خطبة عن يوم النحر

عبدالله عوض الأسمري

2021-07-19 - 1442/12/09 2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/فضائل يوم النحر وأيام التشريق 2/ أمور يجب على المسلم المحافظة عليها 3/الأضحية من شعائر الإسلام 4/حكم الأضحية وشروطها وآدابها 5/من آداب يوم العيد.

اقتباس

في هذا اليوم يجتمع الحجاج في منى لاستكمال مناسك الحج من رمي الجمرة وذبح الهدي والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة. وفي هذا اليوم المبارك يشارك المسلمون الذين لم يحجوا الحجاج بذبح الأضاحي تقربًا إلى الله -عز وجل-، يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "صلاة عيد الأضحى لغير الحجاج بمنزلة رمي جمرة العقبة، والأضاحي بمنزلة ذبح الهدى، وعيد النحر أفضل من عيد الفطر".

الخطبة الأولى:

 

الله أكبر الله أكبر، والحمد لله حمدًا كثيرًا مباركًا فيه يفعل ما يشاء ويخلق ما يريد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وسلم.

 

وبعد فأوصيكم ونفسي بتقوى الله -عز وجل-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

والصلاة والسلام على محمد وآله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا، وبعد:

 

في الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "إن أعظم الأيام عند الله يوم النحر ثم يوم القر"(صححه الألباني)، ويوم القرّ هو اليوم الثاني للعيد؛ لأن الحجاج يقرون في منى.

 

وإن يومكم هذا يوم النحر يوم عظيم هو يوم الحج الأكبر، وهو من الأيام المعلومات وأول الأيام المعدودات قال -تعالى-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ)[البقرة:203]، قال عبدالله بن عباس -رضي الله عنهما-: "الأيام المعدودات هي أيام التشريق".

 

في هذا اليوم يجتمع الحجاج في منى لاستكمال مناسك الحج من رمي الجمرة وذبح الهدي والحلق أو التقصير وطواف الإفاضة.

 

وفي هذا اليوم المبارك يشارك المسلمون الذين لم يحجوا الحجاج بذبح الأضاحي تقربًا إلى الله -عز وجل-، يقول ابن تيمية -رحمه الله-: "صلاة عيد الأضحى لغير الحجاج بمنزلة رمي جمرة العقبة، والأضاحي بمنزلة ذبح الهدى، وعيد النحر أفضل من عيد الفطر".

 

وفي الحديث عن النبي -صلى الله عليه وسلم-: "إن أفضل الأيام عند الله تعالى يوم النحر"؛ لأن بها ذبح الأضاحي.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

ومن الأمور التي ينبغي أن يهتم بها المسلم في حياته ما يلي:

1- الصلاة: فهي وصية النبي -صلى الله عليه وسلم- في آخر حياته، وهي الفرق بين المسلم والكافر، قال -صلى الله عليه وسلم-: "العهد الذي بيننا وبينهم الصلاة؛ فمن تركها فقد كفر"، فمن يتركها فهو كافر نعوذ بالله من ذلك، أما مَن يصليها تارة ويتركها تارة ففيه خلاف بين العلماء، وأصح الأقوال أنه يخرج من الدين. نسأل الله السلامة والعافية.

 

2- أيضًا صلاة الجماعة هي واجبة أن يؤديها المسلم في المسجد جماعة، والأدلة على ذلك كثيرة؛ منها أن الله -عز وجل- أمر بها في حال الحرب؛ فكيف بحال السلم؟! قال -تعالى-: (وَإِذَا كُنْتَ فِيهِمْ فَأَقَمْتَ لَهُمُ الصَّلَاةَ فَلْتَقُمْ طَائِفَةٌ مِنْهُمْ مَعَكَ وَلْيَأْخُذُوا أَسْلِحَتَهُمْ)[النساء:102]؛ فقال -سبحانه- (طَائِفَةٌ) أي تصلون جماعة في حال الحرب؛ ففي حال السِّلم أولى بأدائها جماعة مع المسلمين.

 

وأيضًا قال الله -تعالى-: (وَارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ)[البقرة:43]؛ أي: صلوا جماعة مع الراكعين.

 

وفي الحديث: "لقد هممت أن آمر بالصلاة فتقام ثم أتخلف على أناس لا يشهدون الجماعة فأحرق عليهم بيوتهم"؛ فالنبي -صلى الله عليه وسلم- لا يأمر بالتحريق إلا من أمر عظيم، فدل على وجوب صلاة الجماعة.

 

وكذلك الأعمى الذي استأذن النبي -عليه الصلاة والسلام- في الصلاة في بيته، فلم يأذن له؛ فهذا مما يدل على عظمة وأهمية صلاة الجماعة، وإثم من يتخلف عنها إلا من عذر.

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

3- كذلك الزكاة فإنها أخت الصلاة؛ فلم تذكر الصلاة في مواضع القرآن الكريم إلا وذُكرت معها الزكاة، والزكاة نماء للمال وبركة للمال.

 

4- حافظوا على اللسان من آفاته؛ كالغيبة والنميمة والسبّ والشتم وغيره، ولذلك يقول النبي -صلى الله عليه وسلم- لمعاذ: "كُفَّ عنك هذا"، وأشار إلى لسانه. قال معاذ: أإنا لمؤاخذون بما نتكلم به يا رسول الله؟ قال -عليه الصلاة والسلام-: "ثكلتك أمك يا معاذ!، وهل يكب الناس على وجوههم أو على مناخرهم إلا حصائد ألسنتهم".

 

والغيبة أصبحت فاكهة المجالس، ومن وقع فيها فعليه أن يذكر مَن اغتابه بخير، ويدعو له في المجلس؛ لعلها تكون كفارة له، وكذلك النميمة، وهي نقل الكلام على وجه الإفساد بين اثنين أو أكثر.

 

 5- صلة الأرحام بأنها فرصة في هذا العيد السعيد أن تصل أرحامك، وتفتح صفحة جديدة مع أقاربك الذين قطعتهم. وقد لعن الله في كتابه الكريم قاطع الرحم (فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَتُقَطِّعُوا أَرْحَامَكُمْ * أُولَئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَأَعْمَى أَبْصَارَهُمْ)[محمد:22- 23].

 

وفي الحديث: "لا يدخل الجنة قاطع رحم"؛ فتصافحوا وصِلُوا أرحامكم وأقاربكم وجيرانكم؛ لعل الله أن يرحمنا جميعًا.

 

5- ترك المعاصي عمومًا، وخاصة كبائر الذنوب من زنا ولواط وخمر وربا وسرقة وكذب وغيبة ونميمة وإهمال للصلوات والزكاة وقطع الأرحام قال الله -تعالى-: (إِنْ تَجْتَنِبُوا كَبَائِرَ مَا تُنْهَوْنَ عَنْهُ نُكَفِّرْ عَنْكُمْ سَيِّئَاتِكُمْ وَنُدْخِلْكُمْ مُدْخَلًا كَرِيمًا)[النساء:31].

 

الله أكبر، الله أكبر، الله أكبر ولله الحمد.

أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم فاستغفره إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.. والصلاة والسلام على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

وبعد: فإن من أهم شعائر الإسلام الظاهرة في هذا اليوم: ذبح الأضاحي. يقول -عز وجل-: (ذَلِكَ وَمَنْ يُعَظِّمْ شَعَائِرَ اللَّهِ فَإِنَّهَا مِنْ تَقْوَى الْقُلُوبِ)[الحج:32].

 

وهناك خلاف بين العلماء في حكم الأضحية؛ فذهب بعضهم إلى أنها واجبة، وهذا مذهب الإمام أبي حنيفة -رحمه الله تعالى-، واختار ذلك شيخ الإسلام ابن تيمية -رحمه الله-، وجمهور العلماء على أنها سنة مؤكدة ومستحبة استحبابًا أكيدًا.

 

وما دام أن العلماء مختلفون فيها بين الوجوب والاستحباب؛ فهذا يدل على أهمية الأضاحي، وعلى شرف وفضل هذه العبادة، ولذلك قال الله -عز وجل-: (فَصَلِّ لِرَبِّكَ وَانْحَرْ)[الكوثر:2]، وقال -تعالى-: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)[الحج: 34]، فعلى من يملك ثمنها أن يسارع إليها.

 

قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "ما عمل ابن آدم من عمل يوم النحر أحب إلى الله من إراقة دم، وإنه ليقع عند الله بمكان قبل أن يقع على الأرض"(رواه الترمذي وابن ماجه).

 

 وأهم شروط الأضحية هي:

1- أن تكون من بهيمة الأنعام: (وَلِكُلِّ أُمَّةٍ جَعَلْنَا مَنْسَكًا لِيَذْكُرُوا اسْمَ اللَّهِ عَلَى مَا رَزَقَهُمْ مِنْ بَهِيمَةِ الْأَنْعَامِ)[الحج: 34]، وبهيمة الأنعام هي: الإبل -البقر - الغنم.

 

2- أن يكون المضحي مالكًا للأضحية، وليست مسروقة أو مغصوبة أو أمانة لديه أو نحو ذلك.

 

3- السن المعتبرة شرعًا في الأضحية: 5 سنوات للإبل - سنتان للبقر- سنة للماعز- ستة أشهر للضأن.

 

4- أن تكون الأضحية سالمة من العيوب؛ ففي الحديث عن البراء بن عازب -رضي الله عنه- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "أربع لا تجوز في الأضاحي؛ العوراء البين عورها، والعرجاء البين عرجها، والمريضة البين مرضها، والعجفاء التي لا تنقي".

 

5- الحرص على السمينة؛ لأنها عبادة تتقرب بها إلى الله -عز وجل-.

 

6- الواحدة من الغنم تكفي عن الرجل وأهل بيته، وتأكل منها وتتصدق منها، وتطعم منها؛ لقول الله -عز وجل-: (فَكُلُوا مِنْهَا وَأَطْعِمُوا الْبَائِسَ الْفَقِيرَ)[الحج:28].

 

الله أكبر الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد.

 

إخوة الإسلام: حافظوا على التكبير المقيد أدبار الصلوات إلى آخر أيام التشريق. واعلموا أن من السُّنة إذا أتيتم من طريق أن تعودوا من طريق آخر.

 

ألا وصلوا على سيدنا محمد كما أمركم الله -عز وجل-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56].

 

اللهم أعز الإسلام والمسلمين، اللهم أبرم لهذه الأمة أمر رشد يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك.

 

 اللهم لا تدع لنا ذنبًا إلا غفرته، ولا همًّا إلا فرَّجته، ولا دَيْنًا إلا قضيته، ولا عسرًا إلا يسَّرته، ولا مريضًا إلا شفيته.

 

 اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات الأحياء منهم والأموات، اللهم آتنا في الدنيا حسنة، وفي الآخرة حسنة، وقنا عذاب النار، وآخر دعوانا أن الحمد لله رب العالمين، وصلِّ اللهم وسلم على سيدنا ونبينا محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

المرفقات

خطبة عن يوم النحر.doc

خطبة عن يوم النحر.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات