حرص الإسلام على نفع المسلمين وتجنب أذاهم

حسين بن عبدالعزيز آل الشيخ

2021-12-31 - 1443/05/27 2022-10-09 - 1444/03/13
عناصر الخطبة
1/من أصول الإسلام الحرص على ما يجلب المنفعة العامة 2/إماطة الأذى عن الطريق من شعب الإيمان 3/حرمة الأذى بشتى صوره 4/الالتزام بأنظمة المرور سلوك إسلامي حضاري نافع 5/توجيه نبوي لتجنب أذى المسلمين بشتى صوره

اقتباس

من الواجبات التي على المسلم الالتزام بها: البعد عن كل ما من شأنه أن يُوقِع الأذى بنفسه أو بغيره، في قيادة المركَبات، وألَّا يتهاون بأي نظام من أنظمة المرور، التي هي سبب للحفاظ على الأرواح والممتلكات...

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي أمَر بأنواع البر كلِّها، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ نبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِكْ عليه وعلى آله وصحبه.

 

أما بعدُ، فيا أيها الناس: اتقوا الله -جل وعلا-، تنالوا الفلاح والسعادة الكبرى.

 

إخوةَ الإسلامِ: من أصول الإسلام الأمر بتحقيق كل ما يجلب مصالح الدارين، ويدرأ كلَّ ما يحصل معه مفسدةٌ دينيةٌ أو دنيويةٌ، وبهذا يتحقق للناس السعادةُ والفلاحُ، والأمنُ والأمانُ، قال جل وعلا: (وَتَعَاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوَى وَلَا تَعَاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوَانِ)[الْمَائِدَةِ: 2].

 

ومن مضامين هذا المبدأ العظيم: الحرص على مقدرات البلاد، والمنافع العامة للمسلمين، من طرق وأفنية وحدائق ومنتزهات، تُنشئها الحكومة الإسلامية، للنفع العامّ، ولصالح المجتمع ككل.

 

إن الإسلام يحث على العناية بالمرافق العامة، ودفع ما يؤدي إلى الإضرار بها، يقول جل وعلا: (وَافْعَلُوا الْخَيْرَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ)[الْحَجِّ: 77]، وقال صلى الله عليه وسلم: "لقد رأيتُ رجلًا يتقلَّب في الجنة في شجرة قطَعَها من ظَهْر الطريق، كانت تؤذي المسلمين"(رواه مسلم)، وفي حديث آخر، قال صلى الله عليه وسلم: "بينما رجلٌ يمشي بطريق وجَد غصنَ شوك على الطريق، فأخَذَه فشكَر اللهُ له، فغَفَر له"(متفق عليه)، الله أكبر! إنها فضائل عظيمة.

 

معاشرَ المسلمينَ: إنَّ إماطة الأذى عن المَرافِق العامة من الإحسان الذي يحبُّه اللهُ -جل وعلا-؛ (إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ)[الْبَقَرَةِ: 195]، والعمل بموجِب هذا المسلك من صفات أهل الإيمان، يقول صلى الله عليه وسلم: "الإيمان بضع وسبعون أو بضع وستون شعبة، فأفضلها قول: لا إلا إله إلا الله، وأدناها إماطة الأذى عن الطريق"(رواه مسلم).

 

وإزالة الأذية بأنواعها، عن منافع المسلمين من طُرُق وغيرها، صدقةٌ عظيمةٌ يُقدِّمها الإنسانُ لنفسه، قال صلى الله عليه وسلم: "وتُميط الأذى عن الطريق صدقة"(رواه البخاري)، وفي صحيح مسلم: أنه -صلى الله عليه وسلم- قال: "عُرضت عليَّ أعمالُ أمتي حسنُها وسيئُها، فوجدتُ في محاسن أعمالها الأذى يُماط عن الطريق".

 

مَعاشِرَ المسلمينَ: وهذه النصوص الشرعية، تشمل الأمر بإزالة كل أذى بصوره كلها، ممَّا يعود ضرره على الإنسان، فعليكم بالتعاون الجادّ والعمل على إصلاح ما يعود على النفع العامّ كافةً، روى أحمد في مسنده، أن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "مَنْ أخرَج من طريق المسلمينَ شيئًا يُؤذيهم كتَب اللهُ له به حسنةً، ومَنْ كتَب اللهُ له به حسنةً أدخَلَه الجنةَ".

 

عبادَ اللهِ: يحرم على المسلم إحداث الضرر بشتى صوره، وإيقاع الأذى بمختلف أشكاله، في منافع المسلمين كافةً، قال الله -جل وعلا-: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُبِينًا)[الْأَحْزَابِ: 58]، وقد عدَّ النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- حقوقَ الطريق، ومنها: "وكفُّ الأذى عن الطريق"، وفي قواعد شريعة الإسلام قاعدة: "لا ضرر ولا ضرار"، وهي قاعدة نبوية عظيمة شريفة، تمنع المسلمَ من إحداث الضرر، وأسبابه، بالمسلمين ومنافعهم، وطرقهم، وصحاريهم، وسائر مرافقهم، التي تتعلق بها مصالحهم.

 

إخوة الإسلام: من الواجبات التي على المسلم الالتزام بها: البعد عن كل ما من شأنه أن يُوقِع الأذى بنفسه أو بغيره، في قيادة المركَبات، وألَّا يتهاون بأي نظام من أنظمة المرور، التي هي سبب للحفاظ على الأرواح والممتلكات، يقول جل وعلا: (وَلَا تُلْقُوا بِأَيْدِيكُمْ إِلَى التَّهْلُكَةِ)[الْبَقَرَةِ: 195]، فاحرص -أخي المسلم- على الرفق بأنواعه، وتجنَّب كلَّ ما يُؤدِّي إلى العواقب الوخيمة، من الممارَسات الخاطئة، ومن ذلك على سبيل المثال: الانشغال أثناءَ القيادة بوسائل التواصل، أو التهور والسرعة التي لا تسمح بها الأنظمةُ المرعيةُ، فكم جرَّت مخالفةُ مثل ذلك من حوادث شنيعة، نسأل الله للمسلمين السلامة والعافية، اللهم اجعلنا من أهل الرفق في تصرفاتنا كلها.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفِروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمدًا كثيرًا طيبًا مباركًا فيه، كما ينبغي لجلال وجهه وعظيم سلطانه، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له؛ تعظيمًا لشأنه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله، اللهم صل وسلم وبارك على آله وأصحابه.

 

أما بعدُ، فيا أيها المسلمون، أخي المسلم: احذر كلَّ سبب يؤدي إلى الأخطار بالمسلمين، بشتى صُوَر الأذى، القولي والفعلي، قال صلى الله عليه وسلم: "مَنْ مرَّ في شيء من مساجدنا أو أسواقنا، ومعه نَبْلٌ فليُمسِكْ، أو لِيَقْبِضْ على نصالها بكفِّه أن يُصِيبَ أحدًا من المسلمين منها بشيء"(متفق عليه)، والنَّبل هي السهام، والنصال: هي الحديدة التي تكون في آخر السهم، وقال صلى الله عليه وسلم: "اتقوا اللاعنينِ. قالوا: وما اللعنانِ يا رسولَ اللهِ؟ قال: الذي يتخلَّى في طريق الناس أو ظلهم"، وصحَّ عنه -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "مَنْ آذى المسلمينَ في طرقهم وجبَتْ عليه لعنتُهم".

 

ثم إن من أفضل الأعمال وأزكاها عند ربنا -جل وعلا-، الإكثار من الصلاة والتسليم على سيدنا ونبينا وحبيبنا محمد، اللهم صل وسلم وبارك عليه، وعلى آله وصحبه أجمعين.

 

اللهم اغفر للمسلمين والمسلمات، اللهم اغفر للمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات، اللهم اغفر لموتى المسلمين، الذين شهدوا لك بالوحدانية، ولنبيك بالرسالة، اللهم أنزل عليهم رضاك يا أرحمَ الراحمينَ، اللهم اغفر لهم ذنوبَهم، اللهم كفِّر عنهم سيئاتِهم، اللهم وأحلِلْ بهم رضوانَكَ يا ذا الجلال والإكرام، اللهم أَرْضِنَا وارضَ عنَّا، اللهم احفظنا واحفظ المسلمين من بين أيدينا ومن خلفنا، وعن أيماننا وعن شمائلنا ومن فوقنا، ونعوذ بعظمتكَ أن نغتال من تحتنا، اللهم اكتب السلامة والعافية للمسلمين في كل مكان، يا ذا الجلال والإكرام، اللهم (آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ)[الْبَقَرَةِ: 201]، اللهم إنا نسألك الهدى والسداد، اللهم ألهمنا رُشدَنا، وأعذنا من شرور أنفسنا، اللهم وفِّق وليَّ أمرنا، اللهم اكتب له الصحة والعافية، اللهم اجعله ممن طال عمره وحسن عمله، اللهم وفِّق ولي عهده لما تحبه وترضاه، اللهم أعنه ووفقه وسدده، اللهم أعنه على كل خير، ووفقه لكل صلاح يا ذا الجلال والإكرام، اللهم وفق جميع ولاة أمور المسلمين لما فيه صلاح رعاياهم.

 

اللهم اجمع المسلمين على الخير، اللهم اجمع كلمتهم على البر والتقوى، اللهم يا حي يا قيوم، نسألك أن تؤتي نفوسنا تقواها، اللهم زكها أنت خير من زكاها، اللهم اجعلنا سببا ومفتاحا لكل خير، ومغلاقا لكل شر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا ممن يحب المسلمين كحب أنفسهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اجعلنا ممَّن يحبون للمسلمينَ ما يحبُّون لأنفسهم، يا حي يا قيوم، اللهم يا غني يا حميد، اللهم أغثنا، اللهم أغثنا، اللهم إنا فقراء إلى رحمتك، اللهم أغث بلادنا، اللهم أغث بلاد المسلمين، اللهم اسقنا، اللهم لك الحمد، على ما أنعمت به علينا من الغيث، اللهم نسألك المزيد، اللهم أنتَ الغنيُّ فنسألكَ المزيدَ، يا ذا الجلال والإكرام، يا حي يا قيوم، يا ذا الجلال والإكرام.

 

عبادَ اللهِ: (اذْكُرُوا اللَّهَ ذِكْرًا كَثِيرًا * وَسَبِّحُوهُ بُكْرَةً وَأَصِيلًا)[الْأَحْزَابِ: 41-42].

 

 

المرفقات

حرص الإسلام على نفع المسلمين وتجنب أذاهم.doc

حرص الإسلام على نفع المسلمين وتجنب أذاهم.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات
عضو نشط
زائر
05-01-2022

جزاكم الله خير وبارك الله لكم في جهودكم يارب