النسك وواجباته

الشيخ د علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل

2024-06-07 - 1445/12/01 2024-06-10 - 1445/12/04
التصنيفات: الحج
عناصر الخطبة
1/وفود الحجيج 2/أقسام أنساك الحج 3/أركان الحج والعمرة 4/واجبات الحج 5/مواقيت الحج الزمانية والمكانية 6/وجوب تعلم أركان الحج والعمرة.

اقتباس

أركان الحج والعمرة وواجبات الحج، يجب تعلمها والعمل بها لمن وفقه الله -جَلَّ وَعَلا- لأداء هذا النسك... والحج له أربعة أركان: إحرامٌ، وطوافٌ وهو طواف الزيارة، وطواف الحج، والسعي سعي الحج، وقبل ذلك الوقوف بعرفة.

الخطبةُ الأولَى:

 

الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ وَنَسْتَهْدِيه، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ شهادةً نرجو بها النجاة والفلاح يوم لقاه، وأشهد أن نبينا محمدًا عبده ورسوله ومصطفاه صَلَّى اللهُ عَلَيهِ، وعلى آله، وأصحابه، ومن سلف من إخوانه من المرسلين، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم إلى يوم الدين، وسلّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: عباد الله: فأوصيكم ونفسي بتقوى الله، فاتقوا الله حق التقوى، واستمسكوا من دينكم الإسلام بالعروة الوثقى؛ فإن أجسادنا على النار لا تقوى؛ (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المؤمنون: بعد هذه الأزمات جاء هذا الانفتاح والخير الكثير، وها هي وفودُ الرحمن -جَلَّ وَعَلا- تستقبل وتيمم تجاه بيته العتيق، مجيبين نداء إبراهيم الخليل لما أمره الله -جَلَّ وَعَلا- بعد فراغه من بناء الكعبة أن يؤذن في الناس بالحج، قال إبراهيم: يا ربي، وأين يبلغ صوتي؟ قال: "عليك الأذان وعلينا البلاغ".

 

(وَأَذِّنْ فِي النَّاسِ بِالْحَجِّ يَأْتُوكَ رِجَالاً)[الحج: 27]؛ أي ماشين على أرجلهم، (وَعَلَى كُلِّ ضَامِرٍ يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ* لِيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ)[الحج: 27- 28].

 

والحج -يا عباد الله- أنساكه ثلاثة:

فأفضلها التمتع؛ وهو أن يحرم بالعمرة أولاً فإذا فرغ منها أحرم يوم الثامن يوم التروية بالحج.

ثم بعد ذلك القران؛ وهو أن يحرم بالحج والعمرة بإحرامٍ واحدٍ قارنًا بينهما.

ثم بعد ذلك الإفراد وهو أن يحرم بالحج وحده.

 

والعمرة لها ثلاثة أركان: إحرامٌ، وطوافٌ، وسعي.

 

والحج له أربعة أركان: إحرامٌ، وطوافٌ وهو طواف الزيارة، وطواف الحج، والسعي سعي الحج، وقبل ذلك الوقوف بعرفة.

 

أما واجبات الحج -يا عباد الله- فهي سبعةٌ في قول جماهير العلماء:

 فأولها: إحرامٌ من الميقات، والحج له ميقاتان، ميقاتٌ زماني وأنتم في أشهر الحج؛ وهي شوال وذو القعدة وعشرٌ من ذي الحجة، فإذا طلع فجر يوم النحر انتهى ميقات الحج الزماني بفوات يوم عرفة.

 

وميقاته المكاني وهي المواقيت التي حددها النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وهي على جهة التفصيل سبعة مواقيت؛ ميقات المدينة ذو الحليفة لمن جاء من المدينة وجهتها، وميقات أهل الشام الجُحفة، وميقات أهل اليمن يلملم لمن جاء من جهتها ومن جاء من جهة اليمن، وميقات أهل نجد قرن المنازل وهو المسمى الآن بالسيل الكبير وأعلاه وادي محرم من جهة الهدى، وميقات أهل العراق ذات عِرق، وميقات من كان دون المواقيت فمن حيث أنشأ، سابعًا: حتى أهل مكة يحرمون بالحج من بيوتهم.

 

الواجب الثاني من واجبات الحج -يا عباد الله- الوقوف بعرفة إتمامًا له إلى غروب الشمس، الركن مجرد الوقوف، وإتمام الوقوف إلى غروب الشمس فيجمع في وقوفه بين الليل والنهار، هذا واجبٌ من واجبات نسك الحج.

 

الواجب الثالث: المبيت بالمزدلفة، ورُخِّص للضعفة والعجزة ومن كان معهم من الصغار والمرافقين والسائقين أن يدفعوا من المزدلفة بعد نصف الليل، أو بعد هزيعٍ من الليل.

 

 الواجب الرابع: رمي الجمار، وأولها رمي جمرة العقبة يوم النحر يوم عيد الأضحى.

الواجب الخامس: الحلق أو التقصير، ولا يجوز في حق النساء الحلق، وإنما الحلق هو الأفضل والأكمل في حق الرجال، أما النساء فيكتفين بالتقصير، فتأخذ من شعرها قدر أنملة.

 

 الواجب السادس: المبيت بمنى ليالي أيام التشريق، وأقلها ليلتان؛ ليلة الحادي عشر وليلة الثاني عشر، وأكملها ثلاث ليالي، كما قال -جَلَّ وَعَلا-: (وَاذْكُرُوا اللَّهَ فِي أَيَّامٍ مَعْدُودَاتٍ فَمَنْ تَعَجَّلَ فِي يَوْمَينِ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ وَمَنْ تَأَخَّرَ فَلَا إِثْمَ عَلَيهِ لِمَنِ اتَّقَى وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ إِلَيهِ تُحْشَرُونَ)[البقرة: 203].

 

 نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه كان غفارًا.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسانه، والشكر له عَلَى توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشأنه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، ذلكم المبعوث إلى خلقه برضوانه صلى الله عليه، وعلى آله وأصحابه، ومن سلف من إخوانه، وسار على نهجهم واقتفى أثرهم وأحبهم وذبَّ عنهم إلى يوم رضوانه، وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد؛ عباد الله: إن الواجب السابع من واجبات الحج: طواف الوداع؛ وهو واجبٌ على غير أهل مكة، ومن كان دون مكة مسافة قصر؛ لما في الصحيحين من حديث ابن عباسٍ -رَضي الله تعالى عَنْهُما- أنه الناس كانوا ينفرون في كل وجه، فأُمروا أن يكون آخر عهدهم بالبيت الطواف، إلا أنه خُفِّف عن المرأة الحائض.

 

وفي الصحيحين أيضًا من حديث عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها- أن النبي -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- دخل على نسائه ليلة المحصَّب وهي ليلة الرابع عشر، فوجد امرأته صفية أم المؤمنين -رَضِيَ اللهُ عَنْهُن أجمعين- وجدها حائضًا، فقال: "عقرى حلقى، أحابستنا هي؟".

 

ظن -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- أنها لم تطف طواف الإفاضة، فقالت عائشة -رَضِيَ اللهُ عَنْها-: إنها قد أفاضت يا رسول الله؛ أي طافت طواف الإفاضة لكنها لم تطف للوداع، قال -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "فلتنفر إذًا"، دل على أن طواف الوداع واجبٌ من الواجبات لكنه رُخِّص عن المرأة الحائض والنفساء، حال عذرهما بالحيض أو النفاس.

 

هذه -يا عباد الله- أركان الحج والعمرة وواجبات الحج، يجب تعلمها والعمل بها لمن وفقه الله -جَلَّ وَعَلا- لأداء هذا النسك.

 

ثُمَّ اعلموا -عباد الله- أنَّ أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار، ولا يأكل الذئب إِلَّا من الغنم القاصية.

 

 اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ وَعَلَى آلِ مُحَمَّدٍ، كَمَا صَلَّيتَ عَلَى إِبْرَاهِيمَ، وَعَلَى آلِ إِبْرَاهِيمَ، فِي العَالَمِينَ، إِنَّكَ حَمِيدٌ مَجِيدٌ، اللَّهُمَّ وارضَ عن الأربعة الخلفاء، وعن المهاجرين والأنصار، وعن التابع لهم بإحسانٍ إِلَى يَومِ الدِّينِ، وعنَّا معهم بمنِّك ورحمتك يا أرحم الراحمين.

 

اللَّهُمَّ عِزًّا تعزّ به الإسلام وأهله، وذِلاً تذلّ به الكفر وأهله، اللَّهُمَّ أبرِم لهذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام، اللهم ادفع عنا الغلاء، والوباء، والزنا، والزلازل والمحن، وسوء الفتن ما ظهر منها وما بطن عن بلدنا هذا خاصة، وعن بلاد المسلمين عامة، يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللَّهُمَّ آمنَّا والمسلمين في أوطاننا، اللَّهُمَّ آمنَّا والمسلمين في أوطاننا، اللَّهُمَّ أصلح أئمتنا وولاة أمورنا، اللَّهُمَّ اجعل ولاياتنا والمسلمين فيمن خافك واتقاك يا رب العالمين، اللَّهُمَّ وفِّق ولي أمرنا بتوفيقك، اللَّهُمَّ خُذ بناصيته للبر وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ اجعله رحمةً عَلَى أوليائك، واجعله سخطًا ومقتًا عَلَى أعدائك يا ذا الجلال والإكرام، اللَّهُمَّ انصر به دينك، اللَّهُمَّ ارفع به كلمتك، اللَّهُمَّ اجعله إمامًا للمسلمين أَجْمَعِينَ يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللَّهُمَّ أنت الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا، اللَّهُمَّ أغثنا غيثًا مغيثًا، هنيئًا مريئًا، سحًّا طبقًا مجللاً، اللَّهُمَّ سُقيا رحمة، اللَّهُمَّ سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ، ولا هدمٍ، ولا غرقٍ، ولا نَصَبٍ، اللَّهُمَّ أغث بلادنا بالأمطار والأمن والخيرات، وأغث قلوبنا بمخافتك وتعظيمك وتوحيدك يا ذا الجلال والإكرام.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

عباد الله: إنَّ الله يأمر بالعدل والإحسان وإيتاء ذي القربى، وينهى عن الفحشاء والمنكر والبغي، يعظكم لعلكم تذكّرون، اذكروا الله يذكركم، واشكروه عَلَى نعمه يزدكم، ولذكر اللَّه أَكْبَر، والله يعلم ما تصنعون.

 

المرفقات

النسك وواجباته.doc

النسك وواجباته.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات