الفرح بطاعة الله

محمد بن إبراهيم النعيم

2022-10-12 - 1444/03/16
عناصر الخطبة
1/ الفرح بإتمام ركن من أركان الإسلام 2/ الفرح المحمود والفرح المذموم 3/ الاستمرار على الطاعة 4/ ماذا بعد رمضان؟

اقتباس

ينبغي للمسلم أن لا تسيطر على حياته الهموم، ومن وقع له ذلك، فليتعلم كيف يزيل هذا الهمّ؛ كي يبقى سعيدًا في حياته وفَرِحًا بطاعة ربه،.. وإذا أردت أيها المسلم أن يدومَ فرَحُك ويبقَى أنسُك، فاعمل على أن تمسحَ دمعة يتيم، وتُغدِقَ السُّرورَ على طفلٍ مسكين، وتزرعَ البسمةَ على شِفاه المحرومين، فحين تُواسِي مهمومًا ستفرَح، وحين تُنقِّي قلبَك ممن حسَدك، وتصل من قطعك، ستعيش في قمة الفرَح...

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الله أكبر، الله أَكبر، الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، اللهُ أَكْبَرُ، أَطْعَمَنَا مِنَ جُوعِ، وَآمَنَنَا مِنَ ْخَوْفِ، وَكَسَانَا مِنَ ْعُرْيِ، وَهَدَانَا مِنَ ضَّلَالَةِ، فَنِعَمُهُ فِينَا لا تُعَدُّ، وَفَضْلُهُ عَلَيْنَا لا يُحَدُّ، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلّ الله عليه وعلى آله وصحبه وسلم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد: فنحن في يَومٍ عَظِيمٍ وَعِيدٍ كَرِيمٍ، يَومٌ يَحِقُّ لكل منا أَن يبتسم ويبتهج، وينشرح صدره على إتمام ركن من أركان الإسلام، ولِمَ لا نفرح وقد منَّ الله علينا بالهداية، ووفقنا للصيام والقيام، ووعدنا بالعتق من النيران.

 

إن أعظم فرح يفرح به المؤمن هو فرحه بأن جعله الله مسلمًا، وبأن عرَّفه على كتابه فقرأه وآمن به وعمل به، فالإسلام والقرآن أعظم نعمة ومنَّة تفضل الله بها علينا، هكذا قال المفسِّرون حين فسروا قول الله تعالى: (قُلْ بِفَضْلِ اللَّهِ وَبِرَحْمَتِهِ فَبِذَلِكَ فَلْيَفْرَحُوا هُوَ خَيْرٌ مِمَّا يَجْمَعُونَ) [يونس: 58]؛ فالله -عز وجل- أمرنا بالفرح بالإسلام والقرآن، والفرح بذلك عبودية عظيمة من عبوديات القلب، وإذا وُجد هذا النوع من الفرح في قلب المؤمن انبسطت نفسه وزاد إقباله على طاعة ربه، فإذا أكرمك الله بأداء ما افترضه الله عليك، وبتجنب ما حرَّمه الله عليك؛ فلتفرح بذلك.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد، ينبغي للمسلم أن لا تسيطر على حياته الهموم، ومن وقع له ذلك، فليتعلم كيف يزيل هذا الهمّ؛ كي يبقى سعيدًا في حياته وفَرِحًا بطاعة ربه، قال –صلى الله عليه وسلم-: "ما أصاب أحدًا قط همٌّ ولا حَزَن فقال: اللهم إني عبدك وابن عبدك وابن أمتك، ناصيتي بيدك، ماضٍ فيَّ حكمك، عدل فيَّ قضاؤك، أسألك بكل اسم هو لك؛ سميت به نفسك، أو أنزلته في كتابك، أو علمته أحدًا من خلقك، أو استأثرت به في علم الغيب عندك أن تجعل القرآن ربيع قلبي ونور صدري وجِلاء حزني وذهاب همي إلا أذهب الله -عز وجل- همَّه وأبدله مكان حزنه فرحًا"، قالوا يا رسول الله ينبغي لنا أن نتعلم هؤلاء الكلمات. قال: "أجل ينبغي لمن سمعهن أن يتعلمهن" (رواه أحمد).

 

وإن الإيمان بالقضاء والقدر والرضا بما يقدِّره الله عليك، وسيلة كي تُبقي الفرح في قلبك، لذلك فإنَّ العارِفين يُقابِلون الابتِلاءَ بالفرَح؛ لأنهم يعرفون بأن الابتِلاءَ يُفضِي إلى محو سيئاتهم، ورفع درجاتهم، قال رسولُ الله –صلى الله عليه وسلم-: "وإن كان أحدُهم ليفرحُ بالبلاء كما يفرحُ أحدُكم بالرَّخاء".

 

وإذا أردت -أيها المسلم- أن يدومَ فرَحُك ويبقَى أنسُك، فاعمل على أن تمسحَ دمعة يتيم، وتُغدِقَ السُّرورَ على طفلٍ مسكين، وتزرعَ البسمةَ على شِفاه المحرومين، فحين تُواسِي مهمومًا ستفرَح، وحين تُنقِّي قلبَك ممن حسَدك، وتصل من قطعك، ستعيش في قمة الفرَح.

 

واحذر أن يتجاوز فرحك حدود الشرع، فتُظهِر الشماتة بأخيك، فالفرح بمُصيبةٍ تحلُّ بأخيك فرحٌ مذمومٌ.

 

الله أكبر، الله أكبر لا إله إلا الله، الله أكبر الله أكبر ولله الحمد، وحين تعيش يا عبد الله على طاعة الله حتى يأتيك اليقين ستفرح لا محالة بلقاء الله، قال –صلى الله عليه وسلم-: "من أحبَّ لقاءَ الله أحبَّ اللهُ لقاءَه، ومن كرِهَ لقاءَ الله كرِهَ الله لقاءَه".

 

وفرحتك يوم القيامة ستتجلى حينَ ترى حسناتِك الكثيرة ماثلةً في ميزانك، خصوصًا ثواب الصيام، فقد قال –صلى الله عليه وسلم-: "وللصائم فرحتان يفرحهما؛ إذا أفطر فرح بفطره، وإذا لقي ربه فرح بصومه".

 

ولن تكتمل فرحتك بعد دخولك الجنة حتى يُذبحَ الموتُ أمام عينيك إيذانًا بخلودك في دار الفرح والنعيم، فقد قال –صلى الله عليه وسلم-: "إذا كان يوم القيامة أُتِيَ بالموت كالكبش الأملح فيُوقَف بين الجنة والنار فيُذبَح وهم ينظرون، فلو أن أحدًا مات فرحًا لمات أهل الجنة، ولو أن أحدًا مات حزنًا لمات أهل النار" (رواه الترمذي).

 

لذلك فلنبقى -يا عباد الله- سائرين على طاعة الله حتى نلقاه؛ فربُّ رمضان هو رب شوال، والعبرة بخواتيم الأعمال، ولا يدري أحدنا متى يأتيه الأجل، ومن فعل ذلك فليبشر، قال تعالى: (إِنَّ الَّذِينَ قَالُوا رَبُّنَا اللَّهُ ثُمَّ اسْتَقَامُوا تَتَنَزَّلُ عَلَيْهِمُ الْمَلاَئِكَةُ أَلاَّ تَخَافُوا وَلاَ تَحْزَنُوا وَأَبْشِرُوا بِالْجَنَّةِ الَّتِي كُنتُمْ تُوعَدُونَ) [فصلت: 30].

 

أقول قولي هذا، وأستغفر الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين، فاستغفروه وتوبوا إليه إنه هو الغفور الرحيم.

 

الله أكبر، الله أكبر، لا إله إلا الله، الله أكبر، الله أكبر، ولله الحمد.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر، اللهُ أكبر، الله أَكبر، اللهُ أَكبرُ كَبِيرًا، وَالحَمدُ للهِ كَثِيرًا، وَسُبحَانَ اللهِ بُكرَةً وَأَصِيلاً، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله وصفيه من خلقه، صلى الله عليه وعلى آله وسلم تسلم كثيرًا.

 

أيّها المؤمنون! ابتهِجوا بعيدكم، ولا تكدِّروا جمالَه وصفاءَه بالمعاصِي وقطيعة الأرحام، واستقيموا على الطاعة والإحسان بعد رمضان، فما أحسنَ الإحسانَ يتبعُه الإحسان، ومن صام رمضانَ ثم أتبعه ستًّا من شوال كان كصيام الدهر، وأُذكِّر من لم يخرِج زكاةَ فِطره حتى الآن فقد خالف هدي النبي –صلى الله عليه وسلم-، وليبادِر إلى إخراجِها فورًا، ومن أتى مِنكم من طريقٍ، فالسنة أن يرجِع من طريقٍ آخر اقتداءً بهدي النبي –صلى الله عليه وسلم-.

 

أيها الإخوة: لقد أمر النبي –صلى الله عليه وسلم- نساء المسلمين حضور صلاة العيد، بل أمر البالغات وحتى من بها العذر الشرعي، أمرهن بالحضور، وأن يعتزلن المصلى؛ ليسمعن الخطبة، ويؤمنَّ على الدعاء، وما ذلك إلا لمظنة استجابة الدعاء في خطبة العيد.

 

فدعونا ندعو الله –تعالى-، ونرفع إليه حوائجنا: اللهم يا واحد يا صمد، يا من لم يكن له صاحبةً ولا ولد، يا من فتحت بابك للسائلين، ووعدت بإجابة الداعين، تقبل منا صيامنا وقيامنا، وأعتق رقابنا ورقاب آبائنا وأمهاتنا، اللهم اهدنا, واهد أبناءنا وبناتنا وأزواجنا, اللهم اجمع شملنا ووحد كلمتنا، وأعز الإسلام بنا.

 

اللهم وانصر عبادك المستضعفين في كل مكان, وخص إخواننا في اليمن والشام، والعراق وغزة.

 

اللهم اهدنا لأحسن الأخلاق لا يهدي لأحسنها إلا أنت واصرف عنا سيئها لا يصرف عنا سيئها إلا أنت.

 

اللهم أحيننا على أحسن الأحوال التي ترضيك عنا، وأمتنا على أحسن الأخوال التي ترضيك عنا, اللهم زينا بالعلم وجملنا بالتقوى وألبسنا لبسًا العافية.

 

اللهم فرِّج هم المهمومين، ونفِّس كرب المكروبين، واقضِ الدين عن المدينين، واشف مرضى المسلمين.

 

اللهم آمنا في أوطاننا، وأصلح ولاة أمرنا، اللهم اغفر لنا ولإخواننا الذين سبقونا بالإيمان، اللهم أعد علينا شهر رمضان أعواما عديدة وأزمنة مديدة ونحن في صحة وعافية، اللهم حبب إلينا الإيمان وزينه في قلوبنا، اللهم ارزقنا الثبات حتى الممات.

 

 

المرفقات

بطاعة الله - خطبة عيد الفطر لعام 1438هـ

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات