الدعاء .. فضائل وآداب وأحكام

علي عبد الرحمن الحذيفي

2022-10-12 - 1444/03/16
التصنيفات: أحوال القلوب
عناصر الخطبة
1/ فضائل الدعاء 2/ آثارَ الدعاء وبركاته وخيراته ونتائجَه العجيبة 3/ آداب وشروط الدعاء 4/ من أسباب إجابة الدعاء 5/ بعض آداب الدعاء وشروط قبوله.

اقتباس

من أسباب الصلاح والإصلاح والفلاح، وتتابُع الخيرات، وصرف النوازِل والعقوبات، ورفع المصائِب الواقعة والكُرُبات: الدعاءَ بإخلاصٍ، وحضور قلبٍ، وإلحاح، فالربُّ - جل وعلا - يُحبُّ الدعاء ويأمر به. والدعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزِل، والدعاءُ هو العبادة، والدعاءُ مُرغَّبٌ فيه في كل وقتٍ، فهو عبادةٌ يُثيبُ عليها الربُّ أعظمَ الثواب، وهو مُحقِّقٌ للمطالِبِ كلِّها الخاصَّة والعامَّة، الدينية والدنيوية، في الحياة وبعد الممات.

 

 

 

الخطبة الأولى:

 

الحمد لله، الحمد لله ربِّ الأرض والسماء، سميع الدعاء، يبدأُ بالنِّعم والآلاء، ويكشِفُ السوءَ والبلاء، أحمدُ ربي وأشكرُه، وأتوبُ إليه وأستغفِرُه، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له ذو العزَّة والكبرياء، وأشهد أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المبعوثُ بالشريعة التامَّة الغرَّاء، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آله وصحبِه السابقين إلى كل عملٍ مبرور، وسعيٍ مشكور.

 

أما بعد:

فاتقوا الله حقَّ تقواه؛ فمن تمسَّك بالتقوى جمع الله له الخيرَ في دُنياه وأُخراه، ومن جانبَ التقوى شقِيَ في عواقِب أموره وإن أقبلَت عليه دُنياه.

 

أيها المسلمون:

لقد قدَّر الله أسبابَ كل خيرٍ وسعادةٍ في الدنيا والآخرة، وقدَّر أسبابَ كل شرٍّ في الدارَين، فمن أخذ بأسباب الخير والفلاح، ضمِنَ الله له صلاحَ دُنياه، وكان له في الآخرة أحسن العاقِبة مُخلَّدًا في جنات النعيم، فائزًا برِضوان الربِّ الرحيم، قال الله تعالى: (هَلْ جَزَاءُ الْإِحْسَانِ إِلَّا الْإِحْسَانُ) [الرحمن: 60].

 

ومن عمِل بأسباب الشرِّ، حصدَ جزاءَ عمله شرًّا في حياته وبعد مماته، قال الله تعالى: (لَيْسَ بِأَمَانِيِّكُمْ وَلَا أَمَانِيِّ أَهْلِ الْكِتَابِ مَنْ يَعْمَلْ سُوءًا يُجْزَ بِهِ وَلَا يَجِدْ لَهُ مِنْ دُونِ اللَّهِ وَلِيًّا وَلَا نَصِيرًا) [النساء: 123].

 

ألا وإن من أسباب الصلاح والإصلاح والفلاح، وتتابُع الخيرات، وصرف النوازِل والعقوبات، ورفع المصائِب الواقعة والكُرُبات: الدعاءَ بإخلاصٍ، وحضور قلبٍ، وإلحاح، فالربُّ - جل وعلا - يُحبُّ الدعاء ويأمر به.

 

والدعاءُ ينفع مما نزل ومما لم ينزِل، قال الله تعالى: (وَقَالَ رَبُّكُمُ ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبَادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ دَاخِرِينَ) [غافر: 60].

 

والدعاءُ هو العبادة، كما في حديث النُّعمان بن بشيرٍ - رضي الله عنه -، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «الدعاءُ هو العبادة» (رواه أبو داود والترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيح).

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «ليس شيءٌ أكرمَ على الله من الدعاء» (رواه الترمذي وابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: "صحيحُ الإسناد").

 

والدعاءُ مُرغَّبٌ فيه في كل وقتٍ، فهو عبادةٌ يُثيبُ عليها الربُّ أعظمَ الثواب، وهو مُحقِّقٌ للمطالِبِ كلِّها الخاصَّة والعامَّة، الدينية والدنيوية، في الحياة وبعد الممات.

 

ولمنافِع الدعاء العظيمة شرعَه الله في العبادات المفروضة وجوبًا أو استِحبابًا، رحمةً من ربِّنا - سبحانه -، وتكرُّمًا وتفضُّلاً لنعمل بهذا السبب الذي علَّمَنا الله إياه، ولو لم يُعلِّمنا الدعاءَ لم نهتَدِ إليه بعقولنا، قال الله تعالى: (وَعُلِّمْتُمْ مَا لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَلَا آبَاؤُكُمْ) [الأنعام: 91].

فلله الحمدُ حمدًا كثيرًا طيبًا مُبارَكًا فيه، كما يُحبُّ ربُّنا ويرضَى.

 

وتشتدُّ الحاجةُ إلى الدعاء دائمًا خاصَّةً في هذا العصر، مع تظاهُر الفتن وكثرتها، وحُلول الكوارِث المُدمِّرة، ونزول الكُرُبات بالمُسلمين، وظهور الفِرَق المُبتدِعة التي تُفرِّقُ صفَّ المُسلمين، وتستحلُّ الدماءَ والأموالَ المعصومة، وتجفُوا العلمَ وأهلَه، وتُفتِي بالجهل والضلال.

 

ومع تمالُئِ أعداء الإسلام عليه، وتآمُرهم على أهل الإيمان، والتخاذُل والفُرقة والاختلاف بين المُسلمين، ومع الأضرار التي لحِقَت بكل فردٍ مُسلم أُخرِج من دياره بظُلمٍ ومسَّه الضُّرُّ، وتعسَّرت عليه حوائِجُه، وضاقَت عليه الأرضُ بما رحُبَت، تشتدُّ الحاجةُ إلى الدعاء في هذه الأحوال العَصيبة التي يصطلِي بنارها المُسلمون في بُلدانٍ شبَّت فيها الفتن.

 

ولقد أثنَى الله على الذين يدعُونه، ويتضرَّعون إليه - عز وجل - إذا نزلَت بهم الخُطوب والشدائِد، قال الله تعالى عن أبوَيْ البشر - عليهما الصلاة والسلام -: (قَالَا رَبَّنَا ظَلَمْنَا أَنْفُسَنَا وَإِنْ لَمْ تَغْفِرْ لَنَا وَتَرْحَمْنَا لَنَكُونَنَّ مِنَ الْخَاسِرِينَ) [الأعراف: 23].

 

وقال تعالى: (وَلَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَالْجُوعِ وَنَقْصٍ مِنَ الْأَمْوَالِ وَالْأَنْفُسِ وَالثَّمَرَاتِ وَبَشِّرِ الصَّابِرِينَ * الَّذِينَ إِذَا أَصَابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قَالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ * أُولَئِكَ عَلَيْهِمْ صَلَوَاتٌ مِنْ رَبِّهِمْ وَرَحْمَةٌ وَأُولَئِكَ هُمُ الْمُهْتَدُونَ) [البقرة: 155- 157]، وقال - عز وجل - عن يونس - عليه السلام -: (فَنَادَى فِي الظُّلُمَاتِ أَنْ لَا إِلَهَ إِلَّا أَنْتَ سُبْحَانَكَ إِنِّي كُنْتُ مِنَ الظَّالِمِينَ) [الأنبياء: 87].

 

وعن سعد بن أبي وقَّاصٍ - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «دعوةُ ذي النُّون إذ دعاه وهو في بطن الحُوت، لم يدْعُ بها رجلٌ مُسلمٌ في شيءٍ قطُّ إلا استجابَ الله له» (رواه أحمد والترمذي والحاكم، وقال: "صحيحُ الإسناد").

 

ولما دعا النبيَّ - صلى الله عليه وسلم - ثقيفًا إلى الإسلام، ردُّوا عليه دعوتَه، ورمَوه بالحجارة حتى أدمَت عقِبَيْه، فدعا ربَّه قائلاً: «اللهم أشكُو إليك ضعفَ قوَّتي، وقلَّةَ حيلَتي، وهواني على الناس، يا أرحم الراحمين! إلى من تكِلني؟ إلى بعيدٍ يتجهَّمُني، أم إلى عدوٍّ ملَّكتَه أمري؟ إن لم يكُن بك غضبٌ عليَّ فلا أُبالِي، ولكن عافيتُك أوسعُ لي، أعوذُ بنور وجهِك الذي أشرقَت له الظُّلُمات، وصلُح عليه أمرُ الدنيا والآخرة أن يحِلَّ بي غضبُك، أو ينزِل بي سخَطُك، لك العُتبَى حتى ترضَى، ولا حولَ ولا قوَّةَ إلا بك».

 

فبالدعاء تُستقبلُ الشدائدُ والكُرُبات إذا لم يقدِر البشرُ على دفعها، عن ثوبان، عن النبي - صلى الله عليه وسلم - قال: «لا يرُدُّ القدَرَ إلا الدعاء، ولا يزيدُ في العُمر إلا البرُّ، وإن الرجلَ ليُحرَم الرزقَ بالذنبِ يُصيبُه» (رواه ابن حبان في "صحيحه" والحاكم، وقال: "صحيحُ الإسناد").

 

وعن ابن عُمر - رضي الله عنهما -، عن رسولِ الله - صلى الله عليه وسلم - قال: «إن الدعاءَ ينفعُ مما نزل، ومما لم ينزِل، فعليكم - عباد الله - بالدعاء» (رواه الترمذي والحاكم).

 

وعن أبي هريرة - رضي الله عنه - قال: قال رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم -: «إن الله تعالى يقول: أنا عند ظنِّ عبدِي بي، وأنا معه إذا دعاني» (رواه البخاري ومسلم).

وكفَى بهذا ثوابًا وفضلاً أن يكون الله مع الداعي.

 

كما ذمَّ الله الذين يترُكون الدعاءَ عند نزول العقوبات، وتظاهُر الفتن والكُرُبات، قال الله تعالى: (وَلَقَدْ أَخَذْنَاهُمْ بِالْعَذَابِ فَمَا اسْتَكَانُوا لِرَبِّهِمْ وَمَا يَتَضَرَّعُونَ) [المؤمنون: 76]، وقال - عز وجل -: (وَلَقَدْ أَرْسَلْنَا إِلَى أُمَمٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَخَذْنَاهُمْ بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَتَضَرَّعُونَ * فَلَوْلَا إِذْ جَاءَهُمْ بَأْسُنَا تَضَرَّعُوا وَلَكِنْ قَسَتْ قُلُوبُهُمْ وَزَيَّنَ لَهُمُ الشَّيْطَانُ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ) [الأنعام: 42، 43]، وقال تعالى: (وَمَا أَرْسَلْنَا فِي قَرْيَةٍ مِنْ نَبِيٍّ إِلَّا أَخَذْنَا أَهْلَهَا بِالْبَأْسَاءِ وَالضَّرَّاءِ لَعَلَّهُمْ يَضَّرَّعُونَ) [الأعراف: 94].

 

وتركُ الدعاء في الكُرُبات إصرارٌ على الذنوب، واستِخفافٌ ببطشِ الله الشديد، قال الله - سبحانه -: (إِنَّ بَطْشَ رَبِّكَ لَشَدِيدٌ) [البروج: 12].

 

والدعاءُ سببٌ عظيمٌ لنزول الخيرات والبركات، ودفع الشرِّ أو رفعه عن الداعي.

والداعي أقوى الأسباب للخروج من الشرِّ الذي وقع، والمكروه الذي حلَّ، قال الله تعالى: (وَأَيُّوبَ إِذْ نَادَى رَبَّهُ أَنِّي مَسَّنِيَ الضُّرُّ وَأَنْتَ أَرْحَمُ الرَّاحِمِينَ * فَاسْتَجَبْنَا لَهُ فَكَشَفْنَا مَا بِهِ مِنْ ضُرٍّ وَآتَيْنَاهُ أَهْلَهُ وَمِثْلَهُمْ مَعَهُمْ رَحْمَةً مِنْ عِنْدِنَا وَذِكْرَى لِلْعَابِدِينَ) [الأنبياء: 83، 84]، وقال تعالى: (أَمَّنْ يُجِيبُ الْمُضْطَرَّ إِذَا دَعَاهُ وَيَكْشِفُ السُّوءَ) [النمل: 62]؛ أي: لا أحدَ يفعلُ ذلك إلا الله تعالى.

 

وقال - سبحانه -: (قُلْ مَنْ يُنَجِّيكُمْ مِنْ ظُلُمَاتِ الْبَرِّ وَالْبَحْرِ تَدْعُونَهُ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً لَئِنْ أَنْجَانَا مِنْ هَذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ) [الأنعام: 63].

 

والمُسلمُ عليه أن يرغبَ إلى الله في إصلاح شأنه كلِّه، وأن يرفعَ إلى ربِّه حوائِجَه كلَّها، ويسألَه كلَّ شيءٍ، وأعظمُ مطلوبٍ الجنة والنجاة من النار، قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «يا عبادي! كلُّكم ضالٌّ إلا من هديتُه، فاستَهدوني أهدِكم، يا عبادي! كلُّكم جائعٌ إلا من أطعمتُه، فاستَطعِموني أُطعِمكُم، يا عبادي! كلُّكم عارٍ إلا من كسَوتُه، فاستَكسُوني أكسُكم، يا عبادي! إنكم تُخطِئون بالليل والنهار، وأنا أغفرُ الذنوبَ جميعًا، فاستغفِروني أغفِر لكم» (رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -).

ومعناه: اسأَلُوني الهدايةَ والإطعامَ والكسوةَ والمغفرةَ.

اللهم اهدِنا وأطعِمنا واكسِنا واغفِر لنا يا أرحم الراحمين.

وفي الحديث: «ليسأَل أحدُكم ربَّه حتى شِسْع نعلِه ومِلحَ طعامه».

 

وكم دعوةٍ غيَّرَت مجرَى التاريخ من شرٍّ إلى خير، ومن حسنٍ إلى أحسن، قال الله تعالى عن أبينا إبراهيم - عليه الصلاة والسلام -: (رَبَّنَا وَابْعَثْ فِيهِمْ رَسُولًا مِنْهُمْ يَتْلُو عَلَيْهِمْ آيَاتِكَ وَيُعَلِّمُهُمُ الْكِتَابَ وَالْحِكْمَةَ وَيُزَكِّيهِمْ إِنَّكَ أَنْتَ الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ) [البقرة: 129].

 

عن أبي أُمامة - رضي الله عنه - قال: قلتُ: يا رسول الله! ما كان بدءُ أمرك؟ قال: «دعوةُ أبي إبراهيم، وبُشرى عيسى، ورأَت أمي أنه خرجَ منها نورٌ أضاءَت له قُصورُ الشام، وكذلك أمهاتُ الأنبياء يرَيْن» (رواه أحمد).

فالمُسلمون في الخير الدائِم بهذه الدعوة، والأرضُ نالَتها هذه الدعوةُ المُبارَكة.

 

ودعوةُ نوحٍ - عليه الصلاة والسلام - كانت خيرًا ونجاةً للمُؤمنين المُوحِّدين، وشرًّا على المُشرِكين وهلاكًا.

 

ودعوةُ عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابه الذين يُحصَرون في الطُّور في آخر الزمان، تكون نصرًا للمُسلمين، وهلاكًا ليأجوج ومأجوج الذين هم كالجراد الذي يعمُّ الأرض، شرُّ الخلق والخليقة، وأشدُّهم فسادًا وطُغيانًا وجبروتًا.

 

وفي حديث النوَّاس بن سَمعان - رضي الله عنه - بعد قتل عيسى - صلى الله عليه وسلم - للمسيح الكذاب الدجَّال الذي يعيثُ في الأرض فسادًا، يقول في الحديث: «إذ أوحَى الله تعالى إلى عيسى - صلى الله عليه وسلم -: أني قد أخرجتُ عبادًا لي، لا يَدانِ لأحدٍ بقتالهم - أي: لا طاقةَ لأحدٍ بهم -، فحرِّز عبادي إلى الطُّور، ويبعثُ الله يأجوج ومأجوج، وهم من كل حدَبٍ ينسِلُون، فيمُرُّ أوائِلُهم على بُحيرة طبريَّة فيشرَبون ما فيها من ماءٍ، ويمُرُّ آخرُهم فيقولون: لقد كان بهذه مرَّةً ماء.

 

ويُحصَرُ نبيُّ الله - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه بالطُّور، حتى يكون رأسُ الثَّور لأحدهم خيرًا من مائةِ دينارٍ لأحدِكم اليوم، فيرغَبُ نبيُّ الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه إلى الله - عز وجل - فيدعُونه، فيُرسِلُ الله عليهم النَّغَف في رقابهم - وهو الدُّود -، فيُصبِحون موتَى كموتِ نفسٍ واحدةٍ.

ثم يهبِطُ نبيُّ الله - عليه الصلاة والسلام - وأصحابُه إلى الأرض، فلا يجِدون في الأرض موضِع شِبرٍ إلا ملأَه زهَمُهم ونَتنُهم، فيرغَبُ نبيُّ الله عيسى - صلى الله عليه وسلم - وأصحابُه إلى الله يدعُةونه، فيُرسِلُ الله تعالى طيرًا كأعناقِ البُخْت، فتحمِلُهم فتَطرحُهم حيث شاءَ الله» (رواه مسلم).

 

ودُعاءُ النبي محمدٍ - صلى الله عليه وسلم - سيِّد البشر وأصحابِه في بدرٍ، كان نصرًا للإسلام إلى الأبَد، وخِذلانًا للكفر إلى الأبَد، قال الله تعالى: (إِذْ تَسْتَغِيثُونَ رَبَّكُمْ فَاسْتَجَابَ لَكُمْ أَنِّي مُمِدُّكُمْ بِأَلْفٍ مِنَ الْمَلَائِكَةِ مُرْدِفِينَ) [الأنفال: 9].

 

ودعا النبيُّ - صلى الله عليه وسلم - وألحَّ في الدعاء ببدرٍ حتى سقطَ رداؤُه، فالتَزَمه أبو بكرٍ من وراءِه - رضي الله عنه -، وقال: كفَى مُناشدتُك ربَّك يا رسول الله، فإن الله مُنجِزٌ لك ما وعدَك، فقال: «أبشِر يا أبا بكر، هذا جبريلُ - عليه السلام - يزَعُ الملائكة، على ثناياه النَّقْع».

 

ولم تُقاتل الملائكةُ مع نبيٍّ قبلَه، خُصَّ بذلك لكمال فضلِه - عليه الصلاة والسلام -، وقوَّة يقينه وتوكُّله على الله، وإخلاصِ أصحابِه - رضي الله تعالى عنهم -.

 

والدعاءُ بنصر الحقِّ ودحضِ الباطل نُصحٌ لله ولكتابه ولرسولِه ولأئمة المُسلمين وعامَّتهم، فلا يزهَدُ في الدعاء ولا يهجُرُه إلا من أضاعَ حظَّ نفسِه في الدنيا والآخرة، وأضاعَ ما يجبُ عليه للإسلام والمُسلمين، وفي الحديث: «من لم يهتمَّ بأمرِ المُسلمين فليس منهم».

 

ولو تتبَّعنا آثارَ الدعاء وبركاته وخيراته ونتائجَه العجيبة الطيبة، لطال السَّرْدُ، وحسبُنا ما أشرنا إليه.

وللدعاءِ شُروطٌ وآداب؛ فمن شروط الدعاء: أكلُ الحلال، ولُبس الحلال، قال النبي - صلى الله عليه وسلم - لسعد بن أبي وقَّاص: «يا سعد! أطِب مطعمَك تُستجَب دعوتُك».

 

ومن شروطه: التمسُّك بالسنَّة، والاستِجابةُ لله تعالى بفعلِ أوامره واجتِناب نواهِيه، فمن استجابَ لله استجابَ الله له، قال الله تعالى: (وَإِذَا سَأَلَكَ عِبَادِي عَنِّي فَإِنِّي قَرِيبٌ أُجِيبُ دَعْوَةَ الدَّاعِ إِذَا دَعَانِ فَلْيَسْتَجِيبُوا لِي وَلْيُؤْمِنُوا بِي لَعَلَّهُمْ يَرْشُدُونَ) [البقرة: 186]، وقال تعالى: (وَيَسْتَجِيبُ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصَّالِحَاتِ وَيَزِيدُهُمْ مِنْ فَضْلِهِ) [الشورى: 26].

وأما المظلُوم فيُستجابُ له ولو كان كافرًا أو مُبتدِعًا.

 

ومن شرط الدعاء: الإخلاصُ وحُضور القلب، والإلحاحُ على الله، وصِدقُ الالتجاء إلى الربِّ تعالى، قال - سبحانه -: (فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ وَلَوْ كَرِهَ الْكَافِرُونَ) [غافر: 14].

وفي الحديث: «لا يقبلُ الله الدعاءَ من قلبٍ ساهٍ لاهٍ غافلٍ».

 

ومن شروطه: ألا يدعُو بإثمٍ ولا قطيعة رحِم، وألا يعتدِيَ في الدعاء.

ومن أسباب إجابة الدعاء: الثناءُ على الله تعالى بأسمائِه الحُسنى وصفاته العُلى، والصلاةُ على النبي - عليه الصلاة والسلام -، وفي الحديث: أن رسولَ الله - صلى الله عليه وسلم - سمِع رجلاً يقول: اللهم إني أسألُك بأني أشهدُ أنك أنت الله لا إله إلا أنت، الأحد الصمد، الذي لم يلِد ولم يُولَد، ولم يكُن له كُفُوًا أحد، فقال: «لقد سألتَ اللهَ بالاسمِ الأعظَم الذي إذا سُئِل به أعطَى، وإذا دُعِيَ به أجاب» (رواه أبو داود والترمذي، وقال: "حديثٌ حسن"، وابن ماجه وابن حبان والحاكم من حديث بُريدَة - رضي الله عنه -).

 

وعن فُضالة بن عُبيد - رضي الله عنه - قال: بينما رسولُ الله - صلى الله عليه وسلم - قاعِدٌ، إذ دخل رجلٌ فصلَّى، فقال: اللهم اغفِر لي وارحَمني، فقال - عليه الصلاة والسلام -: «عجِلتَ أيها المُصلِّي، إذا صلَّيتَ فقعدتَ فاحمَد الله بما هو أهلُه، وصلِّ عليَّ، ثم ادعُه» (رواه أحمد وأبو داود والترمذي، وقال: "حديثٌ حسن").

 

وفي حديثٍ آخر: «إن الدعاءَ مُعلَّقٌ بين السماء والأرض حتى يُصلَّى على النبي - صلى الله عليه وسلم -».

 

ومن آداب الدعاء وشروط قبوله: ألا يستعجِل الإجابة، بل يصبِرُ ويُداوِمُ على الدعاء، ففي الحديث: «يُستجابُ لأحدكم ما لم يعجَل، يقول: دعوتُ فلم يُستجَب لي» (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -).

 

فدوامُ الدعاء معه الإجابة، وفي الحديث: «ما على وجهِ الأرض رجلٌ مُسلمٌ يدعُو الله بدعوةٍ إلا آتاه الله إياها، أو صرفَ عنه من السوء مثلَها ما لم يدعُ بإثمٍ أو قطيعة رحِم»، فقال رجلٌ: إذًا نُكثِر؟ قال: «الله أكثر» (رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسنٌ صحيح").

ورواه الحاكم من رواية أبي سعيدٍ، وزادَ فيه: «أو يدَّخِرُ له من مثلِها».

 

وعلى المُسلم أن يتحرَّى أوقاتَ الإجابة، قيل لرسولِ الله - صلى الله عليه وسلم -: أيُّ الدعاء أسمَع؟، قال: «جوفُ الليل الآخر، ودُبُر الصلوات المكتوبات» (رواه الترمذي، وقال: "حديثٌ حسن"، من حديث أبي أُمامة - رضي الله عنه -.

 

وفي الحديث: «ينزِلُ ربُّنا إلى السماء الدنيا ثُلُث الليل الآخر، فيقول: هل من داعٍ فأستجيب له؟ هل من سائلٍ فأُعطِيَه؟ هل من مُستغفرٍ فأغفر له؟» (رواه البخاري ومسلم من حديث أبي هريرة - رضي الله عنه -.

 

وبين الأذان والإقامة لا يُردُّ الدعاء، وفي الحديث: «أقربُ ما يكونُ العبدُ من ربِّه وهو ساجِد، فأكثِروا الدعاءَ» (رواه مسلم من حديث أبي هريرة).

وعند رؤية الكعبة، وعند نزول الغيث، وعند الاضطرار، وبعد خَتم القرآن، وبعد الصدقة.

 

فما أعظمَ سعادةَ وفلاحَ وأجرَ من عكَفَ قلبُه على الله –تعالى-، يدعُوه ويرجُوه ويتوكَّلُ عليه، ويستعينُ به، ويُلِحُّ الدعاءَ على الله، وما أشقَى وما أشدَّ شركَ وكُفرَ من يدعُو الأضرحة والقبور وأصحاب القبور، أو يستغيثُ بالأنبياء - عليهم الصلاة والسلام -، أو الأولياء، أو يدعُوهم من دون الله تعالى، أو يرفع حاجاته لمَلَكٍ مُقرَّب، أو نبيٍّ مُرسَل. فإن الأنبياء - عليهم الصلاة والسلام - جاؤوا لدعوة الناس أن يخُصُّوا الله تعالى بالدعاء، ويُفرِدوه وحدَه بالعبادة والدعاء.

 

والأولياءُ أُمِرنا بالعمل بمثل عملهم، وبمحبَّتهم والاقتِداء بهم، ونُهينَا عن دعائِهم، قال الله تعالى: (وَأَنَّ الْمَسَاجِدَ لِلَّهِ فَلَا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَدًا) [الجن: 18]، وقال تعالى: (قُلْ إِنَّمَا أَدْعُو رَبِّي وَلَا أُشْرِكُ بِهِ أَحَدًا) [الجن: 20].

 

والغائبُ والموتَى لا يستجيبُ أحدٌ منهم الدعاء؛ لأن الدعاءَ لا يقدِرُ على إجابته إلا الله - عز وجل -، قال - سبحانه -: (لَهُ دَعْوَةُ الْحَقِّ وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لَا يَسْتَجِيبُونَ لَهُمْ بِشَيْءٍ إِلَّا كَبَاسِطِ كَفَّيْهِ إِلَى الْمَاءِ لِيَبْلُغَ فَاهُ وَمَا هُوَ بِبَالِغِهِ وَمَا دُعَاءُ الْكَافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلَالٍ) [الرعد: 14]، وقال تعالى: (وَمَنْ أَضَلُّ مِمَّنْ يَدْعُو مِنْ دُونِ اللَّهِ مَنْ لَا يَسْتَجِيبُ لَهُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ وَهُمْ عَنْ دُعَائِهِمْ غَافِلُونَ * وَإِذَا حُشِرَ النَّاسُ كَانُوا لَهُمْ أَعْدَاءً وَكَانُوا بِعِبَادَتِهِمْ كَافِرِينَ) [الأحقاف: 5، 6].

 

وقال تعالى يُخبِرُ عن أفعاله وتدبيره: (يُولِجُ اللَّيْلَ فِي النَّهَارِ وَيُولِجُ النَّهَارَ فِي اللَّيْلِ وَسَخَّرَ الشَّمْسَ وَالْقَمَرَ كُلٌّ يَجْرِي لِأَجَلٍ مُسَمًّى ذَلِكُمُ اللَّهُ رَبُّكُمْ لَهُ الْمُلْكُ وَالَّذِينَ تَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ مَا يَمْلِكُونَ مِنْ قِطْمِيرٍ * إِنْ تَدْعُوهُمْ لَا يَسْمَعُوا دُعَاءَكُمْ وَلَوْ سَمِعُوا مَا اسْتَجَابُوا لَكُمْ وَيَوْمَ الْقِيَامَةِ يَكْفُرُونَ بِشِرْكِكُمْ وَلَا يُنَبِّئُكَ مِثْلُ خَبِيرٍ) [فاطر: 13، 14].

 

ولم يأذَن الله في دعوةِ أحدٍ من دونه مهما كان مُقرَّبًا، قال الله تعالى: (وَقَالَ الْمَسِيحُ يَا بَنِي إِسْرَائِيلَ اعْبُدُوا اللَّهَ رَبِّي وَرَبَّكُمْ إِنَّهُ مَنْ يُشْرِكْ بِاللَّهِ فَقَدْ حَرَّمَ اللَّهُ عَلَيْهِ الْجَنَّةَ وَمَأْوَاهُ النَّارُ وَمَا لِلظَّالِمِينَ مِنْ أَنْصَارٍ) [المائدة: 72]، وقال - سبحانه -: (وَلَا يَأْمُرَكُمْ أَنْ تَتَّخِذُوا الْمَلَائِكَةَ وَالنَّبِيِّينَ أَرْبَابًا أَيَأْمُرُكُمْ بِالْكُفْرِ بَعْدَ إِذْ أَنْتُمْ مُسْلِمُونَ) [آل عمران: 80].

 

وفي الحديث: «من ماتَ وهو يدعُو من دون الله نِدًّا دخل النار» (رواه البخاري من حديث ابن مسعودٍ - رضي الله عنه -).

 

أيها المسلم:

هذا كتابُ الله تعالى، وأحاديثُ رسولِه - صلى الله عليه وسلم - تُبيِّنُ لك أن الدعاءَ هو العبادة، وأنه يختصُّ بالله - عز وجل -، وهو حقُّه على العباد، لا يُصرَفُ إلا لله؛ فمن أشركَ مع الله أحدًا في الدعاء فهو مُشرِكٌ شِركًا أكبر.

 

ولا يُقلِّد أحدٌ أحدًا في الضلال والشرك، فما وقعَ الشركُ والكفرُ في بني آدم إلا بالتقليد، واتباع الضالِّين المُشرِكين، قال الله تعالى: (أَذَلِكَ خَيْرٌ نُزُلًا أَمْ شَجَرَةُ الزَّقُّومِ * إِنَّا جَعَلْنَاهَا فِتْنَةً لِلظَّالِمِينَ * إِنَّهَا شَجَرَةٌ تَخْرُجُ فِي أَصْلِ الْجَحِيمِ * طَلْعُهَا كَأَنَّهُ رُءُوسُ الشَّيَاطِينِ * فَإِنَّهُمْ لَآكِلُونَ مِنْهَا فَمَالِئُونَ مِنْهَا الْبُطُونَ * ثُمَّ إِنَّ لَهُمْ عَلَيْهَا لَشَوْبًا مِنْ حَمِيمٍ * ثُمَّ إِنَّ مَرْجِعَهُمْ لَإِلَى الْجَحِيمِ * إِنَّهُمْ أَلْفَوْا آبَاءَهُمْ ضَالِّينَ * فَهُمْ عَلَى آثَارِهِمْ يُهْرَعُونَ) [الصافات: 62- 70].

 

قال الله تعالى: (ادْعُوا رَبَّكُمْ تَضَرُّعًا وَخُفْيَةً إِنَّهُ لَا يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ * وَلَا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ بَعْدَ إِصْلَاحِهَا وَادْعُوهُ خَوْفًا وَطَمَعًا إِنَّ رَحْمَتَ اللَّهِ قَرِيبٌ مِنَ الْمُحْسِنِينَ) [الأعراف: 55، 56].

 

بارك الله لي ولكم في القرآن العظيم، ونفَعَني وإياكم بما فيه من الآياتِ والذكرِ الحكيم، وبهديِ سيِّد المرسلين وقوله القويم، أقولُ قولي هذا وأستغفِرُ الله العظيم لي ولكم ولسائر المسلمين من كل ذنبٍ، فاستغفِروه، إنه هو الغفور الرحيم.

 

 

الخطبة الثانية:

 

الحمدُ لله الرحمن الرحيم، العزيز الحكيم، له الأسماءُ الحُسنى والصفاتُ العُلى، وأشهدُ أن لا إله إلا الله وحدَه لا شريكَ له العليُّ الأعلى، وأشهدُ أن نبيَّنا وسيِّدَنا محمدًا عبدُه ورسولُه المُجتبَى، اللهم صلِّ وسلِّم وبارِك على عبدِك ورسولِك محمدٍ، وعلى آلهِ وصحبِه الأتقِياء.

 

أما بعد:

فاتَّقُوا الله تعالى يُصلِح لكم الأعمال، ويجعَلكم من الفائزين في الحال والمآل.

 

عباد الله:

كُونوا إلى الله راغِبين، ولدُعائِه مُداوِمين، فما خابَ من دعاه، ولا حُرِم من رَجاه، وكلُّ إنسانٍ له حاجاتٌ مُتجدِّدة، ومطالِبُ في كل وقتٍ مُتعدِّدة، فليسأَل كلُّ أحدٍ ربَّه ما يعلمُه خيرًا له، وليستعِذ بالله مما يعلمُه شرًّا.

وأعظمُ سُؤلٍ هو رِضوانُ الله والجنة، وأعظمُ ما يُستعاذُ منه هو النار.

 

وليُلِحَّ المُسلمُ على ربِّه في المطلَبِ الذي يهمُّه، فالله غنيٌّ حميدٌ كريم، جوادٌ عظيمٌ قادِر، قال الله تعالى في الحديث القُدسيِّ: «يا عبادي! لو أن أولَكم وآخرَكم، وإنسَكم وجنَّكم، قاموا في صعيدٍ واحدٍ، فسأَلوني فأعطيتُ كلَّ واحدٍ منهم مسألتَه ما نقصَ ذلك مما عندي إلا كما ينقُصُ المِخيَطُ إذا أُدخِلَ البحر» (رواه مسلم من حديث أبي ذرٍّ - رضي الله عنه -).

وفي الحديث: «من لم يسأل اللهَ يغضَب عليه».

 

ويُستحبُّ للمُسلم أن يتخيَّر جوامِع الدعاء الوارِد عن النبي - صلى الله عليه وسلم -؛ كقوله تعالى: (رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201]، وكان النبي يدعُو بها كثيرًا.

 

ومثلُ: اللهم إني أسألُك الجنةَ وما قرَّبَ إليها من قولٍ أو عمل، وأعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.

 

عباد الله:

(إِنَّ اللَّهَ وَمَلَائِكَتَهُ يُصَلُّونَ عَلَى النَّبِيِّ يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا صَلُّوا عَلَيْهِ وَسَلِّمُوا تَسْلِيمًا) [الأحزاب: 56]، وقد قال - صلى الله عليه وسلم -: «من صلَّى عليَّ صلاةً واحدةً صلَّى الله عليه بها عشرًا».

 

فصلُّوا وسلِّموا على سيِّد الأولين والآخرين، وإمام المرسلين.

اللهم صلِّ على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما صلَّيتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيدٌ، وسلِّم تسليمًا، اللهم بارِك على محمدٍ وعلى آل محمدٍ، كما بارَكتَ على إبراهيم وعلى آل إبراهيم، إنك حميدٌ مجيد.

 

اللهم وارضَ عن الصحابةِ أجمعين، وعن التابعين ومن تبِعَهم بإحسانٍ إلى يوم الدين، وعنَّا معهم بمنِّك وكرمِك ورحمتِك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم وارضَ عن الخلفاء الراشدين، الأئمة المهديين: أبي بكرٍ، وعُمر، وعُثمان، وعليٍّ، وعن سائر أصحاب نبيِّك أجمعين يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نسألُك من الخير كلِّه، عاجِله وآجِله، ما علِمنا منه وما لم نعلَم، ونعوذُ بك من الشرِّ كلِّه، عاجِلِه وآجِلِه، ما علِمنا منه وما لم نعلَم.

 

اللهم إنا نسألُك الجنةَ وما قرَّب إليها من قولٍ وعمل، ونعوذُ بك من النار وما قرَّب إليها من قولٍ أو عمل.

 

اللهم اغفر لموتانا وموتى المُسلمين برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم اغفر للمُسلمين والمسلمات، والمؤمنين والمؤمنات، الأحياء منهم والأموات.

 

اللهم نوِّر على أهل القبور قبورَهم من المُسلمين، اللهم اقضِ الدَّينَ يا رب العالمين عن المدينين من المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين، اللهم اشفِ مرضانا ومرضى المُسلمين.

 

اللهم تولَّ أمر المُسلمين يا رب العالمين، وأصلِح شأنَهم، إنك على كل شيء قدير.

 

اللهم عليك بالظلَمة، اللهم عليك بالظالمين الذي تسلَّطوا على المُسلمين فأخرَجوهم من ديارهم يا رب العالمين، اللهم عليك بالظالمين الذين ظلموا المُسلمين في الشام، اللهم اكفِ المُسلمين شرَّهم يا ذا الجلال والإكرام، اللهم اكفِ المُسلمين شرَّهم عاجلاً غيرَ آجِلٍ يا أرحم الراحمين، إنك على كل شيء قدير.

 

اللهم انصُر دينَك، وكتابَك، وسُنَّة نبيِّك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم طهِّر قلوبَنا، واغفِر ذنوبَنا، اللهم أحسِن عاقِبَتنا في الأمور كلِّها، وأجِرنا من خِزي الدنيا وعذابِ الآخرة، برحمتِك يا أرحم الراحمين.

 

اللهم أرِنا الحقَّ حقًّا وارزُقنا اتِّباعَه، وأرِنا الباطلَ باطلاً وارزُقنا اجتِنابَه، ولا تجعَله مُلتبِسًا علينا.

 

اللهم أعِذنا وأعِذ ذريَّاتنا من إبليس وشياطينه وجنوده وذريَّته يا رب العالمين.

 

اللهم إنا نعوذُ بك من شُرور أنفسنا، ومن سيئات أعمالنا، اللهم أعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا أرحم الراحمين، اللهم أعِذنا من شرِّ كل ذي شرٍّ يا رب العالمين.

 

اللهم احفَظ بلادَنا من كلِّ شرٍّ ومكروه، اللهم آمِنَّا في أوطاننا، اللهم آمِنَّا في دُورنا، وأصلِح اللهم ولاةَ أمورِنا.

 

اللهم وفِّق خادمَ الحرمين الشريفين لما تحبُّ وترضَى، اللهم وفِّقه لهُداك، واجعل عملَه في رِضاك يا رب العالمين، اللهم وفِّقه للعمل الرشيد، والرأي السديد برحمتِك يا أرحم الراحمين، اللهم وفِّق بِطانتَه لما تُحبُّ وترضَى.

 

اللهم أغِثنا، اللهم أغِثنا غيثًا مُغيثًا مُبارَكًا، اللهم سُقيا رحمة، لا سُقيا عذابٍ ولا بلاءٍ ولا هدمٍ ولا غرق، اللهم واجعَل فيه البركةَ والخيرَ، ولا تجعل فيه ضررًا يا رب العالمين، إنك على كل شيء قدير.

(رَبَّنَا آتِنَا فِي الدُّنْيَا حَسَنَةً وَفِي الْآخِرَةِ حَسَنَةً وَقِنَا عَذَابَ النَّارِ) [البقرة: 201].

 

عباد الله:

(إِنَّ اللّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالإِحْسَانِ وَإِيتَاء ذِي الْقُرْبَى وَيَنْهَى عَنِ الْفَحْشَاء وَالْمُنكَرِ وَالْبَغْيِ يَعِظُكُمْ لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ * وَأَوْفُواْ بِعَهْدِ اللّهِ إِذَا عَاهَدتُّمْ وَلاَ تَنقُضُواْ الأَيْمَانَ بَعْدَ تَوْكِيدِهَا وَقَدْ جَعَلْتُمُ اللّهَ عَلَيْكُمْ كَفِيلاً إِنَّ اللّهَ يَعْلَمُ مَا تَفْعَلُونَ) [النحل: 90- 91].

 

واذكُروا الله العظيم الجليل يذكُركم، واشكُروه على نعمِه يزِدكم، ولذِكرُ الله أكبر، والله يعلمُ ما تصنَعون.

 

 

المرفقات

.. فضائل وآداب وأحكام

إضافة تعليق

ملاحظة: يمكنك اضافة @ لتتمكن من الاشارة الى مستخدم

التعليقات