اللهم ‘فاعف عني‘

ناصر بن محمد الأحمد

2015-06-30 - 1436/09/13
عناصر الخطبة
1/ سرعة مرور أيام رمضان ولياليه 2/ الحث على اغتنام ما بقي من شهر رمضان 3/ عشر ليال من أعظم ليالي العام 4/ فضائل قيام الليل 5/ أعظم ما يرجى في العشر الأواخر 6/ تأملات في سؤال أم المؤمنين عن دعاء ليلة القدر 7/ لماذا نسأل الله العفو في ليلة القدر؟ 8/ حظ المسلم من اسم الله العفو 9/ الاعتبار ببر القلوب لا بعمل الأبدان.

اقتباس

سوق عظيم يتنافس فيه العاكفون، وموسم يضيق فيه المفرّطون، وامتحان تُبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا، طالما تحدث الخطباء وأطنب الوعاظ وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي، ويستجيب لهذا النداء الحاني قلوب من خالط الإيمان بشاشتها، فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الراكعين الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، وما ربك بظلام للعبيد..

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

إن الحمد لله..

 

أما بعد: أيها المسلمون: بقي أيام قلائل يدخل علينا الثلث الأخير من رمضان، لقد آذنت أيام رمضان ولياليها مسرعة بالانصراف والرحيل، وبعد أيام يحل العشر لتكون الفرصة الأخيرة لمن فرط في أول الشهر، أو لتكون التاج الخاتم لمن أصلح ووفى فيما مضى.

 

في الثلث الأخير من رمضان عشر ليال من أعظم ليالي العام، إنها سوق عظيم يتنافس فيه العاكفون، وموسم يضيق فيه المفرّطون، وامتحان تُبتلى فيها الهمم، ويتميز أهل الآخرة من أهل الدنيا، طالما تحدث الخطباء وأطنب الوعاظ وأفاض الناصحون بذكر فضائل هذه الليالي، ويستجيب لهذا النداء الحاني قلوب من خالط الإيمان بشاشتها، فسلكت هذه الفئة المستجيبة طريق المؤمنين، وانضمت إلى قافلة الراكعين الساجدين، واختلطت دموع أصحابها بدعائهم في جنح الظلام، وربك يسمع ويجيب، وما ربك بظلام للعبيد.

 

أيها المسلمون: في العشر المتبقية عبادة من أجل العبادات، إنها قيام الليل، مفزع التائبين، وملجأ الخائفين، ونور المتعبّدين، وبضاعة المتاجرين، تجلو صدأ القلوب بأنوارها، وتزيل حُجُب الغفلات بأذكارها، وتنير الوجوه بأسرارها وآثارها، ومن كان أقوى إيماناً كان أحسنُ صلاةً، وأطولُ قنوتاً، وأعظمُ يقيناً. جاء في الحديث عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "الصلاة خير موضوع، فمن استطاع أن يستكثر منها فليستكثر" (أخرجه الطبراني في الأوسط وإسناده حسن).

 

أيها المسلمون: وتأتي صلاة الليل والتهجد في الأسحار ليتجلى هذا الاتصال بالله العلي الأعلى، في صورة من التعبّد بهية بهيجة، فقد صح في الخبر عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أنه قال: "أفضل الصلاة بعد الصلاة المفروضة صلاة الليل" (أخرجه مسلم في صحيحه من حديث أبي هريرة رضي الله عنه).

 

والقدوة الأولى والأسوة العظمى نبينا محمد -صلى الله عليه وسلم- كان يقوم من الليل حتى تفطرت قدماه الشريفتان، مُخرَّج في الصحيحين. أما في رمضان فكان يجتهد فيه ما لا يجتهد في غيره، وإذا دخل العشر أحيا ليله، وأيقظ أهله، وشد المئزر، ومن قام رمضان إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه.

 

اعلم -يا أخي الحبيب- أن الله ينـزل إلى السماء الدنيا كل ليلة حين يبقى ثلث الليل فيقول: "أنا الملك من الذي يدعوني فأستجيب له؟ من الذي يسألني فأعطيه؟ من الذي يستغفرني فأغفر له

 

وفي حديث عمرو بن عبسة -رضي الله عنه- قال: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "أقرب ما يكون الرب من العبد في جوف الليل الآخر، فإن استطعت أن تكون ممن يذكر الله في تلك الساعة فكن".

 

 بل إن في الليل ساعةً لا يوافقها عبدٌ مسلم يسأل الله شيئاً إلا أعطاه الله إياه، وذلك كل ليلة.

 

في صلاة الليل يحيا بها بإذن الله ميِّت القلب، وتشحَذ بها فاتر الهمم، قربةٌ إلى الله، ومنهاةٌ عن الإثم، وتكفيرٌ للسيئات، ومطردةٌ للداء عن الجسد، وفي الحديث: "عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم". يقول ابن عباس رضي الله عنهما: "من أحب أن يهوِّن الله عليه طول الوقوف يوم القيامة، فليره الله في ظلمة الليل ساجداً وقائماً، يحذر الآخرة ويرجو رحمة ربه".

 

قيام الليل عباد الله انقطاعٌ عن صخب الحياة، واتصال بالكريم الأكرم -جل وعلا-، وتلقي فيوضه ومنحه، والأنس به والتعرض لنفحاته، والخلوة إليه. عبادٌ لله صالحون (تَتَجَافَى جُنُوبُهُمْ عَنِ الْمَضَاجِعِ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ خَوْفاً وَطَمَعاً وَمِمَّا رَزَقْنَـاهُمْ يُنفِقُون، فَلاَ تَعْلَمُ نَفْسٌ مَّا أُخْفِىَ لَهُم مّن قُرَّةِ أَعْيُنٍ جَزَاء بِمَا كَانُواْ يَعْمَلُون) لقد تعدَّدت مقاصدهم، واختلفت مطالبهم، وتنوّعت غاياتهم، والليل هو منهلُهم وموردهم (قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُنَاسٍ مَّشْرَبَهُم) فهذا محبٌ يتنعّم بالمناجاة، وذلك محسنٌ يزداد في الدرجات ويسارع في الخيرات ويجدّ في المنافسات، وآخر خائفٌ يتضرّع في طلب العفو ويبكي على الخطيئة والذنب، ورَاجٍ يلحّ في سؤاله ويصرّ على مطلوبه، وعاصٍ مقصّر يطلب النجاة ويعتذر عن التقصير وسوء العمل، كلهم يدعون ربهم ويرجونه خوفاً وطمعاً، فأنعَمَ عليهم مولاهم، فأعطاهم واستخلصهم واصطفاهم، وقليل ما هم.

 

فيا من يريد إجابة لدعائه، وتفريجاً لهمّه، وتنفيساً لكربته، وتوسيعاً لرزقه، وشفاءً لمرضه، وحفظاً لعياله، ودفعاً لأعدائه، وطلباً لمرضاته، وطمعاً في جنته، ونجاةً من ناره، عليك بدعاء ربك في وقت الإجابة في الثلث الأخير من الليل كل ليلة عسى أن تكون من المقبولين.

 

أيها المسلمون: بضعف النفوس عن قيام الليل تقسو القلوب، وتجفّ الدموع، وتستحكم الغفلة. ذُكر رجلٌ عند رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فقيل: ما زال نائماً حتى أصبح، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "ذاك رجل بال الشيطان في أذنيه" (متفق عليه).

 

فاجتهد حفظك الله أن تصلي ما تيسر من الليل، والقليل من صلاة الليل كثير، واصبر على ذلك وداوم عليه، فبالصبر والمداومة والإخلاص تنال من ربك التثبيت والمعونة، واعلم أن دقائق الليل غالية، فلا تُرخصها بالغفلة والتواني والتسويف، ومن أرخص الدقائق الغالية ثقلت عليه المغارم، وضاقت عليه المسالك، وكان أمره فُرطاً.

 

 ولا تنس حفظك الله أهلك فأيقظهم لا ليلتقوا حول مسلسل هابط أو منظر خالع، ولكن ليقفوا بين يدي خالقهم، تائبين منيبين، يغسلون خطيئاتهم بدموع نادمة، وقلوبٍ باكية، لعلها أن تمحو الذنوب، ففي الحديث: "رحم الله رجلاً قام من الليل فصلى، وأيقظ امرأته فصلت، فإن أبت نضح في وجهها الماء، ورحم الله امرأة قامت من الليل فصلّت، ثم أيقظت زوجها، فإن أبى نضحت في وجهه الماء". (قُلْ أَؤُنَبِّئُكُمْ بِخَيْرٍ مِنْ ذَلِكُمْ لِلَّذِينَ اتَّقَوْا عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتٌ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهَارُ خَالِدِينَ فِيهَا وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ وَرِضْوَانٌ مِنَ اللَّهِ وَاللَّهُ بَصِيرٌ بِالْعِبَادِ * الَّذِينَ يَقُولُونَ رَبَّنَا إِنَّنَا آَمَنَّا فَاغْفِرْ لَنَا ذُنُوبَنَا وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ * الصَّابِرِينَ وَالصَّادِقِينَ وَالْقَانِتِينَ وَالْمُنْفِقِينَ وَالْمُسْتَغْفِرِينَ بِالْأَسْحَارِ) [آل عمران: 15- 17].

 

بارك الله..

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمد لله عَظُمَ شأنه ودام سلطانه، أحمده سبحانه وأشكره، عمّ امتنانه وجزل إحسانه، أشهد ألا إله إلا الله وحده لا شريك له وأشهد أن سيدنا ونبينا محمداً عبده ورسوله، به علا منار الإسلام وارتفع بنيانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى أصحابه والتابعين ومن تبعهم بإحسان إلى يوم الدين.

 

أما بعد: أيها المسلمون: وإن من أعظم ما يرجى في هذه العشر ويُتحرى ليلة القدر، وما أدراك ما ليلة القدر، من قامها إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه. ليلة خير من ألف شهر، خفي تعيينها اختباراً وابتلاء، ليتبين العاملون وينكشف المقصرون، فمن حرص على شيء جد في طلبه، وهان عليه ما يلقى من عظيم تعبه. إنها ليلة تجري فيها أقلام القضاء بإسعاد السعداء وشقاء الأشقياء (فيهَا يُفْرَقُ كُلُّ أَمْرٍ حَكِيمٍ) ولا يهلك على الله إلا هالك.

 

عَنْ عَائِشَةَ -رضي الله عنها- قَالَتْ: يَا رَسُولَ اللهِ! أَرَأَيْتَ إِنْ وَافَقْتُ لَيْلَةَ الْقَدْرِ، فَبِمَ أَدْعُو؟ قَالَ: قُولِي: "اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ، فَاعْفُ عَنِّي".

 

وفي سؤال عائشة كما في إِجابة النبي -صلى الله عليه وسلم- لها بهذه الإجابة، عدة وقفات:

الوقفة الأولى: حرص عائشة -رضي الله عنها- على تعلّم ما ينفعها:

عائشة هي بنت أبي بكر الصِّدِّيق، أم المؤمنين، زوجة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أفقه نساء الأمَّة على الإطلاق. تزوجها النبي -صلى الله عليه وسلم- وهي صغيرة فبقيت أطولَ فترة ممكنة في مدرسة النبوَّة تتفقَّه في أحكامها وتعاليمها.

 

تُعدُّ -رضي الله عنها- من المكثرين في الفتيا والرواية باتفاق العلماء، ومع ذلك حرصت على أَنْ تتعلم من النبي -صلى الله عليه وسلم- أفضل ما يقال في ليلة القدر، وفي هذا تعليم لنا أَنَّ العبد مهما بلغ فهو محتاج بل مضطر إلى معرفة الأمور التي ينبغي الحرص عليها، والجد في طلبها.

 

 وأَخَصُّ هذه الأمور: العلم النافع المزكي للقلوب والأرواح، المثمر لسعادة الدارين. وقد أثنى الله على هذا الصنف من الناس في قوله: (فَبِشِّرْ عِبَادِ، الَّذِينَ يَسْتَمِعُونَ القَوْلَ فَيَتَّبِعُونَ أَحْسَنَهُ أُولَئِكَ الَّذِينَ هَدَاهُمُ اللَّهُ وَأُولَئِكَ هُمْ أُولُوا الأَلْبَاب) [الزمر: 17-18].

 

الوقفة الثانية: الحكمة في تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو:

سؤال الله -عز وجل- العفو في كل وقت وحين أمر مرغوب وردت فيه نصوص كثيرة، حتى إِنَّ العباس بن عبد المطلب سأل رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أكثر مِنْ مَرَّةٍ أَنْ يرشده إلى شيء يدعو الله به، فأجابه الرسول -صلى الله عليه وسلم- في كل مَرَّةٍ بقوله: "سَلِ اللهَ الْعَفْوَ وَالْعَافِيَةَ".

 

فما الحكمة إِذاً مِنْ تخصيص هذه الليلة بسؤال العفو؟ أبان الحافظ ابن رجب -رحمه الله- هذه الحكمة في قوله: "وإنما أَمر بسؤال العفو في ليلة القدر بعد الاجتهاد في الأعمال فيها وفي ليالي العشر؛ لأن العارفين يجتهدون في الأعمال ثم لا يرون لأنفسهم عملاً صالحاً ولا حالاً ولا مقالاً، فيرجعون إلى سؤال العفو، كحال المذنب المقصر".

 

وقد صدق -رحمه الله- وذلك لأَنَّ العبد يسير إلى الله –سبحانه- بين مشاهدة منّته عليه ونعمه وحقوقه، وبين رؤية عيب نفسه وعمله وتفريطه وإضاعته، فهو يعلم أَنَّ ربه لو عذبه أشد العذاب لكان قد عدل فيه، وأَنَّ أقضيته كلها عدل فيه، وأَنَّ ما فيه من الخير فمجرد فضله ومنّته وصدقته عليه، ولهذا كان في حديث سيد الاستغفار: "أبوء لك بنعمتك عليّ وأبوء بذنبي"، فلا يرى نفسه إلا مقصراً مذنباً، ولا يرى ربه إلا محسناً.

 

الوقفة الثالثة: الدعاء بهذا اللفظ يتضمن أدباً من آداب الدعاء المهمة:

وهو الثناء على الله تعالى بما هو أهله، ثم الدعاء بعده، "اللهُمَّ إِنَّكَ عَفُوٌّ تُحِبُّ الْعَفْوَ" هذا هو الثناء، "فَاعْفُ عَنِّي" وهذا الدعاء. وقد أرشدنا الله -تعالى- إلى هذا الأسلوب والأدب في نصوص كثيرة، أشهرها سورة الفاتحة، فالسورة نصفان، الأول: تمجيد وثناء من العبد على ربه، والآخر: سؤال من العبد لربه، وقد ورد ذلك مفصلاً في الحديث القدسي، وفيه: "قسمت الصلاة بيني وبين عبدي نصفين، فنصفها لي ونصفها لعبدي".

 

ولما سَمِعَ رسولُ الله -صلى الله عليه وسلم- رجلاً يَدْعُو في صلاته لم يُمجِّدِ الله ولم يُصَل على النبيّ، قال -صلى الله عليه وسلم-: "عَجِلَ هذا"، ثم دعاه، فقال له أو لغيره: "إذا صَلَّى أحَدُكُم فليَبْدأ بتَمْجيدِ رَبَّه والثَّناءِ عليه، ثم يُصَلّي على النبيِّ، ثم يدعو بعدُ بما شاءَ".

 

ومن الجدير بالذكر أَنَّ ثناء الداعي على المدعو بما يتضمن حصول مطلوبه، قد يكون أبلغ من ذكر المطلوب، كما قيل:

إذا أثنى عليك المرء يوماً *** كفاه من تعرضه الثناء

 

الوقفة الرابعة: حاجة العبد وفقره إلى عفو الله:

عائشة -رضي الله عنها- وهي من هي تحرص على سؤال النبي -صلى الله عليه وسلم- عن ماذا تقول في ليلة القدر، فيجيبها النبي الكريم بسؤال الله العفو، فإذا كان هذا شأن الصديقة بنت الصديق فكيف بمن دونها؟ أليس في ذلك دلالة قاطعة على أَنَّ العبد فقير إلى الله من كل وجه وبكل اعتبار؟ من هذه الوجوه أَنَّه فقير إليه من جهة معافاته له من أنواع البلاء، فإنه إن لم يعافيه منها هلك ببعضها. وفقير إليه من جهة عفوه عنه ومغفرته له، فإن لم يعفُ عن العبد ويغفر له فلا سبيل إلى النجاة. فما نجى أحد إلا بعفو الله ولا دخل الجنة إلا برحمة الله.

 

الوقفة الخامسة: حظ العبد من اسم الله "الْعَفُوُّ":

حظّ العبد من اسم الله "الْعَفُوُّ" لا يخفى، وهو أن يعفو عن كلّ من ظلمه، بل يحسن إليه، كما يَرى الله –تعالى- محسناً في الدّنيا إلى العصاة والكفرة غير معاجل لهم بالعقوبة. بل ربّما يعفو عنهم بأن يتوب عليهم، وإذا تاب عليهم محا سيّئاتهم، إذ التّائب من الذّنب كمن لا ذنب له. وهذا غاية المحو للجناية.

 

وقد وعد الله العافين بالأجر العظيم والثواب الكبير فقال سبحانه: (فَمَنْ عَفَا وَأَصْلَحَ فَأَجْرُهُ عَلَى اللَّه) [الشورى: 40]، والله جعل أجر العافي عليه سبحانه، وفي ذلك حض وتهييج للعبد على العفو، وأن يعامل الخلق بما يحب أن يعامله الله به، فكما يحب أن يعفو الله عنه، فَلْيَعْفُ عنهم، وكما يحب أن يسامحه الله، فليسامحهم، فإنَّ الجزاء من جنس العمل.

 

أيها المسلمون: إن الاعتبار ببر القلوب لا بعمل الأبدان، وربَّ قائم حظه من قيامه السهر، وكم من قائم محروم، وكم من نائم مرحوم، وهذا نام وقلبه ذاكر، وذاك قام وقلبه فاجر.

 

لكن العبد مأمور بالسعي لاكتساب الخيرات والاجتهاد في الأعمال الصالحات، وكلٌّ ميسر لما خلق له، فالمبادرة المبادرة إلى اغتنام العمل فيما بقي، فعسى أن يستدرك به ما فات من ضياع العمر.

 

اللهم..

 

 

المرفقات

فاعف عني

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات