حديث الصدقة

نايف بن حمد الحربي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ النَفْس البَشَرية مَجبُولَة على حُبِّ المال 2/ البُخلّ والشُحّ خِصلَتانَ مُتأَصِلَتَانِ في النُفُوس 3/ فضائل الصدقة 4/ سبل عِلاجِ الشح والبخل 5/ كيف السبيل لقبول الصدقات؟

اقتباس

النَفْسُ البَشَريةُ مَجبُولَةٌ على حُبِّ المال ولِذا.. تَجِد البُخلَّ والشحَّ فيها سِمَتَان ظَاهِرَتان.. إذا تَقَرَّرَ هذا، وهو أنَّ البُخلَّ والشُحَّ خِصلَتانَ مُتأَصِلَتَانِ في النُفُوس، فتَعَالَوا سَويَّاً، نَنظُرُ كيفَ عَالجَ الوحيُّ وجودَهما، حتى أذهبهُمَا مِن نُفوسِ أُناسٍ، وخَفَّفَ سَورَتِهِمَا في نُفُوسِ آخرين. حتى إذا ما أَمعَنَّا النَظَرَ في نُصوصِ الوحيين، فسَنَجِدُ أنَّها أخذت في سبيلِ عِلاجِ هاتين الخصلتين ثَلاثَ مَسالِك...

 

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ للهِ وَعَدَ الـمُنفِقِينَ الخَلَف، وحَذَّرَ الـمُمسِكينَ عُقبَى التَلَف، مَن عَقَلَ هذا، حَثَّ السَيرَ إلى ربِهِ وبالإنفَاقِ أزدَلَف، وأشهد أن لا إلهَ إلا اللهُ وحدَّهُ لا شريكَ له، وأشهدُ أن محمداً عبدُهُ ورسولُهُ، صلى اللهُ وسَلَّمَ وبارَكَ عليه، وعلى آله وصحبه، وتابعيهم بإحسانٍ إلى يومِ الدين.

 

أما بعد :

فعَلَيْكم بتقوى اللهِ عبادَ الله، فهَاجِسُهَا في القلبِ على النَظَرِ إلى المآلاتِ خَيرُ مُعِين (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ) [الحشر: 18].

 

معاشر المسلمين: النَفْسُ البَشَريةُ مَجبُولَةٌ على حُبِّ المال (وَتُحِبُّونَ الْمَال حُبًّا جَمًّا) (وَإِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ) (زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاءِ وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنْطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالْأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ)، وفي الصحيحين مِن حديثِ أنسٍ -رضي اللهُ عنه- أنَّ رسولَ اللهِ -صلى الله عليه وسلَمَ- قال: "يَهْرَمُ ابْنُ آدَمَ وَتَشِبُّ مِنْهُ اثْنَتَانِ :الْحِرْصُ عَلَى الْمَالِ ، وَالْحِرْصُ عَلَى الْعُمُرِ".

 

ولِذا.. تَجِد البُخلَّ والشحَّ فيها سِمَتَان ظَاهِرَتان (وَأُحضِرَتِ الأَنفُسُ الشُّحَّ) (وَمَنْ يُوقَ شُحَّ نَفْسِهِ) إلا تِلكَ النفوسِ التي هَذَّبَهَا الإيمانُ (إِنَّ الْإِنْسَانَ خُلِقَ هَلُوعاً * إِذَا مَسَّهُ الشَّرُّ جَزُوعاً * وَإِذَا مَسَّهُ الْخَيْرُ مَنُوعاً * إِلَّا الْمُصَلِّينَ) وليسَ كُلُّ مُصَلٍّ، وإنِّما (الَّذِينَ هُمْ عَلَى صَلَاتِهِمْ دَائِمُونَ) في صِفَاتٍ، ذَكرَهَا اللهُ في سُورةِ المعَارج.

 

إذا تَقَرَّرَ هذا، وهو أنَّ البُخلَّ والشُحَّ خِصلَتانَ مُتأَصِلَتَانِ في النُفُوس، فتَعَالَوا سَويَّاً، نَنظُرُ كيفَ عَالجَ الوحيُّ وجودَهما، حتى أذهبهُمَا مِن نُفوسِ أُناسٍ، وخَفَّفَ سَورَتِهِمَا في نُفُوسِ آخرين.

 

حتى إذا ما أَمعَنَّا النَظَرَ في نُصوصِ الوحيين، فسَنَجِدُ أنَّها أخذت في سبيلِ عِلاجِ هاتين الخصلتين ثَلاثَ مَسالِك:

 

أَوَّلُهَا: الترغِيبُ بالإنفَاق، وقد جاء في صُورٍ شتى:

فتَارةً.. يُرَغِّبُ اللهُ بالإنفاقِ بجعلِهِ مِن صفاتِ أهلِ الإيمانِ بالغيب (الم * ذَلِكَ الْكِتَابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدًى لِلْمُتَّقِينَ * الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَيُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ)، (إِنَّمَا يُؤْمِنُ بِآيَاتِنَا الَّذِينَ إِذَا ذُكِّرُوا بِهَا خَرُّوا سُجَّدًا وَسَبَّحُوا بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَهُمْ لَا يَسْتَكْبِرُونَ * تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفًا وَطَمَعًا وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ).

 

وتَارةً.. يُرَغِّبُ بالإنفاقِ بتأكيدِ ضَمَانِ الوفَاءِ للـمُنفِقِين (وَمَا تُنفِقُوا مِن شَيْءٍ فِي سَبِيلِ اللَّهِ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ وَأَنتُمْ لَا تُظْلَمُونَ) (وَمَا أَنْفَقْتُمْ مِنْ شَيْءٍ فَهُوَ يُخْلِفُهُ وَهُوَ خَيْرُ الرَّازِقِينَ).

 

وثالثة.. بِبَيَانِ مَردُودِ الإنفَاقِ وأنَّهُ نَمَاءٌ للمال (مَثَلُ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ كَمَثَلِ حَبَّةٍ أَنْبَتَتْ سَبْعَ سَنَابِلَ فِي كُلِّ سُنْبُلَةٍ مِائَةُ حَبَّةٍ).

 

ورابعة.. بالكشفِ عن حقيقةِ الإنفاقِ وأنَّهُ إقراضٌ لله، واللهُ خيرُ مَن يُؤَدِي إلى مَن أقرَضَهُ (مَّن ذَا الَّذِي يُقْرِضُ اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا فَيُضَاعِفَهُ لَهُ أَضْعَافًا كَثِيرَةً) (وَأَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضًا حَسَنًا) كيفَ لا؟!! واللهُ يُخبِرُ عن نفسِهِ قائلا: (أَلَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ هُوَ يَقْبَلُ التَّوْبَةَ عَنْ عِبَادِهِ وَيَأْخُذُ الصَّدَقَاتِ) ومُعَامَلَةُ اللهِ تِجَارةٌ لا تَبُور (إِنَّ الَّذِينَ يَتْلُونَ كِتَابَ اللَّهِ وَأَقَامُوا الصَّلَاةَ وَأَنْفَقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرّاً وَعَلَانِيَةً يَرْجُونَ تِجَارَةً لَنْ تَبُورَ* لِيُوَفِّيَهُمْ أُجُورَهُمْ وَيَزِيدَهُمْ مِنْ فَضْلِهِ إِنَّهُ غَفُورٌ شَكُورٌ).

 

وفي تارةٍ خامسة.. يَستَحِثُّ عِبَادَهُ على الإنفَاقِ قبلَ أنْ يَصدِفَ لهم ما يَحُولُ بينهم وبينَ القُدرَةِ عليه، ففي البقرة: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خُلَّةٌ وَلَا شَفَاعَةٌ...)، وفي إبراهيم: (قُلْ لِعِبَادِيَ الَّذِينَ آمَنُوا يُقِيمُوا الصَّلَاةَ وَيُنْفِقُوا مِمَّا رَزَقْنَاهُمْ سِرًّا وَعَلَانِيَةً مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ يَوْمٌ لَا بَيْعٌ فِيهِ وَلَا خِلَالٌ)، وفي التغابن: (وَأَنْفِقُوا مِنْ مَا رَزَقْنَاكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْلَا أَخَّرْتَنِي إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَأَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ).

 

 وفي صحيحِ مسلمٍ من حديثِ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ، قَالَ: بَيْنَمَا نَحْنُ فِي سَفَرٍ مَعَ النَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- إِذْ جَاءَ رَجُلٌ عَلَى رَاحِلَةٍ لَهُ، قَالَ: فَجَعَلَ يَصْرِفُ بَصَرَهُ يَمِينًا وَشِمَالًا، فَقَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ كَانَ مَعَهُ فَضْلُ ظَهْرٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا ظَهْرَ لَهُ، وَمَنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ مِنْ زَادٍ، فَلْيَعُدْ بِهِ عَلَى مَنْ لَا زَادَ لَهُ"، قَالَ: فَذَكَرَ مِنْ أَصْنَافِ الْمَالِ مَا ذَكَرَ حَتَّى رَأَيْنَا أَنَّهُ لَا حَقَّ لِأَحَدٍ مِنَّا فِي فَضْلٍ.

 

أمَّا المَسلَكُ الثاني: فهو تَأنِيبُ الـمُمسِكِين، قال الله: (هَا أَنْتُمْ هَؤُلَاءِ تُدْعَوْنَ لِتُنْفِقُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَمِنْكُمْ مَنْ يَبْخَلُ وَمَنْ يَبْخَلْ فَإِنَّمَا يَبْخَلُ عَنْ نَفْسِهِ وَاللَّهُ الْغَنِيُّ وَأَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ وَإِنْ تَتَوَلَّوْا يَسْتَبْدِلْ قَوْمًا غَيْرَكُمْ ثُمَّ لَا يَكُونُوا أَمْثَالَكُمْ)، وقال ثانية: (فَأَمَّا مَنْ أَعْطَى وَاتَّقَى * وَصَدَّقَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْيُسْرَى * وَأَمَّا مَنْ بَخِلَ وَاسْتَغْنَى * وَكَذَّبَ بِالْحُسْنَى * فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرَى * وَمَا يُغْنِي عَنْهُ مَالُهُ إِذَا تَرَدَّى).

 

 وثَالِثَةٌ كشفَ عن حقيقةِ الحال، وأنَّنَا مُستَخلَفِينَ في تدبيرِ ما في أيدينا مِن هذا المالِ، قد وَرِثنَا فيه مَن كان قبلَنَا، وسَيَرِثُنَا فيهِ مَن يأتِ بَعدَنَا، فالكِيَاسَةُ أنْ نُقَدِّمَ مِنهُ لأنفُسِنَا مَا دُمنَّا في طَورِ القيامِ عليه، فقال: (وَأَنْفِقُوا مِمَّا جَعَلَكُمْ مُسْتَخْلَفِينَ فِيهِ) وفي الصحيحين مِن حديثِ أسماءَ -رضي اللهُ عنها- قَالَتْ: قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا لِيَ مَالٌ إِلَّا مَا أَدْخَلَ عَلَيَّ الزُّبَيْرُ، فَأَتَصَدَّقُ؟ قَالَ: "تَصَدَّقِي، وَلاَ تُوعِي فَيُوعَى عَلَيْكِ".

 

وفي المسلَكِ الثالثِ: تَوَّعَدَ اللهُ الـمُمسِكِين، وتَأَمَّلوا في آيتين، أُولَهُما: (وَلَا يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَبْخَلُونَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ هُوَ خَيْرًا لَهُمْ بَلْ هُوَ شَرٌّ لَهُمْ سَيُطَوَّقُونَ مَا بَخِلُوا بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ وَلِلَّهِ مِيرَاثُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَاللَّهُ بِمَا تَعْمَلُونَ خَبِيرٌ)، أمَّا الثانية فقولُ الله: (وَالَّذِينَ يَكْنِزُونَ الذَّهَبَ وَالْفِضَّةَ وَلاَ يُنفِقُونَهَا فِي سَبِيلِ اللّهِ فَبَشِّرْهُم بِعَذَابٍ أَلِيمٍ * يَوْمَ يُحْمَى عَلَيْهَا فِي نَارِ جَهَنَّمَ فَتُكْوَى بِهَا جِبَاهُهُمْ وَجُنُوبُهُمْ وَظُهُورُهُمْ هاذَا مَا كَنَزْتُمْ لِأَنفُسِكُمْ فَذُوقُوا مَا كُنتُمْ تَكْنِزُونَ) وتَأمَّل كيفَ جاءَ العَذابُ مُرَتَّباً على أعضاءِ الكَانِز، بترتيبِ صُدُودِهِ بها عنِ السائل.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله مُولي النعمة، ودافعِ النقمة، واسعِ الرحمة، وصلى اللهُ وسلَّمَ على خيرِ البَرِيَّة، وأزكى البَشَرِيَّة، وعلى عِتْرَتِهِ الطَاهِرَةِ الزَكِيَّة، ومَن سارَ على طَرِيقَتِهِ السَوِيَّة..

 

أما بعد: فإذا وَعيتُم ما سَلَفَ أهلَّ الإسلام، وسَمَحتْ نُفُوسُكُم بالإنفَاقِ في سبيلِ اللهِ على أَثَرِهِ، فَجَمِّلُوا إنفَاقَكُم بأربَعَةِ أُمور:

 

أَولُهَا: ليكن إنفاقُكُم للهِ خَالِصا.. فاللهُ أغنى الشُركاءِ عن الشرك، مَن عَمِلَ لَهُ عَمَلاً أَشرَك فيهِ مَعَهُ غيرَهُ، تَرَكَهُ وشِركَهُ، (الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوَالَهُمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ) "فِي سَبِيلِ اللَّهِ" لا رياءَ، ولا سُمعة، وليكنْ هديُكُم: (إِنَّمَا نُطْعِمُكُمْ لِوَجْهِ اللَّهِ لَا نُرِيدُ مِنكُمْ جَزَاءً وَلَا شُكُورًا).

 

وثَانِيها: حَاذِرُوا أنْ تُتبِعُوا نَفَقَاتِكُم الـمَنَّ والأذى، فالـمَانُّ بصَدَقَتِهِ كالـمُنفِقِ لها رِيَاءَ، قالَ اللهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُبْطِلُوا صَدَقَاتِكُمْ بِالْمَنِّ وَالْأَذَى كَالَّذِي يُنْفِقُ مَالَهُ رِئَاءَ النَّاسِ وَلا يُؤْمِنُ بِاللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ).

وأَيَّاً مِن هاتينِ الـمُوبِقَتَينِ قَارَفْتَ *** فلا الحمدُ مَكسُوبَاً ولا المالُ باقيا

 

وثَالِثُهَا: رَغبَتُكَ في فعلِ الخيرِ، الحَامِلَةُ لَكَ على الإنفَاق، لا تَحمِلُكَ على أنْ تَبذُلَ بَذلاً يُؤَدِي بِكَ إلى الإملاق، فإنَّ هذا قد يَكونُ لَكَ فِتنة، وتَأمَّل: (وَآتِ ذَا الْقُرْبَى حَقَّهُ وَالْمِسْكِينَ وَابْنَ السَّبِيلِ وَلاَ تُبَذِّرْ تَبْذِيراً * إِنَّ الْمُبَذِّرِينَ كَانُوا إِخْوَانَ الشَّيَاطِينِ وَكَانَ الشَّيْطَانُ لِرَبِّهِ كَفُوراً)، وتَأمَّل ثانية: (وَلا تَجْعَلْ يَدَكَ مَغْلُولَةً إِلى عُنُقِكَ وَلا تَبْسُطْها كُلَّ الْبَسْطِ فَتَقْعُدَ مَلُوماً مَحْسُوراً).

 

 ومِن صِفاتِ عِبادِ الرحمن: (وَالَّذِينَ إِذَا أَنْفَقُوا لَمْ يُسْرِفُوا وَلَمْ يَقْتُرُوا وَكَانَ بَيْن ذَلِكَ قَوَامًا) وفي مسلمٍ من حديثِ أبي أُمَامَةَ، قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "يَا ابْنَ آدَمَ إِنَّكَ أَنْ تَبْذُلَ الْفَضْلَ خَيْرٌ لَكَ، وَأَنْ تُمْسِكَهُ شَرٌّ لَكَ، وَلَا تُلَامُ عَلَى كَفَافٍ، وَابْدَأْ بِمَنْ تَعُولُ، ...".

 

ورَابِعُهَا: إذا أنفَقتَ، فأَنفِق مِمَّا تُحِبَّ، فقد قالَ اللهُ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا أَنْفِقُوا مِنْ طَيِّبَاتِ مَا كَسَبْتُمْ وَمِمَّا أَخْرَجْنَا لَكُمْ مِنَ الْأَرْضِ وَلا تَيَمَّمُوا الْخَبِيثَ مِنْهُ تُنْفِقُونَ وَلَسْتُمْ بِآخِذِيهِ إِلاَّ أَنْ تُغْمِضُوا فِيهِ وَاعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ غَنِيٌّ حَمِيدٌ) وقال: (لَن تَنَالُوا الْبِرَّ حَتَّى تُنفِقُوا مِمَّا تُحِبُّونَ).

 

 واعلَم أنَّكَ في مُجَاهَدَتِكَ نَفْسَكَ على هذا بينَ وَعْدَين: (الشَّيْطَانُ يَعِدُكُمُ الْفَقْرَ وَيَأْمُرُكُم بِالْفَحْشَاء وَاللّهُ يَعِدُكُم مَّغْفِرَةً مِّنْهُ وَفَضْلاً وَاللّهُ وَاسِعٌ عَلِيمٌ) فَأيُّ الوَعدَينِ في نَفْسِكَ أَوقَع؟!! وأَيُّهُما في حُكمِ تَصَرُفَاتِكَ أَمْضَى؟!!

 

أصلحَ اللهُ الحال، ونفعَ بالمقال، وأجارنا مِن غَلَبَاتِ الهوى، وميلِهِ إذا مَال..

 

اللهم أعِزَّ الإسلامَ والمسلمين، ...

 

 

 

 

المرفقات

الصدقة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات