حوادث السيارات .. مصائب وأحزان

الشيخ هلال الهاجري

2022-10-10 - 1444/03/14
التصنيفات: قضايا اجتماعية
عناصر الخطبة
1/ظاهرة التهاون بدماء الناس 2/إحصائيات مذهلة حول حوادث السيارات 3/بعض مآسي حوادث السيارات (قصص) 4/نعمة السيارات 5/تحويل بعض الناس النعمة إلى نقمة

اقتباس

كلُّ إحصائياتِ المرورِ لن تكونَ أبلغَ من تلك الدمعةِ التي سقطتْ من عينِ تلك الأمُّ الثَكْلَى، كانَ ابنُها الوحيدُ، كانتْ ترى فيه صورةَ أبيه الذي ماتَ من سِنينَ، كانت ترى فيه العِوَضَ عن ذلك الماضي الحزينِ، له الأحلامُ، وفيه الآمالُ، لم يكنْ في حياتِها ولا يُشغلُ بالُها إلا هو، تعليمُه، وظيفتُه، زواجُه، أولادُه، وإذا بها تُفجعُ بموتِه بحادثٍ مُرَوِّعٍ، فأصبحَ البيتُ خالياً، والقلبُ فارغاً، فتذكرتْ الآخرةَ، وتمنتْ أن يجمعَها اللهُ -تعالى- بهما في...

 

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمدَ للهِ، نحمدُه ونستعينُه، ونستغفرُه ونتوبُ إليه، ونعوذُ باللهِ من شرورِ أنفسِنا ومن سيئاتِ أعمالِنا، من يهدِه اللهُ فلا مُضلَّ له، ومن يُضللْ فلا هاديَ له، وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمدًا عبدُ اللهِ ورسولِه.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُم مُّسْلِمُونَ) [آل عمران:102].

(يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُواْ رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُم مِّن نَّفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالاً كَثِيراً وَنِسَاء وَاتَّقُواْ اللّهَ الَّذِي تَسَاءلُونَ بِهِ وَالأَرْحَامَ إِنَّ اللّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيباً) [النساء: 1].

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلاً سَدِيداً يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَن يُطِعْ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزاً عَظِيماً) [الأحزاب: 71].

 

أما بعد:

 

ليسَ عجيباً: أن تكونَ واقفاً عندَ إشارةِ المرورِ، فيأتي من يسوقُ سيَّارتَه، ويتجاوزُ جميعَ الواقفينَ، حتى يقطعَ الإشارةَ؛ مُعرِّضاً نفسَه للخطرِ، متهاوناً بأرواحِ البشرِ، وكأنه لم يقرأ يوماً قولَه تعالى: (وَلاَ تُلْقُواْ بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ) [البقرة: 195].

 

وليسَ غريباً: أن ترى سائقاً يقودُ سَيّارتَه بسرعةٍ خياليَّةٍ، يتجاوزُ السيَّاراتِ بطريقةٍ جنونيَّةٍ، فتضعُ يدكَ على قلبِك خوفاً عليه وتقولُ: "اللَّهُمَّ سَلِّمْ سَلِّمْ".

 

وكأن هذا لم يتحركْ لسانُه يوماً بقولِه تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا) [النساء: 29].

 

وأصبح من المُعْتَادِ، أن تَمُرَّ في أحدِ الشوارعِ فتجدَ الطريقَ قد ازدحمَ، والناسَ قد تعطَّلوا، فإذا مشيتَ قليلاً لتعلمَ سببَ الزِّحامِ، فإذا شخصٌ قد أوقفَ سيارتَه في وسطِ الطريقِ ونزلَ مطعماً، أو دُكَّاناً، أو مَغْسَلةً، وكأنه يعيشُ وحيداً في كوكبِ الأرضِ، فإذا كانَ رجلاً قد أزاحَ غُصنَ شَجرةٍ كان يؤذي المسلمينَ في طريقِهم فدخلَ الجنةَ، فكيفَ بمن يسُدُّ الطريقَ كُلَّه ويمنعُ المسلمينَ حقَّهم؟.

 

وما المُستغربُ: إذا خرجتَ ووجدتَ من أوقفَ سيارتَه خلفَ سيَّارتِك، فتضطرَ أن تنتظرَه طويلاً ولو كنتَ مُستعجِلاً، بل ولو كانت عندك حالةً طارئةً؛ لأنك لا تملكُ إلا هذا الخيارَ، وإذا كانَ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- يقولُ: "ولَأَنْ أمْشِيَ مع أخِي المسلمِ في حاجةٍ أحَبُّ إليَّ من أنْ أعتكِفَ في مسجدِ المدينةِ شهْرًا".

 

فكيفَ بمن عطَّلَ حاجةَ أخيه المسلمِ؟.

 

وأصبحَ من المألوفِ، أن تأتيَ إلى مكانٍ بالخطأِ، فترى الشبابَ قد تجمَّعوا، ينظرونَ إلى التفحيطِ القاتلِ، والسرعةِ المُتهوِّرةِ، والحركاتِ الطائشةِ، يقتلونَ أنفسَهم بأيديِهم، وقد قالَ صلى الله عليه وسلم: "مَنْ قَتَلَ نَفْسَهُ بِحَدِيدَةٍ فَحَدِيدَتُهُ فِي يَدِهِ يَتَوَجَّأُ بِهَا فِي بَطْنِهِ فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا فِيهَا أَبَدًا، وَمَنْ تَرَدَّى مِنْ جَبَلٍ فَقَتَلَ نَفْسَهُ فَهُوَ يَتَرَدَّى فِي نَارِ جَهَنَّمَ خَالِدًا مُخَلَّدًا فِيهَا أَبَدًا".

 

كلُ هذا وغيرُه من مخالفةِ أنظمةِ المرورِ، جعلناَ الأوَّلَ عالمياً، ولكن الأوَّلُ في ماذا؟

 

الأولُ في حوادثِ المرورِ وفي عددِ الوَفَياتِ، تُشيرُ الإحصائياتُ أن حادثاً مرورياً يقعُ كلَ دقيقتينِ، ويُوجدُ وفاةٌ أو إصابةٌ كالَخمسَ عشرةَ دقيقةً، ويومياً يموتُ سبعةَ عشرَ شخصاً، وعددُ المصابينَ سنوياً أربعينَ ألفَ إصابةً، ثلاثونَ بالمائةِ منها إعاقاتٌ دائمةٌ، أي ما يعادلُ ألفَ مُعاقٍ شهرياً، هذا يعني أن حصيلةَ حوادثِ السيَّاراتِ خمسةٌ وثلاثونَ مُعاقاً يومياً، وحجمُ ما يتكبَّدُه الاقتصادُ الوَطنيُّ ما يقاربُ الواحدَ والعشرينَ ملياراً سنوياً ما بينَ الرعايةِ الصحيةِ والتعويضاتِ الطبيةِ وفقدانِا لعناصرِ المُنتجةِ وساعاتِ العملِ والقوى العاملةِ، وغيرِها من المعاناةِ الاجتماعيةِ والاقتصاديةِ لذوي المعاقينَ.

 

هل تُصدِّقون، أن هذه الإحصائياتِ تفوقُ كثيراً أعدادَ من ماتَ وأصيبَ في كثيرٍ من الحروبِ القديمةِ والحديثةِ، يعني نحنُ نواجهُ في شوارعِنا حرباً ضَرُوساً تتخطفُ الصغيرَ والكبيرَ، والرجالَ والنساءَ، في كلِّ يومٍ لها ضحايا، تُباغتُ الناسَ بعظيمِ الرزايا، فما بينَ مُصابٍ ومكسورٍ، وما بينَ مَحمولٍ إلى النشورِ، يخرجُ الرجلُ من بيتِه سليماً مُعافى، ولا يعلمُ أنه على موعدٍ مع أجلٍ قد وافى، ويخرجُ يمشي على رجليه يسعى مَسروراً، وإذا به يعودُ بعد أيامٍ مدفوعاً على كُرسيِّه محسوراً، والأرقامُ تزدادُ، فما الحلُّ -أيها العِبادُ-؟.

 

هذه الأرقامُ ستعرفُ حقيقتَها: إذا رأيتَ ذلك الشابَ وهو في رَيْعَانِ حياتِه، يُساقُ بكرسيِّه المُتحركِ، لا يستطيعُ أن يمشيَ كما كانَ يفعلُ من قبلُ، فهو مُحتاجٌ إلى من يُساعدُه في القيامِ والجلوسِ، وفي الدخولِ والخروجِ، ومع ذلك فهو يَحمدُ اللهَ -تعالى- في كُلِّ أوقاتِه؛ لأن صاحبَه الذي كانَ معه، مُتوَسِّداً في قبرِه، تحت رحمةِ ربِّه، عندَها ستقولُ ما قَالَه رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-: "مَنْ رَأَى صَاحِبَ بَلَاءٍ، فَقَالَ: الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي عَافَانِي مِمَّا ابْتَلَاكَ بِهِ وَفَضَّلَنِي عَلَى كَثِيرٍ مِمَّنْ خَلَقَ تَفْضِيلًا إِلَّا عُوفِيَ مِنْ ذَلِكَ الْبَلَاءِ كَائِنًا مَا كَانَ مَا عَاشَ".

 

ستعرفُ خطورةَ الحوادثِ، إذا رأيتَ ذلك الرجلَ قد استلقى على سَريرِه، لا يستطيعُ تحريكَ شيءٍ من أطرافِه، وقد اجتمعَ حولَه زوجتُه وأولادُه، فها هو أبوهم القويُّ، الذي كانَ يملأُ صوتُه البيتَ، ويختبئونَ تحتَ جناحِه إذا خافوا، ومن كانَ يسعى لهم في الرِّزقِ الحلالِ، ها هو مُمَدَّدٌ على سريرِه لا يستطيعُ حَراكاً، قد أثقلتْ كاهِلَه الهمومُ والأكدارُ، في التفكيرِ في مَصيرِ زوجتِه وأطفالِها الصِّغارِ، عندها ستعلمُ معنى قولِه تعالى: (وَلْيَخْشَ الَّذِينَ لَوْ تَرَكُواْ مِنْ خَلْفِهِمْ ذُرِّيَّةً ضِعَافًا خَافُواْ عَلَيْهِمْ فَلْيَتَّقُوا اللّهَ وَلْيَقُولُواْ قَوْلاً سَدِيدًا) [النساء: 9].

 

وستذكرُ: (ومَا مِنْ دَابَّةٍ فِي الْأَرْضِ إِلَّا عَلَى اللَّهِ رِزْقُهَا)[هود: 6].

 

ستشعرُ بالحزنِ، حينما ترى تلك الصغيرةَ، التي فقدتْ كلَّ عائلتِها في حادثٍ شنيعٍ، وكانت هي الوحيدةُ التي أنجاها اللهُ -تعالى-، فها هي تسكنُ مع عائلةٍ من أقاربِها، ويزيدُ حزنُك ويفيضُ دمعُك، عندما تسألُ قَريبَها: متى سيرجعُ أبي وأمي وإخواني، فلا يملكُ إلا أن تدمعَ عينُه ويُعقَدَ لِسانُه ويمسحَ رأسَها، فقد ذهبت قسوةُ قلبِه منذ دخلتْ هذه اليتيمةُ بيتَه؛ فعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أَنَّ رَجُلاً شَكَا إِلَى رَسُولِ اللهِ -صلى الله عليه وسلم- قَسْوَةَ قَلْبِهِ، فَقَالَ لَهُ: "إِنْ أَرَدْتَ أَنْ يَلِينَ قَلْبُكَ: فَأَطْعِمِ الْمِسْكِينَ، وَامْسَحْ رَأْسَ الْيَتِيمِ".

 

كلُّ إحصائياتِ المرورِ لن تكونَ أبلغَ من تلك الدمعةِ التي سقطتْ من عينِ تلك الأمُّ الثَكْلَى، كانَ ابنُها الوحيدُ، كانتْ ترى فيه صورةَ أبيه الذي ماتَ من سِنينَ، كانت ترى فيه العِوَضَ عن ذلك الماضي الحزينِ، له الأحلامُ، وفيه الآمالُ، لم يكنْ في حياتِها ولا يُشغلُ بالُها إلا هو، تعليمُه، وظيفتُه، زواجُه، أولادُه، وإذا بها تُفجعُ بموتِه بحادثٍ مُرَوِّعٍ، فأصبحَ البيتُ خالياً، والقلبُ فارغاً، فتذكرتْ الآخرةَ، وتمنتْ أن يجمعَها اللهُ -تعالى- بهما في الجنَّةِ، فقالتْ: الحمدُ للهِ، إنا للهِ وإنا إليه راجعونَ، وبُشراها ما قَالَه النَبيُّ -صلى الله عليه وسلم-: "إِذَا مَاتَ وَلَدُ الْعَبْدِ: قَالَ اللَّهُ لِمَلَائِكَتِهِ: قَبَضْتُمْ وَلَدَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: قَبَضْتُمْ ثَمَرَةَ فُؤَادِهِ؟ فَيَقُولُونَ: نَعَمْ، فَيَقُولُ: مَاذَا قَالَ عَبْدِي؟ فَيَقُولُونَ: حَمِدَكَ وَاسْتَرْجَعَ، فَيَقُولُ اللَّهُ: ابْنُوا لِعَبْدِي بَيْتًا فِي الْجَنَّةِ وَسَمُّوهُ بَيْتَ الْحَمْدِ".

 

هذه بعضُ مآسي الحوادثِ، وما خَفِيَ كانَ أعظمُ، ومن وُعِظَ بغيرِه فهو السعيدُ: (إِنَّ فِي ذَلِكَ لَذِكْرَى لِمَن كَانَ لَهُ قَلْبٌ أَوْ أَلْقَى السَّمْعَ وَهُوَ شَهِيدٌ) [ق: 37].

 

باركَ اللهُ لي ولكم في القرآنِ العظيمِ، ونفعني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيمِ.

 

أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ اللهَ العظيمَ الجليلَ لي ولكم ولسائرِ المسلمينَ من كلِ ذنبٍ فاستغفروه إنه هو الغفورُ الرحيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ للهِ تفرَّدَ بالعزّةِ والجبروتِ، أماتَ وأحيَا، وأضحكَ وأبكى، وأفقرَ وأغنى، أحمدُه سبحانه وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه.

وأشهدُ أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَّه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ سيِدَنا ونبيَّنا محمَّدًا عبدُ اللهِ ورسولُه صلى اللهُ وسلمَ وباركَ عليه، وعلى آلِه نجومِ الدُّجى، وأصحابِه شُموسِ الهدى، والتابعينَ ومن تبعَهم بإحسانٍ وسارَ على نهجِهم فاهتدى.

 

أما بعد:

 

ذكرَ اللهُ -تعالى- بعضَ نِعَمِه على بني آدمَ في قولِه: (وَالْخَيْلَ وَالْبِغَالَ وَالْحَمِيرَ لِتَرْكَبُوهَا وَزِينَةً وَيَخْلُقُ مَا لاَ تَعْلَمُونَ) [النحل: 8].

 

فخلقَ اللهُ -تعالى- لنا المركوباتِ من البهائمِ، وعلَّمنا صناعةَ السيَّاراتِ والطائراتِ والقُطاراتِ، فهي من خَلْقِ اللهِ -سبحانه-؛ لأنه القائلُ: (وَاللَّهُ خَلَقَكُمْ وَمَا تَعْمَلُونَ) [الصافات: 96].

 

وأمرَ بذكرِه وشُكرِه إذا استوينا على ظُهورِ المركوباتِ؛ كما قالَ: (وَجَعَلَ لَكُم مِّنَ الْفُلْكِ وَالْأَنْعَامِ مَا تَرْكَبُونَ * لِتَسْتَوُوا عَلَى ظُهُورِهِ ثُمَّ تَذْكُرُوا نِعْمَةَ رَبِّكُمْ إِذَا اسْتَوَيْتُمْ عَلَيْهِ وَتَقُولُوا سُبْحَانَ الَّذِي سَخَّرَ لَنَا هَذَا وَمَا كُنَّا لَهُ مُقْرِنِينَ * وَإِنَّا إِلَى رَبِّنَا لَمُنْقَلِبُونَ)[الزخرف: 12-14].

 

وإذا كانَ هذا في الأنعامِ والفُلكِ مع بُطءِ سَيْرِها، وتَعَرُّضِ راكبِها إلى الشمسِ والريحِ، والحَرِّ والبردِ، فكيفَ بمن يركبُ هذه المصنوعاتِ الحديثةِ، في مجلسٍ مُريحٍ، وجَوِّ لطيفٍ، لا يشعرونَ بطُولِ الطريقِ، ولا تَغبَّرُ أرجلُهم، ولا تَشعَثُ شعورُهم، قَرَّبت البعيدَ، في نعمةٍ ظاهرةٍ على العبيدِ: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِن شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِن كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].

 

فلماذا أصبحتْ هذه النعمةُ عندَ الكثيرِ نقمةً؟.

 

فإلى متى هذِه الأحزانُ، وإلى متى فَقدِ الأحبَّةِ والإخوانِ، أصبحَت شوارعُنا كساحاتِ القِتالِ، جُثثٌ متناثرةٌ، وأشلاءٌ مُقَطَّعةٌ، دماءٌ مُتدَفِّقةٌ، وسيَّاراتٌ مُحتَرِقةٌ، إصاباتٌ أليمةٌ، وإعاقاتٌ مُستديمةٌ، أرواحٌ تصعدُ إلى الغَمامِ، مُخلِّفةٌ أراملَ وأيتامَ، ألا يكفي سُرعةً ومخالفةَ النِّظامِ، فغيرُك لم يكنْ يتوَقَّعُ يوماً أن يكونَ أحدَ هذه الأرقامِ، فإيَّاك ودمعةَ أمِّك، وكَربَ أبيك، وحسرةَ زوجتِك، وشوقَ أولادِك، وحُزنَ أحبابِك، وقبلَ ذلك إيَّاك وغضبَ الذي كانَ لك كريماً، وأوصاكَ بقولِه: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء: 29].

 

اللهم احفظْنا من بينِ أيديِنا ومن خلفِنا وعن أيمانِنا وعن شمائلِنا ومن فوقِنا، ونعوذُ بعظمتِك أن نُغتالَ من تحتِنا.

 

اللهم إنا نسألُك العافيةَ في دينِنا ودنيانا وأهليِنا وأموالِنا.

 

اللهم استر عوراتِنا، وآمنْ روعاتِنا.

 

اللهم عافِنا في أبدانِنا وأسماعِنا وأبصارِنا.

 

اللهم إنا نعوذُ بك من زوالِ نعمتِك، وتحوُّلِ عافيتِك، وفُجاءةِ نقمتِك، وجَميعِ سَخطِك.

 

اللهم احقن دماءَ المسلمينَ في كلِّ مكانٍ، واحفظ عليهم دينَهم وأمنَهم وأعراضَهم وأموالَهم، يا ربَّ العالمينَ.

 

 

 

 

المرفقات

السيارات .. مصائب وأحزان

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات