خطبة عيد الأضحى المبارك 1435هـ

سلطان بن عبد الله العمري

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: الأضحى
عناصر الخطبة
1/ دعوة للتصافي وإعمار القلوب والبيوت بالطاعات 2/ حكم الأضحية 3/ الفرح بالعيد 4/ توجيهات للأخوات

اقتباس

اتقوا الله حق تقاته، واعلموا أنكم في يوم عظيم القدر عند الله -تعالى-، يوم عيد الأضحى، وهو يوم الحج الأكبر، حيث انصرف الحجاج من عرفات وباتوا بمزدلفة، ثم ينصرفون صباح اليوم لرمي الجمرة الكبرى؛ امتثالاً واقتداءً برسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي سهل لعباده طرق العبادة ويسر، وتابع لهم مواسم الخيرات لتزدان أوقاتهم بالطاعات وتعمر؛ الحمد لله  عدد حجاج بيته المطهر، وله الحمد  أعظم من ذلك وأكثر؛ الحمد لله على نعمه التي لا تُحصَر.

 

وأشهد أن لا إله الله وحده لا شريك له، ملك فقهر، وتأذن بالزيادة لمن شكر، وتوعد بالعذاب لمن جحد وكفر؛ وأشهد أن محمدا عبده ورسوله صاحب الوجه الأنور، والجبين الأزهر، طاهر المظهر والمخبر، أعظم من دعا وبشّر وأنذر، وأفضل من صلى وزكى وصام وحج واعتمر، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسليما مديداً وأكثر.

 

أما بعد: معاشر المسلمين، اتقوا الله حق تقاته، واعلموا أنكم في يوم عظيم القدر عند الله    -تعالى-، يوم عيد الأضحى، وهو يوم الحج الأكبر، حيث انصرف الحجاج من عرفات وباتوا بمزدلفة، ثم ينصرفون صباح اليوم لرمي الجمرة الكبرى؛ امتثالاً واقتداءً برسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

الله أكبر! خلق الخلق وأحصاهم عدداً، وكلهم آتيه يوم القيامة فرداً. الله أكبر! عز ربنا سلطاناً ومجداً، وتعالى عظمة وحلماً، عنت الوجوه لعظمته، وخضعت الخلائق لقدرته.

 

الله أكبر ما ذكره الذاكرون، والله أكبر ما هلل المهللون، وكبر المكبرون؛ الله أكبر كبيراً، والحمد لله كثيراً، وسبحان الله بكرة وأصيلاً.

 

الله أكبر عدد ما أحرم الحجاج من الميقات، وكلما لبى الملبون وزيد في الحسنات. الله أكبر عدد ما دخل الحجاج مكة ومنىً ومزدلفة وعرفات، الله أكبر عدد ما طاف الطائفون بالبيت الحرام وعظموا الحرمات.

 

عباد الله:  اعلموا أن أعظم ما أمر الله به هو التوحيد، وأعظم ما نهى الله عنه هو الشرك، قال -تعالى-: (وَمَا خَلَقْتُ الْجِنَّ وَالْإِنْسَ إِلَّا لِيَعْبُدُونِ) [الذاريات:56]، وقال -جل وعز-: (فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ) [محمد:19].

 

التوحيد هو إفراد الله بالعبادة، فلا نصلي إلا له، ولا نستعين إلا به، ولا نتوكل إلا عليه، هو ربنا وخالقنا، وهو العليم بحالنا، وهو المجيب لدعواتنا.

 

التوحيد هو خلاصة دعوة الرسل، (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُونِ) [الأنبياء:25].

 

التوحيد ينجيك عند الشدائد، ويخلصك من المصائب، فهذا يونس -عليه السلام- في بطن الحوت وفي ظلمات البحر يدعو ربه بالتوحيد: (وَذَا النُّونِ إِذْ ذَهَبَ مُغَاضِبًا فَظَنَّ أَنْ لَنْ نَقْدِرَ عَلَيْهِ فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء:87]، فيرتفع صوته للسماوات، وتتفتح له  الأبواب، ويأتيه الفرج من القريب المجيب: (فَاسْتَجَبْنَا لَهُ وَنَجَّيْنَاهُ مِنَ الْغَمِّ وَكَذَلِكَ نُنْجِي الْمُؤْمِنِينَ) [الأنبياء:88].

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

معاشر المسلمين: إن المحافظة على الصلاة طريق لسعادة القلب، وانشراح الصدر، وعلى قدر محافظتك عليها يكون قربك من الله -تعالى-؛ فالصلاة نور، وهي الفارق بين المسلم والكافر، وهي ممحاة للذنوب والسيئات، وهي أول ما يحاسب عليه العبد يوم القيامة، (حَافِظُوا عَلَى الصَّلَوَاتِ وَالصَّلَاةِ الْوُسْطَى وَقُومُوا لِلَّهِ قَانِتِينَ) [البقرة:238].

 

فاجتهد يا عبد الله، وأْمُرْ أهلك بالصلاة، وعود أولادك عليها؛ لينشؤوا على حبها والتعلق بها.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيها الكرام: إن بعض الناس يحرص على العبادات الظاهرة كالصلاة والصيام والصدقات وغيرها، ولكنه قد يغفل عن عبادةٍ عظيمة لا يراها الناس ولكن يراها رب الناس جل في علاه، إنها: سلامة القلب ونقاؤه من الأحقاد والأضغان.

 

يا عبد الله: أما آن لك أن تنقي قلبك، وتطهره مما علق به من الحسد على إخوانك؟ لماذا تحمل الحقد على أخيك؟ على زوجك؟ على جارك؟ على ابن عمك؟ لأجل خلاف دنيوي لا يستحق؟.

 

إن القلوب هي محط نظر الرحمن -عز وجل-، فاحذر أن يرى في قلبك تلك الأحقاد. طهر قلبك ليكون نوراً من الصفاء والعفو والإحسان للآخرين؛ لتنجو يوم القيامة، قال -تبارك وتقدس-: (يَوْمَ لَا يَنْفَعُ مَالٌ وَلَا بَنُونَ) [الشعراء:88].

 

يا أيها المحب: سامح الآخرين، وعد إليهم، واعف عنهم، واعتذر لهم؛ لتكون ممن يزرع الحب في الحياة، وينشر البسمة في الوجود.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

بيوتنا: مالها وما عليها. بيوتنا هي محل اجتماع أسرتنا، فيها نربي أولادنا وبناتنا، فيها ذكرياتنا وآمالنا، فما أجمل أن تكون بيوتنا عامرةً بالطاعات والقربات! طهروا بيوتكم من الذنوب وقنوات الفسق والمنكرات، ربوا أولادكم على مكارم الأخلاق، ربوا بناتكم على الحياء والحجاب والستر والعفاف، ربوا نساءكم على أن يكونوا قدوات صالحات في المجتمع؛ لينتفع بهم من يقترب منهم من النساء والفتيات، اعمروا بيوتكم بالاحترام فيما بينكم .

 

أيها الأب: كن قدوة حسنة في بيتك، في أدبك مع زوجتك، في صلاتك، في أقوالك وأعمالك، لا تجعل أولادك يشاهدون فيك تناقضاً واضحاً، تأمرهم بالصدق ولكنك لست بصادق! تحثهم على الصلاة ولكنك تتأخر عنها! إن أفعالك يحفظها أولادك، وهي نبراسٌ لهم في حياتهم.

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

يا من ابتُلِي بالذنوب والمعاصي، أقبِل على مولاك مُنكسرًا، ولُذ بباب جُوده مُعتذرًا، وابسط كفَّ اضطرارك مُفتقرًا، فما للعبد سوى مولاه: "إن الله يبسط يده بالليل ليتوب مُسيء النهار، ويبسط يده بالنهار ليتوب مُسيء الليل، حتى تطلع الشمس من مغربها، والتائبُ من الذنب كمن لا ذنب له".

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، والله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

أيها الفضلاء: إن الأضحية سنة مؤكدة على القادر، ومن لم يقدر فلا يكلف نفسه ما لا يطيق، وهي سنة أبوينا إبراهيم ومحمد عليهما الصلاة والسلام؛ فضحّوا تقبل الله ضحاياكم، وتقربوا إلى الله في هذا اليوم بهذا العمل الجليل، وتصدقوا منها، وكلوا منها، وأطعموا المسكين والفقير، وأهدوا للجار والصديق.

 

أيها المسلمون: افرحوا بالعيد الفرح المشروع، وأدخلوا السرور على والديكم وأهليكم وأولادكم، زوروا القريب والصديق، وكونوا -عباد الله- إخواناً؛ واحذروا من منكرات العيد، ليحفظ الله لنا النعم من الزوال.

 

إذا كنت في نعمةٍ فارعها *** فإن المعاصي تزيل النعم

وداوم عليها بشكر الإلـ *** ـه فإن الإله سريع النقم

 

أخواتنا الكريمات: الله الله في المحافظة على الصلاة في وقتها! واحذرن من نزغات الشيطان التي تفسد القلوب وتزرع الشحناء بينكن!.

 

أختاه: البسي التقوى قبل أن تلبسي الحجاب، وكوني قدوةً بأخلاقك وأدبك وحيائك.

 

أختاه.: احفظي معروف زوجك، ولا تركزي على العيوب، فمن الذي يسلم من العيوب؟ وتذكري محاسن زوجك التي ملأت حياتك أنت وأولادك.

 

أطيعي زوجك في المعروف، وكوني صادقة معه، واصبري على متاعب الحياة في بناء أسرةٍ صالحة.

 

أختاه: عنوان السعادة ليس في كثرة المال، ولا تنوع الأثاث، ولا السفر لبلاد الغرب؛ السعادة في الإقبال على الله -تعالى-، والرضا بقدر الله، والقناعة برزق الله.

 

أختاه: مهما أحاطت بك الهموم والأحزان فتأكدي أن الله قادرٌ على كشفها ورفعها عنك، فاعتصمي بالله، واستعيني به، والتجئي إليه.

 

معاشر الكرام: إخوانكم في بلاد شتى نزلت بهم المصائب، وأحاطت بهم الهموم، فلا تنسوهم بدعوات من قلوبكم بأن يفرج الله عنهم ويكشف ما نزل بهم، فنحن أمة واحدة نفرح لبعض ونحزن لبعض.

 

اللهم يا قريب يا مجيب الدعوات، كن معنا برحمتك، اغفر لنا يا رب ، ارزقنا يا رزاق ، اعف عنا يا عفو.

 

اللهم يسرنا لما تحب وترضى، اللهم ثبت قلوبنا على دينك، اللهم ارحم إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها، اللهم اكفنا وإياهم شر الأشرار، وكيد الفجار.

 

اللهم أدم علينا نعمة الأمن والأمان يا رب العالمين، اللهم وفق إمامنا لهداك، واجعل عمله في رضاك.

 

ربنا عليك توكلنا وإليك أنبنا وإليك المصير، وصل اللهم وسلم على نبينا محمد وعلى آله وصحبه وسلم.

 

 

 

المرفقات

عيد الأضحى المبارك 1435هـ2

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات