عناصر الخطبة
1/ عِظَم حق الرجل على امرأته 2/ صفات المرأة التي لا ينساها الرجل 3/ خديجة بنت خويلد رضي الله عنها أنموذجاً 4/ أمثلة لنساء عظيماتاقتباس
هذه هي صفاتُ المرأةِ التي لا ينساها الرَّجُلُ أبدًا، ما اجتمعت هذه الصّفاتُ في امرأةٍ إلاَّ خيّرَها اللهُ تعالى بين أبوابِ الجنَّةِ الثمانِية، تدخُلُ من أيِّها شاءَت، كما قال النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-: "المرأَةُ إذا صلّت خمسَهَا، وصامَت شهرَهَا، وأحصنَت فرجَها، وأطاعت بعلَهَا؛ فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت" مشكاة المصابيح.
ثم أما بعد: أيها الإخوةُ في الله: عن أنس بن مالك -رضي الله عنه- عن النبي -صلى الله عليه وسلم- قال: "لَا يَصْلُحُ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ، وَلَوْ صَلَحَ لِبَشَرٍ أَنْ يَسْجُدَ لِبَشَرٍ لَأَمَرْتُ الْمَرْأَةَ أَنْ تَسْجُدَ لِزَوْجِهَا مِنْ عِظَمِ حَقِّهِ عَلَيْهَا، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لا تؤدِّي المرأةُ حقَّ ربَّهَا حتى تؤدِّيَ حقَّ زوجِهَا كلَّهُ، ولا تجد امرأةٌ حلاوَةَ الإيمان حتى تؤدي حق زوجها ، وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ! لَوْ كَانَ مِنْ قَدَمِهِ إِلَى مَفْرِقِ رَأْسِهِ قُرْحَةً تَنْبَجِسُ بِالْقَيْحِ وَالصَّدِيدِ ثُمَّ أقبَلَت تلحَسُهُ مَا أَدَّتْ حَقَّهُ" صححه الألباني.
أيها الإخوةُ في الله: هذه هي صفاتُ المرأةِ التي لا ينساها الرَّجُلُ أبدًا، ما اجتمعت هذه الصّفاتُ في امرأةٍ إلاَّ خيّرَها اللهُ تعالى بين أبوابِ الجنَّةِ الثمانِية، تدخُلُ من أيِّها شاءَت، كما قال النبيُّ-صلى الله عليه وسلم-: "المرأَةُ إذا صلّت خمسَهَا، وصامَت شهرَهَا، وأحصنَت فرجَها، وأطاعت بعلَهَا؛ فلتدخل من أي أبواب الجنة شاءت" مشكاة المصابيح.
عرفَ التاريخُ -معشر المؤمنين- نساءً انطبقت عليهِنّ هذه الصّفات، فَهِمنَ تلكَ الكلمات، فألقينَ التّمَرات، وعَامَلنَ الأزواجَ بما أوجبَ اللهُ وألزَم، إيمانًا واحتسابًا، لوجهِ اللهِ لا لوجهِ أحد، فَنِلنَ الكرامَةَ في الدنيا، وحُسنَ الذِّكرِ والأجرِ في الآخرة.
من هؤلاءِ النّسوةِ وعلى رأسِهِنَّ أمُّ المؤمنين خديجةُ بنتُ خويلدٍ، رضي الله عنها وأرضَاها.
خديجةُ، وما أدراكَ ما خديجة! وأين نساءُ العالمَين من خديجةَ وصفاتِها؟! امرأةٌ أكبَرُ من زوجِها بخمسةَ عشرَ عاما، وتزوّجت قبلَهُ رَجُلين، فلم يكُن سِرُّ تميُّزِها وتبشيرِها بالجنَّةِ جَمَالاً ولا مالاً ولا صِغَر سِن؛ إنَّما هيَ البراهينُ العمليّةُ في معاملةِ الزوجِ ومودَّتِهِ وحُسنِ القيامِ به.
خديجةُ، وما أدراكَ ما خديجة ! امرأةٌ عاقلةٌ رشيدةٌ جليلة دَيّنَة، جمالُها يُميّزُهُ نورُ الطهارة، وبهَاءُ الطاعَة، وجلالُ الحِكْمَةِ التي زيَّنَت العقل؛ وهذه هي الصّفاتُ التي جعلت سيّد البشرية يُدِيمُ ذِكرَهَا، ويخفق قلبه لسَمَاعِ صوتٍ شبيهٍ بصوتها.
عن عائشة قالت:كان النبي-صلى الله عليه وسلم- إذا ذكر خديجة أثنى عليها فأحسن الثناء، قالت: فاستأذَنَت عليه يومًا هالةُ بنتُ خويلد أختُ خديجة، فعرفَ استئذانَ خديجة، فارتاحَ لذلك، فقال: "اللهمَّ هالةُ بنتُ خويلد!" قال الإمام النووي- رحمه الله -: " أي: هشَّ لمجيئها، وسُرَّ لذلك لتذكُّرِهِ بها خديجة وأيامها".
خديجةُ -رضي الله عنها- امرأةٌ سادت نفسها بالفضائل، لا بالنَّسَبِ والقبائِل، فلم يَغُرَّهَا مالُهَا وغِنَاهَا، بل أخلصت في منحِ قلبِهَا وفِكرِهَا ومالِها ومواساتِها لزوجِهَا ورفِيقِ دربِهَا، امرأةٌ عَرَفت من الحُبِّ أصفَاهُ وأعلاه بالبُرهان، فملأت حياةَ النبيّ-صلى الله عليه وسلم- بالمودَّةِ والحنان، والمواساةِ والإكرام، وأشعرته بالقوة والامتنان، أحوجَ ما كانَ إلى القُوَّةِ والدّعم.
اسمع إليها وهي تقول وتشهَد: "كلا والله لا يخزيك الله أبدا! إنك لَتَصِلُ الرَّحِم، وتَصْدُقُ الحديث، وتحمِل الكَلّ، وتُكْسِبُ المعدُوم، وتُقْرِي الضيف، وتعين على نوائِبِ الحق" متفق عليه.
عن عائشة -رضي الله عنها-: " ما غِرْتُ على أحدٍ من نساءِ النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- ما غِرْتُ على خدِيجةَ، وما رأيتها، ولكِن كانَ النبيُّ-صلى الله عليه وسلم- يُكْثِرُ ذِكرَهَا، وربَّمَا ذبَحَ الشّاةَ ثمّ يقطِّعُهَا أعضاءَ، ثم يبعثُهَا في صَدَائِقِ خديجةَ، فرُبَّما قلتُ له: كأنَّهُ لم يكن في الدُّنيا امرأةٌ إلاَّ خديجة! فيقُولُ: "إنّي قد رُزِقتُ حُبَّها، إنها كانَت، وكانَت، وكان لي منها ولد" رواه مسلم.
وكما في المسنَد عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: " كَانَ رَسُولُ اللَّهِ -صلى الله عليه وسلم- لا يَكَادُ يَخْرُجُ مِنَ الْبَيْتِ حَتَّى يَذْكُرَ خَدِيجَةَ فَيُحْسِنُ الثَّنَاءَ عَلَيْهَا، فَذَكَرَهَا يَوْمًا مِنَ الأَيَّامِ فَأَدْرَكَتْنِي الْغَيْرَةُ، فَقُلْتُ: هَلْ كَانَتْ إِلا عَجُوزًا! فَقَدْ أَبْدَلَكَ اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا؟ فَغَضِبَ حَتَّى اهْتَزَّ مُقَدَّمُ شَعْرِهِ مِنَ الْغَضَبِ، ثُمَّ قَالَ: "لا وَاللَّهِ! مَا أَبْدَلَنِي اللَّهُ خَيْرًا مِنْهَا، آمَنَتْ بِي إِذْ كَفَرَ النَّاسُ، وَصَدَّقَتْنِي إِذْ كَذَّبَنِي النَّاسُ، وَوَاسَتْنِي فِي مَالِهَا إِذْ حَرَمَنِي النَّاسُ، وَرَزَقَنِي اللَّهُ مِنْهَا الولد". قَالَتْ عَائِشَةُ: فَقُلْتُ فِي نَفْسِي: لا أَذْكُرُهَا بِسَيِّئَةٍ أَبَدًا".
وصدق من قال:
ولو كان النساءُ كَمَنْ ذَكَرْنَا ** لفُضِّلَتِ النِّسَاءُ علَى الرِّجَالِ
فما التأنيثُ لاسمِ الشمسِ عَيْبٌ *** ولا التذكيرُ فَخْرٌ للهلال
نسأل الله التوفيق إلى ما يحب ويرضى.
أقول قولي هذا وأستغفر الله العظيم لي ولكم؛ إنه هو الغفور الرحيم.
الخطبة الثانية:
أيها الإخوة في الله: أعظِم بمِثل هؤلاءِ الزوجاتِ في الدنيا والآخرة !.
عَبَّاسَةُ بِنْتُ الفَضْل، زوجَةُ أحمد بن حنبل-رضي الله عنه-، لما ماتت قال عنها: أقامت أم صالح معي ثلاثين سنة ما اختلفت أنا وهى في كلمة.
تُرَى؛ ما السّرُّ في هذه الشهادَةِ وهذا التذكُّر؟!.
زوجةُ شُريحٍ القاضي -رحمه الله- قال عنها زوجُها شُريح: مَكَثَت معي أمُّ الفضل عشرينَ عامًا لم أرَ ما يُغضِبُني منها، ولم أعقّب عليها في شيء، إلاَّ مرَّة، وكنتُ لها ظالمًا.
تُرَى؛ ما السّرُّ في هذه الشهادَةِ وهذا التذكُّر؟!.
امرأة سعيد بن المسيّب - رحمه الله- قالت: ما كنا نكلِّمُ أزواجنا إلا كما تكلِّمُون أُمَرَاءَكُم: أصلحك الله! عافاك الله!.
تُرَى؛ ما السّرُّ في هذا الإجلال وهذا الاحترام الذي بلغَ درجةَ خطابِ الأمراء؟!.
وعن أسماءَ بنتِ أبى بكر -رضي الله عنهما- وما أدراكَ ما الوالِدُ والبنت؟! قالت: تزوّجني الزُبير وما له في الأرض من مالٍ ولا مملوك، فكُنْتُ أعلِفُ فَرَسَه، وأستَقِي الماء، وأخرِزُ الدّلوَ، وأعجِن، وكنت أنقُلُ النَّوَى من أرضِ الزُّبَيرِ على رأسِي وهِيَ مِنّي على ثُلُثَي فرسخ [الفرسخ نحو ثمانية كيلومترات]. رواه البخاري.
تُرَى ما السّرُّ في تحمُّلِ هذه الخِدمةِ الشّاقّةِ من ابنةِ أفضلِ إنسانٍ بعد الأنبياءِ والرُّسل عليهم السلام؟!.
فأعظِم بمِثل هؤلاءِ الزوجاتِ! وبهاتِهِ الصّفاتِ في الدنيا والآخرة! وهذه هي المرأةُ التي لا ينساها الرّجال أبدًا!.
نسأل الله التوفيق إلى حسن العلم وحسن العمل، اللهم حبب إلينا الإيمان، وزينه في قلوبنا، وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان، واجعلنا من الراشدين.
وصلى الله وسلم وبارك على محمد وعلى آله وصحبه أجمعين.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم