سعة الخيرات

حمزة بن فايع آل فتحي

2022-10-07 - 1444/03/11
عناصر الخطبة
1/كثرة أبواب الخير والفضل وتنوعها في الإسلام 2/عبادات وأعمال عظيمة الأجر 3/ثمرات الأعمال الصالحة 4/الحث على المسارعة في الخيرات وتجنب المنكرات.

اقتباس

من رحمة الله -تعالى- بعباده ومحاسن هذه الشريعة أن أبواب الخير ومظانّ الفضل والمغفرة فيها واسعة جدًّا، لا تأتي على الحصر، يستطيع الجاد والضعيف، والكبير والصغير أن يصيب منها، وأن يفوز برضوان الله –تعالى-، وأن يدرك فضلاً كثيرًا..

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله؛ نحمده ونستعينه ونستغفره ونتوب إليه، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فلا مضل له، ومن يضلل فلا هادي له، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: إخوة الإسلام: من رحمة الله -تعالى- بعباده ومحاسن هذه الشريعة أن أبواب الخير ومظانّ الفضل والمغفرة فيها واسعة جدًّا، لا تأتي على الحصر، يستطيع الجاد والضعيف، والكبير والصغير أن يصيب منها، وأن يفوز برضوان الله –تعالى-، وأن يدرك فضلاً كثيرًا؛ قال -عز وجل-: (فَاسْتَبِقُوا الْخَيْرَاتِ)[البقرة:146]، وقال: (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آل عمران:133].

 

وهنا نرشد إلى بعض الأعمال التي زخرت بها الشريعة ومن ذلك:

1– الصلاة في جماعة، قال -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الجماعة أفضل من صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلى العشاء في جماعة فكأنما قام نصف الليل، ومن صلى الفجر في جماعة فكأنما قام الليل كله".

وجاء في فضل شهود الفجر: "بَشِّر المشائين في الظُّلَم بالنور التام يوم القيامة".

 

ومنها التبكير للصلاة، وقد صحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "والله لو تعلمون ما في التهجير والصف الأول..."، والتهجير هو التبكير.

 

ومنها: التبكير لصلاة الجمعة؛ فقد جاء عند أحمد وأبي داود قوله -صلى الله عليه وسلم-: "مَن غسَّل يوم الجمعة واغتسل، وبكَّر وابتكر، ومشى ولم يركب، ودنا من الإمام، كان له بكل خطوة عملُ سنة قيامُها وصيامها".

وفي الجمعة ساعة إجابة من وافقها يسأل الله شيئًا إلا أعطاه إياه، وهي آخر ساعة من وقت العصر على الراجح.

 

ومن الأعمال الفاضلة: قراءة القرآن، والحديث فيه واسع جدًّا، لكن ثمة سور مخصوصة ورد بها بشأنها عظيم؛ كسورة الإخلاص؛ فقد جاء في الصحيح أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- كان يستحث صحابته على قراءتها، فقال: "أيكم يعجز أن يقوم بثلث القرآن"، وشقَّ ذلك على الصحابة، فقالوا: وأينا يطيق ذلك فقال: "(قُلْ هُوَ اللَّهُ أَحَدٌ) تعدل ثلث القرآن".

 

وكقوله في البقرة: "اقرؤوا سورة البقرة؛ فإن أخذها بركة، وتركها حسرة، ولا تستطيعها البطلة"؛ يعني السحرة.

 

ومن الأعمال الفاضلة الطيبة: صلاة الضحى فقد قال: "يصبح على كل سُلامى من الناس صدقة، فبكل تكبيرة صدقة، وبكل تسبيحة صدقة، وبكل تكبيرة صدقة، وأمر بالمعروف صدقة، ونهي عن المنكر صدقة، ويعدل عن ذلك ركعتان يركعها من الضحى".

ومن أفضل أوقاتها حين اشتداد الشمس؛ لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "صلاة الأوابين حين ترمَض الفِصَال".

 

ومن الأعمال الصالحة: إماطة الأذى عن الطريق، فكم من أجر، عندما ترفع شوكًا أو أذى من طريق الناس، وإماطة الأذى من شُعَب الإيمان، وقد ذكر -صلى الله عليه وسلم- أن رجلاً رفع غصن شوك من طريق الناس، فشكر الله له، وغفر له. وآخر أخذ فأسه وقطع شجرة من طريق الناس، وذكر أنه يتقلب في أنهار الجنة. وهذه أخبار صحيحة.

 

فاحرص على الأجر -عبد الله- ولا تحقرن من المعروف شيئًا، وإزالة الأذى نوع من الإيمان، وخصلة تواضع، وفيه حفظ للمجتمع، وتحقيق للمحبة والتعاون.

 

ومن الأعمال الصالحة: كفالة اليتيم، فهل فكر أحدنا في البحث عن الأيتام، هل تفقدت حيّك، وهل بحثت عن أسرة منكوبة، أو عائلة فقيرة بئيسة؟! قال -صلى الله عليه وسلم-: "أنا وكافل اليتيم، كهاتين في الجنة"، وقرَن بين أصبعيه.

 

قد تقصِّر في الصلاة أو الصوم أو الذكر، فلا يفوتنك مثل هذا الثواب، الذي به تحط رجلك في الجنة بإذن الله –تعالى-. قال -تعالى-: (فَأَمَّا الْيَتِيمَ فَلَا تَقْهَرْ)[الضحى:9].

 

ومن الأعمال الصالحة المهمة: الذِّكر المطلق، جاء في صحيح مسلم قال -صلى الله عليه وسلم-: "سبقَ المفرِّدون قالوا: وما المفردون يا رسول الله؟ قال: الذاكرون الله كثيرًا والذاكرات"، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "سبحان الله وبحمده نخلة في الجنة، ولا حول ولا قوة إلا بالله، كنز من كنوز الجنة".

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "لأن أقول سبحان الله، والحمد لله ولا إله إلا الله، أحب إليَّ مما طلعت عليه الشمس".

 

وأصناف الذكر واسعة؛ لأنه حياة المسلم، وبلسم الحياة، وملاذ الراحة والسعادة. قال -تعالى-: (فَاذْكُرُونِي أَذْكُرْكُمْ وَاشْكُرُوا لِي وَلَا تَكْفُرُونِ)[البقرة:152].

 

ومنها: الصلاة والسلام على نبينا-صلى الله عليه وسلم-، وهي طاعة نبيلة وقُرْبَة شريفة.

وتعظم يوم الجمعة لقوله -صلى الله عليه وسلم-: "أكثروا من الصلاة عليَّ يوم الجمعة".

ومنها: الصدقة: قال -صلى الله عليه وسلم-: "كل امرئ في ظل صدقته يوم القيامة".

"وما من يوم يصبح فيه العباد، إلا وملكانِ ينزلان يناديان: اللهم أعطِ منفقًا خلَفًا، واللهم أعطِ ممسكًا تلَفًا".

 

فاجتهدوا عباد الله، وسارعوا إلى الخيرات، وأصيبوا ما ينفعكم وينجيكم يوم المعاد.

اللهم وفِّقنا للخيرات، وجنِّبنا الغفلة والحسرات…

 

أقول قولي هذا وأستغفر الله …

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا ….

 

إخوة الإسلام: إن مثل تلك الخيرات، وتلك الأعمال، حريّ بالمسلم إذا سمعها أن يتوق إليها، وأن يسارع إلى شيء منها، وهو لا يزال في زمن المهلة.

 

ومثل تلك الأعمال هي نور في الحياة، وطريق الثبات والصعود، أيام المحن والشدائد.

وإنها لبابُ السعادة والطمأنينة القلبية، التي ينشدها الناس في كل مكان. وإن سعادةً يحصلها المرء في معصية وجريرة يغضب الله بها، لهي أحقر من أن يتعب المرء فيها نفسه، ويضيع ماله، ويهدر وقته.

 

إن الطاعات الشرعية مظانُّ السعادة، ومنافذ الربح والتجارة، فهلموا إليها يا مسلمون. (وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ)[آل عمران:133].

 

وصلوا وسلموا يا عباد الله على من أمركم الله -تعالى- بالصلاة والسلام عليه.

 

 

المرفقات

سعة الخيرات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات