حَاجَتَهُ مُتَوَسِّطَةً بَيْنَهُمَا.

 

وَفِي الحَدِيث: "إِذَا صَلَّى أَحَدُكُمْ فَلْيَبْدَأْ بِتَحْمِيدِ اللَّهِ، وَالثَّنَاءِ عَلَيْهِ، ثُمَّ لْيُصَلِّ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ لْيَدْعُ بَعْدُ بِمَا شَاءَ"(رواه أبو داود والترمذي، وصححه الألباني).

 

يَقُوْلُ أَبَو سُلَيْمَانَ الدَّارَانِي: "مَنْ أَرَادَ أَنْ يَسْأَلَ اللهَ فَلْيَبْدَأْ بِالصَّلَاةِ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، وَلْيَسْأَلْ حَاجَتَه، وَلْيَخْتِمْ بِالصَّلَاةِ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ فَإِنَّ الصَّلَاةَ على النَّبِيِّ مَقْبُولَة، وَاللهُ أَكْرَمُ أَنْ يَرُدَّ مَا بَيْنَهُمَا!".

 

قال ابنُ القَيِّم: "مُفْتَاحُ الدُّعَاءِ الصَّلَاةُ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، كَمَا أَنَّ مِفْتَاحَ الصَّلَاةِ الطُّهُور".

 

وَمَنْ أَكْثَرَ الصَّلاةَ على النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كُفِيَ هَمّهُ، وَغُفِرَ ذَنْبُه؛ فَعَنْ أُبَيِّ بْنِ كَعْبٍ رَضِيَ اللهُ عَنْهُ قال: "يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِنِّي أُكْثِرُ الصَّلَاةَ عَلَيْكَ، فَكَمْ أَجْعَلُ لَكَ مِنْ صَلَاتِي؟ -أَيْ: مِنْ دُعَائِي الَّذِي أَدْعُو بِهِ لِنَفْسِي-، فَقَالَ: "مَا شِئْتَ!" قُلْتُ: الرُّبُعَ!. قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ!". قُلْتُ: النِّصْفَ؟. قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ!". قُلْتُ: فَالثُّلُثَيْنِ؟. قَالَ: "مَا شِئْتَ، فَإِنْ زِدْتَ فَهُوَ خَيْرٌ لَكَ!". قُلْتُ: أَجْعَلُ لَكَ صَلَاتِي كُلَّهَا؟. قَالَ: "إِذًا تُكْفَى هَمَّكَ، وَيُغْفَرُ لَكَ ذَنْبُكَ!"(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

 

وَأَقْرَبُ النَّاسِ، وَأَحَقُّهُمْ بِشَفَاعَةِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أَكْثَرُهُمْ صَلاةً عَلَيْه! وَكُلَّمَا زِدْتَ في الصَّلَاةِ عَلَيْه؛ زِدْتَ مَحَبَّةً للرَّسُولِ، وَقُرْبًا مِنْه؛ فَإِنَّ مَنْ أَكْثَرَ مِنْ ذِكْرِ شَيءٍ أَحَبَّه! قَالَ -صلى الله عليه وسلم-: "أَوْلَى النَّاسِ بِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ؛ أَكْثَرُهُمْ عَلَيَّ صَلَاةً"(رواه الترمذي، وحسنه الألباني).

 

وَيَوْمُ الجُمُعَةِ سَيِّدُ الأَيَّام، وَرَسُولُ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- سَيِّدُ الأَنَام؛ فَلِلصَّلَاةِ عَلَيْهِ فِي هَذَا الْيَوْمِ، مَزِيَّةٌ لَيْسَتْ لِغَيْرِهِ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أَكْثِرُوا الصَّلَاةَ عَلَيَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَيْلَةَ الْجُمُعَةِ"(أخرجه البيهقي في السنن الكبرى، وحسنه الألباني).

 

والصَّلاةُ على النَّبِيِّ زِيْنَةُ المَجَالِس؛ فَهِيَ تَجْلِبُ لَهَا البَرَكَة، وَتَدْفَعُ عَنْهَا الحَسْرَة! قال -صلى الله عليه وسلم-: "مَا جَلَسَ قَوْمٌ مَجْلِسًا لَمْ يَذْكُرُوا اللَّهَ فِيهِ، وَلَمْ يُصَلُّوا عَلَى نَبِيِّهِمْ؛ إِلَّا كَانَ عَلَيْهِمْ تِرَةً -يَعْنِي حَسْرَةً-: فَإِنْ شَاءَ عَذَّبَهُمْ، وَإِنْ شَاءَ غَفَرَ لَهُمْ"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

والْجَزَاءُ مِنْ جِنْسِ الْعَمَل؛ فَإِذَا صَلَّى العَبْدُ على رَسُولِ الله جَزَاهُ اللهُ بِأَنْ يُثْنِيَ عَلَيْهِ، وَيزِيدَ تَشْرِيْفَهُ وَتَكْرِيْمَه؛ فَفِي الحَدِيث: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً؛ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رواه مسلم).

 

قالَ ابْنُ عُثَيْمِين: "يَعْنِي: إِذَا قُلْتَ: اللَّهُمَّ صِلِّ على مُحَمَّد؛ أَثْنَى الُله عَلَيْكَ في المَلَأِ الأَعْلَى عَشْرَ مَرَّات!".

 

وَتُعْرَضُ أَسْمَاءُ المُصَلِّيْنَ على سَيِّدِ العَالَمِيْن! وَكَفَى بِذَلِكَ شَرَفًا، قال -صلى الله عليه وسلم-: "فَأَكْثِرُوا عَلَيَّ مِنْ الصَّلَاةِ؛ فَإِنَّ صَلَاتَكُمْ مَعْرُوضَةٌ عَلَيَّ"(رواه أبو داود، وصححه الألباني).

 

وَمَنْ ذُكِرَ عِنْدَهُ النَّبِيُّ -صلى الله عليه وسلم- وَلَمْ يُصَلِّ عَلَيْهِ؛ اسْتَحَقَّ أَنْ يُذِلَّهُ الله، ويُلْصَقَ أَنْفُهُ بالتُّرَاب!  قال -صلى الله عليه وسلم-: "رَغِمَ أَنْفُ رَجُلٍ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ؛ فَلَمْ يُصَلِّ عَلَيَّ!"(رواه الترمذي، وصححه الألباني).

 

 

الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

عِبَادَ الله: الصَّلاةُ عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-؛ أَدَاءٌ لأَقَلِّ القَلِيلِ مِنْ حَقِّه، وَمَنْ امْتَنَعَ عَنْ بَذْلِ القَلِيل؛ اسْتَحَقَّ وَصْفَ البَخِيْل، قال -صلى الله عليه وسلم-: "الْبَخِيلُ: مَنْ ذُكِرْتُ عِنْدَهُ، ثُمَّ لَمْ يُصَلِّ عَلَيّ"(رواه أحمد، وصححه الألباني).

 

قالَ ابنُ القَيِّم: "الْأَمْرُ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ: فِي مُقَابلَةِ إِحْسَانِهِ إِلَى الْأُمَّة، وَمَا حَصَلَ بِبَرَكَتِهِ مِنْ سَعَادَةِ الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ؛ بَلْ لَوْ صَلَّى عَلَيْهِ بِعَدَدِ أَنْفَاسِهِ؛ لَمْ يَكُنْ مُوْفِيًا لِحَقِّهِ! فَجُعِلَ ضَابِطُ شُكْرِ هَذِهِ النِّعْمَة؛ بِالصَّلَاةِ عَلَيْهِ عِنْدَ ذِكْرِ اسْمِهِ -صلى الله عليه وسلم-".

 

المرفقات

صلوا عليه.doc

صلوا عليه.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات