اقتباس
لا تخلو علاقة بشرية عن مشكلات تنشأ بين طرفيها، أو خلاف في وجهات النظر يطرأ إزاء موضوع أو مسألة معينة، والعلاقة الزوجية باعتبارها نشاطًا بشريًا ليست بمنأى عن ذلك، فهي شراكة بين طرفين مختلفين باختلاف عقليتهما وخصائصهما النفسية وإمكاناتهما الجسدية التي حبا الله كلاً منهما؛ فافتراضية نشوء المشكلات أمر وارد، لا سيما مع ضغوط الحياة المعاصرة
لا تخلو علاقة بشرية عن مشكلات تنشأ بين طرفيها، أو خلاف في وجهات النظر يطرأ إزاء موضوع أو مسألة معينة، والعلاقة الزوجية باعتبارها نشاطًا بشريًا ليست بمنأى عن ذلك، فهي شراكة بين طرفين مختلفين باختلاف عقليتهما وخصائصهما النفسية وإمكاناتهما الجسدية التي حبا الله كلاً منهما؛ فافتراضية نشوء المشكلات أمر وارد، لا سيما مع ضغوط الحياة المعاصرة، وكثرة متطلبات الأسرة والأبناء، إلا أن الكفاءة تكمن هنا في إمكانية التغلب على المشكلات وحلها بطريقة سليمة، تخرج بالأسرة إلى بر الأمان، وتزيد أواصر المحبة بين الزوجين.
ويستطيع المتأمل في كتاب الله تعالى وسنة نبيه ورسوله محمد صلى الله عليه وسلم أن يقف على أساليب شتى لمعالجة المشكلات الأسرية، سواء تلك التي نشأت بسبب الزوجة أو التي تسبب فيها الزوج، وقد تمخضت النصوص النبوية والقرآنية عن أسلوب رباني لمعالجة الأخطاء الزوجية تتدرج من النصح مرورًا بالهجر وانتهاءً بالضرب غير المبرح الذي لا يكسر العظم ولا ينطوي على مذلة وإهانة للزوجة.
العلاقة الزوجية تقوم في الأساس على الاحترام المتبادل بين الزوجين -رجلاً وامرأة-، وتقوم في الأساس على مبدأين عظيمين كفيلين بإرساء حالة من السلام والمودة والوئام بين أطراف الأسرة، وهما مبدآ القوامة والطاعة؛ فمبدأ القوامة يقتضي وجود مرجعية واحدة لقيادة المنزل، وذلك بعد التشاور والتفاهم في الأمور المصيرية التي تطرأ على دفتر أحوال البيت، ومن جانب آخر تقضي كذلك بإلقاء المسؤوليات والتبعات -كالإنفاق والتصدي للنوازل المنزلية الخارجية والداخلية- على الزوج، بما يضمن للزوجة حالة من الراحة البدنية والنفسية؛ نظرًا لعدم تكليفها بما لا تطيق من الأعباء داخل المنزل وخارجه.
وأما مبدأ طاعة الزوج في المعروف فإنه كذلك حري بأن يقتل كل مشكلة في مهدها، وذلك عندما تستوعب الزوجة أن هذا المبدأ ليس تسلطًا من الزوج أو استعلاءً من جانبه، وإنما هو محض صمام أمان لترسيخ مبدأ القوامة والقيادة الذي لا يصح مطلقًا دون أن يكون من لوازمه الطاعة في المعروف وفيما لا يشكل ضررًا على أي فرد من أفراد الأسرة.
بهذين المبدأين العظيمين نستطيع أن نجزم أن المشكلات الأسرية التي قد تطرأ على صعيد العلاقة بين المرء وزوجه سوف تكون سهلة المواجهة، بسيطة الحل، في ظل معرفة كلا الزوجين بحقوقه وواجباته؛ فليس من الحكمة أن يطالب الإنسان بحقوقه وهو لا يؤدي ما عليه من واجبات اقتضتها حكمة الشرع وأثبتتها دراسات العقل.
لذلك فرجاؤنا من خطبائنا الكرام أن يسهما بقدر لا بأس به في ترسيخ هذه المبادئ في عقول الأزواج -رجالاً ونساءً-، فأولى خطوات حل أي مشكلة هي المعرفة بمكمن الداء، والسبيل القويم في التعامل معها، وهذا دور الأئمة والخطباء والوعاظ، لا سيما مع الثقة التي يبديها يومًا بعد يوم أفراد هذه الأمة في الدعاة والعلماء، لذلك فبين أيديكم مجموعة من خطب الجمعة اخترناها؛ لتساعد في تأدية هذا الدور الكبير.. والله المستعان.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم