الصفوية والصفويون -7- (خيانة الصفويين للإسلام وقضايا الأمة)

رشيد بن إبراهيم بو عافية

2022-10-10 - 1444/03/14
عناصر الخطبة
1/ وصف ابن تيمية للرافضة   2/نماذج لخيانة الرافضة وغدرهم: في عهد عمر بن الخطاب - في عهد عثمان بن عفان - في عهد علي بن أبي طالب 3/خيانتهم للحسن بن علي رضي الله عنهما   4/غدرهم بالحسين بن علي رضي الله عنهما 5/وتستمر الخيانة فهل من معتبر؟!

اقتباس

وإننا هنا نقف وقفة المتفكر -معشر المؤمنين- إذا كان هذا حالهم مع من يدعون محبتهم, بل والمبالغة والغلو في محبتهم, فكيف يكون حالهم مع غيرهم؟! ولئن طالت محبيهم خياناتهم فمن باب أولى أن تطال غيرهم من المسلمين على ما نراه اليوم من مسارعتهم إلى الكفار وموالاتهم ومخادنتهم...

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمدُ لله الذي بنعمته اهتدى المهتدون, وبعدله ضل الضَّالون, ولحكمه خضع العباد أجمعون, لا يُسألُ عما يفعل وهم يُسألون، لا مانعَ لما وَهَب، ولا مُعْطيَ لما سَلَب، طاعتُهُ للعامِلِينَ أفْضلُ مُكْتَسب، وتَقْواه للمتقين أعْلَى نسَب, بقدرته تهبُّ الرياحُ ويسير الْغمام، وبحكمته ورحمته تتعاقب الليالِي والأيَّام.

 

أحمدُهُ -سبحانه- على جليلِ الصفاتِ وجميل الإِنعام, وأشكرُه شكرَ منْ طلب المزيدَ وَرَام, وأشهد أن لا إله إلاَّ الله وحده لا شريك له, لا تحيطُ به العقولُ والأوهام, وأشهد أنَّ محمدًا عبدُه ورسولُه أفضَلُ الأنام, صلَّى الله عليه وعلى صاحبه أبي بكرٍ السابق إلى الإِسلام, وعلى عمَرَ الَّذِي إذا رآه الشيطانُ هَام, وعلى عثمانَ الَّذِي جهَّزَ بمالِه جيشَ العُسْرةِ وأقام, وعلى عليٍّ الْبَحْرِ الخِضَمِّ والأسَدِ الضِّرْغَام، وعلى سائر آلِهِ وأصحابِه والتابعين لهم بإِحسانٍ على الدوام، وسلَّم تسليمًا كثيرًا.

 

أما بعد:  

 

معشر المؤمنين: نقف اليوم مع جانبٍ من خيانات الصفويين للإسلام والمسلمين وقضايا الأمة في كل مكان, لنكتشفَ بعد قليلٍ صدق قول شيخ الإسلام فيهم: "الرافضة هم أصل كل فتنةٍ وبليّة, وكثيرٌ من السيوف التي سُلّت على المسلمين إنَّما كانت من جهتهم, والذي ابتدع دين الرافضة ابن سبأ كان زنديقًا ملحدًا عدوًّا للإسلام وأهله" [منهاج السنة النبوية  4/362].   

 

أيها الإخوةُ في الله: إنّ هدف المشروع الصفوي الفارسي الشعوبي، هو السيطرة على العالَمَيْن العربي والإسلامي بدءً من إخضاع منطقة الهلال الخصيب (بلاد الشام والعراق)، وذلك باجتياحها ديموغرافياً ومذهبياً وتبشيرياً صفوياً وسياسياً وأمنياً وثقافياً واستيطانياً, ويقوم مشروعهم الخبيث هذا على مجموعة أركان أهما التآمُر على الإسلام وأهله.

 

نعم؛ التآمر مع القوى الصليبية إلى أبعد مدىً ممكن, لاجتياح بلادنا واحتلالها، وإفساح المجال لها ومساعدتها في السيطرة على أوطان المسلمين، والقيام بدورٍ خبيثٍ لا يقل خطورةً عن دور ابن سبأ و ابن العلقمي و غيرهما على مدار التاريخ!.

 

رصد لنا التاريخ -معشر المؤمنين- منذ عهد الخلافة الراشدة مرورًا بالعهد الأموي, والعباسي، والعثماني، وحتى هذا العصر كمًّا هائلًا من خيانات القوم وجرائمهم, وغدرهم, لو أردنا حصرها استيفاءً، وتتبعها استقراءً, لاحتجنا لجمعات متتاليات, وحسبنا الإشارة إلى أهمّها وللاستزادة يرجع المسلم إلى كتب التاريخ.

 

لقد بدأت أولى جرائمهم وخياناتهم، في عهد الخليفة العادل الراشد الذي أعز الله به الإسلام ببركة دعوة نبينا -صلى الله عليه وسلم له-؛ عمر بن الخطاب -رضي الله عنه-, وقد مثل هذه الخيانة المجوسي الفارسي "أبو لؤلؤة", الذي كان من سبي فارس بعد أن فتحها الله على المسلمين في عهد الفاروق عمر، فما كان من هذا المجوسي الفارسي بعد أن فاض بالحقد قلبه, واستفاض بالغدر همه إلا أن دبر مؤامرةً مع من يقاسمونه الكراهية والعداء لهذا الدين "الهرمزان" و"جفينة".

 

فتم طعن عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وهو في الصلاة, ومات -رضي الله عنه- من أثر تلك الطعنة, ولهذا الخائن أبي لؤلؤة المجوسي مشهدٌ في إيران يعظّمونه ويعتبرونه رمزًا من رموزهم!, وفي ذلك يقول صاحب كتاب (لله ثم للتاريخ): "واعلم أن في مدينة كاشان الإيرانية في منطقة تسمى باغيثين مشهدًا على غرار الجندي المجهول, فيه قبر وهمي لأبي لؤلؤة فيروز الفارسي المجوسي، قاتل الخليفة الثاني عمر بن الخطاب -رضي الله عنه- وأرضاه, حيث أطلقوا عليه ما معناه بالعربية "مرقد بابا شجاع الدين"، وبابا شجاع الدين، هو لقب أطلقوه على أبي لؤلؤة لقتله عمر بن الخطاب, وقد كتب على جدران هذا المشهد بالفارسي: "مرك بر أبو بكر، ومرك بر عمر، ومرك بر عثمان"، ومعناه بالعربية "الموت لأبي بكر، الموت لعمر، الموت لعثمان"!!. وهذا المشهد يزار من قبل الإيرانيين، وتلقى فيه الأموال والتبرعات".  ا. هـ كلامه.   

 

ثم ظهرت -معشر المؤمنين-  ثاني جريمة سياسية من جرائم الرافضة؛ ألا وهي جريمة مقتل الخليفة عثمان -رضي الله عنه-، بعد بث الشبه واستثارة الشعب ضده. لكن هذه المرة، الجريمة مستندة على مخطط وفكر متبلور وناضج وأكثر حبكةً من سابقتها، على يد المؤسس الحقيقي لمذهب الرفض اليهودي ابن سبأ، حتى أن فرقةً من فرق الرافضة انتسبت له وسموا بالسبئية. 

 

معشر المؤمنين: "عبد الله بن سبأ" هذا وإن كان يتبرأ منه الرافضة اليوم ظاهراً؛ إلا أنه يرسخ في أمهات كتبهم باطناً, حتى أن المحققين من علمائهم أكدوا أن هذه الشخصية مثبتة في أمهات كتب الرافضة، بل وفي كتب متنوعة ومصادر مختلفة, بعضها في كتب الرجال, وبعضها في الفقه, وبعضها في الفرق, ومن ذلك ما جاء في كتاب (شرح نهج البلاغة) ما ذكره ابن أبي الحديد؛ أن عبد الله بن سبأ قام إلى علي وهو يخطب. ومن كتاب (الأنوار النعمانية) ما ذكره سيدهم نعمة الله الجزائري قال: عبد الله ابن سبأ لعلي: "أنت الإله حقاً".

 

ومع أن هذا اليهودي الأصل، الرافضي المنهج والدعوة قد نجح في بث الفتن وتشكيك الناس في شرعية خلافة عثمان -رضي الله عنه-، ومع أنه تم وبإيعاز منه قتل الخليفة عثمان -رضي الله عنه-؛ إلا أنه لم يهدأ له بال بذلك لأنه حقيقةً لا يقصد عزل أمير وتنصيب آخر؛ بل أراد أن يفتن المسلمين ويلبس عليهم دينهم!, فاستمر يحيك المؤامرات، ويفتل حبائلها حتى في زمن أمير المؤمنين علي بن أبي طالب -رضي الله عنه-. 

 

فانظروا إلى الحقد والمكر والدّهاء -معشر المؤمنين- بعد أن كادت تخمد فتنة (وقعة الجمل) ويصطلح الفريقان ويسلمون لأمير المؤمنين علي، وإذا به وبأتباعه يغدرون ويصرون على قتال المسلمين، فيهجمون على أصحاب الجمل ويبدؤون بقتالهم ليوقعوا الحرب التي كادت أن تنطفئ دون قتال.

ليس هذا فحسب؛ بل إن الذين أظهروا تشيعهم لأمير المؤمنين علي -رضي الله عنه- في ذلك الوقت، وطلبوا منه الخروج إلى العراق وتحويل عاصمة الخلافة إلى الكوفة خذلوه وتخلوا عنه مراراً، فحين عزم على الخروج إلى أهل الشام؛ ليمسك بزمام أمور المسلمين حتى لا تكون فرقة واختلاف ولتتوحد كلمة المسلمين، تسللوا من معسكره دون علمه عائدين إلى بيوتهم, حتى بات معسكره خالياً!.  

 

وخانوه كذلك وخذلوه تارةً أخرى لما أقدمت جيوش خال المؤمنين - رغم أنف الرافضة - معاوية -رضي الله عنه- متوجهة لعين التمر من أطراف العراق, فاستنهضهم للدفاع عن أرض العراق فلم يجيبوه, حتى قال فيهم: "يا أهل الكوفة، كلما سمعتم بمنسر من مناسر أهل الشام انجحر كل امرئ منكم في بيته، وأغلق بابه انجحار الضب في جحره والضبع في وزارها، المغرور من غررتموه، ولمن فاز بكم فاز بالسهم الأخيب، لا أحرار عند النداء، ولا إخوان ثقة عند النجاة، إنا لله وإنا إليه راجعون".

  
ولما رأى ذلك اليهودي الرافضي أن الأمور السياسية في البلاد صارت كما خطط لها، لم يكتفِ بذلك، فأراد أن يهدم من الدين جانبه الأصيل حتى لا يكون للمسلمين مرد يردهم للحق إذا ما تنازعوا سياسياً, فبدأ بالجانب الديني الذي يمس عقيدة الإسلام يروم زعزعته كما زعزع سياسة البلاد في أركانها, فكان من جرائمه الدينية التي كان سنها حتى صارت ديناً وأصلاً من أصول الرافضة فيما بعد، الطعن والسب في الصحابة الكرام, وكان أول من دعا إلى القول بتأليه علي بن أبي طالب -رضي الله عنه- حتى هم علي بتحريقه ثم نفاه، وحرق السبئية الذين اتبعوا قوله وتمسكوا بتأليهه بعد أن رفضوا استتابته لهم.

 

وأخذ هذا اليهودي الرافضي يروج لخليط من فاسد معتقدات يهودية ونصرانية ومجوسية، حتى ثبتت هذه المعتقدات في نفوس أصحابها، فكانت أسس وأصول مذهب الروافض على جميع فرقهم إلى اليوم.  

 

نسأل الله السلامة والعافية, ونسأله التوفيق إلى ما يحب ويرضَى, أقول هذا القول وأستغفر الله العظيم لي ولكم من كل ذنب إنه غفور رحيم .

 

 

الخطبة الثانية:

 

أيها الإخوةُ في الله: وها هي خيانتهم تتواصل حتى بعد موته لتصل إلى ابنيه الحسن والحسين سبطي رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وسيدي شباب أهل الجنة، فخانوا الحسن حين أصروا عليه محرضين له بالخروج إلى الشام لقتال معاوية -رضي الله عنه-، فما كان منه - وهو الذي خبر مكرهم ووافقهم مسايرةً لهم لإخراج خبيئتهم وهو يميل برأيه إلى مصالحة معاوية- إلا أن جهز جيشاً على رأسه قيس بن عبادة, فلما نادى مناد بمقتل قيس؛ سرت فيهم الفوضى وأظهروا حقيقتهم وعدم ثباتهم، فانقلبوا على الحسن ينهبون متاعه, حتى نازعوه البساط الذي كان تحته بعد أن طعنوه وجرحوه!!.

 

ووصلت خيانتهم إلى أبعد من ذلك  فقد فكر المختار بن أبي عبيد الثقفي -وهو أحد شيعة العراق- بأن يهادن معاوية مقابل تسليم الحسن, فعرض على عمه سعد بن مسعود الذي كان والياً على المدائن بقوله: "هل لك في الغنى والشرف؟". فقال له عمه: "وما ذاك؟". قال: "توثق الحسن وتستأمن به إلى معاوية"، فقال له عمه: "عليك لعنة الله، أثب على ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فأوثقه، بئس الرجل أنت"!.

 

وأما في عهد الدولة الأموية -معشر المؤمنين- والذين استمر حكمهم من 41 الى 132 للهجرة؛ فلقد برزت خياناتهم في جانبها السياسي أكثر من الجانب العقدي، ذلك لأنهم يعلمون أنه متى كان للمسلمين خليفة مسلم يحسن حراسة دينهم وسياسة دنياهم؛ فإنه لن يكون للجانب العقدي أي أثر يذكر، لأنه ساع في قمع وإخماد كل فتنة وشبهة.

 

فكان لا بد لهم في هذه المرحلة من التركيز والاهتمام أولاً وبشكل أكبر على خلخلة الجانب السياسي والتي من خلالها يتخلخل الدين. فراحوا يستثيرون حمية الحسين بن علي -رضي الله عنهما- على دينه بأخبار وروايات مبالغ فيها ومكذوبة عن يزيد بن معاوية, من أنه ظلم الخلق وعطل الشريعة الحقة, حتى بادر بإرسال ابن عمه مسلم بن عقيل ليتحقق الأمر، وما إن وصل وعلم به أهل الكوفة حتى سارعوا إليه, فأخذ البيعة منهم, ثم أرسل ببيعة أهل الكوفة إلى الحسين.

فلما علم والي الكوفة عبيد الله بن زياد بأمر البيعة, جاء فقتل مسلماً بن عقيل كما قتل مضيفه هانئ بن عروة المرادي على مرأى ومسمع من شيعة أهل الكوفة الذين كانوا للتو مبايعين ومتحمسين ومحمسين للبيعة!!, ومع ذلك فلم يحركوا ساكناً للدفاع عن مسلم ولا عن هانئ, بعد أن اشترى عبيد الله ابن زياد ذممهم بالأموال!.

 

فليت شعري -معشر المؤمنين- أي عهد بل أي بيعة هذه التي نقضوها قبل أن يقيموها؟! وليت شعري أي تاريخ هذا الذي يسطر خيانة القوم ليعيد نفسه كما هو في أيامنا هذه؟!. فهذه الذمم أرخص ما تكون عند أصحاب الرفض في هذه الأيام كما في سالفها, حتى أنهم ليبيعونها بثمن بخس دراهم معدودة.

 

ومع هذا كله -معشر المؤمنين- أبى الحسين -رضي الله عنه- إلا أن يهرع لنجدتهم على ما ادعوه من وقوع الظلم بهم واستباحة الحرمات وتعطيل الحدود من قبل عمال يزيد بن معاوية, وإرسالهم بالبيعة له، فخرج على قلة من أصحابه المتابعين, وكثرة من المحذرين له من عدم الخروج, وبما حصل لأبيه وأخيه من غدراتهم مذكرين, ولكن أبى الله إلا أن يتم أمره, ولا حول ولا قوة إلا بالله!.

  
فلما علم يزيد بمقدم الحسين أرسل إليه جنده ليصدوه ويحيلوا بينه وبين صدع كلمة المسلمين، فلما رأى الحسين أنه قد أحيط به ورأى خذلان شيعته له، وخذلانهم عن مناصرته؛ علم أنه وقع في فخ خيانتهم، فعرض على قائد جند يزيد أحد ثلاثة: إما أن يعود من حيث أتى, أو يتركوه يمضي ليقابل يزيد بنفسه, وإلا فيدعوه يلحق بأهل الثغور مجاهداً مرابطاً.

 

وانظروا -معشر المؤمنين- إلى مطالب ابن بنت رسول الله -صلى الله عليه وسلم- ما أسدّها وأعدلها, وماذا كانت ستجنّبُ الأمّة؟!, ولكن عبيد الله بن زياد أبى إلا أن يقاتله, حتى استُشهد -رضي الله عنه- وأرضاه.

 

وإننا هنا نقف وقفة المتفكر -معشر المؤمنين-  إذا كان هذا حالهم مع من يدعون محبتهم, بل والمبالغة والغلو في محبتهم, فكيف يكون حالهم مع غيرهم؟! ولئن طالت محبيهم خياناتهم فمن باب أولى أن تطال غيرهم من المسلمين على ما نراه اليوم من مسارعتهم إلى الكفار وموالاتهم ومخادنتهم. 

 

اللهم حبب إلينا الإيمان وزيّنه في قلوبنا, وكره إلينا الكفر والفسوق والعصيان واجعلنا من الراشدين.

 

وصل اللهم وبارك على نبيك محمد وعلى آله وصحبه أجمعين والتابعين لهم بإحسان وسلّم. 

 

 

 

 

المرفقات

والصفويون -7- (خيانة الصفويين للإسلام وقضايا الأمّة)

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات