عناصر الخطبة
1/خطر الهوى 2/المقصود ببيع الذمم 3/صور من بيع الذمم 4/خطر الخيانة وبيع الذمم 5/أمن البلاد خط أحمر 6/بالخيانة بيعت البلداناقتباس
عباد الله: بيع الذمم أن تغش وتخدع، بيع الذمم أن ترتشي لتخدع الآخرين، أن ترتشي لتحتال.المرتشي بائع الذمة، لا يهمه إلا مصالحه الشخصية فحسب، وما علم أن الرشوة ملعونة ملعون آخذها، ملعون معطيها، ملعون الوسيط بينهما. عباد الرحمن الكرام: بيع الذمم له صور شتى، وما سأذكره للتمثيل لا للحصر؛ فمن ذلك...
الخطبة الأولى:
عباد الله: إياكم والهوى، فإن الهوى عن الخير صاد، وللعقل مضاد، فهو لا ينتج من الأخلاق إلا أقبحها، ولا يظهر من الأفعال إلا فضائحها، ويجعل ستر المروءة مهتوكا، ومدخل الشر مسلوكا.
قال عبد الله بن عباس: "الهوى إله يعبد من دون الله، ثم تلا: (أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ)[الجاثية: 23].
قال عِكْرِمَةَ فِي قَوْلِهِ تعالى: (وَلَكِنَّكُمْ فَتَنتُمْ أَنفُسَكُمْ) يعني بالشَّهَوَاتِ: (وَتَرَبَّصْتُمْ) أي بِالتَّوْبَةِ: (وَغَرَّتْكُمُ الأَمَانِيُّ) يعني بالتَّسْوِيفُ: (حَتَّى جَاءَ أَمْرُ اللَّهِ) يعني الموت: (وَغَرَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[الحديد: 14] يعني الشَّيْطَانُ".
قال عُمَر بْن الْخَطَّابِ -رضي الله عنه- قَالَ: "اقْدَعُوا هَذِهِ النُّفُوسَ عَنْ شَهَوَاتِهَا -أي كُفُّوها عمَّا تَتَطلّع إليه من الشهوات- فَإِنَّهَا طَلَّاعَةٌ تَنْزِعُ إلَى شَرِّ غَايَةٍ".
فالله الله -عباد الله-: فاتباع الهوى ضلال مبين، يدخل في العبادة كما يدخل في المعاملة، ومنها البيع.
والبيع بيعان: حلال وحرام، والحرام نوعان: بيع على فرد فيغش، ويبيع على الأمة غش وغش وغبن، ومن أعظم الغبن على العبد أن يغبن نفسه، فيغبن أمته، نعم يغبن أمته!.
إن هذا البيع بيع ذمم لا بيع أموال، بيع الذمم لا بيع سلع.
باع ذمته تجاه صحبته وجيرانه، باع ذمته تجاه أمته وقرابته، باع ذمته ودينه، بينه وبين ربه وخالقه.
بيع الذمم مشروع شيطاني كبير، يقوم على الغش والخداع، والحيل المحرمة، والتأويلات الفاسدة، ليستثني منه بيع الذمم عن الفقهاء المراد به بيع السلم، وما في معناه، وليس المراد هنا.
عباد الله: بيع الذمم أن تغش وتخدع، بيع الذمم أن ترتشي لتخدع الآخرين، أن ترتشي لتحتال.
المرتشي بائع الذمة، لا يهمه إلا مصالحه الشخصية فحسب، وما علم أن الرشوة ملعونة ملعون آخذها، ملعون معطيها، ملعون الوسيط بينهما.
عباد الرحمن الكرام: بيع الذمم له صور شتى، وما سأذكره للتمثيل لا للحصر؛ فمن ذلك:
من كان في عمله ووظيفته يخادع ويجامل، ويماري ويحابي، يخالف الأنظمة، ويتجاوز الشرع، من أجل مصالحه الذاتية، ومالا يأكله سحتا، أو مقايضة لمنفعة تقدم له، وكل ذلك حيل شيطانية.
من اؤتمن على أمانة رسمية، أو غير رسمية، فتهاون وقصر وفرط بحيلة، أو رشوة، أو تأويل.
من أؤتمن على مال عام أو خاص، أو على زكاة، فاحتال أو أول، أو فرط حيلة أو خديعة.
هذا يغش في مطعمه، وهذا في مصنعه، وهذا يغش في مخططه، وهذا في عمارته، وهذا يغش في طبه وعلاجه، وهذا يغش في أقواله، وآخر في أفعاله.
هذه بعض صور بيع الذمم على مستوى التعامل الفردي، لكن أن يكون ذلك على مستوى الشعوب والدول والحكومات، تلك مصيبة كبرى.
وكم على مر التاريخ من باع دولته وشعبه خوفا وهلعا أو طمعا وتخاذلا واحتيالا؟!
ويمر الزمن، ويعيد التاريخ نفسه، فتُفاجأ بمصيبة عظمى، ومشكلة كبرى، في الخيانة، وكبرى في التبع والإبلاغ.
أن يخونك لبناني أمر متوقع، ولا يعني ذلك سوء كل لبناني، وأن يخدعك إيراني مجوسي لا غرابة، ولكنه أن يخدعك ويغش بلدك، ويتجسس عليه مواطن منه وفيه، أكل من رزقه، وترعرع في رباه، ونهل من خيراته، وعاش في ظلال وارف أمنة، هذا ما لا يتصوره عاقل فيه ذرة عقل فضلا عن الدين، وربما يتصور في من جسده عندنا وروحه عندهم.
إن هذا تجسس، والله يقول: (وَلَا تَجَسَّسُوا) [الحجرات: 12].
هذا نفاق: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ يُخَادِعُونَ اللّهَ وَهُوَ خَادِعُهُمْ)[النساء: 142].
هذه من صفاتهم.
"آيَةُ الْمُنَافِقِ ثَلاثٌ: إِذَا حَدَّثَ كَذَبَ، وَإِذَا وَعَدَ أَخْلَفَ، وَإِذَا ائْتُمِنَ خَانَ"[رواه الشيخان -رحمهما الله-].
إنهم أصاحب الغدر عند العهد: "وَإِذَا عَاهَدَ غَدَرَ".
كيف لا يخونون الناس وقد خانوا رسول الله؟
بل خانوا الله من قبل، يصدق ذلك ويبرهن عليه قوله تعالى: (وَإِن يُرِيدُواْ خِيَانَتَكَ فَقَدْ خَانُواْ اللّهَ مِن قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَاللّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ) [الأنفال: 71].
وعَنْ قَتَادَةَ قَالَ: ذُكِرَ لَنَا أَنَّ رَجُلا كَتَبَ لِنَبِيِّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، ثُمَّ عَمَدَ فَنَافَقَ، فَلَحِقَ بِالْمُشْرِكِينَ بِمَكَّةَ، ثُمَّ قَالَ: مَا كَانَ مُحَمَّدٌ يَكْتُبُ إِلا مَا شِئْتُ، فَلَمَّا سَمِعَ ذَلِكَ رَجُلٌ مِنَ الأَنْصَارِ، نَذَرَ لَئِنْ أَمْكَنَهُ اللَّهُ مِنْهُ لَيَضْرِبَنَّهُ بِالسَّيْفِ، فَلَمَّا كَانَ يَوْمُ الْفَتْحِ أَمَّنَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- النَّاسَ إِلا عَبْدَ اللَّهِ بْنَ سَعْدِ بْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَمَقِيسَ بْنَ صُبَابَةَ، وَابْنَ خَطَلٍ، وَامْرَأَةً كَانَتْ تَدْعُو عَلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- كُلَّ صَبَاحٍ، فَجَاءَ عُثْمَانُ بِابْنِ أَبِي سَرْحٍ، وَكَانَ رَضِيعَهُ أَوْ أَخَاهُ مِنَ الرَّضَاعَةِ، فَقَالَ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَذَا فُلانٌ أَقْبَلَ تَائِبًا نَادِمًا، فَأَعْرَضَ عَنْهُ نَبِيُّ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-، فَلَمَّا سَمِعَ بِهَ الأَنْصَارِيُّ أَقْبَلَ مُتَقَلِّدًا سَيْفَهُ، فَأَطَافَ بِهِ، وَجَعَلَ يَنْظُرُ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- رَجَاءَ أَنْ يُومِئَ إِلَيْهِ، ثُمَّ إِنَّ رَسُولَ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- قَدَّمَ يَدَهُ فَبَايَعَهُ، فَقَالَ: "أَمَا وَاللَّهِ لَقَدْ تَلَوَّمْتُكَ فِيهِ لِتُوَفِّيَ نَذْرَكَ" فَقَالَ: يَا رسول اللَّهِ إِنِّي هِبْتُكَ، فَلَوْلا أَوْمَضْتَ إِلَيَّ فَقَالَ: "إِنَّهُ لا يَنْبَغِي لِنَبِيٍّ أَنْ يُومِضَ".
وأما الخطأ من المؤمنين فمغفور، عن علي -رضي الله عنه- قال: بعثني رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنا والزبير والمقداد.
وفي رواية أبا مرثد، فقال: "انطلقوا حتى تأتوا روضة خاخ، فإن بها ظعينة معها كتاب، فخذوا منها، قال: فانطلقنا تعادى بنا خيلنا، حتى أتينا الروضة، فإذا نحن بالظعينة، قلنا لها: أخرجي الكتاب؟ قالت: ما معي كتاب، فقلنا: لتخرجن الكتاب أو لنلقين الثياب، قال: فأخرجته من عقاصها، فأتينا به رسول الله -صلى الله عليه وسلم - فإذا فيه: من حاطب بن أبي بلتعة إلى ناس بمكة من المشركين يخبرهم ببعض أمر رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "يا حاطب ما هذا؟" قال: يا رسول الله لا تعجل علي، إني كنت امرأ ملصقا في قريش، -يقول: كنت حليفا ولم أكن من أنفسها- وكان من معك من المهاجرين من لهم قرابات يحمون أهليهم وأموالهم، فأحببت إذ فاتني ذلك من النسب فيهم أن أتخذ عندهم يدا يحمون قرابتي، ولم أفعله ارتدادا عن ديني، ولا رضا بالكفر بعد الإسلام، فقال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أما إنه قد صدقكم" فقال عمر: يا رسول الله دعني أضرب عنق هذا المنافق؟ فقال: "إنه قد شهد بدرا، وما يدريك لعل الله اطلع على من شهد بدرا، فقال: اعملوا ما شئتم فقد وجبت لهم الجنة".
وفي رواية: "فقد غفرت، فأنزل الله تعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء)[الممتحنة: 1] [متفق عيه].
إن بدريته شفعت له رضي الله عنه وأرضاه، وإلا فذنبه كبير كبير، ومعذور بالجهل أن ذلك كبيرة بدليل نزول آية الممتحنة، وقد وصفه الله بالإيمان، فكان أي حاطب جاهلا بالحكم، ولو علم رضي الله عنه أن هذا كبيرة لما أقدم عليها؛ لأنه بدري، وأهل بدر ذوو منزلة عالية؛ كما جاء في حديث مُعَاذِ بْنِ رِفَاعَةَ بْنِ رَافِعٍ قَالَ: جَاءَ جِبْرِيلُ إِلَى النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم-، فَقَالَ: "مَا تَعُدُّونَ أَهْلَ بَدْرٍ فِيكُمْ؟" قَالَ: مِنْ أَفْضَلِ الْمُسْلِمِينَ أَوْ كَلِمَةً نَحْوَهَا، قَالَ: "وَكَذَلِكَ مَنْ شَهِدَ بَدْرًا مِنَ الْمَلائِكَةِ"[رواه البخاري].
فإذا كان حاطب -رضي الله عنه- قد شفع له صدقه وجهاده مع رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وقتاله ابتغاء مرضاة الله، فماذا سيشفع لهؤلاء؟.
قوم يسكنون بلدا وتجسسهم لغيره، يسكنوا بلدا ًوولاؤهم لغيره، يسكنون بلدا وحبهم لغير أهله، ماذا سنجني من ورائهم؟!
ولا أُخال هؤلاء من أهل السنة والجماعة، بل لربما كانوا من أهل الرفض والتشيع، هم ودولتهم دأبوا على بث الشرور والأحقاد، وإدارة العداء، بشتى صوره لهذه البلاد وأهلها.
مرة من الجانب الجنوبي، وآخر من الشرقي، ومرة ببث المجهولين جواسيس لهم من البر والبحر، ولكن: (وَيَمْكُرُونَ وَيَمْكُرُ اللّهُ وَاللّهُ خَيْرُ الْمَاكِرِينَ) [الأنفال: 30].
أين ضمائر هؤلاء؟ وهل ستستريح؟
إن من ظلم شخصا واحدا وجد مغبة الظلم، فكيف بغبن شعبا كاملا أم غبن أمة؟
هؤلاء جزاؤهم؛ كما قال الله: (إِنَّمَا جَزَاء الَّذِينَ يُحَارِبُونَ اللّهَ وَرَسُولَهُ وَيَسْعَوْنَ فِي الأَرْضِ فَسَادًا أَن يُقَتَّلُواْ أَوْ يُصَلَّبُواْ أَوْ تُقَطَّعَ أَيْدِيهِمْ وَأَرْجُلُهُم مِّنْ خِلافٍ أَوْ يُنفَوْاْ مِنَ الأَرْضِ ذَلِكَ لَهُمْ خِزْيٌ فِي الدُّنْيَا وَلَهُمْ فِي الآخِرَةِ عَذَابٌ عَظِيمٌ) [المائدة: 33].
بارك الله لي ولكم في القرآن...
الخطبة الثانية:
أمن هذه البلاد خط أحمر، لا يجوز اقترابه.
أمن هذه البلاد أمن لكل مسلم يخشى الله والدار الآخرة.
أمن هذه البلاد أمن للحجيج والمعتمرين، والركع السجود والطائفين.
أمن هذه البلاد أمن بلد نشأت فيه الرسالة، وأنزل فيه القرآن.
يا هؤلاء: ألأجل المال تبيعون ذمتكم؟ تبيعون بلدكم ألأجل المال تبيعون دينكم؟.
رسالة إلى كل مقيم في البلد، نعم إلى كل مقيم.
أيها المقيم: إن كانت قد فصلت بيننا حدود الدول فنحن أخوة في الإسلام، وأخوة الدين أعظم أخوة.
أيها المقيم: إن بلدا أكلت من رزقه، وسكنت في أرضه، واستظللت بظله، وعشت وافر أمنه، يجب أن تحافظ عليه، لا تخن بلدا سعدت فيه، وتنعمت فيه، فإن الله لا يحب الخائنين، قال تعالى: (وَلاَ تُجَادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتَانُونَ أَنفُسَهُمْ إِنَّ اللّهَ لاَ يُحِبُّ مَن كَانَ خَوَّانًا أَثِيمًا) [النساء: 107].
إن هذا البلد بلد لكل مؤمن، ففيه الحرمان الشريفان مهوى أفئدة المؤمنين، ومحل قبلة المسلمين، فكيف يخونه مواطن أو مقيم؟
من خانه إنما خان نفسه، إنما خان دينه، إنما خان رسوله، إنما خان الله.
لا تظهروا لله من الحق ما يرضى في العلن، ثم تخالفونه في السر، فإن ذلك هلاك لأماناتكم، وخيانة لأنفسكم: (لاَ تَخُونُواْ اللّهَ وَالرَّسُولَ وَتَخُونُواْ أَمَانَاتِكُمْ وَأَنتُمْ تَعْلَمُونَ) [الأنفال: 27].
وَفَيتُ بِأَدرُعِ الكِندِيِّ إِنّي *** إِذا ما خانَ أَقوامٌ وَفَيتُ
وَقالوا إِنَّهُ كَنزٌ رَغيبٌ *** فَلا وَاللَهِ أَغدِرُ ما مَشَيتُ
بَنى لي عادِيا حِصناً حَصيناً *** وَعَيناً كُلَّما شِئتُ اِستَقَيتُ
طِمِرّاً تَزلَقُ العِقبانُ عَنهُ *** إِذا ما نابَني ضَيمٌ أَبَيتُ
عباد الله: سؤال يطرح نفسه: لماذا أمننا مستهدف كل مرة؟ لماذا أمن بلادنا يراد ويراد؟ ماذا تريد هذه العُصابة؟ ماذا سيجنون من وراء هذا العداء وهذا التجسس؟
أم أنه: (حَسَدًا مِّنْ عِندِ أَنفُسِهِم)[البقرة: 109].
أيجنون أمولا ًليخلو أمنا؟! أيجنون أمولا ً ليهلكوا بلدا؟ً! أيجنون أمولا ليدمروا أقوماً؟! أيجنون أمولا لتدمير بلد؟! أين سيذهبون هم؟ أين ستذهب أموالهم؟ ماذا سيستفيد هؤلاء بعد ذهاب الأمن؟ وماذا يجنون؟
فمال بلا أمن لا فائدة فيه، وثراء بلا أمن لا نفع فيه.
تذكروا دولا كانت غنية وأموالها عالية المقدار، وبعد اختلال الأمن، وحروب الشوارع، وتأثر الحياة أصبحت أمولا لا قيمة لها، لا تسمن ولا تغني من جوع.
ماذا يستفيد أولئك؟ أيظنون أن الأعداء سيكون يوما أصدقاء؟ كلا، والله.
يا هؤلاء: إنما ينتظركم جزاء سنمار وَهُوَ رَجُلٌ رُومِيٌّ بَنَى الخَوَرْنَقَ للنُّعْمَانِ بنِ امْرِئِ القَيْسِ، فَلَمّا فَرَغَ مِنْهُ أَلْقَاهُ مِنْ أَعلاها: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ لاَ تَتَّخِذُواْ الْيَهُودَ وَالنَّصَارَى أَوْلِيَاء بَعْضُهُمْ أَوْلِيَاء بَعْضٍ)[المائدة: 51].
يا رب، ومن يفعل ذلك؟: (وَمَن يَتَوَلَّهُم مِّنكُمْ فَإِنَّهُ مِنْهُمْ) [المائدة: 51].
(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا عَدُوِّي وَعَدُوَّكُمْ أَوْلِيَاء تُلْقُونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَقَدْ كَفَرُوا بِمَا جَاءكُم مِّنَ الْحَقِّ يُخْرِجُونَ الرَّسُولَ وَإِيَّاكُمْ أَن تُؤْمِنُوا بِاللَّهِ رَبِّكُمْ إِن كُنتُمْ خَرَجْتُمْ جِهَادًا فِي سَبِيلِي وَابْتِغَاء مَرْضَاتِي تُسِرُّونَ إِلَيْهِم بِالْمَوَدَّةِ وَأَنَا أَعْلَمُ بِمَا أَخْفَيْتُمْ وَمَا أَعْلَنتُمْ وَمَن يَفْعَلْهُ مِنكُمْ فَقَدْ ضَلَّ سَوَاء السَّبِيلِ)[الممتحنة: 1].
جَزَانِي جَزَاهُ اللهُ شَرَّ جَزَائِهِ *** جَزَاءَ سِنِمَّارٍ وَمَا كَانَ ذَا ذَنْبِ
بَنَى ذَلِكَ البُنْيَانَ عِشْرِينَ حِجَّةً *** تعالى عَلَيْهِ بِالْقَرَامِيدِ والسَّكْبِ
فَلَمَّا انْتَهَى الْبُنْيَانُ يَوْمَ تَمَامِهِ *** وَصَارَ كَمِثْلِ الطَّوْدِ وَالْبَاذِخِ الصَّعْبِ
رَمَى بِسِنِمَّارٍ عَلَى أُمِّ رَأْسِهِ *** وَذَاكَ لعَمْرُ اللهِ مِنْ أعْظَمِ الْخَطْب.
فالله الله -يا عباد الله- فإن الله يمهل ولا يهمل: (وَلاَ يَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُواْ أَنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ خَيْرٌ لِّأَنفُسِهِمْ إِنَّمَا نُمْلِي لَهُمْ لِيَزْدَادُواْ إِثْمًا وَلَهْمُ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [آل عمران: 178].
لا تبع ذمتك ولو بكنوز الأرض، وأموال الخليقة.
فإن كل ذلك ممحوق، ثم النار وبئس القرار.
اللهم احفظ علينا ديننا وديارنا، وأمننا وألفتنا.
اللهم آمين آمين...
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم