جريمة التفجيرات وأضرارها

عبد العزيز بن داود الفايز

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ استغلال الكفار لبعض شباب المسلمين 2/ أباطيل الشباب الواقعين في فكر الخوارج وجهالاتهم 3/ خدمة الشباب الواقعين في فكر الخوارج لأعداء الإسلام 4/ الواجب تجاه أعداء الإسلام 5/ مواساة أقارب الشهداء الذين قتلوا في مسجد عسير

اقتباس

يوجد من الشباب من استغلهم أعداء الإسلام، وسلطوهم على بلادهم وعلى أهلهم وعلى قرابتهم، يقتل الإنسان قريبه، ويعد ذلك قربة إلى الله -جل وعلا-، هل لم يفهم أولئك النصوص الواردة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ أم...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمة الإسلام، الحمد لله الذي منَّ علينا بنعمة الأمن والإيمان، الحمد لله حمدا يليق بجلال الله وعظمته، وأشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، وصفيه وخليله، بلغ الرسالة، وأدى الأمانة، ونصح للأمة، وجاهد في الله حق جهاده حتى أتاه اليقين، فصلوات الله وسلامه عليه.

 

أما بعد:

 

فيا عباد الله: (اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].

 

أيها المؤمنون: هل يُعقل أن يكون الإنسان عدو لبلده يثير الفتن والقلاقل، ويسلط ويفرح أعداء الإسلام على بلده وأهل بلده؟

 

نقول: وبكل أسىً يوجد من الشباب من استغلهم أعداء الإسلام، وسلطوهم على بلادهم وعلى أهلهم وعلى قرابتهم.

 

يقتل الإنسان قريبه، ويعد ذلك قربة إلى الله -جل وعلا-، هل لم يفهم أولئك النصوص الواردة من كتاب الله وسنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ أم فهموها فهما سقيما جانب الصواب؟

 

أقول: الأخيرة هو الصحيح، فهموها فهما صحيحا، وأفتاهم أناس مجهولون، برموز لا يُعرف أصحاب أهل هذه الفتوى.

 

ومن حججهم وأباطيلهم في ذلك: أنهم يقولون: لا يتحدث عن الجهاد إلا عالم مجاهد، أين وجدوا هذا الكلام الذي ليس له مصدر من كتاب الله ولا من سنة رسوله -صلى الله عليه وسلم-؟ ولا يوجد في كلام أهل العلم شيئا من ذلك الكلام، بل إن من أئمة الإسلام الذي يرجع إليهم لم يكونوا من أهل الغزو وقرروا وأفتوا في أحكام الجهاد، وفي غيره، ويرجع إليهم أهل العلم، ويستدلون بكلامهم، وليس من شروط المفتي أن يكون في الغزو أو خرج للغزو، وإنما شروط الفتوى معروفة عند أهل العلم، فإذا تبين للعالم الحكم الشرعي بما يراه أفتى به بما يدين الله -جل وعلا- به.

 

فهؤلاء الشباب استطاع أعداء الإسلام أن يفصلوا بينهم وبين العلماء الراسخين الذين شابت لحاهم في العلم والتعليم والتدريس، وجعلوهم يحتقرونهم ويزدرونهم، بل ويكفرونهم، ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم.

 

وسموهم بأسماء هي من كلام أعداء الله -جل وعلا-، فيأتي ذلك الغِر الشاب الصغير الذي ربما لم يخرج شعر وجهه، ويتكلم بمسائل، تعقد إليها المجالس الفقهية، ويجتمع إليها العلماء الربانيين ويتدارسونها، وربما يؤجلون الجلسة تلو الجلسة حتى يتبن لهم الحكم، وذلك الشاب يتجرأ ويفتي بمسائل عظيمة.

 

يحدثني أحد الأشخاص يقول في مجلس من المجالس شاب صغير يكفر ويبدع ويفسق، فقال له أحد الحاضرين أراد أن يبين له مكانته ومنزلته وبضاعته المزجاة، ويريد أن يبين له أنه لا يفقه في دين الله شيئا، قال له ما هي شروط "لا إلا إله إلا الله" التي قامت عليها السماوات والأرض، ومن أجلها أوجد الجزاء والحساب وأرسل الرسل؟ (وَمَا أَرْسَلْنَا مِنْ قَبْلِكَ مِنْ رَسُولٍ إِلَّا نُوحِي إِلَيْهِ أَنَّهُ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنَا فَاعْبُدُون) [الأنبياء: 25].

 

"لا إله إلا الله: قامت عليها السماوات والأرض، أتدرون ما ذكر منها؟ تحدث عن اثنين فقط، وجهل خمسة من شروط: "لا إله إلا الله" وهو يبدع ويفسق ويكفر العلماء!

 

أقول: غاب عن أولئك قول الله -جل وعلا-: (وَمَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِنًا مُتَعَمِّدًا فَجَزَاؤُهُ جَهَنَّمُ خَالِدًا فِيهَا وَغَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَلَعَنَهُ وَأَعَدَّ لَهُ عَذَابًا عَظِيمًا) [النساء: 93].

 

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لن يزال المؤمن في فسحة من دينه ما لم يصب دما حراما".

 

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "لزوال الدنيا أهون عند الله من قتل رجل مسلم".

 

ويقول صلى الله عليه وسلم: "لو أن أهل السموات والأرض" عجبا لأولئك الذين يتجرؤون على الدماء! "لو أن أهل السموات والأرض تمالؤوا على قتل مسلم لأكبهم الله في النار" فكيف ممن يقتلون المصلين؟!

 

رسول الهدى -صلى الله عليه وسلم- يقول: "من بنى لله مسجدا بنى الله له مسجدا في الجنة"؛ كما جاء في الصحيحين من حديث عثمان، وأولئك يهدمون المساجد، ويقتلون الآمنين، ويريقون الدماء، وحسبنا الله ونعم الوكيل.

 

المؤمن إذا نظر إلى بيت الله وهو يُهدم، والدماء تسيل، والقرآن يمزق، أين تربى هؤلاء؟ من رباهم؟ من علمهم؟ من أين تعلموا الدين؟ حسبنا الله نعم الوكيل! حسبنا الله نعم الوكيل!

 

إن أولئك شاؤوا أم أبوا يخدمون أعداء الإسلام، يخدمون الرافضة، يخدمون الحوثيين، يخدمون اليهود والنصارى الذين يريدون النيل من بلاد الحرمين.

 

أبطل الله كيدهم، وجعل كيدهم في نحورهم، وفضحهم على رؤوس الأشهاد.

 

نعم استغلوا شبابنا الصغار، وجعلوهم سهاما يقتلوننا بهم، فحسبنا الله نعم الوكيل!

 

والواجب علينا أن نعاملهم بنقيض قصدهم، أن تجتمع الكلمة، وأن تجتمع القلوب: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا) [آل عمران: 103].

 

أعداء الاسلام أرادوا أن يفرقوا بين الشباب والعلماء والولاة، واستطاعوا أن يصلوا إلى شريحة منهم، ولا بد من الاعتراف بالحقيقة عبر هذه الوسائل، وسائل التواصل الاجتماعي بأسماء مستعارة، وأولئك الذين يكتبون بهذه الأسماء المستعارة ألم يعلموا أن الله يراهم؟ ويعلم سرهم ونجواهم؟ (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ مَا فِي السَّمَاوَاتِ وَمَا فِي الْأَرْضِ مَا يَكُونُ مِنْ نَجْوَى ثَلَاثَةٍ إِلَّا هُوَ رَابِعُهُمْ وَلَا خَمْسَةٍ إِلَّا هُوَ سَادِسُهُمْ وَلَا أَدْنَى مِنْ ذَلِكَ وَلَا أَكْثَرَ إِلَّا هُوَ مَعَهُمْ أَيْنَ مَا كَانُوا) [المجادلة: 7].

 

لا بد أن نوجه الشباب للعلم الشرعي، وأن نتناقش معهم، كلٌ عليه مسؤولية، والمسؤولية ليست فقط على رجال الأمن، الآباء مسؤولون أمام الله، والمعلمون مسؤولون، والأم مسؤولة: "كلكم راع وكلكم مسؤول عن رعيته".

 

والنبي -صلى الله عليه وسلم- يقول كما في الحديث الآخر: "ما من راع يسترعيه الله رعية، يموت يوم يموت وهو غاش لرعيته إلا حرم الله عليه الجنة".

 

من يجلس مع هذا الولد؟ إلى أين يذهب؟ عندما يتأخر إلى ساعة متأخرة من الليل؟ عندما يدخل إلى الشبكة العنكبوتية -أيها الأب- ماذا ينظر في هذه الشبكة؟ ليس له أو ليس عنده من العلم والتأصيل الذي يرد به تلك الشبه، يثيرون عليه شبها، فيقتنع بها.

 

فعلينا أن نراقب هذه الأجهزة، وأن نتعاون، وأن نرد هذه الحملة المسعورة على بلاد الحرمين.

 

نعم، نحن محسودون على ما أكرمنا الله به من نعم عظيمة لا تحصى ولا تعد.

 

رد الله كيد أعداء الإسلام في نحورهم، وحمى بلاد الحرمين وسائر بلاد المسلمين من كل سوء.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه، ومن سار على طريقته ونهجه.

 

أما بعد:

 

معاشر المسلمين: أقول لكل من أصيب له قريب ولد أو خال أو عم: أين مات أولئك؟ ماتوا في بيت من بيوت الله وهم يصلون، لم يموتوا في بيوت الخنا والفساد، أو هنا أو هناك، وإنما ماتوا وهم يصلون، و "من مات على شيء بعثه عليه يوم القيامة".

 

ماتوا وهم راكعون ساجدون، انكسرت قلوبهم بين يدي الله -جل في علاه-، فهنيئًا لكل من مات له قريب، وعوضه الله في الدنيا والآخرة، وأنزل على قلبه السكينة والطمأنينة، والله -جل وعلا- يقول: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ* الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155 - 157]، والله يقول: (وَاللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ) [البقرة: 249]، ويقول: (وَاللَّهُ يُحِبُّ الصَّابِرِينَ) [آل عمران: 146].

 

فعليهم أن يقولوا: إنا لله نحن وما نملك لله يتصرف بنا كيف يشاء، إنا لله وإنا إليه راجعون.

 

اللهم أجرنا في مصيبتنا، واخلف لنا خيرا منها، والآجال محددة لكل أجل كتاب: (فَإِذَا جَاءَ أَجَلُهُمْ لَا يَسْتَأْخِرُونَ سَاعَةً وَلَا يَسْتَقْدِمُونَ) [الأعراف: 34].

 

يا رب يا حي يا قيوم يا سميع يا بصير، اللهم اغفر لجميع المتوفين يا رب العالمين، اللهم اغفر لهم وارحمهم، اللهم اغفر لمن قُتلوا في منطقة عسير، اللهم اغفر لهم وارحمهم، وأنزل على قلوب أهلهم السكينة والطمأنينة، وعوضهم خيرا يا رب في الدنيا والآخرة.

 

يا حي يا قيوم لا حول ولا قوة لنا إلا بك، أنت المتصرف، أنت القادر، أنت القهار، من أراد ببلاد الحرمين بسوء اللهم أبطل كيده، اللهم اجعل كيده في نحره، اللهم أدر عليه دائرة السوء يا رب العالمين، اللهم سلط عليه الأمراض والهموم والغموم والأحزان، اللهم اجعل كيده في نحره يا رب العالمين، اللهم اكشف ستره من قريب أو بعيد، اللهم اكشف ستره يا حي يا قيوم، وأرنا فيه عجائب قدرتك يا رب العالمين.

 

اللهم احفظ بلادنا وسائر بلاد المسلمين يا حي يا قيوم، اللهم وفق رجال الأمن المرابطين، اللهم سدد سهامهم وآراءهم يا حي يا قيوم.

 

اللهم أصلح أحوال المسلمين في اليمن وفي الشام وفي العراق وفي فلسطين.

 

اللهم انصر دينك وكتابك وسنة نبيك وعبادك المؤمنين.

 

يا رب تعلم ما تحل بالمسلمين من البلاء، اللهم لا يرفعه إلا أنت، اللهم ارفعه برحمتك عاجلا غير آجل.

 

اللهم ارحم النساء والأطفال والشيوخ يا حي يا قيوم، ارحم المظلومين وانتصر لهم، أعدهم إلى بلادهم آمنين سالمين، اللهم وانتقم لهم ممن ظلمهم وقتلهم في ديارهم وشردهم يا رب العالمين. اللهم أنزل عليه بأسك الذي لا يرد عن القوم المجرمين، أرنا به عجائب قدرتك يا رب العالمين.

 

أصلح أحوال المسلمين، واجمع قلوبهم على الكتاب والسنة يا رب العالمين.

 

اللهم وفق ولاة أمرنا، اللهم سدد أقوالهم، اللهم سدد أعمالهم، اللهم بارك في جهودهم يا رب العالمين، اللهم وفق ولاة أمور المسلمين لتحكيم شرعك يا رب العالمين، فرج يا رب هم المهمومين، واشف مرضانا ومرضى المسلمين، اللهم اعصمنا من فتن الشهوات والشبهات، وأخرجنا من هذه الدنيا سالمين، واجعل آخر كلامنا من هذه الدنيا شهادة التوحيد يا رب العالمين، واجعل قبورنا روضة من رياض الجنة يا رب العالمين، اللهم احشرنا في زمرة سيد الأولين والآخرين، وارزقنا شفاعته يا رب العالمين.

 

اللهم صل على محمدٍ وعلى آل محمد كما صليت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد، وبارك على محمدٍ وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وعلى آل إبراهيم إنك حميد مجيد.

 

 

المرفقات

التفجيرات وأضرارها1

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات