النصارى وعام 2000م

ناصر بن محمد الأحمد

2015-03-31 - 1436/06/11
عناصر الخطبة
1/اهتمام العالم بدخول القرن الحادي والعشرين 2/تغيير النصارى دين عيسى -عليه السلام- إلى الكفر 3/تحريف النصارى لدين عيسى -عليه السلام- وبعض عقائدهم الفاسدة وتناقضاتهم 4/أسئلة يصعب على النصارى الإجابة عنها

اقتباس

بعث الله عبده ورسوله وكلمته المسيح ابن مريم، فجدد للنصارى الدين بعدما حُرّف، وبين لهم معالمه ودعاهم إلى عبادة الله وحده، والتبري من تلك الآراء الباطلة، فعادوه النصارى وكذبوه، ورموه وأمه بالعظائم، وراموا قتله، فنجاه الله منهم، ورفعه إليه فلم يصلوا إليه بسوء، وأقام الله -تعالى- للمسيح أنصاراً دعوا إلى دينه وشريعته، حتى...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله، نحمده ونستعينه ونستغفره، ونعوذ ...

 

أما بعد:

 

ستحتفل أمة النصارى هذه الليلة بعيد رأس السنة الميلادية، وسيكون لهذا العيد مذاق خاص عندهم؛ لأنه يوافق حد زعمهم نهاية الألفية الثانية.

 

وقد سبق أن تحدثنا في عدد من الخطب عن هذه المناسبة، وعن بعدها الديني والسياسي لدى كل من اليهود والنصارى، وذُكر بأنه عيد شركي باطل، ووُضّح حكم مشاركة المسلم لهذه الاحتفالات بأي نوع من أنواع المشاركة، وأنه حرام، ولا يجوز إضافة إلى ما يترتب على ذلك من تنازلات عقديه تمس معتقد المسلم.

 

وفي معظم أنحاء العالم سعت كثير من الدول لإعداد احتفالات صاخبة لهذه المناسبة، ونُصبت الساعات الرقمية في أماكن بارزة ومرتفعة للعد التنازلي باليوم والساعة والدقيقة ليوافق منتصف الليل في الحادي والثلاثين من ديسمبر " عام 99م" لتبدأ الدقيقة الأولى من العام الجديد "2000م".

 

والمقصود أن العالم كله هذه الليلة إلا من رحم ربي سيكونون في حنّة ورنّة لهذه الألفية ما بين استعداد محموم للاحتفال، وما بين تخوف من علّتها الحاسوبية، والتي أقضّت مضاجع الحاسوبيين بأسرهم ومن وراءهم ممن يتوكلون على الأسباب، وينسون رب الأرباب، ومسبب الأسباب سبحانه وتعالى.

 

وهذا العيد وهذه الاحتفالات مع كونها تقوم على أسس باطلة شركية، فسيكون فيه من المنكرات والفواحش وشرب الخمر والزنا ما الله به عليم.

 

أيها المسلمون: من المسلمات أن ما كان أساسه باطل منحرف، فهو باطل منحرف.

 

فما هو دين النصارى الحالي الذي يعتقدون؟ وبماذا يؤمنون؟

 

سأذكر لكم في هذه العجالة طرفاً من دين النصارى لندرك بطلان وكفر هذا العيد، وهذه الاحتفالات؛ لأنه يقوم على معتقد شركي باطل..

 

بعث الله عبده ورسوله وكلمته المسيح ابن مريم، فجدد للنصارى الدين بعدما حُرّف، وبين لهم معالمه ودعاهم إلى عبادة الله وحده، والتبري من تلك الآراء الباطلة، فعادوه النصارى وكذبوه، ورموه وأمه بالعظائم، وراموا قتله، فنجاه الله منهم، ورفعه إليه فلم يصلوا إليه بسوء، وأقام الله -تعالى- للمسيح أنصاراً دعوا إلى دينه وشريعته، حتى ظهر دينه على من خالفه، ودخل فيه الملوك، وانتشرت دعوته، واستقام الأمر على السداد بعده نحو ثلاثمائة سنة، ثم أخذ دين المسيح في التبديل والتغيير، حتى تناسخ واضمحل، ولم يبق بأيدي النصارى منه شيء، بل ركّبوا ديناً من المسيحية ودين الفلاسفة عباد الأصنام، وراموا بذلك أن يتلطفوا للأمم، حتى يُدخلوهم في النصرانية.

 

ومع هذا التغيير الذي حصل في دين النصرانية الصحيح الذي أنزله الله بقي مع أمة النصارى بقايا من دين المسيح كالختان والاغتسال من الجنابة، وتعظيم السبت، وتحريم الخنزير، وتحريم ما حرمته التوراة، ثم تناسخت الشريعة إلى أن استحلوا الخنزير، وأحلوا السبت، وعوضوا عنه يوم الأحد، وتركوا الختان والاغتسال، وكان المسيح يصلي إلى بيت المقدس، فصلوا هم إلى المشرق، ولم يعظم المسيح -عليه السلام- صليباً قط، فعظموا هم الصليب وعبدوه، فغير بذلك النصارى دينهم وبدلوه، وأدخلوا في معتقداته أشياء وأمور فاسدة، وألزموا كل نصراني أن يعتقدها، من ذلك:

 

أن الله نزل من العرش عن كرسي عظمته، ودخل في فرج امرأة، وأقام هناك تسعة أشهر، يتخبط بين البول والدم والأذى، وقد علته أطباق المشيمة والرحم والبطن، ثم خرج من حيث دخل رضيعاً صغيراً يمص الثدي، ولُفّ في القمص، وأودع السرير يبكي ويجوع ويعطش ويبول ويتغوط، ويُحمل على الأيدي، ثم صار إلى أن لطمت اليهود خديه، وربطوا يديه، وبصقوا في وجهه، وصفعوا قفاه، وصلبوه وألبسوه إكليلاً من الشوك، وسمّروا يديه ورجليه، وجرّعوه أعظم الآلام هذا هو الإله الذي يعبده النصارى -سبحانه وتعالى عما يقوله النصارى الضالون علواً كبيراً-.

 

ولعمر الله إن هذه مسبة لله -سبحانه وتعالى- ما سبه أحد من البشر قبلهم ولا بعدهم: (تَكَادُ السَّمَاوَاتُ يَتَفَطَّرْنَ مِنْهُ وَتَنشَقُّ الْأَرْضُ وَتَخِرُّ الْجِبَالُ هَدًّا)[مريم: 90].

 

روى البخاري في صحيحه عن أبي هريرة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "قال الله -تعالى-: "شتمني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، وكذّبني ابن آدم وما ينبغي له ذلك، أما شتمه إياي فقوله: اتخذ الله ولداً، وأنا الأحد الصمد الذي لم ألد ولم أولد، ولم يكن لي كفواً أحد، وأما تكذيبه إيّاي فقوله: لن يعيدني كما بدأني، وليس أول الخلق بأهون عليّ من إعادته".

 

قال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- في النصارى: "أهينوهم ولا تظلموهم، فلقد سبوا الله -عز وجل- مسبة ما سبه إياها أحد من البشر".

 

وأما اعتقاد النصارى في الأنبياء، فإنهم يعتقدون أن أرواح الأنبياء كانت في الجحيم في سجن إبليس من عهد آدم إلى زمن المسيح، فكان إبراهيم وموسى ونوح وصالح وهود معذبين مسجونين في النار بسبب خطيئة آدم -عليه السلام-، وأكله من الشجرة، وكان كلما مات واحد من بني آدم أخذه إبليس وسجنه في النار بذنب أبيه.

 

ومن المتناقضات: أن النصارى أنفسهم متفرقون في اعتقاداتهم، وليسوا على دين واحد، فلو سألت أهل البيت الواحد عن ربهم لأجابك الرجل بجواب، وامرأته بجواب، وابنه بجواب، والخادم بجواب، فما ظنك بمن في عصرنا هذا وهم نخالة الماضين، وزبالة الغابرين، ونفاية المتحيرين، إنه لمن العجب أنك تجد بعض النصارى قد بلغ في العلوم الدنيوية حداً عظيماً فقد يكون من كبار الأطباء أو المهندسين أو مستشاراً أو خبيراً، وقد جمع من العلوم والشهادات كل مجمع، ولو سألته عن ربه واعتقاده لوجدته أجهل من حمار أهله، فتتعجب ممن هذا عقله كيف لا يتأمل في دينه أو يفكر في معتقده؟! وكيف يمكن أن يقبل بأن ربه الذي يعبده قد دخل في فرج امرأة بعد ما كان في السماء ثم ولد من جديد فأي عقول هذه؟!

 

المصيبة أن هذه العقول هي التي تمسك بسياسات العالم اليوم، وأن من يحمل هذه الاعتقادات الممجوجة هم الذين يوجهون الدول في الغالب، وهم الذين يديرون الدفة وقراراتهم هي التي تنفذ وخططهم هو الذي يطبق.

 

لا نقاش بأن هذه العقول بهذه التصورات الحقيرة، والاعتقادات الباطلة غير مؤهلة، لكي تقود نفسها فضلاً عن أن تقود غيرها، وما نكد البشرية وشقائها اليوم إلا لتغلب أمثال هذه العقول على الأمور لسبب أو لآخر.

 

نعم، إذا غاب الإسلام الحقيقي عن الساحة، فلا عجب ولا غرابة أن يحل محله نفايات الأذهان، وخرافات العقول، وزبالات الأفكار.

 

إذا تخلى المسلمون عن دورهم في نشر العقيدة الصحيحة الصافية في كل الأرض، فمن الطبيعي أن يحل محله العقائد الباطلة، إلى أن يقيض الله لهذه الأمة من يعيد لها مكانتها، وقيادتها للبشرية.

 

وهذا حاصل -بإذن الله- فإن المستقبل لهذا الدين، والمستقبل للإسلام كما أخبرنا بذلك الصادق المصدوق -صلى الله عليه وسلم- في غير ما حديث: "ليبلغن هذا الأمر ما بلغ الليل والنهار، ولا يترك الله بيت مدر ولا وبر إلا أدخله الله هذا الدين، بعز عزيز، وذل ذليل، عزاً يعز الله به الإسلام وأهله، وذلاً يذل الله به الكفر وأهله".

 

وفي صحيح مسلم يقول صلى الله عليه وسلم: "إن الله زوى لي الأرض فرأيت مشارقها ومغاربها، وإن أمتي سيبلغ ملكها ما زوي لي منها".

 

قال الله -تعالى-: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ)[الصف: 9].

 

تبشرنا هذه الآية بأن المستقبل للإسلام بسيطرته وظهوره وحكمه على الأديان كلها، وقد يظن بعض الناس أن ذلك قد تحقق في عهده صلى الله عليه وسلم، وعهد خلفائه الراشدين، والملوك الصالحين، وليس الأمر كذلك، فالذي تحقق إنما هو جزء من هذا الوعد الصادق، كما أشار إلى ذلك النبي -صلى الله عليه وسلم- بقوله فيما رواه مسلم في صحيحه: "لا يذهب الليل والنهار، حتى تعبد اللات والعزى" فقالت عائشة -رضي الله عنها-: يا رسول الله إن كنت لأظن حين أنزل الله: (هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدَى وَدِينِ الْحَقِّ لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ وَلَوْ كَرِهَ الْمُشْرِكُونَ) [الصف: 9].

 

أن ذلك تاماً، فقال صلى الله عليه وسلم: "إنه سيكون من ذلك ما شاء الله".

 

فالجولة الأخيرة سيكون للإسلام وأهله -بإذن الله عز وجل-.

 

أيها المسلمون: هذا طرف مما تعتقد الأمة النصرانية اليوم، وعلى هذا المعتقد وغيره سيحتفلون هذه الليلة -أخزاهم الله-.

 

وإننا في هذه الأيام المباركة من أيام رمضان، بل وفي أفضل لياليه وهي ليالي العشر، فإنني أذكر نفسي وأذكر إخواني: بأن لا ننشغل بهذه التفاهات كما انشغل به غيرنا، وأنا لا نضيع دقيقة من الليل في متابعة هذه الأحداث التي لا تهمنا لا من قريب ولا بعيد، فنحن في أيام فاضلة وإضاعتها في غير تكثيف العبادة سفه وخسران.

 

نفعني الله وإياكم بهدي كتابه، واتباع سنة نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم-.

 

أقول هذا القول، وأستغفر الله ...

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله ...

 

أما بعد:

 

قال ابن القيم -رحمه الله- وهو يحاور النصارى ويناقشهم في اعتقادهم في الله -عز وجل-، ويوجه لهم بعض الأسئلة التي لا يمكن لهم الإجابة عنها إلا بالتخلي عن اعتقادهم، فيقول رحمه الله:

 

أعباد المسيح لنا سؤال *** نريد جوابه ممن وعاهُ

إذا مات الإله بصنع قوم *** أماتوه فما هذا الإلهُ ؟

وهل أرضاه ما نالوه منه ؟ *** فبشراهم إذا نالوا رضاهُ

وإن سخط الذي فعلوه فيه *** فقوتهم إذاً اوهت قواهُ

وهل بقي الوجود بلا إله *** سميع يستجيب لمن دعاهُ ؟

وهل خلت الطباق السبع لما *** ثوى تحت التراب وقد علاهُ ؟

وهل خلت العوالم من إله *** يدبرها وقد سمرت يداهُ ؟

وكيف تخلت الأملاك عنه *** بنصرهم وقد سمعوا بكاهُ ؟

وكيف أطاقت الخشبات حمل *** الــ إله الحق شد على قفاهُ ؟

وكيف دنا الحديد إليه *** حتى يخالطه ويلحقه أذاهُ ؟!

وكيف تمكنت أيدي عداه *** وطالت حيث قد صفعوا قفاهُ ؟!

وهل عاد المسيح إلى حياة *** أم المحيي له رب سواهُ ؟

ويا عجباً لقبر ضم رباً *** وأعجب منه بطن قد حواهُ ؟

أقام هناك تسعاً من شهور *** لدى الظلمات من حيض غذاهُ ؟

وشق الفرج مولوداً صغيراً *** ضعيفاً فاتحاً للثدي فاهُ ؟

ويأكل ثم يشرب ثم يأتي *** بلازم ذاك هل هذا إلهُ ؟

تعالى الله عن إفك النصارى *** سُيسأل كلهم عما افتراهُ

أعباد الصليب لأي معنى *** يعظم أو يقبح من رماهُ ؟

وهل تقضي العقول بغير كسر *** وإحراق له ولمن بغاهُ ؟

إذا ركب الإله عليه كرهاً *** وقد شدت لتسمير يداه

فذاك المركب الملعون حقاً *** فدسه لا تبسه إذ تراهُ ؟

يُهان عليه رب الخلق طراً *** وتعبده فإنك من عداهُ

فإن عظمته من أجل أن قد *** حوى رب العباد وقد علاهُ

وقد فقد الصليب فإن رأينا *** له شكلاً تذكرنا سناهُ

فهلاَّ للقبر سجدت طراً *** لضم القبر ربك في حشاهُ ؟

فيا عبد المسيح أفق فهذا *** بدايته وهذا منتهاهُ

 

اللهم تقبل منا رمضان كله، صلاته وصيامه وقيامه وزكاته، وسائر أعماله.

 

اللهم أغثنا ...

 

اللهم انصر المجاهدين في الشيشان ...

 

اللهم ...

 

اللهم عليك بالروس الكفرة ومن شايعهم من اليهود والنصارى وغيرهم.

 

اللهم احصهم عدداً، واهلكهم بدداً، ولا تغادر يا رب منهم أحداً.

 

اللهم العن اليهود والنصارى، فإنهم حرفوا دينك، وآذوا عبادك المستضعفين في فلسطين وغيره.

 

اللهم طهر المسجد الأقصى من دنس اليهود والنصارى يا رب العالمين.

 

 

المرفقات

وعام 2000م

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات