حماية البيئة

الشيخ د عبدالرحمن السديس

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: قضايا اجتماعية
عناصر الخطبة
1/ سبق الإسلام بقية الأمم في الحفاظ على البيئة 2/ الحفاظ على البيئة من شعب الإيمان 3/ البيئة من نعم الله الباهرة 4/ الوعيد الشديد على مفسدي البيئة 5/ نشر الوعي البيئي أمانة شرعية

اقتباس

وكيف لا نستبِقُ حمايةَ البيئة، وقد أفاءَ الله على عباده بآلاء الطبيعة الخلاَّبة، والبيئة الجذَّابة؟! يقول -سبحانه-: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) [ق: 7، 8]. ففي هذه الآية الكريمة -ونحوها كثير- الدعوة المُؤكَّدة لحماية البيئة؛ إنسانًا، وحيوانًا، وطيرًا، وبناءً، برًّا وبحرًا وجوًّا، فضاءً وسماءً، شجرًا ونباتًا، زرعًا وماءً، حفظًا لجمالها ونظافتها، وقوَّتها ونضارتها، وسلامتها ونقاوتها.

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمدُك ربَّنا ونستعينُك ونستغفرُك ونتوبُ إليك، ونُثنِي عليك الخيرَ كلَّه.

 

فحمدًا ثم حمدًا ثم حمدًا *** لربِّ العالمين بلا توانِي

وإنا نستزيدُ الحمدَ منه *** على مرِّ الليالي والزمانِ

 

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له؛ خصَّنا بشريعةٍ بلجاء كالشمس في ضُحاها، أفعمَت العالمين بسُمُوِّها وسناها.

 

وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، أنقذَ الله به البريَّة وقد غرِقَت في أساها، وجلَّى معالِم رُقيِّ الحضارة وأقام صُواها، اللهم -فيا ربِّ- صلِّ وبارِك عليه وعلى آله صفوةِ الخليقة سيرةً وأزكاها، وصحبِه الكرامِ البرَرة، البالغين من ذُرى الأمجاد عُلاها، والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ، وسلَّم تسليمًا طيبًا مُباركًا لا يتناهَى.

 

أما بعد:

 

فيا عباد الله: خيرُ ما يُوصَى به بُكرًا وآصالاً، خضوعًا وامتثالاً: تقوى الله -تبارك وتعالى-، فمن تمسَّك بالتقوى أفلحَ ونجا، وجزاه الباري ما أمَّل ورجَا: (وَتَزَوَّدُوا فَإِنَّ خَيْرَ الزَّادِ التَّقْوَى وَاتَّقُونِ يَا أُولِي الْأَلْبَابِ) [البقرة: 197].

 

وخيرُ الزاد تقوى الله فاعلَم *** وشمِّل واعدُ عن قالٍ وقيلِ

فتقـواه غِنَى الدَّارَين فـالزَم *** فذاك العِزُّ للعبدِ الذَّليلِ

 

أيها المسلمون: حينما نستروِحُ شوامِخَ شريعتنا الإسلامية، وقِيَمنا الإنسانية، ومضامينها الحضارية، وجوانبها السنيَّة، تبرُزُ قضيَّةٌ عالمية، عريقةٌ تاريخية، سبقَت إليها شريعتُنا الغرَّاءُ الأُممَ السوالِف، والمُجتمعات الخوالِف، ودعَت إلى الاهتمامِ بها وترجيحِها، وتقديمِها على ما سِواها وترشيحِها؛ لما بانَ من جليلِ آثارها، ومحضِ روائِعِها وصريحِها.

 

تلكم -يا رعاكم الله- هي: قضيةُ الحِفاظ على البيئة ورِعايتِها، وصَون مكوِّنات الحياة ومُسخَّرات الكون وحمايتها، فكم نقعَت غليلاً، وأفادَت عليلاً، وشرحَت صدورًا، وبعَثَت حُبورًا.

 

معاشر المسلمين: إن الحِفاظَ على البيئة أحدُ شُعب الإيمان، ودلائل البرِّ والإحسان؛ بل هو أمرُ الملك الديَّان، وحسبُنا ما تحفَلُ به شريعتُنا من حُجَّةٍ وبُرهان: (وَلَا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ) [البقرة: 60]، (وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا) [الأعراف: 56].

 

يقول الإمام القُرطبيُّ -رحمه الله-: "نهَى عن كل فسادٍ قلَّ أو كثُر بعد صلاحٍ قلَّ أو كثُر".

 

وصحَّ عن سيِّد ولدِ عدنان -عليه الصلاة والسلام- قولُه: "الإيمانُ بِضعٌ وسبعون شُعبة، فأعلاها: قولُ لا إله إلا الله، وأدناها: إماطةُ الأذى عن الطريق". أخرجه مسلم في صحيحه.

 

والأذى يشملُ الحِسِّيَّ والمعنويَّ.

 

الله أكبر! فكيف بدرء الأذى عن مناحِي الحياة كلِّها؟! لتسلمَ جميلةً بهيَّة، نقيَّةً صحيَّة، لا غرْوَ أن الأمرَ أعظمُ وأجلُّ، لمن دانَ وامتثَل.

 

إخوة الإيمان: وكيف لا نستبِقُ حمايةَ البيئة، وقد أفاءَ الله على عباده بآلاء الطبيعة الخلاَّبة، والبيئة الجذَّابة؟! يقول -سبحانه-: (وَالْأَرْضَ مَدَدْنَاهَا وَأَلْقَيْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ وَأَنْبَتْنَا فِيهَا مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ * تَبْصِرَةً وَذِكْرَى لِكُلِّ عَبْدٍ مُنِيبٍ) [ق: 7، 8].

 

ففي هذه الآية الكريمة -ونحوها كثير- الدعوة المُؤكَّدة لحماية البيئة؛ إنسانًا، وحيوانًا، وطيرًا، وبناءً، برًّا وبحرًا وجوًّا، فضاءً وسماءً، شجرًا ونباتًا، زرعًا وماءً، حفظًا لجمالها ونظافتها، وقوَّتها ونضارتها، وسلامتها ونقاوتها.

 

إن لله فـي الـخلائـقِ سـرًّا *** من سنَا برقِه تحارُ العقولُ

لا تـرى ذرَّةً مـن الـكـونِ إلا *** ولها في الكونِ شرحٌ يطولُ

تلك يا أخي حكمةٌ من حكيمٍ *** لبهاءِ الحياةِ أصلٌ أصيلُ

 

أيها المؤمنون: البيئةُ التي طُرِّزَت ببدائعِ الموجودات وأحاسِن المخلوقات لهي من نعم البارِي الباهِرة، ومِنَنه علينا الغامِرة، فمنها تُجنَى المنافعُ الكثيرة، والارتِفاقاتُ الكبيرة؛ كالتفكُّه من البيئة بثِمارِها، وابتِهاج النفوس بأزهارها، وتمتُّع الأبصار باختِضارها، والاستِظلال بوارِف ظِلالها، والارتِفاق بخشَبها، واستِنشاق الهواء النقيِّ بسببها.

 

وتُثيرُ الأشواقَ والإعجاب، وتُزيحُ الونَى والأوصاب، وتخلعُ على النفوس رونقَ البهاء، وعلى القِيَم الأثيلة روعةَ الطُّهر والسناء.

 

بل تبعَثُ على تمجيد الخالقِ الوهاب، لذلك رغَّب المُصطفى -عليه الصلاة والسلام- في استِصلاحِها وحمايتِها، يقول -صلى الله عليه وسلم-: "بينما رجلٌ يمشِي بطريقٍ وجد غُصنَ شوكٍ فأخَّرَه، فشكرَ الله له فغفرَ له". أخرجه البخاري.

 

وحذَّر -صلى الله عليه وسلم- من تلويثِ البيئة وتدنيسِها، بقوله -عليه الصلاة والسلام-: "اتقوا الملاعِن الثلاثة: البراز في الموارِد، وقارعة الطريق والظلِّ". أخرجه أبو داود وابن ماجه.

 

وهذا -لعَمرُ الحقِّ- توجيهٌ صحيٌّ وقائيٌّ دقيق، ومنهجٌ نبويٌّ تجاهَ البيئة شفيق، لم يُسبَق في المناهِج العالمية الغابِرة، ولا دُغُمها الحاضِرة.

 

إخوة الإسلام: ومع التأكيد في الترغيب، والتشديد في الوعيد صوبَ البيئة وجودًا وعدمًا، إلا أنها في كثيرٍ من الأقطار، وبجهلِ الجاهلين واعتِساف العابِثين أصبحَت رسمًا محيلاً، وأثرًا مُشوَّهًا ضئيلاً، وبلقعًا وبيلاً، بعد أن كانت مغنًى مُمتعًا جميلاً.

 

فكم من بيئةٍ قميئةٍ وبيئةٍ، تغمُرها الرَّثاثةُ والقَذَى، وظاهرُها الفوضَى والإهمالُ والأذى؟!

 

إن السعيَ في إفساد المنظومة البيئية داءٌ قميءٌ عُضال، لا يتلبَّسُ به إلا من هو عن سبيل الذَّوق العامِّ مُنحرِفٌ وضالٌّ، عن عبد الله بن عمر -رضي الله عنهما- أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "ما من إنسانٍ قتلَ عصفورًا فما فوقَها بغير حقِّها إلا سألَه الله -عزّ وجل- عنها". أخرجه أحمد والنسائي.

 

وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من قطعَ سِدرةً صوَّبَ الله رأسَه في النار". أخرجه البيهقيُّ وأبو داود، وقال مُعلِّقًا: "أي: عبثًا وظُلمًا بغير حاجةٍ تكونُ له فيها".

 

ذلكم الوعيدُ في سِدرةٍ في فلاة، وشجرةٍ في نوماة؛ فكيف بالصيد والاحتِطابِ الجائر؟! وانبِعاث دُخان المصانِع، وعوادِم المركَبات، وأكوام النفايات، وآسِن المُستنقعَات، وطفحِ الصَّرف الصحِّيِّ، ونحو ذلك من البيئات الطارِدة!!

 

وأخطرُ من ذلك: ما حسبُنا الله عليه، ثم حسبُنا من جبروت الظُّلم والطُّغيان، وأسلِحة الدمار الشامِل، والأسلحة النووية والكيماوية، والغازَات السامَّة، والألغام المُتفجِّرة، وبراميل النيران، التي أبادَت جموعَ النساء والرجال والولدان دون شفقةٍ أو رحمةٍ أو تَحنان، ومحَقَت بكل وحشيَّةٍ وبُهتان مصادرَ البيئة والحياة، وجعلَت منها مورِدَ الأسقام والهلَكَات، ومن منابِع الخيرات مغيضَ البركات، ومسرحًا للحروب والصِّراعات.

 

وفي مُقدمة ذلك: المُمارساتُ الصهيونيَّة ضدَّ المُقدَّسات الإسلامية، والأزمةُ السورية، وتدهوُر الأوضاع الإنسانيَّة في بلاد الشام في إرهابٍ فظيعٍ ضدَّ الإسلام والإنسان والبيئة.

 

ألا بِئسَت الطُّغمةُ الأشرار التي محَت من جمال البيئة كلَّ الآثار، وهلُمَّ جرًّا من جرائِم التلوُّث السمعيِّ والبصريِّ واللفظيِّ مما يُخجِلُ الفضيلة، وتئِنُّ منه المروءةُ، والله المُستعان.

 

أيها المؤمنون: إن الوعيَ التامَّ، والتثقيفَ العامَّ بالرِّياد عن البيئة، وحفظِ مُقوِّماتها، وعناصرها ومُهمَّاتها، والوعي البيئيِّ والإصحاح البيئيِّ أمانةٌ شرعيةٌ، ومسؤوليةٌ خُلُقيَّة، وحاجةٌ وطنيَّة، وضرورةٌ اجتماعية، وقيمةٌ حضاريَّة، لا تزيدُ الأُممَ إلا تحضُّرًا وعلوًّا، ورُقيًّا ونمُوًّا، ولخلالِها سدًّا ورفُوًّا.

 

ولك الحقولُ وزهرُها وأريجُها *** ونسيمُها والبلبلُ المُترنِّمُ

والماءُ حولك فضَّةٌ رقراقةٌ *** والشمسُ فوقَك عسجَدٌ يتضرَّمُ

فامشِي بعقلِك فوقَها مُتفهِّمًا *** إن المَلاحَةَ مُلكُ من يتفهَّمُ

 

إخوة الإسلام: وعندما ترتقِي فهومُ الأُمم إلى مدارات الإسلام وتشريعاته الحُكميَّة، وأسراره الحِكَميَّة، وإشراقاته الإنسانية والبيئية، وإجراءاته الطبية والوقائيَّة، تتسنَّمُ قمَّةَ السُّؤدَد والتغيير، الموجَد في قول العزيز القدير: (فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ خَيْرًا يَرَهُ * وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقَالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ) [الزلزلة: 7، 8].

 

وسيكونُ الفوزُ -بإذن الله- حليفَها، والخيرُ أليفَها، والنصرُ ديدَنَها وهِجِّيراها، وتفترِعُ معاقِدَ الأمجاد وذُراها.

 

أمة الإسلام: ويمتدُّ الحِفاظُ على البيئة العامَّة إلى البيئة الاجتماعية، والوطنية، والأُسرية، والسياسيَّة، والمُجتمعيَّة، والاقتصاديَّة، وحماية الحياة الفِطريَّة، والبيئةِ التعبُّديَّة والعمليَّة الجاذِبة، وذروة سنامِها، ودُرَّة تمامها: البيئة الروحيَّة بالتوحيد والإيمان، والقرآن والسنة، التي تُزكِّي المُجتمعات من الذنوبِ والآفات، وتُطهِّرُها من أدران الإلحاد والشِّرك، والبِدَع والمعاصِي والمُنكرات، وموجات الغلُوِّ والتشكيك، واهتِزاز الثوابِت والقِيَم، وهَدر المُقدَّرات والمُكتسَبَات، فتغدُو أضوعَ من النسيمِ الأرِيج، وآلَق من السُّكون البَهيج.

 

وبعد:

 

إخوة الإيمان: فإن الحِفاظَ على البيئة قرينُ الأخلاق الحَميدة العليَّة، وعنوانُ التمسُّك بالسنَّة السنيَّة؛ لأن المنهجَ الإسلاميَّ الفريد مصدرُ انبِثاقها، ومنبعُ اشتِقاقها، وعليه لزِمَ تقويمُ رؤية العالَم والمُجتمعات إزاءَ البيئة، وذلك بإخراجها من الحيِّز الماديِّ المحدود إلى الحيِّز التعبُّديِّ المودود.

 

وأن نُعزِّز مفاهيمَها الدقيقة المُنيفة، ذات المغازي الشريفة لدى فلَذَات الأكباد، والأجيال والشباب، في المعاهِد والجامِعات، والمدارِس والكليات، وعلى شتَّى الصُّعُد والمجالات، وأن نُذكِيَ في طموحاتهم الثقافة البيئية شريعةً، وعبادةً، وقُربةً إلى الله، لا ذوقًا فحسب وعادة، مع تجليَة آثار النفع والجمال فيها، وكذا في مغبَّاتها ومعانِيها، كي تنعكِسَ على أرواحِهم بالهُدى والندى والسعادة، وتُرقِّيَ ذائقَتَهم فتُلفِي نحو الإصلاح والفلاح أُنفًا مُنقادة، تلكم الأُمنية المُبتغاة المُرادة، ونِعمَت العزيمةُ والإرادة.

 

أعوذُ بالله من الشيطان الرجيم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لَا يُحِبُّ الْفَسَادَ) [البقرة: 204، 205].

 

بارك الله لي ولكم في السنة والقرآن، ونفعَنا بما فيهما من الذكر والهُدى والبيان، أقولُ قولي هذا، وأستغفرُ الله العظيمَ الجليلَ لي ولكم، فاستغفِرُوه وتوبُوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله على ما أولَى من الآلاء والنِّعَم، وخصَّنا بأسمَى الأحكام والقِيَم، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُ الله ورسولُه، صلَّى الله وسلَّم وبارَك عليه، وعلى آلهِ ذوِي الفضل والشَّمَم، وصحبِه أُولِي النجابَة والشِّيَم، والتابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ ما نسخَ الضياءُ الظُّلَم.

 

أما بعد:

 

فاتقوا الله -عباد الله-، واسعَوا في استِصلاح بيئاتِكم وكفايتِها، ودرء الأوضار والمُلوِّثات عنها ورعايتها.

 

معاشر الأحبَّة الأكارِم: وثمَّة ملمَحٌ يحسُنُ التنبيهُ إليه، ألا وهو: ما يشوبُ البيئةَ أحيانًا من بعض الأوبِئةِ العارِضَة، والأمراض الحارِضة، فعلاجُها باتباع سُنة الحبيب المُصطفى -صلى الله عليه وسلم-؛ فهي النورُ الذي به يُقتدَى فيُهتدَى، وذلك باتخاذ الأسباب الشرعية والطبية، الإجرائية منها والوقائية.

 

بل بالتوكُّل أولاً على الله -سبحانه-، ودعائه وطلبِه ورجائِه، فالذي قدَّر الداء قدَّر الدواء والشفاء، لا بالجزَع والهلَع، والانسِياق خلف الشائِعات، ونشر الأضاليل والمُرجِفات، فذاك من أخطر المُوبِقات.

 

والأمرُ -بحمد الله- هيِّنٌ يسير، كشَرْوَى نقير، خصوصًا مع الإجراءات الوقائية، والكفاءات الطبية، وقبل ذلك وبعده العنايةُ الربانيَّة، (وَمَنْ يَتَوَكَّلْ عَلَى اللَّهِ فَهُوَ حَسْبُهُ إِنَّ اللَّهَ بَالِغُ أَمْرِهِ قَدْ جَعَلَ اللَّهُ لِكُلِّ شَيْءٍ قَدْرًا) [الطلاق: 3].

 

ألا وصلُّوا وسلِّموا -رحمكم الله- على النبي المصطفى، والحبيب المُجتبى، والرسول المُرتضَى، كما أمرَكم بذلك المولَى -جل وعلا-، فقال تعالى قولاً كريمًا عظيمًا حكيمًا: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "من صلَّى عليَّ صلاةً صلَّى الله عليه بها عشرًا".

 

منا الصلاةُ على النبي وآلِهِ *** والصحبِ من كانوا المصابيحَ الغُرَر

صلُّوا عليه فمن يُصلِّ مرةً *** يلقَ بها عشـرًا كما صـحَّ الخـبر

 

اللهمّ صلِّ وسلِّم وبارِك على سيد الأولين والآخرين، ورحمة الله للعالمين: نبيِّنا وحبيبنا وقدوتنا وشفيعنا محمدِ بن عبد الله، وارضَ اللهم عن آله الطيبين الطاهرين، وأزواجِه الطاهرات أمهات المُؤمنين، وعن الصحابةِ أجمعين، وأخصُّ منهم الخلفاء الراشدين: أبا بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليًّا، وعن سائر الصحابة والتابعين ومن تبِعهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم برحمتِك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، اللهم أعِزَّ الإسلام والمسلمين، وأذِلَّ الشرك والمشركين، ودمِّر أعداء الدين، واجعل هذا البلد آمنًا مُطمئنًّا، سخاءً رخاءً، وسائر بلاد المُسلمين.

 

 

 

المرفقات

البيئة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات