عناصر الخطبة
1/ القرآن نذير للعباد 2/ الإنذار مهمة الأنبياء والمرسلين 3/ عاقبة الإعراض عن الإنذار (الحكام والدول المتكبرة أنموذجا) 4/ نظرة تاريخية وواقعية 5/ العقوبة رهن بالإنذار 6/ عدم اتعاظ كثير من الناس بالنذراقتباس
أنزل الله تعالى القرآن نذيرًا للعباد، ينذرهم أسباب العذاب، ويذكرهم بيوم الحساب، وكم فيه من آية تنص على أنه إنما أنزل ليكون نذيرًا للناس من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً)، (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا). والإنذار مهمة النبيين أجمعين، خوطب به كلّ واحد منهم، وقاموا به في أقوامهم ..
الحمد لله العليم الخبير؛ أنذر عباده بالقرآن، وخوّفهم بالآيات، وذكّرهم المثلات؛ ليعتبروا ويتعظوا (كِتَابٌ أُنزِلَ إِلَيْكَ فَلا يَكُنْ فِي صَدْرِكَ حَرَجٌ مِنْهُ لِتُنذِرَ بِهِ وَذِكْرَى لِلْمُؤْمِنِينَ) [الأعراف:2] نحمده على ما هدى وأعطى، ونشكره على ما دفع وكفى؛ فلا رجاء لمن أراد النجاة إلا فيه، ولا مفر من نقمته إلا إليه: (فَفِرُّوا إِلَى اللَّهِ إِنِّي لَكُمْ مِنْهُ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الذاريات:50]، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمّدًا عبده ورسوله؛ بعثه الله تعالى إلى الناس ليبشرهم برحمة الله تعالى ومغفرته؛ ولينذرهم بطشه ونقمته: (إِنَّا أَرْسَلْنَاكَ بِالْحَقِّ بَشِيراً وَنَذِيراً) [البقرة:119]، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه وأتباعه إلى يوم الدين.
أما بعد: فاتقوا الله -عباد الله- وأسلموا له وجوهكم، وأنيبوا له بقلوبكم، وسلموا له جميع أموركم، فلا قوة إلا بالله العزيز الحكيم: (وَإِنْ يَمْسَسْكَ اللَّهُ بِضُرٍّ فَلا كَاشِفَ لَهُ إِلاَّ هُوَ وَإِنْ يَمْسَسْكَ بِخَيْرٍ فَهُوَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ (17) وَهُوَ الْقَاهِرُ فَوْقَ عِبَادِهِ وَهُوَ الْحَكِيمُ الْخَبِيرُ) [الأنعام:18]، لا يقع شيء في الكون إلا بعلمه، ولا يقضى قضاءً إلا بأمره: (بَدِيعُ السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَإِذَا قَضَى أَمْراً فَإِنَّمَا يَقُولُ لَهُ كُنْ فَيَكُونُ) [البقرة:117].
أيها الناس: أنزل الله تعالى القرآن نذيرًا للعباد، ينذرهم أسباب العذاب، ويذكرهم بيوم الحساب، وكم فيه من آية تنص على أنه إنما أنزل ليكون نذيرًا للناس من عذاب الدنيا وعذاب الآخرة: (تَبَارَكَ الَّذِي نَزَّلَ الْفُرْقَانَ عَلَى عَبْدِهِ لِيَكُونَ لِلْعَالَمِينَ نَذِيراً) [الفرقان:1]، (وَكَذَلِكَ أَوْحَيْنَا إِلَيْكَ قُرْآناً عَرَبِيّاً لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرَى وَمَنْ حَوْلَهَا) [الشورى: 7].
والإنذار مهمة النبيين أجمعين، خوطب به كلّ واحد منهم، وقاموا به في أقوامهم، قال نوح وهود -عليهما السلام- يخاطب كلّ واحد منهما قومه: (أَوَعَجِبْتُمْ أَنْ جَاءَكُمْ ذِكْرٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَلَى رَجُلٍ مِنْكُمْ لِيُنذِرَكُمْ) [الأعراف:63].
وتتابع النذر على كل الأمم: (وَإِنْ مِنْ أُمَّةٍ إِلاَّ خلا فِيهَا نَذِيرٌ) [فاطر:24]؛ ولذا تنقطع معاذير الخلق يوم القيامة فيقال للمكذبين: (أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آيَاتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقَاءَ يَوْمِكُمْ هَذَا) [الزمر:71].
ونبيّنا محمد -صلى الله عليه وسلم- هو نذير من نذر سبقوه بالإنذار: (هَذَا نَذِيرٌ مِنْ النُّذُرِ الأُولَى) [النجم:56]، وحصرت مهمته -صلى الله عليه وسلم- في الإنذار: (إِنْ أَنْتَ إِلاَّ نَذِيرٌ) [فاطر:23]، (قُلْ يَا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّمَا أَنَا لَكُمْ نَذِيرٌ مُبِينٌ) [الحج:49]، وقال -صلى الله عليه وسلم-: "إني أنا النذير العريان، فالنجاء النجاء". متفق عليه.
وأول خطاب خوطب به -صلى الله عليه وسلم- بعد نبوءته كان أمرًا بالإنذار: (يَا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ * قُمْ فَأَنذِرْ) [المدثر:1-2].
ومن أجل أهداف حفظ القرآن استمرار الإنذار به إلى آخر الزمان ما دام على الأرض إنسان: (وَأُوحِيَ إِلَيَّ هَذَا الْقُرْآنُ لأُنذِرَكُمْ بِهِ وَمَنْ بَلَغَ) [الأنعام:19]، فهو نذير للمخاطبين به وقت التنزيل، ونذير لمن بلغه القرآن بعدهم إلى يوم الدين.
فالقرآن نذير لمن قرأه ووعاه، والرسل -عليهم السلام- نذر، وأتباع الرسل نذر ينذرون الناس إلى آخر الزمان، وآيات الله تعالى في الناس نذر، والإنذار هو: إخبار فيه تخويف، يقصد منه التحذير، فمم يخوف المنذرون؟! وماذا يحذرون؟!
إنهم ينذرون ويخوّفون من عقوبات الدنيا، ومن عذاب الآخرة، ينذرون من تحول العافية عنهم، وانقلاب أحوالهم من عزّ إلى ذلّ، ومن غنىً إلى فقر، ومن صحة إلى مرض، ومن أمن إلى خوف، ومن استقرار إلى اضطراب.
وقد أنذرهم القرآن والتاريخ والواقع الذي يشاهدونه:
فأما القرآن فقد أفاض في ذكر أخبار من انقلبت نعمهم إلى نقم، وعافيتهم إلى بلاء، وحسن عيشهم إلى كدر؛ بسبب استهانتهم بالنذر التي جاءتهم، واستخفافهم بإنذار الناصحين، منهم أفراد ومنهم أمم؛ أما الأفراد فمنهم صاحب الجنتين: دخل جنتيه مغترًّا بما هو فيه من النعيم والمال واكتمال الحال؛ ظانًّا أن ذلك يكون على الدوام: (وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَداً * وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً) [الكهف:35، 36]، ولم يقبل إنذار صاحبه له وهو يحاوره، فقلب الله تعالى حاله من الغنى إلى الفقر، ومن العز إلى الذل: (وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَداً) [الكهف:42]، وهي قصة نقرؤها كل جمعة حتى نعتبر ونتعظ، ونقبل نذر المنذرين.
وأما على مستوى الأمم فقد قال الله تعالى في أمة فرعون لما لم يقبلوا إنذار موسى -عليه السلام-: (فَأَخْرَجْنَاهُمْ مِنْ جَنَّاتٍ وَعُيُونٍ * وَكُنُوزٍ وَمَقَامٍ كَرِيمٍ * كَذَلِكَ وَأَوْرَثْنَاهَا بَنِي إِسْرَائِيلَ) [الشعراء:57-59]. إن علة التغيير على آل فرعون نجدها في قول الله تعالى: (وَلَقَدْ جَاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ * كَذَّبُوا بِآيَاتِنَا كُلِّهَا فَأَخَذْنَاهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ) [القمر:41-42].
والقرآن مليء بأخبار من حوّلت نعمهم إلى نقم، وغيرت أحوالهم عليهم، فنقلوا من أهنأ عيش وأطيبه إلى أنكد عيش وأمرّه، كيف وقد أنذرنا الله تعالى بما حل بعاد وثمود: (فَإِنْ أَعْرَضُوا فَقُلْ أَنذَرْتُكُمْ صَاعِقَةً مِثْلَ صَاعِقَةِ عَادٍ وَثَمُودَ) [فصلت:13].
وفي التاريخ أخبار سادة تغشى مجالسهم، وتوطأ أعقابهم، ويذل الناس لهم، يأمرون وينهون؛ قلب الله تعالى أحوالهم، وغيّر عليهم نعمهم بسوء أعمالهم، وبغرورهم بما أفاض سبحانه عليهم، وبضعف اعتبارهم بمن سبقوهم، وبعدم مبالاتهم بنذر الله تعالى إليهم، فصاروا أذلةً بعد العز، فقراء بعد الجدة.
وكم في التاريخ من أمة سادت على الأمم، وخضعت لها الدول، وحكمت الشعوب، حتى قيل فيها: لا تضعف أبدًا، فقلب الله تعالى حالها، وغيّر عليها نعمتها، وسلبها عافيتها.
وفي واقعنا المعاصر رأينا رأي العين أفرادًا تقلبوا في عز الرياسة عقودًا لا يرد لهم أمر، ولا يداس لهم على كنف، يتقرب من حولهم لهم؛ لينعموا عليهم ببعض ما عندهم، قد قلب الله تعالى أمرهم، وغيّر عليهم أحوالهم؛ فذاقوا مرارة الذل بعد العز، وشدة الخوف بعد الأمن، وتواروا عن الأنظار بعد الشهرة والأضواء، وتبرأ منهم كلّ صديق، ونأى عنهم كلّ قريب.
ورأينا أغنياء كانت ثرواتهم تعادل ميزانيات دول بأكملها، وينفقون على ترفهم في يوم واحد ما يغني ألوفًا من الناس، لا يشتهون طعامًا إلا جلب لهم في الحال من أقاصي الأرض، لم ينتبهوا لنذر الله تعالى إليهم، ولم يلتفتوا إلى غيره في غيرهم؛ قلب الله تعالى حالهم من الغنى إلى الفقر، فكسروا في تجارتهم، أو سلبت منهم ثرواتهم، فتصدق الناس عليهم.
ورأينا دولاً بلغت قمة المجد والسؤدد، وأرهبت سواها بالقوة والجبروت؛ فككها القوي الجبار بقدرته، وفرق شملها، وأذهب ريحها.
وعلمنا عن عقوبات ربّانية أهلكت أقومًا لم يأبهوا بالنذر، وجعلت ديارهم خرابًا يبابًا (أَمْ أَمِنتُمْ مَنْ فِي السَّمَاءِ أَنْ يُرْسِلَ عَلَيْكُمْ حَاصِباً فَسَتَعْلَمُونَ كَيْفَ نَذِيرِ) [الملك:17]، أي: حينها تعلمون عاقبة ردّكم لنذري، وعدم عنايتكم بهم.
وإذا كان كل هذا وقع في الدنيا، وقد رأينا بعضه وعشنا تفاصيله، وسمعنا عن بعضه وقرأنا أخباره، ففي الآخرة ما هو أعظم من ذلك وأكبر، وكلما عظمت منزلة الدار كان الإنذار لأجلها أعظم وأجل، وما الدنيا في الآخرة إلا كما يغمس أحدنا أصبعه في اليم فلينظر بم يرجع؟!
ولأجل علوّ الآخرة بالنسبة للدنيا كان الإنذار بها وأهوالها كثيرًا في القرآن الكريم: (وَأَنذِرْ النَّاسَ يَوْمَ يَأْتِيهِمْ الْعَذَابُ فَيَقُولُ الَّذِينَ ظَلَمُوا رَبَّنَا أَخِّرْنَا إِلَى أَجَلٍ قَرِيبٍ نُجِبْ دَعْوَتَكَ وَنَتَّبِعْ الرُّسُلَ) [إبراهيم:44]، (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الْحَسْرَةِ إِذْ قُضِيَ الأَمْرُ وَهُمْ فِي غَفْلَةٍ وَهُمْ لا يُؤْمِنُونَ) [مريم:39]، (وَأَنذِرْهُمْ يَوْمَ الآزِفَةِ إِذْ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَنَاجِرِ كَاظِمِينَ مَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَلا شَفِيعٍ يُطَاعُ) [غافر:18]، (وَتُنْذِرَ يَوْمَ الْجَمْعِ لا رَيْبَ فِيهِ فَرِيقٌ فِي الْجَنَّةِ وَفَرِيقٌ فِي السَّعِيرِ) [الشورى:7]، (إِنَّا أَنذَرْنَاكُمْ عَذَابًا قَرِيبًا يَوْمَ يَنظُرُ الْمَرْءُ مَا قَدَّمَتْ يَدَاهُ وَيَقُولُ الْكَافِرُ يَا لَيْتَنِي كُنتُ تُرَابًا) [النبأ:40].
فالعاقل من اتعظ بغيره، واعتنى بنذر الله تعالى إليه، فما أخذ أفراد، ولا أهلكت أمم، ولا حلّ الخسران ببشر إلا لما أعرضوا عن نذر الله تعالى إليهم.
أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قُلْ انْظُرُوا مَاذَا فِي السَّمَوَاتِ وَالأَرْضِ وَمَا تُغْنِي الآيَاتُ وَالنُّذُرُ عَنْ قَوْمٍ لا يُؤْمِنُونَ * فَهَلْ يَنْتَظِرُونَ إِلاَّ مِثْلَ أَيَّامِ الَّذِينَ خَلَوْا مِنْ قَبْلِهِمْ قُلْ فَانْتَظِرُوا إِنِّي مَعَكُمْ مِنْ الْمُنْتَظِرِينَ * ثُمَّ نُنَجِّي رُسُلَنَا وَالَّذِينَ آمَنُوا كَذَلِكَ حَقّاً عَلَيْنَا نُنْجِ الْمُؤْمِنِينَ) [يونس:101-103].
بارك الله لي ولكم في القرآن...
الخطبة الثانية:
الحمد لله حمدًا طيبًا كثيرًا مباركًا فيه كما يحب ربنا ويرضى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وأصحابه ومن اهتدى بهداهم إلى يوم الدين.
أما بعد:
فاتقوا الله تعالى وأطيعوه: (وَاتَّقُوا اللَّهَ وَاعْلَمُوا أَنَّكُمْ مُلاقُوهُ وَبَشِّرْ الْمُؤْمِنِينَ) [البقرة:223].
أيها المسلمون: من عدل الله تعالى في عباده أنه لا ينزل بهم عقوبةً في الدنيا ولا في الآخرة إلا بعد أن ينذرهم: (وَمَا أَهْلَكْنَا مِنْ قَرْيَةٍ إِلاَّ لَهَا مُنذِرُونَ * ذِكْرَى وَمَا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الشعراء:209]، وقد يتابع الله تعالى النذر على الناس، ويريهم من آياته ما يخوفهم، ولكن كثيرًا منهم لا يلقون لها بالاً، ولا يرفعون بها رأسًا، ولا ينظرون لما حل بغيرهم، وحينها يستوجبون نقمة الله تعالى، فينزل عقابه سبحانه بهم: (وَلَقَدْ أَنذَرَهُمْ بَطْشَتَنَا فَتَمَارَوْا بِالنُّذُرِ) [القمر:36]، فكانت النتيجة: (وَلَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذَابٌ مُسْتَقِرٌّ) [القمر:38].
وقال سبحانه في المعذبين: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا فِيهِمْ مُنذِرِينَ * فَانظُرْ كَيْفَ كَانَ عَاقِبَةُ الْمُنذَرِينَ) [الصفات:72، 73].
يقللون من أهمية نذر الله تعالى إليهم، وربما يسخرون بهم، ويعرضون عن تذكيره لهم: (وَاتَّخَذُوا آيَاتِي وَمَا أُنْذِرُوا هُزُواً) [الكهف:56]، (وَالَّذِينَ كَفَرُوا عَمَّا أُنْذِرُوا مُعْرِضُونَ) [الأحقاف:3].
قد صمت آذانهم عن سماع النذر: (قُلْ إِنَّمَا أُنذِرُكُمْ بِالْوَحْيِ وَلا يَسْمَعُ الصُّمُّ الدُّعَاءَ إِذَا مَا يُنذَرُونَ * وَلَئِنْ مَسَّتْهُمْ نَفْحَةٌ مِنْ عَذَابِ رَبِّكَ لَيَقُولُنَّ يَا وَيْلَنَا إِنَّا كُنَّا ظَالِمِينَ) [الأنبياء:45، 46].
بل إن كثيرًا من الناس في زمننا لا يزدادون مع إنذار الله تعالى لهم بالآيات الشرعية والنذر الكونية إلا استكبارًا عن آيات ربهم، وإصرارًا على غيهم، وانغماسًا في فجورهم: (فَلَمَّا جَاءَهُمْ نَذِيرٌ مَا زَادَهُمْ إِلاَّ نُفُوراً * اسْتِكْبَاراً فِي الأَرْضِ وَمَكْرَ السَّيِّئِ) [فاطر:42-43].
ألا تكفي نذر الله تعالى إلينا، وهي نذر ربانيّة قدرية عظيمة، سقط فيها جبابرة، وتبدلت فيها دول، وذهلت منها أمم، وحارت فيها عقول؟! إنها أحداث عظيمة، ونذر متتابعة توجب العظة والعبرة، والحذر والحيطة، ولا حافظ إلا الله تعالى، ولا احتياط إلا بدينه: "احفظ الله يحفظك، احفظ الله تجده أمامك، تعرف إليه في الرخاء يعرفك في الشدة".
ولنحذر -عباد الله- من أن نكون ممن قال الله تعالى فيهم: (وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ الأَنْبَاءِ مَا فِيهِ مُزْدَجَرٌ * حِكْمَةٌ بَالِغَةٌ فَمَا تُغْنِ النُّذُرُ) [القمر:5].
وصلوا وسلموا ..
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم