زلزال ونازلة

الشيخ عبدالعزيز بن محمد النغيمشي

2024-09-13 - 1446/03/10 2024-10-07 - 1446/04/04
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/نعمة الأرض وما أعده الله فيها لعبده الإنسان 2/المصائب عقوبات أو ابتلاءات أو مكفرات 3/المصائب نذر الله إلى عباده ومنها الزلازل.

اقتباس

ومَنْ ضَعُفَ باللهِ إِيمانُه، وقَلَّ باللهِ عِلْمُه، يَعْمَى عَن إِبصَارِ ما بِه يُوعَظ، ويُعْرِضُ عَن تدَبُرِ ما بِه يُنذَر، تَمُرُّ بِهِ الآياتُ والنُّذُر، مِنْ خُسُوفٍ وكُسُوف، وفَيضَانَاتٍ وأَعَاصِير، وزَلازِلُ وَبَراكِين، فما لَهُ فيها مِنْ تَفَكُّرْ، ومالَهُ فيها مِن اعتِبار...

الخطبة الأولى:

 

إنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ وَأَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ؛ أَمَّا بَعْدُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ)، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً ۚ وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ ۚ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ ۗ وَمَن يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا).

 

أيها المسلمون:

 

الأَرْضُ مِنْ تَحْتِ العِبَادِ ذَلِيْلَةٌ *** مَمْدُودَةٌ بالبِرِّ والبَرَكاتِ

خَيْرَاتُها في جَوفِها قَدْ أُوْدِعَتْ *** سُبحانَ بَارِئِها بِكُلِّ ثَباتِ

أَرْسَى جَوانِبَها وأَحكَمَ صُنْعَها *** فَثَبَاتُها مِنْ أَعْظَمِ الآياتِ

سِيْرُوا عِبادَ اللهِ في أَرْجائِها *** ابْغُوا المعاشَ وأَكْثِرُوا السَّجَداتِ

 

خَلَقَ اللهُ الأَرْضَ وَجَعَلَها لِلَّناسِ قَرَاراً، بِسَاطاً، فِرَاشاً،كِفَاتاً، مِهَاداً، أَوْدَعَ فِيْها مِنْ الخيراتِ، وأَفَاضَ فِيْها مِنَ البَرَكَاتِ، وَجَعَلَهَا مِنْ أَعْظَمِ الآياتِ في المخْلُوْقَات؛ (وَهُوَ الَّذِي مَدَّ الأرْضَ وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْهَارًا وَمِنْ كُلِّ الثَّمَرَاتِ جَعَلَ فِيهَا زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ يُغْشِي اللَّيْلَ النَّهَارَ إِنَّ فِي ذَلِكَ لآيَاتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ)، خَلَقَهَا اللهُ في يَوْمَيْن، (وَجَعَلَ فِيهَا رَوَاسِيَ مِن فَوْقِهَا وَبَارَكَ فِيهَا وَقَدَّرَ فِيهَا أَقْوَاتَهَا فِي أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ سَوَاءً لِّلسَّائِلِينَ)، مِنْهَا خُلقَ الإِنْسَانُ وَفِيْهَا يُعَادُ، وَمِنْهَا يُخرجُ تَارةً أُخْرَى يَومَ المَعاد، الأَرْض، مَهْبِطُ آدَمَ حِيْنَ أُخْرِجَ مِنَ الجَنَّة، والنَّاسُ مُسْتَخْلَفُونَ فيها، ذَلَّلَها اللهُ لَهْم وسخرَها؛ (هُوَ الَّذِي جَعَلَ لَكُمُ الأرْضَ ذَلُولا فَامْشُوا فِي مَنَاكِبِهَا وَكُلُوا مِنْ رِزْقِهِ وَإِلَيْهِ النُّشُورُ).

 

يَسِيْرُ الإِنْسَانُ عَلَى ظَهْرِ الأَرْضِ، يَضْرِبُ فيها يَبْتَغِيْ مِنْ فَضْلِ اللهِ، يَحْرُثُهُا وَيَزْرَعُها،َ يَعْمُرُها ويُحْيِيِها، يَرِثُها ويُوَرِّثُها، يُشَيَّدُ فِيْهَا قُصُوْراً، وَيُقِيْمُ عَلَيْهَا دُوْراً، فَلِلإِنْسَانِ فِيْهَا سَكَنٌ، وَلَهُ فِيْهَا مُسْتَقَرٌ وَمَتَاعٌ إِلى حِيْن، وَبَعْدَ المَوْتِ في الأَرضِ يُوَارَى، ويومَ البَعثِ مِن الأَرضِ يُخْرَجْ.

 

هذهِ هِيَ الأَرْضُ التي نَعِيْشُ عليها، سَاكِنَةٌ لا تَتَحَرَّكْ، ثَابِتَةٌ لا تَضْطَرِبْ، أَمْسَكَهَا اللهُ بِقُدْرَتِه، وأَرْساهاَ بِأَمرِهِ وقُوَّتِه؛ (إِنَّ اللَّهَ يُمْسِكُ السَّمَاوَاتِ وَالأرْضَ أَنْ تَزُولا وَلَئِنْ زَالَتَا إِنْ أَمْسَكَهُمَا مِنْ أَحَدٍ مِنْ بَعْدِهِ إِنَّهُ كَانَ حَلِيمًا غَفُورًا)، (وَأَلْقَى فِي الأرْضِ رَوَاسِيَ أَنْ تَمِيدَ بِكُمْ وَأَنْهَارًا وَسُبُلا لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ).

 

قَالَ ابنُ القَيِّمِ -رحمه الله-: "وَلَوْ كَانَتِ الأَرْضُ رَجْرَاجَةً مُتَكَفِئَةً، لَمْ يَسْتَطِيْعُوا عَلَى ظَهْرِهَا قَرَاراً، ولا ثَبَتَ لَهُمْ عَلَيْهَا بِنَاءٌ، ولا أَمْكَنَهُمْ عَلَيْهَا صِنَاعةً ولا تجارةً ولا حِراثَةً ولا مَصْلَحَة، وَكَيْفَ كَانُوا يَهْنَئُوْنَ بِالعَيْشِ والأَرْضُ تَرْتَجُّ مِنْ تَحْتِهِم، واعْتَبِر ذَلِكَ بِما يُصِيبُهُم مِنْ الزَّلازلِ على قِلَّةِ مُكْثِهَا، كَيْفَ تُصَيِّرُهُم إِلى تَرْكِ منازِلِهِم والهَرَبِ عَنْها" أ.ه

 

والأَرضُ بِما فِيْهَا ومَنْ فيها، كلُّها بِقَبْضَةِ اللهِ وتَحْتَ قَهْرِهِ، يُصَرِّفُها، ويُصَرِّفُ فِيْهَا أَمْرَهُ، فهو خَالِقُهَا، وَهِيَ لِخالِقِها خَاضِعَة، ذليلةٌ طائِعَة، قَالَ لَها ولِلسَّمَاءِ: (اِئْتِيَا طَوْعًا أَوْ كَرْهًا قَالَتَا أَتَيْنَا طَائِعِينَ)، وَهِيَ مَن جُندِ رَبِها، وما يَعْلَمُ جُنودَ رَبِكَ إِلا هُو، وَجُنْدُ اللهِ بأَمِرِ اللهِ مُؤْتِمِرُونْ؛ (قُلْ هُوَ الْقَادِرُ عَلَى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذَابًا مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ)، (أَأَمِنْتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يَخْسِفَ بِكُمُ الأرْضَ فَإِذَا هِيَ تَمُورُ).

 

تُزَلْزَلُ الأَرضُ في بُقْعَةٍ مِنْ بِقَاعِهَا، فَيَقَعُ مِنَ المَصَائِبِ ما يَقَع، والزَّلازِلُ آيَاتٌ ونُذُر، يُبْصِرُ العبادُ بِها طَرَفاً مِنْ قُدْرَةِ اللهِ القَاهِرَة، وقُوَّتِهِ الظَّاهِرَة، فَينقادُوا إِليه مُسْتَسْلِمِين.

 

ومَنْ ضَعُفَ باللهِ إِيمانُه، وقَلَّ باللهِ عِلْمُه، يَعْمَى عَن إِبصَارِ ما بِه يُوعَظ، ويُعْرِضُ عَن تدَبُرِ ما بِه يُنذَر، تَمُرُّ بِهِ الآياتُ والنُّذُر، مِنْ خُسُوفٍ وكُسُوف، وفَيضَانَاتٍ وأَعَاصِير، وزَلازِلُ وَبَراكِين، فما لَهُ فيها مِنْ تَفَكُّرْ، ومالَهُ فيها مِن اعتِبار؛ قالَ رَبُنا -سُبحانَه-: (وَمَا نُرْسِلُ بِالْآيَاتِ إِلَّا تَخْوِيفًا).

 

يُحَلِّلُها بأَسبابٍ مادِيَّةٍ، ويَسْنِدُها إلى ِعَوامِلَ طَبِيْعِيَّةٍ، لا يَرى فيها مِن اللهِ تَخويفْ، ولا يَرى فيها من اللهِ إِنذار، وتِلْكَ أَخْلاقُ مَنْ لا خَلاقَ لَهُم، وعُقُولُ مَنْ لا إِدْرَاكَ لَهُم؛ (قُلِ انظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الْآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَن قَوْمٍ لَّا يُؤْمِنُونَ).

 

يَتحدثونَ عَن الأَسبابِ المادِيّةِ، لا يُعَظِّمُونَ مُسَبِّبَها، وَيَتَعَامَونَ عَنِ الأَسْبَابِ الشرعيةِ ولا يُقَرُّونَ بِآثارِها، جَعَلُوا الطَّبِيعةَ مُدَبِرَاً للكَون، وتَوْحِيْدُ الرُّبُوْبِيَّةِ أَنْ لا مُدَبِرَ للكونِ ولا خَالِقَ لَه إلا الله، فَمَنْ سَبَّبَ الأَسبابَ مَنْ قَدَّرَها؟ مَنْ خَلَقَ الطَبِيْعَةَ مَنْ دَبَّرَها؟ (أَإِلَٰهٌ مَّعَ اللَّهِ تَعَالَى اللَّهُ عَمَّا يُشْرِكُونَ).

 

وإِذا أَرادَ اللهُ أَمراً هَيّأَ أَسْبابَه، يُرِيدُ إِنزالَ المَطَرِ فـ(يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ فِي السَّمَاءِ كَيْفَ يَشَاءُ وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِفَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاءُ مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ).

 

ويُرِيدُ أَنْ يُزَلْزِلَ أَرْضَ قَومٍ، فَيوْهِنُ الأَرَضَ مِنْ تَحتِهم، ويُمايِزُ بَينَ أَجْزَائِها، فلا تَتَزَلْزَلُ إِلا بالوقَتِ الذي قَضَاه، ولا تَهتَزُّ إِلا بالقَدْرِ الذي قَدَّرَه.

 

والزَّلازِلُ بِما تُحدِثُهُ مِنْ آثَارٍ، هِيَ مِنَ المَصَائِبِ التي يُنْزِلُها اللهُ بِبَعضِ العِبَادِ؛ (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ).

 

المصائِبُ التي يُنْزِلُها اللهُ بالعِباد، إِمَّا عُقوباتٌ، وإِمَّا ابْتِلاءَاتٌ، وإِمَّا كفارات، وقَدْ تَحِلُّ مُصِيْبَةٌ واحِدَةٌ بِقَومِ، هي لِبَعْضِهِم عُقُوْبَة، وهي لِبَعْضِهم ابتلاءٌ، وهِيَ لِبَعضِهِم، رِفْعَةٌ وكَفَّارَةٌ.

 

ومَن مَاتَ مِنَ المُسْلِمِيْنَ بالهَدمِ بِسَبَبِ الزَّلازِلِ أَو غَيْرِها، فَهُوَ في شَرِيعةِ اللهِ شَهِيْدٌ، والشُهداءُ أَحياءٌ عندَ رَبِهِم يُرزَقون؛ عَنْ أَبِيْ هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه- أَنَّ رَسُوْلَ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَال: "الشُّهَداءُ خَمْسَةٌ: المطْعُونُ، والمَبْطُونُ، والغَرَقُ، وَصَاحِبُ الهَدْمِ، والشهيدُ في سَبِيْلِ الله"(رواه البخاري ومسلم)، ولا تَكُوْنُ الشَّهادَةُ إلا لِمَن حَقَّقَ التوحيدَ؛ (وَلِيَعْلَمَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَيَتَّخِذَ مِنكُمْ شُهَدَاءَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الظَّالِمِينَ).

 

بارك الله لي ولكم،

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد الله رَبَّ العالمين، جَعَلَ الأَرْضَ قَرَاراً، وَجَعَلَ خِلالَها أَنْهَاراً، أَشْهَدُ أَنْ لا إِله إِلا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيْكَ له، أَفْلَحَ مَنْ يَرْجُو للهِ وَقَاراً، وأَشْهَدُ أَنَّ محمداً عَبْدُهُ وَرَسُوْلُهُ، دَعا إلى رَبِهِ سِرّاً وجِهاراً، صَلَّى اللهُ وَسَلَّم وباركَ عليه، وعلى آله وأصحابِه وعلى مَنْ كانُوا لدَعْوَتِهِ أَنصارا؛ أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله-.

 

أيها المسلمون: نُذُرُ اللهِ إِلى عِبَادِهِ تَتَوَالى؛ (وَيُحَذِّرُكُمُ اللَّهُ نَفْسَهُ وَاللَّهُ رَءُوفٌ بِالْعِبَادِ)، رَجَفَتِ الكوفةُ بِأَهْلِهَا، وَكَانَ فِيْهَا ابنُ مَسْعُوْدٍ -رضي الله عنه- فقال: "يَا أَيْهَا النَّاسْ، إِنَّ رَبَّكُمْ يَسْتَعْتِبُكُمْ فأَعْتِبُوُه"؛ أَيْ يَطْلُبُ مِنْكُمْ أَنْ تَسْأَلُوهُ إِزالَةَ عَتَبَهُ عليكُم فأَعْتِبُوُه بصِدْقِ بإِنابَتِكُم إليه.

 

والأَرْضُ فِي أَرْجائِها مُرْتجَّةٌ *** تَحْتَ الأَنَامِ كَرَعْدَةِ المحمومِ

زِلْزالُ أَهلِ الشَّامِ أَفْزَعَ أَنْفُساً *** هَبَّتْ تُواسِيْ لَوْعَةَ المَكْلُومِ

 

زُلِزِلَتْ الأَرضُ في بِلادِ الشَّامِ وما حَوْلَها، وَهُناكَ حَلَّ المُصابُ بإخواننا، قَتْلَى وَجَرْحَى، مَفْقُودُونَ ومُشَرَّدُون، آلافٌ من البَشَرِ تَحتَ رُكامِ منازِلِهِم، وآلافٌ من البَشَرِ صارُوا إلى العَراءَ لا سكَنٌ ولا مأَوى، فَقْدٌ للأَحِبَّةِ، وخرابٌ للديار، وكَرْبٌ وبَرْدٌ وجوعٌ ومَنَازِلَ عَمَّها الدَّمار.

 

واللهُ أَعْلَمُ بِما قَضَى، وأَحكَم فِيما دَبَّرْ، يُمضي المقادِيرَ بِعَدْلٍ، ويَقضِيها بحكمةٍ وهو أَرْحَمُ الرَّاحِمِيْن، ابتلاءٌ من اللهِ لإِخْوَانِنا، وهو ابتلاءٌ من اللهِ لنا أَجْمَعِيْن.

 

ابتلاهُم بالمُصَابِ الجَلَل، وابْتَلانا بِمَا أَوْجَبَهُ عَلَيْنا حيالَ ما حَلَّ بِهم ونَزَل.

 

يا كاشِفَ الضُّرِّ ـ لُطْفاً ـ لا تُؤَاخِذُنا *** أَنْتَ الرَّحِيْمُ وأَنتَ الواحدُ الصَّمَدُ

نَشْكُو إليكَ خُطُوباً ــ يا عَلِيْمُ بِها ــ *** فَارْفَعْ نَوَازِلَ، مِنْكَ العَوْنُ والمَدَدُ

في الشامِ أهلٌ، لَهم في الكَرْبِ سابِقَةٌ *** أَذْقْهُم العَفوَ يَا ذَا العَفْوِ يَا أَحَدُ

 

واجِبٌ على إِخْوَاِنَنا، أَنْ يُقابِلُوا البَلاءَ بفارِغِ الصَّبرِ، فإِنَّ جَزاءَ الصابِرِين عِنْدَ اللهِ مَوفُور؛ (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ).

 

وواجِبٌ عَلَى المُسْلِمِيْنَ جَمِيْعاً أَن يَلْجَؤُوا إِلى اللهِ بالدُعاءِ، وأَنْ يُقْبِلُوا على رَبِهِم بالتَّوْبَة، وأَن لا يُصَرُّوا على الذُّنٌوبِ، فإِنَّ الإِصرارَ على الذُّنُوبِ في زَمَن الرَّخاءَ جُرْمٌ، وإِنَّ الإِصْرارَ عليها في زَمَن البَلاءَ هَلاك، (فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُم بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَٰكِن قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ).

 

ومؤازَرَةُ المَكْلُومِينَ وَمُوَاسَاتُهُم، بالمالِ والمأَوَى والدَّواءِ، والمَسْكَنِ والرِّفْدِ والغِذاءِ، مِن أَعظَمِ الحَسَناتِ وأجَلِّ القُرُبات، وهي مِنْ أَوْجَبِ الواجِباتِ على مَنْ اقتَدَر، حُقُوقُ للمُسْلِمِيْن، وموالاتٌ لَهُم في الدين؛ "مَثَلُ المؤمنينَ في تَوادِّهِمْ، وتَرَاحُمِهِم، وتعاطُفِهِمْ، مَثَلُ الجسَدِ إِذَا اشْتَكَى منْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سائِرُ الجسَدِ بالسَّهَرِ والْحُمَّى"(رواه البخاري ومسلم)، (وَيُطْعِمُونَ الطَّعَامَ عَلَىٰ حُبِّهِ مِسْكِينًا وَيَتِيمًا وَأَسِيرًا * إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا * إِنَّا نَخَافُ مِن رَّبِّنَا يَوْمًا عَبُوسًا قَمْطَرِيرًا * فَوَقَاهُمُ اللَّهُ شَرَّ ذَٰلِكَ الْيَوْمِ وَلَقَّاهُمْ نَضْرَةً وَسُرُورًا).

 

قُوموا للهِ ــ عبادَ الله ــ بما أَوجَبَهُ اللهُ عَلَيْكُمْ تِجاهَ إِخْوَانِكُم، أَبوابُ المسانَدَةِ والمساعَدَة مُشْرَعَة، وأَحْسِنُوا إِنَّ اللهَ يُحِبُّ المُحْسِنِيْن.

 

اللهم الطُفْ بإخواننا وتَوَلَّهم، اللهم اشفِ جريحَهُم، وآوِ شَرِيْدَهُم، وارحم قَتِيْلَهُم، واقبَلْه في الشُهداءِ.

 

اللهم اجعل عاقِبَتَهم رَشداً.

 

اللهم اعطِفْ قُلُوبَ المسلمين على مؤازَرَة إخوانهم، اللهم اجمع كلمة المسلمين،

 

المرفقات

زلزال ونازلة.doc

زلزال ونازلة.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات