المنافقون وخطرهم على الإسلام وأهله

عبدالله بن حسن القعود

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: التربية
عناصر الخطبة
1/ أخطر البشرية على وجه الأرض 2/ من صفات المنافقين 3/ وجوب الحذر منهم

اقتباس

لقد مني الإسلام منذ طلوع فجره وقيام دولته في المدينة المنورة بعدو خطر لدود، خطورته وعداوته لا تشبهها أي خطورة أو عداوة في الدنيا -ألا وهم المنافقون الذين يكمنون بين صفوف المسلمين متسترين بدعوى الإسلام، وهم أخطر على الإسلام وأهل الإسلام من اليهود والنصارى والصائبين والمجوس والمشركين؛ لأنهم لا مؤمنون حقاً فيؤمنون، ولا كفار ظاهراً فيحذرون ..

 

 

 

 

أيها الأخوة المؤمنون: لقد مني الإسلام منذ طلوع فجره وقيام دولته في المدينة المنورة بعدو خطر لدود، خطورته وعداوته لا تشبهها أي خطورة أو عداوة في الدنيا -ألا وهم المنافقون الذين يكمنون بين صفوف المسلمين متسترين بدعوى الإسلام، وهم أخطر على الإسلام وأهل الإسلام من اليهود والنصارى والصائبين والمجوس والمشركين؛ لأنهم لا مؤمنون حقاً فيؤمنون، ولا كفار ظاهراً فيحذرون، مذبذبين بين ذلك، لا إلى هؤلاء ولا إلى هؤلاء.

ولقد حذر القرآن الكريم منهم كثيراً، حذر أفراد المسلمين والجماعة المسلمة، حذر الأفراد أن يتصفوا بصفاتهم بمثل قوله: (إِنَّ الْمُنَافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ وَلَنْ تَجِدَ لَهُمْ نَصِيرا) [النساء:145].

وحذر الجماعة المسلمة من ائتمانهم والانخداع بهم بخطابه لنبيه ولمن قام بأمره من بعده من أئمة المسلمين بمثل قوله: (فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون: 4] وأبان أعمالهم وصفاتهم وما سيلقونه في الدنيا والآخرة بياناً واضحاً يكشف أعمالهم في الدنيا للمؤمن الذي ينظر بنور الله، كما تكشف المرآة ما قابلها.

وخذوا مثلاً قول الله فيهم في سورة البقرة: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَبِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَمَا هُمْ بِمُؤْمِنِينَ * يُخَادِعُونَ اللَّهَ وَالَّذِينَ آمَنُوا وَمَا يَخْدَعُونَ إِلَّا أَنْفُسَهُمْ وَمَا يَشْعُرُونَ * فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ فَزَادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً وَلَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ بِمَا كَانُوا يَكْذِبُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قَالُوا إِنَّمَا نَحْنُ مُصْلِحُونَ * أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَلَكِنْ لا يَشْعُرُونَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَمَا آمَنَ النَّاسُ قَالُوا أَنُؤْمِنُ كَمَا آمَنَ السُّفَهَاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهَاءُ وَلَكِنْ لا يَعْلَمُونَ * وَإِذَا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قَالُوا آمَنَّا وَإِذَا خَلَوْا إِلَى شَيَاطِينِهِمْ قَالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّمَا نَحْنُ مُسْتَهْزِئُونَ * اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَيَمُدُّهُمْ فِي طُغْيَانِهِمْ يَعْمَهُونَ * أُولَئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدَى فَمَا رَبِحَتْ تِجَارَتُهُمْ وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ) [البقرة:8-16]

وقوله: (إِذَا جَاءَكَ الْمُنَافِقُونَ قَالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَاللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَكَاذِبُونَ * اتَّخَذُوا أَيْمَانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ سَاءَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [المنافقون:1-2]، وقوله في سورة التوبة: (وَمَا مَنَعَهُمْ أَنْ تُقْبَلَ مِنْهُمْ نَفَقَاتُهُمْ إِلَّا أَنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَبِرَسُولِهِ وَلا يَأْتُونَ الصَّلاةَ إِلَّا وَهُمْ كُسَالَى وَلا يُنْفِقُونَ إِلَّا وَهُمْ كَارِهُونَ) [التوبة:54]

وقوله مما يفضحهم، ويجعلهم يترقبون الفضيحة تلو الفضيحة: (يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ) [المنافقون:4]، وغير ذلكم مما يجعل المؤمن من أمرهم في حيطة وحذر، ويقف معهم في حياته موقف القرآن الكريم: (وَلا تُصَلِّ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ مَاتَ أَبَداً وَلا تَقُمْ عَلَى قَبْرِهِ إِنَّهُمْ كَفَرُوا بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ وَمَاتُوا وَهُمْ فَاسِقُونَ * وَلا تُعْجِبْكَ أَمْوَالُهُمْ وَأَوْلادُهُمْ إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ أَنْ يُعَذِّبَهُمْ بِهَا فِي الدُّنْيَا وَتَزْهَقَ أَنْفُسُهُمْ وَهُمْ كَافِرُونَ) [التوبة:84-85]

لا أن يأمنهم ويركن ويطمئن إليهم، ويتخذ منهم سريرة أو رؤساء، فيشاركهم في نفاقهم العملي، ويتيح لهم الفرصة للإفساد في الأرض، فهم ممن قال الله فيهم: (وَمِنَ النَّاسِ مَنْ يُعْجِبُكَ قَوْلُهُ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا وَيُشْهِدُ اللَّهَ عَلَى مَا فِي قَلْبِهِ وَهُوَ أَلَدُّ الْخِصَامِ * وَإِذَا تَوَلَّى سَعَى فِي الْأَرْضِ لِيُفْسِدَ فِيهَا وَيُهْلِكَ الْحَرْثَ وَالنَّسْلَ وَاللَّهُ لا يُحِبُّ الْفَسَادَ * وَإِذَا قِيلَ لَهُ اتَّقِ اللَّهَ أَخَذَتْهُ الْعِزَّةُ بِالْأِثْمِ فَحَسْبُهُ جَهَنَّمُ وَلَبِئْسَ الْمِهَادُ) [البقرة:204-206].

فاتّقوا الله -عباد الله-، وانهجوا في حياتكم مع أنفسكم وأعدائكم نهج القرآن الكريم، فبذلك عزتكم في الدنيا وسعادتكم في الآخرة، إن في ذلك لذكرى لمن كان له قلب أو ألقى السمع وهو شهيد (إِنَّ هَذِهِ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شَاءَ اتَّخَذَ إِلَى رَبِّهِ سَبِيلاً) [المزمل:19].

وأستغفر الله لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنب، فاستغفروه إنه هو الغفور الرحيم.
 

  

 

 

المرفقات

وخطرهم على الإسلام وأهله

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات