عناصر الخطبة
1/أضرار التدخين 2/حرمة بيع الدخان 3/الإقلاع عن التدخين بحاجة لعزيمة وإصراراقتباس
وإذا كانَ مَنْ يُحْرِقُ مَالَهُ عَبَثًا يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِهِ سَفِيهًا؛ فَكَيْفَ بالمُدَخِّنِ الذي يُحْرِقُ مَالَه وَصِحَّتَه في آنٍ وَاحِد! وَاللهُ سَيُحَاسِبُكَ عَنْ مَالِكَ الذي أَنْفَقْتَهُ في الدُّخَان...
الخُطْبَةُ الأُوْلَى
عِبادَ الله: حَدِيثي إِلَيْكُمْ عن سَفَّاحٍ مُجْرِم، وَقَاتِلٍ مُؤْلِم، أَخْمَدَ أَنْفَاسَ المَلايِينَ مِنَ البَشَر، فَهُوَ يُوْدِي كُلَّ عَام، بِحَياةِ سِتَّةِ مَلَايِينَ نَسَمَة! وَتَسَبَّبَ في وَفَاةِ مِائَةِ مَليونِ شَخْصٍ في القَرْنِ العِشْرِين!
أَتَدْرُوْنَ مَنْ ذلك السّفَّاح؟!
إِنَّهُ التَّدْخِين ذلك القَاتِلُ البَطِيء!
أَيُّهَا المسلمون: إِنَّ التَّدْخِينَ حَارِقٌ لِلْبَدَنِ، والدِّيْنِ، والمالِ، والمجتمع!
أَمَّا ضَرَرُهُ على البَدَن: فَقَدْ ثَبَتَ أَنَّ التدخينَ مِنْ أَعْظَمِ ما يَجْلِبُ الأَمْرَاضَ لِلْجِسْمِ، وَيُخْشَى أَنْ يَكُونَ مُتَعَاطِيهِ مِمَّنْ قَتَلَ نَفْسَه! قال -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "مَنْ تَحَسَّى سُمًّا فَقَتَلَ نَفْسَهُ؛ فَسُمُّهُ فِي يَدِهِ يَتَحَسَّاهُ فِي نَارِ جَهَنَّمَ"(رواه البخاري).
وَقَدْ أَثْبَتَتْ الأَبْحَاثُ الطِّبْيّة؛ وُجُودَ سَبْعٍ وثَلَاثِيْنَ مَادَّةٍ مُسَرْطِنَةٍ في السِيجَارَةِ الواحدة، وَمِئَاتِ المُرَكَّبَات السَّامَّةِ الأُخْرَى!
وقد أَوجَب اللهُ المُحَافَظَةَ على النَّفْسِ وحَرَّمَ التَّعَدِّي عليها، قال تعالى: (وَلاَ تَقْتُلُواْ أَنفُسَكُمْ إِنَّ اللّهَ كَانَ بِكُمْ رَحِيمًا)[النساء:29].
وَكُلُّ مَا يُؤَدِّي إلى الضَّرَر؛ فَإِنَّهُ يَجِبُ اجْتِنَابُه؛ قال -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ"(رواه ابن ماجه، وصححه الألباني).
والدُّخَانُ بِأَنْوَاعِهِ لَيْسَ مِنَ الطِّيبات، بَلْ هُوَ مِنَ الخَبَائِث؛ قال تعالى: (وَيُحِلُّ لَهُمُ الطَّيِّبَاتِ وَيُحَرِّمُ عَلَيْهِمُ الْخَبَائِثَ)[الأعراف: 157].
وأَمَّا ضَرَرُ التَّدْخِين على الدِّيْن فَإِنَّ اللهَ حَرَّمَ كُلَّ ما يَصُدُّ عَنْ ذِكْرِ اللهِ وَعَنِ الصلاة، وهذهِ العِلَّة تَتَحَقَّقُ كثيرًا في المُدَخِّن؛ كما يَثْقلُ عليهِ الصيام، بِسَبَبِ إِدْمَانِه للتدخين.
وَأَمَّا ضَرَرُهُ على المال فَاسْأَلْ مَنْ يَتَعَاطَاهُ كَمْ يُنْفِقُ فِيِهِ مِنَ الريالات؟ وَقَدْ يكونُ فقيرًا لَيْسَ عِنْدَهُ قُوْتُ يَوْمِه! وإذا كانَ النبيُّ -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- نَهَى عَنْ الإِسْرافِ في ماءِ الوضوء -وَهُوَ مِنْ أَعْظَمِ العبادات-؛ فَكَيْفَ بالتدخينِ الذي هو مِنْ أَقْبَحِ العادات!
وإذا كانَ مَنْ يُحْرِقُ مَالَهُ عَبَثًا؛ يُحْجَرُ عَلَيْهِ بِاعْتِبَارِهِ سَفِيهًا؛ فَكَيْفَ بالمُدَخِّنِ الذي يُحْرِقُ مَالَه وَصِحَّتَه في آنٍ وَاحِد!
وَاللهُ سَيُحَاسِبُكَ عَنْ مَالِكَ الذي أَنْفَقْتَهُ في الدُّخَان! قال تعالى: (وَلا تُسْرِفُوا إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْرِفِينَ)[الأعراف:31].
وأَمَّا ضَرَرُ التدخينِ على المُجْتَمَع فَإِنَّ شَارِبَ الدُّخَانِ يُؤْذِيْ صِحَّةَ مَنْ يُجَالِسُه، وأَفَادَتِ الدِّرَاسَاتِ أَنَّ غَيْرَ المُدَخِّنِيْنَ يَتَعَرَّضُوْنَ لِلْمَوَادِّ المُسَرْطِنَةِ تَمَامًا مِثْلَ المُدَخِّنِيْن! قال تعالى: (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ الْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِنَاتِ بِغَيْرِ مَا اكْتَسَبُوا فَقَدِ احْتَمَلُوا بُهْتَانًا وَإِثْمًا مُّبِينًا)[الأحزاب:58]، بَلْ إِنَّ التدخينَ يُؤْذِي الملائكةَ الكِرَام، قال -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "أَنَّ الْمَلَائِكَةَ تَتَأَذَّى مِمَّا يَتَأَذَّى مِنْهُ بَنُو آدَمَ"(رواه مسلم)
والمُدَخِّنُ يَكُونُ قُدْوَةً سَيئةً لِضِعَافِ العُقُول؛ وَقَدْ يَتَحَمَّلُ وِزْرَهُمْ!
وَكَمَا يَحْرُمُ شُرْب الدخان؛ فَإِنَّهُ يَحْرُمُ بَيْعُهُ والاِتِّجَارُ بِه؛ قال -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "إِنَّ اللهَ إِذَا حَرَّم شيئًا؛ حَرَّم ثَمَنه"،(رواه أبو داود، وصححه الشيخ الألباني).
وفي الحَلالِ غُنْيَةٌ عَنِ الحَرَام، وَمَنْ تَرَكَ شَيْئًا للهِ؛ عَوَّضَهُ اللهُ خَيْرًا مِنْه؛ قال -صَلَّى الله عَلَيْهِ وَسَلَّمَ-: "لَا يَحْمِلَنَّكُمِ اسْتِبْطَاءُ الرِّزْقِ أَنْ تَطْلُبُوهُ بِمَعْصِيَةِ اللهِ، فَإِنَّ اللهَ لَا يُنَالُ مَا عِنْدَهُ إِلَّا بِطَاعَتِهِ"(رواه الطبراني وصححه الألباني).
الخُطْبَةُ الثَّانِيَةُ:
أَيّها الأَحِبَّة: الإِقْلاعُ عَنِ التدخين، لَيْسَ بَأَمْرٍ مُسْتَحِيْل، إِنَّمَا يَحْتَاجُ إلى قُوَّةِ عَزِيْمَة، وقَرَارٍ شُجَاع، واسْتِعَانةٍ بِالله، وتَضَرُّعٍ بَيْنَ يَديه، وَمَنْ صَدَقَ مَعَ الله؛ أَعَانَهُ الله (وَالَّذِينَ جَاهَدُوا فِينَا لَنَهْدِيَنَّهُمْ سُبُلَنَا)[العنكبوت: 69].
وَلَذَّةُ الانْتِصَارِ على النَّفْسِ والهَوَى؛ أَعْظَمُ مِنْ لَذَّةٍ كاذِبَةٍ خَاطِئَة! يقولُ ابْنُ القَيِّم: "إِنَّمَا يَجِدُ الْمَشَقَّة فِي تَرْكِ المألوفاتِ والعوائِد: مَنْ تَرَكَهَا لغيرِ الله، فَأَمَّا مَنْ تَرَكَهَا صَادِقًا مُخْلِصِاً مِنْ قَلْبِهِ لله؛ فَإِنَّهُ لا يَجِدُ فِي تَرْكِهَا مَشَقَّةً إِلَّا فِي أَوَّلِ وَهْلَة؛ ليُمْتَحَنْ أَصَادِقٌ هُوَ فِي تَرْكِهَا أَمْ كَاذِب؛ فَإِنْ صَبَرَ على تِلْكَ الْمَشَقَّة قَلِيلًا؛ اسْتَحَالَتْ لَذَّة!"
وصلّى اللهُ وسَلَّم على نَبِيِّنَا محمد.
إضافة تعليق
ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم