سنشد عضدك بأخيك

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ تأملات في قصة نبي الله موسى وهارون عليهما السلام 2/ قيمة الأخ ومكانته 3/ أهمية تحمُّل هنات الأخ ومسامحته والصبر عليه 4/ ظلم أحد ابني آدم لأخيه 5/ الحث على معرفة قيمة الأخوة وآثارها.

اقتباس

أخوكَ هو الذي يفرحُ لفرحِكَ ويحزنُ لُحزنِكَ.. يَزينُهُ ما يزينُكَ، ويعيبُه ما يعيبُكَ.. ينشرُ حسناتِكَ، ويَطوي سيئاتِكَ.. ويتحمَّلُ أخطاءَك وهفواتِكَ.. أخوكَ إذا خدمتَه صانَكَ، وإن صحبتَه زانَكَ.. يكتمُ سِرَّكَ، ويَسترُ عيبَك.. يُخفي منكَ كلَّ قَبيحٍ ويُبدي منكَ كلَّ جميلٍ.. ويتمنى لكَ كلَّ نجاحٍ وتوفيقٍ وخيرٍ جَزيلٍ. الأخُ هو عصاكَ التي تتكئُ عليها وسطَ عواصفِ العُمُرِ.. الأخُ هو سَندُكَ إذا تكالبتْ عليكَ الهمومُ وضاقَ بكَ الصَّدرُ.. أخوكَ بعدَ اللهِ تعالى هو النَّصيرُ لكَ في الحياةِ والمُعينُ.. أخوكَ هو أُنسُ الخاطرِ وسلوَّةُ القلبِ وقُرَّةُ العينِ..

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي نزَّلَ الفرقانَ على عبدِه ليكونَ للعالمينَ نذيرًا، الذي له مُلكُ السمواتِ والأرضِ وخلقَ كلَّ شيءٍ فقدَّرَه تقديرًا، نحمدُه -تباركَ وتعالى- حمدًا كثيرًا، ونعوذُ بنورِ وجهِه الكريمِ من يومٍ كانَ شرُه مستطيرًا، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ شهادةً تجعلُ الظلمةَ نورًا، وأشهدُ أن سيدَنا محمدًا عبدُه المرسلُ مبشِّرًا ونذيرًا، وداعيًا إلى اللهِ بإذنِه وسراجًا منيرًا، اللهمَّ صلِّ وسلِّم عليه وعلى من فَازَ باتِّباعِه كثيراً، عدد أنفاسِ مخلوقاتِك شهيقًا وزفيرًا.

 

أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].

 

(فَلَمَّا قَضَى مُوسَى الْأَجَلَ وَسَارَ بِأَهْلِهِ).. بعدَ عشرِ سِنينَ من الغُربةِ في مَدْيَنَ، رجعَ موسى -عليه السَّلامُ- مع زوجتِه إلى مِصرَ، مُشتاقاً إلى أمِّه وأختِه وأخيه.. وهم في الطَّريقِ (آنَسَ مِن جَانِبِ الطُّورِ نَارًا.. قَالَ لِأَهْلِهِ امْكُثُوا إِنِّي آنَسْتُ نَارًا لَّعَلِّي آتِيكُم مِّنْهَا بِخَبَرٍ) وكانوا قد ضلُّوا الطريقَ، (أَوْ جَذْوَةٍ مِّنَ النَّارِ لَعَلَّكُمْ تَصْطَلُونَ) [القصص: 29] وكانَ قد اشتدَّ عليهم الظَّلامُ والبردُ.

 

مشى موسى -عليه السَّلامُ- إلى الشَّجرةِ التي على جبلِ الطُّورِ، وهو لا يعلمُ أنَّه يمشي إلى أعظمِ تكريمٍ وتتويجٍ.. مشى وهو لا يدري أنَّه يمشي ليحوزَ شرفَ وسامِ كليمِ اللهِ –تعالى-، وليفوزَ بعِزِّ النُّبوَّةِ ومجدِ الرِّسالةِ.

 

(فَلَمَّا أَتَاهَا نُودِيَ يَا مُوسَى * إِنِّي أَنَا رَبُّكَ فَاخْلَعْ نَعْلَيْكَ إِنَّكَ بِالْوَادِ الْمُقَدَّسِ طُوًى * وَأَنَا اخْتَرْتُكَ فَاسْتَمِعْ لِمَا يُوحَى * إِنَّنِي أَنَا اللَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدْنِي وَأَقِمِ الصَّلَاةَ لِذِكْرِي) [طه: 11- 14].

 

ثُمَّ أراهُ اللهُ -تعالى- مُعجزتينِ عظيمتينِ وهما العصا واليدُّ وبعثَه إلى فرعونَ وقومِه، وقالَ له: (فَذَانِكَ بُرْهَانَانِ مِنْ رَبِّكَ إِلَى فِرْعَوْنَ وَمَلَئِهِ إِنَّهُمْ كَانُوا قَوْمًا فَاسِقِينَ) [القصص: 32].. عندَها تذكَّرَ موسى -عليه السَّلامُ- ذلكَ الرَّجلَ الذي قتلَه في مِصرَ؛ (قَالَ رَبِّ إِنِّي قَتَلْتُ مِنْهُمْ نَفْسًا فَأَخَافُ أَنْ يَقْتُلُونِ) [القصص: 33]، وتذكَّرَ تلكَ المؤامرةِ لقتلِه حتى أنجاهُ اللهُ تعالى من القومِ الظَّالمينَ، وتذكَّرَ جبروتَ وطُغيانَ فرعونَ، ومن ذا الذي يستطيعُ أن يقفَ أمامَه.

 

ولذلكَ لمَّا علمَ موسى -عليه السَّلامُ- أنَّ هذه المُهمةِ هي من أصعبِ المُهماتِ على الإطلاقِ، سألَ اللهَ تعالى أن يعينَه ويؤيدَه بأصدقِ وأخلصِ قوَّةٍ أرضيَّةٍ، فقال: (وَأَخِي هَارُونُ هُوَ أَفْصَحُ مِنِّي لِسَانًا فَأَرْسِلْهُ مَعِيَ رِدْءًا يُصَدِّقُنِي إِنِّي أَخَافُ أَنْ يُكَذِّبُونِ) [القصص: 34]، فأجابَه اللهُ –تعالى- سؤالَه، وأقرَّه على ذلكَ: (قَالَ سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) [القصص: 35]، فمن يكونُ عونُكَ وذِراعُكَ في أَحلكِ الظُّروفِ وأصعبِ المُهماتِ، إن لم يكنْ أخوكَ؟!

 

عظُمتْ المُهمةُ وعلمَ أنَّه ليسَ لها بعدَ اللهِ تعالى إلا أخاهُ، فسألَ اللهَ تعالى الأخَ وزيراً وشريكاً، فأجابَ اللهُ دُعاهُ: (وَاجْعَلْ لِي وَزِيرًا مِنْ أَهْلِي * هَارُونَ أَخِي * اشْدُدْ بِهِ أَزْرِي * وَأَشْرِكْهُ فِي أَمْرِي * كَيْ نُسَبِّحَكَ كَثِيرًا * وَنَذْكُرَكَ كَثِيرًا * إِنَّكَ كُنْتَ بِنَا بَصِيرًا * قَالَ قَدْ أُوتِيتَ سُؤْلَكَ يَا مُوسَى) [طه: 29- 36].

 

أيُّها الأحبَّةُ.. أخوكَ هو الذي يفرحُ لفرحِكَ ويحزنُ لُحزنِكَ.. يَزينُهُ ما يزينُكَ، ويعيبُه ما يعيبُكَ.. ينشرُ حسناتِكَ، ويَطوي سيئاتِكَ.. ويتحمَّلُ أخطاءَك وهفواتِكَ.. أخوكَ إذا خدمتَه صانَكَ، وإن صحبتَه زانَكَ.. يكتمُ سِرَّكَ، ويَسترُ عيبَك.. يُخفي منكَ كلَّ قَبيحٍ ويُبدي منكَ كلَّ جميلٍ.. ويتمنى لكَ كلَّ نجاحٍ وتوفيقٍ وخيرٍ جَزيلٍ.

 

أَخُوكَ الَّذِي يَحْمِيكَ فِي الغَيْبِ جَاهِدًا *** وَيَسْتُرُ مَا تَأْتِي مِنَ السُّوءِ وَالقُبْحِ

وَيَنْشُرُ مَا يُرْضِيكَ فِي النَّاسِ مُعْلِنًا *** وَيُغْضِي وَلا يَأْلُو مِنَ البِرِّ وَالنُّصْحِ

 

الأخُ هو عصاكَ التي تتكئُ عليها وسطَ عواصفِ العُمُرِ.. الأخُ هو سَندُكَ إذا تكالبتْ عليكَ الهمومُ وضاقَ بكَ الصَّدرُ.. أخوكَ بعدَ اللهِ تعالى هو النَّصيرُ لكَ في الحياةِ والمُعينُ.. أخوكَ هو أُنسُ الخاطرِ وسلوَّةُ القلبِ وقُرَّةُ العينِ.

 

أَخَاكَ أَخَاكَ إنَّ مَنْ لاَ أَخَا لَهُ *** كَسَاعٍ إلَى الهَيجَا بغَيرِ سِلاَحِ

 

حتى في الجاهليةِ كانَ للأخِ شأنٌ عظيمٌ.. فهذا مُهَلْهِلُ بنُ ربيعةَ لمَّا قُتلَ أخوهُ كليبٌ، رثاهُ بقولِه:

كُلَيْبُ لاَ خَيْرَ في الدُّنْيَا وَمَنْ فِيهَا *** إنْ أنتَ خليتَها في مَنْ يُخليها
نعى النُّعاة ُ كليباً لي فقلتُ لهمْ *** مادتْ بنا الأرضُ أمْ مادتْ رواسيها
لَيْتَ السَّمَاءَ عَلَى مَنْ تَحْتَهَا وَقَعَتْ *** وَحَالَتِ الأَرْضُ فَانْجَابَتْ بِمَنْ فِيهَا
نرمي الرماحَ بأيدينا فنوردُها *** بِيضاً وَنُصْدِرُهَا حُمْراً أَعَالِيهَا
لاَ أَصْلَحَ اللهُ مِنَّا مَنْ يُصَالِحُكُمْ *** ما لاحتِ الشمسُ في أعلى مَجاريها

فقامتْ حربُ البسوسِ أربعينَ عاماً بينَ تغلبَ وبكرِ بنِ وائلٍ، وقُتلَ فيها الخلقُ الكثيرُ من القبيلتينِ.

 

لا يضيقُ ولا يغتمُّ من عندَه أخٌ كريمٌ.. ولا يحزنُ ولا يبتئسُ من عندَه أخٌ رحيمٌ.. (وَلَمَّا دَخَلُوا عَلَى يُوسُفَ آوَى إِلَيْهِ أَخَاهُ قَالَ إِنِّي أَنَا أَخُوكَ فَلَا تَبْتَئِسْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [يوسف: 67]؛ فانتهى البؤسُ بمجردِ لقائه بأخيهِ.. فهو الذي في الغربةِ سيواسيه ويحميه.

 

الأخُ الذي إذا مدَدتَ يدكَ بخيرٍ مدَّها.. وإن رأى منك حَسنةً عدَّها.. وإن رأى منكَ سيئةً سدَّها..
إذا سألتَه أعطاكَ.. وإن سكتَّ عنه ابْتَدَاكَ.. وإن نزلتَ بك نازلةٌ واساكَ.. أخوكَ الذي إذا قُلتَ صدَّقَ قولَكَ.. وإذا رأى منكَ عورةً نصحَكَ.. وإن تنازعتما في شيءٍ آثركَ.. يكونُ معكَ في النوائبِ.. ويؤثركَ في الرغائبِ.. يضرُّ نفسَه لينفعكَ.. ويُشتِّتُ شملَه ليجمعكَ.

 

إنَّ أخاكَ الحقَّ مَن كَانَ مَعَكَ  *** وَمَنْ يَضُرُّ نفسَهُ لِيَنفعَكْ

وَمَنْ إذا رَيبُ الزَّمانِ صَدَعَكَ *** شَتَّتَ فيكَ شَملَهُ لِيَجمعَكْ

 

أخي المباركُ.. ماذا تفعل لو أخطأَ عليكَ أخوكَ يوماً من الدَّهرِ؟.. هل تُسامحُه مباشرةً أم تجعلُها جريمةً لا تُغتَفَرُ؟.

اسمع إلى هذا الموقفِ.. رجعَ موسى -عليه السَّلامُ- من ميقاتِ ربِّه (غَضْبَانَ أَسِفًا) بسببِ عبادةِ قومِه للعجلِ، (قَالَ بِئْسَمَا خَلَفْتُمُونِي مِن بَعْدِي أَعَجِلْتُمْ أَمْرَ رَبِّكُمْ وَأَلْقَى الْأَلْوَاحَ) التي فيها كلامُ اللهِ تعالى.. (وَأَخَذَ بِرَأْسِ أَخِيهِ) الأكبرِ هارونَ وأمسكَه من لحيتِه وهو نبيٌّ من الأنبياءِ، (يَجُرُّهُ إِلَيْهِ) من الغضبِ. [سورة الأعراف: 150].

 

فماذا كانَ موقفُ الأخِ الأكبرِ هارونَ -عليه السَّلامُ-؟.. (قَالَ يَا ابْنَ أُمَّ لَا تَأْخُذْ بِلِحْيَتِي وَلَا بِرَأْسِي إِنِّي خَشِيتُ أَن تَقُولَ فَرَّقْتَ بَيْنَ بَنِي إِسْرَائِيلَ وَلَمْ تَرْقُبْ قَوْلِي) [طه: 94].

 

ذكَّره بأنَّه أخوهُ، وقَدَّمَ ذِكرَ الأمِّ على ذِكرِ الأبِ؛ لأنَّها أشفُق وأرحمُ وأرقُّ وأعطفُ، كأنَّه يقولُ له: إنَّ المقامَ مقامُ رأفةٍ.. فأنا أخوكَ.. وأخبرَه بأنَّه ليسَ مُقصِّراً ولا ظالماً، وبيَّنَ لهُ عُذرَهُ، (قَالَ ابْنَ أُمَّ إِنَّ الْقَوْمَ اسْتَضْعَفُونِي وَكَادُوا يَقْتُلُونَنِي) فكادَ أن يُقتلَ في سبيلِ النَّهيِّ عن عبادةِ العجلِ.

ثُمَّ قالَ له: (فَلَا تُشْمِتْ بِيَ الْأَعْدَاءَ وَلَا تَجْعَلْنِي مَعَ الْقَوْمِ الظَّالِمِينَ) [الأعراف: 150]، فشماتةُ الأعداءِ بأخيكَ الأكبرِ وكونُه من القومِ الظالمينَ، مما يُحزنُكَ ويعيبُكَ أنتَ أيضاً أيُّها الأخُ المُباركُ.

 

(وَلَمَّا سَكَتَ عَن مُّوسَى الْغَضَبُ أَخَذَ الْأَلْوَاحَ) [الأعراف: 154]، وتذكَّرَ ما فعلَ بأخيه، (قَالَ رَبِّ اغْفِرْ لِي وَلِأَخِي وَأَدْخِلْنَا فِي رَحْمَتِكَ وَأَنتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ) [الأعراف: 151].. فما أجملَ الأخوَّةِ في أسمى معانيها.. خِلافٌ.. فهدوءٍ.. فاعتذارٌ.. فتسامحٌ.. فدعاءٌ واستغفارٌ.

 

سامِحْ أخاكَ إذا خَلَطْ *** مِنْهُ الإصابةَ والغَلَطْ

وتَجَافَ عن تعنيفهِ *** إن زاغَ يوماً أو قَسَطْ

واعلمْ بأنَّك إِنْ طَلَبْتَ *** مُهَذَّبَاً رُمْتَ الشَّطَطْ

مَنْ ذا الذي ما سَاء قَطْ *** ومَنْ لَه الحُسنى فَقَطْ

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ فِي الْقُرْآنِ الْعَظِيْمِ، وَنَفَعَنِي وَاِيِّاكُمْ بِمَا فِيْهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيْمِ، أقُوْلُ قَوْلِي هَذا وَأسْتَغْفِرُ اللهَ الْعَظِيْمَ لَيْ وَلَكُمْ وَلِسَائِرِ الْمُسْلِمِيْنَ وَالْمُسْلِمَاتِ وَالْمُؤْمِنِيْنَ وَالْمُؤْمِنَاتِ، فَاسْتَغْفِرُوْهُ إنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرُ الرَّحِيْمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحبُ ربُّنا ويرضى، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شَريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُه ورسولُه، صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه وعلى آلِه وأصحابِه ومن اهتدى بهداهم إلى يوِم الدينِ.. أما بعد:

 

أيُّها الكِرامُ.. لقد قصَّ اللهُ –تعالى- علينا نبأً عظيماً.. وخبراً أليماً.. حينَ قتلَ الأخُ أخيه.. فقالَ تعالى لنبيه -صلى اللهُ عليه وسلمَ-: (وَاتْلُ عَلَيْهِمْ نَبَأَ ابْنَيْ آدَمَ بِالْحَقِّ) [المائدة: 27].. قصَّ عليهم قصتَه، واجعلها محفوظةً في كتابِ اللهِ تعالى ليتلوها النَّاسُ إلى يومِ القيامةِ.. وتكونُ لهم عِبرةٌ وعظةٌ وتذكرةٌ.. فكيفَ يقتلُ الأخُ أخاهُ؟.. كيفَ يُحزنُ أمَّه وأباهُ؟.. كيفَ يقتلُ من جاورَه في رَحمِ الأمِّ؟.. كيفَ يقتلُ من شاركَه الأفراحَ والهمَّ؟، ولذلكَ أصبحَ من الخاسرينَ.

 

ولكم أن تتخيلوا ذلكَ المشهدَ بعدَ أن أغراهُ بقتلِ أخيه الشَّيطانُ.. وهو يحملُ أخاهُ فوقَ ظهرِه، يدورُ به في الأرضِ ندمانَ.. حتى أرسلَ اللهُ تعالى إليه الغرابَ رمزَ الغُربةِ والفسقِ (يَبْحَثُ فِي الْأَرْضِ لِيُرِيَهُ كَيْفَ يُوَارِي سَوْءَةَ أَخِيهِ قَالَ يَا وَيْلَتَا أَعَجَزْتُ أَنْ أَكُونَ مِثْلَ هَذَا الْغُرَابِ فَأُوَارِيَ سَوْءَةَ أَخِي فَأَصْبَحَ مِنَ النَّادِمِينَ) [المائدة: 31].

 

ألم تسمعوا لقولِه تعالى: (فَإِذَا جَاءَتِ الصَّاخَّةُ * يَوْمَ يَفِرُّ الْمَرْءُ مِنْ أَخِيهِ * وَأُمِّهِ وَأَبِيهِ * وَصَاحِبَتِهِ وَبَنِيهِ * لِكُلِّ امْرِئٍ مِنْهُمْ يَوْمَئِذٍ شَأْنٌ يُغْنِيهِ) [عبس: 33- 37]، فبدأَ بالأخِ لأنَّه كانَ في الدُّنيا هو النَّصيرُ والعضيدُ، وهو الرُّكنُ الشَّديدِ، ولكن يومَ القيامةِ يفرُّ من أخيه لأنَّ في الآخرةِ (لَا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِّنَفْسٍ شَيْئًا)، وأما في الدُّنيا، فمهما كانَ نوعُ العلاقةِ بينَكما، ولكن لعلكَ إذا احتجتَ إليه، تجدُ ما يسرُّ خاطرُكَ، ويقرُّ ناظرُكَ، وإذا أعرضَ عنكَ الأصحابُ، وجدتَ أخاكَ هو ناصرُكَ، وعسى اللهُ تعالى أن يجعلَنا كما قالَ: (سَنَشُدُّ عَضُدَكَ بِأَخِيكَ) [القصص: 35].

 

اللهم اغفرْ لنا ولإخوانِنا ولآبائنا وامهاتِنا، اللهمَّ حبِّبْ إلينا الإيمانَ، وزينْه في قلوبِنا، وكرِّه إلينا الكفرَ والفسوقَ والعصيانَ، اللهمَّ ارحمْ من كانَ منهم تحتَ الترابِ، واجعلْ فردوسَك لهم داراً.

 

اللهم أصلحْ لنا ديننا الذي هو عصمةُ أمرِنا، وأصلحْ لنا دنيانا التي فيها معاشُنا، وأصلح لنا آخرتنا التي اٍليها معادُنا، واجعل الحياةَ زيادةً لنا في كلِّ خيرٍ، واجعل الموتَ راحةً لنا من كلِ شرٍّ.

 

اللهُم إنا نسألك عيشةً نقيةً، وميتةً سويةً، ومرَداً غير مخزٍ ولا فاضِحٍ، اللهُم اٍنا نعوذ ُبك من زوالِ نعمتِك، وتحوِّلِ عافيتك، وفُجاءةِ نِقمتك، وجميعِ سَخطك.

 

اللهم اٍنا نعوذ ُ بك من يومِ السُّوءِ، ومن ليلةِ السوءِ، ومن ساعةِ السوءِ، ومن صاحبِ السوءِ، ومن جارِ السوءِ في دارِ المقامةِ، اللهمَّ اجعل القرآنَ ربيعَ قلوبِنا، ونورَ صدورنِا، وجَلاءَ حُزنِنا، وذهابَ همِّنا وغمِنا يا ربَّ العالمينَ.

المرفقات

سنشد عضدك بأخيك

سنشد عضدك بأخيك

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
11-06-2022

خطبة بليغة في الاخوة ومكللة بالطيب- أخوك يطيب لك في الحياة وردغها فهو السند والوتد لك ان اصابك خير فرح وان اصابك مكروه حزن اخاك من لك يفتدي بالغالي والثمين اخاك يشد من ازرك يهتم لحاك وخير عون لك  يسأل عنك حتى يرضيك ، الاخ هو السند وهو عمود الحياة بينكم شديد الصلابة مانع عنك كل شر ، محب لك كل خير فلا ينام الا وقد ودعك الرحمن انت والابناء وان أصبح الصبح بنفس حياة جديد اتصل عليك ليطمئن عليك ويوافقك في السراء والضراء فكن اخي لأخيكم خير عون وخير سند بكم تحلو الحياة وتنير الدروب لكم الابناء والأحفاد هنيئاً لمن كان حب لأخيه تاج على الرأس ينير دربك ويبعد عنك الهم والحزن يشاركك الهموم ويبعد عنك نوائب الدهر