السعودية بين مميزاتها وحسد مناوئيها

الشيخ د علي بن عبدالعزيز بن علي الشبل

2024-09-27 - 1446/03/24 2024-10-03 - 1446/03/30
عناصر الخطبة
1/خطورة الحسد 2/تعرض المملكة العربية السعودية للحسد 3/أسباب تفرُّد المملكة وتميزها 4/قيام المملكة على الحرمين وعمارتهما 5/دعم المملكة لقضايا المسلمين 6/التمسك بالدين سبب العزة.

اقتباس

إنَّ هذه البلاد جعلها الله بهذه المكانة والمزيَّة، وجعلها قائدةً للعالم الإسلامي، ففيها تحكيم الشَّرِيعَة، وغيرنا من الدول حَتَّى من الدول المنتسبة للإسلام تحكِّم غير شرع الله -جَلَّ وَعَلَا-، من قوانين مستوردة، أو أعراف وتقاليد، وينبذون أحكام الشَّرِيعَة...

الخطبةُ الأولَى:

الحَمْدُ للهِ؛ نَحْمَدُهُ وَنَسْتَعِينُهُ وَنَسْتَغْفِرُهُ، وَنَعُوذُ بِاللَّهِ مِنْ شُرُورِ أَنْفُسِنَا، وَمِنْ سَيِّئَاتِ أَعْمَالِنَا، مَنْ يَهْدِهِ اللَّهُ فَلَا مُضِلَّ لَهُ، وَمَنْ يُضْلِلْ فَلَا هَادِيَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وَسَلّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: أَيُّهَا النَّاس! فإني أوصيكم ونفسي بتقوى الله، فـ(اتَّقُوا اللَّهَ حَقَّ تُقَاتِهِ وَلَا تَمُوتُنَّ إِلَّا وَأَنْتُمْ مُسْلِمُونَ)[آل عمران: 102].

 

أَيُّهَا المؤمنون: قَالَ النَّبِيُّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-: "لا حسد إِلَّا في اثنتين: رجلٌ آتاه الله مالاً، فهو قد سلطه عَلَى هلكته بالحق، ورجلٌ آتاه الله علمًا"، وَهذَا الحسد المراد بالحديث هو حسد الغبطة، وأشد من ذلك -يا عباد الله- حسد تمني زوال النعمة، الَّتِي أنعم الله -جَلَّ وَعَلَا- بها عَلَى فردٍ أو عَلَى جماعةٍ أو عَلَى بلد؛ فإنَّ الحسد بتمني زوال هذِه النعمة عليهم يحرق الحسنات ويأكلها كما تأكل النَّار الهشيم.

 

- وإنَّ بلادكم المملكة العربية السعودية قد تعرَّضت لهذا الحسد من سنين عديدة، من مناوئيكم، ولا سيما -لِلْأَسَفِ الشَّدِيدِ- ممن يزعم أنه يرتبط معنا برابطة الدين والأخوة والمصير المشترك، ولا غرو -يا عباد الله- فإنَّ هذِه البلاد جعلها الله -جَلَّ وَعَلَا- بهذه المكانة والمزيَّة، وجعلها قائدةً للعالم الإسلامي.

 

ففيها تحكيم الشَّرِيعَة، وغيرنا من الدول حَتَّى من الدول المنتسبة للإسلام تحكِّم غير شرع الله -جَلَّ وَعَلَا-، من قوانين مستوردة، أو أعراف وتقاليد، وينبذون أحكام الشَّرِيعَة، إِلَّا في قضايا محددة في الأحوال الشخصية ونحوها.

 

ثانيًا: في قيام شعيرة الأمر بالمعروف وَالنَّهْي عن المنكر، وَالَّتِي هي عنوان شرفٍ لهذِه الأُمَّة، لا، بل عنوان شرف لهذِه البلاد، كما قَالَ -جَلَّ وَعَلَا- في آية آل عمران: (كُنْتُمْ خَيرَ أُمَّةٍ أُخْرِجَتْ لِلنَّاسِ تَأْمُرُونَ بِالْمَعْرُوفِ وَتَنْهَوْنَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَتُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ)[آل عمران: 110].

 

ثالثًا من الخصائص الَّتِي ميّزكم الله بها: في القيام عَلَى أمر الحرمين، وعَلَى عمارتهما، وعَلَى إكرام وافدهما من الحُجَّاج والعُمَّار، ومن وفد عَلَى هذِه البلاد، حَتَّى صار هؤلاء ضيوف عَلَى الرحمن -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-، وإكرامهم والقيام عَلَى شأنهم إكرامٌ لوافده -سُبْحَانَهُ وَتَعَالَى-.

 

رابعًا: في قيامها عَلَى قضايا المسلمين في الداخل والخارج، ولا سيما في قضيتهم المصيرية قضية فلسطين، وقضية بيت المقدس، فإنَّ القائم عليها، والمُقدَّم في شأنها هي هذِه البلاد، في سياساتها، وفي تبني هذِه القضية، وفيما يتعلَّق بحيثياتها، وفي نصرة المظلومين.

 

هذِه الأمور كلها -يا عباد الله- أقضت مضاجع أعدائكم أعداء الدين، وأعداء مصالحكم، ومن حسدوكم وغاروا عَلَى بلادكم، وقد قَالَ الإمام الشَّافِعِيّ المطلبي -رَحِمَهُ اللَّهُ-:

كل العداوات قد تُرجى مودتها *** إِلَّا مودة من عاداك في الدين

 

 كفانا الله وَإِيَّاكُمْ والمسلمين شر هؤلاء، وجعل كيدهم في نحورهم، نفعني الله وَإِيَّاكُمْ بالقرآن العظيم، وما فيه من الآيات والذكر الحكيم، أقول ما سمعتم، وأستغفر الله لي ولكم، فاستغفروه إنه كان غفَّارًا.

 

الخطبة الثانية:

 

الحَمْدُ للهِ عَلَى إحسانه، والشكر له عَلَى توفيقه وامتنانه، وَأَشْهَدُ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا اللَّهَ، وَحْدَهُ لَا شَرِيكَ لَهُ، إعظامًا لشأنه، وَأَشْهَدُ أَنَّ نَبِيَّنَا مُحَمَّدًا عَبْدُهُ وَرَسُولُهُ، الداعي إِلَى رضوانه، صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وعَلَى آلِهِ وَأَصْحَابِهِ وإخوانه، ومن سار عَلَى نهجهم، واقتفى أثرهم، وحبهم وذَبَّ عنهم إِلَى يوم رضوانه، وَسَلَّمَ تَسْلِيمًا كَثِيرًا.

 

أَمَّا بَعْدُ: عباد الله: فاتقوا الله -جَلَّ وَعَلَا-، بالقيام بأوامره، والمحافظة عَلَى فرائضه، والانتهاء عن نواهيه وزواجره، واعلموا أن أعظم ما تواجهون به أعداءكم وأعداء بلادكم وأعداء دينكم هو: استمساككم بهذا الدين، الَّذِي جعله الله -جَلَّ وَعَلَا- سببًا لعزتكم ورفعتكم في هذِه الدنيا، وسببًا لفلاحكم يوم أن تقدموا عليه -جَلَّ وَعَلَا-.

 

وعلينا الاستمساك بدين الله -يا عباد الله-، فلا نقبل عليه مزايدةً أو مساومة، هو من أعظم ما يفتّ في عضد أعدائكم، وَأَيضًا يُقرّبكم إِلَى ربكم، ولمَّا تولى معاوية -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ- الخلافة، كتب إِلَى أمّ المؤمنين عائشة -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا- يَستنصحها، فكتبت إليه -رَضِيَ اللَّهُ عَنْهَا-: "وَعَلَيكُمْ السَّلامُ وَرَحْمَةُ اللَّهِ وَبَرَكَاتُهُ؛ أَمَّا بَعْدُ: فإنه مَن ابتغى رضى الله بسخط النَّاس؛ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ وأرضى عنه النَّاس، ومَن ابتغى رضى النَّاس بسخط الله؛ سخط الله عليه، وأسخط عليه النَّاس".

 

فاعلموا -عباد الله- أن الاستمساك بدينكم واجتماع كلمتكم عَلَى ولاة أموركم أنها تُفوِّت الفرصة عَلَى أعدائكم من الخارج، وأعدائكم من المنافقين في الداخل، تفوّت عليهم هذِه الفرصة أيما تفويت، وَأَيضًا فيه استمساككم بما أمر الله -جَلَّ وَعَلَا- به، حيث قَالَ: (وَاعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جَمِيعًا وَلَا تَفَرَّقُوا)[آل عمران: 103].

 

 وفي صحيح مسلم عن النَّبِيّ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ- في هذِه القضية، وفي هذِه المسألة الجليَّة: "من أتاكم وأمركم جميع، يريد أن يفرِّق كلمتكم؛ فاقتلوه كائنًا من كان".

 

ثُمَّ اعلموا -رحمني الله وَإِيَّاكُمْ- أن أصدق الحديث كلام الله، وَخِيرَ الْهَدْيِ هَدْيُ مُحَمَّدٍ -صَلَّى اللهُ عَلَيهِ وَسَلَّمَ-، وَشَرَّ الْأُمُورِ مُحْدَثَاتُهَا، وَكُلَّ مُحْدَثة بِدْعَةٌ، وَكُلَّ بِدْعَةٍ ضَلَالَةٌ، وعليكم عباد الله بالجماعة؛ فإنَّ يد الله عَلَى الجماعة، ومن شذَّ؛ شذَّ في النَّار.

 

اللَّهُمَّ عِزًّا تعزُّ به الإسلام وأهله، وذلاً تذلُّ به الكفر وأهله، اللَّهُمَّ أبرم لهذِه الأُمَّة أمرًا رشدًا، يُعزُّ فيه أهل طاعتك، ويُهدى فيه أهل معصيتك، ويُؤمر فيه بالمعروف، ويُنهى فيه عن المنكر يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللَّهُمَّ وفِّق ولي أمرنا بتوفيقك، اللَّهُمَّ خذ بناصيته للبر وَالتَّقْوَى، اللَّهُمَّ اجعلنا وإياه هداةً مهديين، ممن يقول بالحق وبه يعدلون.

 

اللَّهُمَّ كُن للمسلمين في كل مكان، كُن لهم وليًّا ونصيرًا وظهيرًا، اللَّهُمَّ اشفِ مرضاهم، اللَّهُمَّ اغفر لموتاهم، اللَّهُمَّ عافِ مبتلاهم.

 

اللَّهُمَّ كُن لجنودنا المرابطين عَلَى حدودنا، اللَّهُمَّ أنزِل عليهم نصرك المؤزَّر يا ذا الجلال والإكرام، وكُن لعبادك المجاهدين في سبيلك، والمستضعفين في أرضك، أنزِل عليهم نصرك العاجل يا ذا الجلال والإكرام.

 

اللَّهُمَّ أنت الله لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ، أنت الغني ونحن الفقراء إليك، أنزِل علينا الغيث ولا تجعلنا من القانطين، اللَّهُمَّ اجعل ما أنزلته علينا بلاغًا إِلَى رحمتك، وسببًا لرضوانك يا ذا الجلال والإكرام.

 

رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً، وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً، وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ.

 

وقوموا -رَحِمَكم اللهُ- إِلَى صلاتكم.

 

المرفقات

السعودية بين مميزاتها وحسد مناوئيها.doc

السعودية بين مميزاتها وحسد مناوئيها.pdf

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات