خطاب مفتوح إلى المرأة المسلمة

عاصم محمد الخضيري

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ رائد افتتاح مشاريع التعري 2/ أول عقوبة شرعية متخذة بحق الجنس البشري 3/ الخطابات الإبليسية الجديدة 4/ أقلام وصحف تهاجم عفاف المرأة 5/ خطورة استنساخ التجارب الشيطانية في المجتمع المسلم 6/ إحصائية عن التحرش والاغتصاب في الولايات المتحدة 7/ أهم أسباب سقوط الحضارات 8/ هوية المرأة المسلمة 9/ أدوات العبث الفكري 10/ مآلات القول في كشف الوجه.

اقتباس

كيف يحرم الشرع الحكيم على المرأة أن تصف المرأة لزوجها وهو يجوِّز نظره إليها! أو كيف تكون شريعة محكمة أمرت بإطالة الذيل ذراعًا في ثوب المرأة خشية أن تنكشف أقدامها، ثم هو يجوِّز كشفها لوجهها، أفيحرم كشف الأقدام ويحل كشف الوجوه؟! أم كيف تمنع الشريعة من ضرب الأقدام (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) وهو في الزينة الخفية فكيف تجوز كشف الزينة الظاهرة! أفتحرم الشريعة سماع الخلخال وتحل رؤية وجه هو مجمع الجمال؟! أم كيف تأذن الشريعة للرجل الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته والشرع يأذن له بالأصل في رؤية وجهها؟! أفتعبث الشريعة في أمر كهذا؟!

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله حمدًا طيبًا مباركًا عظيمًا كبيرًا يملأ السهل والوعر، حمدًا يقل مداد البحر عن كنهه حسرًا، لك الحمد تعظيمًا لوجهك قائمًا يخصك في السراء منا وفي الضرا، لك الحمد مقرونًا بشكرك دائمًا، لك الحمد في الأولى لك الحمد في الأخرى.

 

أشهد أن لا إله إلا أنت وحدك لا شريك له، لك أسلم من في السماوات والأرض طوعًا وكرهًا وإليك يرجعون.

 

وأشهد أن محمدًا بن عبدلله عبدك ورسولك..

نبيّ أتانا بعد يأس وفترة من الرسل*** والأوثان في الأرض تُعبَدُ

أرانا الهدى بعد العمى فقلوبنا *** به موقنات أن ما قال خالدُ

وأنذرنا نارًا وبشَّر جنة *** وعلمنا الإسلام، فالله نحمدُ

 

اللهم صل وسلم عليه وسلم على آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

 أما بعد: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران:102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا) [النساء:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا) [الأحزاب:70-71].

 

خطاب مفتوح لا من نشرة أرضية أو من تلاوة إخبارية بل من أعلى وثيقة سماوية..

خطاب مفتوح.. أما صيغة الخطاب فإلزامي لا اختياري وعيني لا كفائي.

 

خطاب مفتوح.. المختار ثلة من رضيت بالله ربًّا، وبالإسلام دينًا، وبمحمد -صلى الله عليه وسلم- نبيًّا ورسولاً.

 

خطاب مفتوح.. المخاطب هو الله جل جلاله وتعالى جده وكبريائه وتقدست أسماؤه وأوصافه.

 

خطاب مفتوح.. اعتادت بعض الخطابات أن تمهر بتوقيع بشري أو ختم فضي، أو أمر أميري أو يبلغ أمرنا هذا للجهات المختصة.

 

لكن هذا الخطاب جارٍ على سلسلة الخلود عن محمد -صلى الله عليه وسلم- عن المبلغ جبريل عليه السلام عن الله، جل الله جل الله.

 

هذا وأعظم مسند يتلى ليوم الدين لمحمد عن جبرائيل عن المهمين والمتين خطابات مفتوحة مباشرة.

 

الخطاب الأول: افتتاح مشاريع التعري..

مشاريع دشَّنها إبليس وافتتحها الشيطان الرجيم، وخاض اختبارها آدم وحواء.

خطاب التعري إبليسي المصدر شيطاني السلالة همجي النهاية، فلا غرو أن يكون التعري هو أخطر مشروع شهواني نبتت أحداثه من عهد آدم -عليه السلام- وإبليس هو أول من استخدم وسيلة الحث على الأكل من الشجرة للوصول إلى غاية العري الكبرى، فالعري هو أول غاية إبليسية استخدمها إبليس ورقة إسقاط ضد آدم وذريته.

 

خطاب التعري الأول.. وكأن هذا القرآن يقول لأبناء وبنات آدم أول مراد ناله إبليس من أبيكم هو العري، فمن عصى مراد الله في أمره فقد أوجب لنفسه عري الدنيا والآخرة.

 

أكنتم تعهدون أعظم من هذه القارعة القرآنية وهي صفارة إنذار تدوي لتنطلق منها كل التحذيرات من الفساد وسورة الأعراف تفتتح هذا التحذير الخطير (لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ يَنزِعُ عَنْهُمَا لِبَاسَهُمَا لِيُرِيَهُمَا سَوْءَاتِهِمَا) [الأعراف: 27].

في سورة الأعراف معتبر لمن أمن النجا في سورة الأعراف.

 

إن كل دعوة محمومة ومستعرة تستهين بأثر التعري على المرأة المسلمة وبنات هذه الأمة أو تشرعه أو تحاول أن تقنِّنه فهي مضغة إبليسية ألقاها في أجواف الذين يريدون أن تميلوا ميلاً عظيمًا.

 

قبل أن يعاقب آدم -عليه السلام- بالخروج من الجنة عُوقب بالتعري هو وزوجته لتكون عقوبة التعري هي أول عقوبة شرعية متخذة بحق الجنس البشري جنس آدم وذريته.

 

يا عري في عهدنا المفتون *** يا انسلاخ من مبدأ مضمون

الشرارات كلها بادئات *** من عري مشيطن مأفون

 كلنا آدم وهذه الدعاوى *** قادها اليوم كل غر خؤون

عن أبيهم إبليس رائد عهر*** والأباليس في الردى والمجون

حاربوا الفحش قبل أن يصير *** التزاما وحراما كما الهدى المسنون.

خطابات إبليسيه قديمة (وَقَاسَمَهُمَا إِنِّي لَكُمَا لَمِنَ النَّاصِحِينَ) [الأعراف:21]، خطابات إبليسية (فَدَلاَّهُمَا بِغُرُورٍ) خطابات إبليسية (يَا آدم هَلْ أَدُلُّكَ عَلَى شَجَرَةِ الْخُلْدِ وَمُلْكٍ لَّا يَبْلَى) [طه:120] النتيجة؟ التعري (فَبَدَتْ لَهُمَا سَوْآتُهُمَا) تلك خطابات قديمة، قديمة..

 

خذوا هذه الخطابات الإبليسية الجديدة..

الخطاب الأول: المرأة السعودية بالكاد أن تتحرك بسبب الشحوم المتراكمة، فنحن نريد أمهات مثقفات رياضيات لا أمهات مفلسات تكاد أن تقتلهن السمنة لا ينتجن إلا الدرباوي ومدمن المخدرات" خطاب صحفي مولود قبل أيام.

 

الخطاب الثاني: "نريد للمرأة أن تكون شيئًا مذكورًا وألا تظهر بملابس سوداء لتصبح كأنها كيس فحم" خطاب مولود قبل أيام.

 

خطاب إبليسي جديد "المرأة في هذه البلد كالبقرة، وتلبس كيس القمامة على رأسها، وهي تتغذى على الدعارة في دول مجاورة"..

خطابات صحفية شتى وإبليسية إن شئتم.

 

نعم والله تلك الأقلام المتعرية هي هي محسوبة علينا، وتتكلم بأسمائنا وتستتفه قضايانا، بل وتتعرى بطريقة يتمضمض منها الشيطان.

 

تلك الأقلام العارية لا يسرها أن تكون امرأة هذه البلاد شواهيق جبل سابح بالعفاف وبنت تحوط بها الكبرياء وأُمًّا وزوجًا تقول:

إذا رتلت آي ربي سمعنا أطعنا ونحن بهذا الحجاب استترنا

وبالطهر نحن ارتفعنا وقد سقط الآخرون

 

يحزننا ما وصلت إليه امرأة هذه البلاد وهم أكثر من ثلاثين سنة يستفزون هذه الجبال التي لا تعرف معنى زحزحة 

 

كَنَاطِحٍ صَخرَةً يَوْماً ليوهنها *** فَلَمْ يَضِرْها وَأوْهَى قَرْنَهُ الوَعِلُ

 

يحزنها أن تجمع هذه المرأة بين أصالة التمسك بالدين وبين المعاصرة.

عرفنا البغي من إبليس *** لكن بغاة اليوم أكثرهم فجورا

 

 أم ماذا يبتغون حتى تتقيأ هذه القلوب بمثل هذه الطريقة حقدها على شريعة الله، وتحت أغطية شتى، وما الذي رأوه من هذا الزعيم الأول لدعوة التعري في التاريخ حتى يستنسخوا تجربته ويستحسنوا طريقته؟!

 

أم ماذا يبتغون الذي نعرفه عن الحجاب أنه أقرب باب للفضيلة، وأن التعري المتدرج هو سبب كافٍ لوالدة الرذائل من خلف كل عتبة وهو الضمان لأي مشروع ينتج أولاد الخطيئة.

 

وقد علمنا إبليس أنه جرب كل المحاولات، وركب شتى المراكب لتصدير العري لآدم وزوجته تحت لافتات شتى، تحت لافتة التحضر والتمدن والتمتع بالحياة والخلد العظيم،

أفيبتغي الأبالسة المتجددون إحياء الشيطنة القديمة على نساء هذه الأمة.

 

استنساخ التجارب الشيطانية مع سبق العلم بنتائجها هو من أعجب الأشياء، الإحصائية القديمة تقول: إن مجرد الاستسلام لحبكة الشيطان هو مشروع يؤدي إلى عري الدنيا والآخرة والإحصائية الجديدة في عام 2016م دراسة نشرها البيت الأبيض عن التحرش والاغتصاب في الولايات المتحدة أن امرأة من كل خمس نساء تعرضن للاغتصاب الوحشي، وأن 12% اغتُصبن في سن عشر سنين وأقل في وحشية لا تعرف قانونًا للتحرش ولا توعية ولا عقوبة.

 

وأن 30% اغتُصبن في الأعمار ما بين الحادية عشر إلى السابعة عشر، وأن 37% اغتُصبن ما بين عمر الثامنة عشر إلى سن أربعة وثلاثين، وأن 14% اغتُصبن من سن الخامس والعشرين إلى الرابع والثلاثين.

 

الله يقول: (لاَ يَفْتِنَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ كَمَا أَخْرَجَ أَبَوَيْكُم مِّنَ الْجَنَّةِ) وهؤلاء يقولون: لا يفتنكم الداعون إلى تصفيد نصف المجتمع وتعطيل قدراته والله يقول: (يَا بَنِي آدم قَدْ أَنزَلْنَا عَلَيْكُمْ لِبَاسًا يُوَارِي سَوْءَاتِكُمْ وَرِيشًا وَلِبَاسُ التَّقْوَىَ ذَلِكَ خَيْرٌ) [الأعراف: 26] وهؤلاء يقولون : التعري هو طريق التحضر والتمدن والبقاء ومواكبة الحضارات.

 

إبليس يعد آدم بالخلد وملك لا يبلى، وهؤلاء يعدونا أن نواكب العالم المعاصر، وهو ضمان للدخول في القرية العالمية وتماسك الدولة الحديثة من الزوال وتخفيف الضغوطات حتى لا تنهار لأجلها البلدان.

 

اسمعوا للمؤرخ البريطاني أرنولد توينبي وهو أشهر مؤرخ في القرن العشرين، وقد درس هذا المؤرخ جميع الحضارات القديمة والمعاصرة، وأحصى الحضارات القديمة التي يمكن أن تُعرَف، وجد أن أكثر من إحدى وعشرين حضارة من تلك الحضارات بعضها استمر لألف سنة وبعضها لخمسمائة سنة في أنحاء مختلفة من الأرض ذكر بعضها الحضارة اليونانية والرومانية وغيرها.

 

ذكر هذا المؤرخ توينبي في نظريته المسجلة عن سقوط الحضارات أن من أهم الأسباب التي أوصلتها لتحولها من الجغرافيا للتاريخ هو ترك المرأة لوظيفتها الأساسية وظيفة الأمومة وانتشار التبرج والتعري والانحلال الأخلاقي في الساحات وفي المجامع العامة، وتردي المستوى القيمي والأخلاقي الذي يشكله تماسك المرأة في وظيفتها الأساسية.

 

هل تعرفون حضارة واحدة سقطت لأن نساءها لا يخرجن وجوههن ولا يتعاملن البارات ومحلات بيع الأعراض ولا يرقصن في الشوارع أمام الناس؟ هل وقفتم على شيء من ذلك؟

 

أم تحفظون أنه سجلت بعض الحضارات موتها حين تعطل نصف المجتمع في البيت كما يدعى وأن حقوقه متعطلة، أم أن ولاية المرأة على وليها.

هبوني مثالاً واحدًا إن أردتم وإن مثالاً واحدًا لقليل.

 

مع أنه لا تحصى هذه الأمم التي سقطت بسقوط رسالة البيت الأولى من إنجاب الأجيال إلى هشاشة الآمال في موت إكلينيكي بطيء.

 

التعري مشروع إبليسي (إِنَّ الشَّيْطَانَ لِلإِنسَانِ عَدُوٌّ مُّبِينٌ) [يوسف:5]، (وَيُرِيدُ الشَّيْطَانُ أَن يُضِلَّهُمْ ضَلاَلاً بَعِيدًا) [النساء:60]، (وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِلْإِنسَانِ خَذُولًا) [الفرقان:29]، (هَذَا مِنْ عَمَلِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ عَدُوٌّ مُّضِلٌّ مُّبِينٌ) [القصص:15]، (إِنَّ الشَّيْطَانَ لَكُمْ عَدُوٌّ فَاتَّخِذُوهُ عَدُوًّا)، (وَلاَ تَتَّبِعُواْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ إِنَّهُ لَكُمْ عَدُوٌّ مُّبِينٌ * إِنَّمَا يَأْمُرُكُمْ بِالسُّوءِ وَالْفَحْشَاء..) [البقرة:168 - 169].

 

(لَّعَنَهُ اللّهُ وَقَالَ لَأَتَّخِذَنَّ مِنْ عِبَادِكَ نَصِيبًا مَّفْرُوضًا * وَلأُضِلَّنَّهُمْ وَلأُمَنِّيَنَّهُمْ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُبَتِّكُنَّ آذَانَ الأَنْعَامِ وَلآمُرَنَّهُمْ فَلَيُغَيِّرُنَّ خَلْقَ اللّهِ)، ثم قال الله: (وَمَن يَتَّخِذِ الشَّيْطَانَ وَلِيًّا مِّن دُونِ اللّهِ فَقَدْ خَسِرَ خُسْرَانًا مُّبِينًا * يَعِدُهُمْ وَيُمَنِّيهِمْ وَمَا يَعِدُهُمُ الشَّيْطَانُ إِلاَّ غُرُورًا) [النساء: 118- 120]، (وَإِذَا فَعَلُواْ فَاحِشَةً قَالُواْ وَجَدْنَا عَلَيْهَا آبَاءنَا وَاللّهُ أَمَرَنَا بِهَا قُلْ إِنَّ اللّهَ لاَ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاء أَتَقُولُونَ عَلَى اللّهِ مَا لاَ تَعْلَمُونَ * قُلْ أَمَرَ رَبِّي بِالْقِسْطِ وَأَقِيمُواْ وُجُوهَكُمْ عِندَ كُلِّ مَسْجِدٍ وَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ كَمَا بَدَأَكُمْ تَعُودُونَ * فَرِيقًا هَدَى وَفَرِيقًا حَقَّ عَلَيْهِمُ الضَّلاَلَةُ إِنَّهُمُ اتَّخَذُوا الشَّيَاطِينَ أَوْلِيَاء مِن دُونِ اللّهِ وَيَحْسَبُونَ أَنَّهُم مُّهْتَدُونَ) [الأعراف: 28- 30].

 

أستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم..

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، اللهم صلِّ وسلم وبارك عليه وعلى آله وصحبه أجمعين وعلى التابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين وسلم اللهم تسليمًا كثيرًا..

 

أما بعد: الخطاب الثاني: هوية المرأة المسلمة..

 (فَاسْأَلُوهُنَّ مِن وَرَاء حِجَابٍ)، (وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ)، (يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِن جَلَابِيبِهِنَّ)، (وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ)، (فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَّعْرُوفًا * وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ) [الأحزاب:32 - 33].

 

يدنين، يحفظن، ولا تبرجن، ولا يبدين، ولا يضربن، فلا تخضعن، كلها إشارات قرآنية عالية تدل دلالة صريحة على هوية المرأة المسلمة التي رسمها لها ربها، ومهما حاول المنتفعون إخفاء حقيقة قرآنية إلا وتتبعها أخواتها في مشهد يجلِّي طبيعة هذه الهوية بلا أيِّ مواربة أو تورية أو تهوين.

كل مولود يولد على فطرة الستر فالشياطين الإنسية والجنية تعريه أو تمنيه.

 

الخطاب الثالث: أدوات العبث الفكري..

المسألة فيها خلاف حسنًا، هل ورد في الخروج إلى الأولمبياد العالمية خلاف فقهي؟ هل ورد بين أحد من الأئمة أن المرأة التي تخرج بالبنطال وتدخل المسابقات وتستعرض عضلاتها هل فيه خلاف فقهي؟!

وهل ورد من الراقصات أو اللواتي يخرجن شعورهن أو اللاتي يصبغهن الزينة عليهن فيه خلاف؟

وهم عبدوا الخلاف وما أردوا ***وحاش الدين من عبث الخلاف

هؤلاء دخلوا في سلطان النصر عبر باب الانقياد وخرجوا منه عبر نافذة الخلاف.

 

يقول ابن عبدالبر -رحمه الله تعالى-: "الاختلاف ليس بحجة عند أحد علمته من فقهاء الأمة إلا من لا بصر له ولا معرفة عنده ولا حجة في قوله والله يقول: (فَإِن تَنَازَعْتُمْ فِي شَيْءٍ فَرُدُّوهُ إِلَى اللّهِ وَالرَّسُولِ) [النساء: 59]، وليس إلى الاختلاف والخلاف.

 

وأي مسألة ورد فيها خلاف فيرجع بها إلى الشريعة فإن اختلف الأئمة فيها اختلافًا بينًا فيختار المستفتي مفتيًا يثق بدينه وورعه وزهادته وديانته ويتابعه على جميع المسائل.

 

أما مسألة يستمع فيها فلانًا، ثم مسألة يتابع فيه علانًا، ثم مسألة ثالثة يتابع فيها ثالثًا، فهو سبيل إلى التحلل، وتتبع الرخص والمتتبع للرخص على ضلال عظيم حتى قيل "من تتبع الرخص فقد تزندق".

 

الخطاب الرابع: مآلات القول في كشف الوجه..

القول بجواز كشف المرأة لوجهها أمام الرجال الأجانب ينسب التناقض إلى الشريعة الإسلامية؛ إذ كيف الشرع الحكيم يحرم على المرأة أن تصف المرأة لزوجها وهو يجوِّز نظره إليها!

 

أو كيف تكون شريعة محكمة أمرت بإطالة الذيل ذراعًا في ثوب المرأة خشية أن تنكشف أقدامها، ثم هو يجوِّز كشفها لوجهها، أفيحرم كشف الأقدام ويحل كشف الوجوه؟!

تناقض ما لنا إلا السكوت له ونستعيذ بمولانا من الذلل.

 

أم كيف تمنع الشريعة من ضرب الأقدام (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِن زِينَتِهِنَّ) وهو في الزينة الخفية فكيف تجوز كشف الزينة الظاهرة! أفتحرم الشريعة سماع الخلخال وتحل رؤية وجه هو مجمع الجمال؟! أم كيف تأذن الشريعة للرجل الخاطب أن ينظر إلى مخطوبته والشرع يأذن له بالأصل في رؤية وجهها؟!

أفتعبث الشريعة في أمر كهذا؟!

 

الخطاب الخامس: العجب من العجب..

يقول أبو عمرو بن العلاء -رحمه الله تعالى-: "لا يزال الناس بخير ما تُعجب من العجب"، إذا تعجبت المرأة المسلمة والرجل المسلم من مظاهر العري، ومن مظاهر التفسخ والسفور فهم بخير عظيم، وإذا تمعر وجهها وهي تشاهد بنات جنسها يركبن في المحافل ويتميعن في اللقاءات وفي المؤتمرات، وينسلخن رويدًا رويدًا عن الحشمة والعفاف فهي بخير عظيم.

 

إذا سمعت الفتاة المسلمة عن خبر فنانة أو فنان وقد سقطوا في الوحل واستفزهم الشيطان ببعض ما كسبوا ثم هي تسأل ربها الثبات فهي بخير عظيم وهي بنعيم مقيم.

 

إذا سمعت الفتاة المسلمة عن إحدى بنات بلدها وقد دخلت في مشروع تعري متهتك ووسائل تواصل تهيج الجدران الميتة، ثم هي لا تلتفت لذلك بل تسأل ربها الثبات وتسأل لهن الهداية فهي بخير عظيم ونعيم مقيم وطهر عميم.

 

المرأة المسلمة: من تحمل في جيبها نورًا وفي يدها نوارة الجمر في عهد يبيع جداه السائحات على الغيث الطهور ندى وشاريات بيأس لا يفوح ردها..

 

في مصر وتونس وفي الشام بدأ السفور بغطاء الوجه، وانتهى بالتعري وظهور النحر والفخد، وما بين كشف الوجه والفخذ إلا عشرين سنة فحسب، فاعتبروا يا أولي الأبصار.

 

الخطاب الأخير: ما زمن إلا والذي بعده شر منه، الأيام حُبلى، والحق لا يسقط بالتقادم فإذا سمعنا رجلاً أو امرأة يأمر بالحمشة والعفاف والستر وعباءة الرأس فلا نرميه بالتشدد، ولكن قد نسأل أنفسنا عن تفريطنا.

 

يقول الإمام الحسن البصري -رحمه الله-: "ويل ثم ويل ثم ويل لمن مات وبقيت ذنوبه مائة سنة بعده"، يريد -رحمه الله- أن مَن سنَّ سُنَّة سيئة فيكون عليه وزرها ووزر من عمل بها إلى يوم القيامة.

 

كل امرأة تبرجت فتبرجت لتبرجها أختها فعليها وزر أختها ووزر من قلدها إلى يوم القيامة، وكل راعٍ استرعاه الله رعية سكت عن ثياب بناته أو زوجاته فافتُتن بهن أحد فعليه إثمها وغرمها وجرمها.

 

لم يقل أحد: إن هناك تعارضًا بين الثقة وبين الرقابة، فثق برعيتك، ولكن راقب أمانة الله فيهم من لباس وحجاب وثياب.

 

وإن أيَّ فتنة تفتن رعيتك بها من آثر هوانك فإنما وزرها عليك.

 

اللهم اهدنا للهدى..

 

 

المرفقات

مفتوح إلى المرأة المسلمة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات