خطبة عيد الفطر 1437هـ

د. منصور الصقعوب

2022-10-08 - 1444/03/12
عناصر الخطبة
1/ خصائص العيد في الإسلام 2/ أحقاد فكر الروافض والخوارج على أهل السنة 3/ وصايا مهمة لشباب الأمة 4/ وصايا مهمة للنساء 5/ بعض آداب العيد.

اقتباس

يا من أدركتم شهركم وصمتم وقمتم لله ربكم, يا من طالت أعمارهم فأدركتم عيدكم؛ يا أيها الكرام ها هو العيد قد جاء, وقدومه يبين لنا بجلاء سرعة تقضي الأيام وتوالي الأعمار, جاء العيد والمؤمن يفرح بفضل الله ورحمته, وللعيد فرحة ينبغي أن نحققها في قلوبنا, فبرغم أننا فارقنا شهراً عزيزاً على قلوبنا, إلا أن المؤمن يسعد بإكمال العدة وبفضل الله في التوفيق للطاعة, جاء العيد بعدما صام أقوام وتعبدوا, وفرّط فئام وقصروا, فمضت اللذة والعناء وبقي الأجر أو الشقاء,..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الْحَمْدُ للهِ الذِي سَهَّلَ لِعِبَادِهِ طُرُقَ الْعِبَادَةِ وَيَسَّر، وَزَادَ لَهُمْ مَوَاسِمَ الْخَيْرَاتِ لِتَزْدَانَ أَوْقَاتُهُمْ بِالطَّاعَاتِ وَتَعْمُر، أَحْمَدُهُ عَلَى أَسْمَائِهِ الْحُسْنَى وَصِفَاتِهِ الْعُلَيَا وَنِعَمِهِ التِي لا تُحْصَر، وَأَشْهَدُ أَنْ لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ وَحْدَهُ لا شَرِيكَ لَهُ تَفَرَّدَ بِالْخَلْقِ وَالتَّدْبِيرِ وَكُلَّ شَيْءٍ عِنْدَهُ بِأَجَلٍ مُقَدَّر.

 

وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدَاً عَبْدُ اللهِ وَرَسُولُهُ أَنْصَحُ مَنْ دَعَا إِلَى اللهِ وَبَشَّرَ وَأَنْذَر، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنْ تَبِعَهُمْ بِإِحْسَانٍ إِلَى يَوْمِ الجَمْعِ فِي الْمَحْشَر، وَسَلَّمَ تَسْلَيمَاً كَثِيرًا.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَمَّا بَعْدُ: فَيَا أَيُّهَا الْمُسْلِمُونُ اتَّقُوا اللهَ -تَعَالَى- وَاشْكُرُوهُ عَلَى نِعْمَتِهِ عَلَيْكُمْ بِهَذَا الْعِيدِ السَّعِيدِ فَإِنَّهُ الْيَوْمُ الذِي تَوَّجَ اللهُ بِهِ شَهْرَ الصِّيَامِ، وَخَرَجَ الْمُسْلِمُونَ إِلَى مُصَلَّى الْعِيدِ مُعَظِّمِينَ لِرَبِّهِمْ بِأَفْئِدَتِهِمْ وَأَلْسِنَتِهِمْ يُكَبِّرُونَهُ وَيُوَحِّدُونَهُ وَيَحْمَدُونَهُ عَلَى مَا هَدَاهُمْ وَيَسَّرَ لَهُمْ مِنْ نِعْمَةِ الصِّيَامِ وَالْقِيَامِ وَغَيْرِهِمَا مِنَ الطَّاعَاتِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ أَكْبَرَ نِعْمَةٍ مَنَّ اللهُ بِهَا عَلَيْنَا هِيَ دِينُ الْإِسْلَامِ، ذَلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ الذِي أَكْمَلَهُ اللهُ -تَعَالَى- عَقِيدَةً وَمِنْهَاجَاً، إِنَّهُ الدِّينُ الذِي رَضِيَهُ اللهُ -تَعَالَى- لِعِبَادِهِ وَفَرَضَهُ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْم ِالْقِيَامَةِ، اسْمَعُوا اللهَ عَزَّ وَجَلَّ يَقُولُ (وَمَنْ يَبْتَغِ غَيْرَ الْإِسْلامِ دِيناً فَلَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ وَهُوَ فِي الْآخِرَةِ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [آل عمران: 85].

 

وَلَقَدْ خَتَمَ اللهُ النُّبُوَّةَ بِرِسَالَةِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وَنَسَخَ جَمِيعَ الشَّرَائِعِ بِشَرِيعَتِهِ، فَلَا نَبِيَّ بَعْدَهُ وَلا دِينَ سِوَى مَا جَاءَ بِهِ صَلَوَاتُ اللهُ وَسَلَامُهُ عَلَيْهِ، وَفِي دِينِ الْإِسْلَامِ إِصْلَاحٌ لِلْخَلِقِ وَفِيهِ الْعِزُّ وَالتَّمْكِينُ فِي كُلِّ زَمَانٍ وَمَكَانٍ لِمَنْ تَمَسَّكَ بِهِ، يَقُولُ اللهُ -عَزَّ وَجَلَّ-: (وَلَيَنْصُرَنَّ اللَّهُ مَنْ يَنْصُرُهُ إِنَّ اللَّهَ لَقَوِيٌّ عَزِيزٌ * الَّذِينَ إِنْ مَكَّنَّاهُمْ فِي الْأَرْضِ أَقَامُوا الصَّلاةَ وَآتَوُا الزَّكَاةَ وَأَمَرُوا بِالْمَعْرُوفِ وَنَهَوْا عَنِ الْمُنْكَرِ وَلِلَّهِ عَاقِبَةُ الْأُمُورِ) [الحج: 40- 41].

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّهُ يَجِبُ عَلَيْنَا أَنْ نَعْرِفَ وَاقِعَنَا وَمَا يُهَدِّدُنَا فِي هَذَا الْبَلَدِ فِي دِينِنَا وَأَمْنِنَا وَمَعِيشَتِنَا مِنْ أَعْدَاءِ الإِسْلَامِ سَوَاءً مِنَ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى أَوْ مِنَ الصَّفَوِيِّينَ الْإِيرَانِيِّينَ الْمُنْتَسِبِينَ لِلْإِسْلَامِ كَذِبَاً وَزُورًا، إِنَّ الْغَرْبَ الصَّلِيبِيَّ قَدْ أَظْهَرَ مَا كَانَ يُخْفِيهِ سَابِقَاً مِنَ التَّعَاوُنِ مَعَ الدَّوْلَةِ الْإِيَرَانِيَّةِ فِي إِضْعَافِ أَهْلِ السُّنَّةِ وَالْجَمَاعَةِ فِي كُلِّ مَكَانٍ، وَمِنْ إِعَانَتِهِمْ عَلَى مَا يُسَمَّى بِالثَّوْرَةِ وَتَصْدِيرِهَا لِلْعَالَمِ.

 

إِنَّهُ لَمْ يَعُدْ خَافِيَاً مَا يَقُومُ بِهِ الْغَرْبُ مِنْ إِعَانَةٍ لِلْجَمَاعَاتِ الْمُتَطَرِّفَةِ النَّاشِرَةِ لِلشَّرِّ وَالرَّاعِيَةِ لَهُ التِي لَهَا عِلَاقَةٌ بِالدَّوْلَةِ الْفَارِسِيِّةِ، سَوَاءً مَا يُسَمَّى بِحِزْبِ اللهِ فِي لُبْنَانَ أَوْ الْحوثِيِّينَ فِي الْيَمَنِ، بَلْ إِنَّهُمْ يَحْمُونَهَا حَتَّى مِنْ وَصْفِهْمِ بِالْإِرْهَابِ، مَعَ أَنَّهُمْ أَفْسَدُوا فِي الْأَرْضِ وَقَتَلُوا الْأَبْرِيَاءَ وَفَجَّرُوا الْمَسَاجِدَ وَالْمَدَارِسَ، وَأَسْقَطُوا الْحُكُومَةَ الشَّرْعِيَّةَ بِالسِّلَاح, بِمَرْأَى وَمَسْمَعٍ مِنَ الْمُجْتَمِعِ الدَّوْلِي الظَّالِمِ، بِيَنْمَا إِذَا تَحَرَّكَ أَهْلُ السُّنَّةِ أَوْ طَالَبُوا بِحُقُوقِهِمْ وُصِفُوا بِأَبْشَعِ الصِّفَاتِ وَأُلْصِقَتْ فِيهِمْ التُّهَمُ وَأُطْلِقَ عَلَيْهِمْ وَصْفُ الْإِرْهَابِ، وَحُورِبُوا مِنَ الْجَمِيعِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أُمَّةَ الِإسْلَام: إِنَّ مَا تَقُومُ بِهِ هَذِهِ الْمُنَظَّمَةُ الصّهْيِونِيَّةُ الْإِيرَانِيَّةُ الْمُسَمَّاةُ (بِدَاعِشْ) لَهُوَ أَمْرٌ يَدْعُو إِلَى الْعَجَبِ، إِنَّهُمْ يَرْفَعُونَ – زُورَاً – رَايَةَ أَهْلِ السُّنَّةِ ثُمَّ نَجِدُ قَتْلَهُمْ وَتَخْرِيبَهُمْ فِي بِلَادِ السُّنَّةِ، بَيْنَمَا سَلِمَتْ مِنْهُمْ دَوْلَةُ الْيَهُودِ وَدَوْلَةُ إِيرَانَ وَهِيَ إِلَى جَانِبِهِمْ.

 

إِنَّهُمْ أَدَاةٌ لِإِحْدَاثِ الاضْطِرَابَاتِ فِي الْمَنَاطِق السُّنِّيَّةِ بِمَا يَقُومُونَ بِهِ مِنْ أَبْشَعِ أَنْوَاعِ الْجَرَائِمِ، ثُمَّ يَتَخِذُهُمُ الْغَرْبُ ذَرِيعَةً لِدُخُولِ تِلْكَ الْمَنَاطِقِ وَتَشْرِيدِ أَهْلِهَا وَقَتْلِهِمْ، ثُمَّ هَذِهِ الْجَمَاعَةُ تَخْرُجُ مِنْ الْخَلْفِ وَتَتْرُكَ لَهُمُ الْمَكَانَ، وَتَذْهَبُ لِمَكَانٍ آخَرَ لِتُعِيدَ نَفْسَ الدَّوْرِ، وَلا نَجِدُ الْغَرْبَ جَادَّاً فِي مُحَارَبَتِهِمْ أَوِ الْقَضَاءِ عَلَيْهِمْ، مَعَ أَنَّ أَمْرِيكَا وَالغَرْبَ قَضَوْا عَلَى دَوْلَةِ الْعِرَاقِ الأُولَى فِي بِضْعَةِ أَيَّامٍ، بَيْنَمَا يَقُولُونَ: نَحْتَاجُ لِعَشَرَاتِ السِّنِينَ لِلْقَضَاءِ عَلَى دَاعِشَ، لِأَنَّهُمْ يُرِيدُونَهَا ذَرِيعَةً لِلْفَتْكِ بِأَهْلِ السُّنَّةِ كَمَا يَحْصُلُ الآنَ فِي الْمَنَاطِقِ السُّنِّيَةِ فِي العِراق، فَالْوَاقِعُ أَنَّهَا لُعْبَةٌ صُهْيِونِيَّةٌ صَفَوِيَّةٌ غَرْبِيَّةٌ.

 

وَلِذَلِكَ فَالْوَاجِبُ عَلَيْنَا –وَخَاصَّةً الشَّبَابَ– الْحَذَرُ مِنَ الانْخِدَاعِ بِهِمْ وَبِتَضْلِيلِهِمْ وَأَفْكَارِهِمْ التِي تَعَدَّتْ مُعْتَقَدَاتِ الْخَوَارِجِ الْأَوَّلِينَ، فَوَاقِعُهُمْ أَنَّهُمْ زَنَادِقَةٌ، وَلَيْسُوا مُجَرَّدَ خَوَارِج.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْنَا تِجَاهَ مَا نَرَاهُ مِنَ هَذَا التَّكَالُبِ مِنَ الْأَعْدَاءِ: (أَوَّلاً) أَنْ نَلْجَأَ إِلَى رَبِّنَا سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى وَأَنْ نُقِيمَ دِينَهُ وَأَنْ نُقْبِلَ عَلَى طَاعَتِهِ وَنَحْذَرَ مَعْصِيَتَهُ، وَنَطْلُبَ مِنْهُ النَّصْرَ عَلَى الْأَعْدَاءِ وَأَنْ يَحْفَظَ دِينَنَا وَأَمْنَنَا، قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ تَنْصُرُوا اللَّهَ يَنْصُرْكُمْ وَيُثَبِّتْ أَقْدَامَكُمْ) [محمد: 7].

 

وَ(ثَانِيَاً) أَنْ نَحْذَرَ مِنْ أَعْدَائِنَا وَنَتَنَبَّهَ لِإِرْجَافِهِمْ وَخَاصَّةً وَسِائِلَ الْإِعْلَامِ، فَإِنَّ لَهُمْ طُرُقَاً خَفِيَّةً وَمَكْرَاً كُبَّارَاً.

 

وَ(ثَالِثَاً) أَنْ نَلْتَفَّ حَوْلَ عُلَمَائِنَا وَحُكَّامِنَا، وَأَنْ نَحْذَرَ الْفُرْقَةَ وَالتَّنَازُعَ، وَنَقُومَ بِالْمَحَبَّةِ وَالتَّنَاصُحِ، وَلِنَعْلَمَ أَنَّ الْمُحَافَظَةَ عَلَى قُوَّةِ الدَّوْلَةِ مُحَافَظَةٌ عَلَى قُوَّةِ الدِّينِ وَاسْتِقَامَتِهِ، فَلَنْ يَقُومَ دِينُنَا وَلَنْ نَحْفَظَ أَمْنَنَا بِغَيْرِ دَوْلَةٍ وَعُلَمَاءَ، قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَأَطِيعُوا اللَّهَ وَرَسُولَهُ وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ وَاصْبِرُوا إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ) [الأنفال: 46]، وَقَالَ سُبْحَانَهُ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103].

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ مَا يَقُومُ بِهِ جُنُودُنَا الْمُرَابِطُونَ فِي جَنُوبِ الْمَمْلَكَةِ لَهُوَ - بِحَمْدِ اللهِ – جِهَادٌ شَرْعِيٌ، لِأَنَّهُ دِفَاعٌ عَنْ عَقِيدَتِنَا وَدِينِنَا وَدِفَاعٌ عَنْ بَلَدِنَا الْإِسْلَامِيِّ الذِي قَامَ وَلا زَالَ عَلَى شَرِيعَةِ اللهِ، ثُمَّ هُوَ نُصْرَةٌ لِإِخْوَانِنَا أَهْلِ السُّنَّةِ فِي الْيَمَنِ، وَلِذَلِكَ فَلْيَفْرَحْ مَنْ يَشْتَرِكُ فِي هَذَا الْجِهَادِ، وَلْيَرْفَعْ رَأْسَهُ مَنْ كَانَ لَهُ قَرِيبٌ حَمَلَ السِّلَاحَ فِي هَذَا الْقِتَالِ.

 

ثُمَّ إِنَّ وَاجِبَنَا نَحْوَ هَؤُلاءِ الدُّعَاءُ لَهُمْ بِالثَّبَاتِ وَالنَّصْرِ وَالتَّأْيِيدِ، ثُمَّ نَشَجِّعُهُمْ عَلَى ذَلِكَ وَنَبُشِّرُهُمْ بِالْأَجْرِ سَوَاءً قُتِلُوا أَوْ سَلِمُوا وَغَنِمُوا، قَالَ اللهُ -تَعَالَى- (وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ) [آل عمران: 169]، وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "إِنَّ فِي الجَنَّةِ مِائَةَ دَرَجَةٍ، أَعَدَّهَا اللَّهُ لِلْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِ اللَّهِ، مَا بَيْنَ الدَّرَجَتَيْنِ كَمَا بَيْنَ السَّمَاءِ وَالأَرْضِ" (رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ).

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الشَّبَابُ: إِنَّكُمْ عِمَادُ الْأُمَّةِ وَأَمَلُهَا بَعْدَ اللهِ، إِنَّكُمْ رِجَالُ الْمُسْتَقْبَلِ وَحُمَاةُ الْوَطَنِ، فَإِيَّاكُمْ أَنْ تَغْفَلُوا عَمَّا يُرْتَجَى مِنْكُمْ، فَعَلَيْكُمْ بِطَاعَةِ اللهِ وَخَاصَّةً الصَّلَاةَ فَهِيَ النَّجَاةُ وَالْفَلَاحُ فِي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ، وَتَذَكَّرُوا أَنَّ مِنَ السَّبْعَةِ الذِينَ يُظِلُّهُمُ اللهُ فِي ظِلِّهِ يَوْمَ لا ظِلَّ إِلَّا ظِلُّهُ الشَّابُّ الذِي يَنْشَأُ فِي عِبَادِة اللهِ.

 

احْذَرُوا الْمُخَدِّرَاتِ فَهِيَ سُمٌّ فَتَّاكٌ مُضَيُّعٌ لِلدِّينِ وَالدُّنْيا، احْذَرُوا وَسَائِلَ التَّوَاصُلِ الْحَدِيثَةِ، فَفِيهَا خَيْرٌ لَكِنَّ شَرَّهَا أَكْثَرُ مِنْ خَيْرِهَا، احْذَرُوا الْمَوَاقِعَ الْإِبَاحِيَّةِ وَالْمَقَاطِعَ الْمُحَرَّمَةِ الْجِنْسِيَّةِ وَغَيْرِهَا، وَاعْلَمْ أَنَّ اللهَ يَرَاكَ فَلا تَغْفَلْ عَنْ ذَلِكَ. بُرُّوا وَالِدِيكُمْ وَاغْتَنِمُوا وُجُودَهُمْ فِي التَّقَرُّبِ بِرِضَاهِمِ لِرَبِّ الْعَالَمِينَ، وَاحْذَرُوا الْعُقُوقَ فَإِنَّهُ مِنْ أَعْظَمِ الذُّنُوبِ وَأَشَدِّ الْعُيُوبِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ وَحْدَهُ وَالصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ عَلَى مَنْ لا نَبِيَّ بَعْدَهُ.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذَا الْيَوْمَ يَوْمُ عِيدِ الْفِطْرِ الْمُبَارَكِ هُوَ يَوْمُ الْفَرَحِ بِنِعْمَةِ اللهِ بِإِتْمَامِ صِيَامِ رَمَضَانَ، وَإِنَّ الْوَاجِبَ أَنْ يَكُونَ فَرَحَاً بِإِزَالَةِ مَا نُفُوسِنَا عَلَى بَعْضِنَا الْبَعْضِ مِنَ الْكَرَاهِيَةِ وَالشَّحْنَاءِ.

 

إِنَّهُ يَوْمُ التَّزَاوُرِ وَالسَّلَامِ، إِنَّهُ يَوْمُ الْمَحَبَّةِ وَالْوِئَامِ، إِنَّهُ يَوْمُ قَطْعِ التَّقَاطُعِ وَتَرْكِ التَّهْاجُرِ، يَوْمُ الْمَحَبَّةِ وَالْأُلْفَةِ وَالتَّسَامُحِ.

 

فَمَا أَجْمَلَ أَنْ تَصِلَ مَنْ قَطَعَكَ وَتُعْطِيَ مَنْ حَرَمَكَ وَتَزُورَ مَنْ هَجَرَكَ، عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ أَحَبَّ أَنْ يُبْسَطَ عَلَيْهِ فِي رِزْقِهِ، وَأَنْ يُنْسَأَ لَهُ فِي أَثَرِهِ، فَلْيَصِلْ رَحِمَهُ" (أَخْرَجَهُ الْبُخَارِيُّ).

 

وَعَنْ أَبِي أَيُّوبَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- قَالَ: "لَا يَحِلُّ لِمُسْلِمٍ أَنْ يَهْجُرَ أَخَاهُ فَوْقَ ثَلَاثِ لَيَالٍ يَلْتَقِيَانِ, فَيُعْرِضُ هَذَا, وَيُعْرِضُ هَذَا, وَخَيْرُهُمَا الَّذِي يَبْدَأُ بِالسَّلَامِ" (مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ).

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ وَالْمُسْلِمَاتُ: إِنَّ الْعَمَلَ الصَّالِحَ لَا يَنْقَطِعَ بِانْقِضَاءِ رَمَضَانَ، بَلْ لا نَزَالُ نَتَعَبَّدُ لِرَبِّنَا سُبْحَانَهُ بِالصَّلاةِ وَالْقُرْآنِ وَالصِّيَامِ وَالصَّدَقَةِ، لأَنَّ فِي العِبَادَةِ رَضَا الرَّبِّ وَسَعَادَةَ القَلْبِ وَرَاحَةَ النَّفْس، فَفَيِهَا الفَوْزُ فَي الدُّنْيَا وَالآخِرَةِ.

 

وَإِنَّ مِنْ ذَلِكَ صِيَامَ سِتٍّ مِنْ شَوَّال قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- "مَنْ صَامَ رَمَضَانَ ثُمَّ أَتْبَعَهُ سِتَّاً مِنْ شَوَّال كَانَ كَصِيَامِ الدَّهْرِ" (رَوَاهُ مُسْلِمٌ).

 

وَلَكِنْ يَجِبُ أَنْ تَعْلَمُوا أَنَّهَا لا تُصَامُ قَبْلَ إِنْهَاءِ رَمَضَانَ، فَمَنْ صَامَ قَبْلَ قَضَاءِ رَمَضَانَ فَإِنَّهَا لا تُجْزِئُهُ عَنْ سِتَّةِ أَيَّامٍ مِنْ شَوَّالَ، فَمَنْ كَانَ عَلَيْهِ أَيَّامٌ مِنْ رَمَضَانَ فَلَيْصُمْهَا قَبْلَ الْأَيَّامِ السِّتَّةِ.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيَّتُهَا النِّسَاءُ: اتَّقِينَ اللهَ -تَعَالَى- وَاحْفَظْنَ حُدُودَهُ، أَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأطِعْنَ اللهَ وَرَسُولَهُ، أَكْثِرْنَ مِنَ الصَّدَقَةِ فَإِنَّهَا تُطْفِئُ الْخَطِيئَةَ كَمَا يُطْفِئُ الْمَاءُ النَّارَ، الْزَمْنَ بُيُوتَكُنَّ فَلَا تَخْرُجْنَ إِلَّا لِحَاجَةٍ، فَإِذَا خَرْجُتُنَّ فَلا تَخْرُجْنَ مُتَطِيِّبَاتِ وَلا مُتَبَرِّجَاتٍ بِزِينَةٍ، فَإِنَّ اللهَ -تَعَالَى- قَالَ لِأُمَّهَاتِ الْمُؤْمِنِينَ وَهُنْ أَطْهَرُ سَائِرِ النِّسَاءِ وَهُنَّ الْقُدْوَةُ لَكُنَّ (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ) [الأحزاب: 33].

 

فَلَا تَكْشِفْنَ وُجُوهَكُنَّ لِغَيْرِ الْأَزْوَاجِ أَوِ الْمَحَارِمِ، إِيَّاكُنَّ وُمُزَاحَمَةَ الرِّجَالِ وَالْاخْتِلَاطَ بِهِمْ فَإِنَّ ذَلِكَ مِنْ أَسْبَابِ الْفِتْنَةِ، لا تَخْلُونَ بِأَحَدٍ مِنَ الرِّجَالِ، سَوَاءً كَانَ ذَلِكَ فِي الْبَيْتِ أَوْ فِي السَّيَّارَةِ فَإِنَّ النَّبِيَّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى أَنْ يَخْلُوَ الرَّجُلُ بِالْمَرْأَةِ إِلَّا وَمَعَهَا مَحْرَمٌ، وَمَا خَلَا رَجُلٌ بِامْرَأَةٍ إِلَّا كَانَ الشَّيْطَانُ ثَالِثَهُمَا.

 

اللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، لا إِلَهَ إِلَّا اللهُ، وَاللهُ أَكْبَرُ، اللهُ أَكْبَرُ، وَللهِ الْحَمْدُ.

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: إِنَّ هَذَا الْمَكَانَ مَكَانُ ذِكْرٍ وَدُعَاءٍ وَخَيْرٍ وَإِنَّنَي دَاعٍ فَأَمِّنُوا بِقُلُوبٍ حَاضِرَةٍ وَنُفُوسٍ رَاضِيَةٍ: اللَّهُمُّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِأَنَّا نَشْهَدُ أَنَّكَ أَنْتَ اللهُ لا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ الْأَحَدُ الصَّمَدُ الذِي لَمْ يَلِدْ وَلَمْ يُوْلَدْ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ كُفُوَاً أَحَد يَا مَنَّانُ يَا بَدِيعَ السَّمَواتِ وَالْأَرْضِ يَا حَيُّ يَا قَيُّومُ يَا ذَا الْجَلَالِ وَالْإِكْرَامِ، نَسْأَلُكُ اللَّهُمُّ بِذَلِكَ أَنْ تَجُودَ عَلَيْنَا بِالْقَبُولِ.

 

اللَّهُمُّ جُدْ عَلَيْنَا بِالْقَبُولِ، اللَّهُمُّ اجْعَلْنَا مِنَ الصَّالِحِينَ الْمُصْلِحِينَ، اللَّهُمُّ أَتَمَّ عَلَيْنَا نِعْمَتَكَ بِالتَّمَسُّكِ بِدِينِ الْإِسْلَامِ وَاتِّبَاعِ نَبِيِّكَ خَاتَمِ الرُّسُلِ الْكِرَامِ، اللَّهُمُّ ثَبِتْنَا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَفِي الآخِرَةِ.

 

اللَّهُمُّ أَصْلِحْ وُلَاةَ أَمْرِنَا وَثَبِّتْ خُطَاهُمْ وَأَصْلِحْ بِطَانَتَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ، وَأَبْعِدِ عَنْهُمْ كُلَّ بِطَانَةِ سُوءٍ وَأَبْدِلْهُمْ بِبِطَانَةِ خَيِّرَةٍ إِنَّكَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ، اللَّهُمُّ انْصُرْ الْمُجَاهِدِينَ فِي سَبِيلِكِ فِي الْيَمَنِ يَا رَبَّ الْعَالَمَينَ.

 

اللَّهُمُّ انْصُرْهُمْ عَلَى عَدُوِّهِمْ وَثَبِّتْ أَقْدَامَهُمْ وَوَحِّدْ صُفُوفَهُمْ وَاجْمَعْ كَلِمَتَهُمْ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

اللَّهُمُّ مَنْ أَرَادَ بِالْمُسْلِمِينَ بِسُوءٍ فَاجْعَلْ كَيْدَهُ فِي نَحْرِهِ وَفَرِّقْ جَمْعَهُ وَاهْزِمْ جُنْدَهُ وَشَتِّتْ شَمْلَهُ يَا رَبَّ الْعَالَمِينَ.

 

اللَّهُمُّ أَدِمْ عَلَى بِلَادِنَا نِعْمَتَكَ مِنْ تَمَسُّكٍ بِدِينِكَ وَبِالْأَمْنِ وَالرَّخَاءِ وَالرَّغَدِ وَأَبْعِدْنَا مِنْ أَسْبَابِ الشَّرِّ وَالْفَسَادِ إِنَّكَ وَلِيُّ الْعِبَادِ وَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِير، وَالْحَمْدُ للهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ وَأُصَلِّي وَأُسَلِّمُ عَلَى نَبِيِّنَا مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ أَجْمَعِينَ.

 

 

المرفقات

عيد الفطر 1437هـ5

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات