السيد -جل جلاله-

د عبدالله بن مشبب القحطاني

2021-02-19 - 1442/07/07 2022-10-05 - 1444/03/09
التصنيفات: التوحيد
عناصر الخطبة
1/اسم الله السيد حقيقته ومعناه 2/أثر الإيمان باسم الله السيد 3/أركان السؤدد عند الخلق 4/إطلاق السيد على المخلوق.

اقتباس

فَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي...

الخطبة الأولى:

 

إِنَّ الْحَمْدَ لِلَّهِ، نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ.

 

(يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آلِ عِمْرَانَ: 102]، (يَا أَيُّهَا النَّاسُ اتَّقُوا رَبَّكُمُ الَّذِي خَلَقَكُمْ مِنْ نَفْسٍ وَاحِدَةٍ وَخَلَقَ مِنْهَا زَوْجَهَا وَبَثَّ مِنْهُمَا رِجَالًا كَثِيرًا وَنِسَاءً وَاتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي تَسَاءَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحَامَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَيْكُمْ رَقِيبًا)[النِّسَاءِ: 1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَقُولُوا قَوْلًا سَدِيدًا * يُصْلِحْ لَكُمْ أَعْمَالَكُمْ وَيَغْفِرْ لَكُمْ ذُنُوبَكُمْ وَمَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَرَسُولَهُ فَقَدْ فَازَ فَوْزًا عَظِيمًا)[الْأَحْزَابِ: 70-71]، أَمَّا بَعْدُ:

 

عِبَادَ اللَّهِ: جَاءَ فِي سُنَنِ أَبِي دَاوُدَ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ الشِّخِّيرِ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- قَالَ: "انْطَلَقْتُ فِي وَفْدِ بَنِي عَامِرٍ إِلَى رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: فَقُلْنَا: أَنْتَ سَيِّدُنَا، فَقَالَ: "السَّيِّدُ اللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-". قُلْنَا: وَأَفْضَلُنَا فَضْلًا، وَأَعْظَمُنَا طَوْلًا، فَقَالَ: "قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ).

 

وَفِي اللُّغَةِ: السَّيِّدُ الَّذِي فَاقَ غَيْرَهُ بِالْحِلْمِ وَالْمَالِ وَالرِّفْعَةِ وَالنَّفْعِ، وَالْمُعْطِي مَالَهُ فِي حُقُوقِهِ، وَيُطْلَقُ السَّيِّدُ عَلَى مَنْ لَا يَغْلِبُهُ غَضَبُهُ، وَيُطْلَقُ عَلَى: الْكَرِيمِ وَالْمَلِكِ وَالرَّئِيسِ.

 

وَسَيِّدُ الْعَبْدِ مَوْلَاهُ، وَسَيِّدُ الْمَرْأَةِ: زَوْجُهَا، قَالَ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-: (وَأَلْفَيَا سَيِّدَهَا لَدَى الْبَابِ)[يُوسُفَ: 25]؛ وَالسُّؤْدُدُ: الشَّرَفُ، وَسَيِّدُ كُلِّ شَيْءٍ: أَشْرَفُهُ وَأَرْفَعُهُ؛ فَمَنِ الَّذِي كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ غَيْرَ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؟!

 

فَرَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- هُوَ السَّيِّدُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي سُؤْدُدِهِ، وَالشَّرِيفُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي شَرَفِهِ، وَالْعَظِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عَظَمَتِهِ، وَالْحَلِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِلْمِهِ، وَالْغَنِيُّ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي غِنَاهُ، وَالْجَبَّارُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي جَبَرُوتِهِ، وَالْعَالِمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي عِلْمِهِ، وَالْحَكِيمُ الَّذِي قَدْ كَمُلَ فِي حِكْمَتِهِ.

 

فَاللَّهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- السَّيِّدُ الَّذِي كَمُلَ فِي أَنْوَاعِ الشَّرَفِ وَالسُّؤْدُدِ؛ هَذِهِ صِفَاتُهُ -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- الَّتِي لَا يُشَارِكُهُ فِيهَا أَحَدٌ، وَلَا يُنَازِعُهُ فِيهَا مَخْلُوقٌ؛ الْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَبِيدٌ لَهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-، كُلُّهُمْ مُحْتَاجُونَ إِلَيْهِ؛ الْمَلَائِكَةُ وَالْإِنْسُ وَالْجِنُّ لَيْسُوا فِي غِنًى عَنْهُ؛ فَهُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى كَرَمِهِ وَلُطْفِهِ وَرِعَايَتِهِ، فَكَانَ حَقًّا لَهُ -جَلَّ جَلَالُهُ- أَنْ يَكُونَ سَيِّدًا، وَكَانَ حَقًّا عَلَيْهِمْ أَنْ يَدْعُوهُ بِهَذَا الِاسْمِ؛ رَبُّنَا -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى- السَّيِّدُ الْمُتَصَرِّفُ فِي الْكَوْنِ؛ لَا نِدَّ لَهُ.

 

وَهُوَ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى- السَّيِّدُ الَّذِي يَنْبَغِي أَنْ تُصْرَفَ لَهُ وَحْدَهُ الطَّاعَةُ وَالذُّلُّ وَالْخُضُوعُ، لَا شَرِيكَ لَهُ؛ فَهُوَ السَّيِّدُ الْمَعْبُودُ لَا شَرِيكَ لَهُ: (قُلْ أَغَيْرَ اللَّهِ أَبْغِي رَبًّا وَهُوَ رَبُّ كُلِّ شَيْءٍ)[الْأَنْعَامِ: 164]؛ قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا-: "إِلَهًا سَيِّدًا".

 

قَدْ يُعْطَى الْإِنْسَانُ أَمْوَالًا، وَقَدْ يُرْزَقُ عِيَالًا، وَيُوهَبُ جَاهًا، أَوْ يَنَالُ مَنْصِبًا وَمَرْكَزًا كَرِيمًا، أَوْ زَعَامَةً عَرِيضَةً، أَوْ رِيَاسَةً مَكِينَةً، قَدْ يَحُفُّ بِهِ الْخَدَمُ، وَيُحِيطُ بِهِ الْجُنْدُ، وَتَحْرُسُهُ الْجُيُوشُ، وَتَرْضَخُ لَهُ النَّاسُ، وَتَذِلُّ لَهُ الرُّؤُوسُ، وَتَدِينُ لَهُ الشُّعُوبُ؛ فَيَبْلُغُ مِنْ سُؤْدُدِ هَذِهِ الدُّنْيَا مَبْلَغًا عَظِيمًا؛ لَكِنَّهُ سُؤْدُدٌ نَاقِصٌ زَائِلٌ.

 

خَدَعَتْهُمُ الْأَحْلَامُ فِي سِنَةِ الْكَرَى *** مَا أَكْذَبَ الْأَحْلَامَ وَالتَّأْوِيلَا

 

وَمَنْ آمَنَ بِأَنَّ اللَّهَ هُوَ السَّيِّدُ الْحَقِيقِيُّ؛ تَعَلَّقَ قَلْبُهُ بِهِ وَحْدَهُ -تَبَارَكَ وَتَعَالَى-؛ تَعَلَّقَ خَوْفًا وَرَجَاءً وَاسْتِعَانَةً وَتَوَكُّلًا؛ لِأَنَّهُ الْمُتَصَرِّفُ فِي شُؤُونِ الْعِبَادِ، وَمَا مِنْ دَابَّةٍ إِلَّا هُوَ آخِذٌ بِنَاصِيَتِهَا، وَالْعِبَادُ جَمِيعًا فُقَرَاءُ إِلَيْهِ؛ (يَا أَيُّهَا النَّاسُ أَنْتُمُ الْفُقَرَاءُ إِلَى اللَّهِ وَاللَّهُ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ)[فَاطِرٍ: 15]؛ فَلَا يَذِلُّ وَلَا يَخْضَعُ إِلَّا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ السَّيِّدِ الصَّمَدِ.

 

ذَكَرَ ابْنُ كَثِيرٍ فِي سِيرَةِ الْإِمَامِ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ -رَحِمَهُ اللَّهُ- عِنْدَمَا كَانَ مَسْجُونًا، وَقَدْ تَوَعَّدَهُ الْخَلِيفَةُ الْعَبَّاسِيُّ الْمَأْمُونُ بِالْقَتْلِ، قَالَ: "جَاءَ خَادِمٌ، وَهُوَ يَمْسَحُ دُمُوعَهُ بِطَرَفِ ثِيَابِهِ، وَهُوَ يَقُولُ: يَعِزُّ عَلَيَّ يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَنَّ الْمَأْمُونَ قَدْ سَلَّ سَيْفًا لَمْ يَسُلَّهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَبَسَطَ نِطْعًا لَمْ يَبْسُطْهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَأَنَّهُ يُقْسِمُ بِقَرَابَتِهِ (قَسَمًا مُحَرَّمًا) مِنْ رَسُولِ اللَّهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- لَئِنْ لَمْ تُجِبْهُ إِلَى الْقَوْلِ بِخَلْقِ الْقُرْآنِ؛ لَيَقْتُلَنَّكَ بِذَلِكَ السَّيْفِ. قَالَ: فَجَثَا الْإِمَامُ أَحْمَدُ عَلَى رُكْبَتَيْهِ، وَرَمَقَ بِطَرْفِهِ إِلَى السَّمَاءِ، ثُمَّ قَالَ: سَيِّدِي! غَرَّ حِلْمُكَ هَذَا الْفَاجِرَ حَتَّى يَتَجَبَّرَ عَلَى أَوْلِيَائِكَ بِالضَّرْبِ وَالْقَتْلِ، اللَّهُمَّ فَإِنْ يَكُنِ الْقُرْآنُ كَلَامَكَ غَيْرَ مَخْلُوقٍ فَاكْفِنَا مُؤْنَتَهُ. قَالَ: فَجَاءَهُمُ الصَّرِيخُ بِمَوْتِ الْمَأْمُونِ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنَ اللَّيْلِ".

 

وَهُوَ الْإِلَهُ السَّيِّدُ الصَّمَدُ الَّذِي *** صَمَدَتْ إِلَيْهِ الْخَلْقُ بِالْإِذْعَانِ

الْكَامِلُ الْأَوْصَافِ مِنْ كُلِّ الْوُجُوهِ *** كَمَالُهُ مَا فِيهِ مِنْ نُقْصَانِ

 

أَقُولُ قَوْلِي هَذَا، وَأَسْتَغْفِرُ اللَّهَ لِي وَلَكُمْ مِنْ كُلِّ ذَنْبٍ؛ فَاسْتَغْفِرُوهُ إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الْحَمْدُ لِلَّهِ حَمْدًا طَيِّبًا كَثِيرًا مُبَارَكًا فِيهِ كَمَا يُحِبُّ رَبُّنَا وَيَرْضَى، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهُ وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللَّهُ وَسَلَّمَ وَبَارَكَ عَلَيْهِ وَعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَمَنِ اهْتَدَى بِهُدَاهُمْ إِلَى يَوْمِ الدِّينِ.

 

عِبَادَ اللَّهِ: أَرْكَانُ السُّؤْدُدِ فِي الْخَلْقِ: الْكَرَامَةُ، وَالشَّرَفُ، وَالرِّفْعَةُ، وَعُلُوُّ الذِّكْرِ، وَهَذِهِ لَا تَكُونُ إِلَّا فِي طَاعَةِ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ-؛ وَلِذَلِكَ سَادَ الْأَنْبِيَاءُ وَالْأَوْلِيَاءُ، وَكَانُوا شَامَةً بَيْنَ النَّاسِ، وَأَمَّا مَنِ ابْتَعَدَ عَنِ اللَّهِ وَكَفَرَ بِهِ؛ فَلَا كَرَامَةَ لَهُ وَلَا سِيَادَةَ، وَإِنْ حَصَلَتْ لَهُمُ السِّيَادَةُ الدُّنْيَوِيَّةُ فَهِيَ زَائِفَةٌ وَمُؤَقَّتَةٌ، وَلِذَا جَاءَ النَّهْيُ عَنْ تَسْمِيَةِ الْمُنَافِقِ بِالسَّيِّدِ، رَوَى أَبُو دَاوُدَ عَنْهُ -عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ- أَنَّهُ قَالَ: "لَا تَقُولُوا لِلْمُنَافِقِ: سَيِّدٌ، فَإِنَّهُ إِنْ يَكُ سَيِّدًا فَقَدْ أَسْخَطْتُمْ رَبَّكُمْ -عَزَّ وَجَلَّ-"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ).

 

وَإِطْلَاقُ السَّيِّدِ عَلَى الْمَخْلُوقِ جَائِزٌ؛ لِقَوْلِهِ -عَزَّ وَجَلَّ- عَنْ يَحْيَى -عَلَيْهِ السَّلَامُ-: (وَسَيِّدًا)[آلِ عِمْرَانَ: 39]؛ وَجَاءَ فِي حَدِيثِ الشَّفَاعَةِ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ وَلَا فَخْرَ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ)، وَقَوْلِهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- فِي سَعْدِ بْنِ مُعَاذٍ: "قُومُوا إِلَى سَيِّدِكُمْ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ).

 

وَلَا تَعَارُضَ بَيْنَهُمَا وَبَيْنَ رِوَايَةِ: "السَّيِّدُ اللَّهُ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)؛ لِأَنَّ سَيِّدَ الْخَلْقِ عِنْدَ الْمُؤْمِنِينَ يُقْصَدُ بِهَا: الرِّئَاسَةُ وَالْإِمَامَةُ. وَالْعَرَبُ تَقُولُ: فُلَانٌ سَيِّدُنَا؛ أَيْ: رَئِيسُنَا وَالَّذِي نُعَظِّمُهُ. وَأَمَّا وَصْفُ اللَّهِ -عَزَّ وَجَلَّ- بِالسَّيِّدِ فَمَعْنَاهُ أَنَّهُ مَالِكُ الْخَلْقِ، وَالْخَلْقُ كُلُّهُمْ عَبِيدُهُ؛ وَنَهْيُ النَّبِيِّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- عَنْهُ لَمَّا قِيلَ لَهُ: أَنْتَ سَيِّدُنَا، قَالَ: "السَّيِّدُ اللَّهُ، قُولُوا بِقَوْلِكُمْ، أَوْ بَعْضِ قَوْلِكُمْ، وَلَا يَسْتَجْرِيَنَّكُمُ الشَّيْطَانُ"(حَدِيثٌ صَحِيحٌ، رَوَاهُ أَبُو دَاوُدَ)؛ فِيهِ دَلِيلٌ عَلَى حِمَايَةِ الْمُصْطَفَى -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- حِمَى التَّوْحِيدِ، وَصِيَانَتِهِ لِجَنَابِهِ، وَسَدِّ طُرُقِ الشِّرْكِ.

 

وَكَرِهَ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- أَنْ يُمْدَحَ فِي وَجْهِهِ، مَعَ أَنَّهُمْ لَمْ يَقُولُوا إِلَّا حَقًّا؛ فَهُوَ الْقَائِلُ: "أَنَا سَيِّدُ وَلَدِ آدَمَ"(أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ)، وَخَوْفًا عَلَيْهِمْ مِنَ انْصِرَافِ الْقَلْبِ إِلَى نَوْعٍ مِنَ التَّعَلُّقِ بِالْمَخْلُوقِينَ وَالذُّلِّ لَهُمْ وَالِانْكِسَارِ الَّذِي لَا يَحِلُّ وَلَا يَجُوزُ صَرْفُهُ إِلَّا لِلَّهِ الْوَاحِدِ الْقَهَّارِ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ بِاسْمِكَ السَّيِّدِ أَنْ تَرْفَعَ ذِكْرَنَا، وَتَضَعَ وِزْرَنَا؛ فَأَنْتَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ قَدِيرٌ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ وَعَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالسَّدَادَ، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْهُدَى وَالتُّقَى وَالْعِفَّةَ وَالْغِنَى، اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ الْجَنَّةَ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ النَّارِ، وَمَا قَرَّبَ إِلَيْهَا مِنْ قَوْلٍ أَوْ عَمَلٍ.

 

اللَّهُمَّ إِنَّا نَسْأَلُكَ مِنَ الْخَيْرِ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَنَعُوذُ بِكَ مِنَ الشَّرِّ كُلِّهِ؛ عَاجِلِهِ وَآجِلِهِ، مَا عَلِمْنَا مِنْهُ وَمَا لَمْ نَعْلَمْ، وَأَنْ تَجْعَلَ كُلَّ قَضَاءٍ قَضَيْتَهُ لَنَا خَيْرًا.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ لَنَا دِينَنَا الَّذِي هُوَ عِصْمَةُ أَمْرِنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا دُنْيَانَا الَّتِي فِيهَا مَعَاشُنَا، وَأَصْلِحْ لَنَا آخِرَتَنَا الَّتِي فِيهَا مَعَادُنَا، وَاجْعَلِ الْحَيَاةَ زِيَادَةً لَنَا فِي كُلِّ خَيْرٍ، وَالْمَوْتَ رَاحَةً لَنَا مِنْ كُلِّ شَرٍّ.

 

اللَّهُمَّ أَصْلِحْ ذَاتَ بَيْنِنَا، وَأَلِّفْ بَيْنَ قُلُوبِنَا، وَاهْدِنَا سُبُلَ السَّلَامِ، وَأَخْرِجْنَا مِنَ الظُّلُمَاتِ إِلَى النُّورِ، وَبَارِكْ لَنَا فِي أَسْمَاعِنَا وَأَبْصَارِنَا وَقُوَّاتِنَا، وَأَزْوَاجِنَا وَذُرِّيَّتِنَا وَأَمْوَالِنَا، وَاجْعَلْنَا مُبَارَكِينَ أَيْنَمَا كُنَّا.

 

وَآخِرُ دَعْوَانَا أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعَالَمِينَ.

 

المرفقات

السيد -جل جلاله-.doc

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات