رمضان محطة تفاؤل وزاد للروح

حسان أحمد العماري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ أهمية الأمل والتفاؤل في حياة المسلم 2/ دور التفاؤل في حياة الأنبياء 3/ رمضان فرصة للتغيير 4/ وصايا في ختام شهر رمضان.

اقتباس

إن علينا أن نتفاءل بالخير مهما كانت الظروف التي تمر بها مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا، فسواد الليل يأتي بعده ضياء الصباح، وإن البرق والرعد مهما كانت شدته وخاف الناس من سطوته فإنه يأتي محملاً بالأمطار والخير، وعلى العبد أن يحسن الظن بربه –سبحانه- فتلك عبادة الأوابين وعليه كذلك أن يحسن العمل ويتقرب إليه بالصالحات.. فهو –سبحانه- أرحم به من نفسه وهو القادر على كشف الضر ودفع البلاء وتبديل الأحوال وما من شيء يقع أو يحدث في الأرض أو في السماء إلا بأمره -سبحانه وتعالى- القائل: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ)...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ الذي أنشأَ وبَرَا، وخلقَ الماءَ والثَّرى، وأبْدَعَ كلَّ شَيْء وذَرَا، لا يَغيب عن بصرِه صغيرُ النَّمْل في الليل إِذَا سَرى، ولا يَعْزُبُ عن علمه مثقالُ ذرةٍ في الأرض ولاَ في السَّماء.

 

 وأشهد أن لا اله إلا الله الذي لا تحيط به العقول والأوهام، المتفرد بالعظمة والبقاء والدوام، المتنزه عن النقائض ومشابهة الأنام، يرى ما في داخل العروق وبواطن العظام، ويسمع خفي الصوت ولطيف الكلام، إله رحيم كثير الإنعام، ورب قدير شديد الانتقام، قدر الأمور فأجراها على أحسن النظام، وشرع الشرائع فأحكمها أيما إحكام، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله أفضل الأنام، صلى الله عليه وعلى سائر آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان على الدوام، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 أما بعد:

عبـاد الله: ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بالغد الأفضل والحياة السعيدة والآخرة الطيبة والمجتمع الآمن والمتراحم والوطن المزدهر والمعطاء!! ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بالأمة القوية المترابطة التي تستوعب رسالتها وتخدم دينها وتحفظ أبنائها وتقدم الخير وتنشر العدل في أمم الأرض من حولها!! ما أحوجنا إلى عودة الأخوة والألفة وصفاء القلوب بين الأخ وأخيه والجار وجاره والحاكم والمحكوم!!

 

ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بأن بعد العسر يسراً وبعد الشدة فرجاً وبعد الضيق سعة ومخرجاً وبعد الحرب والخوف أمناً وسلاماً!! ما أحوجنا إلى الأمل بانقشاع الظلم وهزيمة الباطل ووقف مخططات وتآمر الأعداء ووحدة الصف المسلم!! ما أحوجنا إلى الأمل والتفاؤل بقدرة الله على أن يحقق ذلك كله في حياتنا وما ذاك على الله بعزيز!!

 

 إن الأمل قوة دافعة تشرح الصدر للعمل، وتخلق دواعي الكفاح من أجل الواجب، وتبعث النشاط في الروح والبدن، وتدفع الكسول إلى الجد، والمُجِدّ إلى المداومة على جده، كما أنه يدفع المُخْفِق إلى تكرار المحاولة حتى ينجح، ويحفّز الناجح إلى مضاعفة الجهد ليزداد نجاحه، والإيمان يبعث في النفس الأمل ويدفع عنها اليأس والأسى، وشهر رمضان يجدد في النفس المؤمنة الأمل ويمنحها التفاؤل..

 

فالثواب فيه جزيل والأجر فيه عظيم، والجنة فتحت أبوابها، وصفدت مردة الشياطين ويتفضل فيه المولى بعتق الرقاب من النيران كل ليلة، وفيه دعاء الذي لا يرد وفيه ليلة القدر خير من ألف شهر، وفيه يتوب العاصي والمسرف على نفسه، ويتولد لديه الأمل بالله وعفوه ورحمته، وهذا يدفعه إلى التوبة مهما بلغت ذنوبه؛ لأن الله -عز وجل- نهاه عن اليأس والقنوط من رحمته ومغفرته، فقال تعالى: (قُلْ يَا عِبَادِي الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلَى أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ) [الزمر: 53].

 

وفي شهر رمضان تتضاعف الأجور والحسنات، ويتراحم الناس فيما بينهم، وتُغفر ما تقدم من ذنوبهم وسيئاتهم، وتتغير السلوكيات والتصرفات إلى الأفضل، ويتعلم الناس فيه الصبر وقوة الإرادة ومجاهدة النفس والارتباط بالآخرة والشوق لما عند الله من نعيم مقيم وخير وفير، وفيه يتذكر المسلم ماضي أمته المجيد وانتصاراتها في معاركها الخالدة في هذا الشهر ومآثرها وخيرها للدنيا من حولها وكيف خرجت من ظروفها وتغلبت على مشاكلها وبنت مجدها من جديد..

 

كل ذلك وغيره يقذف في النفوس الأمل والتفاؤل بعد عام من ضيق الحياة ومشاكلها والتقصير في الواجبات والركون إلى الدنيا والانغماس في الشهوات واللذات واليأس من إمكانية التحول أو التغيير..

 

لذلك كان الصحابة والتابعون والمسلمون من بعدهم يفرحون ويستبشرون بقدومه، ويحمدون الله على إدراكه، كيف لا وهو ركن ركين، يقوم عليه صرح الدين. يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-:"بُني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلاّ الله، وأن محمداً رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت" (متفق عليه).

 

 قال ابن رجب -رحمه الله-: "كيف لا يُبشَّر المؤمن بفتح أبواب الجنان؟! كيف لا يبشر المذنب بغلق أبواب النيران؟! كيف لا يبشر العاقل بوقت يُغَلُّ فيه الشيطان؟! من أين يشبه هذا الزمانَ زمان؟!".

 

أيها المؤمنون: عبـاد الله: إن علينا أن نتفاءل بالخير مهما كانت الظروف التي تمر بها مجتمعاتنا وأوطاننا وأمتنا، فسواد الليل يأتي بعده ضياء الصباح، وإن البرق والرعد مهما كانت شدته وخاف الناس من سطوته فإنه يأتي محملاً بالأمطار والخير، وعلى العبد أن يحسن الظن بربه –سبحانه- فتلك عبادة الأوابين وعليه كذلك أن يحسن العمل ويتقرب إليه بالصالحات.. فهو –سبحانه- أرحم به من نفسه وهو القادر على كشف الضر ودفع البلاء وتبديل الأحوال وما من شيء يقع أو يحدث في الأرض أو في السماء إلا بأمره -سبحانه وتعالى- القائل: (وَعِنْدَهُ مَفَاتِحُ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا هُوَ وَيَعْلَمُ مَا فِي الْبَرِّ وَالْبَحْرِ وَمَا تَسْقُطُ مِنْ وَرَقَةٍ إِلَّا يَعْلَمُهَا وَلَا حَبَّةٍ فِي ظُلُمَاتِ الْأَرْضِ وَلَا رَطْبٍ وَلَا يَابِسٍ إِلَّا فِي كِتَابٍ مُبِينٍ) [الأنعام: 59].

 

إذا اشتملت على اليأسِ القلوبُ *** وضاق لما بهِ الصدرُ الرحيبُ

ولم تر لانكشافِ الضرِ وجهُـاً *** ولا أغنـى بحيلتـِه الأريـبُ

أتاك على قنـوطٍ منك غـوثٌ *** يمـنُ به اللطيفُ المسـتجيبُ

وكل الحـادثاتِ وإن تنـاهت *** فموصـولٌ بها الفرجِ القريب

 

ولننظر إلى كتاب الله في شهر القرآن، ونأخذ منه الدروس والعبر ونستفيد من حوادث الزمان وسنن الله في الأفراد والشعوب والمجتمعات، وكيف كان الأمل بالله والثقة به والتفاؤل سبباً للنجاة والتغيير والتحول إلى حياة أفضل، وكيف تحققت الأمنيات واستجيبت الرغبات من رب الأرض والسموات..

 

 لما جاءت إبراهيم -عليه السلام- البشرى بالولد في سنٍ كبير أبدى تعجبه، فقال: (قَالَ أَبَشَّرْتُمُونِي عَلَى أَنْ مَسَّنِي الْكِبَرُ فَبِمَ تُبَشِّرُونَ) [الحجر:54]، فماذا كان جوابهم: (قالوا بَشَّرْنَاكَ بِالْحَقِّ فَلا تَكُنْ مِنْ الْقَانِطِينَ قال وَمَنْ يَقْنَطُ مِنْ رَحْمَةِ رَبِّهِ إِلاَّ الضَّالُّونَ) [الحجر: 55/56]، ويعقوب -عليه السلام- وقد فقد ولديه وبصره أربعين عاماً وما زال أمله بالله أن يردهما إليه وأن يجمعهما به فكان يوصى أبنائه قائلاً لهم: (يَا بَنِيَّ اذْهَبُواْ فَتَحَسَّسُواْ مِن يُوسُفَ وَأَخِيهِ وَلاَ تَيْأَسُواْ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِنَّهُ لاَ يَيْأَسُ مِن رَّوْحِ اللّهِ إِلاَّ الْقَوْمُ الْكَافِرُونَ) [يوسف: 87].

 

 وحقق الله أمل يعقوب ورجاءه، وَرَدَّ عليه بصره وولديه.. لم يتطرق اليأس إلى قلبه لحظة واحدة؛ لأن قلبه موصول بالله متوكلٌ عليه واثقٌ من فرجه وقدرته ورحمته.

 

 وهذا موسى -عليه السلام- وقومه وقد تبعهم فرعون وجنوده حتى إذا وصلوا إلى شاطئ البحر وفرعون من خلفهم قال اليائسون والمتشائمون (إِنَّا لَمُدْرَكُونَ) [الشعراء: 61], فقال لهم نبي الله موسى -عليه السلام- في ثقة وتفاؤل ويقين: (قَالَ كَلَّا إِنَّ مَعِيَ رَبِّي سَيَهْدِينِ) [الشعراء: 62]، فأمره الله سبحانه أن يضرب بعصاه البحر، فانشق نصفين، وكان كل فرق كالطود العظيم ومشى مع قومه في طريقٍ يبسا..

 

عبـاد الله: إن الأمور وإن تعقدت فيما يبدو للناس، والخطوب وإن اشتدت، والعسر وإن زاد، وإن المصائب وإن توالت والفتن وإن تعددت وكثرت فإن المسلم ينبغي له أن يتفاءل بالخير والفرج واليسر بعد العسر؛ لأنه يدرك أن كل شيء في هذا الكون لا يجري إلا بإرادة الله ومشيئته، فالرزق بيده والموت والحياة بيده، ولن يترك عباده تلعب بهم الفتن والابتلاءات والمصائب بل هي قدر الله يمتحن بها العباد ليرفع الدرجات ويغفر الزلات قال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِّنَ الْخَوفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِّنَ الأَمَوَالِ وَالأنفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُم مُّصِيبَةٌ قَالُواْ إِنَّا لِلّهِ وَإِنَّـا إِلَيْهِ رَاجِعونَ) [البقرة: 155/156].

 

 فما بعد العسر إلا يسرا وما بعد الكرب إلا فرجا وما بعد الضيق إلا سعةً ومخرجاً.. قال تعالى: (حَتَّى إِذَا اسْتَيْئَسَ الرُّسُلُ وَظَنُّوا أَنَّهُمْ قَدْ كُذِبُوا جَاءَهُمْ نَصْرُنَا فَنُجِّيَ مَنْ نَشَاءُ وَلا يُرَدُّ بَأْسُنَا عَنْ الْقَوْمِ الْمُجْرِمِينَ) [يوسف:110]، ولا يغلب عسرٌ يسرين: (فَإِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً * إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْراً) [الشرح: 5، 6]..

 

لقد أوحى الله -عز وجل- إلى داوود -عليه السلام-: "يا داوود تريد وأريد، وإنما يكون ما أريد، فإن سلمتَ لما أُريد، كفيتكَ ما تُريد، وإن لم تُسلمْ لما أُريد أتعبتكَ فيما تُريد، ثم لا يكونُ إلا ما أُريد".

 

 إن التفاؤل يدفع الإنسان لتجاوز المحن، ويحفّزه للعمل، ويورثه طمأنينة النفس وراحة القلب، والمتفائل لا يبني من المصيبة سجناً يحبس فيه نفسه، لكنه يتطلع للفرج الذي يعقب كل ضيق، ولليسر الذي يتبع كل عسر..

 

لقد كان نبينا -صلى الله عليه وسلم- إماماً في التفاؤل والثقة بوعد الله –تعالى-، والمتأمّل في سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- يجد ذلك.. فعندما هاجر -صلى الله عليه وسلم- إلى المدينة وقد أرسلت في طلبه قريش، وقد أباحت دمه وهو في الصحراء لا طعام ولا شراب والموت يترصده في أي لحظة فإذا بسراقة بن مالك أحد فرسان قريش خلفه قد غاصت قدما فرسه في التراب فينظر إليه رسول -صلى الله عليه وسلم- قائلاً له بكل ثقة وتفاؤل: "يا سراقة لم تصنع هذا؟" قَالَ: إن قريشاً قد وعدوني بكذا من الإبل، قَالَ: "أوليس لك بخير منها؟" قَالَ: وما هما، قَالَ: "سواري كسرى" (البخاري: 3906)..

 

لقد كان -صلى الله عليه وسلم- يصنع الأمل والتفاؤل وهو في شدة المحنة والكرب والضيق.. يقول لصحبه أبي بكر الصديق وهما في الغار والمشركون يطوقون ذلك الغار.. (لَا تَحْزَنْ إِنَّ اللَّهَ مَعَنَا) [التوبة: 40].

 

يا لها من كلمة عظيمة.. يستمد منها المسلم قوته وطمأنينته ونصره على أعدائه ولذلك جاء بعدها التأييد الإلهي والنصر والتمكين.. ونحن اليوم أفراداً ومجتمعات وشعوبًا أحوج ما نكون إلى الأمل والتفاؤل والثقة بالله وحسن الظن به مع حسن العمل.

 

 ورمضان وما تبقى منه فرصة للتوبة والدعاء وقراءة القرآن، وتصفية القلوب، ونبذ الفرقة والأحقاد، وصون الدماء والأعراض، وتآلف القلوب وكفّ العدوان وتوحيد الكلمة، وحل المشاكل والخلافات، وتحكيم الشرع والعقل في جميع أمور حياتنا ومصالحنا..

 

فثقوا بالله وأملوا خيراً واعلموا أن الحياة والموت والرزق والصحة والعافية والأمن والراحة والسعادة بيد الله وحده فلا تطلبوها من غيره سبحانه.. اللهم اهدنا بهداك ولا تولنا أحداً سواك..

 

قلت ما سمعتم وأستغفر الله لي ولكم فاستغفروه..

 

 

الخطبة الثانية:

 

عباد الله: لم يتبقَ من أيام رمضان ولياليه إلا القليل فاستدركوا -رحمكم الله- بقيّتَه بالمسارعة إلى المكارم والخيرات واغتنامِ الفضائل والقرُبات، ومن أحسن فعليه بالتمام، ومن فرَّط فليختم بالحسنى فالعمل بالخِتام قال تعالى: (لِلَّذِينَ أَحْسَنُوا الْحُسْنَى وَزِيَادَةٌ وَلا يَرْهَقُ وُجُوهَهُمْ قَتَرٌ وَلا ذِلَّةٌ أُولَئِكَ أَصْحَابُ الْجَنَّةِ هُمْ فِيهَا خَالِدُونَ) [يونس: 26].

 

وها نحن في العشر الأواخر من رمضان فاستغلوها واستفيدوا من فضلها فمن لم يختم قراءة القران فليكمل ما تبقى عليه من آياته وسوره ومن أكمل فليضاعف من حسناته وأجوره فكتاب الله لا تمله النفوس ولا تشبع منه القلوب فهو منهج أمة ودستور حياة...

 

عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرٍ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَالَ: "الصِّيَامُ وَالْقُرْآنُ يَشْفَعَانِ لِلْعَبْدِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، يَقُولُ الصِّيَامُ: أَيْ رَبِّ مَنَعْتُهُ الطَّعَامَ وَالشَّهَوَاتِ بِالنَّهَارِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، وَيَقُولُ الْقُرْآنُ: مَنَعْتُهُ النَّوْمَ بِاللَّيْلِ فَشَفِّعْنِي فِيهِ، قَالَ: فَيُشَفَّعَانِ" (رواه أحمد).

 

فالمحافظة على الصلوات جماعة وصلاة التراويح والقيام وتحري ليلة القدر وقراءة القرآن والاعتكاف والذكر والدعاء بخير الدنيا والآخرة وبقبول العمل من أعظم الأعمال في هذه العشرة الأواخر من رمضان، وهي زاد الروح وغذاء القلوب لمواصلة المسلم سيره في هذه الحياة بثبات واستقامة، وهي ذخر له عند الله يوم لا ينفع مال ولا بنون ولا منصب ولا جاه ولا سلطان ولا أتباع..

 

فلا ينفعك إلا عملك الصالح المقبول عند الله.. قال الإمام علي -رضي الله عنه-: "كونوا لقبول العمل أشد اهتماماً منكم بالعمل، ألم تسمعوا إلى قول الحق -عز وجل-: (إِنَّمَا يَتَقَبَّلُ اللَّهُ مِنَ الْمُتَّقِينَ) [المائدة: 27]، وكان ينادي في آخر ليلة من شهر رمضان: "يا ليت شعري من هذا المقبول منَّا فنهنيه، ومن هذا المحروم فنعزيه، ثم ينادي: أيها المقبول هنيئاً لك، أيها المردود جبر الله مصيبتك"..

 

كما نذكر أنفسنا بالصدقة والإنفاق على الفقراء والمساكين والأيتام والنازحين وأصحاب الدين والمعوزين إلى جانب إخراج زكاة الفطر فهي طهرة للصائمين مما قد يؤثر في صيامهم وينقص ثوابه بسبب اللغو والرفث ونحوهما، وتكميلاً للأجر وتنمية للعمل الصالح، ومواساة للفقراء والمساكين، وإغناء لهم من ذلّ الحاجة والسؤال يوم العيد إلى جانب أن فيها إشاعة المحبة والمودة بين فئات المجتمع المسلم...

 

عن ابن عمر -رضي الله عنهما- قال: "فرض رسول الله زكاة الفطر صاعاً من تمر، أو صاعاً من شعير، على العبد والحر، والذكر والأنثى، والصغير والكبير من المسلمين. وأمر بها أن تؤدى قبل خروج الناس إلى الصلاة" (متفق عليه)، ويجوز إخراجها قبل العيد بيوم أو يومين أو ثلاثة.. كما يجوز إخراجها نقوداً بسعر الصاع أو ما تحدده وزارة الأوقاف..

 

 اللهم تقبل منا صيامنا وصلاتنا وقيامنا وسائر أعمالنا يا رب العالمين..

 

اللهم اجعلنا من عتقائك من النار وأدخلنا في زمرة المقبولين.. اللهم ردنا إلى دينك رداً جميلاً.. اللهم ألف بين قلوبنا وأصلح ما فسد من أحوالنا واحفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين..

 

اللهم من أراد بلادنا وسائر بلاد المسلمين بسوء فرد كيده في نحره واجعل الدائرة تدور عليه.. لا ترفع له راية ولا تحقق له غاية واجعله لمن خلفه عبر وآية يا عظيم.. يا كريم.. هذا وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله وأصحابه الطيبين الطاهرين، والحمد لله رب العالمين.

 

 

 

المرفقات

محطة تفاؤل وزاد للروح

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات