خطر المعاكسات

خالد بن عبدالله الشايع

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: قضايا اجتماعية
عناصر الخطبة
1/ أغلى ما يملك الإنسان هو عرضه 2/ المعاكسات تدمر الأسر والفتيات 3/ التحذير من ثقة الآباء العمياء 4/ الفراغ العاطفي عند الفتيات وخطره 5/ كما تدين تدان 6/ ضوابط في التعامل مع النساء

اقتباس

المعاكسات التي عصفت بالمجتمع وكثر الساقطون في أوحالها، وهي شرارة الفساد للمجتمع، وبها تنتشر الرذيلة وتسقط العفة، فكم من فتاة سقطت في هذا البلاء، وتدنست بأوحاله، فكانت النتيجة أن أغلقت باب الزواج على نفسها وعن إخوتها، وربما إخوانها أيضًا، وكم زوجة وقعت فيه، فعلم زوجها بذلك فطلقها وتفرقت الأسرة، وضاع الأولاد، ومن تتبع ما وقع...

 

 

 

 

الخطبة الأولى: 

إن الحمد لله نحمده...

أما بعد:

فيا أيها المؤمنون: إن الشيطان ليجري من ابن آدم مجرى الدم، ويسعى لإضلاله بكل سبيل، فما من طريق إلا وقد وقف فيه لابن آدم، فطوبى لمن تحصن بحصن التقوى فكان من الناجين.

معاشر المسلمين: إن مجتمعًا إسلاميًّا كمجتمعنا بهذه الكثرة يعيش فيه المرء لا بد أن تكتنفه المخاطر هو وأسرته، فكيف الحال وقد اكتنف هذا المجتمع سيل جارف من الملهيات والشهوات، عبر وسائل الفساد التي لم ينج منها بيت.

عباد الله: إن أغلى ما يملك المسلم بعد عقيدته، هو عرضه الذي يفديه بروحه وما يملك كما قال الأول:

أصون عرضي بمالي لا أدنسه *** لا بارك الله بعد العرض في المالِ

وللأسف فإن كثيرًا من الناس أصبح يدنس عرضه بماله، فلا هو حفظ عرضه ولا ماله.

أيها الناس: حديثنا -بإذن الله- سيكون عن داء المعاكسات التي عصفت بالمجتمع وكثر الساقطون في أوحالها، وهي شرارة الفساد للمجتمع، وبها تنتشر الرذيلة وتسقط العفة، فكم من فتاة سقطت في هذا البلاء، وتدنست بأوحاله، فكانت النتيجة أن أغلقت باب الزواج على نفسها وعن إخوتها، وربما إخوانها أيضًا، وكم زوجة وقعت فيه، فعلم زوجها بذلك فطلقها وتفرقت الأسرة، وضاع الأولاد، ومن تتبع ما وقع من جرّاء المعاكسات من حوادث أليمة وفواحش عظيمة تفطر قلبه ألمًا على مجتمعه الإسلامي الذي نخره الفساد، وسقط عفاف نسائه عن طريق المعاكسات.

أيها المسلمون: يقول الله -جل في علاه-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ).

فكثير من المسلمين -هداهم الله- يستسهلون كثيرًا من المعاصي ويتبعون ما يملي عليهم الشيطان من خطواته، حتى يقعوا في أوحال الرذيلة وهم لا يشعرون، فكل من وقع في جريمة الزنا لأول مرة ما كان يتخيل أن يصل إليها، ولكن الشيطان استزله بحبائله، ومشى به على طريق الزنا خطوة خطوة حتى سقط فيها، وبعدها تخلّى عنه الشيطان وتركه يكابد آلام المعصية، إن كان في قلبه إيمان، أو آلام الفضيحة إن كان في قلبه حياء.

أيها الآباء الغيورون: ما من مسلم إلا وفي قلبه غَيْرة، وما من مسلم إلا ويثق في أهله وزوجه، ولكن لنعلم أن كل من سقط أهله في هذه الجريمة كان هو كذلك من أهل الثقة العمياء، واللا مبالاة، فليس من العيب أن نحتاط، ونتخذ وسائل الوقاية قبل أن يقع الفأس في الرأس، فإن كثيرًا من الفتيات تكون من الغافلات عن هذه الطريق، ولكن تسقط ضحية للكلاب القذرة التي لا تألو المسلم خبالاً في عرضه، وما يهمها شيء سوى قضاء الشهوة.

معاشر المؤمنين: إن مبدأ المعاكسات في الغالب هو الهاتف أيًّا كان، خلويًّا أم ثابتًا، وهذه هي نقطة البداية التي إذا أغلقتها الفتاة، فقد نجت وإن تساهلت وقعت في الحضيض إلا أن يشاء الله، ولهذا يجب على الولي أن لا يغفل عن الهاتف، وأن يجعل له حظًّا من وقته في مراقبته، ومعرفة المتصلين يوميًّا بصورة لا تلفت الانتباه، وأن لا يتساهل في التعامل مع أي عابث يتصل على بيته، بل يستخدم معه كل وسائل الردع.

ومن ثمّ بقية وسائل الاتصال، وذلك عن طريق الهاتف الخلوي، فمن الخطأ أن يشتري الأب لابنته جوالاً، ثم لا يتابع من يتصل بها، أو من تتصل عليه ، فضلاً عن كون الجوال في يد الفتاة إذا كانت صغيرة يعرضها للفتنة، فما المانع أن يقلب الأب جوال ابنته كل فترة علانية أمامها، ولا يشعرها أنه من مبدأ الشك، بل يجعله من باب حب الاستطلاع، فينظر إلى حافظاته، والأرقام التي تتصل بها وعليها وهكذا.

ثم ينتبه الولي للاتصال عن طريق الإنترنت، فإن بعض الجوالات تدخل على الإنترنت أفضل من أجهزة الحاسب، فما للمرأة والإنترنت!! فوسائل الاتصال فيه كثيرة جدًا حتى يكون الاتصال عن طريق الصوت والصورة، وحدث ولا حرج عما يسمى بالشات، وغرف الدردشة، فباستطاعة أي شخص أن ينقل من خلالها ما شاء من البلاء، وإن شئت أن تمنعها منه، فلا أقل من أن تجعل الجهاز الذي يدخل عن طريقه للإنترنت واحدًا وفي صالة البيت للجميع.

معاشر المسلمين: من خلال استبانة وزعت على ما يقارب ألفين فتاة وجد أن سبعين بالمائة من المعاكسات كان سبب وقوعهن في ذلك هو الفراغ العاطفي والقنوات الفضائية والبعد عن الله.

فهل نعرف ما المقصود من الفراغ العاطفي؟!

قالت إحدى النساء التي ألقي القبض عليها في خلوة مع أجنبي: إني لم أسمع من زوجي كلمة المحبة ولا ما يقرب منها في حياتي الزوجية كلها، وهذا ما دعاني للسقوط مع غيره حيث وجدت تلك الكلمات.

أيها الناس: إننا في زمن لا بد للزوج أن يبادل زوجته كلام الحب والعاطفة، والثناء عليها بالجمال، ولو كان ذلك غير واقعي، ولكن لابد منه ولو تصنعًّا؛ وذلك منعًا لشر عظيم يقع بفقدانه.

وكذلك البنات، لابد أن تجد ذلك من الأب ومن الأم والإخوة ليقطعوا الطريق على الكلاب البشرية أن تستميلها بشيء من تلك العبارات.

اللهم استر على نساء المسلمين، واحفظهن من التبرج والسفور يا رب العالمين.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله رب العالمين...

أما بعد:

فيا أيها الناس: إذا حافظ الولي على نسائه لم يكن هناك حاجة أن نتكلم مع ذلك الكلب البشري الذي يطيف بالنساء حتى يوقعهن فرائس له، ويكفيه أن نقول له: كما تدين تدان، ومن هتك عرض أخيه المسلم هتك الله عرضه عاجلاً أو آجلاً.

قال الشافعي -رحمه الله-:

عفوا تعف نسـاؤكم في المحرم *** وتجنبوا مـا لا يليـق بمسـلم
إن الزنـا دين فـإن أقرضـته *** كان الوفا من أهل بيتك فاعلم
يا هاتكًا حُرُم الرجـال وقاطعًا *** سبـل المودة عشت غير مكرم
لو كنت حرًّا من سلالة ماجد *** ما كنت هتّاكًا لحرمـة مسـلم
مـن يَزْنِ يُزْنَ بـه ولو بجداره *** إن كنت يا هـذا لبيبًا فـافهم
مـن يزن في قوم بألفي درهم *** في أهـله يُزنى بغـير الـدرهم

عباد الله: لنعطِ نساءنا الثقة بحدود، ولنعطيهن الحنان العاطفي، ولنُحِطْهُنَّ بسور الحماية والغيرة، ولنجلب لهن الكتب والأشرطة التي تنبهها لمثل هذه المخاطر، ولنعمق في قلبها الخوف من الله ومراقبته، ولنسارع بزواجهن من الأكفاء، وما أحسن أن تصحب الفتاة أهل الخير والديانة التي تحصل عليها في دور تحفيظ القرآن، فتتعرف على الخيِّرات، وتملأ وقتها بالمفيد.

معاشر المؤمنين: ها نحن على أبواب الامتحانات، وفي هذه الأوقات تكثر جريمة المعاكسات، ومن جلس مع بعض أعضاء الهيئة أعطاه من القصص التي تدمي القلب، والشققُ المفروشة والمطاعم العائلية شاهدة بذلك للأسف.

معاشر المسلمين: لنتقِ الله جميعًا في بنات المسلمين، فما أعظمها من جريمة أن يفسد الرجل بيت أخيه المسلم ويهتك عرضه، يا الله!! يا ويلها من نفوس شريرة، تسعى في فساد البيوت، فكم من دعوة ترسل لهم، وكم من دين يحفظ لهم، والواقع شاهد بذلك.

أيها المؤمنون: علينا جميعًا أن نتقي الله في معاملتنا للنساء بشكل عام، فمن كان يعمل في محلات يرد عليها النساء فليتخيل تلك المرأة الداخلة عليه هي أخته، وليتعفف في كلماته وفي شكله ونظراته، فالشيطان حريص، والخلوة هي مجالس الشيطان التي يبني فيها علاقات الفساد ويعلق القلوب ببعضها.

وكذلك من ابتلي بمكالمات النساء أو العمل في محيط فيه نساء، فلا يخلُ بامرأة ولا يكثر الكلام معها إلا لحاجة، وليتعفف في كلامه ولا يتميع فيه، قال الله تعالى: (يَا نِسَاءَ النَّبِيِّ لَسْتُنَّ كَأَحَدٍ مِنْ النِّسَاءِ إِنْ اتَّقَيْتُنَّ فَلا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلاً مَعْرُوفاً)، فهذا خطاب موجّه لنساء النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- أطهر النساء في زمنهن، ومع أفضل الخلق بعد الأنبياء والرسل صحابة رسول الله، فمن يأمن على نفسه بعدهم -رضوان الله عليهم-.

أيها المسلمون: ها نحن على أبواب الامتحانات، فكم فيها من ولي غافل هتك عرضه وهو لا يشعر، إن جرائم المعاكسات عند مدارس البنات تفوق المعاكسات في الأسواق، فهل يعقل الآباء ذلك؟! فهل منّا من يطلع على جدول الامتحانات الخاص ببنته خصوصًا التي في الجامعة، فينظر ما هي الأيام التي تختبر فيها، ومتى وقته؟! هل تعلم أن بعض الفتيات تذهب للكلية ثم تنزل وتركب مع عشيقها من عند باب الكلية وتعود للكلية نهاية الدوام لتعود إلى أهلها وكأن شيئًا لم يكن!!

فوالله إن الكلاب البشرية التي تطيح بالفتيات في هذه الأيام ليقتنصون فرائسهم لا كثرهم الله، وكذلك جرائم الخطف والابتزاز، حتى على أبنائك الذكور الصغار فلا نهمل هذه الأيام فإنها خطرة جدًّا، والله خير حافظًا وهو أرحم الراحمين.

اللهم استر على مجتمعات المسلمين، اللهم اهدِ شباب المسلمين...
 

 

 

 

المرفقات

المعاكسات

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات