المبشرون بالجنة

محمد بن سليمان المهوس

2021-07-02 - 1442/11/22 2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/عِظَم البشارة بالجنة 2/العشرة المبشرون بالجنة 3/تعريف مختصر بهم 4/فضائل الصحابة الكرام.

اقتباس

اخْتَارَهُمُ اللَّهُ وَاصْطَفَاهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَمُصْطَفَاهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَاخْتَصَّهُمْ بِهَذِهِ الصُّحْبَةِ الْعَظِيمَةِ، فَقَامُوا بِنُصْرَةِ دِينِهِ -جَلَّ وَعَلاَ-؛ أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ، وَحَمْلِ رِسَالَتِهِ...

الخُطْبَةُ الأُولَى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ؛ نَحْمَدُهُ، وَنَسْتَعِينُهُ، وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللهِ مِنْ شُرُورِ أنْفُسِنَا وَسَيِّئَاتِ أعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللهُ فَلاَ مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلاَ هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَصَحْبِهِ أَجْمَعِينَ.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاسُ: أُوصِيكُمْ وَنَفْسِي بِتَقْوَى اللهِ -تَعَالَى-: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُواْ اتَّقُواْ اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلاَ تَمُوتُنَّ إِلاَّ وَأَنتُمْ مُّسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: مَاذَا لَوْ بُشِّرَ أَحَدُنَا بِوَظِيفَةٍ مَرْمُوقَةٍ، أَوْ قَصْرٍ مَشِيدٍ أَوْ سَيَّارَةٍ فَارِهَةٍ؟! سَوْفَ يَعِيشُ سَعَادَةً لاَ تُوصَفُ؛ وَقَدْ لاَ تَسَعُ الدُّنْيَا فَرْحَتَهُ وَسَعَادَتَهُ، وَهِيَ أُمُورٌ تَنْتَهِي أَوْ يَتْرُكُهَا وَيَرْحَلُ عَنْهَا. فَمَاذَا لَوْ بُشِّرَ بِالْجَنَّةِ، كَحَالِ الْعَشَرَةِ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ؟!

 

اللهُ أَكْبَرُ، يَا لَهَا مِنْ بُشْرَى!، أَنْ تَكُونَ مِنْ ضِمْنِ الأَحْيَاءِ الَّذِينَ يَمْشُونَ عَلَى الأَرْضِ يَأْتِيهِ الْخَبَرُ الْيَقِينُ أَنَّهُ فِي الْجَنَّةِ، فَلِلَّهِ مَا أَسْعَدَ قَلْبَكَ بِتِلْكَ الْبُشْرَى!

 

أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: نَتَأَمَّلُ مَشَاعِرَ الْعَشَرَةِ وَهُمْ يُبَشَّرُونَ بِدَارِ الْخُلُودِ وَالنَّعِيمِ الْمُقِيمِ! أَيُّ شَرَفٍ نَالُوهُ؟! وَأَيُّ فَوْزٍ حَقَّقُوهُ؟! وَأَيُّ فَرَحٍ سَيْطَرَ عَلَى مَشَاعِرِهِمْ؟ تَحَقَّقَتْ لَهُمْ أُمْنِيَّةٌ؛ كُلُّ مُسْلِمٍ يَتَمَنَّاهَا بَعْدَ مَوْتِهِ، فَكَيْفَ بِهِمْ وَقَدْ حَقَّقُوا أُمْنِيَّتَهُمْ قَبْلَ مَوْتِهِمْ.

 

لَقَدْ سَطَّرُوا سِيَرًا وَقِصَصًا يَطُولُ مُقَامُ ذِكْرِهَا، وَحَسْبُنَا بِإِشَارَاتٍ وَعِبَارَاتٍ مِنْ مَحَاسِنِهِمْ تُحْيِي ذِكْرَهُمُ الْحَسَنَ، وتُحَفِّزُنَا عَلَى الاِقْتِدَاءِ بِهِمْ.

 

أَبُو بَكْرٍ الصِّدِّيقُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: خَيْرُ رَجُلٍ بَعْدَ الأَنْبِيَاءِ، وَأَحَبُّ الرِّجَالِ إِلَى رَسُولِ اللهِ، قَالَ عَنْهُ رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ مِنْ أَمَنِّ النَّاسِ عَلَيَّ فِي صُحْبَتِهِ وَمَالِهِ أَبُو بَكْرٍ، وَلَوْ كُنْتُ مُتَّخِذًا خَلِيلاً غَيْرَ رَبِّي، لاَتَّخَذْتُ أَبَا بَكْرٍ، وَلَكِنْ أُخُوَّةُ الإِسْلاَمِ وَمَوَدَّتُهُ"(متفق عليه). وَقَدْ أَسْلَمَ عَلَى يَدَيْهِ خَمْسَةٌ مِنَ الْمُبَشَّرِينَ بِالْجَنَّةِ.

 

عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ أَبُو حَفْصٍ الْفَارُوقُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: أَعَزَّ اللهُ بِإِسْلاَمِهِ الْمُسْلِمِينَ، الْمُلْهَمُ الشُّجَاعُ، الَّذِي قَالَ لَهُ رَسُولُ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-: "وَالَّذِي نَفْسِي بِيَدِهِ، مَا لَقِيَكَ الشَّيْطَانُ قَطُّ سَالِكًا فَجًّا إِلاَّ سَلَكَ فَجًّا غَيْرَ فَجِّكَ"(رواه البخاري).

 

عُثْمَانُ بْنُ عَفَّانَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ذُو النُّورَيْنِ وَصَاحِبُ الْهِجْرَتَيْنِ، الْغَنِيُّ السَّخِيُّ، قَالَ عَنْهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ-: "أَلاَ أَسْتَحِي مِنْ رَجُلٍ تَسْتَحِي مِنْهُ المَلاَئِكَةُ"(رواه مسلم).

 

عَلِيُّ بْنُ أَبِي طَالِبٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ابْنُ عَمِّ النَّبِيِّ وَصِهْرُهُ، وَأَحَدُ الشُّجَعَانِ الأَبْطَالِ، كَثِيرُ الْبُكَاءِ وَالْعَبْرَةِ، قَالَ لَهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ- يَوْمَ خَيْبَرَ: "لأُعْطِيَنَّ هَذِهِ الرَّايَةَ غَدًا رَجُلاً يَفْتَحُ اللهُ عَلَى يَدَيْهِ، يُحِبُّ اللَّهَ وَرَسُولَهُ، وَيُحِبُّهُ اللَّهُ وَرَسُولُهُ"(متفق عليه).

 

طَلْحَةُ بْنُ عُبَيْدِاللهِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: طَلْحَةُ الْخَيْرِ، وَطَلْحَةُ الْجُودِ، صَقْرُ أُحُدٍ، قَالَ قَيْسُ بْنُ أَبِي حَازِمٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: رَأَيْتُ يَدَ طَلْحَةَ شَلاَّءَ وَقَى بِهَا النَّبِيَّ – صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ – يَوْمَ أُحُدٍ.(رواه البخاري).

 

الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: بَطَلٌ مِقْدَامٌ، وَفَارِسٌ هُمَامٌ، أَوَّلُ مْنَ سَلَّ سَيْفَهُ فِي سَبِيلِ اللهِ، قَالَ عَنْهُ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وِآلِهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِكُلِّ نَبِيٍّ حَوَارِيًّا، وَإِنَّ حَوَارِيَّ الزُّبَيْرُ بْنُ الْعَوَّامِ"(رواه البخاري)، وَحَوَارِيُّ الزُّبَيْرُ؛ أَيْ: خَاصَّتِي مِنْ أَصْحَابِي وَنَاصِرِي.

 

عَبْدُالرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: صَاحِبُ الصَّدَقَاتِ وَالْبِرِّ وَالإِحْسَانِ، الْغَنِيُّ الشَّاكِرُ، صَلَّى إِمَامًا بِالنَّبِيِّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- صَلاَةَ الْفَجْرِ فِي تَبُوكَ، قَالَ عُمَرُ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: "عَبْدُالرَّحْمَنِ سَيِّدٌ مِنْ سَادَاتِ الْمُسْلِمِينَ".

 

سَعْدُ بْنُ أَبِي وَقَّاصٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: مُسْتَجَابُ الدَّعْوَةِ، كَانَ سَعْدٌ رَامِيًا لاَ يُخْطِئُ، وَهُوَ أَوَّلُ مَنْ رَمَى سَهْمًا فِي سَبِيلِ اللهِ، وَهُوَ قَائِدُ مَعْرَكَةِ الْقَادِسِيَّةِ وَفَاتِحُ مَدَائِنِ كِسْرَى.

 

سَعِيدُ بْنُ زَيْدٍ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: زَوْجَتُهُ فَاطِمَةُ أُخْتُ عُمَرَ بْنِ الْخَطَّابِ، وَبِسَبَبِهَا كَانَ إِسْلاَمُ عُمَرَ، كَانَ مُجَابَ الدَّعْوَةِ، وَقَدْ أَخْبَرَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- بِأَنَّهُ مِنَ الشُّهَدَاءِ.

 

أَبُو عُبَيْدَةَ عَامِرُ بْنُ الْجَرَّاحِ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ-: ثَبَتَ يَوْمَ أُحُدٍ مَعَ رَسُولِ اللهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-، قَالَ عَنْهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ لِكُلِّ أُمَّةٍ أَمِينًا، وَإِنَّ أَمِينَنَا أَيَّتُهَا الأُمَّةُ أَبُو عُبَيْدَةَ بْنُ الْجَرَّاحِ"(متفق عليه).

 

فَرَضِيَ اللهُ عَنِ الْعَشْرَةِ وَعَنْ صَحَابَةِ رَسُولِهِ، وَجَزَاهُمْ عَنِ الإِسْلاَمِ وَالْمُسْلِمِينَ خَيْرَ الْجَزَاءِ.

 

بَارَكَ اللهُ لِي وَلَكُمْ بِالْقُرْآنِ الْعَظِيمِ، وَنَفَعَنِي وَإِيَّاكُمْ بِمَا فِيهِ مِنَ الآيَاتِ وَالذِّكْرِ الْحَكِيمِ، أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ، فَإِنَّهُ هُوَ الْغَفُوْرِ الرَّحِيمِ.

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

الْحَمْدُ للهِ عَلَى إِحْسَانِهِ، وَالشُّكْرُ لَهُ عَلَى تَوْفِيقِهِ وَامْتِنَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنْ لاَ إِلَهَ إِلاَّ اللهُ وَحْدَهُ لاَ شَرِيكَ لَهُ تَعْظِيمًا لِشَانِهِ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ الدَّاعِي إِلَى رِضْوَانِهِ، صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا الْمُسْلِمُونَ: النَّاظِرُ فِي نُصُوصِ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ يُدْرِكُ بِوُضُوحٍ الْفَضْلَ الْعَظِيمَ، وَالْمَنْزِلَةَ الْعَالِيَةَ، وَالْمَكَانَةَ السَّامِيَةَ الَّتِي نَالَهَا أَصْحَابُ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ- عَلَى وَجْهِ الْعُمُومِ، وَالْعَشَرَةُ الْمُبَشَّرُونَ بِالْجَنَّةِ عَلَى وَجْهِ الْخُصُوصِ، أُولَئِكَ الَّذِينَ اخْتَارَهُمُ اللَّهُ وَاصْطَفَاهُمْ لِصُحْبَةِ نَبِيِّهِ وَمُصْطَفَاهُ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَاخْتَصَّهُمْ بِهَذِهِ الصُّحْبَةِ الْعَظِيمَةِ، فَقَامُوا بِنُصْرَةِ دِينِهِ -جَلَّ وَعَلاَ-.

 

أُولَئِكَ الَّذِينَ صَدَقُوا فِي إِيمَانِهِمْ بِاللَّهِ وَرَسُولِهِ -صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ وَسَلَّمَ-، وَجَاهَدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَنُصْرَةِ دِينِهِ، وَحَمْلِ رِسَالَتِهِ إِلَى خَلْقِهِ بِصِدْقٍ وَإِخْلاَصٍ وَتَضْحِيَةٍ، حَتَّى اسْتَقَامَ الأَمْرُ، وَانْتَشَرَ الدِّينُ عَلَى أَيْدِيهِمْ فِي أَرْضِ اللَّهِ -تَعَالَى-.

 

قَالَ اللهُ -تَعَالَى-: (وَالسَّابِقُونَ الأَوَّلُونَ مِنَ الْمُهَاجِرِينَ وَالأَنْصَارِ وَالَّذِينَ اتَّبَعُوهُمْ بِإِحْسَانٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ وَأَعَدَّ لَهُمْ جَنَّاتٍ تَجْرِي تَحْتَهَا الأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا أَبَدًا ذَلِكَ الْفَوْزُ الْعَظِيمُ)[التوبة:100].

 

هَذَا، وَصَلُّوا وَسَلِّمُوا عَلَى نَبِيِّكُم كَمَا أَمَرَكُمْ بِذلِكَ رَبُّكُمْ، فَقَالَ: (إِنَّ اللهَ وَمَلائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا)[الأحزاب:56]، وَقَالَ -‏صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلاةً وَاحِدَةً صَلَّى اللهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا"(رَوَاهُ مُسْلِم).

 

المرفقات

المبشرون بالجنة.pdf

المبشرون بالجنة.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات