عناصر الخطبة
1/ حكم إقامة حفلات النجاح 2/ تقديم الهدية وقبولها سنة نبوية 3/ منكرات ومحرمات حفلات النجاح 4/ بعض صور منكرات حفلات التخرج والنجاح 5/ لا تحجير ولا قتل للفرح في الإسلام 6/ تنظيم الإسلام للأفراح ووضع ضوابطها.اقتباس
إن الشريعة الإسلامية لم تأتِ لحرمان الناس من الفرح والبهجة، فلا كبت ولا تزمُّت، ولا تحجير ولا قتل للفرح في الإسلام، بل جاءت شريعة الإسلام بتنظيم الفرح كيف نحتفل؟ كيف نفرح؟ جاءت شريعة الإسلام بتوجيه التصرفات وتأطيرها وَفْق ما يرضي الله - جل وعلا - قال ربنا مُمْتنًّا علينا: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ....
الخطبة الأولى:
الحمد لله على إحسانه، والشكر لله على توفيقه وامتنانه.
أمَّا بعدُ: فاتقوا الله عباد الله، واتقوا يومًا ترجعون فيه إلى الله، ثم توفى كل نفس ما كسبت وهم لا يظلمون.
أيها المؤمنون، ونحن على مشارف نهاية العام الدراسي، والذي تكثر فيه حفلات نجاح الطلاب والطالبات، وحفلات تخرُّج الطلاب والطالبات، والتي أصبحت مظهرًا مجتمعيًّا من أطفال رياض الأطفال، وحتى مراحل الدراسات العليا الجامعية، وتُقيمها المدارس أو الأُسر والعوائل، أو الطلاب فيما بينهم.
إن الفرح بالنجاح أو التخرج يعد أمرًا فطريًّا، ينسجم مع طبيعة النفس الإنسانية، ويمكن أن يكون هذا الفرح عبادة إذا قُرِن بشكر المنعم - سبحانه وتعالى - الذي لولاه لما أدرك الناجحون النجاح، فالفضل لله وحده؛ فهو الموفق والمعين والمنعم والمتفضل؛ (وَمَا بِكُمْ مِنْ نِعْمَةٍ فَمِنَ اللَّهِ) [النحل: 53].
ومن العبادات التي يمكن أن تتضمنها حفلات النجاح والتخرج، ما يكون فيها من إدخال السرور على الناجح أو المتخرج بمشاركته احتفاله والإهداء إليه، فإدخال السرور على المسلم من أعظم العبادات وأجَلِّ القُربات، وتقديم الهدية سنة نبوية، إذا احتسبها الإنسان كان له أجرًا عظيمًا، وهذا الأمر يغفل عنه عند تقديم هدايا النجاح أو التخرج، فقد يقدمها البعض ولا يحتسب الأجر، ولا ينوي اتباع السنة في الإهداء أو يهدي مجاملة، أو حتى لا يقال عنه بخيل، وقد كان نبينا محمد - صلى الله عليه وسلم - يهدي ويهدى له، ويقبل الهدية، ويثيب عليها، وهو القائل - عليه الصلاة والسلام -: "تهادوا تحابُّوا" (رواه البخاري في الأدب المفرد).
وهو القائل - عليه الصلاة والسلام -: "أجيبوا الداعي ولا تردوا الهدية" (رواه أحمد وصححه الألباني)، وقد أهدت أم الفضل - رضي الله عنها - للنبي - صلى الله عليه وسلم - شَربة لبن فقبِلها؛ كما روى ذلك البخاري ومسلم، وأهدى له أبو طلحة - رضي الله عنه - ورك أرنب فقبِله. (رواه البخاري ومسلم).
وقال - عليه الصلاة والسلام -: "لو دُعيت إلى ذراع أو كراع، لأجبت، ولو أهدي إليّ ذراع أو كراع، لقبِلت" (رواه البخاري).
قال ابن بطال - رحمه الله -: "هذا حض منه لأمته على المهاداة والصلة والتأليف والتحاب".
معشر المؤمنين: ما أجمل أن نقوي الألفة في مجتمعنا! ما أجمل أن ترى الأسر الكبيرة والصغيرة مجتمعة متآلفة يهدي بعضهم بعضًا، ويفرح بعضهم لفرح بعض!
هذه المناسبة فرصة لتقوية الصلة وتقوية المحبة وتجاوز الخلافات العائلية.
عباد الله:
الأصل في حفلات النجاح الإباحة، لكن من المؤسف أنه طرأ على هذه الاحتفالات منكرات ومحرمات، جعلت المباح حرامًا.
إن من المؤسف جدًّا ما يسمع عن بعض احتفالات النجاح والتخرج من الوقوع في منكرات تُناقض شكر المنعم - جل وعلا - ألا وإن من منكرات حفلات التخرج والنجاح ما يكون فيها من إسراف وتبذير، ومباهاة في المأكولات والمشروبات والتجهيزات، وأماكن إقامة الحفل، فكيف تقابل نعمة الله بأمر لا يحبه الله؟
وهو القائل: (وَلَا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ) [الأنعام: 141]، وهو القائل: (وَلَا تُبَذِّرْ تَبْذِيرًا * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُورًا) [الإسراء: 26، 27].
ومن منكرات حفلات النجاح والتخرج، ما يكون فيها من غناء وموسيقى؛ كأن يجعل مسيرة للخريجين أو الخريجات مصحوبة بالموسيقى، وهذا لَهْوٌ محرَّم، وقال النبي - صلى الله عليه وسلم -: "ليكونن أقوام من أمتي يستحلون الحِر والحرير، والخمر والمعازف" (رواه البخاري).
قال ابن تيمية - رحمه الله -: "مذهب الأئمة الأربعة أن آلات اللهو كلها حرام"، وقال الألباني - رحمه الله -: "اتَّفقت المذاهب الأربعة على تحريم آلات الطرب كلها".
النجاح والتخرج نعمة، فكيف تقابل بمعصية مُسديها؟ ألا يخشى المتهاونون بالغناء والموسيقى من لعنة ماحقة في الدنيا والآخرة؟ فعن أنس - رضي الله عنه - أن رسول الله - صلى الله عليه وسلم - قال: "صوتان ملعونان في الدنيا والآخرة: مزمار عند نعمة، ورنة عند مصيبة" (رواه الهيثمي).
إخوة الإيمان:
ومن منكرات حفلات النجاح والتخرج عند الطالبات، خصوصًا ما يحصل من لُبس لباس عارٍ ومُتهتك، لا يليق بالفتاة المسلمة، ويزداد الأمر سوءًا لدى الطالبات إن اقترن ذلك بتصوير لا تؤمن عاقبة انتشاره ومشاهدته من الرجال.
ومن منكرات حفلات النجاح والتخرج، ما يكون فيها من سهر يمنع الاستيقاظ لصلاة الفجر، فكيف تختم حفلة الفرح بتضييع صلاة بها الحفظ؟
إن تضييع الفرائض مناقض لشكر المنعم - جل وعلا - فما هكذا تستقبل النعم؛ قال الله تعالى: (وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لَأَزِيدَنَّكُمْ وَلَئِنْ كَفَرْتُمْ إِنَّ عَذَابِي لَشَدِيدٌ) [إبراهيم: 7].
الخطبة الثانية:
عباد الله، حفلات النجاح والتخرج المشتملة على منكر لا يجوز حضورها ولا دعمها ولا تأييدها، بل الواجب إنكارها ومقاطعتها، وقد وصف الله عباده المؤمنين بقوله: (وَالَّذِينَ لَا يَشْهَدُونَ الزُّورَ وَإِذَا مَرُّوا بِاللَّغْوِ مَرُّوا كِرَامًا) [الفرقان: 72]؛ أي: لا يشهدون أماكن السوء ومجالس الخنا والفجور والفسق.
أيها الناس: إن الشريعة الإسلامية لم تأتِ لحرمان الناس من الفرح والبهجة، فلا كبت ولا تزمُّت، ولا تحجير ولا قتل للفرح في الإسلام، بل جاءت شريعة الإسلام بتنظيم الفرح كيف نحتفل؟ كيف نفرح؟ جاءت شريعة الإسلام بتوجيه التصرفات وتأطيرها وَفْق ما يرضي الله - جل وعلا - قال ربنا مُمْتنًّا علينا: (قُلْ مَنْ حَرَّمَ زِينَةَ اللَّهِ الَّتِي أَخْرَجَ لِعِبَادِهِ وَالطَّيِّبَاتِ مِنَ الرِّزْقِ قُلْ هِيَ لِلَّذِينَ آمَنُوا فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا خَالِصَةً يَوْمَ الْقِيَامَةِ كَذَلِكَ نُفَصِّلُ الْآيَاتِ لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ) [الأعراف: 32].
اللهمَّ أوزعنا شكر نعمتك، اللهم إنا نعوذ بك من زوال نعمتك، وتحوُّل عافيتك، وفجاءة نقمتك وجميع سخطك.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم