جريمة اللواط (3)

خالد بن سعود الحليبي

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/فاحشة اللواط كما يصورها القرآن 2/واجب الأفراد والمجتمعات والحكومات تجاه جريمة اللواط 3/آثار جريمة اللواط ومخاطرها 4/قصة مأسوية لرجل عشق آخر 5/تذكير العباد من أربع شهادات

اقتباس

لقد تبين أن من يمارس هذا العمل، ويتطبع به، يضعف دينه، ويذهب حياؤه، وتقل مروءته، ويحتقر نفسه، ويحتقره الناس، ولا يؤتمن على الأعراض، ويلحق الخزي بالأسرة كلها لو افتضح، ولا يرغب الناس في تزويجه، ويخشى عليه من سوء الخاتمة، وتسقط عدالته، ويتصف بالفسوق والعصيان والفجور والإجرام، ويسيطر عليه الخوف والقلق، وتكثر عليه...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستهديه، ونستغفره، ونعوذ بالله من شرور أنفسنا ومن سيئات أعمالنا، من يهده الله فهو المهتد، ومن يضلل فلن تجد له وليًّا مرشدًا.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله صلى الله عليه وعلى آله وصحابته ومن استن بسنته إلى يوم الدين.

 

أما بعد:

 

فيا عباد الله: أوصيكم ونفسي المقصرة بتقوى الله وطاعته: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَلْتَنْظُرْ نَفْسٌ مَا قَدَّمَتْ لِغَدٍ وَاتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا تَعْمَلُونَ) [الحشر: 18].

 

أيها الأحبة في الله: فقد كنا في أسبوعين مضيا نتحدث عن جريمة بشعة، يتدنى الإنسان فيها من علياء الإنسانية الكريمة، إلى عمل يتحرز منه حتى بعض البهائم، بل ذكر العلماء أنه أعظم من مفسدة القتل، بل يلي الكفر، وقد عرفته البشرية أول ما عرفته في قوم نبي الله لوط، فما قصتهم لنعتبر؟ فإن الله -تعالى- يقول: (لَقَدْ كَانَ فِي قَصَصِهِمْ عِبْرَةٌ لِّأُوْلِي الأَلْبَابِ مَا كَانَ حَدِيثًا يُفْتَرَى وَلَكِن تَصْدِيقَ الَّذِي بَيْنَ يَدَيْهِ وَتَفْصِيلَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُدًى وَرَحْمَةً لِّقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ) [يوسف: 111].

 

في قصتهم وما حل بهم من عذاب ونقمة، عظة للمتقين، وعبرة للمعتبرين، وتحذيرٌ للعالمين، وتخويفٌ للمعتدين من الوقوع في هذا الفعل المشين، فيحل بهم ما حل بالأقدمين.

 

أرسل الله لوطًا -عليه السلام- يدعو قومه إلى عبادة الله وحده لا شريك له، ونبذ كل ما يعبد من دون الله، ونهاهم عن تعاطي ما ذكر الله عنهم من الفواحش، ولكنهم لم يستجيبوا لدعوة نبيهم ولا حتى رجل واحد، بل زادوا عنادًا وإصرارًا على غيهم وعنادهم، وفعلوا القبيح وهموا بإخراج نبيهم من بين ظهرانيهم، وقالوا: (أَخْرِجُوا آلَ لُوطٍ مِّن قَرْيَتِكُمْ إِنَّهُمْ أُنَاسٌ يَتَطَهَّرُونَ) [النمل: 56].

 

وكانوا يقطعون الطريق، ويخونون الرفيق، ويأتون في أنديتهم ومجتمعاتهم المنكر من الأقوال والأفعال، وربما فعلوا اللواط في المحافل بلا حياء ولا خجل ولا خوف من الله.

 

فما زال نبيهم يحذرهم وينهاهم من مغبة فعل المعاصي حتى طلبوا منه أن يأتيهم بعذاب الله إن كان من الصادقين، عند ذلك دعا عليهم نبيهم الكريم: (قَالَ رَبِّ انصُرْنِي عَلَى الْقَوْمِ الْمُفْسِدِينَ) [العنكبوت: 30]، فأجابه مجيب دعوة المضطرين، وناصر المظلومين.

 

فأرسل الملائكة الكرام على صورة شبان حسـان فمروا على إبراهيم -عليه السلام- وبشروه بغلام عليم، فسألهم عن خبرهم، فأخبروه أنهم رسل رب العالمين أرسلوا لإهلاك الطغاة المذنبين، والعصاة المعتدين، من قوم لوط -عليه أفضل الصلاة وأزكى التسليم-. وقيل: إن الملائكة الذين أُرسلوا لإهلاكهم: جبريل، وميكائيل، وإسرافيل -عليهم وعلى نبينا أفضل الصلاة والسلام-.

 

فأتوا قوم لوط، اختبارًا من الله -تعالى- لذلك القوم، وإقامة للحجة عليهم، فاستضافهم لوط -عليه السلام-، وذلك عند غروب الشمس، وخشي إن لم يضيفهم أن يضيفهم غيره، وحسبهم بشرًا من الناس ولم يَدُر بخلده أنهم رسل رب العالمين، جاؤوا لنصرته.

 

ويروى أنه كان في الطريق يعرض عليهم في الكلام لعلهم ينصرفون عن هذه القرية وينزلون في غيرها، فيقول لهم: والله يا هؤلاء ما أعلم على وجه الأرض أهل بلد أخبث من هؤلاء، وكرر ذلك أربع مرات، وكانوا قد أمروا ألا يهلكوهم حتى يشهد عليهم نبيهم بذلك.

 

فعندما دخلوا بيت لوط -عليه السلام- خرجت امرأته فأخبرت قومها، فقالت: إن في بيت لوط رجالاً ما رأيت مثل وجوههم قط -أي حسنًا وجمالاً- فجاءه قومه يهرعون إليه، يريدون أولئك الضيوف ولوط -عليه السلام- يجادلهم بأن يتقوا الله وينصرفوا، وأن لا يخزوه ولا يفضحوه في ضيوفه، وهم يتمادون في طلبهم ويزيدون، وهو ينهاهم عن الفاحشة، وشهد عليهم نبيهم أنه ليس فيهم رجل ذو عقل ولا خير، بل الجميع سفهاء، فجرة أقوياء،كفره أغبياء، وكان ذلك من جملة ما أراد الملائكة أن يسمعوه منه قبل أن يوقعوا بهم العذاب.

 

وهم يتراجعون مع نبيهم الكلام، وهو ينهاهم ويحذرهم من بغيتهم المشينة، وفعلتهم القبيحة وهم يجادلونه بأن يخلي بينهم وبين ضيوفه، فعرض عليهم بناته بأن يتزوجوهن: (قَالَ يَا قَوْمِ هَؤُلاء بَنَاتِي هُنَّ أَطْهَرُ لَكُمْ فَاتَّقُواْ اللّهَ وَلاَ تُخْزُونِ فِي ضَيْفِي أَلَيْسَ مِنكُمْ رَجُلٌ رَّشِيدٌ) [هود: 78]، فأبوا إلا مخالفة الفطرة البشرية، وفعل الفاحشة في ضيوفه. فلما ضاق الأمر وعسر الحال، قام جبريل -عليه السلام- فضرب وجوههم خفقة بطرف جناحه فطمست أعينهم حتى قيل: إنها غارت بالكلية، ورجعوا على أدبارهم يركب بعضهم بعضًا، ويتوعدون رسول الرحمن، ويقولون: إذا كان الغد، كان لنا وله شأن. فجاء الأمر من الملائكة للوطٍ وأهله - وهن بناته الثلاث- أن يسري بهم ليلاً، ويكون هو أخرهم ولا يلتفت منهم أحد إذا سمعوا العذاب يحل بقومهم. وكانت ساعة العذاب عند طلوع الشمس، فلما خرج لوط -عليه السلام- وأهله، وطلعت الشمس، وكانت عند شروقها، جاءهم من أمر الله ما لا يُرد، ومن البأس الشديد ما لا يمكن أن يُصد.

 

وكان عدد المدن التي حل بها العذاب سبع مدن، اقتلعهن جبريل -عليه السلام- من الأرض السفلى ورفعها إلى السماء الدنيا بمن فيها من الأمم، حتى سمعت الملائكة نباح كلابهم وصياح ديوكهم، وقيل: حتى سمعوا هم تسبيح الملائكة، ثم قلبها منكسة إلى الأرض، فجعل عاليها سافلها، ثم أتبعوا بمطر من سجيل حجارة متتابعة مسومة مرقومة على كل حجر اسم صاحبه الذي يسقط عليه.

 

وقيل: إن امرأة لوط خرجت مع زوجها وبناتها ولما سمعت العذاب التفتت، وقد أُمروا بعدم الالتفات، فلما خالفت أمر ربها وعصته قديمًا وحديثًا سقط عليها حجر فقذفها وألحقها بقومها؛ لأنها كانت على دينهم وكانت عينًا لهم على من يكون عند لوط من الضيوف.

 

فكان ذلك عقابهم -والعياذ بالله-، وليس ببعيد لمن عمل عملهم ورضي فعلهم أن يحل به ما حل بهم من عذاب ربهم، فالله قادر ولا راد لقضائه، ولا مانع لقوته وسطوته، قال تعالى: (مُسَوَّمَةً عِنْدَ رَبِّكَ وَمَا هِيَ مِنَ الظَّالِمِينَ بِبَعِيدٍ) [هود: 83]، ولهذا ذهب كثير من أهل العلم أن اللوطي يرجم، سواءً كان محصنًا أو غير محصن. وذهب آخرون إلى أن اللوطي يُلقى من أعلى جبل ويُتبع بالحجارة؛ لأنه فعل قبيح ومنكر عظيم، استحق أهله هذا العذاب الأليم، وما ربك بظلام للعبيد. ورأى بعضهم أن يقتل.

 

نسأل الله -تعالى- أن يرفع عن البلاء وشروره، وأن يكفّ بأس الذين ظلموا إنه سميع الدعاء.

 

ربنا اغفر لنا إنك أنت الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله حمد الشاكرين الأبرار، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله المصطفى المختار، صلى الله عليه وعلى آله الأطهار وأصحابه الأخيار.

 

أما بعد:

 

فاتقوا الله -عباد الله-.

 

ولنعلم جميعًا أن اجتثاث منكر بحجم هذا المنكر يحتاج إلى تكثيف جهود، بين جميع أفراد المجتمع قبل أن تحل بالمجتمع عقوبة عامة -لا قدر الله-، فكما أن كل واحد منا مخاطب شخصيًّا أن يتوب إلى الله من كل ذنب صغير وكبير، فإنه مخاطب أيضًا أن يحمي مجتمعه من تلك الأوبئة غير الأخلاقية، والتي تحمل المرض والوهن والعقد النفسية؛ كما دلت على ذلك الدراسات والإحصاءات.

 

فالوالدان مطلوب منهما أن يتعرفا على ما يشاهد أولادهم من المغريات على الشاشات الثلاث التلفاز والنت والبلوتوث، فكم مصيبة جاءت من ورائها، وعض الآباء أصابع الندم بعد ذلك.

 

وعليهما أن يتعرفا أخلاق وسلوك أولادهم بنين وبنات وعلاقتهم ببعضهم حال وجودهم لوحدهم، وأخلاق وسلوك أصدقائهم، ولو كانوا من أولاد عمومتهم وخؤولتهم، فإن الصاحب ساحب، والفتنة عظيمة.

 

وأن يحزموا في هذا الأمر، وأن لا يدعوا لهم فرصة الخلوة في النوم، بل يكون النوم جماعيًّا؛ ليحموهم من وسوسة الشيطان الرجيم، فإنما يأكل الذئب من الغنم القاصية، حتى يشبوا على معاني العفة والفضيلة، بتاريخ نقي أبيض، لم يدنس لهم عرض، ولا تعذبهم ذكريات.

 

إن الرحلات وأيام الاختبارات والتلكؤ في الحمامات العامة، مظانّ سوء، فلنتنبه.

 

وهو واجب المشرفين في المدارس؛ إذ عليهم أن يتقوا الله في فلذات أكبادنا، وأماناتنا التي أمناهم عليها، وأن يتعرفوا على الأماكن التي يتجمعون فيها، ومخابئ المبنى، والصور التي تتداول خفية، وأن لا يسمحوا لأحد من الطلبة أن يخرج من المدرسة إلا بحضور ولي أمره أو من أنابه، إلا أن يأذن بذلك ولي الأمر فتلك مسؤوليته هو.

 

وأقترح على مشرفي النشاط في الثانويات والمتوسطات والجامعات وفي الصف السادس الابتدائي: أن يتحدثوا كثيرًا عن صور العفة والحياء ومراقبة الله في السر والعلن، وأسباب اكتسابها في مناشطهم، ويمكن أن يقدم ذلك بشتى صور الإبداع المسرحي والأناشيد، والقصص، والموعظة الحسنة ويمكن أن يقوم بذلك كل أستاذ في أول كل حصة دراسية ولو لخمس دقائق.

 

وهي مهمة الجهات الأمنية المسؤولة في المجتمع عن القضايا الأخلاقية؛ كهيئة الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بأن تطلع على الدراسات التي عنيت بتحديد أكثر الأماكن مظنة لممارسة هذا العمل الدنيء، وكيفية التعامل مع المقبوض عليه لاستصلاحه والستر عليه ما دام لأول مرة، حسب التعليمات الصادرة لهم. وعلى الكتاب والخطباء والإعلام أن يسهم في نشر البرامج العلمية التي تبين الأضرار الاجتماعية والصحية على ممارس اللواط.

 

فقد تبين أن من يمارس هذا العمل ويتطبع به، يضعف دينه، ويذهب حياؤه، وتقل مروءته، ويحتقر نفسه، ويحتقره الناس، ولا يؤتمن على الأعراض، ويلحق الخزي بالأسرة كلها لو افتضح، ولا يرغب الناس في تزويجه، ويخشى عليه من سوء الخاتمة، وتسقط عدالته، ويتصف بالفسوق والعصيان والفجور والإجرام، ويسيطر عليه الخوف والقلق وتكثر عليه المحن والمصائب، وخوفه الدائم من فعل هذه الفاحشة بأقرب الناس إليه فكما تدين تدان.

 

وربما أصيب بالورم الليفي التناسلي، والتضخم في الغدد الليمفاوية المجاورة، وتورم كبير في الأعضاء التناسلية الخارجية، والشرج، بل قد يصاب بأورام خبيثة لاسيما السرطان.

 

وعن طريق اللواط تتناقل الأمراض التناسلية والجنسية الخطيرة كما أثبت العلم أن هناك علاقة وطيدة بين اللواط ومرض التهاب الكبد الوبائي، ومرض نقص المناعة المكتسبة المسمى: "الإيدز" -أجارنا الله منه-.

 

كما يسبب اللواط اختلالاً كبيرًا في توازن العقل، وارتباكًا في التفكير، وركودًا غريبًا في التصور، وضعفًا شديدًا في الإرادة. والقوى النفسية، والعصبية. وربما الموت العاجل بسبب تلك الأمراض الخطيرة، من جراء فعل تلك الفاحشة الرذيلة.

 

ويلحق بسوءة اللواط: إتيان المرأة في دبرها، ونكاح اليد، أو ما يسمى العادة السرية، وإتيان البهائم، وإتيان الدمى، فكل ذلك محرم، وخروج عن دائرة العفة التي أرادها الله في محضن الزواج، فقال سبحانه: (وَالَّذِينَ هُمْ لِفُرُوجِهِمْ حَافِظُونَ * إِلَّا عَلَى أَزْوَاجِهِمْ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُمْ فَإِنَّهُمْ غَيْرُ مَلُومِينَ * فَمَنِ ابْتَغَى وَرَاء ذَلِكَ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْعَادُونَ) [المعارج: 29 - 31 ].

 

وأختم هذه السلسلة بهذه القصة: يروى أن رجلاً عشق شخصًا فاشتد تعلقه به، وتمكن حبّه من قلبه، حتى وقع طريح الفراش من شدة المرض بسبب تعلقه بذلك الشخص، مع أن ذلك الشخص لم يرعه اهتمامًا واشتد منه نفرة وهربًا، فلم تزل الوسائط يمشون بينهما حتى وعده أن يزوره ويعوده، فلما أُخبر المريض بذلك فرح واشتد سروره وانجلى غمه، وجعل ينتظر الميعاد الذي ضربه له، فبينما هو كذلك إذ جاءه الوسيط وأخبره أنه رفض الحضور؛ لأنه لا يدخل مجالس الريب والشكوك، ولا يعرض نفسه لمواقع التهم والظنون، فلما علم بذلك اشتد به المرض أكثر مما كان، وبدت عليه علائم الموت، فجعل يقول:

 

أسـلـم يـا راحـة الـعـلـيل *** ويـا شفـاء المدنـف النـحـيل

رضـاك أشـهـى إلـى فـؤادي *** مـن رحمـة الخـالـق الجـليـل

 

فقال له صاحبه: يا فلان اتق الله، قال: قد كان، فيقول صاحبه: فقمت عنه، فما جاوزت باب داره حتى سمعت صيحة الموت.

 

كانت الخاتمة -والعياذ بالله- خاتمة سوء، نعوذ بالله من شؤم المعصية.

 

لقد عد جمهور العلماء: أن اللواط أعظم من الزنا، وليس في المعاصي مفسدة أعظم من مفسدة اللواط، وهي تلي مفسدة الكفر، وربما كانت أعظم من مفسدة القتل.

 

فليخش الذين يخالفون بعد هذا البيان أربع شهادات:

 

الشهادة الأولى: شهادة الله عليهم، المطلع على السرائر: (يَعْلَمُ خَائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَمَا تُخْفِي الصُّدُورُ) [غافر: 19].

 

والشهادة الثانية: شهادة الملائكة الكرام الذين (يَعْلَمُونَ مَا تَفْعَلُونَ) [الانفطار: 12].

 

والشهادة الثالثة: شهادة الجوارح على صاحبها: يقول الله -تعالى-: (وَيَوْمَ يُحْشَرُ أَعْدَاءُ اللَّهِ إِلَى النَّارِ فَهُمْ يُوزَعُونَ * حَتَّى إِذَا مَا جَاءُوهَا شَهِدَ عَلَيْهِمْ سَمْعُهُمْ وَأَبْصَارُهُمْ وَجُلُودُهُمْ بِمَا كَانُوا يَعْمَلُونَ * وَقَالُوا لِجُلُودِهِمْ لِمَ شَهِدْتُمْ عَلَيْنَا قَالُوا أَنْطَقَنَا اللَّهُ الَّذِي أَنْطَقَ كُلَّ شَيْءٍ وَهُوَ خَلَقَكُمْ أَوَّلَ مَرَّةٍ وَإِلَيْهِ تُرْجَعُونَ) [فصلت: 19- 21].

 

والشهادة الرابعة: شهادة الأرض التي مورست عليها الفاحشة، قال صلى الله عليه وسلمَ: قال الله -تعالى-: (يَوْمَئِذٍ تُحَدِّثُ أَخْبَارَهَا) [الزلزلة: 4]، فقال: "أتدرون ما أخبارها؟ أن تشهد على كل عبد وأمة بما عمل على ظهرها، أن تقول: عمل كذا وكذا في يوم كذا وكذا، فهو أخبارها" [رواه الترمذي وفي إسناده مقال].

 

والشهادة الخامسة: شهادة الناس؛ كان النبي -صلى الله عليه وسلمَ- جالسًا مع بعض أصحابه، فمرت جنازة فأثنوا على صاحبها خيرًا فقال: "وجبت"، ثم مرت جنازة أخرى فأثنوا على صاحبها شرًّا، فقال: "وجبت"، فسأله عمر بن الخطاب -رَضي الله عنهما- فقال: ما وجبت؟ قال صلى الله عليه وسلمَ: "الجنازة الأولى أثنيتم عليها خيرًا فوجبت لها الجنة، والثانية أثنيتم عليها شرًّا فوجبت لها النار، أنتم شهداء الله في الأرض" [والحديث رواه مسلم].

 

اللهم يا عزيز يا حكيم أعز الإسلام والمسلمين، وانصر إخواننا المجاهدين، وارفع البأس والظلم والجوع عن إخواننا المستضعفين في مشارق الأرض ومغاربها.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمورنا، ووفقهم لإصلاح رعاياهم، اللهم أيدهم بالحق وأيد الحق بهم، واجعلهم هداة مهتدين غير ضالين ولا مضلين، سلمًا لأوليائك حربًا على أعدائك.

 

اللهم فك أسر المأسورين، واقض الدين عن المدينين، واهد ضال المسلمين، وهيئ لأمة الإسلام أمرًا رشدًا يعز فيه أهل طاعتك، ويذل فيه أهل معصيتك، ويؤمر فيه بالمعروف وينهى فيه عن المنكر.

 

اللهم بارك لنا فيما أعطيتنا، وأغننا بحلالك عن حرامك وبفضلك عمن سواك، وأغننا برحمتك يا حي يا قيوم، واغفر لنا ولوالدينا ولجميع المسلمين، واجعلنا من أهل جنة النعيم برحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم صل وسلم وزد وبارك على عبدك ورسولك محمد وعلى آله الطاهرين، وصحبه أجمعين، أخص منهم الخلفاء الراشدين المهديين من بعده؛ أبا بكر وعمر وعثمان وعلي، وعنا معهم برحمتك وفضلك ومنك يا أكرم الأكرمين.

 

 

المرفقات

اللواط (3)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات