الهمة العالية في طاعة الله

عبدالرحمن بن فهد الودعان

2022-10-11 - 1444/03/15
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ مشهد من السيرة يبين همة الصحابة العالية 2/ الفرق الكبير في الهمة بين الصحابة وقوم موسى عليه السلام 3/ الهمة العالية سمت المؤمن 4/ مقارنة بين المؤمنين من حيث علو الهمة وسفولها 5/ قوة المؤمن وهمته العالية في أمور دينه ودنياه

اقتباس

أين الذي يحافظ على صلاة الفجر كل يوم مع الجماعة مِن الذي لا يكاد يصليها أبدا حتى تطلع الشمس؟ أين الذي يحافظ على صلاة الجماعة كل فرض من الذي لا يكاد يعرف الطريق إلى المسجد؟ ولو كان شيئا من أمر الدنيا فيه ما فيه مضاعفة صلاة الجماعة لسعى إليه ولو مسافرا! ألا تراه في أمر الدنيا يسافر ويتغرب سنوات للحصول على ترقية يسيرة؟.

 

 

 

 

إنَّ الحمدَ لله نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ بالله من شُرورِ أنفُسِنا، ومن سيئات أعمالنا، مَنْ يَهده الله فلا مُضِلَّ له، ومَن يُضْلِلْ فلا هاديَ له. 

اللهمَّ ربنا لك الحمد، أنت قيِّمُ السماوات والأرض، ولك الحمد أنت ربُّ السماوات والأرض ومَن فيهنَّ، ولك الحمد أنت نورُ السماوات والأرض ومَن فيهنَّ، أنت الحقُّ، وقولُك الحقّ، ووعدُكَ الحق، ولقاؤك الحق، والجنة حق، والنار حق، والنَّبِيُّون حقّ، والساعة حق.

اللهم لك أسلمنا، وبك آمنا، وعليك توكلنا، وإليك أنبنا، وإليك خاصمنا، وبك حاكمنا، فاغفر لنا ما قدَّمْنا وما أخَّرْنا، وأسررنا وأعلنَّا، وما أنت أعلمُ به مِنَّا، لا إله إلا أنت، أنت المقدِّمُ، وأنت المؤخِّر، وأنت على كل شيء قدير.

وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد:

أيها المؤمنون: "أشيروا عليَّ أيها الناس... أشيروا عليَّ أيها الناس.... أشيروا عليَّ أيها الناس"، هكذا ارتفع صوته -صلى الله عليه وسلم- وهو يستشير أصحابه في أمرٍ عظيم، وذلك أنه [خرج النبيُّ -صلى الله عليه وسلم- للتعرض إلى قافلة أهل مكة مع أبي سفيان... ولما علم بخروج أهل مكة للدفاع عن أموالهم... ولم يكن خارجا لقتال أهل مكة، ولا مستعدا لهم، فشاور أصحابه -رضي الله عنهم- وكان غاية ما يريد أن يتكلم أهل المدينة؛ لأنهم لم يبايعوه على القتال خارج المدينة، إنما بايعوه على أن يمنعوه مما يمنعون منه نساءَهم].

فَتَكَلَّمَ أبو بَكْرٍ -رضي الله عنه- فَأَعْرَضَ عنه [النبي -صلى الله عليه وسلم-]، ثُمَّ تَكَلَّمَ عُمَرُ -رضي الله عنه- فَأَعْرَضَ عنه[النبي -صلى الله عليه وسلم-]، فَقَامَ سَعْدُ بن عُبَادَةَ -رضي الله عنه- فقال: إِيَّانَا تُرِيدُ يا رَسُولَ اللَّهِ، وَالَّذِي نَفْسِي بيده! لو أَمَرْتَنَا أَنْ نُخِيضَهَا الْبَحْرَ لأَخَضْنَاهَا، وَلَوْ أَمَرْتَنَا أَنْ نَضْرِبَ أَكْبَادَهَا إلى بَرْكِ الْغِمَادِ لَفَعَلْنَا. رواه مسلم.

وأَتَى الْمِقْدَادُ (بنُ عمرو أو ابن الأسود الكِنْدي) النبيَّ -صلى الله عليه وسلم- (يوم بَدْرٍ) (وهو يَدْعُو على الْمُشْرِكِينَ)، (وهو على فرس له) -وكان رَجُلاً فَارِساً- قال: فقال: أَبْشِرْ يا نبي اللَّهِ! والله لاَ نَقُولُ لك كما قالت بَنُو إِسْرَائِيلَ لِمُوسَى -صلى الله عليه وسلم-: (اذْهَبْ أنت وَرَبُّكَ فَقَاتِلاَ إِنَّا ههنا قَاعِدُونَ)، وَلَكِنْ (امْضِ وَنَحْنُ مَعَكَ)، والذي بَعَثَكَ بِالْحَقِّ لَنَكُونَنَّ بين يَدَيْكَ، وَعَنْ يَمِينِكَ، وَعَنْ شِمَالِكَ، وَمِنْ خَلْفِكَ، حتى يَفْتَحَ الله عَلَيْكَ (فَكَأَنَّهُ سُرِّيَ عن رسول اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم-)، قال ابن مسعود -رضي الله عنه-: فَرَأَيْتُ النبي -صلى الله عليه وسلم- أَشْرَقَ وَجْهُهُ وَسَرَّهُ قَوْلُهُ. رواه أحمد والبخاري.

عباد الله.. أيها المؤمنون: أين هذه الهمة العالية لأصحاب النبي -صلى الله عليه وسلم- مما ذكره الله تعالى عن بني إسرائيل حين أمرهم الله تعالى بدخول الأرض المقدسة؟ ولما كان هذا الدخول لا بد له من عمل وجهاد وقوة، فماذا قال القوم؟ (قَالُواْ يَا مُوسَى إِنَّا لَن نَّدْخُلَهَا أَبَداً مَّا دَامُواْ فِيهَا فَاذْهَبْ أَنتَ وَرَبُّكَ فَقَاتِلا إِنَّا هَاهُنَا قَاعِدُونَ) [المائدة:24].

ضعْفُ همة، وقلة أدب وحياء من الله ومن رسوله -صلى الله عليه وسلم- الذي أنقذهم الله به من الكفر ومن فرعون وجنوده، ورأوا قدرة الرب في ذلك، ولكنهم قوم ضعفاء، تعودوا الذل والمهانة، وكسالى لا يريدون أن يعملوا أي شيء للدين ورفعته، وهممهم دنيئة.

عباد الله: إنَّ المؤمن ينبغي أن يكون ذا همة عالية رفيعة تقوده إلى معالي الأمور، وتجنبه سفسافها، قال الله تعالى لنبيه يحي -عليه السلام-: (يَا يَحْيَا خُذِ الْكِتَابَ بِقُوَّةٍ) [مريم:12]، يعني خذ هذا الدين بجد وعزيمة من غير توان ولا تكاسل، وهو أمر لذوي الهمم العالية بالاستمساك بالكتاب علما وعملا.

إن هذا الدين عظيم، وهو يدعونا جميعا إلى الاستمساك به غاية الاستمساك، فلنستمع إلى الله جل شأنه وهو يقول :(فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الزخرف:43]، نعم، إنك على صراط مستقيم لا عوج فيه؛ فتمسَّكْ به.

أيها المؤمنون: يقول الله تعالى: (وَالَّذِينَ يُمَسَّكُونَ بِالْكِتَابِ وَأَقَامُواْ الصَّلاَةَ إِنَّا لاَ نُضِيعُ أَجْرَ الْمُصْلِحِينَ) [الأعراف:170]، فالذين يتمسكون بالقرآن من أعظم صفاتهم أنهم يقيمون الصلاة، وهم بعد ذلك قوم مُصلحون، لا مجرد قومٍ صالحين في أنفسهم بل يصلحون الآخرين بدعوتهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، وقد وعدهم الله تعالى بأنه سيجازيهم ولا يضيع أجرهم.

عباد الله: أين الذي يحافظ على صلاة الفجر كل يوم مع الجماعة مِن الذي لا يكاد يصليها أبدا حتى تطلع الشمس؟ أين الذي يحافظ على صلاة الجماعة كل فرض من الذي لا يكاد يعرف الطريق إلى المسجد؟ ولو كان شيئا من أمر الدنيا فيه ما فيه مضاعفة صلاة الجماعة لسعى إليه ولو مسافرا! ألا تراه في أمر الدنيا يسافر ويتغرب سنوات للحصول على ترقية يسيرة؟.

أين مَن يصلي دائما في الصف الأول لا تفوته تكبيرة الإحرام مِن الذي كل فرض تجده يأتي آخر الناس؟ ولربما إذا جاء مبكرا يوما صف في الصف المؤخر فخالف سنة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وشريعته؟ أين الذي يجاهد نفسه حتى يخشع في صلاته مِن الذي يدخل الصلاة ويخرج منها ولا يعي منها شيئا؟.

أين الذي يأتي كل جمعة مبكرا فيصف في الصف الأول مِن الذي لا يأتيها إلا في نهاية الخطبة الثانية، ولربما في الركعة الثانية، بل ربما في التشهد الأخير، فتكون قد فاتته صلاة الجمعة ويصليها ظهرا؟ إنه تفاوتٌ كبير، فأين أصحاب الهمم العالية الذين يشتاقون لما عند الله تعالى؟ كان سعيد بن عبد العزيز -رحمه الله- إذا فاتته الصلاة، يعني في الجماعة، أخذ بلحيته وبكى.

أيها المؤمنون: أين من يجتهد في ذكر الله تعالى بلسانه وقلبه وأعماله الصالحة: (الَّذِينَ يَذْكُرُونَ اللّهَ قِيَاماً وَقُعُوداً وَعَلَىَ جُنُوبِهِمْ وَيَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّمَاوَاتِ وَالأَرْضِ رَبَّنَا مَا خَلَقْتَ هَذا بَاطِلاً سُبْحَانَكَ فَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [آل عمران:191]، أين هؤلاء في الفضل وعلو الهمة ممن لا يذكرون الله إلا قليلا؟.

أيها المؤمنون: أين الذين يجتهدون في الدعوة إلى الله تعالى بأقوالهم وأفعالهم وكتاباتهم وأموالهم، بالكلمة الطيبة، والابتسامة الحسنة، وبذل الوقت والجهد، ممن لا يفكرون في الدعوة إلى الله تعالى، وكأنهم غير معنيين بها؟! بل ربما كانوا من قطاع الطريق الصادين عن الله تعالى بسوء أخلاقهم، وغِلظِ طباعهم، وفحشِ كلامهم!.

في رواندا يسلم أحد القساوسة المنصرين مقتنعا بهذا الدين فيتحول من داعية للكفر والنصرانية الباطلة إلى الدعوة إلى الإسلام، يصبح عالي الهمة في الدعوة في بلاده رواندا، فيصبح رئيس الدعاة فيها، حتى إنه لا يطيق أن يعيش يوما واحدا دون القيام بالدعوة إلى الله تعالى.

أصابته الحمى يوما من الأيام حتى أصبح طريح الفراش، لكنه لا يستطيع البقاء على فراشه لشدة رغبته في الدعوة إلى الله تعالى، فيطلب من زوجتيه أن تحملاه إلى باب المنزل، فحملتاه، وبدأ يحدث المارة ويدعوهم للإسلام، فأسلم في هذه الحالة جماعة منهم.

أيها المؤمنون: فلنستمع إلى ما يصف الله تعالى به عباده المؤمنين في علو همتهم في التقوى وطلبها: (وَالَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا هَبْ لَنَا مِنْ أَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّاتِنَا قُرَّةَ أَعْيُنٍ وَاجْعَلْنَا لِلْمُتَّقِينَ إِمَاماً) [الفرقان:74]، إنهم لم يطلبوا أن يكونوا متقين فحسب؛ بل سألوا الله -جل وعلا- أن يجعلهم أئمة للمتقين، فيالها من همة عالية!.

اللهم اجعلنا من أئمة المتقين، اللهم اجعلنا من أئمة المتقين، اللهم اجعلنا من أئمة المتقين. أقول ما تسمعون، وأستغفر الله لي ولكم ولجميع المسلمين من كل ذنب إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله وحده، والصلاة والسلام على من لا نبي بعده، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًّا عبده ورسوله، صلى الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليما كثيرا.

أما بعد: أيها المؤمنون: هذا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- يُثني على المؤمن القوي في إيمانه، المستمسك بدينه، فيحدِّثُ راويةُ الإسلام، وشيخ المحدِّثين، وحافظ حديث سيد الأنام، أبو هُرَيْرَةَ -رضي الله عنه-: أن النبي-صلى الله عليه وسلم- قال: "الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ، وَفِي كُلٍّ خَيْرٌ، احْرِصْ عَلَىَ مَا يَنْفَعُكَ وَاسْتَعِنْ بِاللّهِ، وَلاَ تَعْجِزْ، وَإِنْ أَصَابَكَ شَيْءٌ فَلاَ تَقُلْ: لَو أَنَّي فَعَلْتُ كَانَ كَذَا وَكَذَا، وَلَكِنْ قُلْ: قَدَرُ اللهِ وَمَا شَاءَ فَعَلَ، فَإِنَّ لَو تَفْتَحُ عَمَلَ الشَّيْطَانِ" رواه مسلم.

ينبغي أن يكونَ الْمُؤْمِنُ قَويًّا في كلِّ شيء من الخير والمعروف، ذا هِمَّةٍ عاليةٍ في أَمْرِ دِينِهِ ودُنياهُ؛ لأن عمومَ الحديثِ يَشملَ ذلكَ كلَّه؛ ومن القوة: أنْ يَكونَ قَوِيًّا في توحيدِهِ، فيعبد الله وحدَهُ لا شريكَ له، ويدعوه وحدَهُ، ويستغيثُ به، ويتوكلُ عليه في أمورِهِ كلِّها، ويدعو إلى التوحيدِ وينْشُرُهُ، ويتجنبُ الشِّركَ صغيرَهُ وكبيرَهُ، فلا يعبدُ غيرَ الله، ولا يستغيثُ بغيرِهِ ولا يدعوه، ولا يرائي المخلوقينَ.

"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، ومن القوة أنْ يَكونَ قَوِيًّا فِي عبادَتِهِ، فهو قويٌّ في صَلاتِه فلا يفرِّط فيها أبدًا، يَحرصُ على أدائِها في بيوتِ الله تعالى، ويحرصُ على إتمامِهَا بالنوافِلِ التي تُكَمِّل ما قد ينقصُ منها، قَويٌّ في أداءِ ما أوجبَ الله عليهِ مِن الزَّكاةِ؛ فلا يَنْقُصُ منها شيئًا، ولا يُؤَخِّرَها عن وقتِهَا، ويؤدِّيها إلى مُستحِقِّيهَا، ويكمِّلُ ذلكَ بالصدقةِ الْمُستَحَبَّةِ، وهكذا في صيامِهِ وحَجِّه وبِرِّهِ بوالِدَيْهِ، وغيرِ ذلكَ.

"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، ومن القوة أنْ يَكونَ قَوِيًّا فِي الدعوةِ إلى الله تعالى وتبليغِ هذا الدَّينِ، والأمرِ بالمعروفِ والنهيِ عن المنكرِ، فلا يليقُ بالمسلمِ أنْ يكون سلبيًّا تُجاهَ تبليغِ هذا الدِّينِ، وكلُّ مسلمِ عليهِ مسؤوليةٌ تُجاه تبليغِ دِينِ الله تعالى بحسبِ ما عندهُ مِن العِلمِ، ولا يخلو مسلمٌ مِن عِلْمٍ ولو يسير؛ فليبلِّغْهُ لمن جهِلَهُ، ولِمَنْ تَرَكَ العملَ بِهِ، مسلمًا كانَ أمْ كافِرًا كلٌّ بِحَسَبِهِ.

"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، ومن القوة أنْ يَكونَ قَوِيًّا فِي تركِ كلِّ ما نهى الله تعالى عنه ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- مِن الشركِ بأنواعِهِ، والمعاصي الكبيرة والصغيرة، والأكملُ أن يتجنبَ أيضًا جميعَ المكروهاتِ، لدخولها فيما نهى الله عنه ورسولُه -صلى الله عليه وسلم- .

"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، ومن القوة أنْ يَكونَ قَوِيًّا فِي سلوكِهِ وأخلاقِهِ وتعامُلِهِ معَ الناسِ، فيكونُ ليِّنَ الطبعِ خَلوقًا بَشوشًا، يعينُ من يستطيعُ إعانَتَهُ بقولِهِ أو فِعلِهِ أو جَاهِهِ، مُعْرِضًا عن الجاهلين، صابرًا متحمِّلاً للأذى، حليمًا على مَن أخطأَ بحقِّهِ، متجنِّبًا للغضبِ وأسبابِهِ، وإذا غضِبَ كظمَ غيظه، وتجنَّبَ الانسياقَ وراءَهُ بِفعلِ مَا يُذَمُّ عليهِ.

"الْمُؤْمِنُ الْقَوِيُّ خَيْرٌ وَأَحَبُّ إِلَىَ اللهِ مِنَ الْمُؤْمِنِ الضَّعِيفِ"، ومن القوة أنْ يَكونَ قَوِيًّا في عَمَلِهِ في دُنياهُ، ومعنى ذلك: أنْ يُحسِنَ فيهِ نِيَّتَهُ لِربِّه -جَلَّ وعلا-، فينوي كَسْبَ الرِّزقِ الْحَلالِ، ونَفْعَ إخوانِهِ الْمسلمينَ، ومساعدةَ الْمُحتاجينَ، ويؤدِّي عَمَلَهُ بأمَانةٍ وصِدقٍ، ويُتْقِنُهُ عَلَى الغَايةِ التي يستطيعُهَا.

وبما تقدَّم كلِّه يكونُ الْمُؤْمِنُ قَويًّا فيمَا بينه وبينَ الله، وفيمَا بينَهُ وبينَ الناسِ، فَيَتَحَقَّقُ فيهِ وصفُ الْمُؤْمِنِ القَويِّ مِن جَميعِ جوانِبِهِ.

عباد الله: إن هذا الدين عظيم، والواجب علينا التمسك به غاية التمسك، ولقد أمر النبي -صلى الله عليه وسلم- المؤمنين أن يشدوا على هذا الدين أشد التمسك، فرَوَى العرباض بن سارية -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "عليكم بسنتي، وسنة الخلفاء الراشدين بعدي، تمسَّكوا بها وعَضُّوا عليها بالنواجذ" رواه أبو داود، (فَاسْتَمْسِكْ بِالَّذِي أُوحِيَ إِلَيْكَ إِنَّكَ عَلَى صِرَاطٍ مُّسْتَقِيمٍ) [الزخرف:43]

اللهم اغفر لنا وارحمنا ...

 

 

 

 

 

 

 

المرفقات

العالية في طاعة الله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات