عناصر الخطبة
1/أوامر نافعة بالأخلاق الصالحة 2/بيان مكانة الأخلاق في الإسلام 3/توضيح معنى الحياء وآثاره الطيبة 4/وصايا للأخت المسلمة الحيية 5/التحذير من سوء الخلق 6/على المسلم أن يراجع حال خلقه ومعاملتهاقتباس
ما أحوجَنا ونحن نسير على طريق الدعوة إلى الله، أن نُراجِع أنفسَنا وسلوكَنا في مجتمعنا، وأن نتدبَّر حالةَ أخلاقنا، ونعلمَ أنَّ العبادةَ بلا أخلاقٍ تبقى جسدًا بلا روح، ولا خيرَ في إنسان عابد سيئ الأخلاق، كما أنَّه لا خيرَ في إنسان حسن الأخلاق سيئ العبادة، بل الخيرُ كلُّ الخير في اجتماعهما...
الخطبة الأولى:
الحمدُ للهِ الذي أمَر بالمكارم والفضائل، ووعَد عليها بالثواب والغفران، ونهَى عن الفواحش والرذائل، وأوعَد عليها بالوبال والخسران، أحمدُه -تعالى- وأشكرُه، وأستعينُ به وأستغفرُه، وأومن به وأتوكَّل عليه في كلِّ حينٍ وآنٍ، مَنْ يهدِ اللهُ فهو المهتدِي، ومَنْ يُضلِلْ فلا منقذَ له من العذاب والهوان، وأشهد ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهدُ أنَّ سيدَنا ونبيَّنا محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه السادات الأعيان، والتابعينَ ومَنْ تَبِعَهم إلى يوم الدين بإحسان، مَنْ يُطِعِ اللهَ ورسولَه فقد سَعِدَ وأصابَ، ومَنْ يعصِ اللهَ ورسولَه فقد خَسِرَ وخاب.
أما بعدُ: فاتقوا الله -تعالى- في السر والإعلان، وأجِيبُوه في جميع الأوقات والأحيان، واحفظوه فيما عزَّ قدرُه أو هان، وتمسَّكوا بما شرَعَه لكم في بيانه وتبيينه؛ و(لَا تَغُرَّنَّكُمُ الْحَيَاةُ الدُّنْيَا وَلَا يَغُرَّنَّكُمْ بِاللَّهِ الْغَرُورُ)[لُقْمَانَ: 33]، وتذكَّروا نعمةَ اللهِ عليكم؛ فقد فسَح في آجالِكم، لتُصلِحُوا ما فسَد فيما مضى من أعمالكم.
ثبَت عن رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلم- أنَّه قال لأبي ذر -رضي الله عنه-: "اتَّقِ اللهَ حيثُ كنتَ، وأَتبِعِ السيئةَ الحسنةَ تَمحُهَا وخالِقِ الناسَ بخُلُق حسن"(رواه أحمد والترمذي)، وقال عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- يُخاطِب نفسَه: "واللهِ يا ابنَ الخطابِ لتتقينَّ اللهَ أو ليعذبَنَّكَ"، وقال مالكٌ -رحمه الله-: بلغني أن عمر بن الخطاب كان يقول: "كرم المؤمن تقواه، ودِينه حسَبُه، ومروءته خُلُقه".
أيها المسلمون: إن الإسلام دين خُلُقي رفيع، دعا إلى التحلي بالفضائل، والتخلي عن الرذائل، وحضَّ على مكارم الأخلاق، وحميد الصفات، ومحاسن الشمائل، وقد بيَّن رسولُ الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا- الغايةَ من بعثته، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "إنما بُعِثتُ لأتممَ صالحَ الأعمال"(رواه أحمد) والبيهقي واللفظ لهما)؛ أي: أُرْسِلْتُ للخلْق "لأُكمِّلَ ما انتقَصَ من الأخلاق الحَسنة، وأساسها توحيد الله -عز وجل- والإخلاص له -سبحانه وتعالى- في عبادته، وترك الإشراك به، ثم يلي ذلك الصلواتُ الخمسُ؛ فهي أعظم الأخلاق وأهمُّها بعد التوحيد وتَرْك الإشراك بالله، وتليهما الأفعالُ المُستحسَنةُ الَّتي جبَلَ اللهُ عليها عِبادَه؛ مِن الوفاءِ والمُروءةِ، والحياءِ والعِفَّةِ، فيَجعَلُ حَسَنَها أحسَنَ، ويُضيِّقُ على سيِّئِها ويَمنَعُها، وَيُؤَكِّدُ هَذَا مَا رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَنْ أُمِّ سَلَمَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهَا-: أَنَّ جَعْفَرَ بْنَ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- لَمَّا هَاجَرَ إِلَى الْحَبَشَةِ سَأَلَهُ النَّجَاشِيُّ عَنْ حَقيقَةِ هَذَا الدِّينِ فَأَجَابَهُ قَائِلًا: "أيها الْمَلِكُ، لَقَدْ كُنَّا قَوْمًا أَهْلَ جَاهِلِيَّةِ، نَعْبُدُ الْأَصْنَامَ، وَنَأْكُلُ الْمَيْتَةَ، وَنَأْتِي الْفَوَاحِشَ، وَنَقْطَعُ الْأَرْحَامَ، وَنُسِيءُ الْجِوَارَ، وَيَأْكُلُ الْقَوِيُّ مِنَّا الضَّعِيفَ، وَكُنَّا عَلَى ذَلِكَ، حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ -تَعَالَى- إِلَيْنَا رَسُولًا مِنَّا نَعْرِفُ نَسَبَهُ وَصِدْقَهُ، وَأَمَانَتَهُ وَعَفَافَهُ، فَدَعَانَا إِلَى اللَّهِ -تَعَالَى- لِنُوَحِّدَهُ وَنَعْبُدَهُ، وَنَخْلَعَ مَا كُنَّا نَعْبُدُ نَحْنُ وَآبَاؤُنَا مِنْ دُونِهِ مِنَ الْحِجَارَةِ وَالْأَوْثَان، وَأَمَرَنَا بِصِدْقِ الْحَدِيثِ، وَأَدَاءِ الْأَمَانَةِ، وَصِلَةِ الرَّحِمِ، وَحُسْنِ الْجِوَار، وَالْكَفِّ عَنِ الْمَحَارِمِ وَالدِّمَاءِ، وَنَهَانَا عَنِ الْفُحْشِ، وَقَوْلِ الزُّورِ وَأَكُلِ مَالِ الْيَتِيمِ، وَقَذْفِ الْمُحْصَنَةِ...." الحديثَ، لَقَدْ لَخَّصَ الدِّينَ كُلَّهُ في هَذِهِ الْجُمْلَةِ الَّتِي عُنْوَانُهَا الْكَبِيرُ: (مَكَارِمُ الْأَخْلَاقِ)، وَقَدْ تَلَخَّصَ الدِّينُ كُلُّهُ في صَفْوَةِ الْخَلْقِ مُحَمَّد صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا، الذِي أَثْنَى عَلَيْهِ رَبُّهُ بِأَرْقَى وَأَجْمَلِ مَا فِيهِ فَقَالَ: (وَإِنَّكَ لَعَلَى خُلُقٍ عَظِيمٍ)[الْقَلَمِ: 4]، صلَّى اللهُ وسلَّم وبارَك على نبينا وحبيبنا محمد وعلى آله وصحبه وسلَّم تسليمًا.
فالأخلاق الفاضلة الحسنة، والشمائل الطيبة الكريمة، والصفات الحميدة الرفيعة، هي من قواعد الدين وأصوله الثابتة الراسخة، بل إنَّ الخُلُق الحَسَن أساس العقيدة الإسلاميَّة، وثمرة التهذيب والتقويم، وأية قيمة لعقيدة وعمل لا يصحبهما خُلُق كريم فاضل، يقود صاحبَه إلى العفة والحكمة، وشرَف النفس وعُلوّ الهمة، ويردُّه عن مَواطِن السوء، ورذائل الطبع، ويَحُول بينَه وبينَ ما يُفسِد المروءة، ويَثلَم الشرفَ، ويمسّ حرمةَ العقيدة والدين، عن النواس بن سمعان -رضي الله عنه- قال: أَقَمْتُ مع رَسُولِ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم بالمَدِينَةِ سَنَةً ما يَمْنَعُنِي مِنَ الهِجْرَةِ إلَّا المَسْأَلَةُ، كانَ أَحَدُنَا إذَا هَاجَرَ لَمْ يَسْأَلْ رَسُولَ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم عن شيءٍ، قالَ: فَسَأَلْتُهُ عَنِ البِرِّ وَالإِثْمِ، فَقالَ رَسُولُ اللهِ صلَّى اللهُ عليه وسلَّم: "البِرُّ حُسْنُ الخُلُقِ، وَالإِثْمُ ما حَاكَ في نَفْسِكَ، وَكَرِهْتَ أَنْ يَطَّلِعَ عليه النَّاسُ"(رواه مسلم).
والبِرُّ هو الإحسانُ إلى الناس، والتقرُّب إلى الله -تعالى-، ولا يتمُّ ذلك إلا بحُسن الخُلُق، والإثمُ صفاتٌ قبيحةٌ وأفعالٌ شنيعةٌ، يَحرِصُ المرءُ على سِترِها، ويكرَهُ أن يطلعَ الناسُ عليها؛ فهي تُؤثِّر وتَرسَخ في الصدر، وتتحدَّث بها النفوس، ويوسوس بها الشيطانُ ويترجمها الفعلُ إلى جرائم وآثام.
فحريٌّ بكَ -أيها المسلم- أن تكون أخلاقُكَ حسنةً فاضلةً كريمةً، تتعفَّف عن الأذى والعُدوان، وتَصبِرُ على قسوة الناس وسوء معاملتهم، وتتقبَّل -برحابة صدر- كلَّ ما يَصدُر عنهم من أخطاء وأحقاد، فتَكظِم الغيظَ، وتعفو عن الهفوة، وتغفِر الزلةَ، وتُقِيل العثرةَ، وتَقبَل العذرَ، وتَصفَح الصفحَ الجميلَ، ويكون إخوانكَ المسلمون في سلامة من أذَى لسانِكَ، وأَمْنٍ من عُدوانِ يدِكَ.
عبادَ اللهِ: إن الخلق العظيم مبدأ عظيم من مبادئ الهداية والإصلاح بين الناس، ويندرج تحته سائر الفضائل الخلقية، والمكارم النفسية؛ من عفةٍ وأمانةٍ ووفاءٍ وصدقٍ وكرمٍ وحياءٍ، وشجاعةٍ وتراحُمٍ وإخاءٍ.
وإنَّ الحياء -يا عباد الله- أفضلُ الخُلُق الحَسَن؛ فهو رأس الفضائل، والباعث على الخير والإيمان، وقد دلَّت النصوصُ الشرعيةُ على التحلي بالإيمان والحياء، والابتعاد عن البَذاء وسيِّئ الأخلاق، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا-: "الحياءُ مِنَ الإيمانِ، والإيمانُ في الجنَّةِ، والبَذاءُ منَ الجفاءِ، والجفاءُ في النَّارِ"(أخرجه الترمذي وأحمد وابن حبان).
والحياء هو انقباضُ النفسِ عن القبيحِ، والتعفُّفُ عمَّا لا يحلُّ ولا يجوز، وهو من خصائص الإنسان المميِّزة له عن بهائم الحيوان، ومن أَولَى الناس بالحياء أخذًا به وتمسُّكًا المرأة المسلمة؛ فالحياءُ تاجُ المرأة المسلمة، وحصنُها المنيعُ، وسياجُها المتينُ.
أيتها المسلمة: إنَّ لكِ فيمَنْ سبَق أسوةً حسنةً، وسلفًا صالحًا، فهذه أمُّ المؤمنينَ عائشةُ -رضي الله عنها-، زوجُ رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قالت: كنتُ أَدخُل بيتي الذي دُفن فيه رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وأبي فأضع ثوبي، وأقول: إنما هو زوجي وأبي، فلمَّا دُفن عمرُ -رضي الله عنه- معهما، فواللهِ ما دخلتُه إلا وأنا مشدودةٌ عليَّ ثيابي، حياءً من عمر -رضي الله عنه-".
فها هي -رضي الله عنها- تشدُّ عليها ثيابَها لَمَّا دُفن عمرُ في بيتها مع رسول الله -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا- وأبي بكر، مع أنَّه كان مَيتًا -رضي الله تعالى عنهم- وأرضاهم، وعلى المرء المسلم أن يأمُرَ أهلَه بالحياء والحجاب، والعفاف والستر، ويُحبِّب هذه الأخلاقَ الحسنةَ إليهم بالحسنى والمعروف؛ لينال الرضا والثوابَ من الله -عز وجل-؛ فكلُّكم راعٍ، وكلُّكم مسؤولٌ عن رعيته.
أيها المسلمون: لقد رغَّب الإسلامُ في الخُلُق الحَسَن، وهو بَسطُ الوجهِ وطلاقتُه، واستقامةُ اللسانِ ونظافتُه، واجتنابُ المحارم، وإتيانُ المكارم، وسعةُ الصدر، وقوةُ الاحتمال والصبر، وجعَلَه عنوانَ الكمال، ورمزَ الخير والبِر، وأساسُ التعامُل بينَ الناس، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا-: "إنكم لا تَسَعُونَ الناسَ بأموالكم، ولكِنْ لِيَسَعَهُم منكم بسطُ الوجهِ، وحُسنُ الخُلُقِ"(أخرجه الطبراني والحاكم والبيهقي).
وفي هذا الزمان ساءت أخلاقُ الكثيرِ من الناس، وعمَّ الشقاقُ والنفاقُ، واستفحلت الشرورُ والآثامُ، وكَثُرَ الفحشُ والبذاءُ، وضَعُفَ الإيمانُ والحياءُ، وتعامَل الناسُ بالغدر والخيانة والدهاء، إلا من رحم ربُّكَ، كما انقطعت حبال التراحم والإخاء، وفسدَتِ العلائقُ الزوجيةُ، والروابطُ العائليةُ، بسبب سوء الأخلاق وفساد التربية، وانحطاط النفوس إلى دَرَكِ المادةِ والشهواتِ.
إنَّ سوءَ الخلق -يا عباد الله- شرٌّ ذميمٌ، وأقبحُ النقائصِ على الإطلاق؛ فهو بلاءٌ مستطيرٌ على المجتمع والناس، وشؤمٌ محقَّقٌ في الحياة؛ فهو يُحبِطُ الأعمالَ، ويجرُّ إلى الآثام، ويقضي على صفات النُّبل والمروءة والكرم، ويُسرِع بصاحبه إلى الغضب والحماقة، ويدفع به إلى الأذى والعدوان؛ فعلى الإنسان أن يتخلَّق بالأخلاق الموجِبة للشرف والسيادة، ويعتني بطلب المكارم، ويسعى لنَيْل المعالي من الأمور، بهمة وعزيمة وإيمان، وأَنْ يُروِّض نفسَه على تحسين خُلُقه، وصقل طبعه وتزكية نفسه وضميره، قال -صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا-: "إنَّ مِن أحَبِّكُم إليَّ، وأقْرَبِكُمْ مِنّي مَجلِسًا يَوْمَ القيامَةِ، أحاسِنُكُم أَخْلَاقًا، وإنَّ أبَغْضَكُم إليَّ، وأبْعَدَكُم مِنّي يومَ القيامَةِ، الثَّرْثارونَ، والمُتشدِّقونَ والمُتفَيْهِقونَ"(أخرجه الترمذي في سننه).
فاتقوا الله -أيها المسلمون-، وتحلَّوْا بمكارم الأخلاق، وتجنبوا رذائلها؛ فإنكم إن فعلتُم ذلك هُدِيتُم إلى سُنَّة نبيكم، ونلتُم سعادةَ الدنيا والآخرة، وفَّقَني اللهُ وإيَّاكم لمكارم الأخلاق، ومحاسن الأعمال، ورَزَقَنا وإيَّاكم الصدقَ في الأقوال والأعمال، وجنَّبَنا مُنكَرات الأخلاق والأعمال، والأهواء والأدواء، واستغفِر اللهَ العظيمَ لي ولكم، ولسائر المسلمين، من كل ذنب فاستغفِروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا كثيرًا طيِّبًا مباركًا فيه، كما يحب ربنا ويرضى، وأشهدُ ألَّا إلهَ إلَّا اللهُ وحدَه لا شريكَ له، وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه، صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا كثيرًا.
أما بعدُ: فاتقوا الله -تبارك وتعالى- حقَّ التقوى، واستمسِكوا من الإسلام بالعروة الوثقى، واعلموا أنَّه من أخلاق المتقين العظيمة التوبة والاستغفار من جميع الذنوب والمعاصي، قال تعالى: (وَالَّذِينَ إِذَا فَعَلُوا فَاحِشَةً أَوْ ظَلَمُوا أَنْفُسَهُمْ ذَكَرُوا اللَّهَ فَاسْتَغْفَرُوا لِذُنُوبِهِمْ وَمَنْ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ إِلَّا اللَّهُ وَلَمْ يُصِرُّوا عَلَى مَا فَعَلُوا وَهُمْ يَعْلَمُونَ * أُولَئِكَ جَزَاؤُهُمْ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَجَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَنِعْمَ أَجْرُ الْعَامِلِينَ)[آلِ عِمْرَانَ: 135-136].
أيها المسلمون: ما أحوجَنا ونحن نسير على طريق الدعوة إلى الله، أن نُراجِع أنفسَنا وسلوكَنا في مجتمعنا، وأن نتدبَّر حالةَ أخلاقنا، ونعلمَ أنَّ العبادةَ بلا أخلاقٍ تبقى جسدًا بلا روح، ولا خيرَ في إنسان عابد سيئ الأخلاق، كما أنَّه لا خيرَ في إنسان حسن الأخلاق سيئ العبادة، بل الخيرُ كلُّ الخير في اجتماعهما؛ فاتقوا الله -أيها المسلمون- واجمعوا بينَ حُسن العبادة وحُسن الخلاق تَسعَدُوا وتفوزوا في الدنيا والآخرة.
وأكثِرُوا من الصلاة والسلام على ملاذ الورى في الموقف العظيم يومَ القيامة، نبيِّنا وشفيعِنا محمدٍ صلى الله عليه وعلى آله وسلَّم تسليمًا، وارضَ اللهمَّ عن الخلفاء الراشدين، وعن سائر الصحب أجمعين، وعن التابعينَ لهم بإحسان إلى يوم الدين، اللهمَّ انفَعْنا بمحبتهم، واحشرنا يا مولانا في زمرتهم، ولا تُخالِفْ بنا عن سنتهم وطريقتهم يا أكرم الأكرمين.
اللهمَّ أيِّد الإسلام والمسلمين، وأَعْلِ بفضلك كلمةَ الحق والدين، ووفِّق وسدد إمامَنا ووليَّ أمرنا خادم الحرمين الشريفين الملك سلمان بن عبد العزيز وانصره وأَعِنْهُ، اللهمَّ بعزتك وقدرتك أَعِنْهُ على أمور الرعية، وأعلِ به رايةَ الإسلام والمسلمين، وأيِّدْه بعضده وولي عهده، صاحب السمو الملكي الأمير محمد بن سلمان بن عبد العزيز -حفظه الله-.
وفِّق جميعَ ولاة أمور المسلمين لما فيه صلاح البلاد والعباد لأوطانهم، وأَسبِلِ اللهمَّ ستركَ على بلادنا وعلى جميع بلاد المسلمين، اللهمَّ انصر إخواننا المؤمنين في كل مكان، على أعداء كلمة الحق والدين، واجمع يا مولانا كلمةَ المسلمين، وألِّفْ بينَ قلوبِهم على الحق وإخماد الكفر والباطل، وانصر المؤمنين بمنِّكَ وفضلكَ يا قويُّ يا عزيزُ.
ربنا تقبل منا إنك أنت السميع العليم، وتُب علينا إنكَ أنتَ التواب الرحيم؛ (سُبْحَانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ * وَسَلَامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ * وَالْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ)[الصَّافَّاتِ: 180-182].
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم