صبرا فلسطين (3)

ناصر بن محمد الأحمد

2015-04-09 - 1436/06/20
عناصر الخطبة
1/توضيح بعض المصطلحات المتعلقة بفلسطين والآثار السلبية لتلك المصطلحات 2/حقيقة \"حزب الله\" اللبناني 3/بشرى نبوية متعلقة بمصير دولة إسرائيل 4/بعض عوامل احتلال اليهود لفلسطين 5/بعض الصور البطولية للمسلمين عبر التاريخ 6/حديث القرآن عن اليهود 7/فلسطين أم القضايا 8/توضيح وبيان حقيقة مؤتمر القمة في شرم الشيخ

اقتباس

أيها المسلمون: وكلما أراد الخطيب أن يتحدث في موضوع آخر، تجده مضطراً للحديث عن ما يجري على أرض فلسطين، وكيف يتحدث الخطيب عن قضية أخرى والأحداث ما تزال مشتعلة ودامية على أرض الإسراء والمعراج، وهو في الأصل موضوع واسع ومتشعب، ويمكن أن يُتناول من عدد من الزوايا؟ وسيكون حديثنا في هذه الجمعة عن حقائق ينبغي أن توضح، ومفاهيم ينبغي أن تصحح، حول...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

أيها المسلمون: وكلما أراد الخطيب أن يتحدث في موضوع آخر، تجده مضطراً للحديث عن ما يجري على أرض فلسطين، وكيف يتحدث الخطيب عن قضية أخرى والأحداث ما تزال مشتعلة ودامية على أرض الإسراء والمعراج، وهو في الأصل موضوع واسع ومتشعب، ويمكن أن يُتناول من عدد من الزوايا؟

 

وسيكون حديثنا في هذه الجمعة عن حقائق ينبغي أن توضح، ومفاهيم ينبغي أن تصحح، حول الصراع الإسلامي اليهودي الإسرائيلي، على مقدسات المسلمين، وسنوجزها في عشرة نقاط:

 

أولاً: كثيراً منا يطلق مصطلح: "القضية الفلسطينية" تبعاً لوسائل الإعلام، وفي هذا تشويه مقصود، وهو حصر القضية في الشعب الفلسطيني.

 

فتجدك -أيها المسلم- ومع مرور الوقت، وترديد الإعلام لهذا المصطلح أنك قد اقتنعت بطريقة مباشرة أو غير مباشرة أن القضية تهم الفلسطينيين وحدهم.

 

وهذا تشويه مقصود، فالقضية إسلامية، والقدس غير خاص للفلسطينيين، كما أن الكعبة غير خاصة لسكان الجزيرة، فالأماكن المقدسة هي للمسلمين جميعاً، وقضية القدس قضية إسلامية، وما هذا المصطلح إلا أثر من آثار تمزيق الأمة إلى دويلات.

 

ثانياً: ومثله مصطلح: "الانتفاضة"، وهذا أيضاً مصطلح مقصود نشره، وقد تقبله عدد من المسلمين أيضاً تبعاً لوسائل الإعلام، وفي هذا تغييب للفظ الشرعي، وهو الجهاد في سبيل الله، وكلمة الجهاد لا يرادف لفظة الانتفاضة لا لغةً ولا شرعاً.

 

وإن من الآثار السلبية التي حصلت من تمرير هذه الكلمة، وهو مقصود عدة أمور، منها: عماية الراية، حتى انخدع بعض المسلمين بكل من دخل تحت هذه الراية بحجة الانتفاضة، سواءً كان علمانياً أو قومياً، أو حتى لو كان من أحد الفرق الباطنية؛ لأن كل هؤلاء يجمعهم مصطلح الانتفاضة.

 

أما كلمة الجهاد، فلا أحد يقاتل تحت رايته إلا المسلمون الخلّص من أهل السنة.

 

ومن آثارها السلبية: انخداع عدد غير قليل من المسلمين بمنظمة التحرير، وجمع التبرعات لهم؛ لأنهم ممن يدعون أنهم يحملون راية الانتفاضة.

 

وهذا المصطلح يشملهم، ولا يمكن لمنظمة التحرير أن تدعي الجهاد، كيف وقد أعلن رئيسها في غير ما مناسبة أنه سيقيم دولة علمانية على أرض فلسطين؟!

 

ثالثاً: انخداع جماهير من المسلمين بـ "حزب الله" وهو حزب باطني مبتدع، وبعض بدعه كفرية مخرجة من الملة، ولا يمكن، بل يستحيل أن يأتي نصر الله -عز وجل- للمسلمين عن طريق حزب باطني مبتدع، فإن من المسلمات عندنا ومن عقيدتنا: أن الله لا ينصر إلا حزبه وأوليائه، لا ينصر إلا مؤمنين صادقين، إذا كان نصر الله يتأخر بسبب المعاصي كما حصل للمسلمين في غير ما معركة مع أعدائهم، كغزوة أحد مثلاً، فكيف يأتي النصر مع البدع والشرك والخرافة؟

 

فالمسألة -يا عباد الله- دين، وليست عواطف وادعاءات.

 

وقد نفرح نحن أحياناً ببعض المكاسب التي تتحقق على أيدى جنود حزب الله، كقتلهم لبعض اليهود، أو أسر بعضهم، فهذ الفرح -أيها الأحبة- ينبغي أن يكون من جهة ما وقع على اليهود لا من جهة تأييد أو نصر لهذا الحزب الباطني.

 

رابعاً: في حديث حسن رواه البزار عن نهيك ابن صريم قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "كيف بكم إذا لقيتم يهود؟ على نهر الأردن! أنتم شرقيه! وهم غربيه!" قال الراوي: ما كنت أعلم ما الأردن حينئذ!.

 

إن هذا الحديث يحمل من البشرى ما يحمل، وهو أن ما يسمى بدولة إسرائيل لن تتمدد عن حجمها الحالي بإذن الله -عز وجل-، ثم ببشرى هذا الحديث، وإن كان مخطط اليهود هو إقامة دولة إسرائيل الكبرى، لكن بالتأمل في هذا الحديث تلاحظ أن المعركة الأخيرة مع اليهود ستكون على نهر الأردن نحن شرقيه وهو غربيه، مما يدل على عدم توسع اليهود في الأراضي على ما هم عليه الآن، وأن تجمع اليهود في فلسطين إنما هو تجمع الخراف في حضيرة الجزّار ليقتلهم المسلمون، حتى يقول الحجر والشجر: يا مسلم، يا عبدالله، هذا يهودي ورائي تعال فاقتله.

 

خامساً: إن وجود اليهود الآن على الأراضي المقدسة إنما هو بحبل من الله، وحبل من الناس؛ كما قال الله –سبحانه-: (ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ أَيْنَ مَا ثُقِفُواْ إِلاَّ بِحَبْلٍ مِّنْ اللّهِ وَحَبْلٍ مِّنَ النَّاسِ) [آل عمران: 112].

 

وحبل الله -جل وتعالى- هو قدره النافذ، وحكمته البالغة ومشيئته بأن يكون لليهود وجود على هذه البقعة من الأرض.

 

أما الحبل من الناس، فهي  بعض الحبال البشرية التي تمكن لليهود، فمنها:

 

1- الحبل الأوروبي: فقد كان لأوروبا دور كبير في تمكين اليهود على أرض فلسطين منذ نهاية القرن التاسع عشر وبداية القرن العشرين، حيث قضوا على الخلافة الإسلامية في تركيا، وقسَّمت اتفاقية "سايكس بيكو" البلاد إلى دول، وأقطار مستعمرة، وتعهدت إنجلترا بإقامة وطن يهودي على أرض فلسطين، فأصدر وزير خارجيتهم بلفور، وعده المشئوم لليهود، وامتد الحبل الإنجليزي واشتد حتى أقام اليهود ما يسمى بدولة " إسرائيل"  وما زال هذا الحبل ممتداً إضافة إلى حبال الدول الأوروبية الأخرى.

 

2- الحبل الأمريكي: عمل اليهود على تأمين حبال أخرى لهم بجانب الحبل الأوروبي خشية ضعفه أو انقطاعه لمعرفتهم بعجزهم بدون هذه الحبال، فأوجدوا الحبل الأمريكي الذي يمدهم بكل شيء، ويتعامل معهم وكأنهم ولاية أمريكية، وسيأتي مزيد بيان لهذا الحبل.

 

3- الحبل الروسي: إن الشيوعية صناعة يهودية، وأيدي اليهود في روسيا ودول أوروبا الشرقية والاتحاد السوفيتي السابق واضحة، وقد تمثل هذا الحبل في اعترافهم بإسرائيل، وبقدوم مئات الآلاف من اليهود من تلك البلاد للاستيطان في فلسطين المحتلة.

 

4- الحبل العربي: ويتمثل بحالة الانهزامية التي تسود العالم العربي، وبهرولة الكثيرين نحو الاستسلام لليهود، والجلوس معهم على موائد، ومفاوضات ما يسمى ب"السلام".

 

إن جميع هذه الحبال ستتقطع بإذن الله ،وسيعود المسلمون إلى دينهم، وسينتصرون على اليهود ويومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله: (إِنَّهُمْ يَرَوْنَهُ بَعِيدًا * وَنَرَاهُ قَرِيبًا) [المعارج: 6 - 7].

 

سادساً: الولايات المتحدة الأمريكية من أكثر الدول دعماً لليهود، حقيقة تاريخية ثابتة، وواقع مشاهد ناطق.

 

فبعد إعلان وعد بلفور عام 1917م، سارع الرئيس الأمريكي "ولسون" بمباركة ذلك الوعد، وبعث برسالة إلى زعيم الصهيونية الأمريكية يصادق فيها بشكل رسمي على وعد بلفور، على الرغم من تحفظات وزير خارجيته لاعتبارات سياسية آنذاك.

 

وفي عام 1922م، وافق مجلسا الشيوخ والكونجرس رسمياً على وعد بلفور.

 

وبعد إعلان قيام دولة إسرائيل عام 48م، أعلن الرئيس الأمريكي في وقتها "هاري ترومان" اعترافه بهذه الدولة الوليدة قبل أن تطلب منه إسرائيل ذلك رسمياً.

 

ثم بادرت الولايات المتحدة بتقديم منحة مالية لإسرائيل قدرها مئة مليون دولار، وهي تعادل ميزانية مصر والعراق ودول بلاد الشام مجتمعة في ذلك الوقت.

 

ثم أخذت أمريكا تمارس ضغوطاً كبيرة على الدول المختلفة لتعلن اعترافها ودعمها لدولة إسرائيل.

 

وتتابع الدعم الأمريكي لتثبيت الوجود اليهودي في فلسطين، حتى إن الرئيس "ريتشارد نيكسون" صرح قائلاً: "إن التزامنا ببقاء إسرائيل التزام عميق، فنحن لسنا حلفاء رسميين، وإنما يربطنا معاً شيء أقوى من أي قصاصة ورق، إنه التزام معنوي، إنه التزام لم يخلّ به أي رئيس في الماضي أبداً، وسيفي به كل رئيس في المستقبل بإخلاص، إن أمريكا لن تسمح أبداً لأعداء إسرائيل الذين أقسموا على النيل منها بتحقيق هدفهم في تدميرها".

 

ثم جاء بعده "جيمي كارتر " ليقف أمام الكنيست الإسرائيلي ليقول: "لقد جسّد من سبقني من الرؤساء الأمريكيين الإيمان حين جعلوا من العلاقات بين الولايات المتحدة وإسرائيل أكثر العلاقات خصوصية، إنها علاقات فريدة؛ لأنها متأصلة في ضمير الشعب الأمريكي وفي أخلاقه وفي دينه وفي معتقداته".

 

وها هو الرئيس الحالي يعلن مراراً أنه لن يخذل إسرائيل أبداً.

 

بل إن المرشحين الجدد للرئاسة الأمريكية القادمة يتنافسان في إعلان الولاء لإسرائيل، فالمرشح الجمهوري "جورج بوش الابن" وعد بنقل السفارة الأمريكية من تل أبيب إلى القدس عقب انتخابه رئيساً للولايات المتحدة، وقال: "سيحدث شيء ما عندما أُصبح رئيساً، فبمجرد أن أتولى المنصب سأبدأ عملية نقل السفير الأمريكي إلى المدينة التي اختارتها إسرائيل عاصمة لها".

 

أما المرشح الديمقراطي، فقد فاجأ الجميع بترشيحه -للسناتور جوزف- لمقعد نائب الرئيس، وقال في لقاء مع عدد من قادة اليهود الأمريكيين: "إن رغباتكم وتطلعاتكم هي رغباتي وتطلعاتي".

 

كل هذه الدلائل تؤكد الانحياز الأعمى والدعم غير المحدود من أمريكا لإسرائيل، ومن ثمّ فإن الراعي الأمريكي لمفاوضات السلام لا يمكن أن يظهر بمظهر المتجرد الباحث عن حل عادل.

 

وتعجب أشد العجب من غفلة أو تغافل أولئك المتهافتين على "السلام" من أدعياء العروبة، تهافت الجراد على النار المحرقة، وهم يرون هذه الحقائق ماثلة بين أيديهم عياناً بياناً لا تشوبها شائبة، وصدق الله -جل جلاله- إذ يقول: (أَفَلَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَتَكُونَ لَهُمْ قُلُوبٌ يَعْقِلُونَ بِهَا أَوْ آذَانٌ يَسْمَعُونَ بِهَا فَإِنَّهَا لَا تَعْمَى الْأَبْصَارُ وَلَكِن تَعْمَى الْقُلُوبُ الَّتِي فِي الصُّدُورِ) [الحـج: 46].

 

سابعاً: ما يزال وسيزال الخير موجوداً في هذه الأمة، وهذه أمة كما ذكرنا مراراً أمة ولود، وستُظهر هذه الأحداث بطولات ونماذج كما أوجدت أحوال الأمة في الماضي نماذج وبطولات.

 

نشرت أحد الصحف المحلية هذا الخبر[الوطن 16/7/1421هـ]: فوجئت أسرة الطفل أحمد محمد عبدالحميد شعراوي، وعمر 12 سنة، باختفاء ابنهم الوحيد عقب عودته من مدرسته بحي مصر الجديدة شرق القاهرة، وفشلت كافة الجهود لمعرفة مكانه إلى أن أخبرهم أحد أصدقائه: بأن أحمد كان يعاني من حالة نفسية سيئة منذ رؤيته لمقتل الطفل محمد الدرة، وأنه كان يفكر في السفر إلى فلسطين للانضمام إلى أطفال الحجارة.

 

الأب يعمل مهندساً، أبلغ الجهات الأمنية المختصة التي بدأت جهودها لكشف ملابسات الموضوع، وبالفعل عثر على الطفل عند منفذ رفح الحدودي بين مصر وفلسطين أثناء محاولته العبور لتنفيذ أمنيته.

 

ثامناً: كم عدد الآيات في كتاب الله -جل وعز- التي تتحدث عن اليهود في مقابل الآيات التي تتحدث عن النصارى؟! الفرق كبير.

 

ماذا كان شعور المسلم الذي عاش في القرن السادس أو السابع أو حتى الثامن الهجري، وكان يشاهد غزوات الصليبيين النصارى تأتي الواحدة تلو الأخرى، حتى بلغت نحو عشر حملات صليبية، في الوقت الذي لم يكن لليهود وجود يذكر، وليست لهم دولة في العالم، كان المسلم يجد هذا الحشد الهائل من الآيات في شأن اليهود، في حين أن النصارى الذين كان المسلمون يعانون منهم في ذلك الوقت لا يوجد هذا التفصيل في شأنهم، فما هو السر في ذلك؟

 

الجواب -والله أعلم-: أن القرآن لم ينـزل لعصر معين، وإنما نزل لجميع العصور، وفي هذا إشارة ربانية عظيمة إلى أن الحرب والصراع مع اليهود صراع أزلي، وأن اليهود هم أشد الأعداء لهذه الأمة، كما قال سبحانه وتعالى: (لَتَجِدَنَّ أَشَدَّ النَّاسِ عَدَاوَةً لِّلَّذِينَ آمَنُواْ الْيَهُودَ وَالَّذِينَ أَشْرَكُواْ) [المائدة: 82].

 

فاليهود أشد عداوة من النصارى ومن المشركين، ومن جميع أمم الأرض.

 

ويكفيك أن تعرف أن المنافقين على خطورتهم وشدة ضررهم أنهم مجرد سيئة من سيئات اليهود، هم الذين ابتدعوها وابتكروها وبدأوها في المدينة ثم نُسج على منوالهم غيرهم.

 

إن صراعنا مع اليهود ليس صراعاً مؤقتاً ولا سهلاً، بل هو صراع طويل، ولذلك كان من المهم التعرف على خصالهم وخلالهم؛ لأنك إذا لم تعرف عدوك، فإنك لا تستطيع أن تواجهه بشكل جيد، ولهذا كان من أفضل البحوث والدراسات والجهود تلك الأعمال العلمية التي تستهدف كشف شخصيات اليهود، وتحليل نفسياتهم، ومعرفة أبعادهم وأهدافهم ومراميهم؛ لأنك إذا استطعت أن تعرف عدوك معرفة صحيحة استطعت أن تتوقع ما يأتيك منه، وأن تعرف كيف يفكر، وكيف يخطط.

 

من الأشياء التي وقف عندها عدد من المفسرين: أن الله -سبحانه وتعالى- كان يخاطب اليهود الموجودين في عهد الرسول -صلى الله عليه وسلم- ويعاتبهم ويوبخهم على أشياء عملها أجدادهم من اليهود، فبنو قريظة وبنو قينقاع وبنو النظير الذين كانوا موجودين في زمن النبوة كان ينـزل القرآن، فيقول: (وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ وَرَفَعْنَا فَوْقَكُمُ الطُّورَ) [البقرة: 63].

 

(وَإِذْ أَخَذْنَا مِيثَاقَكُمْ لاَ تَسْفِكُونَ دِمَاءكُمْ) [البقرة: 84].

 

(ثُمَّ أَنتُمْ هَؤُلاء تَقْتُلُونَ أَنفُسَكُمْ وَتُخْرِجُونَ فَرِيقاً مِّنكُم مِّن دِيَارِهِمْ تَظَاهَرُونَ عَلَيْهِم بِالإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ) [البقرة: 85].

 

وغيرها من الآيات التي يخاطب الله -جل جلاله- فيها الأحفاد بجرائم الأجداد، ونحن نعرف أن الله لا يظلم الناس شيئاً، ولا يأخذ أحداً بجريرة غيره، لا يؤخذ والد بولده، ولا يؤخذ ولد بأبيه، فما هو السر في الخطاب الرباني لليهود بالذات بهذه الصيغة؟

 

السر -والله تعالى أعلم- تعليم الأمة الإسلامية أن الشريحة اليهودية أو الجنس اليهودي له مجموعة خصائص وصفات، تسري فيهم وهي موجودة في نفسياتهم وفي تركيبهم، وهذه الخصائص تتوارثها أجيالهم جيلاً بعد جيل، وكابراً بعد كابر، ولذلك اللهُ يخاطب اللاحقين بجرائم السابقين إشارة أنهم على هذا المنوال ينسجون، وعلى هذا الطريق يسيرون.

 

إذن، هناك مجموعة خصائص جماعية اجتماعية فطرية عامة مشتركة لهذا الشعب يتوارثونها ويتناقلونها، ويحافظون عليها كما يحافظون على سلالاتهم، وكما يحافظون على موروثاتهم الأخرى، فهذا سر -والله تعالى أعلم- من أسرار الخطاب الإلهي لبني إسرائيل بهذا الأسلوب.

 

نفعني الله وإياكم ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله...

 

أما بعد:

 

تاسعاً: إن قضية فلسطين هي أم القضايا، بل إن فلسطين هي المؤشر على القوة العالمية المهيمنة عبر التاريخ البشري، فالذي يحكم فلسطين هو الذي يحكم العالم، فيوم حكم الرومان فلسطين حكموا العالم، ويوم حكم المسلمون فلسطين حكموا العالم، ويوم حكم اليهود فلسطين حكموا العالم عبر الولايات المتحدة الأمريكية، ويوم يعود المسلمون ليحكموا فلسطين وهو يوم قادم لا نشك في ذلك بخبر الصادق المصدوق، فسيحكمون العالم: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولن يبقى بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين بعز عزيز أو بذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله".

 

عاشراً: مؤتمر القمة في شرم الشيخ؛ أوراقه مكشوفة قبل أن يعقد.

 

وإن من أجمل ما قيل في ذلكم الاجتماع المخزي، قول ذلك الشاعر واصفاً المؤتمر بقوله:

وقع الخطر نطق الحجر... فر البقر للمؤتمر... بعض البقر شبعان قد أمن الخطر... نعسان في ظل الشجر... وحليبه يجري لمن يرعى البقر... جاموسهم نادى لعقد المؤتمر... جاسوسهم نشر الخبر كل الخبر... حتى الصور أرسل لهم راعي البقر... أنشوطةً شمطاء تنذر بالخطر...
صاح المناضل لا و لن أرضى الغرر... لما أُنتقص؟ لما أُحتقر؟ أين المفر؟... قالت لهُ لا لن تفر أغلقت أبوابها... وبقبلةٍ لان الحجر... ثور تمرد واندحر... وبقبلةٍ لان الحجر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... ومن البقر ثور هدر... يضرب برجليه الحجر... قد كبلتهُ خطيئة فيها عبر لمن اعتبر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... أنت الذي خدعوه حتى طاح في أعمق حفر... نشروا أمامك راية حمراء يتبعها البقر... واستدرجوك بقولهم "هذه شؤون للبقر فتناطحوا وتصارعوا وعلينا تجميع الصور" عمي البصر... ففعلت فعلتك التي لا تغتفر... ووقعت في فخ الرعاة ولاة أمرك والبقر... فتناهبتك سهامهم وقسيهم وعصيهم حتى قضوا منكم وطر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... ومن البقر ثور مدلل لم يجد إلا أباه ليفضحه بين البشر... ماذا كسب؟ ماذا خسر؟... خسر الجميع فارتمى في حضن شذاذ البشر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... ومن البقر بقر صغار ساذج يؤذي النظر... ورثوا المرابض و الحفر... ورثوا الطواحين التي قد شادها راعي البقر... طحنوا البشر... طحنوا المفكر والفكَر... طحنوا العبي مع الغتر... طحنوا وما زالوا ولم يصلوا لإرضاء الذي يرعى البقر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... ومن البقر بقر عجاف عضهن الجوع في روض خضر... قد كادهم راعي البقر... أهدي لهم منظار يخدع من نظر... فترى الغذاء هو الخطر وتدوسه أقدامها عار عليكم يا بشر... من يخلع المنظار عن عين البقر... والجحش ينهق مادحاً وملوناً لهم الصور... والثور ما كذّب خبر... أغدق على الجحش الدرر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... ومن البقر شيخ المخافر والغفر... قلبه من الحب انفطر... فانهالت القبلات والريق انتثر... تقبيله فن وفن محتكر... منه انطلق فيروس تجنين البقر...
في المؤتمر قالوا له أوقف صواريخ الحجر... لا تطلب التحقيق فأنين من القيتهم وسط الحفر... سيقودهم فوراً لتفتيش الحفر... إياك تخطي يا بقر...نحن وأنت والشريكة في خطر... شيخ الخور أعاد النظر...صدرت أوامره بإيقاف الحجر...
سبحان ربي إن هذا الثور من ذاك البقر... يا من إذا انتفضوا غدر... اصمت فقد نطق الحجر... اصمت فإن الناس قد سئموا التفاوض مع بقر... اربض فلست المنتظر... اربض فأنت المحتقر...
لا لن يعيد القدس شذاذ البشر... يا أمتي نطق الحجر... لا تسكتوه بمؤتمر... يا ربي دمعي منهمر... وأخي دمائه تنهمر... وعدونا يرعى البقر... والوعد وعدك ننتظر...
فارحم أيا رباه أمة أحمد واقصم ظهور الغاصبين ومن بقدسك يتجر...

 

اللهم أنزل لعناتك على اليهود إخوان القردة والخنازير.

 

اللهم طهر المسجد الأقصى من رجس اليهود، اللهم انتقم لنا من يهود، اللهم عليك بمن والاهم وآزرهم وستر عليهم، اللهم مزقهم كل ممزق، اللهم لا ترفع لهم راية، واجعلهم لمن خلفه آية.

 

اللهم ارزقنا صلاة في المسجد الأقصى قبل الممات.

 

 

المرفقات

فلسطين (3)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات