تعليقات مع يوم المرأة

مراد كرامة سعيد باخريصة

2022-10-06 - 1444/03/10
عناصر الخطبة
1/ تكريم الإسلام للمرأة 2/ تعليق على اليوم العالمي للمرأة 3/ إساءات الأفراد لا تنسب إلى المنهج 4/ خطورة الغزو الفكري الموجه للمرأة 5/ صور من التبرج المحرمة 6/ دور الآباء والإخوة في نصح النساء وتقويمهن.

اقتباس

لقد ظن هؤلاء الأدعياء أن الإسلام ظلمَ المرأة، وأخذوا يرددون شبهات مسيئة لديننا العظيم مفادها انتقاصه للمرأة، وهضمه لحقوقها، وخلطوا خلطاً غريباً بين قيم الإسلام وثوابته، وبين أفعال بعض المسلمين تجاه المرأة، والتي لا يسلم منها مجتمع سواء كان مجتمعاً إسلامياً أو غير إسلامي. لقد أعز الإسلام المرأة وكرمها أعظم تكريم، وشرَّفها بخير شرف، وأنزل الله -جل وعلا- سورة كاملة سماها سورة النساء، وهي من أطول السور في القرآن الكريم...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلا هَادِيَ لَهُ، وَأَشهَدُ أَنَّ لا إِلَهَ إِلا اللَّهُ وحده لا شريك له، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، َصَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا إلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

أما بعد معاشر المؤمنين:

مر قبل أيام ما يسمى باليوم العالمي للمرأة، ونحن وإن كنا لا نؤمن بهذه الأعياد ولا نقر بها ولا علاقة لها بديننا وقيمنا، ولكن بلبلة الإعلام صارت تُروِّج له وبقوة، فأحببنا اليوم أن نقف حول بعض القضايا المتعلقة بالمرأة ونعلق بعض التعليقات حول دعواهم لمراعاة حقوق المرأة.

 

لقد ظن هؤلاء الأدعياء أن الإسلام ظلمَ المرأة، وأخذوا يرددون شبهات مسيئة لديننا العظيم مفادها انتقاصه للمرأة، وهضمه لحقوقها، وخلطوا خلطاً غريباً بين قيم الإسلام وثوابته، وبين أفعال بعض المسلمين تجاه المرأة، والتي لا يسلم منها مجتمع سواء كان مجتمعاً إسلامياً أو غير إسلامي.

 

لقد أعز الإسلام المرأة وكرمها أعظم تكريم، وشرَّفها بخير شرف، وأنزل الله -جل وعلا- سورة كاملة سماها سورة النساء، وهي من أطول السور في القرآن الكريم.

 

وكثير من سور القرآن وآياته تحدثت حول قضايا المرأة، وما يتعلق بها من مسائل وأحكام، واقرءوا سورة النور والأحزاب والبقرة ومريم والتحريم والطلاق وغيرها من السور والآيات، فكيف يأتي بعد هذا دَعِيُّ من الأدعياء ربما لا يفقه من الإسلام شيئاً ولم يقرأ يومًا من الأيام سورة واحدة فيزعم أن الإسلام أهان المرأة وانتقصها.

 

من أعطى المرأة حقها من الميراث بعد أن كانت لا ترث شيئًا أبداً؟ ومن شرع للمرأة حقوقاً وواجبات وألزم الرجال بها تجاههن غير دين الإسلام وشرعه الحنيف؟ ومن سمع شكوى امرأة من آحاد نساء المسلمين وأنزل في شأنها وقضيتها آيات تتلى إلى يوم القيامة فقال: (قَدْ سَمِعَ اللَّهُ قَوْلَ الَّتِي تُجَادِلُكَ فِي زَوْجِهَا وَتَشْتَكِي إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ يَسْمَعُ تَحَاوُرَكُمَا إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ بَصِيرٌ) [المجادلة : 1].

 

نحن لا ننكر أن هناك بعض الأفعال الهوجاء والتصرفات الحمقى في بعض بلدان المسلمين تسيء إلى المرأة وتنتقصها، ولكن هذه عادات وتقاليد لم ينزل الله بها من سلطان، ولم يأمر بها الإسلام حتى تُنسَب إليه أو يُطعَن فيه بسببها، وإنما هي عادات جاهلية ونزعات خرافية ينكرها الإسلام ولا يقرها، بل ويأمر بخلافها، وقد قال نبينا -صلى الله عليه وسلم-: "من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد".

 

والحقيقة أنه ينبغي لنا أن لا نبالي بشبهات أعداء الإسلام تجاه المرأة، ولا نشغل أنفسنا بتتبعها، والرد عليها؛ ما دام أنه قد قام ثلة من علماء الإسلام ودعاته بهذا الواجب، وأسقطوا الفرض عن البقية.

 

وعلى المسلم أن لا يستمع إلى آراء الكفار ولا ينصت لشبهاتهم وضلالاتهم حتى لا تستقر الشبهة في قلبه، ويقوم الشيطان بتحسينها في نفسه فيتأثر بها فيضل ويضل ويردد في النهاية نفس ما يرددون، وقد حذرنا الله من ذلك فقال: (وَفِيكُمْ سَمَّاعُونَ لَهُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ بِالظَّالِمِينَ) [التوبة : 47].

 

إن نظرتنا تجاه المرأة تختلف تماماً عن نظرتهم لها، فنحن ننظر إلى المرأة بعزة وكرامة ونعتبرها أماً وأختاً وبنتاً، أما هم فإنهم يعيشون في مجتمعات مفككة وأسر مشرذمة لا ارتباط بينها ولا علاقة تربطها إلا ما ندر، بل وينظرون إلى المرأة في الحقيقة نظرة استحقار واستهانة، ويعتبرونها كالسلعة الرخيصة التي لا تصلح عندهم إلا للأهواء والشهوات، وعرض الأزياء، وتقديم الدعايات والإعلانات، والظهور بمظاهر التردي والسفول والانحطاط بلا كرامة ولا قيمة.

 

ثم يدّعون أن ديننا لم يكرم المرأة ولم يعطها حقوقها، والعكس هو الصحيح فهم الظالمون لها الهاضمون لحقوقها.

 

إن الواجب علينا اليوم تجاه النساء عظيم ومسئوليتنا نحوهن في هذا الزمان كبيرة؛ لأننا نعيش في زمن التغريب، ونساؤنا وبناتنا يتعرضن لغزو فكري خارجي خبيث وصل إلى قعر بيوتنا وداخل غرفنا عبر القنوات الإعلامية الموجَّهة لإفساد النساء ونشر الرذيلة وانحلال الأسر.

 

إن الرجل اللبيب العاقل الذي يصون حرمات أهله، ويعرف حقهم لا يسمح أبداً بإدخال هذه القنوات الفاسدة إلى بيته، ولا يمكن أبداً أن يرضى بها ويقر الخبث في أهله بجلبها لهم، أو السماح لهم بمشاهدتها.

 

فأين ذهبت عقول الرجال وعدالتهم إذا تساهلوا في هذا الأمر، وأعطوا للنساء الحرية الكاملة في مشاهدة ما شئن من هذه القنوات والمسلسلات والأفلام التي توجه سهامها نحونا لإفساد نسائنا وبناتنا وتخريب بيوتنا وهدم قيم وأركان مجتمعنا.

 

يجب علينا أن نستيقظ وندرك الخطر ونتحمل المسئولية ولا نسمح أبداً بهذا المنكر أن يغزونا في قعر بيوتنا؛ فإنه خطر على ديننا وعقيدتنا، وخطر على قيمنا وثوابتنا وخطر على أسرنا ومجتمعاتنا وخطر علينا كلنا.

 

فالمرأة نصف المجتمع وضياعها ضياعٌ للأسر وشتات للمجتمع وشيوع للفاحشة والتزامها التزام للمجتمع وثباتها ثبات للمجتمع بأسره ووقاية له، والأم مدرسة إن أعددتها أعددت شعباً طيب الأعراق.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا قُوا أَنْفُسَكُمْ وَأَهْلِيكُمْ نَارًا وَقُودُهَا النَّاسُ وَالْحِجَارَةُ عَلَيْهَا مَلَائِكَةٌ غِلَاظٌ شِدَادٌ لَا يَعْصُونَ اللَّهَ مَا أَمَرَهُمْ وَيَفْعَلُونَ مَا يُؤْمَرُونَ) [التحريم : 6].

 

ومما شاع وانتشر وكثر خبثه وراج شره واستطار ضرره سكوت الآباء وأولياء الأمور عن بعض الألبسة الشاذة التي تلبسها بعض البنات والنساء، والتغاضي عنهن في ذلك، وعدم الجرأة من قبل بعض الآباء والرجال على نقدهن في لبسهن.

 

ولذلك ترى في الشارع من تلبس العباءات الخفيفة والبناطيل الضيقة والنقاب القصيرة والبراقع الفاتنة، كل هذا حاصل وموجود بسبب صمت الرجال وعدم نهيهم عن هذه المنكرات وسكوتهم عنها.

 

حتى كثر -والعياذ بالله- من بعضهن من تتعمد إظهار صدرها وكشف نحرها، فتمشي في الشارع وقد ظهر شيء من نحرها وصدرها خاصة إذا التفت بسبب لبسها لهذه البراقع القصيرة والنقاب الكاشفة التي توضع على الكتف، ولا تستر واجهة المرأة وصدرها.

 

فيا عجباً من رجل يرى زوجته أو أخته تخرج من البيت، وصدرها بارز، ونحرها ظاهر، وهو ساكت سكوت الشيطان الأخرس وكأن لسان حاله يقول: مادام أنها قد غطت وجهها فلا يهم الباقي إذا ظهر وانكشف مع أن كشف الصدر أشد وأعظم من كشف الوجه.

 

قال تعالى: (يَا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ وَبَنَاتِكَ وَنِسَاءِ الْمُؤْمِنِينَ يُدْنِينَ عَلَيْهِنَّ مِنْ جَلَابِيبِهِنَّ ذَلِكَ أَدْنَى أَنْ يُعْرَفْنَ فَلَا يُؤْذَيْنَ وَكَانَ اللَّهُ غَفُورًا رَحِيمًا) [الأحزاب : 59].

 

ويقول سبحانه وتعالى: (وَقَرْنَ فِي بُيُوتِكُنَّ وَلَا تَبَرَّجْنَ تَبَرُّجَ الْجَاهِلِيَّةِ الْأُولَى وَأَقِمْنَ الصَّلَاةَ وَآتِينَ الزَّكَاةَ وَأَطِعْنَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ) [الأحزاب : 33].

 

ويقول: (وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ) [النور : 31]

 

ويقول: (وَلَا يَضْرِبْنَ بِأَرْجُلِهِنَّ لِيُعْلَمَ مَا يُخْفِينَ مِنْ زِينَتِهِنَّ وَتُوبُوا إِلَى اللَّهِ جَمِيعًا أَيُّهَ الْمُؤْمِنُونَ لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ) [النور : 31].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم..

 

 

الخطبة الثانية:

 

من الحماقة وضعف الغيرة وقلة الرجولة أن يعلم الرجل حرمة هذه الأمور وينكرها في أهله، ولكنه يتساهل ويؤثر الصمت، ولا يجرؤ على النقد ويغفل عن دوره ومسئوليته.

 

والمصيبة كل المصيبة إذا كان مقراً لهذا الخبث في أهله، ويراه شيئاً عادياً أو ينظر إليه على أنه موضة وتطور وحرية وتحرر.

 

إن مجرد السكوت عن ذلك يعد منكراً عظيماً وخبثاً كبيراً؛ لأن النبي -صلى الله عليه وسلم- يقول: "والرجل راع في أهله ومسئول عن رعيته، والمرأة راعية في بيت زوجها ومسئولة عن رعيتها".

 

فيجب علينا جميعاً أن نتكاتف لإيقاف هذا التغريب والقضاء على هذا الفساد والنهي عن هذه المنكرات؛ لأن فشوها وانتشارها في المجتمع له أضرار خطيرة وآثار مدمرة يقول النبي -صلى الله عليه وسلم-: "فاتقوا الدنيا واتقوا النساء؛ فإن أول فتنة لبني إسرائيل كانت في النساء".

 

وإذا لم نقم بكفّ نسائنا وبناتنا عن هذه المنكرات ونهيهن عن هذا العبث، فإن الفساد سينتشر أكثر وأكثر ويفشو الزنا والبغاء وتظهر فينا الأمراض والأوجاع التي لم تكن معروفة في أسلافنا كما أخبر بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم-.

 

يقول الله: (وَالْمُؤْمِنُونَ وَالْمُؤْمِنَاتُ بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاءُ بَعْضٍ يَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَيَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَيُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَيُؤْتُونَ الزَّكَاةَ وَيُطِيعُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ أُولَئِكَ سَيَرْحَمُهُمُ اللَّهُ إِنَّ اللَّهَ عَزِيزٌ حَكِيمٌ) [التوبة : 71].

 

ويقول رسولنا -عليه الصلاة والسلام-: "ما تركت بعدي فتنة أضر على الرجال من النساء ومن النساء على الرجال".

 

 

 

المرفقات

مع يوم المرأة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات