سيد البشرية صلى الله عليه وسلم

ملتقى الخطباء - الفريق العلمي

2022-07-08 - 1443/12/09 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/تأملات في أحوال النبي صلى الله عليه وسلم2/بعض شمائل رسول الله ومناقبه 3/وجوب الإيمان به ومحبته وطاعته واتباعه 4/قصة القسيس والكلب!! 5/من جوانب العظمة النبوية.

اقتباس

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ، قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ...

الْخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَهْدِيهِ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَهُوَ الْمُهْتَدِ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَنْ تَجِدَ لَهُ وَلِيًّا مُرْشِدًا، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَتَابِعِيهِمْ بِإِحْسَانٍ، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الأحزاب:70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: الْيَوْمَ لَنْ أُخْفِيَ مَوْضُوعَ خُطْبَتِي؛ فَمَنْ سَأَتَحَدَّثُ عَنْهُ لَنْ يَنْقَطِعَ الشَّوْقُ إِلَيْهِ، حَتَّى نُصَافِحَ كَفَّهُ الطَّاهِرَ، وَنَسْعَدَ بِرُؤْيَةِ وَجْهِهِ الْمُشْرِقِ.

 

مَنْ سَأَتَحَدَّثُ عَنْهُ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَخْفَى عَلَى أَحَدٍ، وَهَلْ بِالْإِمْكَانِ إِخْفَاءُ الْبَدْرِ فِي السَّمَاءِ؟! وَمَنْ يَسْتَطِيعُ مِنَ الْبَشَرِ حَجْبَ ضَوْءِ الْقَمَرِ وَقَدْ أَنَارَ الدُّنْيَا؟! إِنَّهُ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 

لَيْسَ زَعِيمًا سِيَاسِيًّا أَقَامَ دَوْلَةً فِي زَاوِيَةٍ مِنْ زَوَايَا الْأَرْضِ، لَيْسَ قَائِدًا عَسْكَرِيًّا أَدْهَشَ الْبَشَرَ بِشَجَاعَتِهِ وَقِيَادَتِهِ، لَيْسَ خَلِيفَةً مِنَ الْخُلَفَاءِ وَأَمِيرًا مِنَ الْأُمَرَاءِ لَهُ جُنُودٌ وَحُشُودٌ، لَيْسَ شَاعِرًا هَجَّاءً وَلَا مُتَكَلِّمًا وَلَا خَطِيبًا يَسْحَرُ الْعُقُولَ وَالْأَفْكَارَ، لَيْسَ شَيْخًا أَحْبَبْنَاهُ، وَلَا أَبًا عَظَّمْنَاهُ، إِنَّهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ (مَّا كَانَ مُحَمَّدٌ أَبَا أَحَدٍ مِّن رِّجَالِكُمْ وَلَكِن رَّسُولَ اللَّهِ وَخَاتَمَ النَّبِيِّينَ وَكَانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمًا)[الأحزاب:40]، مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ لَمْ يَكُنْ لِقَبِيلَةٍ مِنَ الْقَبَائِلِ، وَلَا لِلَوْنٍ مِنَ الْأَلْوَانِ، وَلَا لِلِسَانٍ مِنَ الْأَلْسُنِ، بَلْ جَاءَ رَسُولًا لِلْعَالَمِينَ؛ (وَمَا أَرْسَلْنَاكَ إِلَّا رَحْمَةً لِّلْعَالَمِينَ)[الأنبياء:107].

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ عَقِمَتْ أَرْحَامُ النِّسَاءِ أَنْ تَأْتِيَ بِمِثْلِهِ، وَقَصُرَتْ أَخْلَاقُ الْبَشَرِ عَنْ مُحَاكَاةِ خُلُقِهِ؛ (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[القلم:4].

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ لَيْسَ كَبَاقِي الْخَلْقِ، مَنْ أَطَاعَهُ أَطَاعَ اللهَ؛ (مَّنْ يُطِعِ الرَّسُولَ فَقَدْ أَطَاعَ اللهَ وَمَن تَوَلَّى فَمَا أَرْسَلْنَاكَ عَلَيْهِمْ حَفِيظًا)[النساء:80].

 

مَنْ أَطَاعَهُ دَخَلَ الْجَنَّةَ؛ (وَمَن يُطِعِ اللهَ وَالرَّسُولَ فَأُوْلَئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللهُ عَلَيْهِم مِّنَ النَّبِيِّينَ وَالصِّدِّيقِينَ وَالشُّهَدَاء وَالصَّالِحِينَ وَحَسُنَ أُولَئِكَ رَفِيقًا)[النساء:69].

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، لَا إِيمَانَ إِلَّا بِالتَّسْلِيمِ لِحُكْمِهِ؛ (فَلاَ وَرَبِّكَ لاَ يُؤْمِنُونَ حَتَّىَ يُحَكِّمُوكَ فِيمَا شَجَرَ بَيْنَهُمْ ثُمَّ لاَ يَجِدُواْ فِي أَنفُسِهِمْ حَرَجًا مِّمَّا قَضَيْتَ وَيُسَلِّمُواْ تَسْلِيمًا)[النساء:65].

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، وَيْلٌ لِمَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ؛ (فَلْيَحْذَرِ الَّذِينَ يُخَالِفُونَ عَنْ أَمْرِهِ أَن تُصِيبَهُمْ فِتْنَةٌ أَوْ يُصِيبَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ)[النور:63].

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ يَنْشَقُّ عَنْهُ الْقَبْرُ، وَأَوَّلُ شَافِعٍ وَمُشَفَّعٍ، قَالَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ-: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلَا فَخْرَ، وَبِيَدِي لِوَاءُ الْحَمْدِ وَلَا فَخْرَ، وَمَا مِنْ نَبِيٍّ يَوْمَئِذٍ؛ آدَمَ فَمَنْ سِوَاهُ إِلَّا تَحْتَ لِوَائِي، وَأَنَا أَوَّلُ شَافِعٍ وَأَوَّلُ مُشَفَّعٍ وَلَا فَخْرَ".

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، صَاحِبُ الْحَوْضِ الْمَوْرُودِ، وَاللِّوَاءِ الْمَعْقُودِ، وَالْمَقَامِ الْمَحْمُودِ؛ (وَمِنَ اللَّيْلِ فَتَهَجَّدْ بِهِ نَافِلَةً لَّكَ عَسَى أَن يَبْعَثَكَ رَبُّكَ مَقَامًا مَّحْمُودًا)[الإسراء:79].

 

اصْطَفَاهُ اللهُ عَلَى الْعَالَمِينَ، وَرَفَعَ ذِكْرَهُ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ؛ (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ * وَوَضَعْنَا عَنكَ وِزْرَكَ * الَّذِي أَنقَضَ ظَهْرَكَ * وَرَفَعْنَا لَكَ ذِكْرَكَ)[الشرح: 1- 4].

 

آتَاهُ اللهُ مَا لَمْ يُؤْتِ أَحَدًا مِنَ الْمُرْسَلِينَ؛ (وَلَقَدْ آتَيْنَاكَ سَبْعًا مِّنَ الْمَثَانِي وَالْقُرْآنَ الْعَظِيمَ)[الحجر:87].

 

وَأَعْطَاهُ مَا تَمَيَّزَ بِهِ عَنِ الْخَلَائِقِ أَجْمَعِينَ؛ (إِنَّا أَعْطَيْنَاكَ الْكَوْثَرَ * فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ * إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ)[الكوثر: 1- 3].

 

عَرَجَ بِهِ إِلَى السَّمَاءِ، وَصَلَّى إِمَامًا بِالْأَنْبِيَاءِ؛ (سُبْحَانَ الَّذِي أَسْرَى بِعَبْدِهِ لَيْلًا مِّنَ الْمَسْجِدِ الْحَرَامِ إِلَى الْمَسْجِدِ الأَقْصَى الَّذِي بَارَكْنَا حَوْلَهُ لِنُرِيَهُ مِنْ آيَاتِنَا إِنَّهُ هُوَ السَّمِيعُ البَصِيرُ)[الإسراء:1].

 

أَسْرَى بِكَ اللهُ لَيْلًا إِذْ مَلَائِكُهُ *** وَالرُّسْلُ فِي الْمَسْجِدِ الْأَقْصَى عَلَى قَدَمِ

لَمَّا خَطَرْتَ بِهِ الْتَفُّوا بِسَيِّدِهِمْ *** كَالشُّهْبِ بِالْبَدْرِ أَوْ كَالْجُنْدِ بِالْعَلَمِ

حَتَّى بَلَغْتَ سَماءً لَا يُطَارُ لَهَا *** عَلَى جَنَاحٍ وَلَا يُسْعَى عَلَى قَدَمِ

وَقِيلَ كُلُّ نَبِيٍّ عِنْدَ رُتْبَتِهِ *** وَيَا مُحَمَّدُ هَذَا الْعَرْشُ فَاسْتَلِمِ

 

مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ، أَقَامَ اللهُ بِهِ الْمِلَّةَ الْعَوْجَاءَ، وَهَدَى الْبَشَرِيَّةَ الْعَمْيَاءَ؛ افْتَرَضَ اللهُ عَلَى عِبَادِهِ طَاعَتَهُ وَمَحَبَّتَهُ، وَتَوْقِيرَهُ وَالِاقْتِدَاءَ بِهِ، وَجَعَلَ الْعِزَّةَ وَالْمَنَعَةَ وَالنُّصْرَةَ وَالتَّمْكِينَ لِمَنِ اتَّبَعَ هُدَاهُ وَتَرَسَّمَ خُطَاهُ، وَالذِّلَّةَ وَالصَّغَارَ وَالْمَهَانَةَ عَلَى مَنْ خَالَفَ أَمْرَهُ وَعَصَاهُ.

 

نُحِبُّه حُبًّا يَجْرِي فِي أَجْسَادِنَا كَمَا تَجْرِي الدِّمَاءُ فِي عُرُوقِنَا، نُحِبُّهُ حُبًّا لَا نَقْبَلُ الْمُسَاوَمَةَ عَلَيْهِ، وَإِنَّ حُبَّنَا لَهُ لَا يَحْتَاجُ لِخَطِيبٍ يَسْحَرُ عُقُولَنَا بِخِطَابِهِ، وَلَا لِشَاعِرٍ يُلْهِبُ مَشَاعِرَنَا بِشِعْرِهِ.

 

لَقَدِ اسْتَأْثَرَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- بِالْحُبِّ الَّذِي فَاقَ الْآبَاءَ وَالْأُمَّهَاتِ وَالْأَبْنَاءَ وَالْإِخْوَةَ وَالْأَخَوَاتِ، بَلْ طَغَى حُبُّهُ عَلَى حُبِّ النُّفُوسِ وَرَبَا.

 

أَلَا فَلْتَعْلَمُوا أَنَّ ثَرَاهُ الطَّاهِرَ، وَمَرْقَدَهُ الْمُنِيرَ يَشْعُرُ بِالشَّوْقِ إِلَيْهِ مِلْيَارُ مُسْلِمٍ وَيَزِيدُونَ، لَقَدْ قَالَهَا الصِّدِّيقُ –رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ لَمَّا أَخْبَرَ "أَنَّ عَبْدًا خُيِّرَ بَيْنَ الدُّنْيَا وَلِقَاءِ اللهِ؛ فَاخْتَارَ لِقَاءَ اللهِ"؛ فَفَهِمَ الصِّدِّيقُ أَنَّ الْمُخَيَّرَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَبَكَى، وَقَالَ: "بِأَبِي أَنْتَ وَأُمِّي يَا رَسُولَ اللهِ، بَلْ نَحْنُ نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا".

 

نَعَمْ، نَفْدِيكَ بِآبَائِنَا وَأُمَّهَاتِنَا وَأَنْفُسِنَا وَأَمْوَالِنَا، نَعَمْ، لَنْ أَتَجَرَّدَ مِنَ الْعَاطِفَةَ، لَنْ أَلْتَزِمَ الْحِيَادَ إِذَا كَانَ الْحَدِيثُ عَنْ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، جَرِّدُونِي مِنَ الْعَاطِفَةِ إِذَا تَعَلَّقَ الْأَمْرُ بِآبَائِي، بِأَبْنَائِي، بِأَحْبَابِي، أَمَّا إِذَا تَعَلَّقَ بِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-؛ فَلَا وَلَا؛ فَلْيَذْهَبْ مَنْ عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ فِدَاءً لِرَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-.

 

أَمَا أَتَانَا وَنَحْنُ نَسِيرُ فِي دُرُوبِ الضَّلَالَةِ؛ فَأَخَذَ بِأَيْدِينَا إِلَى طَرِيقِ الْحَقِّ وَالرَّشَادِ؟ أَمَا كُنَّا عَلَى شَفَا جُرُفٍ هَارٍ نَحُثُّ الْخُطَى إِلَى النَّارِ؛ فَأَنْقَذَنَا اللهُ بِهِ مِنَ النَّارِ؟ أَمَا وَقَفَ عَلَى مِنْبَرِهِ بِقَلْبٍ مُشْفِقٍ يَقُولُ: "أَنْذَرْتُكُمُ النَّارَ"؟ أَمَا قَالَ: "اشْتَرُوا أَنْفُسَكُمْ لَا أُغْنِي عَنْكُمْ مِنَ اللهِ شَيْئًا"؟ أَمَا قَالَ: "أَنَا النَّذِيرُ الْعُرْيَانُ"؟ أَمَا تَمَنَّى أَنْ يَرَانَا يَوْمَ قَالَ: "وَدِدْتُ لَوْ أَنَّنَا رَأَيْنَا إِخْوَانَنَا"؟ أَمَا قَالَ: "إِنِّي فَرَطُكُمْ عَلَى الْحَوْضِ"؟!

 

أَمَا كَانَ لِكُلِّ نَبِيٍّ دَعْوَةٌ مُسْتَجَابَةٌ؛ فَأَجَّلَهَا فِي الدُّنْيَا وَادَّخَرَ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- دَعْوَتَهُ، ادَّخَرَهَا لِأُمَّتِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ؟ لَمَّا ضُرِبَ، وَشُجَّ رَأْسُهُ، وَسَالَ الدَّمُ عَلَى وَجْهِهِ الشَّرِيفِ، وَهُوَ يَمْسَحُ الدَّمَ بِكَفِّهِ الطَّاهِرِ، وَهُوَ يَقُولُ: "اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِقَوْمِي؛ فَإِنَّهُمْ لَا يَعْلَمُونَ"؛ -فَصَلَوَاتُ اللهِ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ-، وَجَزَاهُ عَنَّا خَيْرَ مَا جَزَى نَبِيًّا عَنْ أُمَّتِهِ، وَأَوْرَدَنَا حَوْضَهُ، وَحَشَرَنَا تَحْتَ لِوَائِهِ، صَلَّى عَلَيْكَ اللهُ يَا عَلَمَ الْهُدَى، مَا سَارَ رَكْبٌ أَوْ تَرَنَّمَ حَادِي؛ (لَقَدْ جَاءكُمْ رَسُولٌ مِّنْ أَنفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ مَا عَنِتُّمْ حَرِيصٌ عَلَيْكُم بِالْمُؤْمِنِينَ رَؤُوفٌ رَّحِيمٌ * فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُلْ حَسْبِيَ اللهُ لَا إِلَهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ)[التوبة: 128- 129].

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيمَ لِي وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ؛ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ، وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لَا نَبِيَّ بَعْدَهُ، أَمَّا بَعْدُ:

 

مَعَاشِرَ الْمُسْلِمِينَ: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللهِ؛ اجْتَبَاهُ رَبُّهُ وَتَوَلَّاهُ، وَحَمَاهُ، وَرَعَاهُ، وَكَفَاهُ؛ (وَاللّهُ يَعْصِمُكَ مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الْكَافِرِينَ)[المائدة:67]، وَكَتَبَ عَلَى الْعِبَادِ تَعْظِيمَهُ وَتَوْقِيرَهُ؛ (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ شَاهِدًا وَمُبَشِّرًا وَنَذِيرًا * لِتُؤْمِنُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَتُعَزِّرُوهُ وَتُوَقِّرُوهُ وَتُسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الفتح: 8- 9].

 

وَأَزْوَاجُهُ لَا تَحِلُّ لِأَحَدٍ بَعْدَهُ؛ (وَمَا كَانَ لَكُمْ أَن تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَن تَنكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِن بَعْدِهِ أَبَدًا إِنَّ ذَلِكُمْ كَانَ عِندَ اللَّهِ عَظِيمًا)[الأحزاب:53].

 

وَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَتَقَدَّمَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ)[الحجرات:1].

 

وَلَا أَنْ يَرْفَعَ صَوْتَهُ عِنْدَهُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ * إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ)[الحجرات: 2- 3].

 

مَنْ آذَاهُ فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللهِ؛ (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا)[الأحزاب:57].

 

وَمَنْ سَبَّهُ، أَوْ شَتَمَهُ، أَوِ اسْتَهْزَأَ بِهِ، أَوْ تَطَاوَلَ عَلَى مَقَامِهِ الرَّفِيعِ وَمَنْزِلَتِهِ الْعَلِيَّةِ؛ انْتَقَمَ اللهُ مِنْهُ، وَجَعَلَهُ عِبْرَةً لِلْعَالَمِينَ؛ (وَلَقَدِ اسْتُهْزِىءَ بِرُسُلٍ مِّن قَبْلِكَ فَحَاقَ بِالَّذِينَ سَخِرُواْ مِنْهُم مَّا كَانُواْ بِهِ يَسْتَهْزِؤُونَ)[الأنعام:10].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: هَذَا نَبِيُّكُمْ وَهَادِيكُمْ إِلَى الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ وَالْمَنْهَجِ الْقَوِيمِ؛ فَاتَّبِعُوا سَبِيلَهُ تَهْتَدُوا، وَأَطِيعُوا أَمْرَهُ تَغْنَمُوا.

 

اللَّهُمَّ أَعِزَّ الْإِسْلَامَ وَالْمُسْلِمِينَ، واخْذُلْ أَعْدَاءَكَ أَعْدَاءَ الدِّينِ، اللَّهُمَّ آمِنَّا فِي أَوْطَانِنَا، وَأَصْلِحْ أَئِمَّتَنَا وَوُلَاةَ أُمُورِنَا، وَارْزُقْهُمُ الْبِطَانَةَ الصَّالِحَةَ النَّاصِحَةَ.

 

اللَّهُمَّ اغْفِرْ لِلْمُسْلِمِينَ وَالْمُسْلِمَاتِ، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِهِمْ، وَاجْمَعْ عَلَى الْحَقِّ كَلِمَتَهُمْ.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا وَوَالِدِينَا عَذَابَ الْقَبْرِ وَالنَّارِ.

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى الْبَشِيرِ النَّذِيرِ وَالسِّرَاجِ الْمُنِيرِ؛ حَيْثُ أَمَرَكُمْ بِذَلِكَ الْعَلِيمُ الْخَبِيرُ؛ فَقَالَ فِي كِتَابِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب: 56].

 

 

المرفقات

سيد البشرية صلى الله عليه وسلم.pdf

سيد البشرية صلى الله عليه وسلم.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات