سنن الفطرة

خالد خضران الدلبحي العتيبي

2024-04-26 - 1445/10/17 2024-04-30 - 1445/10/21
التصنيفات: حكم التشريع
عناصر الخطبة
1/كمال شريعة الإسلام 2/المقصود بسنن الفطرة 3/بيان سنن الفطرة وتفصيلها 4/الإسلام دين النظافة والجمال

اقتباس

من النظافة ألا يترك المسلم أظافره طويلة، فهذا فيه تجمع للأوساخ، وفيه تشبه بالحيوانات، والعجيب أن بعض النساء أصبحن يطلين أظافرهن، وربما اشترت الواحدة منهن أظفارا تركبها، وهذا من انتكاس الفطرة أن يصبح الوسخ نظافة، والمنظر المقزز جمالا...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

 

عباد الله: إن شريعة الإسلام شريعة كاملة في عقائدها وفي عباداتها وفي معاملاتها وفي آدابها، ومن مظاهر كمال هذه الشريعة ما جاءت بها من توجيهات عظيمة فيما يتعلق بسنن الفطرة، فالله جميل يحب الجمال وشريعته جمال.

 

وسنن الفطرة المقصود بها السنن التي فطر الله الخلق على حسنها وجمالها، فلا يتركها إلا من انتكست فطرته، فمن هذه السنن ما جاء في حديث أبي هريرة -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "خمسٌ من الفطرة: الختان، والاستحداد، وقص الشارب، وتقليم الأظافر، ونتف الإبط".

 

والختان الصحيح أنه واجب على الرجال دون النساء، والأفضل أن يكون عند الصغر؛ لأنه أسرع للبرء، وأبعد عن تجمع نجاسة البول في هذه الجلدة، فينشأ الصغير على نظافة، وأما وقت وجوبه فهو عند البلوغ؛ لأنه الوقت الذي تجب فيه الصلاة، ومن شروطها الطهارة من النجاسة، فبقاء هذه الجلدة يؤدي إلى تجمع النجاسة فيها، وقد تكلم أهل الطب على فوائد الختان، فكما أنه نظافة وبعد عن النجاسات فكذلك يحصل به وقاية عن كثير من الأمراض.

 

وأما الاستحداد فهو حلق الشعر الذي يكون حول ذكر الرجل وفرج المرأة، وسماه النبي -صلى الله عليه وسلم- الاستحداد لأنهم يستعملون الحديدة وهي الموس، ففي بقاء هذا الشعر تنفير للزوجين، وتجمع للأوساخ والروائح الكريهة.

 

ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- قص الشارب، أي: قص أطرافه بالمقص وتخفيفه، ولا يترك بحيث يخالطه الطعام والشراب، وجاء في حديث ابن عمر -رضي الله عنهما- في البخاري ومسلم، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "احفوا الشوارب"، وورد كذلك عند مسلم: "جزوا الشوارب"، وكلاهما صحيح لو قصه بالمقص أو حفه وجز طرفه بالموس.

 

وهذا -والله- كما أنه نظافة للمسلم فهو كذلك جمال لصورته، وأما إطالته فهو انتكاس في الفطرة، وتشويه للصورة، ومن الخطأ جعل ذلك علامة على الرجولة، أي: طول الشنب.

 

ولنعلم أن الشعور التي في جسم الرجل تنقسم إلى ثلاثة أقسام:

القسم الأول: قسم مأمور بأخذه، وهو شعر العانة وشعر الإبط والشارب.

القسم الثاني: شعر منهي عن أخذه، وهو شعر اللحية؛ ولذلك جاءت النصوص الكثيرة التي تأمر بإعفاء اللحية، فقد قال -صلى الله عليه وسلم-: "اعفوا اللحى"، وقال: "وفروا اللحى"، وقال: "أرخوا اللحى"، فيحرم على المسلم أن يحلق لحيته، وهذا بإجماع العلماء.

القسم الثالث: شعر مسكوت عنه، لم يأت الأمر بأخذه ولا النهي عن أخذه، كشعر اليد وشعر الساق، فهذا تركه أفضل.

 

ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- السنة الرابعة من سنن الفطرة، قال: "وتقليم الأظافر"، وهذا من النظافة ألا يترك المسلم أظافره طويلة، فهذا فيه تجمع للأوساخ، وفيه تشبه بالحيوانات، والعجيب أن بعض النساء أصبحن يطلين أظافرهن، وربما اشترت الواحدة منهن أظفارا تركبها، وهذا من انتكاس الفطرة أن يصبح الوسخ نظافة، والمنظر المقزز جمالا، وفيه مخالفة لأمر النبي -صلى الله عليه وسلم- بتقليمها.

 

ثم ذكر النبي -صلى الله عليه وسلم- السنة الخامسة وهي "نتف الإبط"، وهذا من النظافة كما سبق، وفيه قطع للروائح الكريهة، والأفضل النتف ولو استخدم الموس أو بعض المزيلات للشعر فلا بأس، وقد كان النبي -صلى الله عليه وسلم- يعتني بذلك، فقد كان يُرى بياض إبطيه إذا سجد؛ لأنه كان يتعاهد نتف شعر إبطيه، ففي حديث عبد الله بن بحينة: "أن النبي -صلى الله عليه وسلم- كان إذا سجد فرج بين يديه، حتى يُرى بياض إبطيه".

 

 

الخطبة الثانية:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، أما بعد:

 

عباد الله: علينا أن نحرص على هذه السنن؛ فهي من محاسن الإسلام، وفيها نظافة وطهارة وجمال، والله جميل يحب الجمال، ولنعلم أن النبي -صلى الله عليه وسلم- وقت فيما يتعلق بسنن الفطرة أربعين يوما، لا يترك شعر الشارب وشعر العانة وشعر الإبط والأظفار فوق الأربعين؛ لأن الغالب أنها تطول إطالة فاحشة، ففي صحيح مسلم من حديث أنس -رضي الله عنه- قال: "وقت لنا في قص الشارب وتقليم الأظفار ونتف الإبط وحلق العانة ألا تترك فوق أربعين يوما".

 

والمسلم يتعاهد ذلك حتى قبل الأربعين كلما طالت أخذها وهذا أفضل، ولكن لا يجوز له تركها فوق الأربعين يوما.

 

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يجعلنا وإياكم ممن يتمسكون بسنة نبيهم ويحرصون عليها؛ فينالوا جمال الباطن والظاهر.

 

المرفقات

سنن الفطرة.doc

سنن الفطرة.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات