عناصر الخطبة
1/ ذم الخروج على حكام المُسلمين والتحذير منه 2/ أبرز الآثار السلبيَّة التي تعود على المجتمعات بسبب ذلك 3/ التحذير من البدع المؤدية إلى الفرقة والاختلاف 4/ الاعتبار بما أصابَ بلادًا كثيرةً بسبب الخروج على الحكام.اقتباس
إن الاختِلافَ في الفروعِ والمسائِلِ الفقهيَّةِ لا يُوجِبُ مُعاداةً ولا افتِراقًا في الكلِمَةِ، ولا تبديدًا للشَّملِ، ولا تبديعًا، ولا تفسيقًا، ولا تكفيرًا للمُخالِف. ويجبُ على المسلم أن يتحرَّى الحقَّ، ويأخُذ ما دلَّ عليه الدليلُ من القرآنِ أو السنَّة، ولو خالَفَ مذهَبَه وشيخَه، ولا يجوزُ أن يُتَّخذَ الخلافُ في تلك المسائلِ وسيلةً إلى النزاع والتناحُر، والتهاجُرِ والفُرقَة. وقد اختَلَفَ السلفُ الصالحُ - رضي الله عنهم – في مسائلَ كثيرةٍ جدًّا، ولم يكُن يُنكِرُ بعضُهم على بعضٍ في مسائل الاجتهاد؛ بل كانت قلوبُهم تتَّسِعُ لذلك.
الخطبة الأولى:
الحمدُ لله الذي هدانا للشريعةِ السنيَّةِ البهيَّة، ينطِقُ بلسانِ التيسيرِ بيانُها، ويُسفِرُ برحمتِها ورِفقِها عنوانُها، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له شهادةً عظُمَ في قلوبِ المُوحدِّين شأنُها، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنا محمدًا عبدُه ورسولُه، بعثَه ربُّه رحمةً للعالمين بمِلَّةٍ حنيفيَّة، وشِرعةٍ بالمُكلَّفين بها حفِيَّة، فلم يزَلْ يدعُو بها وإليها، ويُناضِلُ ببراهيِنها عليها، ويحمِي بقواطِعِها جانِبَيها، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آلِه وأصحابِه.
أما بعدُ .. فيا أيها المُسلِمون: اتَّقوا الله فإن تقواهُ أفضل مُكتسَب، وطاعتَه أعلى نسَب، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 102].
أيها المسلمون: اشكُرُوا اللهَ على النِّعمِ والعَطايا، واحمَدُوه على ما دفَعَ عنكم من النِّقَمِ والبلايَا، واعتبِرُوا بمن حولَكم؛ فكم من وطنٍ اختلَفَتْ فيه الكلمةُ، وانحَلَّ فيه عِقدُ الولاية، وسقَطَتْ منه هَيبةُ الحكم، فلا إمامَ ولا جماعة، فتقاتَلَ أهلُه، وتمزَّق شملُه، وضَاعَ أمنُه، والأمنُ إذا اختلَّ عظُمَ فقدُه، وعسُر ردُّه.
والفتنةُ نائمةٌ لا يُوقِظُها إلا خبيث، ولا يقودُها إلا خائِنٌ، ولا يُرسِلُها إلا ظَلُوم، والفتنةُ تلقَحُ بالتعريضِ، وتُنتَجُ بالتحضِيضِ، وتقَعُ بالتحريضِ، وأيَّ غايةٍ يرجُوها من لا صَنعةَ له إلا دعوةُ الناس إلى الثورات والمُظاهرات، والاعتِصامات والانقِلابات، والخروجِ على السلاطِينِ وأصحابِ الولايات.
وقد أثبَتَت الحوادثُ والوقائِعُ: أن الخروجَ على الملوكِ والسلاطين أساسُ كلِّ شرٍّ وفتنةٍ وبلاءٍ.
فعن أُسَيد بن حُضَيرٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إنكم ستَلقَونَ بعدي أَثَرةً، فاصبِرُوا حتى تلقَوني على الحوضِ» (متفقٌ عليه).
قال الإمامُ النوويُّ - رحمه الله تعالى -: "الأثَرَةُ: الاستِئثارُ والاختِصاصُ بأمورِ الدنيا، أي: اسمَعُوا وأطيعُوا، وإن اختصَّ الأمراءُ بالدنيا، ولم يُوصِلُوكم حقَّكم مما عندهم".
قال شيخُ الإسلام ابن تيمية – رحمه الله تعالى -: "وقلَّ من خرجَ على إمامٍ ذي سُلطان، إلا كان ما تولَّدَ على فعلِه من الشرِّ أعظمَ مما تولَّدَ من الخير".
وقال عمرو بن العاص - رضي الله عنه - في وصيَّتهِ لابنِه: "يا بُنَيَّ! إمامٌ عادلٌ خيرٌ من مَطَرٍ وابِلٍ، وإمامٌ ظَلُومٌ غَشُومُ خيرٌ من فتنةٍ تدُوم".
والفتنُ تبلُو العقولَ وتفضحُ الجَهولَ، وإذا اعتَكَرَ الباسُ، واشتَجَرَ الناسُ طاشَت الأحلامُ، وزلَّت الأقدامُ، وحارَت الأفهامُ، إلا من زيَّنَه العلمُ، وجمَّلَه الحِلمُ، وتخوَّفَ الإثمَ والظُّلمَ.
وحَكَمَةُ اللسانِ والسِّنانِ: رَويِّةٌ تردُّ السَّفَه، وعلمٌ يكُفُّ الجهلَ، وعقلٌ يزَعُ عن فتنةٍ.
حُلومَكم يا قومِ لا تعزِبُنَّها *** ولا تقطَعُوا أرحامَكُم بالتدابُرِ
أيها المسلمون:
وإذا التجَّت الأصوات، واشتدَّت الخصوماتُ، وتعالَت الصيحاتُ، وقامَت المُظاهرات والثورات، كان أولُ من يركبُ ثبَجَها، ويستثمِرُ حدَثَها أعداءُ الإسلام الذين قامَت سياساتُهم على الاستِخفافِ بحقوقِ المسلمين، واستِباحةِ أكلِ أموالِهم بالباطلِ، واجتِياحِ بلادِهم، وتدميرِ اقتِصادهم، والاستِيلاءِ على ثوراتِهم، وإشاعَةِ الفوضَى في ديارهم، يتَّخِذُونَ تلك الأحداثَ وسيلةً لتحقيق مآربِهم الخبيثة.
والعدلُ لا ترسمُ حدودَه وأحكامَه وقوانينَه القُوَى الغاشِمةُ الظالِمةُ، التي وقَعَت في الهُوَّة، وغرَّتْها القُوَّة، ولا تستَوِي حقائِقُ الرحمةِ والعدلِ في قلوبِ الرُّحمَاء، وادِّعاءاتٌ يُطلِقُها القتَلَة، الذين نصَّبُوا أنفسَهم أوصِياءَ على العالَم، وحُماةً للحقوقِ، ورُعاةً للسِّلمِ والأمنِ.
وكيف يرعَى السِّلمَ من زَرَعَ الثورات، وأيَّدَ الانقِلابات، وأشعلَ الحروبَ وأضرَمَ الصراعات، ودعَمَ الخوَنَة، وحارَبَ في غابِرِ الزمن مملكاتٍ كانت غايةً في القوة والغِنَى والاستِقرار؟!
لقد تعاهَدَت الأُممُ المُعاصِرةُ ومجلِسُ أمنِها على إرساءِ السِّلمِ، وتحقيقِ الأمنِ، فكأنما تعاهَدَت على وَأْدِه، وتعاقَدَت على مَحوِه. وثائقُ للسِّلمِ ليست إلا نقشًا فوق طِرسٍ، وحِبرًا باهتًا على ورقٍ من شجَرِ الغدرِ والخِداع.
كم للسلامِ مواثِقًا عبَثَت بها ريحُ *** السياسة شَماَلًا وجنوبًا
إن تكتُبُوا للسِّلمِ عهدًا، فاجعَلُوا *** دَمعَ الثَّكَالَى بالمِدادِ مَشُوبًا
أو فانقُشُوا بدمِ الضحايَا خطَّه *** وتذكَّرُوا يومًا قضَوه عصِيبًا
صُوغُوه عدلاً للبريَّة شامِلاً *** لا مَرتَعًا للأقوِياءِ خَصِيبًا
يا رُعاةَ السِّلمِ المزعُوم! لقد ضاعَ السلامُ تحت بُروقِ المطامِع، وأضحَى السلامُ في ظلِّ سياساتكم أملًا مفقُودًا، وكذِبًا ممقُوتًا.
فاخفِضُوا ضَجيجَ التَّرَفِ الذي فيه تتقلَّبُون، حتى لا تُوقِظُوا أحلامَ الجوعَى والمُشرَّدين والمُهجَّرين، وخافِتُوا بصوتِ اللَّهو الذي فيه تلعَبُون، حتى لا تقطَعُوا أحلامَ الأطفالِ السادِرِين في نومِهم تحت رُكامَ المنازلِ، وحُطامِ البيوتِ والمستشفيات.
وإنَّ استهدافَ الكيانِ السُّنِّي في حُكوماتِه وقياداتِه ورُموزِه وعلمائِه، وقوَّتِه واقتِصادِه، وفرضَ الحصارِ على البلداتِ السُّنيَّة، واستِهدافَ المساجِد، وتدميرَ الجوامِع، وقصفَ المدارس السنيَّة، يُعدُّ إرهابًا مُنظَّمًا ضدَّ المسلمين كافَّة، وجرائِمَ حربٍ وإبادةٍ، وانتِهاكًا لحقوقِ الإنسانِ المُسلِم في أرضِه ووطنِه.
أيها المسلمون: والفُرَجُ بين صفوف المسلمين بادِيةٌ، خلَلٌ وتفرُّقٌ في الرأي والهَوَا، فِرَقٌ وأحزابٌ وجماعاتٌ، لكلِّ حزبٍ منهم نيَّة، ولكل فرقةٍ مقصَد، ولكل جماعةٍ مشرَب، وكلٌّ يُصغِّرُ شأنَ الآخرِ ويُحَذِّرُ منه، ولا نسمَعُ إلا صياحَ المُتوعِّدِ المُتهدِّد، ولا نرَى إلا أثرَ الغليظِ المُتشدِّد، كلٌّ يأكلُ سَيفُه غِمدَه من حِدَّته، وكلٌّ يتغيَّظُ على أخيه المسلم من شِدَّتِه.
ولن يجمعَ مُتفرِّق أمرِ الأمة وكلِمَتها جاهِلٌ أشعلَ نارَ الخلافِ وأهاجَها، ولا مُنفِّرٌ عن الدينِ بالغِلظةِ والشدَّة، ولا مُتفَحِّشٌ يتعدَّى على الناس ويتعمَّدُ سِبابَهم، ولا عدوٌّ نفَذَ بين القلوبِ المُتنافِرة، والصفوفِ المُتباعِدة، ولا رجلٌ يفتَاتُ على العلم، ويتَقَحَّمُ الفتوَى بلا درايةٍ ولا رَوِيِّة، ولا زائِغٌ تلبَّس بالبدعةِ والخُرافةِ.
إن الاختِلافَ في الفروعِ والمسائِلِ الفقهيَّةِ لا يُوجِبُ مُعاداةً ولا افتِراقًا في الكلِمَةِ، ولا تبديدًا للشَّملِ، ولا تبديعًا، ولا تفسيقًا، ولا تكفيرًا للمُخالِف.
ويجبُ على المسلم أن يتحرَّى الحقَّ، ويأخُذ ما دلَّ عليه الدليلُ من القرآنِ أو السنَّة، ولو خالَفَ مذهَبَه وشيخَه، ولا يجوزُ أن يُتَّخذَ الخلافُ في تلك المسائلِ وسيلةً إلى النزاع والتناحُر، والتهاجُرِ والفُرقَة.
وقد اختَلَفَ السلفُ الصالحُ - رضي الله عنهم – في مسائلَ كثيرةٍ جدًّا، ولم يكُن يُنكِرُ بعضُهم على بعضٍ في مسائل الاجتهاد؛ بل كانت قلوبُهم تتَّسِعُ لذلك.
قال الإمام الشافعيُّ - رحمه الله تعالى -: "ألا يستقيمُ أن نكونَ إخوانًا وإن لم نتَّفِق في مسألةٍ؟!".
وكلُّ قولٍ أو عملٍ خالَفَ سُنةً أو إجماعًا، وجَبَ إنكارُه، وكلُّ قولٍ في مسألةٍ ليس فيها سُنَّةٌ ولا إجماعٌ، وللاجتهادِ فيها مَساغٌ، لم يُنكَر على من عمِلَ فيها مُجتهِدًا كان أو مُقلِّدًا.
ولا يجوزُ الإفتاءُ بما يُخالِفُ النصَّ من القرآن أو السنَّة، ويسقُطُ قولُ المُجتهِد، ويحرُمُ تقليدُه إذا أفتَى بما يُخالِفُ النصوصَ الشرعيَّة؛ لأن في تقليدِه تقديمًا لكلامِه على كلامِ الشارعِ، وهو مُحرَّم.
وليس من العقلِ والحكمةِ أن تُؤجَّجَ الصراعاتُ بين المذاهبِ السنِّيَّة، بينما ينهَشُ عدُوُّها في جسَدِ الأمة، بدَعمٍ مُباشرٍ وغير مُباشرٍ من القُوَى الظالِمَة، يقولُ - جلَّ في عُلاه -: (وَلَا تَنَازَعُوا فَتَفْشَلُوا وَتَذْهَبَ رِيحُكُمْ) [الأنفال: 46].
والتنازعُ يُوجِبُ الفشلَ والشَّلَلَ وغلَبَةَ العدو.
وعن عمرو بن شُعيبٍ، عن أبيه، عن جدِّه، قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «المُسلِمونَ تَتَكافَؤُ دِماؤُهم، يَسْعَى بِذِمَّتِهم أدْناهُم، و يُجِيرُ عليهم أقصاهُم، وهُم يَدٌ على مَن سِواهُم» (أخرجه أبو داود).
وعن أنسٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى صلاتَنا، واستقبَلَ قِبْلَتَنَا، وأكَلَ ذَبيحَتَنا فذلك المسلمُ الذي له ذِمَّةُ اللهِ وذِمَّةُ رسوله، فلا تُخْفِروا اللهَ في ذِمَّتِه» (أخرجه البخاري).
أمَّا العقيدةُ، فقد اتَّفَقَت عليها الصحابةُ، ولم يحصُل بينهم فيها اختِلافٌ أو تنازُع، وكلُّهم على إثباتِ ما نطَقَ به الكتابُ والسنَّة، وكان الصحابةُ - رِضوانُ الله عليهم - يُحذِّرُون من التعبُّدِ بالبدعِ والمُحدَثات التي لم يَشرَعها رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -.
ومن البِدعِ المُحدَثة التي يجبُ التحذيرُ منها: بدعةُ الطوافِ بالقبور، والذَّبح والنَّذر لها، والاستِغاثةِ بأصحابها، وبدعة الغُلوِّ في الأولياء والصالحين بالانحِناء والخضوعِ والركوعِ والسجودِ لهم، والتبرُّكِ بِرِيقِهم وأجسادِهم، وقياسُ التبرُّك بأجسادِهم على التبرُّكِ بالحبيبِ المحبُوبِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - في حياتهِ قياسٌ باطِلٌ من كلِّ وجهٍ.
فبأي عقلٍ أو نقلٍ يُقاسُ عالِمٌ أو ولِيٌّ مهما بلَغَت عبادتُه بسيِّد البشرِ محمدٍ - صلى الله عليه وسلم -؟!
ومن تلك البِدَع: بدعةُ الرَّقصِ، والقفزِ، والهَزِّ، والدوَرَان والهَيَجَان، عند الذِّكرِ - أي: عند ذِكرِ الله - في المساجدِ وغيرها، إلى غير ذلك من البِدَع التي يقَعُ فيها بعضُ المسلمين جَهلًا وتقليدًا.
وكلُّ ذلك مما يجِبُ إنكارُه ولكن بالحكمةِ والموعظةِ الحسنةِ، والخطابِ الذي تتحقَّقُ به المصالِحُ، وتندفِعُ به المفاسِدُ، ومن وقَعَ في بدعةٍ أو باطِلٍ وجَبَ عليه الرجوعُ عنه؛ إذ الرجوعُ إلى الحقِّ خيرٌ من التمادِي في الباطِلِ، ولا جامِعَ إلا الكتابُ والسنَّة بفَهمِ سلَفِ الأمة.
ولا يستقيمُ قولٌ إلا بعملٍ، ولا يستقيمُ قولٌ وعملٌ إلا بنيَّة، ولا يستقيمُ قولٌ وعملٌ ونيَّةٌ إلا بمُوافَقَةِ السنَّة.
اللهم ألهِمنا رُشدَنا، وقِنَا شرَّ أنفُسِنا، وأستغفِرُ الله فاستغفِرُوه، إنه كان للأوَّابِين غفُورًا.
الخطبة الثانية:
الحمدُ لله آوَى من إلى لُطفِه أوَى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحده لا شريكَ له داوَى بإنعامِهِ من يئِسَ من أسقامِهِ الدوا، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدنَا محمدًا عبدُه ورسولُه، من اتَّبعَه فقد اهتَدَى، ومن عصَاهُ كان في الغِوَايةِ والرَّدَى، صلَّى الله وسلَّم عليه وعلى آله وأصحابِه صلاةً تبقَى، وسلامًا يَترَى.
أما بعد .. فيا أيها المسلمون: اتَّقُوا الله وراقِبُوه، وأطيعُوه ولا تَعصُوه، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَكُونُوا مَعَ الصَّادِقِينَ) [التوبة: 119].
أيها المسلمون:
احذَرُوا مُتابعةَ كثيرٍ من المُغردِّين والمتصدرين في وسائلِ التواصُلِ الاجتماعيِّ، الذي لاحَ من كتابَتِهم سَفَهُهم، وبانَ من مقاطِعِ تصويرِهم حُمقُهم، وظهَرَ قُبحُهم؛ فكم نشَرُوا شرًّا ووَبالًا، وأشاعُوا كذِبًا ونُكرًا، وتفوَّهُوا سَفَهًا وقُبحًا، إلا من رحِمَ الله، وقليلٌ ما هُم.
لقد أصبَحَت تلك الوسائِلُ ميدانَ كلِّ صِفرٍ خِلْوٍ، الشهرةُ تسُوقُه، والظهورُ يشُوقُه، قد غرَّته كَثرةُ مُتابِعِيه، حتى ظنَّ أن لا أحدَ يستحِقُّ أن يتقدَّم أمامَه، أو يقومَ مقامَه!
ولأَن يكونَ المرءُ مغمُورًا لا يُفقدُ إذا غابَ، فقيرًا خامِلًا مدفُوعًا بالأبوابِ، خيرٌ له من أن يكون مشهُورًا بباطِلٍ، أو معروفًا بقَبيحٍ.
أيها الإعلاميُّون والمُغرِّدُون! دافِعُوا عن دينِكم، ونافِحُوا عن بلادِكم المملكة العربية السعودية، وسخِّرُوا أقلامَكم لما يُعزِّزُ أمنَكم، ويُديمُ استِقرارَكم، ويحفَظُ وَحدَتكم، ويُقوِّي لُحمَتَكم، وابتعِدُوا عن كلِّ ما يزرَعُ الفتنةَ، ويُثيرُ البَلبَلَةَ، ويُهيِّجُ الغَوغَاءَ والدَّهماءَ والسُّفهَاء، وتثبَّتُوا فيما تكتُبُون، وتبيَّنُوا فيما تقولُون.
وصلُّوا وسلِّموا على أحمدَ الهادِي شفيعِ الورَى طُرًّا؛ فمن صلَّى عليه صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا.
اللهم صلِّ وسلِّم على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وارضَ اللهم عن جميعِ الآلِ والأصحابِ، وعنَّا معهم يا كريمُ يا وهَّاب.
اللهم أعزَّ الإسلام والمُسلمين، وأذِلَّ الشركَ والمُشركين، ودمِّر أعداءَ الدين، واجعَل هذا البلدَ آمنًّا مُطمئنًّا وسائرَ بلادِ المُسلمين.
اللهم وفِّق إمامَنا ووليَّ أمرنا لما تحبُّ وترضَى، وخُذ بناصِيتِه للبرِّ والتقوَى، اللهم وفِّق جميعَ وُلاة أُمورِ المُسلمين لتحكيمِ شرعِك، واتِّباعِ سُنَّة نبيِّك محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - يا رب العالمين.
اللهم كُن لإخوانِنا في حلبِ والشام، اللهم ارحَم ضعفَهم، اللهم قاتِل من قتَلَهم، اللهم قاتِل من قتَلَهم، اللهم قاتِل من قتَلَهم، اللهم أنزِل عذابَك ورِجزَك وسخَطَك على من قصَفَهم، اللهم اقتُله بسِلاحِه، وأحرِقه بنارِه يا رب العالمين، اللهم أنجِ المُستضعَفِين من المُسلمين في كل مكانٍ يا رب العالمين.
اللهم أمِّن حُدودَنا، واحفَظ جنودَنا، وانصُرهم على عدوِّك وعدوِّهم يا رب العالمين، اللهم تقبَّل موتاهم في الشُّهداء، واشفِ جرحَاهم يا سميعَ الدعاء.
اللهم اشفِ مرضانا، وعافِ مُبتلانا، وفُكَّ أسرانا، وارحَم موتانا، وانصُرنا على من عادانا يا رب العالمين.
اللهم اجعَل دعاءَنا مسمُوعًا، ونداءَنا مرفوعًا، يا كريمُ يا عظيمُ يا رحيمُ.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم