عناصر الخطبة
1/المقصود بالصبر 2/أنواع الصبر وأهمية كل نوع 3/فضائل الصبر على أقدار اللهاقتباس
إذا صبَّر الإنسان نفسه على طاعة الله، وثابر عليها صارت غريزة له وطبيعة يفرح بفعلها، ويغنم لفقدها. وإذا صبَّر نفسه عن المعصية تعودت ترك المعاصي، وصارت المعاصي مكروهة لديه وبغيضة عنده يفرح بفقدها، ويغتم لوجودها حتى يوفق للتوبة منها. وإذا صبَّر نفسه عن...
الخطبة الأولى:
الحمد لله الذي وعد الصابرين بغير حساب، وأثاب الشاكرين على النعم بدوامها والازدياد، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، من غير شك، ولا ارتياب، وأشهد أن محمدا عبده ورسوله سيد الرسل، وخلاصة العباد، صلى الله عليه وعلى آله وأصحابه والتابعين لهم بإحسان إلى يوم الدين والمآب، وسلم تسليما.
أما بعد:
أيها الناس: اتقوا الله -تعالى-، وكونوا مع الصابرين، فإنما (يُوَفَّى الصَّابِرُونَ أَجْرَهُمْ بِغَيْرِ حِسَابٍ)[الزمر: 10].
والصبر: حبس النفس على طاعة الله، وحبسها عن معصية الله، وحبسها عن التسخط من أقدار الله.
وما أعطي الإنسان عطاء خيرا، وأوسع من الصبر.
فإذا صبر الإنسان نفسه على طاعة الله، وثابر عليها صارت غريزة له وطبيعة يفرح بفعلها، ويغنم لفقدها.
وإذا صبر نفسه عن المعصية تعودت ترك المعاصي، وصارت المعاصي مكروهة لديه وبغيضة عنده يفرح بفقدها، ويغتم لوجودها حتى يوفق للتوبة منها.
وإذا صبر نفسه عن التسخط من أقدار الله صار راضيا مطمئنا بما قدره الله عليه: "إن أصابته ضراء صبر، فكان خيرا له، وإن أصابته سراء شكر، فكان خيرا له".
فالإنسان يصاب بمصيبة في نفسه، ومصيبة في أهله، ومصيبة في ماله، ومصيبة في أصحابه، ومصيبة في نواح أخرى.
فإذا قابل هذه المصائب بالصبر وانتظار الفرج من الله صارت المصائب تكفيرا لسيئاته، ورفعة في درجاته، وقد وردت الآيات، والأحاديث الكثيرة في ذلك، فقال الله -تعالى-: (وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ)[البقرة: 155-157].
وقال النبي -صلوات الله وسلامـه عليه-: "ما من مسلم يصيبه أذى من مرض فما سواه، إلا حط الله من سيئاته كما تحط الشجرة ورقها".
وقال لامرأة من الصحابيات: "أبشري فإن مرض المسلم يذهب الله به خطاياه كما تذهب النار خبث الحديد والفضة"[البخاري (5336) مسلم (2571) أحمد (1/441) الدارمي (2771)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما يزال البلاء بالمؤمن والمؤمنة في نفسه وولده، حتى يلقى الله -تعالى-، وما عليه خطيئة"[الترمذي (2399) أحمد (2/450)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "ما من مسلم يشاك بشوكة فما فوقها، إلا كتب له بها درجة، ومحيت عنه بها خطيئة"[أحمد (6/43) مالك (1751)].
وقال صلى الله عليه وسلم: "صداع المؤمن وشوكة يشاكها، أو شيء يؤذيه يرفعه الله بها يوم القيامة درجة، ويكفر عنه بها ذنوبه"[البخاري (5317) مسلم (2572) الترمذي (965) أحمد (6/215) مالك (1751)].
الصداع: وجع الرأس.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الله -عز وجل- قال: "إذا ابتليت عبدي بحبيبتيه فصبر عوضته منهما الجنة"[البخاري (5329) الترمذي (2400) أحمد(3/144)].
يريد عينيه.
وقال صلى الله عليه وسلم: "إن الرجل ليكون له عند الله المنزلة فما يبلغها بعمل فما يزال يبتليه بما يكره حتى يبلغه إياها".
وقال: "ما من مسلم له ثلاثة لم يبلغوا الحنث، إلا أدخله الله الجنة بفضل رحمته إياهم"[البخاري (1315) النسائي (1873) ابن ماجة (1605) أحمد (3/152)].
وقال للنساء: "ما منكن من امرأة تقدم ثلاثة من الولد، إلا كانوا لها حجابا من النار، فقالت امرأة: واثنين فقال: واثنين"[البخاري(6880) مسلم (2634) النسائي ( 1876) ابن ماجة (1603) أحمد (3/34)].
فهذه الأحاديث، وما ورد بمعناها بشرى للمؤمن يحتسب من أجلها المصائب التي يصيبه الله بها، فيصبر عليها، ويحتسب ثوابها عند الله، ويعلم أن ذلك من عند الله -تعالى- وأن سببه من نفسه؛ كما قال تعالى: (وَمَا أَصَابَكُم مِّن مُّصِيبَةٍ فَبِمَا كَسَبَتْ أَيْدِيكُمْ وَيَعْفُو عَن كَثِيرٍ)[الشورى(30].
اللهم إنا نسألك أن تجعلنا ممن إذا ابتلي صبر، وإذا أنعمت عليه شكر، وإذا أذنب استغفر، واغفر لنا، وارحمنا إنك أنت الغفور الرحيم.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم