الدفاع عن رسول الله ضد الفلم المسيء

محمد بن عبدالرحمن العريفي

2022-10-11 - 1444/03/15
عناصر الخطبة
1/ احترام الإسلام لجميع الرسل وعدم التفضيل بينهم 2/ اقتران طاعة الله تعالى بطاعة رسوله 3/ مكانة النبي الكريم وشمائله وثناء الله عليه 4/ حب أصحابه له ودفاعهم عنه 5/ انتقام الله من شانئيه 6/ دأب اليهود والنصارى في الاستهزاء بالأنبياء 7/ موقفنا إزاء أحداث الإساءة الواقعة

اقتباس

كان نبينا وسيدنا وقرة أعيننا رسول الله صلى الله عليه وسلم واثقًا في دعوته، لا يلتفت إلى من يتنقصه، ولا يلتفت إلى المستهزئين، يعلم -صلى الله عليه وسلم- أن الذي يتنقصه -صلوات ربي وسلامه عليه- هو كالذي يرفع بصره إلى الشمس فيسبها، ثم يقذفها بحجر، فلا يلبث أن يسقط الحجر على رأسه فيدمغه ..

 

 

 

 

الحمد لله رب العالمين، الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين؛ وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة تقيم وجه صاحبها للدين حنيفًا، وتبرئه من الشرك والإلحاد؛ وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله، أفضل المرسلين وأكرم العباد، أرسله بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو كره أهل الشرك والعناد.

رفع الله -تعالى- له ذكره، فلا يذكر إلا معه كما في الأذان والتشهد وفي الخطب والجمع والأعياد، وكَفَتَ الله مُحادّه، وأهلك مشاقّه، وكفاه المستهزئين به من ذوي الأحقاد، وبتر الله -تعالى- شانئه، ولعن الله مؤذيه في الدنيا والآخرة.

واختصه الله -تعالى- على المرسلين بخصائص تفوق التعداد، فهو سيد ولد آدم، وهو خاتم النبيين، أرسل إلى الناس كافة، وهو أول من يعبر الصراط يوم القيامة والمعاد، وهو أول من يقرع باب الجنة للعباد، وهو أول من يدخلها، وهو أول شافع وأول مشفع، وله الوسيلة والفضيلة وله المقام المحمود في يوم المعاد، وله لواء الحمد الذي يجتمع تحته كل حماد.

عليه من الله أعظم وأفضل الصلوات وأعلاها، وأكملها وأنماها، كما يحب -سبحانه- أن يصلَّى عليه، وكما أمر، وكما ينبغي أن يصلَّى على سيد البشر. والسلام على النبي ورحمة الله وبركاته، أفضل تحية وأحسنها وأولاها، وأبركها وأطيبها وأزكاها.

أما بعد:

أيها المسلمون: إن ربنا -جل وعلا- لما خلق الخلق وبرأ النسمات نظر إلى عباده، فاختار أطيبهم وأحسنهم، فجعلهم من المرسلين: (اللَّهُ يَصْطَفِي مِنَ الْمَلَائِكَةِ رُسُلًا وَمِنَ النَّاسِ) [الحج:75].

وفضل الله -تعالى- الرسل على البشر، وأمر الله -تعالى- بتقدير الرسل، ومعرفة مكانتهم وإجلالهم، ومعرفة كيفية الاقتداء بهم.

وصف الله -تعالى- الرسل بالهداية: (أُوْلَئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللّهُ فَبِهُدَاهُمُ اقْتَدِهْ) [الأنعام:90]. وأمر الله -تعالى- بالإيمان بجميع الرسل: (كُلٌّ آمَنَ بِاللّهِ وَمَلآئِكَتِهِ وَكُتُبِهِ وَرُسُلِهِ لاَ نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِّن رُّسُلِهِ) [البقرة:285].

نعم؛ نحن نؤمن بمحمدٍ ونحبه، ونحب عيسى، ونحب موسى، ونحب لوطًا وشعيبًا وإبراهيم وإسحاق ويعقوب وهودًا وصالحًا، لا نفرق بين أحد من رسله، كلهم صدَقة، كلهم بررة، كلهم أنبياء، لهم جلالتهم، ولهم مكانتهم، ولهم قدرهم؛ لا يجوز أبدًا أن يُتنقَص أحد منهم، ولا أن يُستهزأ به.

نغضب إذا استُنقِص قدر عيسى أو موسى، أو استهزئ بلوط أو يعقوب أو غيرهم، كما نغضب إذا استنقص محمد -عليه وعليهم أفضل الصلاة والسلام-، لا نفرق بين أحد من رسله.

ومع كون محمد -صلى الله عليه وسلم- هو أفضل الأنبياء، وهو سيد ولد آدم يوم القيامة، وبيده -عليه الصلاة والسلام- لواء الحمد، وهو الذي يستفتح الجنة لجميع العباد، إلا أنه -صلى الله عليه وسلم- لتواضعه نهى أن يفضل على الأنبياء على سبيل تنقص المفضول ومدح الفاضل، فقال -عليه الصلاة والسلام-: "لا تخيروا بين الأنبياء". بل إنه خص نفسه -صلى الله عليه وسلم- فقال: "لا تخيروني بين الأنبياء".

ولما اختلف صحابي مع يهودي وأقبل اليهودي يشتكي إلى النبي -عليه الصلاة والسلام-، إذ مدح اليهودي موسى، فلطمه الصحابي، فاشتكى اليهودي إلى رسول الله -عليه الصلاة والسلام-، فقال -عليه الصلاة والسلام-، وقد غضب لما لُطم هذا اليهودي، غضب -عليه الصلاة والسلام-، قال: "لا تفضلوا بين أنبياء الله؛ فإنه ينفخ في الصور فيصعق مَن في السماوات ومن في الأرض إلا من شاء الله، ثم ينفخ فيه أخرى فأكون أول مَن بعث، فإذا بموسى آخذًا بالعرش، فلا أدري أحوسب بصعقته يوم الطور أم بعث قبلي! ولا أقول: إن أحدًا أفضل من يونس بن متى". يقوله -عليه الصلاة والسلام- حفظًا وإجلالاً وإكرامًا لمكانة جميع الأنبياء.

أيها المسلمون: أمر الله -تعالى- بمحبة نبينا -عليه الصلاة والسلام-، وأمرنا بطاعته؛ بل أمر بطاعة جميع الأنبياء: (وَمَا أَرْسَلْنَا مِن رَّسُولٍ إِلاَّ لِيُطَاعَ بِإِذْنِ اللّهِ) [النساء:64]. وقرن الله -تعالى- في كتابه الكريم بين طاعته -جل وعلا- وطاعة رسوله -صلى الله عليه وسلم-، في أكثر من خمسة وعشرين موضعًا: (أَطِيعُواْ اللّهَ وَرَسُولَهُ)، (أَطِيعُوا اللَّهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ)، قرن الله -تعالى- بين طاعته -جل وعلا- وإجلاله وتعظيمه وبين طاعة رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: (لَقَدْ مَنَّ اللّهُ عَلَى الْمُؤمِنِينَ إِذْ بَعَثَ فِيهِمْ رَسُولاً مِّنْ أَنفُسِهِمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِهِ وَيُزَكِّيهِمْ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَإِن كَانُواْ مِن قَبْلُ لَفِي ضَلالٍ مُّبِينٍ) [آل عمران:164].

أيها المسلمون: أدبنا ربنا -جل وعلا- كيف نحفظ أدبنا مع رسولنا -صلى الله عليه وسلم-، ربانا ربنا على إجلاله -عليه الصلاة والسلام- وحفظ مكانته ومعرفة قدره: (لَا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَرَسُولِهِ) [الحجرات:1]، (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لَا تَرْفَعُوا أَصْوَاتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَلَا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَن تَحْبَطَ أَعْمَالُكُمْ وَأَنتُمْ لَا تَشْعُرُونَ) [الحجرات:2].

وقال -جل وعلا- مادحًا فريقًا من المؤمنين قد تأدبوا وحفظوا مكانة نبينا -عليه الصلاة والسلام-: (إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْوَاتَهُمْ عِندَ رَسُولِ اللَّهِ أُوْلَئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوَى لَهُم مَّغْفِرَةٌ وَأَجْرٌ عَظِيمٌ) [الحجرات:3]، وقال -جل وعلا-: (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا) [النور:63].

حتى عندما ينادي الصحابة رسول الله -صلى الله عليه وسلم- فحرام أن يقول أحدهم: يا محمد: اخرج إلينا؛ بل يقول: يا رسول الله، يا نبي الله، يا خليل الله، يا أبا القاسم؛ (لَا تَجْعَلُوا دُعَاء الرَّسُولِ بَيْنَكُمْ كَدُعَاء بَعْضِكُم بَعْضًا).

نبينا -صلى الله عليه وسلم- أرسله الله -تعالى- إلى الناس كافة، للإنس وللجن، وبه ختمت الرسالات، وهو خير خلق الله -تعالى-، وهو أكرمهم عند الله -تعالى-، وهو سيد ولد آدم، وهو خليل الرحمن، وهو الشافع المشفع، وهو أول من تفتح له أبواب الجنة؛ يسر الله -تعالى- شريعته لأمته، ووضع عنهم الأغلال والآصار التي كانت على الأمم التي من قبلهم.

وسدّ الله -تعالى- الأبواب في وجوه منتقصيه، فأثنى الله على عقله فقال: (مَا ضَلَّ صَاحِبُكُمْ وَمَا غَوَى) [النجم:2]، وأثنى الله على لسانه فقال: (وَمَا يَنطِقُ عَنِ الْهَوَى) [النجم:3]، وأثنى الله على جليسه فقال: (عَلَّمَهُ شَدِيدُ الْقُوَى) [النجم:5]، وأثنى الله على بصره فقال: (مَا زَاغَ الْبَصَرُ وَمَا طَغَى) [النجم:17]، وأثنى الله على صدره: (أَلَمْ نَشْرَحْ لَكَ صَدْرَكَ) [الشرح:1]، وأثنى الله على أخلاقه فقال: (وَإِنَّكَ لَعَلى خُلُقٍ عَظِيمٍ) [القلم:4].

نعم؛ (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61]، (إِنَّ الَّذِينَ يُؤْذُونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فِي الدُّنْيَا وَالْآخِرَةِ وَأَعَدَّ لَهُمْ عَذَابًا مُّهِينًا) [الأحزاب:57]، (إِنَّ الَّذِينَ يُحَادُّونَ اللَّهَ وَرَسُولَهُ كُبِتُوا كَمَا كُبِتَ الَّذِينَ مِن قَبْلِهِمْ وَقَدْ أَنزَلْنَا آيَاتٍ بَيِّنَاتٍ وَلِلْكَافِرِينَ عَذَابٌ مُّهِينٌ) [المجادلة:5].

كان نبينا وسيدنا وقرة أعيننا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- واثقًا في دعوته لا يلتفت إلى من يتنقصه، ولا يلتفت إلى المستهزئين، يعلم -صلى الله عليه وسلم- أن الذي يتنقصه -صلوات ربي وسلامه عليه- هو كالذي يرفع بصره إلى الشمس فيسبها، ثم يقذفها بحجر، فلا يلبث أن يسقط الحجر على رأسه فيدمغه.

قالوا عنه: مجنون وساحر وكذاب، وربنا -جل وعلا- يقول: (فَاصْدَعْ بِمَا تُؤْمَرُ وَأَعْرِضْ عَنِ الْمُشْرِكِينَ * إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر:94-95].

إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- لهو أحب إلينا من أنفسنا وأموالنا وأبنائنا وأهلنا، هو أحب إلينا من الناس أجمعين؛ "والذي نفسي بيده لا يؤمن أحدكم حتى أكون أحب إليه من ولده ووالده وأهله وماله والناس أجمعين". رواه البخاري.

وقال عمر: "يا رسول الله: لأنت أحبُّ إليّ من نفسي"، قال: "الآن يا عمر"، يعني الآن استكملت الإيمان.

من مكانته -عليه الصلاة والسلام- أن اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ، صلى عليه ربنا -جل وعلا-: (إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا). [الأحزاب: 56].

رزق الله -تعالى- نبينا محمدًا -صلى الله عليه وسلم- أصحابًا كرامًا عرفوا قدره ومكانته وإجلاله، سئل علي -رضي الله تعالى عنه-: كيف كان حبكم لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-؟! قال: "كان -والله!- أحب إلينا من أموالنا وأولادنا وآبائنا وأمهاتنا، ومن الماء البارد على الظمأ".

فلما كان في معركة أحد وقتل أكثر أصحابه بين يديه -عليه الصلاة والسلام- وجلس -صلى الله عليه وسلم- بعد المعركة ينظر في شأنهم وهو -عليه الصلاة والسلام- به جروح ودماء، قال -عليه الصلاة والسلام-: "مَن ينظر لي ما فعل سعد بن الربيع". رجل تاجر من سادة الأنصار له زوجتان وأبناء ومال وزرع، قال: "مَن ينظر ما فعل سعد بن الربيع"، ما فعل: أحي هو أم في الأموات؟!

فمضى بعض الصحابة ينظر في القتلى فوجد سعد بن الربيع مثخنًا بالجراح وسلاحه بجانبه وهو يلفظ أنفاسه، قال: يا سعد: إن رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أمرني أن أنظر هل أنت بالأحياء أم بالأموات. فقال سعد: أبلغ رسول الله -صلى الله عليه وسلم- عني السلام، وقل له: إن سعدًا في الأموات، وقل له: جزاك الله خير ما جزى نبيًا عن أمته، وقل لقومي من الأنصار: لا عذر لكم عند الله إن خلص إلى رسول الله وفيكم عين تطرف. ثم فاضت روحه إلى بارئها.

حب يملأ قلبه، وجلالة لرسول الله -صلى الله عليه وسلم- تملأ عينيه، كانوا يدافعون عن النبي -صلى الله عليه وسلم- في كل موطن.

مرّ النبي -صلى الله عليه وسلم- بمجلس فيه عبد الله بن أبي بن سلول، ذاك الفاجر المنافق، وفيه جمع من المنافقين، ومعهم بعض الصحابة، فقال عبد الله بن أبي بن سلول -وقد وضع طرف عمامته النتنة على أنفه النتن- قال عن رسول الله -صلى الله عليه وسلم-: "اذهب عنا بعيدًا لا تغبر علينا، قد آذانا نتن حمارك". فقال له عبد الله بن حذافة: والله، لَنَتن حمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحًا منك. ثم قام إليه وشج رأسه، يقول: لنتن حمار رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أطيب ريحًا منك.

وفي سنن أبي داوود وصححه الحاكم بإسناد حسن عن ابن عباس أن رجلاً أعمى في عهد رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وكان له جارية له منها ابنان كأنما هما لؤلؤتان، وكانت رفيقة لطيفة بزوجها تخدم هذا الرجل الأعمى، وفي يوم كانت تسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وتتنقصه، فكان يزجرها وينهاها وينصحها فلا تلتفت إليه، وفي كل ليلة يتحمل منها ذلك، وفي كل موطن تزيد السب والتنقص في رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وهو يجتهد في نصحها وزجرها وهي لا تلتفت إليه.

وفي ليلة من الليالي سبَّت النبي -صلى الله عليه وسلم- وشتمته، فقام يتلمس حتى وجد السكين، ثم أقبل إليها وبرك عليها وطعنها حتى ماتت بين يديه، فلما أصبحوا عرف الناس أن امرأة مقتولة، فقام النبي -صلى الله عليه وسلم- وجمع الناس، قال: "أنشد رجلاً لي عليه حق، فعل ما فعل، إلا قام"، فقام الأعمى من بين الجمع يمشي إلى رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال: أنا صاحبها يا رسول الله، كانت أم ولدي، وكانت بي لطيفة رفيقة، ولي منها ابنان مثل اللؤلؤتين؛ ولكنها كانت تكثر الوقيعة فيك، وتكثر شتمك، فأنهاها فلا تنتهي، وأزجرها فلا تنزجر، فلما كانت البارحة -يا رسول الله- ذكرَتْك فوقعَتْ فيك، فقمت إلى المعول فوضعته في بطنها فاتكأت عليه حتى قتلتها.

فقال -صلى الله عليه وسلم- وقد علم بجريمتها الشنعاء، قال -صلى الله عليه وسلم-: "أشهد أن دمها هدر". نعم! (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61].

وفي سنن أبي داود عن علي -رضي الله تعالى عنه- أن يهودية كانت تشتم النبي -صلى الله عليه وسلم- وتقع فيه، فخنقها رجل حتى ماتت، فأهدر النبي -صلى الله عليه وسلم- دمها.

وسبت امرأة النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال -عليه الصلاة والسلام-: "من يكفيني عدوي؟!"، فخرج إليها خالد بن الوليد -رضي الله عنه- فقتلها. رواه عبد الرزاق، وصحح إسناده ابن حزم.

وفي الصحيحين؛ عن عبد الرحمن بن عوف -رضي الله عنه- قال: بينما أنا في الصف يوم بدر وإذا بغلامين من الأنصار حديثة أسنانهم، قال: فنظرت إليهما فقال لي أحدهما: يا عمي: دلني على أبي جهل. قلت: وما تريد يا ابن أخي؟! فقال: قد بلغني أنه يسب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فأقسمت أن أحضر المعركة فلا يفارق سوادي سواده حتى يموت الأعجل منا.

وفي مكة كان هناك رجل اسمه ابن خطل يسب النبي -صلى الله عليه وسلم- وينشد الأشعار في ذلك ويغني بها الركبان، وكان يُنهى فلا ينتهي، ويزجر فلا ينزجر، وكان له جاريتان يدفع إليهما الأموال لتسبا رسول الله -صلى الله عليه وسلم- وتتغنيا بأشعاره، فلما فتح النبي -صلى الله عليه وسلم- مكة وقال: "من دخل المسجد فهو آمن، ومن دخل الدار فهو آمن". أقبل أحد الصحابة وقال: يا رسول الله: إن ابن خطل ذاك الذي يسبك وتغني العرب بأشعاره، وقد قلت: من دخل المسجد فهو آمن، إن ابن خطل متعلق بأستار الكعبة، يعني دخل المسجد وتعلق بأستار الكعبة، فرفع النبي -صلى الله عليه وسلم- صوته وقال: "اذهبوا فاقتلوه"، ليس له ذمة وليس له عهد وليس له كرامة.

أيطـيبُ ممْسىً أو يروقُ صَباحُ *** وجَـنابُ أحمـدَ للطـغامِ مُتاحُ
كُتبَ الصيامُ عن المُزاح فما لنا *** بعـد السـباب تفـكّهٌ ومُـزاح
إنـا إذا سِيـمَ الرسـولُ أذيةً *** تُلـفـى لدينـا أُهبـةٌ وكفـاحُ
وإلى المنيةِ مُسلـمين نُفـوسَنا *** نُلْفَـى وللجُـرْدِ العِـتَاقِ ضُبَاحُ
هذى جحافلُ خالـد قد أقبَلتْ *** فيهـا لجُنـد الكافـرين ذُبـاحُ
تَفدِى الرسولَ طِـرافُنا وتِلادُنا *** وحَـريمنا دون الـرسـول مُباحُ
ودماؤنا دون الرسول رخـيصةٌ *** فـفـداؤه المهجـاتُ والأرواحُ
قل للذي شـتمَ الرسـولَ محمدًا *** ستَنالُ منـكَ أسـنةٌ ورمـاحُ
وتـداسُ بالأَقدامِ دونَ هَـوادةٍ *** وتُزالُ مـنكَ قَـوَادمٌ وجَنـاحُ
أفَبَعْدَ شَتْمِ الكـافـرينَ محـمَّدًا *** يُرجى السَّلامُ ويُبْتَغى الإصلاحُ
هيهاتَ ليس سِوى الأَسِنَّةِ مَرْكَبٌ *** سَـيْفٌ يُسَـلُّ وغَارَةٌ مِلْحَاحُ
وطِرادُ يومِ كريهةٍ يُخـزَى بـهِ *** حِزْبُ الصَّليـبِ فَمَقْتلٌ وجِراحُ

نعم، إنه رسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم-، يعظم مكانه، يعظم حديثه، يعظم كلامه.

جلس هارون الرشيد يومًا يستمع إلى أحاديث من أبي معاوية الضرير -رحمه الله-، وكان أبو معاوية الضرير يقول: كلما حدثتُ بحديث وقلت: قال رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، قال هارون الرشيد: صلى الله على سيدي ومولاي؛ معظمًا.

قال: فلما قلت: التقى آدم بموسى في حديث طويل، قال عمه -عم الخليفة هارون- قال: عجبًا! أين التقيا؟! على سبيل الاستخفاف. قال: فغضب هارون وأخرجه من بين يديه وأدخله الحبس، قال: وكاد أن يؤمر به فيقتل.

قال أبو معاوية: حتى دخلت فأقسم أنه لم يقصد استهزاءً، ولم يقصد تنقصًا، إنما يقصد الاستفهام والسؤال، فأقبلتُ إلى هارون وجعلت أقسم إليه أنه لم يقصد الاستهزاء ولم يقصد الاستخفاف، إنما كان يقصد الاستفهام والسؤال.

فقال هارون: إذًا يُخرج ويؤدب؛ خشية أنه سمع ذلك من بعض أهل الأهواء من غيره ممن يتنقصون النبي، فأردت أن يدلني عليهم لأقتلهم وأستبيحهم: (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3].

وذكر الشيخ أحمد شاكر -رحمه الله- عن خطيب كان بمصر وكان فصيحًا متكلمًا مقتدرًا، فصلى معه يومًا أحَدُ أمراء مصر بعدما كرموا طه حسين، فأراد هذا الخطيب أن يمدح هذا الأمير فقال: جاءه الأعمى فما عبس في وجهه ولا تولى، يمدح هذا الأمير ويتنقص نبينا -صلى الله عليه وسلم-، قال: فلما انتهت الخطبة والصلاة قام الشيخ محمد شاكر -رحمه الله- أبو أحمد شاكر، قال: "أيها الناس: حسبكم! لا تخرجوا من المسجد، أعيدوا صلاتكم فإنكم صليتم وراء رجل مرتد؛ إذ تنقص رسول الله -صلى الله عليه وسلم- أو عرَّض به، لقد ارتد عن الدين، قد صليتم خلف مرتد فأعيدوا صلاتكم".

قال أحمد شاكر: فوالله! ما زالت الأيام بذلك الخطيب حتى أذله الله، ورأيته بعيني يقف عند باب جامع من جوامع مصر يستلم أحذية الناس يحفظها لهم بالقرش والقرشين، صار أقل من خادم! نعم! (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61]، (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3].

وذكر القاضي عياض في الشفا أن فقهاء القيروان كان عندهم شاعر اسمه إبراهيم الفزاري كان شاعرًا متفننًا كثير العلوم؛ لكنه كان يستهزئ برسول الله -صلى الله عليه وآله وسلم- فأمر القاضي حيي بن عمر بقتله، قال: فأجمع الفقهاء على أنه يقتل ردة، قال: فقتل، وطعن بالسكين وصلب منكسًا على رأسه، قال: فكانوا يحركون الخشبة التي هو معلق عليها من الأعلى، فتنحرف وتجعل ظهره إلى القبلة، قال: فيعدلونه، يريدون أن يموت تجاه القبلة، قال: فيحرفونه فلا تزال الخشبة تنحرف عن القبلة حتى مات وهو على هذا الحال.

وفي الصحيحين عن جابر بن عبد الله -رضي الله عنه- أن كعب بن الأشرف كان يسب النبي -صلى الله عليه وسلم-، وكان يهوديًا، فقال -عليه الصلاة والسلام- لأصحابه: "مَن لِكعبِ بن الأشرف؟! فإنه آذى الله ورسوله". قال محمد بن مسلمة: أتحب أن أقتله يا رسول الله؟! قال -عليه الصلاة والسلام-: "نعم". فذهب إليه محمد بن مسلمة، فلم يزل يتحيل حتى استطاع قتله.

وعن أنس -رضي الله عنه- أن رجلاً كان نصرانيًا فأسلم، وكان يكتب الوحي لرسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فذهب إلى جمع من اليهود فارتد عن الدين، وجعل يتنقص النبي -عليه الصلاة والسلام-، ويتنقص الوحي ويقول: "ما يعرف محمد إلا ما كتبت له"، فدعا النبي -صلى الله عليه وسلم- عليه، قال: "اللهم اجعله آية"، فلم يلبث أن مات فدفنوه فأصبحوا وقد لفظته الأرض، قالوا: هذا مِن فعل محمد وأصحابه. ثم دفنوه وأعمقوا، فأصبحوا وقد لفَظَتْهُ الأرضُ أخرى، قالوا: هذا من فعل محمد وأصحابه، فأعمقوا أكثر ما استطاعوا في الأرض فدفنوه، فلما أصبحوا فإذا بالأرض قد لفظته فوقها. قالوا: والله! ما هذا من فعل بشر! فتركوه تمر به الكلاب وتفتح رجليها على وجهه وتبول عليه. نعم! هذا جزاء من يؤذي رسول الله -صلى الله عليه وسلم-.

ركبتُ إليك أجنـحةَ الخيالِ *** وطوَّعتُ القصـيدةَ للنزالِ
سأدفعُ عـن حبيبي اليومَ بغيًا *** وأفديه بروحي بـل بحالي
فمَن يهـجو رسـولَ الله إلاَّ *** مُنكّسَةُ الطبائـعِ والخصالِ
فداه الروحُ والأحباب جمـعًا *** ونحري درعه صوب النبالِ
سأقطع كلَّ مَن عادى رسولي *** وأبترُ كـل حبلٍ للوصالِ
وأقلـيه وأبغضـه جـهارًا *** رجـاءً للمثـوبة في مـآلي
فداه العرض ما لبَّتْ جمـوعٌ *** ندا الرحمن تجـأر بابتهـالِ

نعم؛ (إِنَّ شَانِئَكَ هُوَ الْأَبْتَرُ) [الكوثر:3]، (وَالَّذِينَ يُؤْذُونَ رَسُولَ اللّهِ لَهُمْ عَذَابٌ أَلِيمٌ) [التوبة:61].

لما بعث نبينا -صلى الله عليه وآله وسلم- هداية للناس جعل يبعث الرسل بكتب إلى جميع الملوك، فبعث بكتاب إلى كسرى فمزقه ولم يحترم كتاب رسول الله -صلى الله عليه وسلم-، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "إن الله ممزقه وممزق ملكه". فلم يلبث كسرى أن مزّق الله ملكه.

أما هرقل فإنه حفظ الكتاب وقدره ووضعه في مكان يحفظه فيه، فقال -صلى الله عليه وسلم-: "وأما هرقل فحفظ الكتاب"، يعني أجلّ الكتاب لإجلاله لمرسله، فإنه حفظ الكتاب، "فلن يزال الناس يجدون منه قوة ما دام في العيش خير".

أيها المسلمون: إن مَنْ تأمَّل في دين النصارى اليوم ونظر في كتابهم المحرف الإنجيل وجد أنه لا أصل لتعظيم الله ولا للأنبياء أصلاً في كتابهم، الإنجيل الموجود اليوم فيه أن الله صارع يعقوب حتى الفجر، وانتصر يعقوب، ولم يستطع الرب أن يتخلص من قبضة يعقوب.

وفي الإنجيل أن الله خلق السماوات والأرض في ستة أيام ثم تعب فتنفس وارتاح في اليوم السابع.

وفي الإنجيل الموجود اليوم أن ابنتيْ لوط -عليه السلام- سقتاه خمرًا، فلما ذهب عقله زنا بهما وحملتا منه! وفي الإنجيل الموجود اليوم أن نوحًا شرب الخمر حتى سكر فجعل ولده يعبث به! وفي الإنجيل الموجود اليوم أن الله أمر نبيه أشعياء أن يمشي عاريًا ثلاثة أيام -أو قال: ثلاث سنين-. وكانت بنو إسرائيل تقتل أنبياءهم وتشرب الخمر في كسر من جماجمهم.

واليوم، بعد انتشار الإسلام وإقبال الناس إليه أصبح الناس من كل مكان يدخلون في دين الله أفواجًا، فحقدت جموعٌ من الكافرين على الإسلام وأهله، فتارة يتنقصون الإسلام وتعاليمه، وتارة يتنقصون القرآن ويحرقونه، وتارة يستهزئون برسول الإسلام؛ بل برسول الدنيا وهادي البشرية محمد -عليه الصلاة والسلام-.

رسمت الدنمرك استهزاءً، وسب ولعن قسيسهم الأكبر فقال عن نبينا -عليه الصلاة والسلام-: ما جاء محمد إلا بالقتل والدمار.

وفي هذه الأيام ينبري شرذمة فجرة من فجرة النصارى وفساقهم، فينتجون فيلمًا يحاولون فيه الاستهزاء برسول الله -صلى الله عليه وسلم-، وجمعوا فساقًا يمثلون أدوار الصحابة، دور بلال ودور عمر ودور صحابة كرام، بل دور أمهات المؤمنين.

إن الذي فعله أولئك هو استهزاء بنا جميعًا، استهزاء بالمسلمين، إنه استهزاء بقائدنا الذي نقتدي به في أقوالنا وأفعالنا، ونسمي عليه أبناءنا، ونتنافس في معرفة قصصه وأخباره، ونعلق اسمه في مجالسنا، ونطبع الكتب عن سيرته، هو الذي هدانا الله به إلى الصراط المستقيم، وعلمنا الدين القويم، فلا نرضى أبدًا أن ينبري فجار يستخفون بديننا، لا نرضى أن يتغوطوا على كرامتنا، ولا أن يبولوا على شرفنا، لا نرضى أبدًا أن يستخفوا بديننا ولا بكرامتنا.

أين السياسيون والحكام؟! أين العلماء؟! أين المحاكم؟! لا نرضى -والله- أن يبقى هؤلاء آمنين مطمئنين والفيلم يعرض في دور السينما والقنوات ومواقع الإنترنت، لا نرضى أبدًا! بل نثور، ودون رسول الله -صلى الله عليه وسلم- تسحق جماجمنا.

أيَطيـبُ نَـومٌ أو يـَلَذُّ لمسـلمٍ *** عَيشٌ وعِـرْضُ الهـاشمي مُباحُ
لعـبتْ بـه بينَ الأنـامِ أصـابعٌ *** فلهنّ فيـهِ مَسْـرحٌ ومـراح
يا مسلمون كفاكـمُ نومًا فـقدْ *** صاح النذير وصَـرّحَ الإصباحُ
أومـا كفـاكُمْ أنهمْ قـد دنسُوا *** عَلَنًا مصاحف حشْوهن فلاحُ
واليـوم صـالوا صـوْلة همجية *** هُزْءًا بمنْ هُـو للهُـدى مفتاحُ
تالله لن يصـلوا إليـه بكيدهـمْ *** ما للكلاب سوى النباح سلاحُ
يا خير منْ وطئ الحصى وأجلّ مَنْ *** برأ الإلهُ ومنْ هـداهُ صـلاحُ
يـا مـنْ تكلُّ عـن الوفاء بحقه *** دُررُ البديع وتعْجـزُ الأمْـداحُ
يا قُرة العينين يـا بـرْد الحـشا *** يا منْ تُزاحُ بوجهـه الأتـراح
إنا كذلك لا نـزالُ عـلى الذي *** ترضى وإنْ مكَر العُداةُ وصاحُوا
نحنُ الفداءُ وكل ذلك عنـدنـا *** المــالُ والمهجـاتُ والأرواحُ
ستحطمُ الطاغوتَ خيلُك عاجلاً *** وتهُـبُ للنـصر المبـين رياح

أعوذ بالله من الشيطان الرجيم: (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ تَعَالَوْاْ إِلَى كَلَمَةٍ سَوَاء بَيْنَنَا وَبَيْنَكُمْ أَلاَّ نَعْبُدَ إِلاَّ اللّهَ وَلاَ نُشْرِكَ بِهِ شَيْئًا وَلاَ يَتَّخِذَ بَعْضُنَا بَعْضاً أَرْبَابًا مِّن دُونِ اللّهِ فَإِن تَوَلَّوْاْ فَقُولُواْ اشْهَدُواْ بِأَنَّا مُسْلِمُونَ) [آل عمران:64]، (قُلْ يَا أَهْلَ الْكِتَابِ هَلْ تَنقِمُونَ مِنَّا إِلاَّ أَنْ آمَنَّا بِاللّهِ وَمَا أُنزِلَ إِلَيْنَا وَمَا أُنزِلَ مِن قَبْلُ وَأَنَّ أَكْثَرَكُمْ فَاسِقُونَ) [المائدة:59].

ومن باب العدل أقول: قد سمعنا أصواتًا عادلة من كهنة وقساوسة النصارى المعاصرين ينكرون الاستهزاء بالأنبياء، ويخطئون ما فعلته الشرذمة الجاهلة الحاقدة، ونحن إذ نشكر لهم عدلهم وإنصافهم فإننا نطالبهم بأن يرفعوا الصوت بذلك ببرامج إعلامية، وفتاوى في أبناء دينهم الذين تنقصوا الأنبياء، وأن يصدروا البيانات الواضحة في ذلك، ويتبرؤوا صراحة.

وأنا أعلم يقينًا أن جموعًا من عامة النصارى بينهم وبين المسلمين قرابة، يُسلم الولد وأبوه يبقى على النصرانية، أو مسلم متزوج بنصرانية، أنا أعلم يقينًا أن كثيرًا من النصارى، سواء من نصارى العرب، أو من غيرهم، يحترمون الإسلام، ويُجلون نبينا -صلى الله عليه وسلم- وإن لم يتبعوه.

أنا أجزم أن عامة النصارى لا يرضون ما فعلته تلك الشرذمة السمجة المستهزئة برسولنا -صلى الله عليه وسلم-.

وليعلم الجميع أن النبي -صلى الله عليه وآله وسلم- لا يضره استهزاء من استهزأ به، لا تضره سخرية من تنقصه: (إِنَّا كَفَيْنَاكَ الْمُسْتَهْزِئِينَ) [الحجر: 95].

أيها المسلمون: ليس الذي يؤذي النبي -صلى الله عليه وسلم- ويسبه ويتنقصه أو يتنقص زوجاته ليسوا هم فقط أولئك النصارى. كلا، بل هم قرؤوا ذلك في كتب الرافضة والشيعة.

أسال الله -سبحانه وتعالى- أن ينتقم لنبينا -عليه الصلاة والسلام-، أسأل الله أن ينتقم لنبيه -عليه الصلاة والسلام-، وأن يعلي قدره، وأن يجل مكانه.

أقول ما تسمعون، وأستغفر الله الجليل العظيم من كل ذنب فاستغفروه وتوبوا إليه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

الحمد لله على إحسانه، والشكر له على توفيقه وامتنانه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له تعظيمًا لشانه، وأشهد أن محمدًا عبده ورسوله الداعي إلى رضوانه، صلى الله وسلم وبارك عليه وعلى آله وإخوانه وخلانه، ومن سار على نهجه واقتفى أثره واستن بسنته إلى يوم الدين.

أما بعد:

أيها الإخوة الكرام: ما هو الموقف أمام مثل هذه الأحداث التي تقع؟! نحن متيقنون أنها لا تضر نبينا -صلى الله عليه وسلم-؛ لكن، لابد أن يقفل الباب على أمثال أولئك، رسومات، مسرحيات، بعد ذلك تصبح أفلامًا، ولا ندري ما الذي يحصل بعد ذلك.

ينبغي علينا أن نتنبه إلى أمور:

أولاً: العلم والمعرفة بأن الله -تعالى- حافظ سنّة نبيّه -صلى الله عليه وسلم- ومبقيها، وإذا كنا محبين فعلاً لرسول الله -عليه الصلاة والسلام- فلابد أن نتعلم سنته، أن نحفظ سيرته، أن نعرف صفاته الخُلقية والخَلقية، وأن نقرأ شمائله وسجاياه -صلى الله عليه وسلم-.

إذا كنا نحبّه لابد أن نحب آل بيته، ونحب زوجاته وذريته، وهذا من محبتنا له -صلى الله عليه وسلم-، أن نعرف مكانة آل بيته ومكانة أصحابه.

ومن ذلك تربية أبنائنا على محبة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن نؤلف في ذلك، وننشر الكتب، وإذا كان المرء قادرًا فليدعم الجمعيات التي تقوم على ذلك، وليشترِ برامج أو ساعات من بث القنوات العالمية يبث فيها شيئًا عن النبي -صلى الله عليه وسلم-.

المدارس ينبغي أن تقام فيها معارض لنشر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، أن تكتب الشبهات التي يلقيها أمثال هؤلاء الفجرة.

أن تنشأ لجان في كل مكتب دعوة وفي غيره لأجل أن تنشر سنة النبي -صلى الله عليه وسلم-، وأن تعرف الناس به، وأن يتولى الناس من خلال كل وسائل الإعلام، من خلال الإنترنت، ومن خلال غيره، أن يتولى الناس نشر سيرة النبي -صلى الله عليه وسلم- بكل اللغات، وأن ينشروا محاسنه -عليه الصلاة والسلام- من كل سبيل يستطيعون السلوك من خلاله.

أسأل الله -سبحانه وتعالى- أن يصلي على نبيه -صلى الله عليه وسلم- ما ذكره الذاكرون الأبرار، اللهم صلِّ وسلم عليه ما تعاقب الليل والنهار، اللهم احشرنا في زمرته.
 

 

 

 

المرفقات

عن رسول الله ضد الفلم المسيء

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات