داء الحسد: أسبابه وعلاماته وعلاجه

صلاح بن محمد البدير

2022-11-11 - 1444/04/17 2022-11-11 - 1444/04/17
عناصر الخطبة
1/الحسد داء وبيل وشره مستطير 2/بعض علامات الحاسد وصفاته البغيضة 3/من علامات السمو والرفعة ترك الحسد 4/آداب تُذهِب الحسد وتقي القلوب منه 5/بعض دواعي الحسد 6/علاج الحسد 7/من آداب ومحاذير التحديث بالنعم

اقتباس

الحسد من الذنوب العظام، والكبائر الجسام؛ لأنَّه يأكل الحسنات، ويديم الحسرات، فوا أسفاه على من أوقَد نار الحسد في قلبه، وجعَل حطبَها صالحَ كَسبِه، ويا حسرةَ مَنْ آثره الشيطان، وأسكرته الغفلةُ حتى جاد بدِينِه وحسناته وقَدِمَ على الله فقيرًا حقيرًا مُفلِسًا ممقوتًا...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الواحد الأحد الصمد، حرَّم الظلم والجورَ والبغي والحسد، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، عقيدة راسخة ويا حسنها من معتقد، وكلمة باقية في العقب والولد، وشهادة صادقة من استوفى شروطها فلنفسه مهد، وأشهد أنَّ نبيَّنا وسيدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه، من أطاعه فقد رشد، ومن عصاه فيا بؤس ما قصد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه ما سجد ساجد لمولاه واجتهد.

 

أمَّا بعدُ، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله الورود والصدر، وراقِبوه فيما بطَن في الأمور وظهَر؛ فإن الرزق مقدَّر، والأجل مسطَّر؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ)[الْحَشْرِ: 18].

 

أيها المسلمون: التطهر من الرذائل والتلبُّس بالفضائل شأن الكُمَّل، ومن الرذائل المهلِكة داء الحسد، والحسد داعية النكد، ومطِيَّة الكَمَد، وعلامة الشؤم واللؤم، وحَدُّ الحسَدِ أن يرى الرجلُ لأخيه نعمةً فيتمنى أن تزول عنه وتكون له دونه، ويُعرَف الحاسدُ باللَّحْظ واللَّفْظ، ورُبَّ لحظٍ أنمَّ من لفظ، وللحاسد ثلاث علامات: يتملَّق إذا شهد، ويغتاب إذا غاب، ويشمت بالمصيبة.

 

وحاسدُ النعمة لا يرضيه إلا زوالها، ولا يسرُّه إلا انتقالها، لا يرضى بقضاء، ولا يقنع بعطاء، إذا نظر إلى من فوقه في علم أو في خَلْق، أو خُلُق، أو مال، أو أي خصلة من خصال التفضيل اعترض على الله في مشيئته، واغتاظ من فضل الله وقِسمته، لا يرى قضاءَ الله عدلًا، ولا لنِعَمِه من الناس أهلًا، يَكرَه نعمتَه، ويَجهَل حكمتَه، ويسعى بالبغي على مَنْ أنعَم اللهُ عليه، ويَمضِي في المكر بمَنْ أحسَنَ اللهُ إليه.

ألَا قُلْ لِمَنْ كان لي حاسِدًا *** أَتَدْرِي على مَنْ أسأتَ الأدَبْ

أسأتَ على الله في فِعله *** لأنَّكَ لم ترضَ لي ما وَهَبْ

فجازاكَ عنِّي بأَنْ زَادَنِي *** وسدَّ عليكَ وجوهَ الطلَبْ

 

قال الأصمعي: "سمعتُ أعرابيًّا يقول: ما رأيتُ ظالِمًا أشبهَ بمظلوم من الحاسد؛ حُزنٌ لازمٌ، وتعَسٌ دائمٌ، وعقلٌ هائٌم، وحسرةٌ لا تنقضي"، وقال أبو الليث السمرقندي: "يصل إلى الحاسد خمسُ عقوبات قبل أن يصل إلى المحسود مكروهٌ: أولها: غمٌّ لا ينقطع، والثاني: مصيبة لا يُؤجَر عليها، والثالث: مذمَّةٌ لا يُحمَد بها، والرابع: يَسخَط عليه الربُّ، والخامس: تُغلَق عليه أبوابُ التوفيقِ".

فلا تَحسُدَنَّ يومًا على فضل نعمة *** فحَسبُكَ عارًا أَنْ يُقالَ: حَسُودُ

 

ومن غوائل الحسد: تنقيص العمر وتشتيت الفكر، قال ابن المعتز: "الحسدُ داءُ الجسدِ"، وقال الأصمعي: "رأيتُ شيخًا بالبادية، قد سقَط حاجباه على عينيه، وله مئة وعشرون سنة وفيه بقية، فسألتُه فقال: تركتُ الحسدَ؛ فبقي الجسدُ".

 

أيها المسلمون: ومن زكت نفسه وسَمَتْ لم يجد في قلبه حزازةً وغيظًا وحسدًا على ذي نعمة، وانظر إلى السادة الأنصار، أهل المواساة والإيثار، وهم أعز قبائل العرب جارًا، ومن اتخذ الرسولُ -صلى الله عليه وسلم- دارهم أمنًا وقرارًا، -رضي الله عنهم-، الذين أثنى الله عليهم بقوله: (وَلَا يَجِدُونَ فِي صُدُورِهِمْ حَاجَةً مِمَّا أُوتُوا)[الْحَشْرِ: 9]؛ أي: ولا يجدون في أنفسهم حسدًا للمهاجرين فيما فضَّلَهم اللهُ به من المنزلة والشرف، والتقديم في الشرف والرتبة.

 

أيها المسلمون: وقد وبَّخ اللهُ الحاسدينَ وذمَّ صنيعَهم واستقبَح فِعالَهم، فقال جلَّ وعزَّ: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ)[النِّسَاءِ: 54]، و"أَمْ" هي المنقطعة، والتقدير: بل يحسدون الناس على ما جاد الله عليهم من سَجْلِه، وأفاض عليهم من فضله.

 

والحسد من الذنوب العظام، والكبائر الجسام؛ لأنَّه يأكل الحسنات، ويديم الحسرات، فوا أسفاه على من أوقَد نار الحسد في قلبه، وجعَل حطبَها صالحَ كَسبِه، ويا حسرةَ مَنْ آثره الشيطان، وأسكرته الغفلةُ حتى جاد بدِينِه وحسناته وقَدِمَ على الله فقيرًا حقيرًا مُفلِسًا ممقوتًا، وذلك مُرادُ الشيطانِ من أتباعه وأوليائه، عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال: "لا تباغضوا، ولا تحاسدوا، ولا تدابروا، وكونوا عباد الله إخوانًا"(مُتَّفَق عليه)، وعن عبد الله بن عمرو بن العاص -رضي الله عنه- عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنَّه قال: "إذا فُتحت عليكم فارسُ والرومُ أيُّ قومٍ أنتُم؟ قال عبد الرحمن بن عوف: نقول كما أمرنا الله. قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: أو غيرَ ذلك؟ تتنافسون، ثم تتحاسدون، ثم تتدابرون، ثم تتباغضون، ثم تنطلقون في مساكن المهاجرين فتحملون بعضهم على رقاب بعض"(أخرجه مسلم)؛ فانظر كيف أضحى العيش المخدودم المغدودم سببًا في وقوع التنافس والتحاسد والتدابر والتباغض، وطلب بعضهم الظهور على بعض، ولو بسفك الدماء المعصومة والنفوس المصونة.

 

وعن ضمرة بن ثعلبة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "لا يزال الناس بخير ما لم يتحاسدوا"(أخرجه الطبراني في الكبير)، وقال عمر -رضي الله عنه-: "لا يكون رجل من أهل العلم حتى لا يَحسُد مَنْ فوقه، ولا يُحقِّر مَنْ دُونَه، ولا يبتغي عِلمَه ثمنًا"، وقال حاتم الأصم: "رأيتُ الناسَ يتحاسدون فنظرتُ في قول الله -تعالى-: (نَحْنُ قَسَمْنَا بَيْنَهُمْ مَعِيشَتَهُمْ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَرَفَعْنَا بَعْضَهُمْ فَوْقَ بَعْضٍ دَرَجَاتٍ لِيَتَّخِذَ بَعْضُهُمْ بَعْضًا سُخْرِيًّا وَرَحْمَةُ رَبِّكَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ)[الزُّخْرُفِ: 32]، فتركتُ الحسدَ".

 

أيها المسلمون: ومَنْ أرسَل طرفَه عايَن حتفَه، ومَنْ طَمِعَ في كل ما لاحَ حَسِرَ، ومن تمنَّى الأمانيَّ الباطلةَ التي تُورِث الحسدَ والبغيَ بغير الحق خَسِرَ، ومن قال بلسان الحسود: وَدِدْتُ أنَّ لي مالَ فلان، يا ليتَ لي منصبَ فلان، يا ليتَ لي زوجةَ فلان فقد طاش عقلُه، وقَبُحَ قولُه، وساء فِعلُه، وأضحى أسيرًا لحُمقِه ونَزَقِه، قال جلَّ وعزَّ: (وَلَا تَتَمَنَّوْا مَا فَضَّلَ اللَّهُ بِهِ بَعْضَكُمْ عَلَى بَعْضٍ)[النِّسَاءِ: 32]، قال الحسن: "تتمنى مال فلان ومال فلان، وما يدريك لعل هلاكه في ذلك المال؟".

 

أيها المسلمون: ولم يظل ذو الفضل محسودًا، وبالأذى مقصودًا، وكلما كَثُرَ الفضلُ كَثُرَ الحُسَّاد، وكلما كانت فضيلة الإنسان أتم وأكمل كان حسد الحاسدين عليه أعظم؛ فتَّتِجهُ إليه أنظار الحَسَدة، وتَنُوشُهُ عيونُ الصغار المفاليس، وتُصوَّب إليه سهامُ المتربصينَ.

ما يُحسَدُ المرءُ إلا مِنْ فضائله *** بالعِلْم والظُّرْف أو بالبأس والجود

إنَّ العرانينَ تلقاها مُحسَّدةً *** ولا تَرى لِلِئامِ الناسِ حُسَّادًا

 

ومَنْ لمَع نجمُه وارتفع سهمُه واشتُهر اسمُه تألَّب عليه الحُسَّد، وتواطأ عليه الشانئون؛ لأن المنزلة الرفيعة وعلو الصيت تثير الضغائن وتبعث الأحقاد.

ما ضَرَّني حسدُ اللئامِ ولم يزل *** ذو الفضل يحسده ذوو النقصان

 

ولولا حُبُّ الوجاهة والصدارة وطلب الرئاسة، والطمع في الأموال والمناصب والولايات ما حَسَدَ أحدٌ أخاه على ما حازه من غنائم المعالي، ولا وددت النفوس الظالمة أن تسلب المحسود ما وهبه الله من عقود اللآلي ولا تمالؤوا على اهتضمام قدره، ولا أطالوا التمادي في التمالي على قهره، ومن عاشَ بين الناس لم يخل من أذى؛ لما قال واشٍ، أو تكلم حاسدٌ.

 

وإذا رأيتَ القومَ وقد سرى بينهم داء الضرائر، ودبت بينهم آكلة الأكباد، وانتشرت بينهم الأثرة، ورأيتَهم يتناهزون ويتنابزون ويتغامزون، ويتغايرون ولا يتجانسون، ويتحاسدون ولا يتآنسون، ويتعاسرون ولا يتعاشرون، ويتدابرون ولا يترافدون، فاعلم أنهم يتعايشون بالمكر، قال ابن القيم: "وقد شاهَد الناسُ عيانًا أنَّ مَنْ عاشَ بالمكرِ ماتَ بالفقر"، وقالت العرب: "مَنْ حفَر لأخيه جُبًّا وقَع فيه مُنكَبًّا".

 

أيها المسلمون: وما خلَا جسدٌ من حسد، أمَّا الكريم فيُخفيه، وأمَّا اللئيم فيبديه، ومَنْ وجَد في نفسه حسدًا فأخفاه وواراه ولم يُرتِّب عليه أذًى للمحسود ولا إضرارًا به بوجه من الوجوه لا بلسانه ولا بيده، ولم يجاوزه إلى البغي والظلم ولم يقابل أخاه إلا بما يحب الله لم ينله عليه ذم ولا لوم، قيل للحسن: "يا أبا سعيد، هل يَحسُد المؤمنُ؟ فقال: ما أنساكَ بني يعقوب حيث حسدوا يوسف؟ ولكِنْ غُمَّ الحسدَ في صدرِكَ؛ فإنَّه لا يضرُّكَ ما لم يَعْدُ لسانُكَ أو تعمل به يَدُكَ".

 

أيها المسلمون: ومَنِ اشتغَل بما لا يعنيه ضيَّع ما يعنيه، ومن لم يستغن بما يكفيه، فليس في الدنيا شيء يغنيه، ومن امتلأ صدره حسدًا وشنآنًا وبُغضًا وعداوةً فلا غرضَ له إلا الاستطالة في عرض المحسود، فإذا وُصف عنده بالفضل وذُكِرَ حُسن حالِه، وجَمال فِعالِه، قال طاعنًا فيه: "أليس يقول كذا؟ أليس يفعل كذا؟ يعدد معايبه، وينشر مثالبه، ويخفي محاسنه ومناقبه، ولو كانت معايبه مغمورة في بحر مناقبه، وهكذا ديدن الحاسد؛ يُجاهِر في سب أعيان زمانه، من أضرابه وأقرانه، لا يَسلَم من عطب لسانه أحدٌ، ولا ينتهي عندَ غاية ولا حد.

فحَسْبُكَ الناسُ من شر حاسد *** ومِنْ عينِ شيطانٍ إليكَ تَعمَدُ

 

(قُلْ أَعُوذُ بِرَبِّ الْفَلَقِ * مِنْ شَرِّ مَا خَلَقَ * وَمِنْ شَرِّ غَاسِقٍ إِذَا وَقَبَ * وَمِنْ شَرِّ النَّفَّاثَاتِ فِي الْعُقَدِ * وَمِنْ شَرِّ حَاسِدٍ إِذَا حَسَدَ)[الْفَلَقِ: 1-5].

 

أقول ما تسمعون وأستغفِر الله فاستغفِروه، إنَّه كان للأوابينَ غفورًا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله واهب النعم، ودافع النقم.

نِعَمُ الإلهِ بشُكرِه تتقيدُ *** فاللهُ يُشكَر في النوال ويُحمَدُ

مُدَّتْ إليه أكُفُّنا محتاجةً *** فأنالَها من جوده ما نعهدُ

وأغاثنا بغمائمٍ وكَّافةٍ *** بالبِشْر تُشرِق والبشائرُ تُرعِدُ

حملت إلى ظمأ البسيطة ريه *** فله عليه رية لا تُجحَدُ

 

فالجوُّ برَّاقٌ والشعاع مفضَّضٌ *** والماءُ فيَّاضُ الأثيرِ مُعسجَدُ

فانظر إلى آثار رحمته التي *** لا يُمترى فيها ولا يُتردَّدُ

 

وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، يسمع أنين المظلوم، وأشهد أن نبينا وسيدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، الذي أشرقت بنور سنته الظلم، صلَّى اللهُ عليه وعلى آله وأصحابه، وأزواجه، ما انهلت الديم، وانصب ماء السحاب وانسجم، وما جرت بطون الأودية بسيل الفضل والكرم، وسلَّم تسليمًا كثيرًا، عدد القطر، والنبت، والرمث، والمرخ، والطلح، والسَّلَم.

 

أما بعدُ، فيا أيها المسلمون: اتقوا الله وراقِبوه وأطيعوه ولا تعصوه؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ)[التَّوْبَةِ: 119].

 

أيها المسلمون: وإذا دبَّت عقاربُ الحُسَّد، وكمنت أفاعيهم بكل مرصد، فاستعِيذوا بالله من شرهم، ولُوذوا بالله من مكرهم، وتحصَّنوا بالأذكار من غدرهم، وتحرَّزوا من غوائل حسدهم، وابتعِدوا عن ملابَستهم، واستغنوا عن مجالستهم، وامتنِعوا عن إدنائهم؛ لعُضل دائهم، وإعواز دوائهم، وعِظَم بلائهم.

 

أيها المسلمون: والتحدُّث بالنعم من شكرها، ومتى خَشِيَ المسلمُ نفوسَ الحاسدين وعيون الحاقدين كتم وأخفى، قال الأصمعي: "وإذا أردتَ أن تَسلَم من الحاسد فعَمِّ عليه أمورك"، وقال شيخ الإسلام ابن تيمية: "وليس للمحسود أسلمُ من إخفاء نعمته عن الحاسد، وقد قال يعقوب ليوسف -عليهما السلام-: (لَا تَقْصُصْ رُؤْيَاكَ عَلَى إِخْوَتِكَ فَيَكِيدُوا لَكَ كَيْدًا)[يُوسُفَ: 5]" انتهى كلامه -رحمه الله-، فلما علم أن الله -تعالى- سيبلغه مبلغًا جليلًا ومنزلًا رفيعًا، يصطفيه بالنبوة، ويجتبيه بالرسالة، ويُنعم عليه بشرف الدارين أمرَه أن يكتم رؤياه عن إخوته شفقةً عليه من الحسد، قال القرطبي: "وفيها ما يدل على جواز ترك إظهار النعمة عند من تخشى غائلته حسدًا وكيدًا".

 

أيها المسلمون: ومَنْ أعجَبَه شيءٌ من حاله، أو ماله، أو ولده، أو حال غيره، فليذكر الله وليبرك؛ لحديث سهل بن حنيف -رضي الله عنه- أن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- قال لعامر بن ربيعة: "علام يقتل أحدكم أخاه؟ هلا إذا رأيت ما يعجبك برَّكتَ؟"(أخرجه أحمد)، والتبريك الدعاء للإنسان أو غيره بالبركة، يقال: "بركت عليه تبريكا؛ أي: قلت له: بارَك اللهُ عليك، وبارَك لكَ، وبارَك فيكَ؛ أي: وضع فيكَ البركة وثبَّتَها، وأدامها وضعَّفها"، والبركة لكونها خالصة تتعدى باللام، ولكونها نافذة تتعدى بالفاء، ولكونها نازلة من السماء تتعدى بعلى؛ تصويرًا لصب البركات وإفاضتها من السماء.

 

حفظنا الله جميعًا من حسد الحاسدين، وحقد الحاقدين، وكيد الكائدين، ومكر الماكرين، وظلم الظالمين، وبارك لنا وفينا وعلينا من بركاته المتوالية المتتابعة المتكاثرة، والدائمة الشاملة إلى يوم الدين.

 

وصلُّوا وسلِّموا على أحمد الهادي شفيع الورى طُرًّا، فمَنْ صلى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.

 

اللهم صلِّ وسلِّم على نبينا وسيدنا محمد، بشير الرحمة والثواب، ونذير السطوة والعقاب، الشافع المشفَّع يوم الحساب، اللهم صل عليه وعلى جميع الآل والصحاب، وعنا معهم يا كريم يا وهاب.

 

اللهم أعزَّ الإسلام والمسلمين، وأذلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، اللهم احفظ بلادنا، المملكة العربيَّة السعوديَّة، من كيد الكائدين، ومكر الماكرين، وحقد الحاقدين، وحسد الحاسدين، يا ربَّ العالمينَ، وجميع بلاد المسلمين يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرَنا خادم الحرمين الشريفين لما تحب وترضى، وخذ بناصيته للبر والتقوى، اللهم وفِّقْه ووليَّ عهده لِمَا فيه عز الإسلام وصلاح المسلمين يا ربَّ العالمينَ، اللهم احفظ جنودنا، واحم حدودنا، يا ربَّ العالمينَ، احفظ جنودنا يا ربَّ العالمينَ، احفظ جنودنا المرابطين على حدودنا وثغورنا، اللهم اشف مرضاهم، وارحم موتاهم، وتقبلهم في الشهداء يا ربَّ العالمينَ.

 

اللهم اشف مرضانا، وعاف مبتلانا، وارحم موتانا يا ربَّ العالمينَ، اللهم اجعل دعاءنا مسموعًا، ونداءنا مرفوعًا، يا كريم يا عظيم يا رحيم.

المرفقات

داء الحسد أسبابه وعلاماته وعلاجه.pdf

داء الحسد أسبابه وعلاماته وعلاجه.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
16-11-2022

 اشكركم على جهدكم