دعاء الله تعالى

محمد أسعد

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ فضائل الدعاء في القرآن والسنة 2/ الدعاء سلاح الأنبياء والصالحين 3/ عواقب الاستكبار عن الدعاء 4/ أفضل أوقات الدعاء 5/ شروط إجابة الدعاء

اقتباس

الدعاء مفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين. الدعاء أنيس المؤمن في الشدائد، وسلواه عند الكرب وحلول المصائب. ما استُجلبت النعم بمثله، ولا استُدفعت النقم والبلايا بنحوه. بالدعاء تلين الأفئدة والقلوب، بالدعاء تنشرح الصدور وتزول الهموم والكروب.

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله...

 

أما بعد، فإن الله –تعالى- بواسع رحمته، وعظيم جوده وإحسانه وكرمه، أمر عباده بالدعاء، ووعدهم الإجابة والعطاء، فقال تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ) [غافر: 60]، وقال سبحانه: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186].

 

ينادي عباده إلى دعائه في الحديث القدسي فيقول: "يا عبادي، كلكم ضالّ إلا من هديته، فاستهدوني أهدكم.

 يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته، فاستطعموني أطعمكم.

 يا عبادي، إنكم تخطئون بالليل والنهار، وأنا أغفر الذنوب جميعًا، فاستغفروني أغفر لكم".

 

الدعاء –عباد الله– ركن العبادة وأساسها، ولبُّها وجوهرها وروحها، ففي الحديث: "الدعاء هو العبادة" وفيه أيضًا: "ليس شيء أكرم على الله من الدعاء".

 

الدعاء مفزع المظلومين، وملجأ المستضعفين.

الدعاء أنيس المؤمن في الشدائد، وسلواه عند الكرب وحلول المصائب.

ما استُجلبت النعم بمثله، ولا استُدفعت النقم والبلايا بنحوه.

بالدعاء تلين الأفئدة والقلوب، بالدعاء تنشرح الصدور وتزول الهموم والكروب.

 

الدعاء ربح بلا ثمن، وغنيمة بلا عناء، وتجارة يملكها الغني والفقير، والكبير والصغير؛ فأعجز الناس من عجز عن الدعاء.

 

الدعاء خير كله، في عاجل أمور العباد وآجلها، ففي الحديث: "ما من عبدٍ يدعو الله بدعوة ليس فيها إثم ولا قطيعة رحم إلا أعطاه الله إحدى ثلاث: إما أن يستجيب له دعوته، أو يصرف عنه من الشر مثلها، أو يدخر له من الأجر مثلها".

 

الدعاء طريق الأنبياء والمرسلين الذين قال الله عنهم: (إِنَّهُمْ كَانُوا يُسَارِعُونَ فِي الْخَيْرَاتِ وَيَدْعُونَنَا رَغَبًا وَرَهَبًا وَكَانُوا لَنَا خَاشِعِينَ) [الأنبياء: 90].

 

الدعاء طريق عباد الله الصالحين الذين قال الله فيهم: (كَانُوا قَلِيلًا مِنَ اللَّيْلِ مَا يَهْجَعُونَ * وَبِالْأَسْحَارِ هُمْ يَسْتَغْفِرُونَ)[الذاريات: 17- 18].

 

توعد الله المستكبرين عن دعائه فقال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي -أي: دعائي- سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60] أي: حقيرين ذليلين.

 

ذمَّ مَن يدعو غيره ممن لا يملك ضرًّا ولا نفعًا، ولا موتًا ولا حياة ولا نشورًا، فقال سبحانه: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ) [الأحقاف: 5] وقال أيضًا: (إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 14].

 

الدعاء هو القوة التي لا قِبل لأحدٍ بها؛ فالقلوب الصالحة، والأدعية الصادقة، هي العسكر الذي لا يغلب، فبالدعاء نصر الله نوحًا حين دعا ربه فقال: (رَبِّ لَا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكَافِرِينَ دَيَّارًا * إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبَادَكَ وَلَا يَلِدُوا إِلَّا فَاجِرًا كَفَّارًا) [نوح: 26- 27].

 

وبالدعاء نصر الله موسى ومن آمن معه حين دعا ربه فقال: (رَبَّنَا إِنَّكَ آَتَيْتَ فِرْعَوْنَ وَمَلَأَهُ زِينَةً وَأَمْوَالًا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا رَبَّنَا لِيُضِلُّوا عَنْ سَبِيلِكَ رَبَّنَا اطْمِسْ عَلَى أَمْوَالِهِمْ وَاشْدُدْ عَلَى قُلُوبِهِمْ فَلَا يُؤْمِنُوا حَتَّى يَرَوُا الْعَذَابَ الْأَلِيمَ * قَالَ قَدْ أُجِيبَتْ دَعْوَتُكُمَا فَاسْتَقِيمَا وَلَا تَتَّبِعَانِّ سَبِيلَ الَّذِينَ لَا يَعْلَمُونَ) [يونس: 88- 89].

 

بالدعاء نصر الله نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم– والقلة من المؤمنين معه، حين دعا ربه طويلاً يناشده النصر يوم بدر.

ولو لم يكن للدعاء ذلكم الأثر، لما حذر الشرع من دعوة المظلوم، ولما نهى الإنسان أن يدعو على نفسه أو ماله أو ولده، وكم جرّب الناس فوجدوا!!

 

أتهزأ بالدعاء وتزدريه *** ولا تدري بما صنع الدعاء

سهام الليل لا تخطي ولكن *** لها أمد وللأمد انقضاء

 

(ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَةَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 55- 56].

 

 

الخطبة الثانية

 

الحمد لله...

 

أما بعد، فالدعاء الدعاء –عباد الله-، وترقبوا ساعات الإجابة؛ كيوم الجمعة ووقت السحر، والثلث الآخر من الليل، ودبر الصلوات المكتوبات، وبين الأذان والإقامة وفي السجود.

 

عبد الله، أخلصْ لله دعاءك تكن مجاب الدعوة.

 قدِّم بين يدي دعائك حمدًا لله وثناء، وتوبة وإنابة واستغفارًا.

قدِّم بين يدي دعائك عملاً صالحًا، وصلاة على رسول الله وآله وصحبه وسلامًا.

 

تقرّب إلى الله بالفرائض، وسارع إليه بالنوافل تكن مجاب الدعوة.

أطبْ مطعمك تكن مجاب الدعوة.

تعرف إلى الله في الرخاء يعرفك في الشدة.

 

مُرْ بالمعروف وانه عن المنكر –بحسب وسعك بالحكمة والموعظة الحسنة– تكن مجاب الدعوة.

لا تدع بإثم أو قطيعة رحم، تكن مجاب الدعوة.

 

ألِحَّ في الدعاء، وأكثر ولا تستعجل، تكن مجاب الدعوة.

أحسن الظن بربك، فإنه تعالى عند حسن ظن عبده به، وإنه يستحيي –سبحانه– إذا رفع عبده إليه يديه، أن يردهما صفرًا خائبتين.

 

فاللهم إنا نسألك فواتح الخير وجوامعه، وأوله وآخره، ونسألك الدرجات العلا من الجنة.

 

اللهم إن بأمة الإسلام من الجهد والبلاء، ما تعلمه يا سميع الدعاء، اللهم فاكشف كربها، وادفع ضرها وارفع بلواها.

 

ربنا آتنا في الدنيا حسنة وفي الآخرة حسنة وقنا عذاب النار.

اللهم ما سألناك من الخير فأعطنا، وما لم نسألك فابتدئنا، وما قصرت عنه آمالنا وأعمالنا من الخيرات فبلّغنا.

 

 

 

المرفقات

الله تعالى

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات