العداء الباطني على أمة الإسلام

إبراهيم بن صالح العجلان

2022-10-04 - 1444/03/08
عناصر الخطبة
1/ تاريخ العداء الباطني 2/ شهادة الواقع عليه 3/ تغذيتهم المستمرة للأحقاد 4/ وجوب أخذ الحِذْرِ

اقتباس

إن الحديث عن حقد هؤلاء يبدأ ولا ينتهي، ولو تأملنا المصائب العظام، على أمة الإسلام لرأينا... فشكراً شكراً أيتها الأزمات! لقد تيقنت شعوب المسلمين أن التقنع بالممانعة ما هو إلا دعاية يغطي بها النظام الشيعي النُّصَيْرِيّ خيانته وعمالته وحمايته لحدود الصهاينة من جهة الجولان، هذه الجهة المحتلة الناعمة المسالمة لم...

 

 

 

 

إِنَّ الْحَدِيثَ عَنْ حِقْدِ هَؤُلَاءِ يَبْدَأُ وَلَا يَنْتَهِي، وَلَوْ تَأَمَّلْنَا الْمَصَائِبَ الْعِظَامَ، عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ لَرَأَيْنَا ... فَشُكْرًا شُكْرًا أَيَّتُهَا الْأَزَمَاتُ! لَقَدْ تَيَقَّنَتْ شُعُوبُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ التَّقَنُّعَ بِالْمُمَانَعَةِ مَا هُوَ إِلَّا دِعَايَةٌ يُغَطِّي بِهَا النِّظَامُ الشِّيعِيُّ النُّصَيْرِيُّ خِيَانَتَهُ وَعِمَالَتَهُ وَحِمَايَتَهُ لِحُدُودِ الصَّهَايِنَةِ مِنْ جِهَةِ الْجُولَانِ، هَذِهِ الْجِهَةُ الْمُحْتَلَّةُ النَّاعِمَةُ الْمُسَالِمَةُ، لَمْ ...

 

عِبَادَ اللَّهِ: تَضَافَرَتْ نُصُوصُ الْوَحْيَيْنِ عَلَى أَنَّ هَذِهِ الْأُمَّةَ مَبْغُوضَةٌ فِي دِينِهَا، مَحْسُودَةٌ فِي إِيمَانِهَا وَرِسَالَتِهَا وَشَعَائِرِ دِينِهَا.

 

فَحَسَدَتْهُمْ يَهُودُ عَلَى اصْطِفَاءِ الرِّسَالَةِ لِمُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَقَالَ اللَّهُ -تَعَالَى- عَنْهُمْ: (أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلَى مَا آَتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ) [النساء:54].

 

وَحَسَدَهُمْ أَهْلُ الْكِتَابِ عَلَى دِينِهِمْ وَإِيمَانِهِمْ: (وَدَّ كَثِيرٌ مِنْ أَهْلِ الْكِتَابِ لَوْ يَرُدُّونَكُمْ مِنْ بَعْدِ إِيمَانِكُمْ كُفَّارًا حَسَدًا مِنْ عِنْدِ أَنْفُسِهِمْ مِنْ بَعْدِ مَا تَبَيَّنَ لَهُمُ الْحَقُّ) [البقرة:109].

 

وَحَسَدَتْ يَهُودُ هَذِهِ الْأُمَّةَ عَلَى شَعَائِرِ دِينِهَا الَّتِي شَرَعَهَا لَهَا رَبُّهَا، فَحَسَدُونَا عَلَى صَلَاةِ الْجُمُعَةِ، وَعَلَى الْقِبْلَةِ، وَعَلَى قَوْلِ "آمِينَ" فِي الصَّلَاةِ؛ كَمَا ثَبَتَ بِذَلِكُمُ الْحَدِيثُ الَّذِي رَوَاهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ وَغَيْرُهُ، وَهُوَ حَدِيثٌ صَحِيحٌ.

 

فَهَذِهِ الْأُمَّةُ إِذًا مَبْغُوضَةٌ وَمَحْسُودَةٌ مِنْ أَعْدَائِهَا مُنْذُ أَنْ بَزَغَ فَجْرُهَا وَنُورُهَا، وَتَارِيخُهَا مَلِيءٌ بِشَوَاهِدَ مِنْ هَذِهِ الضَّغَائِنِ الْمُتَرَاكِمَةِ.

 

وَكَمَا أَنَّ أَهْلَ الْإِسْلَامِ تَجَرَّعُوا مُعَادَاةَ شَتَّى الدِّيَانَاتِ، فَكَذَلِكَ كَانَ أَهْلُ السُّنَّةِ فِي هَذَا الْعَصْرِ، وَفِي كُلِّ عَصْرٍ، قَدْ نَالَهُمْ شَرَرُ الْحِقْدِ وَالْبَغْضَاءِ مِنْ كُلِّ الطَّوَائِفِ الْبِدْعِيَّةِ الَّتِي انْحَرَفَتْ فِي فِكْرِهَا وَعَقِيدَتِهَا.

 

وَمَا ذَاكَ إِلَّا لِأَنَّ الْمَنْهَجَ السُّنِّيَّ الْحَقَّ يُضَلِّلُ الطُّرُقَ الْبِدْعِيَّةَ، وَالْأَفْكَارَ الْمُنْحَرِفَةَ الَّتِي قَامَتْ عَلَيْهَا تِلْكَ الطَّوَائِفُ؛ حِمَايَةً لِلدِّينِ، وَإِبْقَاءً لِصُورَةِ الْإِسْلَامِ النَّاصِعَةِ.

هَذِهِ الطَّوَائِفُ الْبِدْعِيَّةُ -وَإِنِ اتَّفَقَتْ عَلَى عَدَاءِ أَهْلِ السُّنَّةِ- تَتَفَاوَتُ فِي دَرَجَةِ بُغْضِهَا وَحِقْدِهَا.

 

وَلَوْ فَتَّشْنَا كُتُبَ الْمِلَلِ، وَتَأَمَّلْنَا حَوَادِثَ التَّارِيخِ، لَمَا وَجَدْنَا طَائِفَةً بِدْعِيَّةً كَرِهَتْ وَكَادَتْ وَعَادَتْ أَهْلَ السُّنَّةِ مِثْلَ الشِّيعَةِ الْإِمَامِيَّةِ.

 

فَحِقْدُهُمْ عَلَيْنَا غَائِرٌ، وَعَدَاؤُهُمْ لَنَا مُسْتَحْكَمٌ، فَمَاذَا نَنْتَظِرُ -عِبَادَ اللَّهِ- مِنْ قَوْمٍ غَدَوْا عَلَى رُمُوزِ أَهْلِ السُّنَّةِ، عَلَى أَصْحَابِ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فَأَطْلَقُوا أَلْسِنَتَهُمُ الْحِدَادَ تَكْفِيرًا، وَتَفْسِيقًا، وَلَعْنًا، وَقَذْفًا؟!

عَكَفُوا عَلَى سَبِّ الصَّحَابَةِ قُرْبَةً *** وَرَمَوْهُمُوا بِالنَّصْبِ وَالْكُفْرَانِ

قَذَفُوا الْبَتُولَ بِكُفْرِهِمْ وَضَلَالِهِمْ ***وَهِيَ الطَّهُورُ بِمُحْكَمِ الْقُرْآنِ

مَنْ مِثْلُهَا نَزَلَ الْقُرَانُ بِطُهْرِهَا *** يَا عَارَ مَنْ فِي الْأَرْضِ مِنْ إِنْسَانِ!

أَصْحَابُهُ خَيْرُ الْعَوَالِمِ سِيرَةً *** وَأَجَلُّهُمْ لَا سِيَّمَا الشَّيْخَانِ

أَثْنَى عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ فِي مُحْكَمِ التْـ *** ـتَوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالْقُرْآنِ

لَا يَشْتُمُ الشَّيْخَيْنِ إِلَّا كَافِرٌ *** بَلْ مَارِقٌ مِنْ رِبْقَةِ الْأَدْيَانِ

 

إِنَّ الْحَدِيثَ عَنْ حِقْدِ هَؤُلَاءِ يَبْدَأُ وَلَا يَنْتَهِي، وَلَوْ تَأَمَّلْنَا الْمَصَائِبَ الْعِظَامَ عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ لَرَأَيْنَا وَرَاءَهَا غَدْرَةَ وَخِيَانَةَ بَاطِنِيٍّ: (هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قَاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ) [المنافقون:4].

 

وَرَحِمَ اللَّهُ شَيْخَ الْإِسْلَامِ ابْنَ تَيْمِيَّةَ الَّذِي سَبَرَ عَقِيدَتَهُمْ وَأَخْلَاقَهُمْ وَأَفْعَالَهُمْ، فَقَالَ عَنْهُمْ: "يَمِيلُونَ مَعَ أَعْدَاءِ الدِّينِ، لَقَدْ رَأَيْنَا وَرَأَى الْمُسْلِمُونَ أَنَّهُ إِذَا ابْتُلِيَ الْمُسْلِمُونَ بِعَدُوٍّ كَافِرٍ كَانُوا مَعَهُ عَلَى الْمُسْلِمِينَ" اهـ.

 

وَهَا نَحْنُ فِي عَصْرِنَا هَذَا نَرَى شَيْئًا مِنْ حِقْدِهِمْ عَلَى أَهْلِ السُّنَّةِ، فَسَلُوا الْعِرَاقَ، وَسَائِلُوا لِبْنَانَ، وَاسْتَنْطِقُوا أَرْضَ الشَّامِ، عَنِ الْعَدَاءِ الَّذِي يَرَوْنَهُ وَيَذُوقُونَهُ.

 

كَمْ كَانَتْ شُعُوبُ الْمُسْلِمِينَ تُخَدَّرُ لِسَنَوَاتٍ طَوِيلَةٍ بِشِعَارَاتِ التَّقَارُبِ! وَكَمْ كُنَّا مَخْدُوعِينَ بِسِلَاحِ الْمُمَانَعَةِ وَالْمُقَاوَمَةِ كَثِيرًا!

 

فَجَزَى اللَّهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ! فَضَحَتْ وَعَرَّتْ هَذِهِ الْفِرَقَ الْبَاطِنِيَّةَ، فَإِذَا بِهَذِهِ الطَّائِفَةِ الْبَاطِنِيَّةِ تَرْتَكِبُ مِنَ الْمَجَازِرِ وَالْقَتْلِ وَالْوَحْشِيَّةِ مَا يَعْجَزُ عَنْ وَصْفِهِ اللِّسَانُ.

 

فَشُكْرًا شُكْرًا أَيَّتُهَا الْأَزَمَاتُ! لَقَدْ تَيَقَّنَتْ شُعُوبُ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ التَّقَنُّعَ بِالْمُمَانَعَةِ مَا هُوَ إِلَّا دِعَايَةٌ يُغَطِّي بِهَا النِّظَامُ الشِّيعِيُّ النُّصَيْرِيُّ خِيَانَتَهُ وَعِمَالَتَهُ وَحِمَايَتَهُ لِحُدُودِ الصَّهَايِنَةِ مِنْ جِهَةِ الْجُولَانِ، هَذِهِ الْجِهَةُ الْمُحْتَلَّةُ النَّاعِمَةُ الْمُسَالِمَةُ، لَمْ تُرْمَ حَتَّى بِحَجَرٍ وَاحِدٍ، رَغْمَ كُلِّ الْجَرَائِمِ الْيَهُودِيَّةِ فِي بِلَادِ الْإِسْرَاءِ.

 

جَزَىَ اللَّهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ! فَلَقَدْ أَثْبَتَتْ لَنَا صِدْقَ مَا كَتَبَهُ الْعُلَمَاءُ الْأَكَابِرُ عَنْ حَقِيقَةِ هَؤُلَاءِ الْبَاطِنِيِّينَ الَّذِينَ لَا يَعْرِفُونَ حُرْمَةً لِدِينٍ، وَلَا رَحْمَةً لِإِنْسَانٍ مُسْلِمٍ.

 

بَلْ لَمْ يَعْرِفِ الْمُسْلِمُونَ فِي تَارِيخِهِمْ وَوَاقِعِهِمْ مَنْ أَجْبَرَهُمْ عَلَى الْكُفْرِ، وَاسْتَهْدَفَ مَسَاجِدَهُمْ، وَمَزَّقَ مَصَاحِفَهُمْ، وَاسْتَهْزَأَ بِشَعَائِرِهِمْ، كَمَا تَفْعَلُهُ الْفِرَقُ الْبَاطِنِيَّةُ الشِّيعِيَّةُ.

 

جَزَى اللَّهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ! كُنَّا بِالْأَمْسِ، حِينَ يُشْهِدُنَا التَّارِيخُ عَلَيْهِمْ، نَظُنُّ أَنَّ تِلْكَ ضَغَائِنَ طَوَاهَا الزَّمَانُ، فَلَقَدْ كُنَّا نَقْرَأُ قَدِيمًا فِي كُتُبِهِمْ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ، مَا تَقُولُ فِي قَتْلِ النَّاصِبِيِّ السُّنِّيِّ؟ قَالَ: حَلَالُ الدَّمِ، وَلَكِنِّي أَتَّقِي عَلَيْكَ، فَإِنْ قَدَرْتَ أَنْ تَقْلِبَ عَلَيْهِ حَائِطًا أَوْ تُغْرِقَهُ فِي مَاءٍ؛ لِكَيْلَا يَشْهَدَ بِهِ عَلَيْكَ، فَافْعَلْ.

 

لَا؛ لَيْسَ هَذَا تَارِيخُ أُمَمٍ سَلَفَتْ وَغَبَرَتْ، بَلِ التَّارِيخُ وَالْوَاقِعُ يَشْهَدُ أنَّ تِلْكَ لِقَلِيلٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنْ عَدَاءِ الْبَاطِنِيَّةِ، وَاسْتِبَاحَتِهِمْ لِدِمَاءِ وَأَمْوَالِ الْمُسْلِمِينَ.

 

يَقُولُ الْخُمَيْنِيُّ الْهَالِكُ فِي كِتَابِ الْوَسِيلَةِ فِي إِبَاحَةِ أَخْذِ أَمْوَالِ أَهْلِ السُّنَّةِ: "وَالْأَقْوَى إِلْحَاقُ النَّاصِبِيِّ بِأَهْلِ الْحَرْبِ فِي إِبَاحَةِ مَا اغْتُنِمَ مِنْهُمْ، وَتَعَلَّقَ الْخُمُسُ بِهِ؛ بَلِ الظَّاهِرُ جَوَازُ مَالِهِ أَيْنَ وُجِدَ، وَبِأَيِّ نَحْوٍ كَانَ".

 

إِنَّنَا حِينَ نَتَحَدَّثُ عَنْ أَنَّهُ مَا عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ أُمَّةٌ أَكْثَرُ حِقْدًا وَحَسَدًا عَلَى أُمَّةِ الْإِسْلَامِ كَطَائِفَةِ الرَّفْضِ، لَيْسَتْ -وَاللَّهِ- طَائِفِيَّةً، بَلْ هِيَ مِنْ بَابِ قَوْلِهِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا خُذُوا حِذْرَكُمْ) [النساء:71] كَيْفَ؟! وَنُذُرُ الْخَطَرِ تَدُقُّ أَجْرَاسَهَا هُنَا وَهُنَاكَ.

 

هَلْ طَائِفِيَّةٌ أَوْضَحُ مِنْ قَوْلِ مَرْجِعِهِمْ نِعْمَةِ اللَّهِ الْجَزَائِرِيِّ: إِنَّنَا لَمْ نَجْتَمِعْ مَعَهُمْ -يَعْنِي: أَهْلَ السُّنَّةِ- لَا عَلَى إِلَهٍ، وَلَا عَلَى نَبِيٍّ، وَلَا عَلَى إِمَامٍ، إِنَّ رَبَّهُمُ الَّذِي كَانَ مُحَمَّدًا نَبِيُّهُ وَخَلِيفَتَهُ أَبُو بَكْرٍ لَيْسَ رَبَّنَا، وَلَا ذَلِكَ النَّبِيُّ نَبِيُّنَا!

 

الطَّائِفِيَّةُ حِينَ نَرَى دِمَاءَ أَهْلِ السُّنَّةِ تُسَالُ؛ لِأَنَّهُمْ أَهْلُ سُنَّةٍ، وَخِيَارَ السَّلَفِ يُلْعَنُونَ، ثُمَّ يُقَالُ لَنَا بِبُرُودٍ: لَا تَنْفُخُوا فِي نَارِ الطَّائِفِيَّةِ!

 

الطَّائِفِيَّةُ أَنْ تَفْتِكَ بِنَا الْبَاطِنِيَّةُ، وَتَتَشَفَّى فِي جَرَائِمِهَا مَرَّةً بَعْدَ مَرَّةٍ؛  لِأَنَّنَا لَا نُؤْمِنُ بِبِدَعِهِمُ الْكُفْرِيَّةِ.

 

نَعَمْ، لَقَدْ أَصْبَحْنَا كُلَّ يَوْمٍ نَصْحُو عَلَى مَجْزَرَةٍ جَدِيدَةٍ، ثُمَّ لَا نَزِيدُ عَلَى الْحَوْقَلَةِ وَالِاسْتِرْجَاعِ وَالتَّبَاكِي، ثُمَّ يُطْلَبُ مِنَّا أَنْ نَنْظُرَ وَلَا نَنْصُرَ حَتَّى لَا يُقَالَ عَنَّا: إِنَّنَا طَائِفِيُّونَ.

 

الطَّائِفِيَّةُ الْحَقَّةُ أَنْ يَلْبَسَ الْبَاطِنِيُّونَ ثَوْبَ الطَّائِفِيَّةِ الْقَاتِمَ، ثُمَّ يَرْمُونَنَا بِهَا، وَيَتَبَاكَوْنَ عَلَى نَارِهَا؛ لِيَقُولُوا بِلِسَانِ الْحَالِ: إِنَّا بُرَآءُ مِنْهَا!  فَجَزَى اللَّهُ الشَّدَائِدَ كُلَّ خَيْرٍ!

 

أَعُوذُ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطَانِ الرَّجِيمِ: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَتَّخِذُوا بِطَانَةً مِنْ دُونِكُمْ لَا يَأْلُونَكُمْ خَبَالًا وَدُّوا مَا عَنِتُّمْ قَدْ بَدَتِ الْبَغْضَاءُ مِنْ أَفْوَاهِهِمْ وَمَا تُخْفِي صُدُورُهُمْ أَكْبَرُ قَدْ بَيَّنَّا لَكُمُ الْآيَاتِ إِنْ كُنْتُمْ تَعْقِلُونَ) [آل عمران:118].

 

بَارَكَ اللَّهُ لِي وَلَكُمْ ...

 

 

الْخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:

 

أَمَّا بَعْدُ: يَقُولُ صَاحِبُ كِتَابِ "حَتَّى لَا نَنْخَدِعَ" مُبَيِّنًا عَدَاءَ الرَّافِضَةِ: إِنَّ الْحُرُوبَ الصَّلِيبِيَّةِ الَّتِي قَامَ بِهَا الصَّلِيبِيُّونَ ضِدَّ الْأُمَّةِ لَيْسَتْ إِلَّا حَلْقَةً مِنْ الْحَلَقَاتِ الْمُدَبَّرَةِ الَّتِي دَبَّرَهَا الرَّافِضَةُ ضِدَّ الْإِسْلَامِ وَالْمُسْلِمِينَ، كَمَا يَذْكُرُ ذَلِكَ ابْنُ الْأَثِيرِ وَغَيْرُهُ مِنَ الْمُؤَرِّخِينَ.

 

وَقَبْلَهُ قَالَ أَحَدُ الْمُسْتَشْرِقِينَ: لَوْلَا الصَّفَوِيُّونَ فِي إِيرَانَ لَكُنَّا الْيَوْمَ فِي فَرَنْسَا وَبِلْجِيكَا وَأُورُبَّا نَقْرَأُ الْقُرْآنَ كَالْجَزَائِرِيِّينَ.

 

يَا أَهْلَ الْإِيمَانِ: دَعُونَا مِنْ زَمَنٍ مَضَى وَغَبَرَ، وَخُذُوا مِنْ عَصْرِكُمْ هَذَا كُلَّ عِظَةٍ وَعِبَرٍ، هَا نَحْنُ نَرَى فِي شَامِنَا الْيَوْمَ، وَفِي عِرَاقِنَا بِالْأَمْسِ، جَرَائِمَ تَشِيبُ لَهَا الْمَفَارِقُ، وَمَجَازِرَ كُنَّا نَظُنُّهَا مِنْ فَظَاعَتِهَا وَبَشَاعَتِهَا أَنَّهَا لَا تُوجَدُ إِلَّا فِي الرِّوَايَاتِ أَوِ الْخَيَالَاتِ، جَرَائِمَ لَا تَحْتَمِلُ مُهَجٌ بَشَرِيَّةٌ أَنْ تَرَاهَا.

 

وَالسُّؤَالُ الْأَهَمُّ: كَيْفَ حَصَلَتْ هَذِهِ الْوَحْشِيَّةُ وَالْمَجَازِرُ اللَّاإِنْسَانِيَّةُ؟! مَا هَذِهِ الْقُلُوبُ الْمُتَصَلِّبَةُ الْمُتَصَخِّرَةُ الَّتِي نُزِعَتْ مِنْهَا كُلُّ مَعَانِي الرَّحْمَةِ وَالرَّأْفَةِ بِالْإِنْسَانِ؟!

وَالْجَوَابُ: إِنَّ هَذَا لَمْ يَكُنْ لِيَحْدُثَ وَيَحْصُلَ لَوْلَا أَنَّ هَذِهِ الْقُلُوبَ حُشِيَتْ وَغُذِّيَتْ بِلَوْثَاتٍ فِكْرِيَّةٍ، وَسَوْءَاتٍ عَقَدِيَّةٍ.

 

إِنَّ هَذِهِ الْمَجَازِرَ الَّتِي نَرَاهَا وَنَذْهَلُ مِنْهَا عَلَى أَيْدِي الشِّيعَةِ النُّصَيْرِيَّةِ وَمَنْ حَالَفَهُمْ مِنَ الرَّافِضَةِ الْإِمَامِيَّةِ مَا هِيَ إِلَّا تَنْفِيسٌ لِيَسِيرٍ مِنْ كَثِيرٍ مِنَ الْأَحْقَادِ الْمُتَرَاكِمَةِ فِي صُدُورِهِمْ تُجَاهَ أَهْلِ السُّنَّةِ.

 

أَحْقَادٌ كَبُرَتْ وَتَنَامَتْ وَفْقَ تَعَالِيمَ عَقَدِيَّةٍ، يَتَلَقَّوْنَهَا مُنْذُ الصِّغَرِ، عَقَائِدُ تُصَوِّرُ لَهُمْ أَنَّ لَعْنَ وَتَخْوِينَ وَتَكْفِيرَ خِيَارِ الْأُمَّةِ عَمَلٌ صَالِحٌ مَشْرُوعٌ، عَقَائِدُ تُرَوِّضُ أَتْبَاعَهَا عَلَى الْغَضَبِ كُلَّ حِينٍ، تُرَبِّي أَتْبَاعَهَا مُنْذُ نَشْأَتِهِمْ عَلَى النُّوَاحِ وَالصِّيَاحِ عَلَى الثَّأْرِ، عَقَائِدُ تَتَعَاهَدُ أَتْبَاعَهَا عَلَى التَّبَاكِي عَلَى مَظْلُومِيَّةِ آلِ الْبَيْتِ، لَيْسَ مَرَّةً كُلَّ عَامٍ، بَلْ مَرَّاتٍ وَكَرَّاتٍ، لِمَاذَا؟! حَتَّى تَبْقَى نُفُوسُهُمْ مُسْتَعِرَةً، وَقُلُوبُهُمْ مُلْتَهِبَةً لِيَوْمِ الِانْقِضَاضِ.

 

طُقُوسٌ يَتَرَبَّى فِيهَا الْأَتْبَاعُ عَلَى ضَرْبِ الرُّؤُوسِ وَالصُّدُورِ، وَإِسَالَةِ الدِّمَاءِ مِنَ الْجِبَاهِ وَالظُّهُورِ، مَعَ تَهْيِيجِهِمْ بِقِصَصٍ وَأَكَاذِيبَ تَسْتَدِرُّ عَوَاطِفَهُمْ، وَتُهَيِّجُ بُكَاءَهُمْ.

مَجَالِسُ حُسَيْنِيَّةٌ تَشْحَنُ الْقُلُوبَ بِالْأَحْقَادِ التَّارِيخِيَّةِ، ثُمَّ تُوصِيهِمْ بِالْكِتْمَانِ وَالتَّقِيَّةِ.

 

تُعَلِّمُهُمْ عَقَائِدُهُمْ أَنَّ عَدُوًّا أَخْطَرُ عَلَيْهِمْ مِنْ كُلِّ عَدُوٍّ، هَذَا الْعَدُوُّ اسْمُهُ النَّاصِبِيُّ! أَمَّا مَنْ هُوَ النَّاصِبِيُّ: فَهُوَ الَّذِي لَا يُؤْمِنُ وَيَعْتَقِدُ بِالْأَئِمَّةِ عَلَى التَّفْصِيلِ الشِّيعِيِّ!

 

تُعَلِّمُهُمْ عَقَائِدُهُمْ أَنَّ هَذَا النَّاصِبِيَّ مُبَاحُ الدَّمِ وَالْمَالِ وَالْعِرْضِ. هَذِهِ الْعَقَائِدُ الْفَاجِرَةُ الْمُتَطَرِّفَةُ الْمُنْحَرِفَةُ هِيَ الَّتِي خَرَّجَتْ هَؤُلَاءِ الْإِرْهَابِيِّينَ الْمُتَعَطِّشِينَ لِلدِّمَاءِ، وَالْمُتَفَنِّنِينَ فِي الِانْتِقَامِ.

 

هَذِهِ الْعَقَائِدُ الْفَاسِدَةُ هِيَ الَّتِي خَرَّجَتْ لِلْعَالَمِ وُحُوشًا تَتَشَفَّى فِي قَتْلِهَا، وَسَلُوا أَهْلَ الْعِرَاقِ وَسُورِيَّا عَنْ حَرْقِ الْجُثَثِ، وَصُوَرِ تَقْطِيعِ الْأَعْضَاءِ بِالْمَنَاشِيرِ، وَحَفْرِ الرُّؤُوسِ بِالدِّرِيلَّاتِ.

 

هَذَا التُّرَاثُ الْعَقَدِيُّ بِمُؤَلَّفَاتِهِ وَخُطَبِهِ وَمَآتِمِهِ وَمَقَاطِعِهِ الْمُنْتَشِرَةِ الَّتِي لَمْ تَعُدْ حَدِيثًا خَافِتًا، لَمْ نَرَ الْإِعْلَامَ اللِّيبْرَالِيَّ يَلْتَفِتُ إِلَيْهَا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يُعْلِيَ الصَّوْتَ بِالتَّحْذِيرِ مِنْهَا.

 

فَهِيَ فِي نَظَرِهِ لَا تَسْتَحِقُّ الِالْتِفَاتَ، وَالِالْتِفَاتُ إِلَيْهَا يَعْنِي تَغْذِيَةَ الطَّائِفِيَّةِ وَالْكَرَاهِيَةِ، فَالْعَدَاءُ الْعَقَدِيُّ -كَمَا يُرَدِّدُونَ- مَا هُوَ إِلَّا خُرَافَةٌ فِي عُقُولِ الْمُتَطَرِّفِينَ.

إِذَا كَانَ هَؤُلَاءِ الْوَاقِعِيُّونَ لَا يَتَّعِظُونَ بِالتَّارِيخِ الْمَلِيءِ الْمُتْخَمِ بِفَظَائِعِ هَذِهِ الْفِرَقِ الْبَاطِنِيَّةِ؛ فَمَاذَا يَقُولُونَ عَنْ مَجَازِرِ الشَّامِ الْيَوْمَ؟!

فَيَا أَيُّهَا الْوَاقِعِيُّونَ الْهَارِبُونَ مِنْ شَبَحِ الطَّائِفِيَّةِ؛ تَأَمَّلُوا مَاذَا يُدَرِّسُ الْبَاطِنِيُّونَ لِأَطْفَالِهِمْ وَشَبَابِهِمْ فِي حَوْزَاتِهِمْ، وَحُسَيْنِيَّاتِهِمْ، وَمَدَارِسِهِمْ؟

يَتَرَبَّوْنَ وَيَتَوَاصَوْنَ عَلَى الطَّائِفِيَّةِ، وَالْوَلَاءِ لِلْمَذْهَبِ، وَالطَّاعَةِ الْعَمْيَاءِ لِلْمَرْجِعِ.

 

وَهَا هُمْ رَافِضَةُ إِيرَانَ وَالْعِرَاقِ وَلِبْنَانَ يَتَنَادَوْنَ لِنُصْرَةِ النِّظَامِ الشِّيعِيِّ النُّصَيْرِيِّ، لَيْسَ حُبًّا فِي النُّصَيْرِيَّةِ، وَلَكِنْ بُغْضًا وَكُرْهًا مِنْ قِيَامِ بَدِيلٍ سُنِّيٍّ يَقْطَعُ عَلَى الصَّفَوِيَّةِ أَطْمَاعَهَا، وَأَحْلَامَهَا التَّمَدُّدِيَّةَ.

 

هَذَا الْعَدَاءُ الْمُشَاهَدُ عَلَى أَرْضِ الْوَاقِعِ إِنَّمَا أَنْتَجَهُ التُّرَاثُ الشِّيعِيُّ الْأَسْوَدُ الْمَلِيءُ بِالطَّائِفِيَّةِ وَإِغَارَةِ الصُّدُورِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ.

 

وَمَنْ يَظُنُّ أَنَّ هَذَا التُّرَاثَ قَدْ طَوَاهُ الزَّمَانُ، وَكَفَّنَهُ التَّارِيخُ، فَلْيَقْرَأْ لِمُرْشِدِ ثَوْرَتِهِمْ وَإِمَامِهِمُ الْمُقَدَّسِ الْخُمَيْنِيِّ الَّذِي تُرْفَعُ صُوَرُهُ فِي كُلِّ مَكَانٍ، حَيْثُ يَقُولُ عَنِ الْمُسْلِمِ غَيْرِ الشِّيعِيِّ مَا نَصُّهُ: غَيْرُنَا لَيْسُوا بِإِخْوَانِنَا وَإِنْ كَانُوا مُسْلِمِينَ؛ فَلَا شُبْهَةَ فِي عَدَمِ احْتِرَامِهِمْ، بَلْ هُوَ مِنْ ضَرُورِيِّ الْمَذْهَبِ كَمَا قَالَ الْمُحَقِّقُونَ، بَلِ النَّاظِرُ فِي الْأَخْبَارِ الْكَثِيرَةِ، وفِي الْأَبْوَابِ الْمُتَفَرِّقَةِ لَا يَرْتَابُ فِي جَوَازِ هَتْكِهِمْ، وَالْوَقِيعَةِ فِيهِمْ، بَلِ الْأَئِمَّةُ الْمَعْصُومُونَ أَكْثَرُوا فِي الطَّعْنِ وَاللَّعْنِ عَلَيْهِمْ وَذِكْرِ مَسَاوِئِهِمْ.

 

أَمَّا فِي كِتَابِهِ "الْوَصِيَّةُ السِّيَاسِيَّةُ الْإِلَهِيَّةُ" الصَّفْحَةِ الْعَاشِرَةِ، فَقَدْ وَصَفَ طِبَاعَةَ الْقُرْآنِ الْكَرِيمِ فِي هَذَا الْبَلَدِ بِأَنَّ هَدَفَهَا نَشْرُ الْوَهَّابِيَّةِ، وَلِأَجْلِ هَدْمِ الْإِسْلَامِ.

 

اللَّهُمَّ احْفَظْنَا مِنْ شَرِّ الْأَشْرَارِ، وَكَيْدِ الْفُجَّارِ، اللَّهُمَّ احْفَظْ بِلَادَنَا وَبِلَادَ الْمُسْلِمِينَ مِنْ كُلِّ شَرٍّ وَسُوءٍ وَمَكْرُوهٍ.

 

اللَّهُمَّ صَلِّ عَلَى مُحَمَّدٍ...

 

 

 

 

المرفقات

الباطني على أمة الإسلام1

الباطني على أمة الإسلام - مشكولة

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات